|
ألمشهد السياسي الفلسطيني في زمن البلطجة
يونس العموري
الحوار المتمدن-العدد: 1772 - 2006 / 12 / 22 - 10:54
المحور:
القضية الفلسطينية
في زمن البلطجة الذي نحيا يصير كل شيء مباحًا، ويصبح الحق مختلطا بالباطل والباطل سيد الموقف وعقلنة الأمور تنسحب من المشهد العام، ويسيطر الإنفعاليون على حقائق الوقائع السياسية وتفاعلاتها جراء زج الوطن بالفوضى المُراد لها ان تعم وتسيطر، كجزء من سيطرة سياسة الفوضى الخلاقة على المنطقة برمتها، فهكذا تبدو صورة فلسطين اليوم حفنة من محترفي فعل البلطجة يسيطرون على الشارع الفلسطيني، ويخضعون كل الشأن السياسي والاقتصادي وبالتالي الاجتماعي، لأهوائهم ولأهواء مصالحهم التنظيمية الضيقة التي اعتقد انها ما عادت تعبر بشكل او بآخر عن الأجندة الوطنية بمفهومها الشمولي. بالفعل نحن في زمن البلطجة الذي لا نتذكر له مثيلا في كل مراحل تاريخ النزاعات والاقتتال على السلطة الوهمية الفلسطينية، سواء كان ذلك في اطار منظمة التحرير ولاحقا في اطار السلطة الفاقدة لسيادتها الفعلية على الأرض. لقد كانت الصراعات موجودة ودامية بين الفصائل الفلسطينية في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وكانت تؤلم النفس لكنها اليوم تدمي القلب. فالأحداث تتسارع بشكل لافت للإنتباه والكل ذاهب باتجاه المجهول، حيث ان دعوة الرئيس الى الإنتخابات المبكرة لحل ما يسمى بإشكالية ازدواجية السلطة في ظل المشهد الفلسطيني العام، بات عاملا تفجيريا جديدا للأوضاع. ربما من الممكن تفهم دوافع ابو مازن لمثل هذه الدعوة في ظل الظرف السياسي التوافقي الطبيعي، لكن في ظل زمن البلطجة وانفلات الشارع وسيطرة الفعل المليشوي العصاباتي على الشارع، انما تنذر هذه الدعوة لتحول هذا الفعل الدمقراطي (بصرف النظر عن مدى قانونيته او انسجامه مع مواد القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) الى مادة خلاف وسجال بلغة الإقتتال والعنف والتي بدأت معالمها بالاتضاح شيئا فشيئا.... والصورة تتحدث عن نفسها بهذه المشهدية فلم تعد هناك حرمات أو محرمات في الاقتتال، يقتل أطفال فقط لان والدهم فتحاوي، ويقتل شيخ فقط لأنه حمساوي، ويتم اقتحام المؤسسات والمنشآت العامة بدعوى فرض السيادة عليها، وكل هذا ونحن ندعي اننا نحمي مشروعنا الوطني من التخريب وعبث العابثين، وكل هذا على ماذا..؟؟ اهو خلاف على البرنامج ..؟؟ ام على التوزيعة الوزارية...؟؟ ومحاصصة كل طرف من الأطراف...؟؟ الحرب على ماذا..؟. فلا يوجد بين المتقاتلين من يملك مشروعا مختلفا عن الآخر، جميعهم يخطبون عن التحرير والدولة واللاجئين... والمسألة برأيي ليس لها علاقة بالثابت والمتغير بالسياسة الفلسطينية الرسمية، او تلك التنظيمية الفصائلية بقدر ما اصبحت نوعا من انواع التصارع على السلطة والتحكم بمسار الفعل السياسي برمته وتخندقاته... إن المراقب لحقيقة المجريات على الساحة الفلسطينية بالظرف الراهن، انما يلاحظ جملة من الملاحظات المتصلة قصرا بالظرف الإقليمي، وهذه الملاحظات ما عادت مخفية على احد او مستترة خلف الشعارات التي صارت مكشوفة ومفضوحة في اللعبة الدولية على المسرح الإقليمي وبالتالي الفلسطيني، حيث من الواضح ان ثمة ضغطا امريكيا على الرئيس ابو مازن على شكل استحقاقات مطلوبة من الطرف الفلسطيني لفك ما يسمى بالحصار الإقتصادي على الشعب الفلسطيني، تبدأ بالاعتراف بشروط الرباعية ولا تنتهي الا عند اراقة الدم الفلسطيني في أتون ممارسة البلطجة والفعل المليشوي الأعمى... كما ان هناك تمترسا اعمى لحماس خلف مواقفها وطبيعة وشكل ادارتها للشأن الفلسطيني العام، على طريقة الجمعيات والمؤسسات متعامية او انها متجاهلة للواقع السياسي الدولي والإقليمي، وكأنها وحدها تملك الحقيقة كاملة او انها تمسك بأطراف خيوط اللعبة السياسية وطبيعتها... فحركة حماس تنادي بالفعل المقاوم ومنهجية هذا الفعل والحفاظ على سيرورته... وبذات الوقت تتحول شيئا فشيئا الى مجرد حركة سياسية، تنسحب من مشهد فعل المقاومة ولم توفق حتى تاريخة بإدارة شؤون الدولة (الأسلوية) التي ارتضت لذاتها ان تكون متربعة على عرشها... وتعلم حماس ان لهذا التربع استحقاقاته... لقد حاولت حماس ان تتلاعب على الألفاظ والمفاهيم وان تطوع منظومة هذه المفاهيم وفقا لمدركاتها وتفسيراتها، وان تعبر اللعبة السياسية وكأنها قوة عظمى بالمنطقة تملك ارادة تغير المعادلة الحاكمة والمتحكمة بالمعادلة الإقليمية بالمنطقة، في الوقت الذي كما اسلفنا انها بدأت بالإنسحاب من مشهد المقاومة عموما نحو مشهد الفعل المليشوي في ظل سيادة البلطجة... ولأخر في المعادلة الفلسطينية يحاول هو الآخر ان يتنكر للواقع الفلسطيني الذي ما عاد فيه سواد للون الفصائلي الواحد المتحكم بالقرار والمصير... في ظل زمن البلطجة فعل هؤلاء بالقضية الفلسطينية أسوأ مما حاول الإسرائيليون تدبيره في سنين، مزقوا الصف وادخلوا اليأس وهزموا الروح المحلية وفجعوا العرب بأفعالهم البشعة وقسموا الأمة وأعفوا إسرائيل من المواجهة. إن من يرى ما يحدث من جرائم وتهديد بارتكاب المزيد منها يضع يده على قلبه لأننا ندخل مرحلة غير مسبوقة في تاريخ الصراع. نحن اليوم أمام أول حرب أهلية فلسطينية، تلك التي لم يتخيل أحد من قبل ان تقع مهما انقسم الفلسطينيون إلى فرق ومعسكرات. كنا نعتقد أن مبادرة منظمة التحرير الفلسطينية إدخال حماس إلى الحكم والسماح لها بالترشح والانتخاب خير ضمان لتأطير الخلاف دموقراطيا، لكنه بكل أسف اظهر أقبح ما عند الطرفين.... وبالتالي اصبحت الساحة مفتوحة للفعل البلطجي فقط لا غير ...
#يونس_العموري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع
...
-
الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا
...
-
-غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
-
بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال
...
-
في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
-
5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
-
قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا
...
-
خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة
...
-
اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال
...
-
اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|