هاله ابوليل
الحوار المتمدن-العدد: 8083 - 2024 / 8 / 28 - 22:47
المحور:
قضايا ثقافية
حياة المعيز " فيلم يومي في الامارات
اتعجب من نفور واستنكار السعايدة الأشداء على سمعة بلدهم الملوثة والمشوهة منذ عصر التاريخ وكأن قصة الشاب الهندي في الفيلم (حياة المعيز أو حياة الخراف ) من وحي الخيال !
وإنهم ما شاء الله ملائكة بجناحين من الرقة واللطف تمشي على الأرض وليس بينهم متعدي أو طماع او محتال او لص او قاتل أو مجرم .
فجميع السعايدة (ما شاء الله ) سيسيرون على الصراط المستقيم بدون عذاب أو حساب .
ولكن دعونا قليلا من السعايدة
ولنذهب الى الامارات التي تبنى أبراج تصل الى 200 طابق في أقل من سنة بعمالة رخيصة من الهنود والبنغال والباكستان والفلبين والاسيويين .
يتم حجز جوازاتهم منذ وصولهم الآرض ونقلهم بشاحنات تقل المعيز الى ساحة الإنشاءات حيث يسكنون كل عشرين هندي وبنغالي في غرفة لا تتسع الى خمسة ,ويتم تزويدهم باطباق من الرز و البرياني بدون لحم أو دجاج بدون أي زيادة
, ولا يسمح لهم بالمغادرة ابدا خارج مبنى الإنشاءات نعم , يعملون بالسخرة لعشرة اشهر بدون إجر وبعد انتهاء المشروع يتم تسفيرهم الى بلادهم مع وضعهم بقائمة البلاك ليست وهم لا يملكون درهما واحدا في جيوبهم لكي لا يعودوا مرة أخرى ويتحدثوا عن تجارة البشر التي عاشوها بمرارة في تلك البلاد الوردية من الخارج والمظلمة من الداخل بقوانين الكفالة التي تحجز جواز سفرك ولا تجعلك تعود لبلدك لا عندما يكتفي الكفيل من استغلالك فيرسلك الى وطنك بعد أن يكون قد استفاد من جهدك مجانا , ثم يرسل بطلبات جديدة لعمال آخرين ليتم استغلالهم من جديد وكأنك تعيش في منتصف القرن الثامن عشر في سنة 1865 وتحديدا في جنوب أمريكا حيث تجار الاقيان يجعلوك تعمل في مزارع القطن ليلا ونهارا
واذا لم تحصد الكمية المطلوبة منك من جني القطن يتم جلدك في كل ليلة .كما حدث في فيلم ( 12 YEARS A SLAVE)الذي لم نجد فيه امريكان عارضوا الفيلم أو اتهموا صناعه إنهم متحيزون ويريدون تدمير وتشويه سمعة أمريكا الاقطاعية في ذلك الزمن .
وهذا ما حدث في فيلم "حياة المعيز" حيث يتم الاحتيال على العمال الهنود وارسالهم الى الصحراء بدون أن يسمح لهم بالاتصال بأهلهم أو أخذ موافقتهم في قبول هذا العمل المضني في رعاية الخراف في الصحراء القاحلة لمدة ثلاث سنوات
أو قد يموت احدهم ولا يجد من يدفنه كما حدث للراعي الآول الذي اكلته العقبان ولم يحظى بجنازة تليق به كإنسان .
فالإنسان السعودي الجاهل هو كائن له جسم برميل محشو بطبقات من شحم الكنتاكي المقرفة والماكدونالز المبكية مع رشفات كبيرة من مشروب البيبيسى المحظور كل ذلك فوق رأس فارغ لا يفكر إلآ باستعباد الناس وسرقة جهدهم بالمجان ,
بل ويتبعه اذى ومنة وغطرسة الوضيع الذي يتكبر على خلق الله .
فالإنسانية عند السعودي إلا من رحم ربي عنده مراتب , فالامريكي له كل الحظوة والدعم المالي والبترول المجاني أما أخونا المصري فهو للتسلية وللتندر والبحريني لمتعة نهاية الأسبوع و الاماراتي لحفلات التعري والشذوذ , أما الخادم الهندي فهو مجرد هندي فقير ؛يركله بقدمه مثل الكرة في الصباح والمساء متبوعا بالهمجية و الضرب والتعدي الجسدي واقذر أنواع التعدي اللفظي القبيح والشتائم والسخرية اللاذعة .
وهذا مثال لأخلاق البعير التي ينتهجها في حياته ويمارسها كل يوم إلا من رحم ربي منهم كما قلت ,
ولكنه عندما رآها تجسدت في فيلم يكشف ممارستهم الفجة للبشر كعبيد عندهم ؛ انتفضوا وخرجوا بكل وقاحة ينكرون ويبررون ويسخرون ؛ فبدلا من الإقرار بالذنب ومراجعة نفوسهم المريضة بإزالة تلك التشوّهات الأخلاقية في الممارسة غير الادمية للهنود و للاسيويين الفقراء بل استكبروا ورفعوا أقلام المعارضة والتنديد والتهديد والوعيد ورفعوا حملات أن اعداءهم يريدون تشويه تاريخهم الأبيض لدرجة ان تم وصف الحملة بأنها صهيونية لتشويه بياض المملكة الناصع !
وهي حملة مجنونة يقودها الذباب الالكتروني بحجة الدفاع عن المملكة فبدلا من الإقرار بالذنب ومراجعة النفس وتغيير المعاملة تراهم يشنون حملات شنار ودمار لكل من ينتقدهم لم نجد مثله عندما عرض فيلم جانغو الحر ,فلم نرى الأمريكيين يشنون حملات للدفاع عن شرفهم الناصع فهم يعلمون انها تشوّهات كانت من صلب المجتمع الرأسمالي الاقطاعي وأنهم استطاعوا التغلب عليها ؛
فمثل هذه الأفلام , تذكرهم بنجاحهم بإصلاح التشوّهات الأخلاقية والقانونية والاجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع الاقطاعي التي كانت بمجتمعهم لا بالانكار لها والتصدي لاعداء الامة الامريكية الحاقدين الكارهين لابراهام لينكولن !
ولم نسمع صيحات الاعتراض أو الاتهام نالت الممثل ليوناردو ال كابريو في فيلم جانغو الحر قد اتهمته بتشويه وجه أمريكا الناصع البياض ,الاقطاعي الأبيض الذي جعل كلابه تأكل عبدا هاربا !
ولكننا سمعنا في السعودية صيحات الاستنكار من كبيرهم الذي علمهم السحر : تركي شوال تركي وناسة ؛تركي ابن المرة الترللي كما صاحت جماهير الرياضة في ملاعب مصر لطرد البرميل السعودي خارج مصر في الحادثة الشهيرة التي أجبرت تركي ال الشيخ لمغادرة مصر بلا رجعة .
نعم هذا الوزير الخايس الذي هدد بشراء نتفليكس وإزالة الفيلم من على منصتها ؛
فقط ؛ لأنه يملك مليارات للترفيه الذي يغازل به الشباب المراهق الضائع من يسمون السعوديين . فعندما تسمع أن هذا هو الحل المقترح الوحيد الذي انبثق من رأسه المربع الفارغ ستعلم كم هو حجم مصيبة ارض الحرمين بهذا المعتوه النجس الذي عيّن لتدمير جيل بأكمله لتهميشه وتغريبه عن دينه وعن محيطه العربي وليس اخرها حفلات المجون والرقص التي لم تنتهي منذ بدأت حرب غزة وكأنه يرسل عبر رسالة ضمنية من ابن سلمان مفاداها
(نحن لا نأبه بكم ولا بجراحكم ؛ فلتقتلكم صواريخ اخرائيل وتدمركم وسوف نزوّد الياتها ومدرعاتها والميركافا بالنفط السعودي المجاني لقتلكم ياأهل غزة ,وبل سنفتح ممراتنا وطرقنا البرية لمرور شاحناتنا لعبور الطعام لشعب اخرائيل الثمين لدينا " .
وكان اهل فلسطين يرتجون من الخولات المتصهينين الوضيعين النصر او المدد او الدعم النفسي !
نعم , تعيش العربية السعودية المتصهّينة أسؤأ أيامها وأردأها على السواء في ظل صبي الببجي الطائش وأعوانه من الخولات المارقين أمثال تركي ال الشيخ الذي يعبّر عن ضآلة فكر وانعدام اخلاق مزري .
فهل ينتظر ابطال غزة المدد من ملوك الطوائف المتصهينيين !
في بلاد مثل أمريكا اشتعلت بها الحرب الاهلية لمدة مائة سنة بين الشمال والجنوب لتقرر بالنهاية إلغاء الرق ومن أجل النهاية الرسمية للعبودية
يحتفل الأمريكيين بالجونتينث كل عام JUNETEENTH)) وتحديدا بيوم 19 حزيران / يونيو ؛ وهو يوم اعتاق أخر العبيد في أمريكا الجنوبية في عام 1865
أي بعد مائة وتسع وخمسون عاما من تجارة الرق والنخاسة !
فهل سيحتاج السعوديين الأشداء لنفس المدة من المستقبل ؛ليعترفوا أن نظام الكفيل هو نوع من الاتجار بالبشر والعبودية للقوانين الظالمة للبشر؛ فيعدلون قوانينهم ويحترمون إنسانية العامل ولا يحجزون جوازه ولا يقيّدون إقامته ويمنحونه حق الرفض أو القبول بخدمتهم أو العودة لبلادهم .
في الفيلم (حياة الخراف أو المعيز ) كانت الشرطة تضع كافة الاسيويين في صفوف ,ثم يأتي الكفيل ليجد العامل الهارب فيرفع طرحته أو عقاله وينزل ضربا بالعامل البسيط الذي لم يهرب إ لا لأنه تعرض للقمع وللسخرة وللظلم.
فلا قانون يحميهم من بطش الكفيل وكأنهم خراف والراعي الكفيل يهددهم بعصا الطاعة والالتزام بشروطه التعجيزية ؛حيث لا ساعات للعمل ولا رواتب ولا أيام للراحة أو الاجازات .
فأين العقاب الرادع أو الشروط الجزائية
لمن يضرب عاملا اسيويا في داخل مركز للشرطة !
فإذا كان هذا حالهم وهم تحت سلطة القانون
فكيف يعاملهم الكفيل وعائلته بمنزله !
ما هذه القوانين المنفلته التي تسمح للمواطن باستعباد البشر لمجرد أنهم فقراء و يحتاجون للمال
فيفرض شروطه وعصاه عليهم بالقوة .
أتذكر ان سيدة إماراتية , ابقتنا في منزلها حتى الساعة الثانية ليلا و بينما كنا خارجين وجدت في غرفة خارجية فتاة اندونيسية نحيلة تكوي الملابس الداخلية (الاندر وير )
فشهقت عجبا ولم اخجل من ربة المنزل التي تبدو معنا في كامل انسانيتها ووضيعة مع عاملتها المسكينة .
فقلت : يا قوة الله
منذ متى تكوى ملابس الاندر وير يا جماعة !
أليس المفروض أن هذه المخلوقة البسيطة الهادئة المسكينة نائمة في سريرها !
طبعا تلك السيدة لم تستدعيني لحفلاتها اللاحقة
وأنا لم يعجبني نفاقها وتقسيمها للبشر بمراتب فلم احفل بمصاحبتها بل رميت عليها لعنتي اليومية.
فلكي تكشف معادن البشر عليك رؤيتهم
اثناء تعاملهم مع فقراء الناس والمساكين والعمال والخدم وكبار السن والأطفال .
وهذا غيض من فيض في استغلال العمالة الرخيصة في الخليج حيث يتم ضرب العامل أو العاملة من أطفالهم الصغار بدون ردع من الكبار أو احترام شيخوخة هؤلاء الناس البسطاء ,
بل ويتعدى الأمر ساعات العمل التي قد تمتد
الى 16 ساعة عمل بدون أي إجازة بحجة أن لا تعود الشغالة بعد الاجازة وهي حامل وكأنهم يشترطون على العامل الغاء كل حياتهم لصالح خدمة عائلتها فقط وقد يمنعونها من السفر لسنوات أو يحرمونها من الراتب بحجة تجميعه واعطاءه لها عند المغادرة النهائية .
هذا الفيلم الذي ازاح الستار عن اخلاق البعير التي مازالت تمارس هناك بعيدا عن اخلاق الاسلام السمح
حيث اهم رسالة نبوية أن هؤلاء إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم ).
(البخاري)
جاء فيلم" حياة المعيز" ليكشف ما تستر لسنوات من تشوّهات قانونية واخلاقية ؛ظاهرها العمالة البشرية وباطنها تجارة الاتجار بالبشر والرق والعبودية .
فمتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا
يا أهل الخليج
يا مسلمين
واصيح بالخليج
يا خليج
يا واهب المحار والردى
#هاله_ابوليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟