أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم ازروال - المعالجة الدرامية لقصة -الحب فوق هضبة الهرم - لنجيب محفوظ















المزيد.....


المعالجة الدرامية لقصة -الحب فوق هضبة الهرم - لنجيب محفوظ


ابراهيم ازروال

الحوار المتمدن-العدد: 8088 - 2024 / 9 / 2 - 14:34
المحور: الادب والفن
    


المعالجة الدرامية لقصة "الحب فوق هضبة الهرم "
لنجيب محفوظ

بقلم: ابراهيم ازروال
I-تقديم :
تنطوي قصص نجيب محفوظ القصيرة على مواد سردية ومحكيات أدبية، قابلة للمعالجة الدرامية. وتتميز هذه القصص، باختلاف عوالمها التخييلية، واختلاف طرقها في استقصاء مفردات ومشكلات ومفارقات الواقع المصري ولا سيما في المنعطفات السياسية –التاريخية الحادة ( التأميمات وحرب اليمن وهزيمة 1967و الانفتاح الاقتصادي ...إلخ).
وتتميز هذه القصص، باستحضارها الدائم لإشكاليات الوجود الإنساني، حتى وهي تستغرق في استقصاء المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ( " بيت سيء السمعة " و "خمارة القط الأسود" و " الحب فوق هضبة الهرم "و "الشيطان يعظ " و "الفجر الكاذب "....إلخ ).فهي تستحضر الذات و الأسطورة و التاريخ ،إذ تستقصي مفردات الواقع الاجتماعي-السياسي المعاين ("الحب فوق هضبة الهرم " و "التنظيم السري "و"رأيت فيما يرى النائم " ...إلخ)، وتتعمق في تشريحه ونقده.
فهل أفلح كتاب السيناريو في نقل هذا الترابط بين المأساة الاجتماعية والمأساة الوجودية في قصص نجيب محفوظ، وإيجاد صيغ تعبيرية سينمائية ملائمة ومعبرة-بعمق-عنه؟ أم اكتفوا بمعالجات درامية أحادية البعد، لا تلتفت كثيرا إلى الأبعاد الفكرية والإيحاءات الرمزية والحمولات الوجودية لهذه النصوص القصصية؟
وسنحاول إبراز الآليات الموظفة في أفلمة قصة " الحب فوق هضبة الهرم " .
قصة "الحب فوق هضبة الهرم": -II
هل قدمت المعالجة السينمائية لقصة "الحب فوق هضبة الهرم "، معالجة حاذقة وخصيبة لهذه القصة الواقعية ؟هل اهتم السيناريو بنقل، العالم الداخلي، لعلي عبد الستار، والكشف عن معاناته النفسانية، بسبب الحرمان الجنسي والفقر والعجز عن الزواج؟
كيف ربطت هذه المعالجة بين الهدر الجنسي والعاطفي من جهة ونقد المثقف اليساري وتدهور وضعية الطبقة الوسطى، بعد تنفيذ سياسة الانفتاح من جهة أخرى ؟هل تمكن السيناريست مصطفى محرم من تفريع الخطوط الدرامية وتكثير التفاصيل والجزئيات، دون الإخلال بالمجرى الحكائي والدلالي للنص ؟
هل تمكن صناع الفيلم(السيناريست مصطفى محرم والمخرج عاطف الطيب بخاصة) من إضاءة منطقة اشتباك الذاتي بالموضوعي ،والرغائب الفردية بالإكراهات الاجتماعية –السياسية دون تسييس مفرط ؟
يرصد نص " الحب فوق هضبة الهرم"، مسارات اشتباك الرغائب الذاتية بالشروط الاجتماعية، في سياق خلخلة اجتماعية وثقافية وقيمية شبه شاملة، غب تفعيل سياسات الانفتاح الاقتصادي.
يضيء النص ،إذن ،مدارات التماس بين الفرد الواعي بطبيعة النقلات الاجتماعية –الثقافية(تدهور أحوال الطبقة الوسطى وصعود الطبقة العاملة) ،والسياق الاجتماعي –السياسي ،الموغل في تغيرات أخلاقية واجتماعية وطبقية جذرية .ولا يبحث الفرد ،الباحث عن متنفس جنسي وعاطفي ،عن بدائل جماعية ،بقدر ما يرنو إلى بديل فردي (الهجرة)،يعصمه من الكبت والقهر والتيه والاعتلال الوجداني .وهو لا يندد بمظاهر الاعتلال ،إداريا واجتماعيا وثقافيا ،إلا لإبراز مأساوية وجوده ،وتردي وضعه النفساني والوجداني ،بعد عجزه عن تذليل الصعاب ،والتمتع برغبات الجسد وبثمرات الحب (الاختلاء بالزوجة بعد استعصاء الحصول على سكن).
يصطدم بطل القصة علي عبد الستار، بالعطالة المستفحلة والمعممة ،ويسعى إلى التكيف ،ذهنيا ونفسانيا ووجدانيا وثقافيا ،تفاديا للأسوأ ،مع واقع سوسيو-ثقافي ،يزداد تصلبا ،ثقافيا (آراء أبي علي والسباك أحمد عبد المقصود مثلا)تارة ،وتفككا تارة أخرى ،فيما تتفكك بنياته الاجتماعية.
(كل شيء يريد أن ينطلق ويعجز عن الانطلاق يستوي في ذلك الإنسان والسيارة .الكبت والقهر والتذمر.الطريق يعاني من أزمة جنسية مثل أزمتي .إنه يفتقد الشرعية والحرية والإشباع .ومع ذلك فهو مغطى بالتراب كأنه يتهادى في مدينة خيالية.) -1-
ما جدوى التعويل على العقل وخطواته في التفاعل مع عالم يتخطى العقل بمسافات؟
لا يطرح النص أسئلة معرفية فقط، بل أسئلة وجودية ووجدانية كذلك. إنه نص عن مصاعب الكينونة في واقع متحول، يعاد فيه تشكيل المعايير والقيم من جديد، وينصب فيه المال معيارا أوحد.
المعالجة السينمائية:
لا يخلو النص، إذن، من أبعاد وإشارات نفسانية ووجودية وفكرية وسياسية. فهل تمكن صناع الفيلم، من تجسيد هذه الأبعاد المركبة والمعقدة بصريا؟ أم غلبوا تأويلا أحادي البعد، لنص متعدد الأبعاد؟
ولئن احتفظ السيناريست مصطفى محرم،بالمجرى الحكائي للنص ،فإنه عمد إلى التفريع والتفصيل والإضافة .
اعتمدت المعالجة السينمائية للسيناريست مصطفى محرم على ثلاث آليات كبرى:
1-آلية الحذف:
الشخصيات:1-1
أسرة رجاء محمد:
تم حذف بعض التفاصيل والجزئيات الخاصة بأسرة رجاء محمد، وخاصة مسار أبيها محمد جاد، المحامي المرموق قبل التأميمات ومدير الإدارة القانونية بإحدى الشركات.
1-2الأحداث الدرامية:
قدمت الأحداث في القصة من منظور علي عبد الستار واستنادا إلى تجربته الذاتية و رؤيته للأشياء والعلائق.أما المعالجة الدرامية ،فقد استغنت عن التذويت والمنظور الشخصي ،و استبعدت الاستبطان والتأملات الذاتية للبطل .
(إذا صدك العقل عن السعادة فجرب الجنون،أليس ذلك من العقل أيضا ؟! ما يستحق اللعنة حقا هو الاستسلام. ونحن نلقى الإهمال والضياع على حين تتغنى الحناجر بالوعود المعسولة. وتحديت الظلام. ) -2-
لا يكتفي السارد/ البطل في القصة ، بالسرد ،بل يقدم انطباعاته ،ويكشف عن انفعالاته و معاناته وحيرته وتردده وشكوكه وبرمه بالواقع وتحولاته المأساوية.
1-3الدلالات الدرامية:
تم حذف كل الاستبطانات الذاتية والتأملات حول فجيعة جيل اكتشف غياب البدائل المعقولة، واستشراء الذرائعية والنفعية والنرجسيات الصغيرة.
(داخلني شعور قوي مؤثر بأنني لن أجد فرصتي في (العقل).ما فائدة العقل في عالم لا معقول.لا مفر .)-3-
ليست علة علي عبد الستار علة اجتماعية أو اقتصادية فقط، بل هي كذلك علة وعي يدرك صعوبة التكيف مع واقع، لا يوفر أدنى فرصة لتأكيد إنسانية الإنسان.
2-آلية التعديل والتحوير:
2-1الشخصيات:
علي عبد الستار/أحمد زكي :تم التركيز على الحركة والأفعال الظاهرة ،وغابت الدوافع والمحفزات و البواعث النفسانية والقابلية الذهنية والثقافية لعلي عبد الستار/أحمد زكي .لا يمكن في الحقيقة ، فهم مواجهته المرتجلة واصطدامه بالمثقف اليساري ،عاطف هلال /صلاح نظمي ،إلا باستحضار الخلفية الفكرية والثقافية ،لشاب يعاني بكل تأكيد مأزقا اجتماعيا ووجوديا ،ويدرك طبيعة وشمولية وجذرية التحولات الجارية في بلده .
(رأسي شهد حوارا طويلا عن الفقر والتخلف والسلام والديمقراطية والتموين والمواصلات والطرق.به مضغ أيضا لهموم الأسرة الكبيرة كالصراع بين الشرق والغرب ،تلوث البيئة ،نضوب المواد الأولية ،العلاقة بين العالم المتطور والعالم الثالث ،احتمالات الحرب النووية ،إذن فالوعي آخى بيني وبين المواطن والإنسان .) -4-
علاوة على خلفياته الثقافية، فهو يدرك مأساوية التحول الطبقي ،بعد إقرار سياسة الانفتاح ،وترنح الطبقة الوسطى .
(فقلت له(أبو علي):
-الأسعار ترتفع ونحن ننخفض.
فقال باسما ابتسامة لا معنى لها:
-كنا طبقة وسطى فأصبحنا من الطبقة الدنيا.
-فقلت بحدة:
-نحن الفقراء الجدد في مقابل الأغنياء الجدد.) -5-
لم تهتم المعالجة الدرامية كثيرا، بهذه الخلفيات الثقافية والاجتماعية، المتحكمة، جزئيا أو كليا، في سلوكه وأفعاله وردود أفعاله.
2-2الأحداث الدرامية:
التقى علي عبد الستار، بالصحفي القديم عاطف هلال،دون ترتيب أو إعداد أو تأثر باقتراح أبيه كما جاء في الفيلم ؛ لقد أراد في، الواقع، الكشف عن زيف آراء المثقف اليساري ،المصر على العمل الجماعي والرافض للحلول الفردية ،نظريا ،والمتمسك مبدئيا بالمبادئ ،رغم عمله بما يخرمها.كان اللقاء ،في القصة ،أقرب إلى مجابهة ،بين مثقف يائس من إمكان قيام العدالة ،ومثقف قديم ،يناور نظريا ويقتنص ،عمليا ،ثمار العهد الجديد.
(الزمن يطرح احتمالات شتى. وإني أحلم بالزواج ولكني أرحب بالفرص. عاطف هلال ذو مال وبنين فهو يحتقر الحلول الفردية! وهو لم يصل إلى مركزه المرموق إلا بحل فردي انتهازي. ) -6-
أما في الفيلم، فقد حدثه أبوه/عدوي غيث، كثيرا عن مقالات عاطف هلال / صلاح نظمي، وأهمية الاطلاع عليها.
كان فسخ الخطبة وانفصاله عن خطيبته، رجاء محمد /آثار الحكيم، لحظة حاسمة، في مسار الأحداث في الفيلم؛ إذ حمله هذا الحادث على البحث عن ملجأ ينسيه (الحشيش والخمر)، مأساته العاطفية، في البداية، قبل أن يقرر الزواج برجاء محمد /آثار الحكيم والاستهانة بكل التقاليد والمواضعات الاجتماعية المتقادمة، بعد تأكده من تشبثها الكبير به.
ومن الجدير بالذكر، أن واقعة فسخ الخطبة، إضافة قدمها السيناريست، لتأزيم الوضع ومنح المسار الدرامي زخما دراميا أكبر.
2-3الدلالات الدرامية:
آلية التسييس:
اختار السيناريست مصطفى محرم، تغيير نهاية الفيلم، لإبراز اعتلال القانون، وتأكيد البعد السياسي لإشكالات المجتمع المصري في زمن الانفتاح. والواقع أن اختيار التصعيد ورفض التعاون مع البوليس، لا يتسق مع السمات والخصائص الفكرية والاجتماعية، والمتطلبات المحددة لعلي عبد الستار/أحمد زكي ورجاء محمد/آثار الحكيم.
(فضممتها إلى بحرارة وأنا أقول معتذرا:
-إنها ظروف استثنائية لعينة، ولسوف نضحك عليها في القريب.
-وأطلت علينا القرون من فوق الهرم وهي تضرب كفا بكف ..) -7-
يتم التأكيد في النص القصصي، إذن، على مأساة إنسان عصر الانفتاح، ومفارقات وجوده، من منظور التاريخ الممتد (الهرم)، لا من منظور السياسة المحدود.
آلية التشويق والإثارة:
علاوة على التسيييس ،تم التوسع نسبيا ،في رصد مظاهر البذخ والإثارة( علاقة أبي العزم / أحمد راتب بصديقته نادية /سعاد حسين) والازدواجية (ازدواجية المثقف اليساري ) والنزوع الاستهلاكي (حرص الموظفين على الحصول على حصتهم من السمن ) ،وغياب أية نزعات جماعية إلى التفكير في الحلول العملية للمشكلات الاجتماعية المستفحلة .
3-آلية الإضافة والتوسع الدرامي:
3-1الشخصيات:
لم يكتف السيناريست بالتعديل والتحوير والتغيير في مسارات بعض الأحداث وسمات بعض الشخصيات، بل أضاف شخصيات جديدة:
-عبد العزيز / علي الشريف:
الموظف بالمصلحة: وهو زميل علي عبد الستار/ أحمد زكي في العمل ؛
أبو العزم /أحمد راتب :
تمت إضافة شخصية أبو العزم/أحمد راتب، ومغامراته مع صديقته نادية /سعاد حسين، لإبراز بعض مظاهر التحايل والتكيف الظاهرة في سلوك الشباب المهدور والمهمش، اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، ولإظهار استقلال علي عبد الستار وإصراره على إيجاد الحلول المعقولة لمشكلاته الاجتماعية والعاطفية والجنسية. إن أبا العزم، غرار للشاب ،الذرائعي ،العاكف على اللذات المختلسة ،واليائس من أي حل عقلاني أو جماعي لإشكال الهدر والتهميش الاجتماعيين.
نادية /سعاد حسين:
وهي صديقة أبي العزم، وعشيقته.
3-2الأحداث الدرامية:
اكتفى علي عبد الستار، باستشارة عاطف هلال في القصة،ولم يسع ، كما في الفيلم ،إلى استشارة إمام المسجد .والحقيقة ، أن القصد من الاستشارة المرتجلة في القصة ،هو إظهار ذرائعية المثقف اليساري ،وعجزه الظاهر عن إيجاد حلول عملية لمشكلات مجتمعية حارقة .ولئن حفلت مواجهة علي عبد الستار الأولى والثانية لعاطف هلال بأبعاد درامية ، في القصة و الفيلم معا ،فإن محادثته مع الإمام/أحمد خميس كانت استطلاعية وخالية من أية لمسة أو حمولة درامية.
تمت إضافة كثير من الجزئيات والتفصيلات (الحلم الجنسي /التلصص على الجارة /شكوى أب الجارة من تلصص علي عليها /طلب أب علي من ابنه قراءة مقالات عاطف هلال /مشكلة المجاري في شارع الشمندل / أحاديث الموظفين عن حبوب منع الحمل في مكان العمل /زيارة الأسرة لنهى/حنان سليمان وإصرار زوجها السباك/أحمد/نجاح الموجي، على إبراز غناه /فسخ الخطبة /دخول علي عبد الستار وزوجته رجاء إلى شقة صديقة أبي العزم وهروبهما منها /استدعاء أب علي /عدوي غيث و أب رجاء ، محمد جاد/بدر نوفل ، بعد القبض عليهما /ترحيل علي ورجاء إلى السجن ..) ، لإغناء المسار الدرامي ،وإمداد الشخصيات بشحنات دلالية كبرى، وإظهار المخفي والكامن .
آلية التشويق والإثارة:
تم التوسع في إظهار مظاهرة الإثارة الحسية، من باب التشويق من جهة وإظهار اختلاف الاستجابات والتفاعلات مع تحديات الواقع من جهة أخرى. فقد رفض علي عبد الستار إغراءات صديقه، ولم يقتنع، إطلاقا، بسلامة الذرائعية أو بجدوى الحلول الظرفية (مصاحبة كاميليا صاحبة نادية.).
3-3الدلالات الدرامية:
-آلية التسييس:
ففيما يرصد النص مساحات التماس والاشتباك بين الذاتي والموضوعي في وعي وسلوك علي عبد الستار،فإن المعالجة الدرامية ،سوف ترصد كثيرا من أمارات وعلامات الاختلال في التدبير وإدارة الشأن العام ( طفح المجاري و زحمة الأتوبيسات و لا عقلانية سياسة توظيف خريجي الكليات وغلاء المساكن )و الانشغال الزائد بنثريات الحياة(اقتناء السمن و الحديث عن حبوب منع الحمل والوصفات الغذائية في مكان العمل)،وتستقصي مظاهر الاعتلال في السلوك الاجتماعي(سلوك الجارة اللعوب )،من منظور لا يخلو من إدانة مبطنة أو صريحة.
اقتضى اعتماد آلية التسييس،التخلي عن الأبعاد والإشارات الوجدانية والوجودية المضمنة في النص.
يرصد النص العالم الشعوري، لشخص مقتنع شعوريا وذهنيا، بضراوة ومأساوية الوجود في زمان الانفتاح واستعصاء تحقيق الذات، في سياق محكوم بالعطالة الوجودية والاجتماعية من جهة، وبالانحدار القيمي من جهة أخرى. وفيما يستقصي مظاهر الاستعصاء، في الأعيان، فإنه يكابد مشاق التفكير والتدبر وإيجاد الطريق السالك إلى الكينونة المشبعة بالمعاني وباليقين. وكان من الطبيعي، أن تفاقم المعوقات والحوائل المتكاثرة، إحساس البطل بالاختناق الفكري والقهر النفساني والهدر الاجتماعي.
وقد كانت لحظة الاهتزاز الكبرى، أثناء سعيه إلى الإفلات من الاصطدام بسيارة، كاشفة عن مكنون وخفايا الشخصية.
(كنت أعاني آلام الحياة من جديد. وأعاني من مروري الخاطف فوق ثلاثة معابر متناقضة هي شهوة الجنس ومقابلة الموت ومفاجأة النجاة.) -8-
وفيما يرصد النص، أطوار مواجهة تراجيدية بين كائن باحث عن التحقق والتشخصن،وواقع تحكمه إبدالات ومعياريات متناقضة ،فإن المعالجة الدرامية ،فقرت كثيرا من الأحداث الدرامية ،إذ نزعت منها أبعادها ومقاصدها الوجودية.
مالت المعالجة المقدمة ،إذن ،إلى رصد مكامن الخلل في التدبير والتسيير،(تدبير العمالة و لا عقلانية إدارة العمل داخل المؤسسات)ومظاهر الحراك الطبقي (تراجع الطبقة الوسطى وصعود الطبقة العاملة)ومفارقات الوعي (التمسك بمعايير ثقافية-اجتماعية رغم تقادم مرتكزاتها السوسيو-اقتصادية وشروطها السوسيو-تاريخية أو التنكر للقيم باسم النفعية والواقعية ومراعاة متطلبات العصر.).
التركيب: -III
قد تكون القصص القصيرة مغرية، بالنظر إلى ما تحفل به من إمكانيات سردية كبيرة، قابلة للتطوير والإغناء والإثراء الدرامي. إلا أن معالجتها دراميا، ليست دوما غنية أو قوية، بالنظر إلى تحيز كتاب السيناريو إلى قراءات مخصوصة أو إلى تأويلات منحازة أو إلى صعوبة إيجاد معادلات سينمائية –بصرية للإيحاءات الفكرية لهذه القصص.
ومن المحقق، أن المعالجة الدرامية لقصة " الحب فوق هضبة الهرم"،راعت اعتبارات فكرية-سياسة و إنتاجية وتداولية ولم تلتفت كثيرا ،إلى استكشاف مناطق التماس بين الذات في ذروة تطوحها والتاريخ في ذروة تمخضه والواقع في ذروة تفككه(عصر الانفتاح الاقتصادي).
لقد مالت المعالجة الدرامية المعتمدة في فيلم " الحب فوق هضبة الهرم "، إلى تنويع مشاهد الإثارة، والتأكيد على المنحى السياسي، لاعتلالات العصر، ولم تهتم كثيرا برصد العالم الداخلي، لأبطاله.

الهوامش:
1-نجيب محفوظ ،الحب فوق هضبة الهرم ،ص.159.
2-نجيب محفوظ ، الحب فوق هضبة الهرم ، مصر ،ص.186.
3-،نجيب محفوظ ، الحب فوق هضبة الهرم ، ،ص.177.
4-نجيب محفوظ ، الحب فوق هضبة الهرم ، ،ص.156.
5-نجيب محفوظ، الحب فوق هضبة الهرم، ، ص.163.
6-نجيب محفوظ، الحب فوق هضبة الهرم ،ص.172.
7-نجيب محفوظ، الحب فوق هضبة الهرم ، ص.205..
8-نجيب محفوظ، الحب فوق هضبة الهرم ،ص.160.


أكادير-المغرب



#ابراهيم_ازروال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هادي العلوي والفكر الهندي
- التجديد اللغوي في - المعجم العربي الجديد - لهادي العلوي
- ورطات العلائق في فيلم -أربعاء الألعاب النارية - لأصغر فرهادي
- الإنسانية الانتقالية ونسيان تراجيديا الحياة والموت
- أشواق الذات في فيلم - أرض الأحلام - لداوود عبد السيد
- استشراف المستقبل وإشكاليات الحرية في فيلم -انفصال - لأصغر فر ...
- لمحات عن السيرة الذاتية للمختار السوسي -الجزء الثاني
- لمحات عن السيرة الذاتية للمختار السوسي الجزء الأول
- الذات والتاريخ في -رحلة من الحمراء الى إيلغ -لمحمد المختار ا ...
- نبيلة قشتالية –برتغالية في القصر السعدي بتارودانت
- الدراسات التراثية : إشكاليات المنهج والتداول
- إفريقيات -موانع المأسسة السياسية
- موزار والإشهار
- حكايات حارتنا : حكايات التوت والنبوت
- ميرامار : شخصيات باحثة عن موقف.
- معاصر السكر بسوس في عصر المنصور الذهبي . قراءة في (أخبار أحم ...
- جماليات في عالم بلا خرائط : هوامش على -شارع الأميرات-
- مسخرة بوجلود : نحو تاريخية للكرنفال الأمازيغي
- حتى لا ننسج جوارب-للعقول-!
- أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 4


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم ازروال - المعالجة الدرامية لقصة -الحب فوق هضبة الهرم - لنجيب محفوظ