أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كاظم محمد - مسرحية الأطفال (حدث في مزرعة) الموجهة للأعمار من (8-12 سنة)















المزيد.....



مسرحية الأطفال (حدث في مزرعة) الموجهة للأعمار من (8-12 سنة)


محمد كاظم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8082 - 2024 / 8 / 27 - 10:21
المحور: الادب والفن
    


الأدوار حسب الظهور:
-الكلب
-الديك
-الدجاجة
-الحمار
-المعزة
-المزارع



المشهد الأول
(أصوات زقزقة العصافير وتغريد البلابل تمتزج مع صوت الديك الذي يتعالى من بعيد, تتصاعد الإضاءة تدريجياً, لتكشف عن حقل صغير, يحيطه سياج متوسط الارتفاع, في وسط أسفل المسرح كوخ كبير, وهو مسكن المزارع, وفي مقدمة المسرح من جهة اليمين يوجد بناء صغير من الخشب وهو بيت الكلب, مجموعة من المصاطب وقطع الأخشاب المتناثرة هنا وهناك, يظهر الكلب, وهو يقوم بتنظيف المكان بكل حيوية ونشاط)
الكلب: (يرقص ويغني وهو يؤدي حركات رشيقة ماسكاً المكنسة بكلتا يديه)
جاء الصباح جاء الصباح
فلا وقت لدي الآن للنباح
فبعد إكمال العمل قليلاً سأرتاح
جاء الصباح جاء الصباح
(يدخل الديك إلى المكان بهدوء, ودون أن يحدث أية ضجة, ينظر خلسة إلى الكلب الذي يستمر بالغناء والرقص منشغلاً بالتنظيف)
الكلب: (يستمر بالغناء والرقص غير منتبه لوجود الديك)
كل شيء نظيف نظيف
أنا كلب المزرعة الظريف
بصري قوي وسمعي خفيف
كل شيء نظيف نظيف
الكلب : (يستمر بالغناء والرقص وهو يلاعب المكنسة بخفة بين يديه)
أنا كلب الحراسة القوي الشرس
ألقن اللصوص أقـوى درس
أنا كلب الحراسة القوي الشرس
(يتقدم الديك نحو الكلب بخفة وهدوء, دون أن يحدث أية ضجة, مقلداً بطريقة ساخرة حركات الكلب الراقصة, يتوقف الكلب عن الغناء والرقص, تبدو عليه علامات الفرح والسرور ينظر إلى المكان كيف أصبح نظيفاً)
الكلب: (يتحدث مع نفسه) كل شيء أصبح نظيف, كم أنا نشيط, لقد أنجزت عملي وبشكل جيد, سيُسر المزارع برؤية المكان وقد أصبح نظيفاً بهذا الشكل, أشعر بأني مدعاة للفخر.
الديك: (يتقدم بهدوء ليصبح خلف الكلب مباشرة, عندها يصيح بصوت عال) قف مكانك.
الكلب: (يفزع فتسقط المكنسة من يديه, رافعاً يديه إلى الأعلى, دون أن يلتفت نحو مصدر الصوت) من هناك... من هناك... هيا تكلم من أنت؟
الديك: (يقف خلف الكلب مباشرة) هذا أنا.
الكلب: (ينظر يميناً ويساراً) أين أنت.. ومن أنت؟
الديك: أنظر إلى الخلف وستعرف من أنا.
الكلب: (يلتف بكامل جسده نحو مصدر الصوت) من الديك!
الديك: (يضحك بسخرية) نعم الديك, أم أنك كنت تنتظر أحداً غيري؟
الكلب: الأمر ليس كما تظن, ولكني....
الديك: (يقاطعه) ولكنك ماذا..هيا قل؟
الكلب: (يتقدم إلى الأمام قليلاً) لا شيء لديَّ لأقوله... لا شيء, إلا أنك قد فاجأتني؟
الديك: (يتقدم باتجاه الكلب) أردت أن أمازحك بعض الشيء.
الكلب: عليك لا تتكرر ذلك مرة أخرى؟
الديك: ولِمَ؟
الكلب: لأنني أخاف عليك.
الديك: (بتعجب) تخاف علي!؟
الكلب: نعم.
الديك: (بسخرية) ومن أي شيء تخاف عليَّ؟
الكلب: (بثقة عالية) مني أنا.
الديك: (بذهول) ماذا؟
الكلب:(يتجه ببصره نحو الديك) نعم عليك بالحذر مني, لأنك لو بقيت للحظة أخرى, ولم تعرفني بنفسك, لكنت الآن في موقف حرج.
الديك: (يضحك) موقف حرج يا لها من مزحة (يقف وجهاً لوجه أمام الكلب) هيا أخبرني ما الذي ستفعله لي, لو لم أخبرك لحظتها بأني الديك؟
الكلب: (بثقة عالية) كنت سترى مدى قوتي وشراستي, لحظتها لن يكون لك أي مجال للفرار من قبضتي, ستتمنى لو لم تكن تلك اللحظة موجودة في حياتك أبداً.
الديك: (يضحك بصوت عال)
الكلب: لِمَ تضحك؟
الديك: (وهو يدور حول الكلب متفحصاً إياه بنظره) إن أمرك ليثير السخرية والضحك.
الكلب: (يبتعد قليلاً عن الديك) أسمع أيها الديك, لا شيء عندي يثير السخرية والضحك.
الديك: (يتقدم نحو الكلب محاولاً استدراجه) أيها الكلب لا تخفي الأمر عني, فأنا صديقك الديك واعرف عنك أشياءً كثيرة, هيا قل لي عن ما تخفيه.
الكلب: ليس لدي ما أخفيه عنك.
الديك: بل أنك تخفي أموراً عديدة.
الكلب: أنت مخطئ يا صديقي.
الديك: قد أكون مخطئاً, إلا أن ما أراه أمامي الآن, هو أفضل دليل على أن ما يدور في رأسي حقيقة.
الكلب: وما الذي يدور في رأسك؟
الديك: لا شيء... لا شيء, سأحتفظ بما أعرفه لنفسي, قد أخبرك به في يوم من الأيام.
الكلب: (يبتعد بضع خطوات عن الديك) أنا لا أخفي أي شيء عنك, أو عن أصدقائي الآخرين, وأرجو منك أن لا تكرر ما فعلته قبل قليل مرة أخرى, لقد أفزعتني.
الديك: (بمكر) أفزعتك! كان مجرد مزاح, وأين كلامك الذي كنت تتغنى به, ألقن اللصوص أقوى درس...صوتي منبه للخطر كالجرس... أنا كلب الحراسة القوي الشرس, لقد رأيت كيف كانت عليه مدى شراستك وقوتك حال ما سمعت صوتي.
الكلب: لقد فاجأتني, كما أنني لم أكن متهيئاً لمزاحك هذا.
الديك: (بمكر) وماذا لو كان ذلك ثعلباً أو ذئباً بدلاً عني؟ ماذا ستقول له؟ هل ستقول له.. لقد أفزعتني؟
الكلب: (يلوح بيده ببعض الحركات) لا, بل سأقاتل حتى الرمق الأخير.
الديك: (باستهزاء) جميلة تلك العبارة الأخيرة, الرمق الأخير, من أين تعلمت ذلك؟
الكلب: دعك من هذا, وأخبرني كيف دخلت إلى هنا دون أن أشعر بوجودك أيها الديك؟
الـديك: ألم تنتبه نفسك وما كنت تفعل, لقد كنت تغني وترقص, لدرجة لو أن المزرعة سرقت بأكملها لما شعرت بذلك, إلا أنه وفي حقيقة الأمر لقد أعجبني غنائك, والأكثر من ذلك, أنك راقص جيد, لم أشاهدك ترقص بهذه الطريقة الرائعة.
الكلب: (يحاول أن يتدارك الأمر) ولِمَ لم تعلمني بوجودك حال مجيئك؟
الديك: (بمكر) قلت لك لقد أعجبني رقصك, أين تعلمت هذا الرقص؟ لقد أستمتعت كثيراً برقصك, أنت راقص بارع.
الكلب: (بخجل) لقد سررت برؤيتك يا صديقي.
الديك: أنا أيضاً مسرور برؤيتك, على الرغم من انشغالك بتنظيف المكان.
الكلب: نعم, فلقد كنت منشغلاً بالتنظيف وفي الوقت ذاته أفكر.
الديك: (يضحك بصوت عال)
الكلب: (بتذمر) لِمَ تضحك؟
الديك: أضحك من كلامك هذا, التنظيف... التنظيف, لقد عرفنا مهمة التنظيف هذه الوظيفة الجديدة, ولكن أن تفكر, هذا شيء غريب.
الكلب: نعم أفكر وماذا في ذلك ؟
الديك: وهل لديك أمر يستحق التفكير؟
الكلب: (بتردد) أنها أمور تخصني.
الديك: (بمكر) إذا كان الأمر كذلك, فلك الحق في ذلك.
الكلب: (يتقدم بضع خطوات ليصبح على مقربة من الديك) أسمع يا صديقي الديك, في الليل أقوم بحراسة المزرعة خوفاً عليها من اللصوص, وفي النهار أقوم بتنظيف المزرعة من الأوساخ.
الديك: يا لك من ماكر ومحتال أيها الكلب, تعمل في وظيفتين.
الكلب: (بتذمر) أنا ماكر ومحتال!
الديك: نعم, لأنك تعمل في وظيفتين, وهذا أمر غريب, ويثير حولك الشكوك.
الكلب: (بقوة وحزم) لن أسمح لك يا صديقي بالتحدث معي بهذه الطريقة, أنك تسخر مني بكلامك هذا.
الديك: (يتجول في المكان جيئة وذهابا) لا... لا, أنا لا اسخر منك يا صديقي, ولكن وضعك هذا يثير الريبة والشكوك, ففي الليل تعمل كلب حراسة وفي النهار تعمل بالتنظيف, ما هذا أيها الكلب, أنك كثير الطمع, أهذا ما كان يشغل تفكيرك أليس كذلك؟
الكلب: لا, هذا غير صحيح.
الديك: بل أنه صحيح.
الكلب: أنا لا أفكر بشيء من هذا القبيل أبدا يا صديقي الديك, حاول أن تعرف ذلك, فأنا في الليل أقوم بالحراسة, كحارس قوي ومجتهد, فهذا واجبي, أما في النهار, فأقوم بتنظيف المزرعة من الأوساخ والنفايات, وذلك من أجل أن تكون مزرعتنا نظيفة وجميلة.
الديك: هذا كلام جميل, إلا أني غير مقتنع بما تقوله أبدا.
الكلب: ولِمَ؟
الديك: قد يكون هناك ما تخفيه عنا؟
الكلب: (باستغراب) أنا أخفي عنكم شيء ما.. هذا مستحيل!
الديك: نعم هناك ما تخفيه عنا, ولا بد لنا من معرفته, أراك تعمل بجد ونشاط, أعتقد بأنك تعمل من أجل أن ترضي المزارع, أو أن يكافئك ويجعلك في مكانة أفضل منا, فعندما يراك تقوم بكل تلك الأعمال, يتبادر إلى ذهنه بأنك الوحيد الذي تعمل هنا, أما نحن فمجرد حيوانات كسالى لا نفع منها أبدا.
الكلب: (بتردد) هذا غير صحيح.
الديك: (بتأكيد) بل أنها الحقيقة التي تحاول إخفائها عنا.
الكلب: أقسم لك بأنني أعمل من أجلنا نحن, من أجلنا جميعا, فأنت يا صديقي الديك, تعمل بجد ونشاط دون كلل أو ملل, فأنت تقوم بحماية أقنان الدجاج من اللصوص, كما أنك تستيقظ باكراً لتوقظ الجميع للذهاب إلى أعمالهم, فكل واحد منا يعمل بحسب اختصاصه.
الديك: (يتفاخر بنفسه) نعم ... نعم, فأنا أتعب كثيراً مما أقوم به من أعمال, الآن قد صدقت كلامك, ولكن...
الكلب: (يقاطع الديك في الكلام) ولكن ماذا؟
الديك: أسمع أيها الكلب عليك أن تكون صادقاً معنا, وأن لا تخفي علينا أي شيء, هل هذا واضح؟
الكلب: اسمعني يا صديقي, أنني أقوم بكل تلك الأعمال وذلك لأنني أنتمي إلى هذا المكان, وواجبي يجعلني أن أكون حريصا كل الحرص أن أحافظ على هذا المكان.
الديك: (يتقدم نحو الكلب) أسمعني أيها الكلب, أن المزارع لا يكترث بما نقوم به من أعمال.
الكلب: كيف؟
الديك: أنت تقوم بالحراسة والتنظيف؟
الكلب: هذا صحيح.
الديك: (يتحرك في المكان جيئة وذهاباً) هل قدم لك المزارع في يوم من الأيام وجبة دسمة, كهدية على ما تقوم به من جهد, أو حتى شكرك عليه؟
الكلب: لا.
الديك: إن ذلك لدليل واضح على أن المزارع لا يهتم بما تقوم به من أعمال لأجله, أو حتى بما نقوم به نحن من أعمال.
الكلب: (بعد فترة صمت وتفكير) ولكننا حيوانات, وقد خلقنا من أجل القيام بمثل تلك الأعمال, وذلك من أجل الحصول على طعامنا ومسكننا, وفي الوقت ذاته يوفر لنا المزارع الحماية أيضاً, من اعتداء الآخرين علينا.
الديك: (بانفعال) ومن قال غير ذلك, أعرف بأننا حيوانات وهل يخفى هذا على أحد, ولكني اقصد ....
(تدخل الدجاجة وهي تبكي بصوت عال, وهي تملئ المكان بحركتها جيئة وذهابا, مصابة بحالة من الهستيريا والغضب, يتركز أنتباه الديك والكلب على الدجاجة)
الدجاجة: (بغضب) هذا لا يجوز أنه أمر فظيع, لن أسكت على هذا الأمر, نعم, لا يمكنني السكوت بعد الآن, يجب أن أوقفه عند حده.
الديك: (ينظر للدجاجة باستغراب دون أن يحرك ساكناً)
الكلب: (يتقدم نحو الدجاجة) نعم يجب أن نوقفه عند حده, ولكن من هذا الذي يجب علينا أن نوقفه عند حده؟
الديك: (يتقدم نحو الدجاجة, مبعداً الكلب عنها) وما شأنك أنت بذلك, أنها أمور عائلية فلا تتدخل بها (للدجاجة) ما بك يا عزيزتي هل هناك ما تشتكين منه؟ (ينظر للكلب بغضب) وهل هناك من تجرأ وأغضبك أو حتى حاول القيام بذلك؟
الكلب: (يتقدم نحو الدجاجة) نعم يا عزيزتي, هيا أخبريني قولي من, وسترين ما سأفعل به.
الـديك: (يمسك الكلب بقوة) وما شأنك أنت؟ ألم أقل لك أنها أمور عائلية فلا تتدخل فيما لا يعينك, وإلا سترى ما لا يسرك.
الكلب: (بتذمر) أردت المساعدة فقط.
الديك: (بقوة) ساعد نفسك فأنت تجهد نفسك في العمل كثيراً.
الكلب: (مبرراً ما أراد فعله) ولكني أرى أن من واجبي تقديم المساعدة.
الديك: (بسخرية) إذا احتجنا إليك, فسنعرف أين نجدك.
الكلب: (يبتعد عن الديك والدجاجة وهو محبط مما سمعه من الديك) أنا أسف أيها الديك, لن أتدخل بأموركم العائلية بعد الآن, أرجو المعذرة سامحوني.
الديك: هذا أفضل لك.
الكلب: أكرر أسفي لك أيها الديك وأنت أيضا أيتها الدجاجة.
الدجاجة: (تذهب باتجاه الكلب) أسمعني يا صديقي الكلب, إن الديك لا يقصد أن يُسمعك هذا الكلام, وكما أنه لا يعرف عن ماذا أتحدث, وما الذي أصابني, يا صديقي أنت واحد منا, ونحن لا نستطيع أن نستغني عنك أبداً (للديك) أليس كذلك أيها الديك؟
الديك: (يوجه كلامه للكلب) نعم.. نعم, أنت واحد منا, (يتحدث مع الدجاجة) والآن, ما هذا الشيء الذي جعلك بهذا المزاج السيئ؟
الدجاجة: (بألم) انه المزارع.
الديك: (بدهشة) المزارع!؟
الكلب: (باستغراب) المزارع! ماذا فعل لك ذلك المزارع؟
الديك: (بغضب) هيا أخبريني بما فعله لك ذلك المزارع؟ وسيرى مني ما لا يحمد عقباه, سألقنه درساً لن ينساه مدى حياته على ما فعله معك.
الدجاجة: (بألم وحزن) لم أعد احتمل أبداً, أنه قاسي القلب, أنه لا يكترث بمشاعري, لقد اخذ البيض, نعم كل البيض, أخذه إلى السوق ليبيعه, لم يترك لي ولا بيضة واحدة.
الكلب: يا له من لئيم.
الديك: (يتوعد المزارع) أنه يستحق ما نويت فعله.
الكلب: وما الذي ستفعله؟
الديك: (يتردد بعض الشيء) لا شيء... لا شيء, سأفكر في الأمر لاحقاً.
الدجاجة: (بألم) أنني حزينة جداً فأنا أقوم بإنتاج البيض, وهو يقوم بجمعه وأخذه إلى السوق ليبيعه دون أدنى أحساس بما أعانيه من الآلام, أردته أن يبقي لي جزءً من البيض حتى ارقد عليه, ليفقس ويخرج صيصان صغار يملئون حياتي فرحا وسعادة, أجعلهم يملئون المكان بصياحهم ولعبهم, ولكنه لم يفكر بذلك أبداً.
الكلب: (يبكي بصوت عال)
الديك: (للكلب) لِمَ تبكي؟
الكلب: (بحزن) أبكي على الدجاجة, لقد تألمت كثيراً لما سمعت من معاناتها, أنني حزين.
الدجاجة: (تتقدم نحو الكلب) أشكرك يا صديقي الكلب على مشاعرك الرقيقة تجاهي, أنك لطيف جداً.
الديك: (يشعر بغيرة من الكلب) حسناً... حسناً, نحن نشكرك أيها الكلب على مشاعرك هذه, ونقدر لك ذلك.
الكلب: إنني متأثر لما يحصل للدجاجة .
الدجاجة: أنه عديم الإحساس ويجب معاقبته على ما يفعله بنا.
الكلب: (باستفهام) من؟
الدجاجة: المزارع.
الديك: (للدجاجة) هيا يا عزيزتي أذهبي وتنزهي قليلاً, واستنشقي الهواء النقي, فالهواء في الخارج منعش وسيريح أعصابك بعض الشيء, وسيكون لنا حديث أخر مع هذا المزارع عندما يأتي صديقنا الحمار من السوق.
الدجاجة: (بغنج) نعم يا عزيزي الديك سأذهب فأنا متعبة جداً, واحتاج إلى جو نقي لأريح أعصابي, ولتستقر حالتي النفسية بعض الشيء.
الكلب: (للدجاجة) هذا أقل ما يجب أن تفعليه يا عزيزتي.
الدجاجة: (للكلب) شكراً لك أيها الكلب على مواساتك ووقوفك معي في محنتي هذه.
الكلب: (بتودد) لا تشكريني يا عزيزتي, فهذا شيء بسيط مما أكنه لك من ود ومحبة.
الدجاجة: أنا ذاهبة إلى اللقاء.
الديك: لا تتأخري يا عزيزتي فقد يأتي المزارع في أي وقت, وفي حال لم يجدك سيجن جنونه بالبحث عنك.
الدجاجة: (وهي تهم بالخروج) لن أذهب بعيداً, إلى اللقاء.
الـكــلـب: (برقة) إلى اللقاء.
(الدجاجة تخرج من المكان)
الديك: (يتقدم نحو الكلب يمسكه بقوة) أسمع جيداً أيها الكلب, لا تجعل من علاقة الصداقة التي بيني وبينك سبباً حتى تسمح لنفسك بمجاملة دجاجتي, حتى وأن قبلت هي بذلك هل فهمت؟ لن أسمح لك بذلك أبداً, أو... أن الأمر يحتاج إلى أن أفهمك إياه بطريقة أخرى؟
الكلب: (بتذمر) لقد فهمت.
الديك: (بشدة) ماذا؟
الكلب: لقد فهمت, لا أحتاج إلى تكرار ذلك بعد الآن, لقد تأخر المزارع في السوق كثيراً, يا لهذا الحمار المسكين, لقد ذهب من هنا وهو يحمل أكياس حبوب الحنطة على ظهره, ومن يدري أي شيء سيكون ما يحمله أثناء عودته.
الديك: أنه مسكين حقا, أنه يتعب كثيراً.
الكلب: (بلامبالاة) نعم.
الديك: نعم على ماذا؟
الكلب: نعم على هذا.
الديك: وما هو الــ ... هذا ؟
الكلب: (ببلادة) هذا ..الذي قلته أنت قبل قليل.
الديك: وما الذي قلته أنا قبل قليل؟
الكلب: لا اعرف فلم أكن مصغياً إليك.
الديك: (بهستيريا موضحاً ذلك للكلب) لقد قلت بأن الحمار يتعب كثيراً والمزارع لا يقدر ذلك.
الكلب: هذا صحيح يا صديقي.
(صوت نهيق الحمار يأتي من بعيد, يبدأ الصوت بالوضوح شيئاً فشيئاً, تدخل الدجاجة مسرعة)
الدجاجة: (مرتبكة) لقد جاء... لقد جاء.
الكلب: من؟
الدجاجة: المزارع ومعه الحمار.
الكلب: (يتهيأ لاستقبال المزارع وهو ينبح ويدور في أرجاء المكان)
الديك: (للكلب) ما بك تتصرف بهذه الطريقة, وكأنك كنت تنتظر قدوم المزارع بفارغ الصبر, حتى قمت بالنباح, وأخذت تهز بذيلك فرحاً؟
الكلب: (ببلادة) لقد جاء المزارع لقد جاء.
الديك: وماذا في ذلك؟
الكلب: (فرحاً) لقد جاء المزارع....
الديك: (بتأكيد) ألم أقل لك, بأنني أشك في أمرك أيها الكلب, أنك تخفي عنا أمر ما.
الكلب: (للديك) وأنا أكرر لك بان لا شيء هناك مما يدور في مخيلتك.
الدجاجة: (بصوت عال) أتركوا الجدال والنزاع الآن, ودعونا نستقبل المزارع استقبال جميل, وبعد ذلك علينا أن نفكر بما سنفعله له, جزاء لما يفعله بنا.
الديك: حسناً إذا كان الأمر كذلك .
الكلب: (ينبح ويدور في أرجاء المكان) هيا بنا أذن.
الديك: (يأخذ مكانه لاستقبال المزارع حيث يبدأ بالصياح بصوت عال وهو يرفرف بجناحيه)
الدجاجة: (باستهجان) يا لكم من جبناء, أهكذا تخافون من المزارع؟ أحدكم ينبح ويدور حول نفسه, والأخر يصيح بعالي صوته مرفرفاً بجناحيه, وقبل لحظات كنتم تتوعدون المزارع لأفعاله القاسية تجاهي.
الكلب: (يتوقف عن الحركة وهو ينظر إلى الدجاجة باستغراب) ألم تقولي لنا قبل قليل, استقبلوه بفرح, وبعدها سيكون لنا معه أمر أخر؟
الدجاجة: نعم قلت ذلك.
الكلب: وما الذي غير كلامك؟
الدجاجة: (بحزن) لقد تذكرت ما تسبب لي من الآلام.
الديك: (مواسياً الدجاجة) لا تقلقي يا عزيزتي, ما أن ننتهي من كل ذلك, سيكون لنا تصرف أخر مع المزارع, أليس كذلك أيها الكلب؟
الكلب: نعم أن كلام الديك صحيح, سيكون لنا مع المزارع حديث أخر.
الدجاجة: أصمتوا لقد وصل الحمار.
الكلب: والمزارع؟
الدجاجة: لا أعرف, لقد رأيت المزارع ومعه الحمار, أما الآن فأنا أرى الحمار لوحده!
(يدخل الحمار وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة من شدة التعب والإرهاق)
الديك: (للحمار) مرحباً بك يا صديقي الحمار.
الحمار: أهلاً بك أيها الديك .
الكلب: (يتقدم نحو الحمار) مرحباً بك يا صديقنا, لقد قلقنا عليك كثيراً, أين المزارع, لا نراه معك؟
الديك: (للدجاجة) أنظري أنه يسأل عن المزارع؟
الدجاجة: (للكلب) ما بك تسأل عن المزارع بلهفة شديدة؟
الكلب: (بارتباك) أنا, لا... لا, انه سؤال عفوي ليس إلا .
الحمار: (يخبرهم بمكان تواجد المزارع) أنه في مخزن المؤن, يخزن المواد التي جلبناها من السوق, أسمعوني الآن, سأحكي لكم ما جرى معي وبالتفصيل.
الديك: (بلهفة) هيا يا صديقي أخبرنا بما حدث لك؟
الحمار: (يبدأ بسرد حكايته بهدوء) قبل أن نذهب إلى السوق, وضع المزارع على ظهري من أكياس حبوب الحنطة الشيء الثقيل, وقد أتعبني ذلك كثيراً, إلا أنه لم يبالي بذلك أبداً, ولم يترك لي وقتاً للراحة, فقد سرنا إلى السوق دون توقف.
الدجاجة: (بلهفة) وبعد؟
الكلب: هيا أكمل؟
الحمار: (يستمر بسرد رحلته إلى السوق) هناك ومثل كل مرة, شاهدت كل شيء يمكن لكم أن تشاهدوه في رحلة كهذه, كانت هناك حيوانات من كل نوع بعضها الأليف والبعض الأخر بري غير مروض, وهي معروضة للبيع, وهذه المرة قد زاد عددها وكأنها حيوانات لا نفع منها, وأن كل ما يريده الإنسان هو التخلص منها, أما المحاصيل الزراعية المتنوعة والتي تملئ السوق بكثرة, فكانت رائحتها تطغي على بقية الروائح, أنكم لتعجبون يا أصدقائي من كثرة المحاصيل الزراعية المعروضة للبيع, أما البشر فهم لا يستقرون على موضع أو يقفون عند مكان, وهناك شاهدت أيضا أحد أقاربي وهو يجر عربة أحد البقالين, لقد تبادلنا التحية بطريقتنا الخاصة.
الكلب: (بلهفة) وبعد, ماذا حصل هيا أخبرنا؟
الحمار: بعد ذلك أنزل المزارع أكياس الحبوب من على ظهري, وبدأ يصيح بصوته العالي وهو يدلل على بضاعته.
الديك: (متذمراً) في كل مرة تذهب بها السوق تروي لنا نفس الحكاية, ما نريد أن نعرفه هل حدث شيء جديد؟
الدجاجة: (للديك) لا تقاطعه أيها الديك دعه يكمل حديثه (للحمار) استمر أيها الحمار.
الحمار: (يستمر في سرد حكاية رحلته للسوق) فبعد أن أكمل المزارع بيع الحبوب, فرحت كثيراً وقلت في نفسي بأني سأرجع إلى المزرعة من دون أن أحمل أي شيء, وسأرتاح في طريق العودة.
الكلب: شيء جميل عدت من السوق دون أن تحمل أية أثقال.
الدجاجة: (بفرح وسرور) هذه المرة عدت خالي الوفاض أليس كذلك؟
الحمار: لا يا أصدقائي فلم يستمر فرحي كثيراً, فقد خابت آمالي, لقد جال بي السوق كله, وقد أشترى مؤناً ومواد متنوعة لفصل الشتاء, وعليه انقلبت فرحتي إلى تعاسة, لقد تعبت كثيراً, حتى أنه لم يدعني من أن أكل الحشائش في طريق العودة, وعاد بي إلى هنا دون أن أسترح ولو للحظة واحدة, هذا كل ما حدث لي يا أصدقائي.
الدجاجة: (للجميع) ألم أقل لكم بأنه قاسي القلب, ولا يشعر بنا, وهمه الوحيد هو أن ينجز أعماله بواسطتنا, لا شيء غير ذلك.
الديك: (للدجاجة) وأنا أيضاً أوافقكِ الرأي (للكلب) مالي أراك ساكناً لا ترد, أم أن لك رأي أخر غير الذي نراه؟
الكلب: (متردداً) أنا... أنا معكم في كل شيء.
الدجاجة: لقد جاء المزارع, هيا استقبلوه بحب وفرح.
الحمار: وبعد ذلك, سيكون للمزارع أمراً أخر.
الكلب: هذا صحيح.
الديك: انتبهوا لقد وصل المزارع.
(يدخل المزارع, تقوم الحيوانات باستقباله, الكلب ينبح ويهز بذيله وهو يتحرك في أرجاء المكان, الديك يصيح بصوت عال وهو يدور حول المزارع, الدجاجة ترفرف بجناحيها بكل رشاقة, الحمار واقف في مكانه)
المزارع : مرحبا يا حيواناتي اللطيفة, لقد اشتقت إليكم كثيراً (يتقدم نحو الكلب) أهلا بك يا كلبي الوفي أراك نشيطاً وقوياً (يتجه نحو الديك) آه يا ديكي الجميل ما أجمل ألوانك وأعذب صوتك (يذهب إلى الدجاجة) وأنت يا دجاجتي الحلوة كم أنت جميلة ورشيقة, أنني أحبكم كثيراً, من المؤكد أن المعزة ترعى داخل الحقل, (يتقدم نحو الحمار) وأنت يا حماري سأفك رباطك لتذهب وتمرح, فلك اليوم استراحة, أفعل ما شئت, ولكن لا تذهب بعيداً, آه.. أنني أشعر بتعب شديد, لقد أرهقني عمل اليوم كثيراً, سأذهب لأخذ قسطاً من الراحة, أسمع يا حماري عليك لا تبتعد كثيراً.
(المزارع وهو يتجه إلى الكوخ, يدخل ثم يغلق الباب خلفه, وبعد لحظات تسمع الحيوانات صوت المزارع وهو يشخر بصوت عال)
(تبقى الحيوانات لوحدها)
الحمار: (بغضب) لقد سمعتموه, حيواناتي اللطيفة؟
الديك: أنه لا يقدر تعبنا , أنه أناني.
الدجاجة: (بإصرار) علينا معاقبته على ما يفعله بنا من أمور سيئة.
الحمار: (بغضب) نعم, فبعد كل ما فعلته اليوم من أعمال, يقول لي أذهب وأمرح, أعرف جيداً بأنه سيجعل من لهو اليوم تعاسة لما يخبئه لي من عمل في الغد, اسمعوني, يجب أن نفعل شيء وأن لا نبقى على هذا الحال.
الدجاجة: لابد من ذلك أيها الحمار.
الحمار: (بهدوء) دعونا نفكر بأمر نجعله يشعر من خلاله بما نعانيه من تعب وإرهاق, حتى يعيد النظر بتعامله معنا.
الدجاجة: لِمَ لا نتحدث معه؟
الديك: (بدهشة) ماذا.. نتحدث معه!؟
الدجاجة: نعم , وماذا في ذلك؟
الديك: سيجن جنونه حينما يشاهدنا نحن الحيوانات نتحدث معه.
الدجاجة: ولِمَ لا, أننا نفهم كلام البشر, فعندما يتحدثون معنا ويلقون علينا أوامرهم ننفذها لهم, ألا يتبادر إلى أذهانهم بأننا نفهم ما يلقوه علينا من أوامر.
الحمار: نعم, نحن نفهم كلامهم وما يريدون منا, ولكنهم على الرغم من ذلك لا يدركون هذه المسالة أبداً, لذا علينا أن نضع خطة نستخدمها لتكون سبباً لجعل المزارع يتوقف عن استغلالنا, وخاصة في العمل.
الديك: (للكلب) ما بك لا تشاركنا الحديث أيها الكلب, أم أن لك وجهة نظر أخرى للموضوع؟
الكلب: أنا معكم في أي أمر تريدون أتخاذه
الديك: (للكلب) ألا تشعر بالملل من عملك هذا, في الليل حراسة وفي النهار عامل تنظيف؟
الكلب: وماذا افعل؟
الديك: تمرد وكن كلباً حقيقياً, كلب يستحق الفخر والشموخ.
الكلب: كيف؟
الديك: (بحماسة) تحرك, فأنت كلب صيد وحراسة من أصول عريقة, لا كلب تنظيف, حاول أن تنظر لنفسك جيداً.
الكلب: (متفاخراً بنفسه) نعم أنا كلب صيد لا كلب تنظيف, لن أعمل في التنظيف بعد الآن, وليقوم المزارع بتنظيف المزرعة بنفسه إذا أراد ذلك.
الديك: هذا جيد.
الحمار: اسمعوني جيداً, لكل واحد منا مشكلة يعاني منها, والسبب هو المزارع, دعونا الآن نتفق على خطة نجعل بها المزارع يغير من طبيعة تعامله معنا, ولنجعله يشعر بما نعانيه من تعب.
الديك: أنا عن نفسي ونيابة عن دجاجتي أوافق على هذا الأمر, وأي قرار تتخذوه أنا معكم فيه وسأشارك بكل ما لدي من قوة.
الكلب: وأنا أيضا موافق على ما ستتخذونه من أمر, مهما كان ما ستتفقون عليه.
الدجاجة: آه أيها المزارع, وأخيراً ستنال جزائك على ما اقترفته من أخطاء تجاهنا .
الحمار: اسمعوني جيدا, سنتفق على هذا الأمر سوية, وسيكون قراراً جماعيا لا رجعة فيه.
الكلب: أي أمر؟
الديك: (للكلب) أستمع جيداً حتى تفهم ما يقوله الحمار من كلام؟
الكلب: حسناً.
الديك: جيد, هيا أستمر يا صديقي الحمار, وضح لنا ما سنقوم به.
الحمار: قبل أن نباشر بوضع الخطة, علينا أن نعاهد بعضنا البعض, على أن يكون أحدنا سنداً وعوناً للأخر.
الديك: (بكل عزم وثقة) سأكون سنداً وعوناً لأصدقائي في السراء والضراء, ولن أخذلهم أبداً مهما كلف الأمر, سأعمل بكل حرص على تنفيذ خطتنا,.
الدجاجة: (تقف وكأنها تلقي خطاباً) وأنا عن نفسي, سأعمل جاهدة لمساعدة أصدقائي, والوقوف معهم ومناصرتهم في كل شيء, مهما كلف الأمر, وشكراً.
الكلب: (بحماس)أما أنا, كلب الصيد والحراسة, لن أتوانى لحظة واحدة, في خدمة أصدقائي الديك والحمار والدجاجة, من أجل الحصول على حقوقنا كاملة من المزارع دون قيد أو شرط.
الديك: (يهمس للكلب) أنه كلام كبير, أين تعلمت هذا الكلام أيها الكلب؟
الكلب: (بكبرياء) لقد ألهبتني روح التمرد على المزارع على قول هذا الكلام.
الديك: (باستغراب) روح التمرد!
الحمار: الآن وبعد أن اتفقنا وتعاهدنا, اسمعوني جيداً أيها الأصدقاء, غداً وفي الصباح الباكر سننفذ خطتنا.
الكلب: وما هي خطتنا؟
الحمار: اسمعوني جيداً, لتتعرفوا على تفاصيل خطتنا بالكامل.
الديك: تفضل أيها الحمار, وحاول أن تصغي بشكل جيد أيها الكلب, ولا تقاطع الحمار بين الحين والأخر, هل فهمت؟
الكلب: أردت أن ...
الديك: (للكلب) لا تقاطعه وانتهى الأمر.
الكلب: لقد فهمت, لن أقاطعه أبداً.
الديك: أكمل أيها الحمار.
الحمار: سنتظاهر بالمرض, وعند ذاك لن ننفذ أي شيء مما نقوم به من أعمالنا اليومية, فعندما يرانا المزارع بحالة صحية سيئة, سوف لن يدعنا نقوم بالعمل, فأنا لن أحمل أكياس الحبوب إلى السوق, وذلك لأنني مريض.
الديك: أما أنا فلن استيقظ باكراً, ولن أصيح بصوتي العالي لأجعله يستيقظ من نومه.
الكلب: وأنا لن أقوم بالحراسة ولن أنظف المزرعة, وسأبقى نائماً طيلة الليل والنهار, وذلك لأنني مرهق ومريض.
الدجاجة: أما أنا فهذه فرصتي, فلن أبيض له البيض بعد الآن, فليذهب وليبحث عن البيض في مكان أخر.
الحمار: يجب علينا أن نتعاهد على تنفيذ هذا الأمر بسرية تامة.
الديك: أطمأن أيها الحمار, لن يخلف أحداً منا هذا الاتفاق, أليس كذلك أيها الكلب.
الكلب: نعم ... نعم, لن نخلف ما اتفقنا عليه أبداً.
الحمار: أحسنتم يا أصدقائي, أما الآن فلنذهب ولنستمتع بهذا اليوم الجميل, فغداً لنا حديث أخر مع المزارع.
الكلب: يا اصدقائي, لقد نسينا صديقتنا المعزة؟
الديك: نعم هذا صحيح لقد تحمسنا للأمر وتناسينا المعزة.
الدجاجة: (بخبث) لابد من إنها الآن تسرح وتمرح في الحقل, وتأكل الحشائش الطازجة.
الحمار: علينا أن نخبر المعزة بما قررنا فعله.
(في تلك الأثناء تدخل المعزاة إلى المكان بحركات راقصة)
المعزة: (وهي تغني وترقص) كم أنا جميلة.. رشيقة لطيفة.. يحبني الجميع.. كأنني الربيع.. (تتوقف عن الغناء والرقص وهي تلقي التحية على اصدقائها) مرحبا يا أصدقائي ما الذي دهاكم يا أصدقائي, لِمَ لا تردونَ التحية.
الدجاجة: أين كنت طيلة هذا الوقت؟
المعزاة: كنت أينما كنت, وما شأنكِ أنتِ.
الدجاجة: (بصوت عال) أنظروا إنها غير مبالية بما يحصل لنا.
المعزاة: أسمعيني جيداً أيتها الدجاجة, عليك الاهتمام بشأنك ولا تتدخلي بشؤون الآخرين.
الدجاجة: أنظروا.. ألم اقل لكم بأنها لا تشاركنا فيما نعاني .
المعزة: وما الذي تريدين مني فعله, هل أصابكِ مكروه ولم أقف إلى جانبكِ, أم أنكِ طلبتي مني أمراً ما وتأخرت في تنفيذه لكِ, هل تغارين مني لأنني جميلة؟
الدجاجة: ماذا, أنا أغار منك؟
المعزة: نعم.
الدجاجة: كيف ذلك أنا الدجاجة الجميلة, أغار منك أنتِ؟
الحمار: ما بكما.. هيا توقفا عن الجدال, ودعونا نرى ما سنفعله مع المزارع.
المعزة: ما سنفعله للمزارع !؟
الحمار: نعم, فأنت لم تسمعي ما قد تحدثنا به, سنرد عليه بما يستحق, سنعلن تمردنا.
الكلب: تمرد!
المعزة: تمرد!
الديك: تمرد!
الدجاجة: تمرد!
الحمار: نعم التمرد .
المعزة: ما الذي تقوله أيها الحمار؟
الحمار: لقد سمعتي ما قلت, وعليك أن تختاري فأما أن تكوني معنا, أو أن تكوني مع المزارع ؟
الدجاجة: من المؤكد بأنها ستكون مع المزارع.
المعزة: أنتم أصدقائي ولكن ....
الدجاجة: ألم اقل لكم بأنها لا تهتم لما يحدث لنا, إنها تفضل البقاء مع المزارع على أن تكون معنا.
المعزاة: بل أنا معكم يا أصدقائي وفي كل ما تودون فعله, فانا لا أفضل نفسي عليكم, ولأننا حيوانات سيكون موقفنا موحداً, أنا معكم.
الكلب: أحسنتِ أيتها المعزة, لقد اثبتي ولاءكِ وانتماءكِ الحقيقي.
الديك: الآن اكتمل النِصاب.
الكلب: من هذا النَصاب.
الديك: أكتمل النِصاب, أي اكتمل العدد, هل فهمت؟
الكلب: لقد فهمت, يا له من كلام كبير أيها الديك.
(يضحك الجميع وبصوت عال)
الحمار: والآن لم يتبقى لنا سوى تنفيذ الخطة يا أصدقائي؟
الدجاجة: أنا معك أيها الحمار .
الكلب: (يهمس للديك) أنا خائف أيها الديك, ما الذي سنفعله الآن, لقد أصبح الأمر جدياً, كيف سنتصرف الآن ؟
الديك: لا تقلق أيها الكلب.. سنفعل ما يطلبه منا الحمار, وبعد ذلك سنجد حلا لهذه المشكلة.
الدجاجة: (تنظر الدجاجة لكل من الديك والكلب) ما بكما تتهامسان, هل هناك شيء ما؟
الديك: لا يا عزيزتي لا شيء هناك, سنعمل سوية كما قال الحمار.
الحمار: هذا جيد, في صباح يوم غد سنلتقي هنا ونبدأ بتنفيذ الخطة, هيا بنا يا أصدقائي.
الديك – الدجاجة – الكلب – المعزاة: اتفقنا.
(يخرج الجميع من المكان, تخفت الإضاءة تدريجيا)



المشهد الثاني
(يكشف ضوء القمر عن كل من الديك والكلب والحمار والدجاجة والمعزة وهم يرتدون أرواب النوم مختلفة الألوان, كل واحد منهم يستقر في مكانه المخصص له, يظهر الديك جالس على كرسي صغير وبالقرب منه تجلس الدجاجة, وعلى مسافة منها تجلس المعزة, الحمار جالس على الأرض وهو يتصفح كتاب, الكلب يفترش الأرض غاطاً في نوم عميق)
الكلب: (يتحدث في نومه) لن ادعك تقترب من الحقل.. هيا ابتعد من هنا أيها الذئب وإلا, سأنادي على صديقي الديك ليلقنك درساً قاسياً لن تنساه, ابتعد عني.
(الديك والدجاجة والحمار والمعزة ينظرون نحو الكلب باستغراب وذهول)
الكلب : (بصوت عال) ابتعد عني.. ابتعد عني لا تقترب.. أيها الديك النجدة (يستيقظ من النوم مرعوباً.. ينظر يمينا ويساراً لا يجد سوى أصدقائه الديك والدجاجة والحمار والمعزاة, يشعر بالإحراج مما هو عليه, يحاول أن يتدارك الموقف) كنت سألقنه درسا قاسياً ولكنه هرب مسرعاً .
الديك: من؟!
الكلب: الذئب.
الديك: حسناً فعل هرب من قبضتك في الوقت المناسب.
الكلب: (يضحك) يا له من كلام كبير أيها الديك.
الديك: كلامي الكبير لا يصل إلى حماستك العالية.
الكلب: (للحمار) يا صديقي الحمار.
الحمار: ما بك أيها الكلب.
الكلب: ما الذي تقرأه.
الحمار: اقرأ قصة جميلة.
الكلب: وما فائدة القراءة يا صديقي.
الحمار: فائدة القراءة مهمة جداً لأنها تجعلنا نوسع من أدراكنا ومعرفتنا بما يحيطنا من أمور الحياة وذلك عن طريق الطلاع على تجارب الأخرين, فالبعض منها يكون واقعياً والأخر من وحي الكاتب, والتي تدون أحداثها في الكتب, ومنها نكتسب الخبرات لما قد يواجهنا من أمور.
الكلب: وما أسم هذه القصة يا صديقي.
الحمار: أسمها قصة النورسة والهر الذي علمها على الطيران, للكاتب لويس سابولفيدا.
المعزة: (تتوجه للحمار بالحديث) لا بد من إنها قصة حزينة, أليس كذلك أيها الحمار.
الدجاجة: أحكها لنا أيها الحمار.
الحمار: حسنا.. سأقص عليكم حكايتها بشكل مختصر, لأني لا أريد أن أضيع عليكم متعة قراءتها.
الكلب: ها نحن نستمع إليك.
الحمار: تدور قصتها عن نورسة تقع داخل شرفة إحدى الشقق وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة بسبب النفط الذي غطى جسمها بالكامل والذي تسرب من إحدى ناقلات النفط إلى البحر.
الدجاجة: المسكينة.
الحمار: وكان داخل هذه الشقة هر لطيف, حالما سمع صوت سقوطها حتى ركض باتجاه مصدر الصوت, وما أن وصل إليها, تفاجأ بوجود النورسة وهي لا تقوى على الحركة.
المعزة: اكمل أيها الحمار .
الحمار: وما أن شاهدت النورسة الهر, قالت له لا تستغرب أيها الهر اللطيف من تواجدي هنا, وقد أخبرته بما حدث لها بسبب النفط وبأنها قد وضعت بيضة, داخل الشرفة وعليه أن يعدها بأن يعتني بتلك البيضة ويهتم بها جيداً حتى تفقس ومن بعدها يهتم بصغيرها إلى أن يتعلم الطيران.
الديك: وما الذي فعله الهر البدين.
الكلب: الهرُ اللطيف.
الديك: اللطيف البدين كلاهما يحبان الأكل.
الحمار: بعد أن سمع توسلات النورسة, وعدها أخيراً على فعل ذلك.
الدجاجة: يا له من هرٌ شجاع.
الكلب: نعم أنه كذلك.
الحمار: وما أن قطع الهرُ وعده للنورسة لفظت أنفاسها الأخيرة, ومن تلك اللحظة أخذ الهر يولي صغير النورسة اهتماماً كبيراً كما لو أنه أبنه, إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة التي تعلم فيها النورس الصغير الطيران وبمساعدة الإنسان الطيب صديق الهر اللطيف.
الدجاجة: صديقه الإنسان.
الحمار: نعم لقد أخذ الأنسان الطيب طائر النورس الصغير بين يديه وبصحبته الهر اللطيف واطلقه من فوق برج مرتفع.
المعزة: سيقع أرضا طائر النورس المسكين.
الحمار: لقد حلق طائر النورس مرفرفاً بجناحيه إلى أن توارى بين الغيوم, تابع الهر بحزن النورس الصغير وهو يحلق عاليا في السماء, في تلك اللحظة فقد الهر اللطيف القدرة على معرفة ما أذا كانت تلك قطرات المطر, أم أنها دموع الفراق ألتي تملأ العينان الصفراوين لهر طيب ولطيف, وفي نهاية الأمر نفذ الوعد الذي قطعه للنورسة الأم, وعلم صغيرها على الطيران.
الكلب: (يبكي)
الديك: (للكلب) لِمَ تبكي.
الكلب: لقد تأثرت بهذه القصة الحزينة.
الحمار: والآن يا أصدقائي هيا لنخلد للنوم فلدينا عمل شاق يوم غد.
الديك: (للدجاجة) هيا يا عزيزتي تركي أخلدي للنوم.
الدجاجة : (للديك) حسنا يا عزيزي, سأنام.
المعزة: تصبحون على خير.
الكلب: أحلام سعيدة.
الحمار: نوما هانئاً.
(تخفت الإضاءة تدريجيا, إلى أن يخيم الظلام)




المشهد الثالث
(هدوء تام, تتصاعد الإضاءة معلنة عن قدوم صباح يوم جديد, وهي تكشف تفاصيل الحقل سياج متوسط الارتفاع, في وسط أسفل المسرح كوخ كبير, وفي مقدمة المسرح من جهة اليمين يوجد بناء صغير من الخشب وهو بيت الكلب, مجموعة من المصاطب وقطع الأخشاب المتناثرة هنا وهناك, يظهر الكلب الديك)
الديك: (يتحرك ذهابا وإيابا في المكان)
الكلب: (ينظر بذهول نحو الديك) توقف عن الحركة أيها الديك لقد تعبت من النظر إليك؟
الديك: أحاول التفكير في حل لهذه المشكلة التي وضعنا فيها.
الكلب: ألم تقل لي بأن كل شيء سيكون على ما يرام؟
الديك: وهذا ما سيكون, لا تقلق.
الكلب: لم يأتي الحمار قد يكون غير قراره؟
الديك: أن غير قراره سيجبنا الكثير من المشاكل التي ستواجهنا مع المزارع.
(تدخل الدجاجة إلى المكان)
الدجاجة : صباح الخير.
الديك: صباح الخير يا عزيزتي.
الكلب: صباح الخير أيتها الدجاجة.
الدجاجة: أين الحمار؟
الديك: لم يأتي بعد, أعتقد بأنه قد فكر جيداً بأن ذلك الأمر ليس في صالحنا, وبأن تنفيذه صعب للغاية, مما جعله يغير قراره.
الكلب: بالفعل أن قرار الحمار صعب للغاية ولا نستطيع تنفيذه.
الدجاجة: ما الذي تقوله ايها الكلب ؟
الكلب: أنا لم أقل شيء هذا ما قاله الديك؟
الديك: (للدجاجة) نعم يا عزيزتي, قد يكون لقرار الحمار تأثير سلبي على حياتنا داخل المزرعة.
الكلب: (للديك) يا له من كلام كبير أيها الديك.
الدجاجة: التأثير السلبي هو أن نبقى على هذا الحال من دون تغيير لما نحن عليه.
الكلب: نعم لابد من تغيير أحوالنا.
الديك: ما بكما تتحدثان بهذه الطريقة, وكأنكما تعيشان في بؤس وشقاء دائم.
(يدخل الحمار الى المكان)
الحمار: صباح الخير يا أصدقائي.
الديك– الدجاجة– الكلب: صباح الخير أيها الحمار.
الكلب: (يقوم بالنباح)
الحمار: لِمَ تنبح, أتريد أن تنبه المزارع, أم أنك تنتظر قدومه بفارغ الصبر؟
الكلب: اعتذر عن ذلك لقد نسيت.
الديك: يا لك من ماكر.
الكلب: (بتذمر) لا اسمح لك بأن تصفني بهذا الشكل.
الديك: (للكلب) ماكر.
الكلب: (للديك) لا اسمح لك.
الحمار: اتركوا الجدال والنزاع الآن.
الدجاجة: يا لها من معزة لا تشعر بالمسؤولية, لقد أخبرناها بأننا سنلتقي هنا.
الديك: المعزة ليست هنا, وبذلك ستواجهنا مشكلة كبيرة, لذا اقترح تأجيل تنفيذ ذلك الأمر إلى الغد.
الكلب: (يتلعثم في الكلام) فعلاً لابدَّ من تأجيل تنفيذ الــ .....
الديك: (يتمم الكلمة للكلب) الخطة.
الكلب: (يضحك ببلادة) نعم يا صديقي الخطة.. يا له من كلام كبير أيها الديك.
الحمار: علينا أن ننتظر قدوم المعزة.
الدجاجة: أعتقد بأنها مشغولة الآن.
الكب: (باستغراب) مشغولة!
الدجاجة: نعم.. مشغولة.
الديك: أنا وبرأيي المتواضع أفضل أن نعمل على إلغاء الأمر جملة وتفصيلا.
الكلب: (للديك) يا له من كلام كبير أيها الديك.
المعزة: صباح الخير يا أصدقائي, أرجو أن لا أكون قد تأخرت عليكم.
الحمار– الديك– الدجاجة– الكلب: صباح الخير.
الديك: (يتحدث مع نفسه) لقد جئتي في الوقت غير المناسب أيتها المعزة.
الدجاجة: (للمعزة) كنا على وشك القيام بالأمر من دونك أيتها المعزاة المدللة.
الحمار: والآن وبعد أن اكتمل عددنا, علينا أن لا نتهاون على فعل ذلك, لذا لا يتحرك أحد منكم من مكانه مهما حصل, حتى وأن حاول المزارع إجباركم بالقوة على فعل ذلك.
الدجاجة: لن أتحرك خطوة واحدة.
المعزة: وأنا أيضاً لن أتحرك من مكاني مهما حصل.
الكلب: ولكن كيف سيعرف المزارع ما نريد ونحن نتظاهر بالمرض؟!
الحمار: اسمع أيُّها الكلب, عندما يرانا المزارع على هذه الحال, سيفكر بالسبب الذي جعلنا نمرض, هل فهمت؟
الكلب: نعم, لقد فهمت الآن.
الديك: وأن لم يفعل أي شيء مما قلت أيها الحمار ماذا سيكون العمل؟
الحمار: سنبقى على هذه الحال إلى أن يشعر بمعاناتنا.
الكلب: أسمع صوت المزارع قادم من داخل الكوخ, أنه قادم نحونا.
الحمار : هيا بنا لننفذ الخطة.
الدجاجة– الكلب– المعزاة: (بصوت واحد) هيا بنا.
الديك: (صامت)
الحمار: (للديك) ما بالك أيها الديك, لِمَ لمْ أسمع صوتك.
الديك: (بلا مبالاة) أنا معكم هيا بنا.
(صوت المزارع من داخل الكوخ, وهو يتثاءب بصوت عال, يتحدث ببعض الكلمات من داخل الكوخ
المزارع: آه.. لا زلت اشعر بالنعاس, لقد انقضى الليل سريعاً)
الحمار: لقد استيقظ المزارع, انتبهوا يا أصدقائي, ولا تنسوا ما اتفقنا عليه.
الجميع بصوت واحد: اتفقنا.
الكلب: لا تقلق يا صديقي, سننفذ الخطة على أتم وجه.
الديك: (متعجبا) ما هذا!؟
الحمار: ما بك أيها الديك؟
الديك: أنني مندهش جداً, من أين يأتي الكلب بمثل هذا الكلام؟
الدجاجة: دعونا من هذا الكلام الآن, سيخرج المزارع من الكوخ, لنهتم بتنفيذ ما تعاهدنا عليه؟
(تستلقي الحيوانات على الأرض دون حراك, وذلك تنفيذاً لخطتها)
الديك: (للكلب) أنك تئن بطريقة جيدة وكأنك مريض فعلاً؟
الكلب: (وهو مستلقي على الأرض) لقد تمرنت على طريقة الأنين تلك, طيلة الليل.
الحمار: أسمعوني جيداً يا أصدقائي, لا يتحرك أحداً منكم من مكانه مهما حصل.
الدجاجة: لن أتحرك خطوة واحدة حتى نحصل على حقوقنا.
الديك: (بتودد للدجاجة) نعم يا عزيزتي, لن نبرح مكاننا إلا بعد أن يلبي المزارع طلباتنا.
الكلب: يا له من كلام كبير, أيها الديك ما معنى نبرح.
الديك: نبرح بمعنى نترك.
الكلب: (مرددا مع نفسه) نبرح بمعنى نترك, (للحمار) يا حمار كيف سيعرف طلباتنا؟
الحمار: أسمع أيها الكلب, عندما يرانا بهذه الحال, سيفكر بالسبب الذي جعلنا نمرض, وعندها سيعرف بأن كثرة الأعمال التي يرهقنا بها هي السبب في ما نحن عليه, وبالتالي سيخفف عنا الأعمال, هل فهمت؟
الكلب: نعم, لقد فهمت الآن.
الدجاجة: لقد جاءت الفرصة لأنال منك أيها المزارع.
الديك: (للدجاجة) سنحقق ما نريد يا عزيزتي.
(يخرج المزارع يقف عند بابا الكوخ)
المزارع: آه .. لا زلت أشعر بالنعاس, لقد انقضى الليل سريعاً)
الحمار: (يهمس لأصدقائه) لقد جاء المزارع, انتبهوا يا أصدقائي, ولا تنسوا ما اتفقنا عليه.
الجميع بصوت واحد: مثلما أتفقنا.
الكلب: لا تقلق يا صديقي, سننفذ الخطة على أتم وجه.
الديك: (بتعجب) ما هذا!؟
الحمار: ما بك أيها الديك؟
الديك: أنني مندهش جداً, من أين يأتي الكلب بمثل هذا الكلام كبير؟
الدجاجة: دعونا من هذا الكلام الآن, ولنعمل على تنفيذ ما تعاهدنا عليه؟
(يخرج المزارع من الكوخ, يقف عند الباب وهو يقوم بترتيب ملابسه)
المزارع: (يتقدم بضع خطوات من كوخه, يقوم بأداء بعض الحركات الرياضية, يتأوه) آه.. لقد جاء الصباح, يا له من صباح جميل (ينظر في أرجاء المكان, ينادي على حيواناته) أين أنتم يا حيواناتي الجميلة, أين ذهبتم, (باستغراب) لا أسمع لهم أي صوت, أنه لأمر عجيب (يتقدم بضع خطوات نحو الأمام, يتفاجأ بما تراه عيناه, حيواناته بحالة يرثى لها, حيث يئن الجميع بصوت عال, يقوم المزارع بتفقدهم الواحد تلو الأخر بعطف وحنان) ما بكم يا حيواناتي, ما الذي أصابكم؟ لقد كنتم بالأمس بأحسن حال, لابد أنه مرض (يتقدم نحو الديك) آه ... يا ديكي الجميل أين صوتك القوي؟ لم أسمعه هذا الصباح, لم أسمعك وأنت تصيح لتوقظني, ما الذي أصابك؟ أراك ذابل الوجه لا تقوى على الحركة؟ (يتجه نحو الحمار) وأنت يا حماري القوي, لقد كنت نشيطاً ومليئاً بالحيوية والقوة, ما الذي أصابك؟ (يتقدم نحو الدجاجة) وأنت يا دجاجتي الحلوة, لم أسمع صوتك الجميل وأنت تصيحين بصوتك الجميل منادية عليّ, لتخبريني بأنك أنتجت لي البيض, ما بكِ هل حدث لك مكروه؟ (يقترب من المعزة) وأنتِ أيتها المعزة الجميلة المدللة ما الذي أصابكِ, (يتقدم نحو الكلب) وأنت يا كلبي الشجاع, يا حارس المزرعة الذي لا يكل ولا يمل عن الحركة, ما بك لا تتحرك وتملئ المكان بحركتك وبنباحك معلناً بان هناك كلباً قوياً يحرس هذه المزرعة؟ ما الذي أصابكم جميعاً, أعتقد بأنه وباء, (يتحدث مع نفسه) وماذا سيكون بعد ذلك, سأفقد الحيوانات, يجب أن افعل شيء, سأذهب إلى السوق وأجلب من يشتري هذه الحيوانات قبل أن تموت, ولكن كيف لي أن أبيع هذه الحيوانات , فهي عزيزة على قلبي جداً, وأنا أحبها ولا أريد أن افقدها, ماذا أفعل والمرض قد تمكن منها, لا.. لن أبيعها, سأذهب وأحضر لها الطبيب البيطري ليعالجها, نعم لن أبيعها أبداً أنها حيواناتي المفضلة (يتحدث مع الحيوانات) لا تقلقي يا حيواناتي, سأذهب لأحضر لكم الطبيب ليعالجكم, لن أترككم على هذه الحال أبداً, سأعود بسرعة لا تقلقوا.
(يخرج المزارع من المكان مسرعاً لإحضار الطبيب)
(ما أن يذهب المزارع, تنهض الحيوانات من مكانها, يعودون إلى طبيعتهم الأولى بعد أن تظاهروا عليه بالمرض)
الكلب: هل سمعتم ما قاله المزارع ؟
الديك: نعم لقد سمعنا.
الكلب: (متأثراً بما قاله المزارع) يا أصدقائي أن المزارع يهتم لأمرنا كثيراً, انه قلق وخائف علينا كثيراً.
الحمار: ما الذي تقوله أيها الكلب, فليس بالبعيد ما حدث للثور المسكين, الذي كسرت ساقه وهو يسحب المحراث, ما الذي فعله المزارع له, لقد أخذه معه إلى خارج المزرعة ولم يعد أبداً, لقد جاءَ بثور أخر بدلاً عنه, هل هذه هي العدالة؟
الديك: يا أصدقائي, أن ما قاله الكلب صحيح, لقد كان المزارع قلقا علينا كثيرا, في البداية فكر في أن يبيعنا, وبعدها قرر أن يجلب لنا الطبيب لمعالجتنا.
المعزة: أنه يحبنا ويرغب في مساعدتنا.
الدجاجة: انه خائف علينا, ولكن خوفه الأكبر من أن يخسر كل شيء.
الديك: يا أصدقائي إننا مع المزارع نشعر بالأمان والطمأنينة, ودائما ما نكون سوية, كما أننا لم نفترق منذ سنين طويلة, فكروا بالأمر.
الكلب: نعم سأفكر لو أن المزارع قام ببيعنا, يالها من كارثة, سنفترق عن بعضنا ولن يرى أحدنا الأخر أبدا.
الديك: (يتحرك بضع خطوات مبتعداً عن أصدقائه) يا اصدقائي أننا مع المزارع نشعر بالأمان والطمأنينة, ودائما ما نكون سوية, كما أننا لم نفترق منذ سنين طويلة, فكروا بالأمر, لو أن المزارع قام ببيعنا, فسوف نذهب لإنسان أخر لا نعرف عنه أي شيء, هو أيضاً لا يعرف عنا أي شيء, لذا سيكون من السهل عليه التفريط بنا, وتفريقنا عن بعضنا البعض.
الدجاجة: وأنا لا أتصور كيف ستكون عليه حياتي بدونكم.
الحمار: لن يحدث ذلك أبدا.
الديك: كيف ذلك.
الحمار: من أجلكم سنغير خطتنا.
الكلب: (ببلادة) وكيف ذلك؟
الحمار: سنعود إلى ما كنا عليه في السابق, أنا ذلك الحمار القوي الذي لا يعرف التعب أو الكسل, (للديك) وأنت أيها الديك, سيكون صوتك الجميل هو المنبه الذي سيوقظنا جميعنا, (للدجاجة) أما أنت أيتها الدجاجة, ستكونين مطيعة ونشيطة بإنتاج البيض, وانتِ أيتها المعزة ستكونين المدللة الجميلة لدى المزارع.
الكلب: وأنا, لقد نسيتني أيها الحمار, أم انه لا داعي لما أقوم به من أعمال؟
الحمار: لا يا صديقي الكلب, أن ما تقوم به, لا يقل أهمية عما نقوم به نحن من أعمال, فأنت الحارس الأمين للمزرعة.
الديك: (مازحاً) وكما انه يقوم بالتنظيف في النهار .
الكلب: (بخجل) أرجوك أيها الديك, كف عن هذا الكلام .
الحمار: أما الآن يا أصدقائي علينا إعادة النظر بما نحن عليه, ولنعود إلى طبيعتنا والى أعمالنا دون أن نتذمر من ذلك.
الكلب: نعم علينا القيام بما كنا نقوم به.
الديك: وكيف سنعود إلى ما كنا عليه, وقد شاهدنا المزارع ونحن نئن من شدة المرض؟
الدجاجة: (تتساءل بقلق) سيأتي المزارع ومعه الطبيب , وسيكتشف الطبيب بأننا لسنا بمرضى, وإنما كنا نتظاهر بالمرض , وهذه مشكلة أخرى ؟
الحمار: لا تقلقوا يا أصدقائي, عندما سيأتي المزارع سيرانا بأحسن حال, ولن ندع أي أحد مهما كان, أن يفرقنا عن بعضنا البعض, فتهيئوا لاستقبال المزارع بنشاط وحيوية, حتى وان كان الطبيب معه.
الكلب: قد يكتشف الطبيب بعد أن يجري الفحص علينا بأننا كنا نتظاهر بالمرض؟
الحمار: لن يكون هناك الوقت الكافي للطبيب لمعرفة ذلك.
الدجاجة: كيف ؟
الحمار: لأننا سنكون على أفضل حال, عندها لن يكون هناك مرضى ليفحصهم الطبيب.
الديك: أنا معكم هيا بنا لنستقبل المزارع.
الدجاجة: وأنا معكم أيضاً.
المعزة: ماذا هل نسيتموني.
الحمار: كيف ذلك يا عزيزتي, أنتِ معنا دائما وابدا.
الكلب: (ينبح مبتهجاً وهو يدور بالمكان) مرحى.. سنبقى سوية.. سنبقى سوية.
الحمار: نعم يا أصدقائي سنبقى سوية وهذا أجمل ما نستطيع الحصول عليه صداقة إلى الأبد.
الدجاجة: أنه المزارع, لقد جاء.
الكلب: (مندهشاً) ولكنه لوحده, أين الطبيب!؟
الحمار: هذا أفضل, هيا بنا نتهيأ لاستقباله.
الديك: هيا بنا.
الدجاجة : إذا كان فعل ذلك سيبقينا سوية, هيا بنا لنستقبله.
الكلب: (يدور حول نفسه فرحاً) أنا فرح جداً.
الديك: (للكلب) شيء أكيد هذا لأنك ستعود إلى عملك, اقصد إلى وظيفتيك, الحراسة والتنظيف.
الكلب: لا أيها الديك, أن فرحي الشديد, هو أننا سنبقى سوية.
الحمار: أشعر بالسعادة وأنا معكم يا أصدقائي.
الدجاجة: وأنا لا أتصور كيف ستكون عليه حياتي بدونكم.
الكلب: (للدجاجة) لن نفترق أبداً, لأن الحب يجمعنا.
الديك: (يمازح الكلب) ما الذي تقوله لدجاجتي؟
الكلب: (يتلعثم) لا شيء..
الديك: لقد سمعتك, نعم أن الحب هو الذي يبقينا سوية.
الحمار: لقد جاء المزارع هيا بنا لنستقبله.
(يدخل المزارع وهو يتحدث مع نفسه, دون أن يشاهد ما أصبحت عليه الحيوانات من تغيير في صحتها)
المزارع: (بحزن) كيف لم يأتي معي الطبيب, رغم أنني أخبرته بان حيواناتي بحاجة ماسة للعلاج, كيف لم أستطع إقناع الطبيب بالمجيء, أنه يقول بأن لديه حالة مستعجلة, يا له من حظ عاثر, آه .. يا حيواناتي المسكينة, أرجو المعذرة يا حيواناتي.
(الحيوانات وهي تتجه نحو المزارع, الديك يصيح بصوته العالي وهو يرفف بجناحيه, الكلب وهو ينبح ويدور حول المزارع, الدجاجة وهي تتحرك بنشاط وحيوية, الحمار وهو يتحرك بكل حيوية قرب المزارع, والمعزة تقفز في المكان بمرح وحيوية)
المزارع: (فرحاً) آه.. يا حيواناتي العزيزة, لقد أحسست بأنني سأفقدكم إلى الأبد؟ حمدا لله على سلامتكم, اسمعوني جيداً يا أحبائي, لقد عرفت الآن ما الذي أثر على صحتكم وجعلكم على هذا الحال, إنكم تعانون من كثرة العمل, أنا أيضاً اشعر بأن صحتي تكون على غير ما يرام حينما أرهق نفسي بالعمل, ولكنكم لا تستطيعون الكلام لتخبروني بذلك, وعليه فقد قررت, ومن هذه اللحظة أن يكون لدينا يوم في الأسبوع مخصصاً للراحة واللعب, ولن يكون في هذا اليوم أي عمل نقوم به, سيكون اليوم للعب والراحة فقط, ولا شيء غير ذلك, صدقوني أنني أحبكم كثيراً, ولا أتصور كيف ستكون عليه حياتي هنا في هذه المزرعة من دونكم, فأنتم حيواناتي المفضلة التي أحبها كثيراً, اذهبوا الآن وألهو كيفما تريدون, ولكن لا تبتعدوا كثيراً, (فرحاً وهو يتحرك بين حيواناته) كم جميل أن أراكم بصحة جيدة ونشاط, هيا اذهبوا واستمتعوا بيومكم, أما أنا فسأذهب إلى البيت لأخذ قسطاً من الراحة أيضا.
(يذهب المزارع باتجاه الكوخ, وما أن يصل إلى الكوخ حتى يدخل ويغلق خلفه الباب, وما هي إلا لحظات قليلة حتى يبدأ المزارع بالتثاؤب بصوت عال)
(الحيوانات تتحدث فيما بينها)
الديك: (ينظر باتجاه الكوخ) ونحن نحبك أيضا أيها المزارع.
المعزة: نعم نحبك لأنك تهتم لأمرنا.
الكلب: وسنكون دائماً معا.
الدجاجة: ولن يفرقنا شيء أبداً مهما حدث.
الحمار: يا أصدقائي فبعد أن سمعنا كلام المزارع وشاهدنا مدى خوفه علينا, لذا يجب علينا أن نكون الحيوانات المطيعة التي تنفذ أوامره , وتسمع كلامه.
الديك: نعم هذا مؤكد, أما أنا فسيكون صوتي صادحاً منبهاً للجميع من قبل طلوع الشمس.
الدجاجة: أما أنا فسأنتج له البيض من دون كلل أو ملل.
الكلب: ما هذا؟ لقد نسيتموني مرة أخرى؟ حسناً أما أنا فسأظل يقظاً لحراسة المزرعة ليلا.
الديك: (بمكر) وفي النهار لا تنسى التنظيف.
الكلب: (بخجل) ما هذا أيها الديك, ألا تكف عن هذا الموضوع؟
الحمار: هيا بنا يا أصدقائي لنلعب ونلهو.
الديك: هيا بنا.
(الديك والدجاجة والحمار والكلب والمعزة, وهم يلهون مع بعضهم البعض, يملئون المكان بحركاتهم ورقصاتهم وغنائهم)
الأصدقاء وهم يستمتعون بالرقص والغناء:
نحن الأصدقاء ... نحن الأصدقاء
نلعب نلهو دون عـناء
بالحب نحيا والوفاء
نعمل بجد دون رياء
نحن الأصدقاء ... نحن الأصدقاء
لا نعرف للكسل طريق
نعمل سوية كالفريق
وهذا المزارع خير صديق
نحن الأصدقاء ... نحن الأصدقاء
سنبقى معاً مدى الحياة
أنا وأنتِ وأنت وأنت
جذورنا تمتد في هذا المكان كالنبات
نحن الأصدقاء ... نحن الأصدقاء

النهاية



#محمد_كاظم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية الأطفال (حدث في مزرعة) الموجهة للأعمار من (8-12 سنة)


المزيد.....




- ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية ...
- حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
- عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار ...
- قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح ...
- الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه ...
- تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
- مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة ...
- دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
- وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
- وفاة صاحبة إحدى أشهر الصور في تاريخ الحرب العالمية الثانية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كاظم محمد - مسرحية الأطفال (حدث في مزرعة) الموجهة للأعمار من (8-12 سنة)