|
حرب المهزومين
سامح عوده
الحوار المتمدن-العدد: 1772 - 2006 / 12 / 22 - 11:47
المحور:
القضية الفلسطينية
منذ أيام والدم الفلسطيني يسيل في الشوارع ، والصراع على حبةِ قمح نخرتها السوسة ولم تبقِ الا القشرة منها ... الديوك في القفص تتصارع .. وكلا الديكين الكبيرين ينهش لحم الآخر ... وكأننا في عالم آخر لم يجمعنا الألم .. ولا المعاناة .. ولا العدو الذي لم يترك لنا أرضا ولا سماءً الا ودنسها . بالأمس تحولت شوارع قطاع غزة الى ساحات حرب حقيقية .. الطرق قد خلت من المواطنين .. ولم يظهر الا المسلحيون المتوجهون الى ساحات الحرب !! .. مناظر جعلتك تتخيل نفسك وكأنك تشاهد فيلما حربيا يدور في شوارع (شيكاغو ) .. نعم انه فيلم حربي بامتياز .. لكن الممثلين أخوة وأبناء دم واحد ، جمعتهم مبادئ نشأوا عليها ... وجمعهم أيضا قيد السجان وعتمة السجن في يوم ما !! لا شيء يسوغ للفلسطيني ان يحمل السلاح في وجه أخيه وابن وطنه وووو.. ان هذه الأفعال بعيدة كل البعد عن أبجديات نضالنا الفلسطيني .. ومفاهيمنا التي رسخت في أذهاننا عبر تاريخ طويل ، إنها ثقافة شريعة الغاب .. وهي بعيده كل البعد عن ثقافتنا الفلسطينية . .... علينا ان نكون واقعين بعيدين الى حد مقبول عن المثاليات ، وعلينا أن لا نغطي الشمس بالغربال، فالشمس واضحة للعيان ، وأن نتخلى عن مقولة أن الدم الفلسطيني خط أحمر، فأي خط احمر هذا ؟ حينما تجد البندقية التي تدافع عن الأرض قد أوغلت في قتل أبناء شعبنا . بعد أن تجاوزنا كل الشعارات المقدسة .. وكل المبادئ التي تربينا عليها و التي تتناقض مع مبادئنا الوطنية وتعاليم ديننا الحنيف وقد تناسينا حديث الرسول الكريم ( كل المسلم على المسلم حرام ؛ ماله ودمه وعرضه ) بعد أحداث الأمس التي قتل الاحتلال الإسرائيلي خلالها أربعة شهداء من كتائب الأقصى في الضفة الغربية ، ونحن وبأيدٍ فلسطينية قتلنا ستة شهداء . لقد تجاوزنا كل الخطوط الحمر والصفر والزرق ... وتجاوزنا الوان العلم الفلسطيني بافعالنا هذه وأوغلنا بعيداً عن كل ما هو مقدس وشريف ، سفكنا دماء بعضناً بعضاً في سبيل سلطة مازالت تحت الاحتلال ، محاصرة من الداخل والخارج ومدن حزينة على ما يجري ، فجدار الفصل العنصري قد أوغل في تقطيع الأوصال وجعل من بلداتنا وقرانا ( كنتونات ) مغلقه نهب الأرض وشرد السكان ، كما مارسنا حرب التحريض بأسلوب قذر ، فشاهدنا ابطال الفضائيات يحرضون بعضهم على بعض . تجاوز كل التقاليد والأعراف التي ترعرعنا عليها ، دون مراعاة أو اعتبار لأية روابط قومية أو وطنية أو دينية او حتى أسرية او عائلية تجمعنا ، لقد ما رسنا حربا من الشراسة بعضنا على بعض لم تقف عند حد السب والتشهير، والتخوين، واستخدمنا كل ما لدينا من وسائل قذرة في تشويه بعضنا البعض .. فنشرنا الغسيل الوسخ عبر شاشات الفضائيات .. ووسائل الإعلام المختلفة ، وعكسنا صورة قاتمة لتاريخنا الحافل بالتضحيات . لقد خاض الأخوة حربا ضروسا عبر شاشات الإعلام والفضائيات العربية وقد تجاوزوا بفجورهم كل حدود الممكن ، من خلال التحريض والتحريض المضاد، والعنجهية الفصائلية الحاقدة ، كما تم توظيف كل وسائل الإعلام الفصائلي من نشرات وصحف لتأجيج الفتنه الداخلية - لعن الله الفتنه !! -. ان الشعب الفلسطيني يعيش حصاراً اقتصادياً وحصاراً معيشياً كما انعدم الأفق السياسي .. كان الأجدر بالإخوة المتصارعين في هذه المرحلة أن يأخذوا بأيدي هذا الشعب المغلوب على أمره ويخلصوه مما هو فيه .. لا ان يمارسوا حرب الشوارع والحرق والتدمير للممتلكات العامة، وما يمس بالمعالم والرموز السيادية، التي بذلنا الغالي والنفيس من اجلها .
إن أعمال البلطجة والزعرنه وحالة الفلتان الأمني التي تمارس في شوارعنا بحاجة الى وقفة جادة ومسؤولة من الجميع .. وهنا اخص بالذكر الغالبية الصامتة من أبناء شعبنا .. آن الأوان ليجهروا بأصواتهم عاليا ويقولوا كلمتهم الفصل فيما يجري من تناحر مقيت ... لأنه يمس مستقبلهم وحياتهم وحياة أطفالهم ومن سيأتي من بعدهم ... حان الوقت للوقوف وقفة جادة من الجميع كل عند مسوؤلياته التاريخية . في كل مساء وعلى غير موعد تسمع بقرارات صادرة إما عن الرئيس او رئيس الوزراء ... او وزير الداخلية .. الذي اطل في ساعات متأخرة من مساء أمس ليعلن عن فرض القانون وبالقوة على الجميع وينهي جميع الأشكال المسلحة ، لكن من يسمع ومن يعتبر ، فبعد مؤتمر وزير الداخلية بساعات قتل شخصين في شوارع مدينة غزة ، لقد أُعلن عن فتح تحقيق في الأحداث و عمليات القتل و التخريب و الاقتحام التي حدثت ، وكذلك العمل بأقصى سرعة للقبض على الفاعلين، لنكن مطمئنين ، ان لجان التحقيق تلك لم تلقِ القبض على أي من الفاعلين، ليس لأنهم غير معروفين أو قادمين من كواكب أخرى، أو يلبسون طاقية الخفاء، بل لأن من يمارس تلك الأعمال الهمجية والبربرية، ويبثون الرعب ويمارسون القتل والتخريب، هم من المحسوبين على هذه الجهة أو تلك. أيها الأخوة المتناحرون ان الدولة الفلسطينية لم تقم حتى الان في حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشريف .. ولم تتحرر فلسطين من البحر الى النهر ... فلماذا تتقاتلون ؟ وعلى ماذا يدور الصراع ؟ انه يدور على أوهام من نسج الخيال .. وسراب في الصحراء ظنه الظمآن ماءً ، إن العودة الى العقل مطلوبة الآن والإحساس بألم الشعب وقهره مطلوب أكثر .. حكموا ضمائركم قبل كل شيئ ولا تسمحوا للأصابع الخفية وخفافيش الظلام أن تفعل فعلتها بصب الزيت على النار المتأججه لتحرق الأخضر واليابس فنتدحرج الى الوراء ... فأي وراء هذه المرة ... لا احد يعلمه الا الله .
#سامح_عوده (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|