أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عزيز صادق سنبه - مَدى إستِيفاء تسبيب الأحكام لدى المحكمة الإتحادية العليا














المزيد.....

مَدى إستِيفاء تسبيب الأحكام لدى المحكمة الإتحادية العليا


عزيز صادق سنبه

الحوار المتمدن-العدد: 8081 - 2024 / 8 / 26 - 17:22
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


مِن المَبادئ الأساس للقراراتِ القضائيَّة انْ يَتضمَّن الأسبابَ التي دَفعتْ المَحكَمَة لاتّخاذ الحُكم ووفِقاً للمادّة 159 مِن قانون المُرافعات المدنيَّة ((1-يَجب انْ تَكون الاحكام مُشتملة على الاسباب التي بُنيَت عَليها وانْ تَستَند إلى أحد أسباب الحُكم المُبيَّنة في القانون.)). فُقهاء القانون مُتفقون بانَّ حَقيقة القرار القَضائي هو "التَسبيب والتَبرير الذي تَستند لهُ" فهوَ جَوهر وأساس ومُرتَكز القرار. وعَدم "إشتِمال" الحُكم عَلى "الأسباب" تَضعهُ في زَوايةِ القَرارات المُخالفة لِلقانون لِفقدانِه رُكناً مِن أركانِه. وعِند الاطلاع عَلى قَرار المَحكَمَة الإتّحاديَّة العُليا ذي العدد (153/اتحادية/امر ولائي/2023) الذي طَلب فيهِ رَئيس الوزراءِ إيقاف تَنفيذ الفَقرات القانونيَّة المَطعون فِيها في قانون المُوازنة لِعام 2023، نَجد انَّ المَحكَمَة قدْ أغفَلت تَقديم الأسباب التي يَتطلّبها القَرار حِين وافقتْ عَلى إيقافِ تَنفيذ المَواد (28/رابعا/أ، ب و57/أولا/ج و65/ثانيا و70/ثانيا و71 و75) ورَفضت أخرى، واكتَفت تَبريراً بانَّ وَقف التنفيذ -لِبعض المَواد-لايُؤدّي إلى الدخول إلى أصل الحقّ ولايُؤدي إلى إعطاءِ رأي مُسبق وهُما شَرطان يَتطلَّب تَحقيقهما لإصدار الأمر الولائي، كَما بَررَّت بانَّ غايَة الإيقاف تَدارك الآثار الناتِجة عَن تَنفيذ الفَقرات فيما لَو نفَّذتْ، والتي لايُمكن تَجنّبها فيما لو حَكمتْ بِعدم الدستوريَّة، الّا انَّ المَحكَمَة لمْ تُبيّن كيفَ لايُمكن تَدارك الآثار عِندَ التنفيذ؟ فَما جاءَتْ بهِ المَحكَمَة "إدّعاء" ولَيس "تَسبيباً"، فهي تدّعي انَّ التَنفيذ سيُؤدّي إلى نَتائِج قَدْ لايُمكن مُعالجَتها، ولَم تُوضّح...كَيف؟. فتَجاهَلت تَقديم التسبيب، واكتَفت في عَرض المادَّة القانونيَّة التي وَضعتْ شًروطاً لإصدارِ الأمر الوَلائي، وهذا شَيء والأسبابُ التي تُبيّن فيها المَحكَمَة المٌؤدّى الذي جَعل رُؤية المَحكَمَة تتَّجه لتَطبيق هذهِ المادَّة شيءٌ آخر، فالتَسبيب هو "الإقناع"وِفقاً لِربط الأسبابِ بمسبّباتِها.
ولوْ اطّلعنا عَلى مُحتوى الفَقرات التي أوقَفتها عَن التَنفيذ والتي تَدّعي المَحكَمَة انَّ تَنفيذها قَد يَنتج آثاراً لايُمكن تَداركها لَوجدْنا حَقيقةً أخرى خِلاف ماتدّعي بالنسبةِ لِبعض المَواد، فقدْ تمَّ تَوقيف مادّة تَتَضمَن إستِقطاعاتٍ مِن رَواتِب المُوظفين بِنسبٍ مَحددةٍ، لِصالح جِهات حُكوميَّة، والسؤال ماذا لوْ تمَّ تَنفيذ هذهِ الفَقرات وتمَّ الاستِقطاع ألايُمكنْ إعادتَها للمُوظفينَ فيما لوْ حَكمتْ لاحقاً بِعدم الدستوريَّة؟ والإجابة نَعم يُمكن ذلكَ، بدليلِ انَّ الحُكومة عام 2016 وفي شدّة الازمَة الماليَّة عَملت عَلى إستقطاعاتٍ مِن رَواتب المُوظفين بِنسبة 3% خصّصتها للنازحينَ والحَشد الشعبي، ثمَّ قَرّر مَجلس الوزراء الغاءَها بَعد مُدّة، وإعادةَ الاستقطاعات الأخيرة قَبل صُدور القَرار، وبالفعل تمَّ إعادة هذهِ المَبالغ للمُوظفين، مِن ثمَّ فَلا آثار لايُمكن تَداركها في هذا الجانِب. فادّعاء المَحكَمَة بِذلكَ لايَرقَ سَبباً لانَّ المٌعطيات لاتَدعمه. في وقتٍ رَفضتْ المَحكَمَة إيقاف فَقرات عَلى وجهٍ يُناقض ما جاءَ في تَسبيباتِها، وكانَ مِن الضروري إيقاف تنفيذها لانَّ تَطبيقها سيُنتج آثاراً لايُمكن تَدراكها، مِن قَبيل المادتين62/رابعا و63/ثالثاً اللتين مَنحتا كلّ مِن مَجلس النوّاب ومَجلس القضاءِ الأعلى والمَحكَمَة الإتّحاديَّة العُليا صلاحيَّة التعيين والتعاقد بَعد انْ قرَّرت المادَّة 14/رابعا/أ مِن قانون المُوازنة مَنع ذلكَ بالمُطلق. وهذا الرفض يَدعو إلى الغَرابة، لانَّه جَعل القَرار يَبدو مُتناقضاً، فمنِ جِهةٍ يُوافق عَلى إيقاف بَعض البنود، في الوَقت نَفسه يَرفض أخرى عَلى الرغم مِن انَّ تَنفيذها سَينتجُ وَضعاً لايُمكن تَداركهُ.
انَّ التسبيبات التي تُقدّمها المَحكَمَة في قَراراتها لاتَرتقي إلى إقناع المُتخصّصيين القانونيّين بانَّه تَسبيب مستوفياً للقرار، لِخلوهِ مِن الحُجّة والبُرهان، فالمَحكَمَة بدَت كانَّها تُخاطب نَفسها ولَيس الآخرين والباحثين عَن التسبيب الحقيقي. ممّا يَتطلّب مِنها مُراجعة هذا النَمط مِن الخِطاب وتَغييرهُ، لانَّ الباحثينَ والدارسينَ لقراراتِ القضاءِ الدستوري العِراقي ستَتَبلور قَناعتهم بانَّها مُتناقِضة، وهذا التناقضُ سيَقود إلى استدلالٍ مُهم هو انَّ المَحكَمَة لاتَعتمد المَعايير القانونيَّة ومَبادِئها عَلى وَجه مُطلق عِند تَكييفها للمُوضوعات المَنظورة، انّما خاضِع للتقديراتِ الشخصيَّة للمَحكمَة ولَيس الموضوعيَّة.
ومن جِهة أخرى وكَما قُلناها مِراراً وتِكراراً فيما يَتعلّق "بإتّفاق" أعضاء المَحكَمَة باجمَعهم عَلى القَرار، دونَ انْ يُخالف عضو واحد رأي الاكثريَّة، فمِن المُستَغرب جداً، كَيف انَّ تَسعة أعضاءٍ "يَتّفقون" عَلى القرار شِكلاً ومَوضوعاً مَع ما فيهِ مِن تَفاصيل مُهمّة ودَقيقة تَدعو إلى الاجتهادِ في تَفسير النصوصِ وتَكييف الوقائِع، والأهم الإتّفاق عَلى "التسبيب" ؟ كَيف لَمْ يَلتَفتْ عُضوٌ واحدٌ على الأقل بانَّ القرار يَخلو مِن التسبيب ومُكتفٍ "بالاستِناد للمادّة"فقط ولَيس لِلحجّة. انّ مُراجعة قَراراتِ المَحكَمَة التي تتعلَّق بالاوامر الولائيَّة، سنَجد جَميعها على هذا النَمط مِن ذِكر الاسباب، ولو انّ هُناك جِهة تَمييزيَّة عَلى نَحو ما مَعمول بهِ في المَحاكم الاعتياديَّة لنَقضت جَميع هذهِ القَرارات لتخلّف "التسبيب".



#عزيز_صادق_سنبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لَو كُنتُ عُضواً في المَحكَمة الاتّحاديَّة العُليا...لَكانَ ...
- دورُ الحُكومة في تَنفيذ القَرارات القضائيَّة ضد الارهابيّن
- المَحكمة الاتحاديَّة العُليا تُوقف المادة 71 -إنهاء الإدارة ...


المزيد.....




- استغلوا الضباب الكثيف.. مئات المهاجرين يصلون سبتة من المغرب ...
- هيومان رايتس ووتش: عرقلة إسرائيل لوصول المساعدات تزيد من تفش ...
- -عائلات تقضي يومها بلا طعام-.. مفوضية الأمم المتحدة لحقوق ال ...
- المحرر سامر مِتعب: علمتُ عن رحيل أمي بالصدفة وهذا حال الأسرى ...
- الاحتلال يستمر في القتل الجماعي وتقليص “المنطقة الإنسانية” و ...
- الأونروا: توقف 15 بئر مياه عن العمل في دير البلح بسبب العملي ...
- السعودية.. وزارة الداخلية تعلن إعدام الربيعي قصاصا وتكشف جري ...
- وسائل إعلام: قراصنة يهاجمون المواقع الإلكترونية الحكومية الف ...
- منظمات حقوقية تطالب الاتحاد الأوروبي بالضغط على إسرائيل
- -هيومن رايتس ووتش- تتهم إسرائيل بـ-احتجاز وتعذيب- كوادر طبية ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عزيز صادق سنبه - مَدى إستِيفاء تسبيب الأحكام لدى المحكمة الإتحادية العليا