|
لا ولم ولن يكون هناك استقرار وسلام وتعاون وتفاعل بين دول المنطقة العربية وجوارها.. الا بجلاء القوات الامريكية من المنطقة، والاعتماد على الشعوب في حماية السيادة والاستقلال
مزهر جبر الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 8084 - 2024 / 8 / 29 - 16:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
( لا ولم ولن يكون هناك استقرار وسلام وتعاون وتفاعل بين دول المنطقة العربية وجوارها.. الا بجلاء القوات الامريكية من المنطقة العربية، والاعتماد على الشعوب في حماية السيادة والاستقلال) تشهد العلاقات الامريكية السعودية في الفترة الأخيرة تطورا ملحوظا؛ بعد توترها في السنة الاولى لولاية بايدن. في العموم ان العلاقات الامريكية السعودية في كل تاريخها كانت تتراوح بين المد والجزر، لكنها في التحصيل النهائي هي علاقات ثابتة ومتجذرة؛ تفرضها الحاجة الاستراتيجية لطرفي العلاقة، والتي عمرها اكثر من سبعين عاما. السعودية حاجة استراتيجية امريكية كما ان ايران هي الاخرى حاجة استراتيجية امريكية؛ إنما بطرق واهداف مختلفة كليا لجهة الحاجة الامريكية لهما. ان الدولتين قوتان اقليميتان مع ان عناصر القوة لكلتيهما مختلفة تماما. ايران لم تضع كل بيضها في سلة واحدة ابدا، بينما السعودية تضع تقريبا كل بيضها في السلة الامريكية الا بعض الاختلافات التي تم العمل بها في عهد الملك الراحل عبد الله والى الآن يجري العمل بها، بل تم تنميتها بصورة واضحة في السنوات الأخيرة مع الصين وروسيا، لكنها تظل اقل كثيرا وكثيرا جدا، عند مقارنتها بالعلاقات الامريكية السعودية؛ بما لا يمكن القياس عليه، بحساب مستويات العلاقة وسعتها وتجذرها. في السنوات الأخيرة مع تنامي القوة الايرانية في الحقل العسكري وفي الحقل النووي، ونفوذها في المنطقة العربية؛ مما جعل السعودية وايضا كل دول الخليج العربي تشعر او تتوجس من الخطر الايراني، لكن المسؤولين في السعودية و ايضا كل دول الخليج العربي بما في ذلك سلطنة عُمان؛ اخذوا بالتحضير لمواجهة هذا الخطر المستقبلي المزعوم. السؤالان المهمان:- ما هو الخطر الايراني المستقبلي؟ وكيفية مواجهته، وباي الطرق والاساليب؟ من وجهة النظر الشخصية؛ هناك اجابتان:- هل مواجهته بترسين الجبهة الداخلية هذا اولا وثانيا، ببناء القوة سواء العسكرية او السياسية او الاقتصادية؛ بالاعتماد على العوامل الذاتية لصناعة القوة والقدرة، وبتنوع عواملها ومصادرها الخارجية؛ ام بالاعتماد كليا على مصدر واحد لصناعتها وهو المصدر الامريكي، على ما في هذا المصدر من عوامل ضغط اسرائيلية؛ تؤثر عليه تأثيرا يكاد يكون كليا، مما يجعله متذبذب وغير موثوق. عندما نقول عن الخطر الايراني، الذي يقض مضاجع دول الخليج العربي؛ ليس رأي شخصي بل هو رأي مسؤولو دول الخليج العربي وان لم يصرحوا به علنا، إنما هو موجود من خلال سياسات دول الخليج العربي وفي المقدمة منها؛ العربية السعودية. ان ايران في ظروفها الحالية وحتى في المستقبل سواء القريب او المنظور او المتوسط او البعيد؛ لا تشكل اي خطر جدي وملموس على جغرافية دول الخليج العربي؛ لأن ايران ليس في وارد سياستها الحالية او المستقبلية هذه الفرضية، فهي فرضية بعيدة جدا، ان لم اقل من انها لاوجود لها في واقع السياسة الايرانية في المنطقة العربية وفي دول الخليج العربي. إنما من الجانب الثاني هناك خطر ايراني ايديولوجي ديني تقريبا لكل دول المنطقة العربية والخليج العربي، لكن هنا اكثرها توجسا في الخليج العربي هي؛ الكويت والسعودية والبحرين؛ بدرجات وبمستويات متباينة في التأثير وفي الخطورة. ايران تعتمد على الخطاب الديني وهذا امر لم تخفِه ايران في كل سياستها؛ فهي تقول بطريقة او بأخرى من انها تدعم كل من يقاوم الوجود الامريكي في المنطقة العربية وفي كل الوطن العربي؛ بالاعتماد اعتمادا كليا على الجانب الديني. هذا الدعم له دلالات كثيرة، لها قوة قوية ومنتجه؛ في الفعل والمفاعيل الفعل على ارض الواقع؛ في المجتمع في دول المنطقة العربية والخليج العربي؛ يستمد تلك القوة القوية في التأثير والانتاج من قوة وفاعلية الخطاب الديني. السؤال هنا ما هو السبيل لمواجهته؟ في القناعة الشخصية لمواجهته وفي الحقيقة ليس لمواجهته، بل لتلبية نداء الحرية سواء في الحرية الدينية وفي ممارسة طقوسها، او المدنية، وبحرية تامة. هنا لا يكون او لا يكون لإيران او لخطابها الديني اي تأثير سلبي؛ بل ان العكس هو الصحيح، أذ يكون هنا وعلى ارض الواقع هو الانسجام والتفاعل السياسي والاجتماعي البناء بين ايران ودول الخليج العربي وكل دول المنطقة العربية. الشرط الثاني هو التخلص من الوجود الامريكي في منطقة الخليج العربي وفي كل المنطقة العربية؛ فان الوجود الامريكي العسكري في المنطقة هو ليس لحماية دولها وشعوبها، بل هو لحماية المصالح الامريكية وحماية دولة الاحتلال الاسرائيلي بالدرجة الاولى. ان التخلص من الوجود الامريكي مع الانفتاح وحرية ممارسة الطقوس الدينية، حاضرا ومستقبلا؛ وتحويلهما الى واقع معيش على الارض؛ ينتهي بها الخطر الايراني؛ بل يصبح حماية المنطقة وبحارها من مسؤولية ايران ودول المنطقة وفي اولها دول الخليج العربي. ان هذا التوجه اذا ما صار واقعا حقيقيا على الارض، وليس لفظيا ومظهريا؛ فهو يخدم بصورة جدية، بل بصورة منتجة للحل في الذي يخص القضية الفلسطينية. فهو يجرد دولة الاحتلال الاسرائيلي من الحماية القريبة لها في البحار التي تتواجد فيها الاساطيل الامريكية او قواتها البرية وقواعدها في المنطقة العربية والخليج العربي؛ التي تستخدم في النجدة الطارئة في الدفاع عن دولة الاحتلال الاسرائيلي؛ كما هو حاصل فعليا في دعم واسناد ومشاركة امريكا لإسرائيل في جرائم الابادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية. كما ان هذا الواقع الذي افترضه، سوف يساهم مساهمة فعالة في تغيير اسس صناعة القرار في دهاليز السياسة الامريكية؛ بما يقود الى ان استمرار الدعم الامريكي لإسرائيل يضر بمصالح امريكا في المنطقة وبالتالي مصالحها في العالم. كما أن دولة الاحتلال الاسرائيلي سوف تكون عندها مجبرة كي يكون لها وجود مستدام وغير مهدد، على الهبوط من برج احلامها التوسيعية؛ والقبول بحل الدولتين. لكن اي من هذا لم يكن له وجود على ارض الواقع، بل ان ما هو موجود على عكس هذا تماما. السعودية التي تنتظر الفرصة او تنتظر ما سوف تؤل إليه حرب الابادة الاسرائيلية في غزة من نتائج حتى تقوما هي ودولة الاحتلال الاسرائيلي في التطبيع. الاسباب التي تسوقها السعودية؛ هو حاجتها لاتفاقية امنية او اتفاقية حماية بينها وبين امريكا. حاليا ومستقبلا، وفي ظل التحول الدولي في الوقت الحاضر؛ الذي؛ لسوف يقود حتما الى عالم عادل ومتعدد الاقطاب، وايضا في ظل القدرة المالية السعودية؛ لم تحتاج الى اتفاق امني او الاصح اتفاق حماية، يتضمن بما يتضمن؛ هو توريد السلاح وبرنامج نووي سلمي؛ من احد شروط هذا الاتفاق هو التطبيع مع الكيان الاسرائيلي المحتل.. أن السعودية بالذات؛ بإمكانها، ان توفرت الإرادة في استقلال القرار السياسي؛ ان تعتمد على شعبها بالدفاع عنه وعن ارضه، وان تسلح جيشها بما تريد او بما تحتاج من سلاح؛ فهو متوفر في ظل صراع القوى العظمى.. في بورصات اسواق الاسلحة في المعمورة، بما في ذلك السعي لامتلاك برنامج نووي سلمي، ودورة الوقود النووي؛ وفعلا هناك ومنذ سنوات مساعدة صينية في توطين برنامج نووي للأغراض السلمية. ايران ومنذ خروج امريكا من الاتفاق النووي وتشديد العقوبات الامريكية عليها؛ اتبعت سياسة مختلفة كليا عن سياستها في السنوات السابقة، تشبه الى حد كبير سياسة تركيا حين تولى حزب أردوغان السلطة في تركيا وهي سياسة تصفير المشاكل الذي تخلى عنها لاحقا ومن ثم اعاد إليه في الوقت الحاضر، بل من سنوات قليلة. فقد اعادت ايران علاقتها مع السعودية بواسطة الصين؛ وتسعى بجهد واضح تحسين علاقتها مع كل دول المنطقة العربية وبالذات دول الخليج العربي. فهذه السياسة؛ سياسة حكيمة وذكية جدا في ظل الظروف الايرانية والاقليمية والدولية. في المقابل ان دول الخليج العربي وبقية دول الوطن العربي؛ رحبت وترحب بهذه السياسة؛ التي ان كانت لها مصاديق واقعية وموضوعية؛ تترجم بفعل له مفاعيله على ارض الواقع؛ سوف تقود او تفضي الى الانسجام والتفاعل الخلاق. قبل يوم من الآن؛ اعطى المرشد الايراني الضوء الاخضر للسلطة التنفيذية في ايران؛ بفتح حوار مع امريكا حول البرنامج النووي الايراني. لكن التواجد الامريكي في المنطقة العربية وفي ارض دول الخليج العربي؛ ربما يشكل عائقا كبيرا في تطور هذه العلاقات على اسس من التكافيء وعدم التدخل في شؤون الداخلية لكل دولة. امريكا ودولة الاحتلال الاسرائيلي لهما مشروعهما في المنطقة العربية وبالذات في الخليج العربي؛ وبالتعاون الظاهر والخفي مع النظام الرسمي في الوطن العربي وبالذات في الخليج العربي. كما ان ايران هي الأخرى لها مشروعها في المنطقة العربية وفي الخليج العربي، كما تركيا لها ايضا مشروعها في دول اسيا الوسطى وفي المنطقة العربية. السؤال المهم هنا، كيف السبيل او ماهي الوسائل لتنجب الاصطدام بين المشروعين الايراني من جهة ومن جهة ثانية الامريكي الاسرائيلي، على ارض الواقع؟ الاجابة مكا اعتقد بإيجاد مشروع عربي نهضوي، وبتفعيله؛ ومن ثم تبريزه واستظهاره كوجود فاعل ومستند على اسس وقواعد قادرة الفعل والتأثير في الداخل وفي العلاقة العربية العربية، وفي المحيط الاقليمي والدولي؛ في مقابل المشروعين؛ المشروع الامريكي الاسرائيلي هو مشروع استعماري واستغلالي؛ في المقابل بالتعاون والتفاعل مع المشروع الايراني بقدر ما يسمح به الواقع الموضوعي، ومساحة المشتركات بين المشروعين؛ العربي النهضوي والتحرري والايراني؛ لأن الأخير حسب المعلن المدعوم بالممارسة الايرانية على الاقل ما هو ظاهر منه على سطح الاحداث. ان المشروع الايراني، مشروع تحرري ومقاوم للهيمنة الامريكية والتوغل الاسرائيلي؛ مع انه للأمانة والصدق في الطرح؛ لا يخلوا من الطموح القومي الامبراطوري، إنما احتوائه وتحجيمه ممكن جدا، بل هو سهل وبالإمكان توجيه مساراته، بما يخدم او ينتج عنه؛ التجانس والتفاعل والسلام والاستقرار في الوطن العربي وعلى وجه الخصوص دول الخليج العربي؛ ايضا بما يخدم القضية الفلسطينية؛ لو تخلص النظام الرسمي العربي من الهيمنة الامريكية على القرار السياسي وحتى الاقتصادي، ومن التطبيع الظاهر والسري، ومنح الحرية للشعوب العربية سواء المدنية او الدينية. ان هذا لا يمكن ان يكون له وجود في الواقع المعيش الا بعدم الاعتماد على امريكا في الدفاع والحماية، بل على الشعب وقدراته الذاتية؛ وليس بشراء الحماية الامريكية بالتطبيع مع دولة الاحتلال الاسرائيلي. هذه السياسة هي التي تسلب من النظام الرسمي العربي؛ القرار المستقل وتجرح السيادة؛ مما يجعل هذا النظام يساهم مساهمة فاعلة في معاونة الكيان الاسرائيلي المحتل لأرض فلسطين؛ عبر التطبيع وما هو ذو صلة به. كما ان هذه السياسة الخنوعة؛ تجعل امريكا تختطف دول المنطقة العربية وبالذات دول الخليج العربي؛ لتقدم عليها مصالحها ومصالح ودولة الاحتلال الاسرائيلي على حساب مصالح الشعوب العربية، وفي المقدمة مصالح الشعب الفلسطيني العربي وحقه في دلة كاملة السيادة..
#مزهر_جبر_الساعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقاومة الفلسطينية.. سوف تنتصر وان طال عليها الزمن وتآمر عل
...
-
الانتظار المفتوح زمنا في الرد على جرائم اسرائيل.. يخدم اسرائ
...
-
قراءة في رواية احدب نوتر دام..سرديات التنوير
-
دولة الاحتلال الاسرائيلي تواصل اشعال الحرائق وتستمر بذبح الف
...
-
العراق: شعب واحد في وطن واحد
-
سياسة الاغتيالات الاسرائيلية لقادة المقاومة: تعكس العجز واله
...
-
قراءة في اللوبي الاسرائيلي في السياسة الخارجية الامريكية/3
-
امريكا شريكو لكل سياسة الاغتيالات الاسرائيلية
-
في ذكرى ثورة 14تموز المجيدة ولو متأخرا
-
خطاب نتنياهو امام مجلسي الكونجرس، النواب والشيوخ: اكاذيب واو
...
-
خطاب نتنياهو اماما الكونجرس الامريكي بمجلسيه النواب الشيوخ:
...
-
فلسطين- الاوطان العربية: هناك محوران مصارعان فيهما
-
مفاوضات وقف اطلاق النار في غزة: لعبة تكتيكية امريكية اسرائيل
...
-
قراءة في اللوبي الاسرائيلي والسياسة الخارجية الامريكية
-
انبوب البصرة- العقبة: مشروع امريكي؛ لن يكت حظا له، ابدا، من
...
-
العلاقات الامريكية الاسرائيلية السعودية.. متى بدأت والى اين
...
-
الحرب بين اسرائيل والمقاومة اللبنانية قادمة في المقبل من الز
...
-
من يكون الرئيس الايراني المقبل؟ استقراء استباقي
-
لبنان- فلسطين- اسرائيل: الى اين؟
-
المساواة بين الضحية الجلاد: جريمة
المزيد.....
-
ياسمين عبدالعزيز بمسلسل -وتقابل حبيب- في رمضان
-
ياسين أقطاي: تركيا والنظام السوري الجديد أكثر دراية بمحاربة
...
-
السويد- الإفراج عن مشتبه بهم فى حادث مقتل حارق القرآن
-
عمّان.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
ترمب: بلادنا ليست منخرطة في أحداث سوريا
-
لماذا يصر ترمب على تهجير الفلسطينيين من غزة لمصر والأردن؟
-
كشف جرائم جنود أوكران بحق مدنيين بكورسك
-
مئات اليمنيين يصلون على رئيس الجناح العسكري لحركة -حماس- بعد
...
-
البيت الأبيض: واشنطن ستفرض رسوما جمركية إضافية على كندا والم
...
-
مصر.. أسد يفترس حارسه بحديقة الحيوان
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|