أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - رسالة بالبريد السريع القلق .. ارجعى يا مصر الينا















المزيد.....


رسالة بالبريد السريع القلق .. ارجعى يا مصر الينا


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 8081 - 2024 / 8 / 26 - 22:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


رسالة بالبريد السريع القلق ...... ارجعى يا مصر الينا
========================================

العزيزة " مصر " ... ترددت كثيرا قبل الكتابة اليك ِ، فأنا أعلم أن الطريق مُلغم بالمتفجرات ، مرصود بعيون الجواسيس عابرى الحدود ، يحجبون عنكِ الرسائل والهدايا
والورود .
ترددت وفكرت ، ربما تغير عنوانك ، مثلما تغير لون عينيك ِ ، من الأخضر المبهج لون الحقول والطيبة ، وأول حضارة للزراعة والكتابة والبناء ، الى الأصفر المتجهم لون الصحراء ، والعنف ، وحضارة الدم والقتل والارهاب . ربما لن تجد رسالتى وسيلة سريعة للوصول ، فقد تم حظر البدع المستحدثة الضالة الكافرة ، السيارات والقطارات والطائرات ، والقوارب ، واستبدالها بالدواب والجِمال والحمير والابل وذكور الخيل والبِغال .
عزيزتى " مصر " ... نبحث عنكِ فى كل مكان ، ولا أحد يدلنا . نصف قرن من الزمان ، وأنتِ مختفية ، نصف قرن من الزمان ، ونحن " حالنا يغم " ، فقد أصبحنا بلا " أم ".
أبلغنا البوليس الدولى ، فاعتذر عن عدم مساعدتنا . فالبحث عن البلاد المفقودة ، لا يبدأ الا بانقضاء قرن من الزمان ، منذ تاريخ الاختفاء .
عزيزتى " مصر " ... أنا على يقين ، أن الاختفاء لم يكن بارادتك . البصمات
المتناثرة هنا وهناك ، الحمض النووى ، آثار الأقدام والأحذية ، لا تتطابق مع خصائص المصريات والمصريين .
لقد تم " اختطافك " ، فى وضح النهار ، أمام الأهل والأقارب والأصدقاء ، بخطة موضوعة عام 1928 ، من أتباع وأنصار الدولة العثمانية المهزومة عام 1923 ، على يد مصطفى كمال أتاتورك .
ومنذ ذلك الحين ، تتجدد الخطة ، ويتغير التكتيك ، وتتبدل ألوان الأقنعة ، ويزيد تدفق الأموال ، لكى يتحقق الحلم ، وتتحولين يا " مصر " ، الى امارة أو ولاية اسلامية ، ضمن امبراطورية دينية كوكبية ، يحكمها الخلفاء والسلاطين وأمراء المؤمنين ، ترفرف عليها رايات الاسلام الوهابى ، وأعلام القبيلة البدوية الكبرى .
هم لا يعترفون بفكرة " الوطن " . الاسلام هو الوطن ، أينما كان . ولا يعترفون بالدولة الحديثة . الدولة هى دولة الخلافة منذ 1450 سنة . يكفرون القوانين الوضعية ، لتنظيم وحماية الحقوق والواجبات والمواطنة . القانون الالهى ، وشريعته ، هما المرجعية
الوحيدة .
يصفونك يا " مصر " ، ب " دار الكفر " ، التى لا تقيم شرع الله ، ولا تطبق حدود
الله . أعلنوا الجهاد ، بكل درجاته ، فريضة واجبة ، لاستعادة الدولة الاسلامية .
مائة عام ، وأنتِ يا " مصر " ، تتعرضين لأكبر سرقة عرفها تاريخ البشر . بخطى دؤوبة لا تيأس ، سرقوا " اسمك " ، سرقوا " ملامحك " ، سرقوا " فنك وابداعك " ، سرقوا
" البهجة فى عيون الأطفال " ، سرقوا " دقات الحب فى قلوب البنات " ، سرقوا " أوراق الحكمة " ، سرقوا " آثار الملكات " . صادروا " وجوه وشعر النساء " ، صادروا " الفرح والأعياد " ، صادروا " الرقص والغِناء ". وأعلنوا للجميع : " البلد مغلق الى حين الانتهاء من الاصلاحات ".
لستِ يا مصر ، " مصرنا " التى عرفناها ، وزهونا بها ، شجرة عميقة الجذور ، تمنح الظل والثمار ، تلهم الابداع والحكمة ، ولِم لا ؟ ، ألم تكتب الأبجديات الأولى ، على صفحة الحضارة ؟؟.
منْ هؤلاء يا " مصر " ، الذين يمشون فى شوارعنا ، يتعلمون ويشتغلون ، يفرضون علينا لغتهم ، وأزياءهم ، وذقونهم ، وأمزجتهم ؟.
منْ نراه اليوم ، ليس الرجل المصرى ، الذى كان يحضر حفلات " أم كلثوم " الخميس الأول من كل شهر . وهذه المتشحة بالسواد ، ليست الفتاة المصرية ، التى كانت ترتدى زى البحر أمام أبيها وأخيها . وتلك المرأة التى تعظ على الشاشات ، ليست المرأة المصرية ، التى اختارت زوجا يدعم اشتغالها بالتمثيل .
فى وقت ما ، كان نجوم المجتمع ، نساء ورجالا ، من أهل الثقافة والأدب والفكر والفن .
واليوم ، يا مصر ، نجومك هم الداعية والشيخ ، والمعالجون بالحجامة وبول البعير ،
والطاردين للجن والعفاريت والأرواح الشريرة .
أبدا يا " مصر " ، لم نصبح نحن المصريات والمصريين ، غرباء فى بلدنا ، كما نشعر الآن . ما أقسى أن يُسرق الوطن ، واللصوص أمامنا يشربون من دمنا ، ومائنا ، وعصارة أعصابنا ، يطفئون سجائرهم فى عيوننا ، " يمرحون " ، و" يتبخترون " ، و" يتكاثرون " ،
" يلوثون " أرضنا ، وبيوتنا ، حتى وصلوا الى شرايين قلوبنا ، و أحبال صوتنا ، وغرف نومنا .
مائة عام ، يضعون لكِ ، يا " مصر " السم فى العسل ، وفى الخبز ، ولبن الأطفال .
مائة عام من التسمم الشامل المتكامل . لا عجب ، أن نصبح فى حالة من " الهزال
الفكرى " و" الاعياء الحضارى " ، تستدعى التدخل العاجل .
لماذا تسكتين يا " مصر " ؟. كيف تسمحين لهم ؟. بالتأكيد ، قاموا باعطائك حقنة مخدرة ،
ممتدة المفعول . فمن المستحيل ، أن يشهد انسان تفاصيل سرقته ، ويبق ساكنا ، متفرجا ،
كأن الأمر لا يعنيه ، الا اذا كان مخدر الوعى ، مسلوب العقل . فما بالنا ، ونحن نتكلم عن
" وطن " بأكمله ، يدرس العالم أسرار وانجازات حضارته .
ما فات قد فات ، ولكل الأوطان عثرات وهفوات . الآن يا " مصر " ، ليس لدينا رفاهية الوقت ، للفُرجة والسكوت . لهذا أكتب اليكِ هذه الرسالة بالبريد " السريع " ، والبريد
" القلق " . ماذا ستفعلين يا " مصرنا " ؟؟.
انهضى يا " مصر " من كبوتك . قومى من نومك ، ارفعى رأسك عاليا ، وافردى قامتك .
ونحن بجانبك ، المصريات والمصريين ، المحبون ، المخلصون للنيل والأهرامات والمومياوات ، أحفاد وحفيدات الجدود والجدات .
هيا ، استردى عقلك ، الذى دفنوه تحت الأرض . وانتزعى هويتك من رمال الصحراء .
اكنسى ، وطهرى ، واغسلى ، ونظفى ، الهواء والأرض والماء ، رُشى المبيدات ، لابادة أقدام الغرباء ، وأدران الدخلاء .
هيا يا " مصر " ، ارجعى " مصرية " كما شاء لكِ التاريخ ، والجغرافيا ، وزهرات اللوتس ، وأوراق البردى .
هيا يا " مصر " ، ارجعى الينا . اشتقنا الى ملامحك الخمرية ، وخصلات شعرك المسافرة على ضوء القمر ، وضحكات البنات وأغنياتهم فى فضاء الأحلام . كم يحن العُشاق الى السهر
على ضفاف النيل ، الآمنة من تحرش الكبت المقدس ، والأوصياء على المعروف والمنكر .
يا " مصرنا " ، الأقزام ، والمتآمرون ، المحتلون ، والمنهزمون ، واللصوص ، وكلاء الدين ، وسماسرة بيع الأوطان بالجملة والقطاعى ، يشمتون فينا . فهل تستسلمين ، ونحن نراهن على افاقتك ؟.
ارجعى الينا ، يا " مصر " ... أنتِ أصيلة ، بنت أصول ، لن تتركينا فى هذه اللحظة الحرجة ، الفارقة . ليس لنا وطن ، الا أنتِ .
ارجعى الينا ، يا " مصر " .. وحشتينا .



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تيد كازينسكى كيف تحول من عبقرى الى مجرم ؟
- - فنسنت فان جوخ - يقتل نفسه و - ثيو فان جوخ - يقتله سلفى جها ...
- اليه أعود .. فى ليلة ممطرة قصيدتان
- تجديد الفكر الدينى يحتاج الى تجديد فى الفكر والثقافة
- المسرحية .. أين قلبى ؟ .. شهوة النكاح ثلاث قصائد
- يعيشون فى القرن الواحد والعشرين بعقلية القرن السابع لشبه الج ...
- فى المطار .. انتحلت شخصيتى قصيدتان
- القرار .. فقط حينها .. الطبيب الشرعى ثلاث قصائد
- أعجز عن النوم مع - الكذب - فى فراش واحد
- وردة دُفنت .. أحبك قصيدتان
- - المصرية اليوم - تهدى باقة ورد الى - المصرى اليوم -
- الوطن المحشور .. خمس قصائد
- شرطة - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر - تتنكر فى شكل- المطو ...
- البئر الملوثة .. قصيدة
- الخطاب الأخلاقى للنساء فقط
- ليس من وظائف الدولة المدنية مكافحة الالحاد والفكر اللادينى
- لماذا مع - التدين بالفطرة - وتضخم - التدين المغروس - انحدرت ...
- الجهر بالافطار فى نهار رمضان من أساسيات الدولة المدنية
- تمهيد التربة لزراعة المواطن الصالح والمواطنة الصالحة
- سرير القهر .. احتياج قصيدتان


المزيد.....




- فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار ...
- دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن ...
- لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
- لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
- قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا ...
- التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو ...
- Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
- اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
- طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح ...
- إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - رسالة بالبريد السريع القلق .. ارجعى يا مصر الينا