|
التحدي
ناديه كاظم شبيل
الحوار المتمدن-العدد: 1772 - 2006 / 12 / 22 - 07:29
المحور:
الادب والفن
عاد والدي متأخراهذا المساء ،تلوح في عينيه الحانيتين نظرة غريبة ،يجتمع فيهما الفرح والحزن معا،أمعن النظر الي ،اراد ان يقول شيئا ما ،ولكنه تردد شعرت بالحياء من تلك النظرة الحائره ، اردت ان اسأله ماذا هنالك ياوالدي الحبيب ؟ ولكن حيائي منعني من طرح السؤال ،يالهي كم احب ابي ! يخال لي ان جدتي هي الوحيدة بين النساء من استطاعت ان تنجب مثل هذا الرجل الحنون ،يحمل ابي في نظرة عينيه كل حنان الدنيا ، سوف لن اتزوج الاّ من شخص له نفس خصال ابي ،ثقافة عاليه واتزان نظرة صائبة لعواقب الامور علاوة على ذلك انه محل ثقة الاخرين ،فلم يفش سرا لأحد . في الصباح عرفت السر ،جاءت والدتي والقت على مسامعي كلاما مهما ،ولكنها قالته بطريقة عابره وكأن الأمر ليس بذات اهميه :هل تعلمين من خطبك ليلة البارحه؟ قلت بلهفة من ياامي ؟انه قريبك مدحت الملازم؟ نعم هو بعينه احتضنتها بشده وقبلتها قبلات سريعه ورقصت جذلى من الفرح وانا اردد ما تقوله الفتيات في بغداد في الآونه التي اعقبت ثورة تموز المباركه:لو ملازم لو ملازم. اي اما ان يكون زوج المستقبل ملازما والاّفلا. نظرت الي والدتي باستخفاف وهي تقول :هل غرك بريق النجمات التي تزين كتفيه؟رددت معترضه :كوني منصفة ياأمي فهو شاب فيه كل المميزات ،وسامة’مفلرطه ،وشخصية محببه ،انا على ثقة بانني ساكون محسودة من قبل جميع صديقاتي لكن برود والدتي افزعني ،قالت انك صغيرة وغريرة ،وهو معروف بعلاقاته المتعدده ،فهو لا يثبت على حبيبة واحده ،قلت مهونّه : ولكنه طلب يد ابنتك ومعنى هذا انني انا وحدي من استقر رأيه عليها . حاولت والدتي ان تسدل ستارا على الموضوع ،ولكني بقيت اتوسل اليها ان تقنع والدي به ،وانا اضمن لها بأنني سأتولى امر مدحت فلا ينظر يمينا او شمالا . كان عمري خمسة عشر ربيعا ،وكنت في اوج مراهقتي ،وكان مدحت يعني لي الكثير،فهو فارس تحلم به كل المراهقات. وافق ابي مرغما نزولا عند رغبتي ،ولكنه حذرني بان صاحبي لا امان له ،ضحكت في سري متحديه ،فانه ما اختارني الاّ لآقتناعه بسحري وجمالي ،فأنا أجمل جميلات العائله . مرت السنة الأولى من زواجنا ،ونحن نعيش حلما جميلا ،ترفرف السعادة على عشنا ،وعندما رزقنا بطفلنا الأول لم يكن الكون يسع فرحتنا ،كنت الزوجة المدلله التي لا يرد لها طلب ،وكنت محل اعجاب كل من يراني ،ولكن أهم ما يفرحني هو رضا زوجي وسعادته معي ،في عيد زواجنا الرابع رزقنا بطفلة جميلة جدا ، رفرفت السعادة باجنحة من نور على العائله الصغيره ،ولكن فجأة بدأ زوجي يتغيب من البيت ،ويتعلل بامور مقنعة جدا ،فأن احدى قريباتنا تريد ان تدخل الجامعه ،واختار والدها زوجي ليقوم بارشادها على كيفية التقدم واي جامعة تلك التي تناسب الفتاة .اغتضت في بادئ الأمر ولكن ثقتي بزوجي لا حدود لها ،علاوة على انني اجمل من الفتاة بكثير ،ولا وجه للمقارنة بيننا . لاحظت ان هنالك شيئا قد يبدو غريبا في بادئ الأمر ، وهو ان شغف زوجي يزداد بي كلما تزامن وقت زيارته للفتاة ، فلقد اصبح هائما بي الى درجة الجنون ،وكان ذلك يزيد من شدة اشتعال الحب والغرام بيننا ،لقد اصبحنا كعاشقين مجنونين رغم شكوك والدتي وتحذيراتها المستمرة لي من قريبتي الجامعيه . ازداد غياب زوجي وتعددت التعليلات ،اخذت الظنون تزعزع الثقة الكبيرة التي اوليتها له ،ثم بدأ يستهتر بي وبمشاعري ويقول : لا اريد سماع اي استفسار اين كنت وأين ستذهب ،فلست بطفلا كي توجهي لي مثل هذه الأسئله السخيفه . ثم يقول لي في احيان اخرى عندما أواجهه بتقّولات المحيطين بي :ثقي بكلامي انا لا بكلام الاخرين.وكنت لأجل الحفاظ على عشنا الوديع اصم اذناي عن همسات وتحذيرات والدتي ، ولكنه تمادى لدرجة ان بدأ ينام خارج البيت وعندما فاتحته بان يخبرني بحقيقة الأمر ،اعترف لي بكل جرأة انه قد خطب قريبته وعلى وشك الزواج منها . بكيت كثيرا وتوسلت له ان لا يفكر بنفسه فقط لأنه اب ومسؤول عن عائلته واطفاله ولكنه لم يبال.اضطررت الى زيارة والد الفتاة ورجوته بحق صلة الرحم التي تربطنا ان لا يوافق على الزواج ووعدني الرجل خيرا ،ولكن زوجي عاد مساءا مزمجرا وهدني بالطلاق ان اعدت الكرة ففتاته حاولت الأنتحار بأن صعدت فوق سطح الدار وحاولت ان ترمي بنفسها الى الشارع بسببي . اخيرا تزوجها رغما عني ،رفض والدي ان ابقى في بيتي بعد هذه الفاجعه واصطحبني وأطفالي الى بيته ،وعشت واطفالي تحت كنفه مدللة و لكن كأميرة مكسورة الجناح. كاد الحزن ان يقضي علي ،ضاعت مني كل احلامي نسيني زوجي ولكن طيفه الحبيب كان مخلصا لي يلازمني ليلا ونهارا ،اعطيت زوجته العذر ،فهو يدخل القلب بسهولة ويسر ،ولمت نفسي ووبختها نلأنني لو كنت حاصلة على شهادة جامعية لما تخلى عني ،فأنا لست سوى اميّة جاهلة . تحول حزني الى ارادة حديدية وقررت ان استعد للدراسه ،اعانني والدي على ذلك فكان استاذي وطبيبي ،دخلت الأمتحان الخارجي للصف السادس الأبتدائي وحصلت على نتيجة مذهلة،ثم واصلت الدراسة واجتزت المرحلة المتوسطة بنتيجة رائعه ،كان والدي فرحا بنتيجتي اكثر من اي مخلوق ،ربما لشعوره بالتقصير من ناحيتي حين وافق على زواجي وانا لا ازال طفلة لم تتعد مرحلة المراهقة بعد ،ثم قررت مواصلة الدراسة ودخلت القسم الأدبي واجتزت الأمتحان بنجاح باهر ،ثم تم قبولي في كلية الحقوق ،من شدة عشقي لزوجي عشقت الجامعه،واصبحت محامية يشار اليها بالبنان ،اخترت مكتبي بالقرب من بيت الحبيب ،كنت احمل حقيبة المحاماة وكانني احمل كنوز الدنيا ، خطت اللافتة التي تحمل اسمي كاملا بالوان براقة فوق جدار المكتب ،فلقد آن الأوان ان يسمع وان يرى بعينيه ،مدى حبي وأخلاصي له ، لقد تقدم لي الكثير من الشبان من يفوقون زوجي وسامة ومركزا ولكنني ينطبق علي قول الشاعر ما الحب الا للحبيب الأول ،فلقد اوصدت قلبي عن كل الرجال ولا زال طيفه يسكرني واسمه الجميل انشودة وبلسما لقلبي العاشق. لقد اصبح زوجي ابا لأربعة اطفال ،وكان يزور اطفالي خلسة ، فينتظرهم عند باب المدرسة عند الخروج او الدخول ،عرفت ذلك من الحلوى والهدايا التي كان يهديها لهم.لم امنعه من ذلك لأنهم في امسّ الحاجة اليه .فهو والدهم على اية حال .كنت لا ازال في ذروة الشباب ،والوظيفة اضفت الي الحيوية والسعادة ،رغم انها سعادة منقوصة ،فانوثتي تشكو الهوان وعواطفي ينهشها العطش والجوع. اصبحت ابنتي في ريعان الشباب تقدم لخطبتها شاب ر ائع ،احباّ بعضهما حبا طاهرا وقررا الأرتباط ،حانت فرصتي الآن ،طلبت من ابنتي ان تحصل على موافقة والدها ، اتصلت به وطلبت منه الحضور الى بيتنا ،حضر بدون تردد ،لأول مرة تلامس كفه كفي ،ارتعشت واحس برعشت يدي بين يديه ، نظر في عيني بحنان ولأول مرة ارى في عينيه نظرة ابي الحانية ،تمنيت ان القي برأسي على صدره وابكي من قسوته ولكنني تمالكت نفسي بصعوبة بالغه. حدثته ابنتي عن خطيبها ، بينما احضرت له الطعام الذي كان يعشقه ،تحدثنا وضحكنا ،وكأننا لم نفترق حتى ولاساعة واحده،نسيت انه متزوج بأخرى الاّ حينما هم بالوداع ،طلبت منه ابنتي ان يتردد على بيتنا ،لأنها اخبرت خطيبها بأننا لم ننفصل وانه متزوج من امراة اخرى وانه يتردد هنا وهناك بالتساوي ،شعر زوجي بالحياء الشديد من كلامها هذا وقرر زيارتنا باستمرار ،خاصة وانني لم اطلب منه الطلاق لحد الآن. في يوم خطوبتها ارتديت فستانا رائعا ، حضر العريس واهله والتقطنا بعض الصور التذكاريه ،وقف بجانبي ثم مال واحتضنني بلهفة وشوق وابنتنا تتوسطنا ،كانت فرحة اولادي لا توصف ،اخذوا يلتقطون لنا الصور التذكاريه وكأننا نحن العروسين لا ابنتنا وخطيبها ،كانت الحصيلة مجموعة من الصور الرائعه ،لقطات دافئة وعواطف جياشة صادقة حب وشوق وتسامح ولهفة وندم .لم انم ليلتها لحظة واحدة ، كنت اريده من كل قلبي ،فهو لي ،لي وحدي انا والأخرى سارقة سرقت سعادتي وحطمت عشي السعيد الجميل . اهديت الصور لأبنة عمي ،وهي قريبة ضرتي ايضا ،اخبرتها عن الصور ولما طلبت منها ان تحضرها لها ،تمنّعت ابنة عمي خوفا عليها من الصدمة كما ادّعت ،مما حفزها على الأصرار على رؤية الصور،شاهدت الزوجة الصور وجن جنونها ،وعندما عادت الى البيت اخبرت زوجي بخيانته ،وبأنها شاهدت كل شئ فليوفر على نفسه عناء الكذب او التبرير،لم يقل زوجي شيئا ولكنها اقسمت بانها سوف لن تتركه لي وانما ستبقيه عندها حقدا علي ولكن حرّمت عليه الأقتراب منها وضّيقت عليه الخناق. تأزمت حالته الصحيه للأسف الشديد واصيب بجلطة قلبية ، نجى من الموت بأعجوبة ،ونصحه الأطباء بأجراء عملية جراحية خارج القطر ،وددت لو انني انا من سترافقه ولكن كتب علي الحرمان منه حتى لحظة وفاته ،فلقد توفي بعيدا عن ارض الوطن في غرفة العمليات الجراحيه. بعد غياب دام لسنوات طويلة ،لم احصل منه الاّ على صور جميلة تمثل قمة السعادة الزوجية بالنسبة لي ،وشابين رائعين يحملان تقاطيع وجهه الحبيب
#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لولا القدرلكان عدوي انا ،ولكنت عدوي
-
مسلمو اوربا : تتخبط النساء في الجحيم ،ليرتع الرجال في النعيم
-
فكرنا اله متفرد وشيطان متمرد
-
انها وصمة عار في ضمير الانسانيه
-
لأنك انت العنفوان
-
نحن من يعشق خلق الالهه
-
الحكام والرؤساء والملوك العرب :نحن لا نرى ،لا نسمع ،لا نتكلم
...
-
جدتنا ذات النطاقين
-
سأل سائل
-
امي تحصل على قبر!
-
عندما تنقلب الموازين عند بعض المفكرين
-
الى الملوك والحكام العرب مع ارق التحيه
-
الى الملوك والحكام العرب مع ارق التحيه ..تتمه
-
الشيطان داخل القفص
-
الحسناء والبعير
-
من خان يونس يتعالى صوت فادي الهادر ليخرس صوت الانفجارات والق
...
-
تعيش العمامه وتحيا السداره وليسقط الوطن
-
قم حمورابي وانشر شريعتك من جديد، فلقد تقدمنا قرونا للوراء
-
قوات الاحتلال قد امعنت في بلادي الدمار
-
غن ام زياد..فلبنان الاباء والصمود ما زال يعزف ويناشدك الغناء
المزيد.....
-
افتتاح مهرجان -أوراسيا- السينمائي الدولي في كازاخستان
-
“مالهون تنقذ بالا ونهاية كونجا“.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا
...
-
الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم
...
-
“عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا
...
-
وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
-
ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
-
-بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز
...
-
كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل
...
-
هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|