أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض الوجود لدى كمال الحيدري















المزيد.....


نقض الوجود لدى كمال الحيدري


هيبت بافي حلبجة

الحوار المتمدن-العدد: 8082 - 2024 / 8 / 27 - 07:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بلاريب ولا إرتياب إن هذا الموضوع ، موضوع قضية الوجود ، يحتسب من أعقد وأصعب وأشكل المواضيع الفلسفية الفكرية على الإطلاق لخمسة أمور كلها متداخلة متشابكة ، تتناظر مع بعضها البعض في الجزء وفي الكل ، وتتكامل في حدود هذه الحلقة :
الأمر الأول : لقد إرتكب الإنسان حماقة أبدية حينما ربط مصيره بالسماء ومابعد السماء ، بالكون ومابعد الكون ، بالأعلى ومابعد الأعلى ، الأمر الذي أفضى إلى أن يتخلى عن طبيعته ، وأن يفرض شروط الماورائي على طاقته الفكرية العقلية والتي سميناها بالمادة المدركة الواعية .
الأمر الثاني : إن الإنسان مكاني ، نحن مكانيون ، فكرنا مكاني ، طريقة بحثنا مكانية ، والسيد كمال الحيدري أفضل من يجسد هذا التصور ، فيعيب على أصحاب نظرية الجثمانية الربانية إن الجثمانية تخلق المحدودية ، المحدودية في المكان ، إذ يحدها مكان آخر ، والمحدود هو بالضرورة معدود ، والمعدودية تبطل الأزلية ، ومن بطل أن يكون أزلياٌ فهو من هذا الوجه حادث ، قد حدث ، والحادث يفتقر إلى المحدث .
الأمر الثالث : إن الإنسان لايمارس إلا ذاته ، لايستطيع إلا أن يمارس ذاته ، لإن الإنسان هو في الحقيقة جزء من الطبيعة ، جزء من عالم الحيوان ، والحيوان يمارس ذاته كما تمارس الطبيعة ذاتها ، لكن في المقابل ، ونتيجة تصورات دخيلة على طبيعة الإنسان ، أمسى الإنسان ، بعضهم ، يمارس شروطاٌ ضد هذه الطبيعة ، ويصادر جوهر وجودها .
الأمر الرابع : إن الإنسان ، لحماقته وغبائه ، يثبت قضية في البداية ويسعى بكل جهد وبلاهة للبرهان على ذلك أو لترقيعها ، وكمال الحيدري خير من يمثل هذا الإتجاه ، ليس لإنه يصرح بذلك إنما لإنه من أقوى من يحاول بكل ذكاء ودقة إزالة التعارض والتناقض فيما بين تلك القضايا ، سيما تلك التي تخص الألوهية واللاهوت والنبوة ، دون أن يسأل نفسه ، لماذا هذا التعارض والتناقض أصلاٌ .
الأمر الخامس : إن الفقيه الإسلامي يقترف جريمة فكرية تبلغ حدود الجريمة الكاملة ، فهو يدرك مدى التناقض في وجود الله ، الإله الكلي المطلق الجبار الذي يعلم كل شيء وقادر على كل شيء ، ويدرك حجم التناقض في النص الإلهي المزعوم ، النص القرآني ، ومدى الركاكة الفكرية واللغوية فيه ، ومدى خروجه عن عالم المنطق ، ويدرك ويدرك ، ولايسأل نفسه كيف يمكن أن ينوجد هذا الإله .
إلى المقدمات :
المقدمة الأولى : ينطلق السيد كمال الحيدري من أمر لايدرك حقيقته ، ودون أن يدري ماهو ، وهو إن الكون ، العالم ، الوجود ، ليس إلا أشياء ، شيء زائد شيء زائد شيء حتى محدودية غير معلومة ، لاشيء سوى هذا الشيء وذاك الشيء ، فأنت وأنا ، نحن أشياء ، والله شيء ، والشجرة شيء ، والبط شيء ، والنهر شيء ، والنمر شيء ، والأنبياء أشياء ، أي إننا إزاء الأشياء ، فالكون مكون ، مؤتلف ، من عدد من الأشياء ، عدد معدود ، عدد معدود تماماٌ من حيث وجوده وليس من حيث نوعه ، لإنه أصلاٌ لايدرك حقيقة هذا الأمر .
المقدمة الثانية : والأمر الثاني هو متتم ومكمل من الأمر الأول ، ومستند إليه وموازي له في المعنى وفي المبنى ، وهو إن الكون ، العالم ، الوجود ، مؤتلف من موجودات ، فأنت موجود ومن الموجودات ، وأنا كذلك ، والشجرة ، والنهر ، والسماء والآرض ، والنبي موجود من الموجودات ، والله نفسه موجود من الموجودات ، أي إننا إزاء الموجودات وهي من حيث تعريفها وتكوينها من الأشياء ، أو ، إننا إزاء الأشياء التي هي من حيث تعريفها وتكوينها من الموجودات ، أي ، إن الشيء هو الموجود ، والموجود هو الشيء ، وخارج هذه المعادلة لسنا إزاء سوى ، سوى سوى .
المقدمة الثالثة : والأمر الثالث هو متمم ومكمل من الأمرين السابقين ، ومستند إليهما وموازي لهما في المعنى وفي المبنى ، وهو إن الكون ، العالم ، الوجود ، مؤتلف من تعدد الوجود ، فأنت شيء وموجود ووجود ، وأنا كذلك ، والشجرة ، والنهر والغزال ، والقرد والبلبل ، والنبي شيء وموجود ووجود ، والله شيء وموجود ووجود ، أي ، إننا إزاء الشيء وهو الموجود وهو الوجود ، وإزاء الموجود وهو الشيء وهو الوجود ، وإزاء الوجود وهو الشيء وهو الموجود .
المقدمة الرابعة : ويؤكد السيد كمال الحيدري إن الفرق مابين الموجود والوجود ، ولامناص من التفريق مابينهما ، يكمن إن هذا الشيء ، المنضدة ، المسبحة ، السقف ، النبي ، الله ، إله الكون ، هو شيء وموجود ووجود ، ولايكتسب الوجود إلا عن طريق الإضافة ، فلو كان هذا الشيء هو الوجود ، ووجود فقط ، فنحن إزاء تعدد الوجود ، ومن المستحيل ، حسبه ، إمكان ذلك إلا عن طريق الإضافة ، فالوجود هو المضاف ، والشيء هو المضاف إليه الوجود . أي :
تصبح المقدمة الثالثة على النحو التالي ، هذا الشيء ، هذا الموجود ، له وجود عن طريق الإضافة ، ويعبر عن ذلك السيد كمال الحيدري بالعبارة التالية : وجود الكتاب ، وجود الله ، وجود الشيء ، وجود الموجود ، أي ، إن الله هو شيء ، هو موجود ، له وجود مضاف إليه ، لذلك لايجوز القول إن الله هو الوجود ، إن هذا الشيء هو الوجود ، إنك أنت الوجود .
ويؤكد السيد كمال الحيدري ، إن هذه الإضافة هي التي تحل مشكلة التمييز مابين الأشياء والموجودات ويحل مشكل التراتبية فيما بينهما ، ويضرب مثلاٌ على موضوع الشيء والموجود والوجود ، وهو العدد ، فالأعداد كلهما من الواحد حتى حتى ليس إلا من محدودات العدد ، لكن العدد أثنان هو العدد أثنان ، والمليون هو عدد المليون ، أي إن العدد ، من حيث المبدأ ، هو الشيء وهو الموجود ، وينضاف إليه محتوى العدد أي محتوى الوجود .
المقدمة الخامسة : من المؤكد إن السيد كمال الحيدري ، في حدود الفهم الأكيد لوحدة الوجود الشخصية لدى الآخرين وفي حدود رؤيته لها ، يتفارق عن نظرية الظل : التي قلنا ، أي كمال الحيدري يقول ، بأنه ، أي الشيء ، بمنزلة الجزء له ، أي لله ، فالله هو الكل ونحن ، أنت وأنا والطير والأفعى والجراثيم والغيوم والشجر والمطر والثلج والحيوان والسماء والأرض ، أجزاء الله . وهكذا فإن هذه النظرية ، حسبه وهو يسميها بالنظرية ، تحفظ لنا اللاتناهي من جهة ، وتحفظ لنا الوجود من جهة ثانية .
ويستطرد ، اليد هي ضمن وجودي ، يدي هي ضمن وجودي ، وهي ليست وجودي ، ولاينافي وجودها وجودي ، وتحفظ ، كما قلنا أي كما قال الحيدري ، قاعدة هي عينه من وجه وهي غيره من وجه ، فعين زيد هي ليست زيد إنما هي عين زيد ، هي جزء من زيد ، ولو قالت العين أنا زيد ، فقد أخطأت ، فزيد له وجود يتخطى وجود العين ، والعين هي ليست كل زيد ، وهكذا لدينا كثرة في وحدة ، ووحدة في كثرة ، مع قاعدة اللاتناهي في الله ، والمحدودية في الأجزاء .
ويضرب مثالاٌ على كل هذا الحديث : لو أخذنا موضوع الحيوان ، فثم الإنسان والحصان والفهد والأرنب والبقر والذئب والهر ، ورغم إن الحصان حيوان حقيقة لكنه لايستطيع القول إنه الحيوان ، فهو ليس كل الحيوان إنه جزء من الحيوان ، وكذلك الأرنب فهو حصة من الحيوان وليس كل الحيوان ، فتلك الحيوانات هي جزء من الحيوان ، والحيوان يتجاوز كل حيوان بمفرده ، وهكذا لدينا :
وحدة في كثرة ، وكثرة في وحدة ، لإن الحيوانية واحدة والأنواع كثيرة ، وهكذا فإن الحيوانية تجسد اللاتناهي ، والحيوانات تجسد المحدودية ، وهكذا هي عينها من وجه وغيرها من وجه .
المقدمة السادسة : يرتكب السيد كمال الحيدري حماقة مابعدها حماقة ، إذ يميز مابين مايسميه بمفهوم الوجود ومابين مليسميها بحقيقة الوجود .
فالأول ، أي مفهوم الوجود ، حسبه ، إعتباري ، إعتباري صرف ، ولايمكن إلا أن يكون إعتبارياٌ ويستحيل ألا يكون إعتبارياٌ ، أي ثانوياٌ أي لاحقاٌ لما هو أصيل .
وعادة تدق المسألة مابين من هو الأصيل ومن هو الإعتباري مابين الوجود والماهية ، ضمن مفهوم هل الوجود هو الأصيل والماهية هي الإعتبارية ، أم العكس إن الماهية هي الأصيلة والوجود هو الإعتباري ، الثانوي اللاحق .
والثاني ، أي حقيقة الوجود ، هو واقعي حقيقي أصيل ، وينقل عن لسانه وعن لسان العرفاء إن حقيقة الوجود بدهي بديهي لاتحتاج إلى برهان ، حتى لاتحتاج إلى قول تأكيدي .
ونستطرد ، للإستئناس ، ولكي لانغمط عليه حقه ، إنه يؤكد ثم فرق مابين المفهوم الماهوي ومابين المفهوم الفلسفي ، فإذا إنعكس الشيء من الخارج وحصل المفهوم في الذهن مباشرة من غير واسطة فهو مفهوم حقيقي ، مفهوم ماهوي ، أي مفهوم أصيل .
وأما إذا حصل الشيء في الذهن ، وكان المفهوم في الذهن من خلال واسطة ، دون إنتزاع مباشر من الخارج أو أخذ مباشر من الواقع ، فهو مفهوم ثانوي ـ مفهوم إعتباري ، وهو :
إذا كان له مصداق في الخارج فهو مفهوم فلسفي ، وكإن المفهوم الفلسفي يستبد بالواقع وله شروط في تأصيل المحتوى ، وأما إذا إنتفى هذا المصداق فهو مفهوم منطقي .
ويردف السيد كمال الحيدري ويستطرد في حماقته ، وللإدراك أكثر : ثم فرق مابين موضوع الفرد وموضوع المصداق :
الفردية هي ماهية واحدة في الذهن وفي الخارج كالإنسان ، ففي الحمل الأولي الشيء موجود في الخارج وفي الذهن ، ولايمكن إلا أن يكون الأمر كذلك ، كإن الذهن البشري أبدي سرمدي .
بينما بالنسبة للمصداق ، فلا الخارجي موجود في الذهن ، ولا في الذهن متحقق في الخارج .
المقدمة السابعة : في الجواب حول السؤال التالي ، هل الله مركب أم غير مركب ، يؤكد السيد كمال الحيدري ، إن الله مركب ، مركب من الماهية والوجود معاٌ ، وإن الذين أكدوا إن الله غير مركب إعتقدوا إن إئتلاف الله من الماهية والوجود هو نوع من التركيب ، والتركيب يفرض على الأصل شرط الإحتياج إلى إجزائه ، وهذا لايناسب مفهوم الله .
وأما السيد كمال الحيدري فينطلق من قاعدة خاصة قائلة بأصالة الوجود وبأصالة الماهية ، فكما إن الوجود أصيل فإن الماهية أصيلة ، فبدون ماهية يتحول الشيء إلى عدم ، والله شيء ، أي إن ، وحسبه ، لاوجود إلا وله ماهية ، فالوجود الذي لاماهية له هو العدم ، والله شيء ووجود وليس عدماٌ ويدلل على ذلك عقلياٌ وبإحتراف بالغ سنسرد ذلك في حلقة خاصة ، وأما هنا فنذكر أمرين :
الأول القول المعروف ، يامن لايعلم ماهو إلا هو ، والماهو يعني الماهية ، فهو يعلم ماهيته ، لكن نحن ، حسب الحيدري ، لاندري هذه الماهية ، أي له ماهية هو يعرفها ونحن نجهلها .
الثاني القول المعروف ، لايثبت شيء إلا بإنية ومائية ، مفردتان كورديتان تدلان على العلاقة مابين الحضور والوجود ، وهما آن ومائيين ، والقول لايثبت شيء أي لايوجد شيء إلا وله إنية وماهية .
نكتفي بهذا ، ونعترض بالآتي :
أولاٌ : ربما من أعمق الإشكاليات لدى السيد كمال الحيدري هي إنه لايعتبر الله شيئاٌ ، إنما هو شيء من الأشياء ، شيء من الأشياء ، وهذا يعني تماماٌ ، إن الله في حدوده ، من الزاوية الإنطولوجية ومن حيث إن الحدود هي الحدود ، لايمكن أن يتخطى حدود تلك الأشياء . الأمر الذي يفضي إلى أمر آخر : هو إن الله هو ليس فقط موجوداٌ إنما هو موجود من الموجودات ، وهنا أيضاٌ ، إن الله في حدوده ، من الزاوية الإنطولوجية ومن حيث إن الحدود هي الحدود ، لايمكن أن يتخطى حدود تلك الموجودات . ومن لايتخطى حدود تلك الأشياء وتلك الموجودات :
إن الله لايمكن ، ويستحيل ، أن يتفاصل عن تلك الأشياء وعن تلك الموجودات إلا في حدود الفعل الوظائفي ، كما يتفاصل البنكرياس عن القلب والكبد والكلية في إفراز الإنسولين وتلك الهرمونات والإنزيمات الخاصة به . أي :
إن الله لايمكن أن يكون هو الخالق ، وإن تلك الموجودات وتلك الأشياء هي مخلوقاته ، وإلا لامناص من تصور آخر ، تصور يتخالف جذرياٌ وراديكالياٌ عن تصور السيد .
ثانياٌ : في موضوع أصالة الوجود وربط ذلك بعلاقة الله مع الموجودات والأشياء ، وحسب الرؤيا الأصلية هي إن الله هو خالق تلك الموجودات والأشياء ، وهنا تكمن إشكالية موضوعية في حدود الذهن الإلهي ، نعم في حدود الذهن الإلهي :
ومن حيث المبدأ ، إن هذه الأشياء ، إن هذا الإنسان موجود وحسب تعبيره إن الوجود بدهي بديهي ، فلو كان الأمر بهذا التصور ، سنكون إزاء إحتمالين : الأول إن الله هو الخالق الفعلي لهذه الموجودات ولتلك الأشياء حسب تعبير كن فيكون ، والثاني إن الله قد جرب أن يخلق شيئاٌ سواء على دفعة واحدة أو على دفعات ، فكنا ، وكانت الأشياء ، كنا وكانت بالصدفة من حيث طبيعتنا وطبيعة الأشياء :
والسؤال الآن ، هل يمكن لهذا الإله أن يخلق شيئاٌ في حدود ، لنجرب ، لنر ، لنصحح ، هذا أحسن ، هذا يلزمه بعض الرتوشات الأخيرة ، أم إن الله يخلق الشيء لإنه موجود في ذهنه بطريقة مسبقة ، إذ كيف يمكن أن يقول للشيء كن فيكون دون أن يحصل هذا الشيء في ذهنه ، أو في ، مسبقاٌ ، وهذا يفضي إلى إستنتاج واضح :
إن ماهية الشيء ، تلك الماهية التي تخص هذا الشيء دون سواه وتمنحه ذاته دون سواه ، الإنسان هو الإنسان ، البلبل هو البلبل ، هي أصيلة وتسبق وجود الشيء ، وإلا لكان الفعل الإلهي عبث مابعده عبث ، وإلا :
لأنتفت خاصية وجود الشيء ، وجود الإنسان بطريقة مقصودة ، أي إن وجود الإنسان ليس فعلاٌ كان المراد منه ، من حيث التأصيل ، هذا الوجود البشري ، وهنا تكمن آلاف من الإشكاليات منها :
من جهة ، تغدو الشهادة ، أشهد إن لا إله إلا الله وإن محمداٌ رسول الله ، عديمة المعنى ، وغير صادقة ، لإنها لم تكن مقصودة إلهياٌ بحد ذاتها .
ومن جهة ، لامعنى مطلقاٌ لموضوع الإلوهية ، لإن العلاقة مابين البشر ومابين هذا الإله تغدو في النهاية مقبورة في المبنى ومبقورة في المبنى .
ثالثاٌ : ثم تناقض مابين أصالة الوجود ومابين إن الوجود مضاف إلى ، لإن الوجود المضاف إلى هو وجود غير قائم بذاته إنما يفتقر إلى الموجودات ، إلى الأشياء ، لكي ينوجد ، وهذا لايستقيم مطلقاٌ مع أصالة الوجود التي تدل دلالة قطعية إن الوجود قائم بحدوده وبحده غير مفتقر إلى مايمنحه طبيعته الأصلية الأصيلة .
ثم هناك إشكالية تخلق من إطروحة الوجود المضاف إلى ، لإن هذا يعني إن ذلك الموجود ، أو الشيء ، كان لابد منه لكي يتحقق الوجود ، إذ لولا الموجودات ماكان الوجود ، وهذا يتعارض مع الإطروحة الأولية للسيد كمال الحيدري :
إذ حينما إراد الله أن يخلق ، ماذا خلق ، لو خلق الموجود أولاٌ ، وهو في الحقيقة مضطر أن يخلقه أولاٌ لو صدقت فرضية الخلق ، لأضطر أن يخلقه على الشاكلة الإلهية ، على الطبيعة الإلهية ، دون أن يتمكن أن يمنحه طبيعة خاصة به .
رابعاٌ : يؤكد السيد كمال الحيدري إن الأشياء كلها ، إن الموجودات كلها ، أنت وأنا وهو وهي وكلنا ، والشجر والزرع ، والبلابل والصقور والنسور ، الأنبياء والرسل ، الضباع والسباع والنمور ، كلها كلنا ، كنا في ودائع وخزائن رب العالمين في العالم العلوي ، في عالم الإله ، في عالم البرذخ ، فأراد الله ، هكذا أراد الله بدون مقدمات بدون مسوغ ، أن ينزلنا من عالمه إلى هذا العالم ، فتحقق وجودنا ، تحقق وجود الشجر ، تحقق وجود الأنبياء ، أي قبل هذا التنزيل ، وقبل هذا العالم ، لم يكن وجودنا متحققاٌ . أي :
من طرف ، يؤكد السيد كمال الحيدري إن أنا الشخص لاتتغير مطلقاٌ وهي وحدة واحدة ، ومرتبطة بالماهية إرتباط الواحد بالواحد ،وإذا كان الأمر على هذا النحو فلابد من تحقق الماهية في العالم الإلهي ، وهذا أمر مثبت حتى لديه ، لإنه يؤكد مرة أخرى إن الله له ماهية ، ومركب من وجود وماهية ، والله نفسه كان كذلك ومازال كذلك ، وهذا أمر تام يؤدي إلى إننا كنا متحققين وجودياٌ في ذلك العالم ، أي : إننا لسنا جزء من الله بل نحن الله نفسه ، وماهيتنا هي ليست إلا ماهية هذا الإله ، لإنه من المستحيل أن توجد ماهيتين قديمتين قدم قدمهما .
ومن طرف ثاني ، ثمة إشكالية من نوع مختلف وهي ، إن العالم الإلهي ، العالم البرذخي ، هو العالم الأول ، وهو منزل الله ومنزلنا ومنزلنا كلنا ومنزل الحقيقة الإلهية ومنزل الحقيقة المحمدية ، وهو كان الوحيد الموجود ، وإن عالمنا الآن ، عالمنا السفلي لم يكن موجوداٌ حتماٌ ، أي :
إن الله أراد أولاٌ ، أولاٌ أولاٌ ، أن يبعدنا ، أن يقصينا ، هكذا بدون سبب ، هكذا بدون مسوغات ، هكذا بدون مقدمات ، من ذلك العالم الجميل العالم المشترك العالم العلوي ، ثم ، ثم ثم ، أراد أن يخلق عالماٌ جديداٌ ، عالماٌ آخراٌ ، لينفينا إليه ، وهكذا خلق الله هذا العالم وأنزلنا إليه .
ومن طرف ثالث ، ثمة إشكالية من نوع آخر وهي ، حينما كان الشيطان ، عليه السلام ، في ذلك العالم في عالم البرذخ ، كيف كانت حقيقته ، حقيقته الشيطانية الحالية أم حقيقته الملائكية ، يضرب السيد كمال الحيدري مثالاٌ على تراتبية الشرفية للموجودات قائلاٌ ، كما لا تستوي حقيقة الخلايا الدماغية وحقيقة خلايا الأرجل لاتستوي حقيقة النبي موسى عليه السلام وحقيقة فرعون ، وهذا كلام سخيف مابعده سخافة ومنقوض من زاوية ، كما إن الحقيقة المحمدية سرمدية وسردمية ، حسب زعمه ، فما كان من المفروض أن تتغير حقيقة الشيطان ، لإن ، أي :
في ذلك البرذخ ، في ذلك العالم ، تكون حقيقة الشيء وماهيته ، حقيقة الموجود وماهيته ، في حال صدق الفرضية أصلاٌ ، ليست فقط متطابقتان إنما متماهيتان ومتلازمتان لإنهما تعكس الواحدة الأخرى على الصعيد الإنطولوجي ، وإلا ماهو مسوغ التباين وعدم التوازي .
خامساٌ : ومن أجمل الإشكاليات ، ومن أرقى التناقضات ، إنه يزعم بأصالة الوجود وأصالة الماهية ، فلاهذه صحيحة ولاتلك صادقة ولاحتى الخلق هو الخلق ، إنما هو نوع من الإيجاد ، كيف ذلك :
يؤكد السيد كمال الحيدري إننا كلنا ، العصافير والأشجار والنباتات والحيوان والأنبياء ومحمد ، كنا في الحضرة الإلهية ، في العالم الإلهي ، قبل أن ينزلنا الله تنزيلاٌ إلى هذا العالم السفلي ، وهناك لايمكن إلا أن نكون جزء من هذا الإله ، جزء منه وجودياٌ ، أي جزء من وجوده ، بل جزء من ماهيته أيضاٌ ، فلو كان لنا ماهية خاصة ، ماهية مستقلة ، لما كان الإله إلهاٌ ، أي :
طالما إن السيد كمال الحيدري يستخدم مفردة أنزلنا ، فهو لم يخلقنا على قاعدة كن فيكون ، وطالما إنه لم يخلقنا إنما كنا معه ، فإما للجدل ، كانت لنا ماهية ووجود مستقلة عن ماهيته ووجوده ، أو كنا جزء منه على الصعيدين ، على صعيد الماهية والوجود ، أي كنا جزء من وجوده وجزء من ماهيته :
فإذا كانت لنا ماهية ووجود فنحن كنا آلهات ، مثلنا مثله ، وكان هو في حضرتنا ، وإذا كنا جزء منه على الصعيدين فلماذا ينزلنا إلى هذه العوالم السفلية ، ولماذا ينزل جزءاٌ منه إلى عالم الإغتراب والتوحش ، ألم نكن جزءاٌ منه ، فلماذا ينزل الله أجزاءه وأحتفظ بأجزاء أخرى .
سادساٌ : وفي موضوع التنزيل والإنزال ، يؤكد العلامة كمال الحيدري ، إن وجودنا لم يتحقق إلا هنا ، إلا على هذا العالم من جهة ، ومن جهة أخرى يؤكد إن الله موجود وإن الشجر موجود والمطر موجود وإنه موجود وكلنا موجودن ، ومن جهة ثالثة إن أول ما صادر من الحقيقة الإلهية كان الحقيقة المحمدية ، وهذا :
من زاوية ، إن وجودنا في الحضرة الإلهية كان وجوداٌ ناقصاٌ وليس وجوداٌ تاماٌ وليس وجوداٌ من نوع آخر، لإته لو كان وجوداٌ تاماٌ وحقيقياٌ لما كان أصلاٌ من المكن إنزاله إلى العالم السفلي .
ومن زاوية ثانية ، لو كانت الحقيقة الإلهية حقيقية ، حقيقية في تمامها وفي كمالها ، فكيف يمكن أن تبحث عن حقيقة أخرى ، الحقيقة المحمدية ، حقيقة موازية لها بالعين ، حقيقة متماهية لها في الأول وفي الآخر ، حقيقة متحاكية لها في البنى ، إلا إذا كانت الحقيقتان هما عين الحقيقة بذاتها ، حينها تتحول الحقيقة الثانية إلى حقيقة ربوبية متألهة .
ومن زاوية ثالثة ، لو كانت الحقيقتان صادقتان ، فكيف جهل الله حقيقة نبيه لمدة أكثر من أربعين عاماٌ ، وكيف جهل البني نفسه نبوته وأعتنق المسيحية النصرانية الإبيونية لنفس تلك المدة .
ومن زاوية رابعة ، في الأصل وفي الأصالة لو وجدت خزائن الله وودائعه ، وكنا كلنا فيها ، فمن المستحيل إنطولوجياٌ أن يقوم الله بإنزال هذا المخزون من عالمه الأصلي والأصلي إلى عالم يجافي طبيعة هذا المخزون هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ماذا يكون مصير هذا المخزون فيما بعد يوم القيامة ، هل نبقى هنا أم سيرجعنا الله إلى تلك الخزائن ، وماذا سيكون مصير الشيطان .
سابعاٌ : إذا كان الشيء مقصوداٌ لذاته ، سيكون ذلك موضوع حلقة خاصة ، لكن الآن لابد من القول ، ومن الزاوية الإنطولوجية ، وإنطلاقاٌ من إن الإنسان موجود وجوداٌ فعلياٌ :
فهل أنوجد لإن مطلوب من وجوده شيئاٌ محدداٌ ، شيئاٌ ثابتاٌ ، وإنوجد على طريقة كن فكان لنفس المسوغ ، وإنوجد ضمن حدود المطلق والكلي لمفهوم القصد ، أم إن الطبيعة ، الكون ، مارست ذاتها وأنتجت ما أنتجته ، دون قصد مقصود مع إلغاء محتوى الصدفة ، ومن ذلك النتاج من إنقرض ومن مازال يصمد أمام التحديات الأخرى للطبيعة في تغيراتها التي هي بحد ذاتها جزء من ممارسة الطبيعة لنفسها ، وهكذا :
في الفرض الأول سنكون إزاء آلاف وآلاف من الإشكاليات وهي كافة الإشكاليات لدى السيد كمال الحيدري ولدى غيره ، وفي الفرض الثاني لاتوجد حقيقة خاصة بالوجود الإنساني ، وسيزول حتماٌ من الوجود ، وستستمر الطبيعة في ممارسة ذاتها ضمن حدود تصورنا الخاص بفيزيائية الكون .
ثامناٌ : الحقيقة المحمدية أبدية سرمدية ، وبإقتضاب وجيز ، لو صدقت فرضية الوجود الإلهي ، وهي كاذبة بالمطلق ، فلايمكن مطلقاٌ ومن المستحيل أن توجد حقيقة أخرى غير الحقيقة الإلهية ، بمعنى إن الإله هو هو ، هو الوجود ، هو هو من حيث إن لاهو لاهو بالمطلق ، أي :
في حال وجود هذا الكائن ، فلا الحقيقة المحمدية موجودة ، فلا أنت موجود ولا أنا ، ولا هو ولاهي ، ولا الطبيعة ولا الطيور ولا الحيوان ولا أي شيء على الإطلاق المطلق .
تاسعاٌ : ثمة إشكالية خاصة لدى السيد كمال الحيدري وهي ، إن العدم ليس إلا وجوداٌ لاماهية له ، لو أتينا إلى الجدل لأجل الجدل وفقط لأجل الجدل ، إن هذا العدم هو وجود ، ووجود حقيقي ، من طبيعته ألا تكون له ماهية ، وهذا هو التناقض الحقيقي في مفهوم الفلسفة . وإلى اللقاء في الحلقة السادسة والستين بعد المائة .



#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقض قول الشهادة في الإسلام
- نقض جون ستيوارت ميل
- نقض وجود جهنم في الإسلام
- نقض لودفيغ فيتجنشتاين
- نقض محي الدين بن عربي
- نقض القوانين الهرمسية الكونية السبعة
- نقض مفهوم الجهاد في الإسلام
- نقض إسبينوزا
- نقض موضوع ـ المحلل ـ في الإسلام
- نقض هيجل
- نقض تحريم التبني في الإسلام
- نقض الدين والفلسفة
- نقض ذبح إبراهيم لإبنه في النص الإلهي
- نقض اللاوعي الجمعي لدى كارل يونغ
- نقض وجود الجنة ومحتواها في الإسلام
- نقض مفهوم الدين لدى فراس السواح
- نقض موضوع الزنا في الإسلام
- نقض إطروحات علي حرب البائسة
- نقض المنظومة الفكرية لدى ألبير كامو
- نقض مفهوم الكون لدى هولباخ


المزيد.....




- -الأمر متروك للقضاء-.. أول تعليق من ماكرون بعد احتجاز مؤسس - ...
- لافروف: وقف إطلاق النار في غزة ليس مطلبا جماعيا ملحا وثمة من ...
- مصر.. حسن شاكوش يوجه رسالة لتونس بعد فيديو مثير للجدل
- لليوم الثاني.. خسائر الجيش الأوكراني على محور كورسك تبلغ 400 ...
- شياع السوداني عقب لقاء السيسي في العلمين: سكوت المجتمع الدول ...
- الألعاب البارالمبية ـ من فكرة طوباوية إلى حدث رياضي عالمي
- كييف تقدم لواشنطن لائحة أهداف في روسيا
- -خناجر- روسية تدك مطارات أوكرانية
- الكشف عن حالة ثاني مريض تلقى شريحة ماسك الدماغية
- لافروف: روسيا ترحب بجهود الوساطة السعودية العمانية والإمارات ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض الوجود لدى كمال الحيدري