أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قمرات السيد - تلغراف الهنا














المزيد.....

تلغراف الهنا


قمرات السيد

الحوار المتمدن-العدد: 8086 - 2024 / 8 / 31 - 18:34
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لم يكد الخديو إسماعيل يتلقى نبأ وفاة عمه سعيد باشا في السابع عشر من يناير 1863م حتى طار فرحاً وتهللت أساريره لتبوئه عرش الديار المصرية، ثم ما لبث أن شرع في إقامة الزينات في مختلف أنحاء البلاد أستعداداً لأفراح وولائم دامت ثلاثة أيام بلياليها، ولقد بالغ في هذا الاحتفال مبالغةً شديدةً حيث قام بمنح العطايا والهبات إلى شتى الفئات، ويعد عامل التلغراف الذي زف إليه نبأ وفاة عمه سعيد باشا وإنفراده بولاية مصر من أشهر من أنعم عليهم إسماعيل في هذا الإحتفال حيث وهبه الأخير رتبة البكوية وصُرة من العملات الذهبية.
وكان لهذه الهبة قصةً شهيرةً تتلخص فحواها في أنه كان من عادة ذلك الزمان أن ينعم بلقب بك على أول من يحمل إلى والي البلاد الجديد خبر تقلده ولاية مصر، وإذا كان بيكاً ينعم عليه بالباشوية، إضافة إلى صُرة من العملات الذهبية، وكان بيسي بك مدير مكتب تلغراف القاهرة يعرف هذا التقليد جيداً وعليه ظل مرابطاً في مكتبه لا يغادره ليلاً ولا نهاراً وبين الحين والآخر يتصل بزميله رئيس مكتب تلغراف الإسكندرية يستعجله خبر وفاة الوالي سعيد باشا، وظل بسي بك على هذا المنوال من العمل المتواصل عدة أيام بلياليها لم يخلد فيها إلى النوم إلى أن تملك منه التعب الشديد حتى كاد أن ينهار، فخطر بباله أن يستريح قليلاً من عناء العمل ويغفو لبضعة دقائق ينوب عنه فيها معاونه كي يستطيع أن يواصل ما بدأه ليفوز بمبتغاه، ويكون أول المبشرين بتولي إسماعيل باشا عرش مصر، وبالفعل استدعى الرجل معاونه وطلب منه أن يوقظه على الفور إذا ما وردت إشارة تفيد بوفاة الوالي، ووعده بخمسمائة فرنك هدية مقابل ذلك، وقبل المعاون العرض واستلقى بسي بك على الأريكة الكائنة بمكتبه وراح في سُبات عميق، وما هي إلا دقائق معدودة من ذلك حتى وردت الإشارة المبتغاه وتلقى المعاون نبأ وفاة الوالي، بيد أن هذا الموظف كان له من المكر والدهاء ما جعله يخلف وعده ويغير وجهته، فبدلا من أن يتجه بالإشاره إلى رئيسه حسبما تم الإتفاق عليه سابقاً أسرع بها إلى قصر إسماعيل باشا الذي قرأها والسعادة تعلو وجهه فشكر الله وترحم على عمه، ثم نظر إلى الموظف الجاثي أمامه وقال له "أنهض يا بك" ومنحه نفحة من المال وأذن له بالإنصراف، ولكن هذا الموظف كان شديد الجشع فقد عاد بعد ذلك إلى إدارته، وأيقظ بسي بك من نومه، وقدم إليه البرقية وكأنه تلقاها على التو، ونهض الرجل وهو يهتز طرباً وأخذ يشكر معاونه، وهم بالخروج قاصداً القلعة، لكن المعاون ذكره بالمكافأة، فأخرج الآخر كل ما في جيبه من نقود ودسها في جيب المعاون، ثم أنطلق إلى القلعة، فلما بلغ مشارفها سمع دوي المدافع إبتهاجاً بتولية إسماعيل باشا، فسأل أحد رجال البلاط يستفسره النبأ، فأبلغه بما حدث من معاونه، فصعق بسي بك من هول الخيانة وأدرك اللُعبة التي وقع ضحيتها وعاد يلعن موظفه الذي خدعه مرتين: مرة عندما أنفرد بصُرة الذهب.. ومرة عندما سلب منه المكافأة التي لا يستحقها، فلما بلغ بسي بك المكتب وحاول تعنيف معاونه صاح فيه الأخير محذراً مغبة التطاول عليه قائلاً له:-" لقد أصبحت بيكاً مثلك".
وهكذا فقد تمكن هذا المعاون بدهائه من اقتناص تلك الفرصة الثمينة التي جاءته على طبق من ذهب دونما جهد منه متجاهلاً رد فعل سيده لأنه على يقين بالسعاده التي تنتظره ريثما استغلها.



#قمرات_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الغناء في مصر في عهد الخديو إسماعيل
- العدوي.. شيخ يتحدى السلطان
- المسحراتي في التراث المصري
- أوبرا عايدة.. حكاية الصراع بين الواجب الوطني والعاطفة
- حلاوة زمان.. عروسة حصان
- أوجيني الامبراطورة التي أحبها الخديو
- تعديل وراثة العرش المصري
- الخاطبة ومراسم زواج المصريين في القرن التاسع عشر


المزيد.....




- مهندس طيران يكشف تجربة تشغيل طائرة -كونكورد- الأسرع من الصوت ...
- -انفجارات مستمرة-.. كاميرا CNN ترصد حرائق في سماء بيروت بعد ...
- غارة إسرائيلية على مسجد في غزة تقتل 19 فلسطينياً وتصعيد القص ...
- تونس: الملايين ينتخبون رئيسا للبلاد وسط حالة القمع السياسي و ...
- إسرائيل تصدر أوامر إخلاء جديدة لسكان شمال قطاع غزة
- 51 عاما على -العبور- إلى النصر!
- خبير عسكري: قاعدة رامات ديفيد هدف ذهبي
- عائلة من غزة تسترجع ذكريات عام من الفقد والنزوح
- 30 قصة حزينة عصية على النسيان من حرب إبادة غزة
- عشرات الغارات على الضاحية الجنوبية وحزب الله يستهدف حيفا وال ...


المزيد.....

- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قمرات السيد - تلغراف الهنا