أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد بركة - بعد الحرب على العراق خارطة طريق أم لعبة أمريكية اسرائيلية يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني؟















المزيد.....


بعد الحرب على العراق خارطة طريق أم لعبة أمريكية اسرائيلية يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني؟


محمد بركة

الحوار المتمدن-العدد: 533 - 2003 / 7 / 4 - 04:50
المحور: القضية الفلسطينية
    


(عن صحيفة لا ريناسيتا الاشتراكية في ايطاليا )
 قررت حكومة اسرائيل يوم الاحد 25/5/2003 قبول "خارطة الطريق" ولكن ليس قبل ان تضع عددا من العصي في عجلة التقدم نحو أي أفق سياسي.
ليس سرا أن خارطة الطريق لا تمثل طموحات وحقوق الشعب الفلسطيني ولكنها الأمر الوحيد المطروح دوليا في هذه المرحلة للخروج من دوامة الدم.
معروف انه يشارك في حكومة اسرائيل اليمينية برئاسة شارون حزب "الاتحاد القومي" الذي يدعو الى الترانسفير، اي الى تهجير العرب الفلسطينيين من وطنهم، كما يشارك في هذه الحكومة حزب آخر (حزب المفدال) وهو حزب المستوطنين في المناطق الفلسطينية المحتلة وهذان الحزبان عارضا خارطة الطريق في داخل الحكومة، ولكن هذا الأمر، وهو في عقيدتهم "تنازل عن ارض اسرائيل التاريخية الكاملة"، لم يدفعهما الى الانسحاب من الحكومة.
فما الذي يدفعهما الى البقاء في الحكومة؟
انهما يعلمان وربما يملكان تطمينات من رئيس الحكومة شارون بأن هذه الموافقة هي موافقة كلامية ولا تحمل أي مضمون عملي.
ينطلق شارون من ثلاث دوافع مركزية للموافقة المشروطة على خطة الطريق:
1. يريد المحافظة على العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، لذلك فانه يرغب ايضا في مساعدة الادارة الامريكية على امتصاص الغضب الكبير في العالم العربي بعد الحرب ضد العراق، لان هذا هو ايضا مصلحة اسرائيلية ايضا.
2. يريد شارون ان يواصل سياسته القمعية والاستيطانية على الارض الفلسطينية، وتبنيه المشروط للخطة سيخفف من الضغط الدولي والمحلي عليه.
3. يريد شارون ان يحصل على أموال الضمانات الامريكية بقيمة عشرة مليارات دولار، وخاصة على خلفية الازمة الاقتصادية الحادة في اسرائيل، وانهيار الاستثمارات الخارجية في اسرائيل وارتفاع نسبة البطالة (11.3%) والنمو الاقتصادي السلبي (1%-) وتزايد عدد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر، علما بأن نصف القوى العاملة في اسرائيل تتلقى أقل من الحد الادنى من الاجور.
على الرغم من ذلك فقد أكدت حكومة شارون في قرارها قبول خطة الطريق، على تمسكها بـ 14 تحفظا قدمتها اسرائيل الى الولايات المتحدة، حيث اكد شارون ان هذه التحفظات تعتبر خطا أحمرا لا يمكن لحكومته أن تتجاوزه.
بالامكان اختصار هذه التحفظات بالنقاط التالية:
1. اشتراط تنازل الفلسطينيين عن حق العودة للاجئين الفلسطينين (الذين يشكلون 62% من ابناء الشعب الفلسطيني) وذلك كشرط يسبق أي تفاوض.
2. اخراج موضوع المبادرة السعودية (المبادرة العربية) من خطة الطريق، هذه المبادرة التي عرضت على اسرائيل سلاما كاملا مع كل الدول العربية، مقابل انسحاب كامل من الاراضي العربية التي احتلتها اسرائيل عام 1967. علماَ بأن المبادرة العربية مذكورة بشكل غير ملزم في خارطة الطريق، ولكن حكومة اسرائيل تريد التأكيد سلفا أن فكرة الانسحاب الكامل من الاراضي غير واردة، حتى لو كان ذلك مقابل سلام مع كل الدول العربية.
3. قد تتظاهر حكومة شارون بأنها لن تبني في المستوطنات، حسبما هو وارد في خارطة الطريق، ولكنها في الوقت نفسه ترفض حل المستوطنات في المناطق المحتلة، التي تسيطر على اجزاء كبيرة من اراضي هذه المناطق، وتمنع اي تواصل جغرافي بين المدن والتجمعات السكانية الفلسطينية، وتجعل امكانية اقامة دولة فلسطينية قادرة على الحياة أمرا مستحيلا.
4. ترفض حكومة شارون اي تفاوض حول الانسحاب من القدس الشرقية المحتلة، التي من المفترض ان تكون عاصمة الدولة الفلسطينية.
5. تشترط اسرائيل في آلية التفاوض وتنفيذ خارطة الطريق ان يكون التزامها بما هو مطلوب منها مرهون ومشروط بأن يقوم الجانب الفلسطيني بالتزاماته حسبما تفهمه وتقرره اسرائيل، وبالأساس في موضوع ما يسمى بـ "مكافحة الارهاب" والذي يجب ان تقوم به الحكومة الفلسطينية. بمعنى دفع الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الاسرائيلي الى حرب أهلية، وتعطي خارطة الطريق الامكانية لحكومة اسرائيل لكي تتبنى هذا التوجه حيث ورد فيها: "لن يتحقق حل الدولتين للصراع الاسرائيلي الفلسطيني الا من خلال انهاء العنف والارهاب، وان ذلك سيحدث عندما يحظى الشعب الفلسطيني بقيادة تعمل بحسم ضد الارهاب".
وهذا الكلام يعني التركيز على الامن الاسرائيلي ويعتدي على حق الشعب الفلسطيني في ان يقرر من تكون قيادته، وليس على انهاء الاحتلال الاسرائيلي الذي يشكل المستنقع الذي ينمو عليه العنف والارهاب. وهذا يعني ان التبادلية التي يجري الحديث عنها هي بمثابة شروط أمرية اسرائيلية.

* * *

كان لابد من هذه البداية لنربط ما تقدم بموقف أوساط مركزية في الادارة الحالية في الولايات المتحدة، حيث أكدت مستشارة الامن القومي كوندوليسا رايس أن أحد أهم أهداف السياسة الامريكية هي المحافظة على أمن اسرائيل. كما أكد صقور البيت الابيض تشيني ورامسفيلد واشكورت وكوندليسا رايس، وبوش بنفسه، أن أحد أهم أهداف الحرب على العراق هي المحافظة على أمن اسرائيل.
لا بل أن سفير الولايات الامريكية في اسرائيل دان كيرتسر كان قد صرح (على لسان صحيفة معاريف الاسرائيلية) مخاطبا وزراء في حكومة شارون: "لا تكترثوا بخارطة الطريق، انها ليست ذات صلة" ولذلك فان تحرك الادارة الامريكية وخارطة الطريق ورؤية بوش تنطلق من هذه الفرضية الاستراتيجية.
ولكن أكثر من ذلك يمكن القول أن موقع اسرائيل كقوة عسكرية ضاربة في الشرق الأوسط قد ازداد اهمية في اطار استراتيجية البيت الابيض الكونية والاقليمية ولذلك فالمراهنة على ضغط امريكي جدي على حكومة اسرائيل للوصول الى حل عادل للقضية الفلسطينية هي مراهنة غير مضمونة على الاطلاق.
وعليه لا مناص من الاستنتاج بأن تعنت حكومة اسرائيل يعني بالضرورة موافقة الولايات المتحدة الضمنية على الممارسات الاسرائيلية، لان الادارة الامريكية قادرة على فرض ارادتها على حكومة اسرائيل ولكن هذه الادارة غير معنية في ضعضعة "قدرة الردع" الاسرائيلية في المنطقة.
الى جانب ذلك ليس من المستبعد ان يجري التقدم عدة خطوات في الموضوع الامني، وربما في اتجاه المرحلة الثانية من خارطة الطريق، وهي اعلان دولة فلسطينية موقتة في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية دون سيادة ودون حدود او علاقات خارجية، او علاقات اقتصادية ودون اي تواصل جغرافي بين مناطقها المختلفة.
وهذه الدولة الموقتة ستقوم- اذا قامت- على 42% من الاراضي المحتلة عام 1967، هذه الاراضي التي تشكل 22% من فلسطين التاريخية، وبعد ذلك سوف يتوقف الضخ في انبوب السلام الامريكي، لان اسرائيل لا تملك اي موقف ايجابي في قضايا الحل الدائم او المرحلة الثالثة في خارطة الطريق: القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات.
وهذا يعني تحويل اتفاقيات أوسلو المرحلية الى حل دائم، وهذا الى جانب محاولات دؤوبة لدحرجة الصراع، اما في المساحة بين رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية المنتخب ياسر عرفات وبين رئيس الحكومة ابو مازن، او بين السلطة الفلسطينية وبين تيارات المعارضة، لتحميل الطرف الفلسطيني مسؤولية افشال التقدم في عملية السلام.
وتصبح الدولة الفلسطينية الموعودة عام 2005 في خارطة الطريق مجرد وهم بعيد، تطلقه الادارة الامريكية في ايام ما بعد الحرب على العراق، وما قبل واثناء الحرب على العراق فقط من اجل امتصاص نقمة وغضب الشارع العربي على الموقف الامريكي .
تتحرك الادارة الامريكية وحكومة اسرائيل بعد الحرب على العراق من خلال هيكلية تعتمد على القانون الجديد، الذي تحاول الولايات المتحدة ان تفرضه على العالم، وهو: من لا ينصاع للمصالح السياسية والاقتصادية الامريكية في اي منطقة في العالم فهو معرّض لهجوم عسكري ولحصار اقتصادي امبريالي امريكي.
وما الحديث عن الرباعية، (الولايات المتحدة وروسيا واوروبا والامم المتحدة) كشريكة في عملية السلام، الا مجرد تضليل، لان الموقف في النهاية هو لصالح المصالح الامبريالية الامريكية، وهذا ما ثبت قبيل الحرب في العراق، حيث لم تأبه أمريكا لمعارضة اوروبا وروسيا، وخاضت حربها العدوانية دون قرار وموافقة الامم المتحدة .
في تلخيص الامور، فإن الحماس الامريكي لطرح خارطة الطريق لم يكن نابعا من الرغبة في تخليص الشعب الفلسطيني من الاحتلال ومن المأساة التي يعيشها اللاجئون، انما من أجل طرح وجه امريكي آخر في المنطقة العربية، خلافا للوجه الامريكي القبيح في العراق ومن أجل تحسين اوضاع حليفتها حكومة اسرائيل في المنطقة العربية .
وعلى الرغم من ذلك فهناك بعض الأبواق الموالية لامريكا، علنا او ضمنا، التي تحاول ان تروّج ان هذه الساعة هي الساعة الرائعة للشعب الفلسطيني، وانه بعد الحرب على العراق نشأ وضع دولي يلح على حلّ القضيةّ الفلسطينية، وان هذه القضية لم تكن يوماَ في وضع أفضل على الصعيد الدولي.
هذه الابواق، ومنها من ينشط بين العرب وفي اوساط الشعب الفلسطيني، كانت تبحث دائما عن مكانها في الهيكلية الفكرية التي تروج لها امريكا، وتعمل على شتلها في نواح مختلفة من العالم بقناع مؤسسات المجتمع المدني، لاقتلاع الفكر المضاد للامبريالية ووجهة النظر الشمولية الثورية تارة، وبالترويج للخصخصة الاقتصادية للقطاع العام على الصعيد القومي، وتبني التكافل الاقتصادي الكوني لرأس المال تحت يافطة العولمة تارة اخرى، وكل ذلك بعد أن نفقت مقولة نهاية الايديولوجيات ولم تعد رائجة في السوق.
ولكن يبقى التوازن الحقيقي المطلوب للوصول الى حل القضية الفلسطينية والى سلام يضمن مصالح جميع شعوب المنطقة مرهون بالنضال العادل للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، وبرفضه لكل الاساليب التي تشوه نضاله وبالاساس العمليات التفجيرية ضد المدنيين ومرهون ايضا بنضال قوى السلام اليهودية والعربية في اسرائيل وبموقف آخر للعالم العربي يكون مبنيا ليس على التبعية للولايات المتحدة، انما على توازن مصالح حقيقي مع كل دول العالم بما فيها الولايات المتحدة، ومرهون بموقف دولي حازم ضد الاحتلال والعدوان والغطرسة الاسرائيلية، وضد الدعم الامريكي لهذا النهج العدواني.

(هذا المقال كتب بالاساس لصحيفة لا ريناسيتا الاشتراكية في ايطاليا) بعد الحرب على العراق
خارطة طريق أم لعبة أمريكية اسرائيلية يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني؟
بقلم: محمد بركة
(عن صحيفة لا ريناسيتا الاشتراكية في ايطاليا )
 قررت حكومة اسرائيل يوم الاحد 25/5/2003 قبول "خارطة الطريق" ولكن ليس قبل ان تضع عددا من العصي في عجلة التقدم نحو أي أفق سياسي.
ليس سرا أن خارطة الطريق لا تمثل طموحات وحقوق الشعب الفلسطيني ولكنها الأمر الوحيد المطروح دوليا في هذه المرحلة للخروج من دوامة الدم.
معروف انه يشارك في حكومة اسرائيل اليمينية برئاسة شارون حزب "الاتحاد القومي" الذي يدعو الى الترانسفير، اي الى تهجير العرب الفلسطينيين من وطنهم، كما يشارك في هذه الحكومة حزب آخر (حزب المفدال) وهو حزب المستوطنين في المناطق الفلسطينية المحتلة وهذان الحزبان عارضا خارطة الطريق في داخل الحكومة، ولكن هذا الأمر، وهو في عقيدتهم "تنازل عن ارض اسرائيل التاريخية الكاملة"، لم يدفعهما الى الانسحاب من الحكومة.
فما الذي يدفعهما الى البقاء في الحكومة؟
انهما يعلمان وربما يملكان تطمينات من رئيس الحكومة شارون بأن هذه الموافقة هي موافقة كلامية ولا تحمل أي مضمون عملي.
ينطلق شارون من ثلاث دوافع مركزية للموافقة المشروطة على خطة الطريق:
1. يريد المحافظة على العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، لذلك فانه يرغب ايضا في مساعدة الادارة الامريكية على امتصاص الغضب الكبير في العالم العربي بعد الحرب ضد العراق، لان هذا هو ايضا مصلحة اسرائيلية ايضا.
2. يريد شارون ان يواصل سياسته القمعية والاستيطانية على الارض الفلسطينية، وتبنيه المشروط للخطة سيخفف من الضغط الدولي والمحلي عليه.
3. يريد شارون ان يحصل على أموال الضمانات الامريكية بقيمة عشرة مليارات دولار، وخاصة على خلفية الازمة الاقتصادية الحادة في اسرائيل، وانهيار الاستثمارات الخارجية في اسرائيل وارتفاع نسبة البطالة (11.3%) والنمو الاقتصادي السلبي (1%-) وتزايد عدد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر، علما بأن نصف القوى العاملة في اسرائيل تتلقى أقل من الحد الادنى من الاجور.
على الرغم من ذلك فقد أكدت حكومة شارون في قرارها قبول خطة الطريق، على تمسكها بـ 14 تحفظا قدمتها اسرائيل الى الولايات المتحدة، حيث اكد شارون ان هذه التحفظات تعتبر خطا أحمرا لا يمكن لحكومته أن تتجاوزه.
بالامكان اختصار هذه التحفظات بالنقاط التالية:
1. اشتراط تنازل الفلسطينيين عن حق العودة للاجئين الفلسطينين (الذين يشكلون 62% من ابناء الشعب الفلسطيني) وذلك كشرط يسبق أي تفاوض.
2. اخراج موضوع المبادرة السعودية (المبادرة العربية) من خطة الطريق، هذه المبادرة التي عرضت على اسرائيل سلاما كاملا مع كل الدول العربية، مقابل انسحاب كامل من الاراضي العربية التي احتلتها اسرائيل عام 1967. علماَ بأن المبادرة العربية مذكورة بشكل غير ملزم في خارطة الطريق، ولكن حكومة اسرائيل تريد التأكيد سلفا أن فكرة الانسحاب الكامل من الاراضي غير واردة، حتى لو كان ذلك مقابل سلام مع كل الدول العربية.
3. قد تتظاهر حكومة شارون بأنها لن تبني في المستوطنات، حسبما هو وارد في خارطة الطريق، ولكنها في الوقت نفسه ترفض حل المستوطنات في المناطق المحتلة، التي تسيطر على اجزاء كبيرة من اراضي هذه المناطق، وتمنع اي تواصل جغرافي بين المدن والتجمعات السكانية الفلسطينية، وتجعل امكانية اقامة دولة فلسطينية قادرة على الحياة أمرا مستحيلا.
4. ترفض حكومة شارون اي تفاوض حول الانسحاب من القدس الشرقية المحتلة، التي من المفترض ان تكون عاصمة الدولة الفلسطينية.
5. تشترط اسرائيل في آلية التفاوض وتنفيذ خارطة الطريق ان يكون التزامها بما هو مطلوب منها مرهون ومشروط بأن يقوم الجانب الفلسطيني بالتزاماته حسبما تفهمه وتقرره اسرائيل، وبالأساس في موضوع ما يسمى بـ "مكافحة الارهاب" والذي يجب ان تقوم به الحكومة الفلسطينية. بمعنى دفع الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الاسرائيلي الى حرب أهلية، وتعطي خارطة الطريق الامكانية لحكومة اسرائيل لكي تتبنى هذا التوجه حيث ورد فيها: "لن يتحقق حل الدولتين للصراع الاسرائيلي الفلسطيني الا من خلال انهاء العنف والارهاب، وان ذلك سيحدث عندما يحظى الشعب الفلسطيني بقيادة تعمل بحسم ضد الارهاب".
وهذا الكلام يعني التركيز على الامن الاسرائيلي ويعتدي على حق الشعب الفلسطيني في ان يقرر من تكون قيادته، وليس على انهاء الاحتلال الاسرائيلي الذي يشكل المستنقع الذي ينمو عليه العنف والارهاب. وهذا يعني ان التبادلية التي يجري الحديث عنها هي بمثابة شروط أمرية اسرائيلية.

* * *

كان لابد من هذه البداية لنربط ما تقدم بموقف أوساط مركزية في الادارة الحالية في الولايات المتحدة، حيث أكدت مستشارة الامن القومي كوندوليسا رايس أن أحد أهم أهداف السياسة الامريكية هي المحافظة على أمن اسرائيل. كما أكد صقور البيت الابيض تشيني ورامسفيلد واشكورت وكوندليسا رايس، وبوش بنفسه، أن أحد أهم أهداف الحرب على العراق هي المحافظة على أمن اسرائيل.
لا بل أن سفير الولايات الامريكية في اسرائيل دان كيرتسر كان قد صرح (على لسان صحيفة معاريف الاسرائيلية) مخاطبا وزراء في حكومة شارون: "لا تكترثوا بخارطة الطريق، انها ليست ذات صلة" ولذلك فان تحرك الادارة الامريكية وخارطة الطريق ورؤية بوش تنطلق من هذه الفرضية الاستراتيجية.
ولكن أكثر من ذلك يمكن القول أن موقع اسرائيل كقوة عسكرية ضاربة في الشرق الأوسط قد ازداد اهمية في اطار استراتيجية البيت الابيض الكونية والاقليمية ولذلك فالمراهنة على ضغط امريكي جدي على حكومة اسرائيل للوصول الى حل عادل للقضية الفلسطينية هي مراهنة غير مضمونة على الاطلاق.
وعليه لا مناص من الاستنتاج بأن تعنت حكومة اسرائيل يعني بالضرورة موافقة الولايات المتحدة الضمنية على الممارسات الاسرائيلية، لان الادارة الامريكية قادرة على فرض ارادتها على حكومة اسرائيل ولكن هذه الادارة غير معنية في ضعضعة "قدرة الردع" الاسرائيلية في المنطقة.
الى جانب ذلك ليس من المستبعد ان يجري التقدم عدة خطوات في الموضوع الامني، وربما في اتجاه المرحلة الثانية من خارطة الطريق، وهي اعلان دولة فلسطينية موقتة في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية دون سيادة ودون حدود او علاقات خارجية، او علاقات اقتصادية ودون اي تواصل جغرافي بين مناطقها المختلفة.
وهذه الدولة الموقتة ستقوم- اذا قامت- على 42% من الاراضي المحتلة عام 1967، هذه الاراضي التي تشكل 22% من فلسطين التاريخية، وبعد ذلك سوف يتوقف الضخ في انبوب السلام الامريكي، لان اسرائيل لا تملك اي موقف ايجابي في قضايا الحل الدائم او المرحلة الثالثة في خارطة الطريق: القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات.
وهذا يعني تحويل اتفاقيات أوسلو المرحلية الى حل دائم، وهذا الى جانب محاولات دؤوبة لدحرجة الصراع، اما في المساحة بين رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية المنتخب ياسر عرفات وبين رئيس الحكومة ابو مازن، او بين السلطة الفلسطينية وبين تيارات المعارضة، لتحميل الطرف الفلسطيني مسؤولية افشال التقدم في عملية السلام.
وتصبح الدولة الفلسطينية الموعودة عام 2005 في خارطة الطريق مجرد وهم بعيد، تطلقه الادارة الامريكية في ايام ما بعد الحرب على العراق، وما قبل واثناء الحرب على العراق فقط من اجل امتصاص نقمة وغضب الشارع العربي على الموقف الامريكي .
تتحرك الادارة الامريكية وحكومة اسرائيل بعد الحرب على العراق من خلال هيكلية تعتمد على القانون الجديد، الذي تحاول الولايات المتحدة ان تفرضه على العالم، وهو: من لا ينصاع للمصالح السياسية والاقتصادية الامريكية في اي منطقة في العالم فهو معرّض لهجوم عسكري ولحصار اقتصادي امبريالي امريكي.
وما الحديث عن الرباعية، (الولايات المتحدة وروسيا واوروبا والامم المتحدة) كشريكة في عملية السلام، الا مجرد تضليل، لان الموقف في النهاية هو لصالح المصالح الامبريالية الامريكية، وهذا ما ثبت قبيل الحرب في العراق، حيث لم تأبه أمريكا لمعارضة اوروبا وروسيا، وخاضت حربها العدوانية دون قرار وموافقة الامم المتحدة .
في تلخيص الامور، فإن الحماس الامريكي لطرح خارطة الطريق لم يكن نابعا من الرغبة في تخليص الشعب الفلسطيني من الاحتلال ومن المأساة التي يعيشها اللاجئون، انما من أجل طرح وجه امريكي آخر في المنطقة العربية، خلافا للوجه الامريكي القبيح في العراق ومن أجل تحسين اوضاع حليفتها حكومة اسرائيل في المنطقة العربية .
وعلى الرغم من ذلك فهناك بعض الأبواق الموالية لامريكا، علنا او ضمنا، التي تحاول ان تروّج ان هذه الساعة هي الساعة الرائعة للشعب الفلسطيني، وانه بعد الحرب على العراق نشأ وضع دولي يلح على حلّ القضيةّ الفلسطينية، وان هذه القضية لم تكن يوماَ في وضع أفضل على الصعيد الدولي.
هذه الابواق، ومنها من ينشط بين العرب وفي اوساط الشعب الفلسطيني، كانت تبحث دائما عن مكانها في الهيكلية الفكرية التي تروج لها امريكا، وتعمل على شتلها في نواح مختلفة من العالم بقناع مؤسسات المجتمع المدني، لاقتلاع الفكر المضاد للامبريالية ووجهة النظر الشمولية الثورية تارة، وبالترويج للخصخصة الاقتصادية للقطاع العام على الصعيد القومي، وتبني التكافل الاقتصادي الكوني لرأس المال تحت يافطة العولمة تارة اخرى، وكل ذلك بعد أن نفقت مقولة نهاية الايديولوجيات ولم تعد رائجة في السوق.
ولكن يبقى التوازن الحقيقي المطلوب للوصول الى حل القضية الفلسطينية والى سلام يضمن مصالح جميع شعوب المنطقة مرهون بالنضال العادل للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، وبرفضه لكل الاساليب التي تشوه نضاله وبالاساس العمليات التفجيرية ضد المدنيين ومرهون ايضا بنضال قوى السلام اليهودية والعربية في اسرائيل وبموقف آخر للعالم العربي يكون مبنيا ليس على التبعية للولايات المتحدة، انما على توازن مصالح حقيقي مع كل دول العالم بما فيها الولايات المتحدة، ومرهون بموقف دولي حازم ضد الاحتلال والعدوان والغطرسة الاسرائيلية، وضد الدعم الامريكي لهذا النهج العدواني.

(هذا المقال كتب بالاساس لصحيفة لا ريناسيتا الاشتراكية في ايطاليا)


نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/

 



#محمد_بركة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شارون والمواطنون العرب والزمن الاسود
- العبرة الاساس من الدرس النازي:ان لا يكون هناك ضحايا ..وان لا ...


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد بركة - بعد الحرب على العراق خارطة طريق أم لعبة أمريكية اسرائيلية يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني؟