أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أثر الحرب في مجموعة -قمر 14- أصيل عبد السلام سلامة














المزيد.....

أثر الحرب في مجموعة -قمر 14- أصيل عبد السلام سلامة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8087 - 2024 / 9 / 1 - 02:08
المحور: الادب والفن
    


أثر الحرب في مجموعة
"قمر 14"
أصيل عبد السلام سلامة
العدوان الذي يقدم عليه العدو في غزة، يفرض على الأديب/ة شكلا معينا من الكتابة، فما يجري من قتل وتدمير وتهجر ينعكس على الأدب، فالوقت المتاح للكتابة قليل، والظرف قاس ومؤلم، ولا يمنح الكاتب/ة مساحة للتأمل والشرح، لهذا نجد العديد من الأدباء الفلسطينيين في غزة يختزلون ويكثفون فيما يقدمون من أدب.
في مجموعة "قمر 14" نجد تطبيقا لنوع وشكل الأدب الذي يقدم أثناء العدوان الصهيوني على أهلنا في غزة، فالقصص بمجملها جاءت قصيرة ومكثفة، بحديث لا نجد فيها شرح أو الخوض في التفاصيل، مما يجعل القارئ يشعر أن هناك ضغط على القاصة جعلها تختزل وتكثف قصصها.
فعدد صفحات المجموعة 103 صفحات، وعدد القصص87 قصة، وهذا يخدم ويشير إلى أن حجم القصة القصيرة، وبما أن المجموعة تتحدث عن العدوان وما تعانيه القاصة من ويلات فقد جاءت العديد من القصص بصيغة أنا القاصة.
في قصة "ماء" نجد صورة عن أثر الحرب، على شكل وحجم وموضوع القصة:
"الآن الساعة السابعة بعد الإفطار.
اليوم هو أول يوم أشرب فيه كوب ماء بارد منذ حوالي 7 شهور، شعرت أن الماء يسلم على كل خلية في جسدي.
أشرب ماء باردا وتستمر الحرب الساخنة المدمرة" ص18، نلاحظ واقعية القصة من خلال تكرار القاصة فعل "أشرب ماء" ثلاث مرات، فرغم أن القصة القصيرة لا تحتمل التكرار، ويفترض أن لا يتكرر فيها اللفظ أو الفعل، لكن حجم المعناة وفقدان الماء البارد جعل العقل الباطن للقاصة يعكس حاجتها للماء البارد من خلال التكرار.
واللافت في القصة أنها أشارت إلى الحرب بطريقة أدبية، بعيدا عن المباشرة عندما ختمتها: "شعرت أن الماء يسلم على كل خلية في جسدي." وإذا ما توقفنا عند هذا المقطع سنجد لغة الأنثى حاضرة فيه، فأبدت حاجتها الماء/المذكر بصيغة تجتمع فيها الواقع المادي مع الإيحاء الأدبي.
العدوان الذي يشته العدو على أهلنا في فلسطين وتحديدا في غزة، وحجم الجرائم التي يقترفها تجعل العديد من الأشخاص يفكرون بالهجرة، والبحث عن النجاة من الموت، في قصة "معلمتي" نجده صورة عن هذه الرغبة في النجاة:
"معلمتي التي كانت تكتب دوما في خانة حكمة اليوم:
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة..
قرأت اليوم اسمها في أول صفحات سجل المهاجرين!" ص59، هذا التحول في المواقف وفي الآراء مرتبط بحجم العدوان الذي يقترفه الاحتلال بحق أهلنا، بحيث لم تعد الحكم والأقوال المأثورة (تصلح) أو تناسب الواقع، مما أفقد المعلمة التزامها بما كانت تقوله وتعلمه وتكتبه، فجرائم العدو تجعل العديد من الناس يبحثون عن النجاة والخلاص من الموت.
الأطفال أكثر المتضررين من العدوان، فضررهم مادي، قتل، جرح، تشرد، تجويع، وضرر نفسي، خوف، هلع، فقدان الأهل، في قصة "جوع" تبين لنا القاصة صورة عن معاناة الأطفال:
"حضر الصحفي المتكرش إلى طابور من الأطفال المشردين يحملون علبا بلاستيكية لتعبئتها بما تيسر من طعام التكية، أخذ يصور الخيام والحياة البائسة، ثم أوقف أحد الأطفال وقد أهلكته الانتظار. سأله:
أنت من خان يونس أم غزة؟
فقال له:
ـ أطعمني أولا وبعد ذلك أجيبك" ص55،
نلاحظ المفارقة بين من يعيش المأساة، وبين من يتابعها/يشاهدها، فالأطفال مشردين، جياع، وهذا مباشرة يقودنا إلى أهليهم أيضا، بينما "الصحفي المتكرش" الباحث عن الخبر/السبق الصحفي، وليس عن الهموم المعاناة الإنسانية، جعله يتجاهل/ينسى أنه يتحدث مع أطفال جياع ويعانون من التشرد، فجاءت إجابة الطفل وكأنها صفعة لهذا المتكرش، وذكرته بأنه أمام حالة إنسانية وليست حالة إعلامية أو إخبارية.
الفلسطيني في غزة يعاني من كثرة النزوح، حتى أن بعضهم نزح أكثر من عشرة مرات، في قصة "حيرة" تقدم لنا القاصة صورة عن هذا القهر:
"فك خيمته
تنهد
ولم يدر أين سينزح مجددا" ص71، اللافت في هذه القصة حجم التكثيف والاختزال، مما يجعلها قصة من قصص الومضة، ونلاحظ أن الألفاظ فيها قليلة سبعة ألفاظ فقط، وعدد لحروف التي يتشكل منها أكبر لفظ خمسة حروف، وهذا بحد ذاته يشير إلى حالة انشغال النازح بالبحث عن مكان يأويه، فالأماكن الآمنة محدودة، وتتقلص يوما بعد يوم، مما جعل القاصة تتحدث عن واقع النزوح بهذا الشكل والاسلوب.
الموت يلاحق الفلسطيني في كل القطاع، بحيث لم يعد هناك شيء/ملجأ أو مكان يلوذ إليه، في قصة "احتماء" نجد شيئا يصلح للاحتماء من الموت!: "أثناء تشيع جنازة أبيه الشهيد،
علا صوت القصف،
فاحتمى بأبيه للمرة الأخيرة" ص81، يمكن أن تكون هذه القصة من أفضل القصص التي تتحدث عن جرائم العدو بحق الفلسطيني، فرغم أنها لا تشير/لا تذكر، أو تحدد المجرم، إلا أن القارئ يصل ببديهة إلى الفاعل، كما تصله معاناة الفلسطيني والموت الذي يلاحقه.
هكذا قدمت القاصة "أصيل عبد السلام سلامة" واقع أهلنا في غزة وما يعانون، كما أنها تشير إلى المجرم وتكشف جرائمه دون أن تذكره، وكأنها من خلال عدم ذكر الفاعل/العدو، لا ترده أن يكون حاضرا في قصصها، لأن وجوده/ذكره يلوث قصصها كما لوث حياة أهلها في غزة، فأرادت أن تبقيه نكرة، حتى تستطيع أن تكتب "قمر 14" بأدبية وفنية قصصية بعيدا عن برابرة هذا العصر.
المجموعة من منشورات مكتبة كل شيء، حيفا، الطبعة الأولى 2024.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة والمجتمع الذكوري في رواية -غربة- فوزي نجاجرة
- الأم في كتاب -مدللة، أنا فقير وبدي أصير- أبو علاء منصور
- الشاعر والقصة في -أم ثكلى- علي البتيري
- السيرة في -للقضبان رواية أيضا- حسين حلمي شاكر
- الشعرية والمباشرة في قصيدة -الأفول- مأمون حسن
- لفلسطيني والمكان في رواية -اليركون- للكاتبة صفاء أبو خضرة:
- أثر المرأة في -أريد أن أقتل الحزن- جواد العقاد
- على هامش ملتقى فلسطين السابع للرواية العربية
- قسوة الشخصيات والأحداث، وفنية التقديم في رواية -ثنائي القطب- ...
- البعد الملحمة في كتاب -أشباح ديرتنا- هاشم غرايبة
- التداخل والتشابك في قصيدة -أكذب- مهدي نصير
- المكان وانسياح الشخصيات في رواية -ما لا نبوح به- ساندرا سراج
- الفلسطيني والاحتلال في مجموعة -على جسر النهر الحزين- محمد عل ...
- رواية ذاكرة في الحَجْر تفضح أنظمة الاستبداد كوثر الزين
- المثقف في رواية -موسم الهجرة إلى الشمال- الطيب صالح
- الصوفية والحرب في -أجيء إلى ذراعيك- جواد العقاد.
- الشاعر والوطن في ديوان -لا أكتب الشعر- جمال قاسم
- تناسق الشكل والمضمون في -ديوان ما ظل مني- عبدالسلام عطاري
- الهدوء والقسوة في -ولي لغتي- جمال قاسم
- العدوان واللغة في قصيدة -نهار متوحش- جواد العقاد


المزيد.....




- إعلان رسمي الموسم 2… مسلسل المتوحش الحلقة 37 الجزء الثاني عل ...
- الإعلان 2.. مسلسل طائر الرفراف الموسم 3 الحلقة 74 قريباً كام ...
- إعلان رسمي الموسم 2… مسلسل المتوحش الحلقة 37 الجزء الثاني عل ...
- مصر.. وزارة التعليم توضح أسباب إلزام المدارس الدولية بتدريس ...
- الإعلان 2.. مسلسل طائر الرفراف الموسم 3 الحلقة 74 قريباً كام ...
- بعد تناول مشروب الطاقة.. وفاة فاتمان سكوب بأزمة قلبية على خش ...
- “فرح أولادك ونزلها ليهم” .. تردد قناة طيور بيبي الجديد لمتاب ...
- فيلم -حياة الماعز- المثير للجدل.. كاتب سعودي يعلق وسط تفاعل ...
- ألف مبروك النجاح.. طريقة الاستعلام على نتيجة الدبلومات الفني ...
- مدرسة كاثوليكية في بلجيكا تعتمد اللغة العربية ضمن مناهجها.. ...


المزيد.....

- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
- آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ / الربيع سعدون - حسان بن الصيد
- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أثر الحرب في مجموعة -قمر 14- أصيل عبد السلام سلامة