أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخامس من كتاب - مواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا للإنقلاب التحريفي و إعادة تركيز الرأسمالية في الصين ، منذ سبعينات القرن العشرين















المزيد.....



إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخامس من كتاب - مواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا للإنقلاب التحريفي و إعادة تركيز الرأسمالية في الصين ، منذ سبعينات القرن العشرين


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 8079 - 2024 / 8 / 24 - 15:50
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 48 / مارس 2024
https://www.ahewar.org/m.asp?i=3603
مواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا للإنقلاب التحريفي و إعادة تركيز الرأسمالية في الصين ، منذ سبعينات القرن العشرين
-------------------------------------------------------

مقدّمة الكتاب 48

في أواسط خمسينات القرن الماضيّ ، عقب وفاة ستالين ، لمّا حصل الإنقلاب التحريفي في الإتّحاد السوفياتي و صعدت التحريفيّة إلى السلطة و بالتالى صعدت البرجوازية الجديدة إلى السلطة فحوّلت الحزب و الدولة البروليتاريّين إلى حزب و دولة برجوازيّين و أعادت تركيز الرأسماليّة ، ذُهل الشيوعيّون الحقيقيّون بالحزب السوفياتي و ذُهلت الغالبيّة الساحقة من أحزاب و منظّمات الحركة الشيوعيّة و لم تجد نفسها قادرة على فهم ما كان يجرى على أرض الواقع فهما علميّا ماديّا جدليّا لأنّ هذه الإمكانيّة كانت مستبعدة نظريّا و عمليّا فمنذ ثلاثينات القرن العشرين و صياغة الدستور الجديد للإتّحاد السوفياتي، إعتُبر أنّه لا توجد في الإتّحاد السوفياتي الإشتراكي حينها غير طبقتين صديقتين هما البروليتاريا و الفلاّحين إلى جانب الأنتلجنسيا أو المثقّفين الثوريّين أساسا . و لسنوات ما من حزب تمكّن من إدراك كنه و فحوى ما كان يجدّ هناك من إعادة تركيز للرأسماليّة في الإتّحاد السوفياتي غير الحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ . فظلّت الغالبيّة الساحقة من الأحزاب و المنظّمات صلب الحركة الشيوعيّة العالميّة تتّبع عن عمى القيادة التحريفيّة السوفياتيّة بينما وقف عدد لا بأس به من الأحزاب و المنظّمات في البداية مكتوفى الأيدى ، في ذهول و تردّد أمام الصراع الذى كان يشنّه الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفية المعاصرة منذ الخمسينات . لكن هذا الصراع العظيم أتى أكله في بداية ستّينات القرن العشرين حركة ماركسيّة – لينينيّة قطعت في الأساس مع التحريفيّة المعاصرة بشتّى ألوانها كان محورها الشيوعيّون الصينيّون و قامت على عديد الوثائق التي صاغها هؤلاء بإشراف من ماو تسى تونغ و أبرزها " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعيّة العالميّة " الذى نشر سنة 1963 (وهو معروف أيضا ب" رسالة الخمسة و العشرين نقطة " )...
لكن لمّا إستولى التحريفيّون الصينيّون على مقاليد السلطة في الحزب و الدولة و حوّلوهما إلى نقيضهما ، من بروليتاريّين على برجوازيّين ، سرعان ما قام عدد هام من الأحزاب و المنظّمات الماركسيّة – اللينينيّة الحقيقيّة بخوض صراع لا هوادة فيه ضد الخطّ التحريفيّ الصينيّ داخل الصين و خاصّة خارجها . و مردّ هذا البون الشاسع في التعاطى مع الإنقلابين التحريفيّين هو أن الحركة الماركسيّة – اللينينيّة كانت متسلّحة في معظمها بنظريّة مواصلة الثورة في ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا ، النظريّة التي طوّرها ماو تسى تونغ على أساس التقييم العلمي المادي الجدلي الذى أجراه للتجربة الإشتراكية السوفياتيّة و تجربة صراعات الخطّين صلب الحزب الشيوعي الصيني و بناء الإشتراكيّة في الصين و طبعا قتال التحريفيّة المعاصرة بجميع أرهاطها .
و هكذا حدث تطوّر نوعيّ من إنكار لوجود الطبقات و التناقضات الطبقيّة العدائيّة و الصراع الطبقي في ظلّ الإشتراكية و من ثمّة إنكار إمكانيّة إعادة تركيز الرأسماليّة بإعتبار الإشتراكية ماركسيّا و كما بيّنت التجارب مرحلة إنتقاليّة تحتمل التقدّم و التراجع ، تحتمل إمكانيّة العودة إلى الوراء ، إلى الرأسماليّة ، كما التقدّم نحو الشيوعيّة ؛ إلى نظريّة مواصلة الصراع الطبقي في ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا و الثورة الثقافيّة وسيلة و أداة بيد الشيوعيّين الثوريّين لخوض مثل ذلك الصراع و الحيلولة دون إنتصار الخطوط التحريفيّة و إعادة تركيز الرأسماليّة . و هذه حقيقة موضوعيّة لا يزال يدير لها ظهورهم كافة الإنتهازيّين و منهم بخاصة التروتسكيّين و الخوجيّين بكلّ أصنافهم .
في الصين الإشتراكية عهد ماو تسى تونغ ، و بوجه خاص إبّان الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى التي إمتدّت من 1966 إلى 1976 ، واجه الماركسيّون – اللينينيّون – الماويّون ألوانا من الخطوط التحريفيّة التي كان يتزعّمها ليو تشاوتشى و دنك سياو بينغ و لين بياو و غيرهم . و قبل وفاة ماو بأكثر من السنتين ، خاضوا نضالات عظيمة في شكل حملات سياسيّة ضد " ريح الإنحراف اليميني " الذى قاده دنك سياو بينغ و أمثاله . و حتّى حينما جدّ الإنقلاب التحريفي ، قاوم الماويّون الصينيّون مقاومة شرسة التحريفيّين المستولين على الحزب والدولة وقد سجّل التاريخ أنّ مقاومتهم بلغت المقاومة المسلّحة. و على سبيل المثال لا الحصر، ورد التالى في مقال ريموند لوتا، " المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ 1973-1976"، ( مقدّمة كتاب ، " و خامسهم ماو " ، بانر براس ، شيكاغو ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، 1978 ) :
" فقد إضطرّ [ التحريفيّون ] إلى إرسال جيش التحرير الشعبي إلى شنغاي و بيكين و إلى غيرها من المناطق أيضا . فى مفترق سكك حديدية محوري ، باوتين ، جنوب بيكين ، وجد تقرير إعلامي عن كون آلاف الفرق إلتحقت بالمتمرّدين و حتى الحكّام الحاليّين إعترفوا بأنّهم لم يستطيعوا السيطرة على المعارضة إلاّ فى مارس 1977 .
و كانت إذاعات مقاطعات تذيع فى الخارج بين نوفمبر 1976 و جوان 1977 تكشف أحداثا متواترة من الهجمات ضد المقرّات و المنشآت العسكرية فى بيكين و أعمال مقاومة مسلّحة . و فى بعض المناطق لم تعد من جديد حركة نقل السكك الحديدية إلاّ فى مارس 1977 و وردت تقارير عن إضطرابات فى عديد المصانع الكبرى فى مختلف جهات البلاد . و فى يونان ، وجدت تقارير عن غياب جماعي إحتجاجا على فرض ضوابط و قوانين ما قبل 1966 . و فى المدّة الأخيرة ، تسرّبت تقارير عن الصراعات فى الجامعات . و مع ذلك ، يجب الإقرار بأنّ اليمين ماسك بصلابة بزمام القيادة فى هذه اللحظة .
و جرى طرد نحو ربع اللجنة المركزية ( بما فى ذلك الأعضاء النواب ) إثر الإنقلاب ، 51 منهم كانوا قادة جماهيريّين بارزين من الطبقة العاملة . و عُزل ستّة وزراء مرتبطين بالأربعة من مجلس الدولة و 13 من ال29 قائدا حزبيّا من الوحدات الإداريّة ( محافظات و مناطق حكم ذاتي إلخ ) طُردوا. و حدثت التغييرات الأتمّ فى قسم دعاية اللجنة المركزيّة و وسائل الإعلام المركزيّة التى كانت منذ الأيّام الأولى للثورة الثقافيّة حصنا لليسار بدعم نشيط من ماو تسى تونغ . و أربعة عشر شخصا من الموظّفين الرئيسيّين الذين يحتلّون الآن مواقعا محوريّة فى جهاز الإعلام المعاد بناؤه من الذين أطاحت بهم الثورة الثقافيّة . و توجّه القمع إلى المستويات الأكثر قاعديّة بما أنّه هناك كانت القوّة الأوفر للقوى الثوريّة .
فى مارس 1977 ، أعلم لأوّل مرّة عن إعدامات من خلال ملصقات على الجدران و سنة بعد الإنقلاب دعت إفتتاحية مشتركة بين " يومية الشعب " و " الراية الحمراء " و جريدة جيش التحرير الشعبي إلى " بذل جهود كبرى لنقد " مجموعة الأربعة " و " التحطيم التام لبرجوازيّتهم الحمراء السكتاريّة " ؛ و هذا ليس مؤشّرا فقط عن تواصل المقاومة بل أيضا عن موجة الإرهاب التى تطبّق ضد الجماهير ( و كذلك عن صراع الكتل داخل اليمين ). "
( إنتهى المقتطف )
و نهض الماويّون الحقيقيّون عبر العالم ( ليس جميع الماويّين طبعا فمنهم من تبنّى الخطّ التحريفي لدنك سياو بينغ على أنّه زورا و بهتانا خطّ ماو الثوريّ ) بالواجب الذى دعاهم إلى القيام به ماو تسى تونغ منذ 1965 حيث قال صراحة و بلا مداورة متحدّثا عن إمكانيّة خسارة الصين الإشتراكية و إعادة تركيز الرأسماليّة فيها :
" إذا إفتكّ التحريفيّون مستقبلا قيادة الصين ، على الماركسيّين – اللينينيّين فى كافة البلدان أن يفضحوهم بصرامة و أن يناضلوا ضدّهم و أن يساعدوا الطبقة العاملة و الجماهير الصينيّة فى قتال هذه التحريفيّة ."
( ماو تسى تونغ ، 1965 )
و كمدخل و تلخيص للموقف الشيوعي الثوري دفاعا عن علم الشيوعية الذى طوّره ماو تسى تونغ ذاته كأحد أبرز قادة البروليتاريا العالمية لعقود ، نقترح عليكم ما أعربت عنه مجموعة لا بأس بها من الأحزاب و المنظّمات الماويّة التي عملت موحّدة ضمن " الحركة الأمميّة الثوريّة " من 1984 إلى 2006 – على أنّه وجب التنويه إلى تطوير الخلاصة الجديدة للشيوعية / الشيوعيّة الجديدة و مهندسها بوب أفاكيان لهذا الملخّص من المواقف و قد جدّ صراع خطّين بشأن نقاط منه و نقاط أخرى صلب الماويّين الذين إنقسموا إلى إثنين أساسا و قد حمل أحد كتبنا المخصّص للغرض عنوان " الماوية تنقسم إلى إثنين ". و قد ورد فى " بيان الحركة الأممية الثوريّة " لسنة 1984 :
" ماو تسى تونغ ، الثورة الثقافية و الحركة الماركسية - اللينينية - الماوية :
لقد شرع ماوتسى تونغ و الماركسيين – اللينينيين فى الحزب الشيوعي الصيني، مباشرة بعد الإنقلاب الذى قاده خروتشوف، فى تحليل ما حصل داخل الإتحاد السوفياتي و الحركة الشيوعية العالمية.و أخذوا فى النضال ضد التحريفية المعاصرة . و فى 1963 ، نشرت الرسالة ذات الخمسة و عشرين نقطة (" إقتراح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية ") التى أدانت التحريفية بصفة علنية و كاملة ووجهت نداءا لجميع الماركسيين – اللينينيين الحقيقيين فى جميع البلدان.
إنّ جذور الحركة الماركسية - اللينينية- الماوية المعاصرة ترجع بالنظر إلى هذا النداء التاريخي و الصراعات التى صاحبته.
و لقد قام ماو و الحزب الشيوعي الصيني ، محقين كثيرا فى الرسالة ذات الخمسة و عشرين نقطة و الصراعات التى صاحبتها،
- بالدفاع عن الموقف اللينيني بخصوص دكتاتورية البروليتاريا ودحض النظرية التحريفية المزعومة" لدولة الشعب كله ".
- بالدفاع عن ضرورة الثورة المسلحة ورفض الإسترتيجيا المزعومة " للتحول السلمي للإشتراكية "
- بمساندة و تشجيع نموّ الحروب التحررية الوطنية للشعوب المضطهَدة و أظهروا أنه من المستحيل وجود إستقلال فعلي فى ظلّ "الإستعمار الجديد"و فنّدوا الموقف التحريفي المزعوم القائل بتجنب الحروب التحررية الوطنية خوفا من إنخرام "السلم العالمي".
- برسم تقييم عام إيجابي حول مسألة ستالين و تجربة البناء الإشتراكي فى الإتحاد السوفياتي ، ومقاومة التشويهات التى تجعل من ستالين "جزارا "و "طاغية " مع توجيه فى نفس الوقت بعض النقد العام للأخطاء التى سقط فيها ستالين .
- بمواجهة مجهودات خروتشوف الهادفة إلى فرض خط تحريفي على الأحزاب الأخرى ، ونقد توراز و توليوتي ، و تيتو و تحريفيين معاصرين آخرين .
- بتقديم رسم أولي جنيني حول الطرح الذى يشتغل عليه ماو تسى تونغ و المتعلق بالطبيعة الطبقية للمجتمع الإشتراكي و مواصلة الثورة فى ظلّ ديكتاتورية البروليتاريا .
- بالدعوة للقيام بتحليل عميق للتجربة التاريخية للحركة الشيوعية العالمية و جذور التحريفية .
إن هذه المقترحات و بعض الجوانب الأخرى من رسالة ال25 نقطة و الصراعات ، كانت و لا تزال ذات أهمية كبرى للتفريق بين الماركسية - اللينينية و التحريفية . و لقد شجع ماو و الحزب الشيوعي الصيني من خلال هذه الصراعات الماركسيين - اللينينيين على القطع مع التحريفيين و على إعادة بناء أحزاب جديدة بروليتارية ثورية . ومثلت هذه الصراعات قطيعة أساسية مع التحريفية المعاصرة و شكلت أساسا كافيا للماركسيين - اللينينيين يقدرون من خلاله على خوض النضال . رغم ذلك فإن نقد التحريفية لم يذهب بعيدا و لم يتناول العديد من المسائل و برزت بعض وجهات النظر الخاطئة فى نفس الوقت الذى وقع فيه نقد وجهات نظر أخرى . و بالذات لأن ماو و الحزب الشيوعي الصيني و هذه الصراعات لعبوا دورا ذا أهمية كبيرة فى بناء حركة ماركسية - لينينية - ماوية فى العالم فإنه من الحق و الضروري الإشارة إلى المظاهر الثانوية ذات الطابع السلبي لهذه الصراعات و لنضال الحزب الشيوعي الصيني فى الحركة الشيوعية العالمية .
لقد طرحت رسالة ال25 نقطة بخصوص البلدان الإمبريالية الموضوعة التالية :
" و فى البلدان الرأسمالية التى يسيطر عليها الإستعمار الأمريكي أو يحاول السيطرة عليها ينبغى على الطبقة العاملة و جماهير الشعوب أن توجه هجومها بصورة رئيسية إلى الإستعمار الأمريكي ، و أيضا إلى الطبقة الرأسمالية الإحتكارية و القوى الرجعية المحلية الأخرى التى تخون المصالح الوطنية ". إن رؤية الأشياء بهذه الكيفية التى أضرت بتطور الحركة الماركسية – اللينينية فى مثل هذه البلدان قد أخفت حقيقة أن "المصالح الوطنية " فى بلد إمبريالي هي مصالح الإمبرياليين و أن الطبقة الرأسمالية الإحتكارية فى السلطة لا تخون هذه المصالح بل بالعكس تدافع عنها مهما كانت طبيعة التحالفات التى تقوم بإبرامها مع بعض القوى الإمبريالية الأخرى بالرغم من أن هذه التحالفات تشمل لا محالة لامساواة. فى حين أنه وقع تشجيع بروليتاريا هذه البلدان على مزاحمة البرجوازية الإمبريالية لمعاينة من هو قادر أكثر على الدفاع عن مصالح هذه الأخيرة . للحركة الشيوعية العالمية تاريخ كامل مع طريقة رؤية الأشياء هذه و قد حان الوقت للتخلص منها .
و على الرغم من أن الحزب الشيوعي الصيني قد أولى إهتماما بالغا لتطوير الأحزاب الماركسية - اللينينية - الماوية المعارضة للتحريفية ، فإن هذه الأحزاب لم تقدر على وضع الأشكال و الطرق الضرورية لبناء الوحدة الأممية للشيوعيين . ورغم كل الإسهامات فى الوحدة الإيديولوجية و السياسية ، فإنها لم تقم بالمجهودات الملائمة لبناء الوحدة التنظيمية على الصعيد العالمي. لقد إهتم الحزب الشيوعي الصيني أكثر من اللازم بالجوانب السلبية (مثل مشكلة المركزية المجحفة خاصة ) التى خنقت مبادرة و إستقلالية الأحزاب الشيوعية أعضاء الكومنترن . وعلى الرغم من أن الحزب الشيوعي الصيني كان على حق حين إنتقد نظرية " الحزب الأب " و تأثيرها السيئ على الحركة الشيوعية العالمية و حين أكد على ضرورة مبدأ العلاقات الأخوية بين الأحزاب ، فإن غياب الإطار التنظيمي الذى كان يمكّن من الخوض فى جميع وجهات النظر والوصول إلى أفق موحد ، لم يساهم فى حلّ هذه المشكلة بل زاد من حدتها .
و إن كان النضال ضد التحريفية المعاصرة على المستوى النظرى لعب دورا عظيما فى تجميع الحركة الماركسية – اللينينية - الماوية ، فإن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ( و التى كانت هي الأخرى فى جزء كبيرمنها ثمرة هذا النضال ضد التحريفية المعاصرة ) جسدت الشكل النضالي الجديد الذى لم يسبق له مثيل فى التاريخ وولدت جيلا جديدا من الماركسيين -اللينينيين – الماويين . فقد إندفع عشرات الملايين من العمال و الفلاحين و الشباب الثوري للنضال من أجل الإطاحة بالمسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي ( المندسين داخل الحزب و أجهزة الدولة ) ومن أجل مزيد تثوير المجتمع بأكمله و مسّوا فى العمق ملايين البشر فى جميع أنحاء العالم كانوا يخوضون نضالا ثوريا و يشكلون جزءا من الإندفاع الثوري الذى إجتاح العالم خلال الستينات و بداية السبعينات .
الثورة الثقافية هو قمة المستوى الراقي فى إلى حدّ الآن ما بلغته دكتاتورية البروليتاريا و عملية تثوير المجتمع . و لأول مرة فى تاريخ الإنسانية ، وجد العمّال و العناصر الثورية الأخرى أنفسهم مسلحين بفهم جيد لطبيعة الصراع الطبقي فى المجتمع الإشتراكي و ضرورة النهوض و الإطاحة بالمسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي و الذين يظهرون لا محالة وسط المجتمع الإشتراكي و خاصة على مستوى قيادة الحزب نفسه ، و بضرورة النضال لدفع التحولات الإشتراكية إلى الأمام أكثر و إجتثاث الظروف المادية التى تولد هذه العناصر الرأسمالية من الجذور .
و قد ساهمت الإنتصارات الكبرى التى بصمت مجرى الثورة الثقافية فى منع إرتداد تحريفي فى الصين طيلة عشر سنوات و أدت إلى تحويلات إشتراكية هامة فى ميدان التعليم و الفن و الأدب و البحث العلمي و فى العديد من الميادين الأخرى فى مستوى البنية الفوقية . و قد عمق الملايين من العمال و الثوريين الآخرين فى خضم المعارك الإيديولوجية و السياسية الضارية للثورة الثقافية وعيهم السياسي الطبقي و إستيعابهم مما جعلهم قادرين أكثر على ممارسة السلطة السياسية . و خيضت الثورة الثقافية على نحو جعل منها جزءا لا يتجزأ من نضال البروليتاريا الأممي فشكلت أرضية تثقيفية للماركسية - اللينينية و للمبادئ الأممية البروليتارية و ما يبرهن على هذا ليس الدعم المقدم للنضالات الثورية عبر جميع أنحاء العالم وحسب و لكن أيضا التضحيات التى قدمها الشعب الصيني لتوفير ذلك الدعم .
و أفرزت الثورة الثقافية قادة ثوريين مثل كيانغ تشينغ و تسينغ سوين كياو إنظموا إلى جانب الجماهير وواصلوا الدفاع عن الماركسية - اللينينية - الماوية حتى أمام الهزيمة القاسية .
قال لينين : " ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا ". لقد تدعم هذا الشرط الذى طرحه لينين أكثر على ضوء الدروس و النجاحات القيّمة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بقيادة ماو تسى تونغ .
و يمكن لنا القول الآن ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا و أيضا على الوجود الموضوعي للطبقات و التناقضات الطبقية العدائية و مواصلة صراع الطبقات فى ظل دكتاتورية البروليتاريا طوال مرحلة الإشتراكية و حتى الوصول إلى الشيوعية . و كما قال ماو فإن : " كل خلط فى هذا المجال يؤدى لا محالة إلى التحريفية " .
و قد كانت الثورة الثقافية دليلا حيا على حيوية الماركسية – اللينينية و أظهرت أن الثورة البروليتارية تتميز عن كل الثورات السابقة التى لم تكن قادرة إلا على تعويض نظام إستغلالي بآخر . ومثلت مصدر إلهام لجميع الثوريين فى كل البلدان . لهذه الأسباب ما إنفك الرجعيون و التحريفيون ينفثون سمومهم ضد الثورة الثقافية وضد ماو و لهذه الأسباب أيضا فإن الثورة الثقافية تشكل عنصرا لا يمكن الإستغناء عنه ضمن التراث الثوري للحركة الشيوعية العالمية .
لقد تمكّن التحريفيون داخل الحزب و أجهزة الدولة الصينية، بالرغم من الإنتصارات العظيمة للثورة الثقافية ، من مواصلة إحتلال مناصب هامة و تشجيع خطوط و إجراءات سياسية أضرت بالمبادرات الهشّة لأولئك الذين قاموا بمحاولات إعادة بناء حركة شيوعية عالمية حقيقية . فقد عمد التحريفيون فى الصين الذين كانوا يمسكون بجزء لا يستهان به من الديبلوماسية و العلاقات بين الحزب الشيوعي الصيني و الأحزاب الماركسية – اللينينية - الماوية الأخرى إما إلى إدارة ظهورهم للنضالات الثورية للبروليتاريا و الشعوب المضطهَدة و إما إلى توظيف هذه النضالات لمصالح الدولة الصينية . وهكذا أسندت صفة " المعادين للإمبريالية " لبعض الحكام المستبدين الرجعيين الحقيقيين ، و بتعلة النضال العالمي ضد "الهيمنة " تم إعتبار بعض القوى الإمبريالية الغربية كقوى وسطية و حتى إيجابية فى الظرف العالمي . بعدُ فى ذلك الوقت قد سارت العديد من الأحزاب الماركسية – اللينينية الموالية للصين و التى كانت تحظى بدعم التحريفيين فى الحزب الشيوعي الصيني فى ركب البرجوازية و وصل بها الأمر إلى حد الدفاع ( أو على الأقل عدم مواجهة ) التدخلات العسكرية للإمبريالية أو تحضيراتها للحرب الموجهة ضد الإتحاد السوفياتي البلد الذى وقع إعتباره أكثر فأكثر ك"عدو رئيسي" على المستوى الدولي . وقد إنتعشت تماما جميع هذه التيارات على إثر الإنقلاب الذى حصل فى الصين وما تلاه من قيام التحريفيين بصياغة " نظرية العوالم الثلاثة " و محاولتهم فرضها على الحركة الشيوعية العالمية . و كان الماركسيون –اللينينيون- الماويون على حق عندما دحضوا تشويهات التحريفيين التى كانت تدعى بأن ماو قد دافع عن " نظرية العوالم الثلاثة " . و لكن هذا غير كاف إذ يجب تعميق نقد " نظرية العوالم الثلاثة " بنقد المفاهيم التى تدعمها و بالكشف عن جذور هذه النظرية .
و تجدر الملاحظة هنا أن المغتصبين التحريفيين فى الصين كانوا مضطرّين للتنديد علنا برفاق ماوتسى تونغ فى السلاح متهمينهم بمعارضة " نظرية العوالم الثلاثة ".
إنّ التناقض بين البلدان الإشتراكية والبلدان الإمبريالية هو أحد التناقضات أو السمات الأساسية لعصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية . و على الرغم من أن هذا التناقض قد غاب اليوم مؤقتا بسبب التحولات التحريفية لمختلف البلدان الإشتراكية سابقا ، فإن هذا لا يغير فى شيئ من ضرورة تقييم التجربة التاريخية للحركة الشيوعية بصدد الكيفية التى عولج بها هذا التناقض و التى تبقى مسألة نظرية ذات أهمية : و بالفعل ستجد البروليتاريا يوما ما نفسها أمام ظروف يكون فيها بلد ( أو عدة بلدان ) إشتراكية فى مواجهة سافرة مع أعداء إمبرياليين مفترسين. لقد تمكّن المسؤولون السائرون فى الطريق الرأسمالي، سنة 1976 بعد وفاة ماو، من القيام بإنقلاب دنيئ نجحوا من خلاله فى فسخ الإستنتاجات الصحيحة للثورة الثقافية و طرد الثوريين من قيادة الحزب الشيوعي الصيني و تطبيق برنامج تحريفي فى جميع الميادين و الرضوخ للإمبريالية .
و قاوم الثوريون فى الحزب الشيوعي الصيني هذا الإنقلاب وواصلوا النضال من أجل أن تسترجع القيادة البروليتارية مقاليد السلطة فى هذا البلد . أما على المستوى الدولي فإن العديد من الشيوعيين الثوريين ، فى عدد لا يستهان به من الدول، لم ينساقوا وراء الخط التحريفي لدنغ سياو بينغ و هواو كوفينغ و قاموا بمبادرات ملموسة لتعرية و نقد المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي فى الصين . لقد حيت هذه المقاومة ( فى الصين و كذلك على المستوى الدولي ) للإنقلاب على القيادة الصحيحة لماوتسى تونغ الذى ما إنفك يعمل بدون كلل على تسليح البروليتاريا و الماركسيين – اللينينيين - الماويين بتحليل للصراع الطبقي فى ظل دكتاتورية البروليتاريا وتمكينهم من فهم إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية . و قد أمد العمل النظري للقيادة البروليتارية بزعامة ماو تسى تونغ الماركسيين - اللينينيين - الماويين بالعناصر الضرورية لكي يتمكنوا من الفهم الصحيح لطبيعة التناقضات فى المجتمع الإشتراكي و شكّل هذا العمل إضافة هامة للماوية مكنت الحركة الماركسية - اللينينية - الماوية من التهيؤ إيديولوجيا لمواجهة الأحداث الأليمة لسنة 1976 أكثر مما كانت عليه قبل 20 سنة عند حدوث الإنقلاب التحريفي فى الإتحاد السوفياتي بالرغم من أنها تواجه هذه الحالة فى هذه المرة فى غياب دولة إشتراكية فى العالم .
غير أنه كان لزاما أن تكون لعودة الرأسمالية فى بلد يضع بين حدوده ربع سكان العالم و إستيلاء التحريفيين على حزب ماركسي – لينيني - ماوي كان سابقا فى طليعة الحركة الشيوعية العالمية ،إنعكاسات عميقة على النضال الثوري فى العالم و الحركة الماركسية - اللينينية - الماوية . هتفت العديد من الأحزاب التى تنتمى للحركة الشيوعية العالمية، طويلا للتحريفيين و تبنّت " نظريتهم حول العوالم الثلاثة " و تخلت نهائيا عن النضال الثوري . و تمكنت بذلك من زرع الإنهيار فى الوقت الذى خسرت فيه كل ثقة من قبل العناصر الثورية فعرفت هذه الأحزاب أزمة داخلية عميقة أو إنهارت تماما .
و حتى فى صفوف قوى ماركسية- لينينية- ماوية أخرى رفضت الإنسياق وراء القيادة التحريفية الصينية أدى الإنقلاب الذى حصل فى الصين إلى نوع من الإنهيار ووضعت الماركسيية - اللينينيية - الماوية موضع التساؤل من جديد و لقد تعزّز هذا التيار أكثر عندما شنّ أنور خوجة و حزب العمل الألباني حربا شعواء ضد الماوية.
و بالرغم من أنه كان من المنتظر أن تمر الحركة الشيوعية العالمية بأزمة معينة بعد الإنقلاب فى الصين، فإن عمق هذه الأزمة و الصعوبات الكبيرة الناجمة عنها تبرز بوضوح مدى عمق إنغراز أنياب التحريفية بمختلف أشكالها داخل الحركة الماركسية – اللينينية - الماوية حتى قبل سنة 1976 . لذا يجب على الماركسيين - اللينينيين - الماويين مواصلة بحثهم و دراستهم لهذه المسائل للوصول لفهم جيد لجذور التحريفية لا فحسب فى هذه الفترة و لكن أيضا فى الفترات السابقة للحركة الشيوعية العالمية . و يجب عليهم مواصلة المعركة ضد تأثير التحريفيين و فى نفس الوقت الدفاع و السير قدما على أساس المبادئ الأساسية التى أفرزتها الإنفجارات الثورية للبروليتاريا العالمية و الحركة الشوعية على مدى تاريخها . "
( إنتهى المقتطف )
( " علم الثورة البروليتاريّة العالمية : الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة " ، شادي الشماوي ؛ مكتبة الحوار المتمدّن )

حالئذ ، نلمس مدى تهافت أعداء الماويّة و تأكيدهم الزائف و المجافي للحقيقة و الذى يخلط الأوراق عمدا كتكتيك إنتهازي معروف ، معوّلين على الجهل و باثّين سمومهم التحريفيّة و الدغمائيّة المعادية لعلم الشيوعية ، أنّه لا فرق بين الخطّ الماوي الثوريّ و الخطوط التي قاتلها قتالا مريرا و قاسيا لا هوادة فيه لعشرات السنين و من وجهة نظر الثورة البروليتارية العالمية و مزيد التقدّم صوب الشيوعيّة . و من المؤسف بل و المحزن حقّا أنّ أناسا شرفاء كُثر ما إنفكّوا يردّدون كالببّغاء هذه الإفتراءات بدلا من إعمال الفكر و البحث عن الحقيقة و التثبّت من الوقائع و من مضامين الوثائق التاريخيّة و النصوص الماويّة التاريخيّة منها و الراهنة و قد صارت متاحة أكثر من أيّ زمن مضى لا سيما بفضل الأنترنت .
و من كتابنا هذا نرمى إلى بلوغ أهداف ثلاثة أوّلها المزيد من إجلاء حقيقة ما حصل من إنقلاب تحريفي في صين ما بعد ماو تسى تونغ ؛ و ثانيها المزيد من رفع الغشاوة التحريفيّة و الدغمائيّة عن عيون الباحثين حقّا عن الحقيقة التي هي وحدها الثوريّة و المزيد من دحض خزعبلات أعداء الماويّة ، أعداء الماركسية - اللينينيّة - الماويّة ، أعداء الشيوعيّة الثوريّة ؛ و ثالثها تسليح الرفاق و الرفيقات بفهم أرقى و أعمق للصراع الطبقي في ظلّ الإشتراكية و بمساهمة من أهمّ مساهمات ماو تسى تونغ الخالدة .
و بطبيعة الحال ، ليس هذا الكتاب الجديد منعزلا عن أعمالنا السابقة الأخرى بصدد الصين الإشتراكيّة الماويّة و إنّما هو لبنة أخرى مكمّلة و متمّمة لها . إنّه متمّم لكتابنا الأوّل بهذا المضمار
- " الصين الماويّة : حقائق و مكاسب و دروس " ،
و ما تلاه من كتب في الغرض عينه :
- " نضال الحزب الشيوعيّ الصينيّ ضد التحريفيّة السوفياتية 1956 - 1963 : تحليل و وثائق تاريخية "،
- " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو " ،
- " الماويّة تدحض الخوجيّة ، و منذ 1979 " ،
- المعرفة الأساسيّة للحزب الشيوعيّ الصينيّ ( الماويّ – 1974 )،
- " ماو تسى تونغ و بناء الإشتراكية ( نقد لكتاب ستالين " القضايا الإقتصادية للإشتراكية في الإتحاد السوفياتي " و لكتاب" الاقتصاد السياسي ، السوفياتي ")،
و الكتاب الذى ألّفناه بمناسبة الذكرى الخمسين للثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى و إخترنا له من العناوين
- " الصراع الطبقيّ و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة ".
و من يتطلّع إلى المزيد بشأن موضوع الحال ، الإنقلاب التحريفي في الصين فنحيله أوّلا و قبل كلّ شيء ، على كتابنا الأوّل أو العدد الأوّل من" الماويّة : نظريّة و ممارسة ": " علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسيّة -اللينينيّة - الماويّة "؛ و ثانيا ، على كتيّب باللغة الأنجليزيّة لبوب أفاكيان هو في الأصل نصّ لخطاب إعلان الموقف الرسميّ للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة عنوانه " خسارة الصين و الإرث الثوريّ لماو تسى تونغ " ( منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، 1978 ) و رابطه على الأنترنت هو
http://bannedthought.net/USA/RCP/Avakian/Avakian-LossInChina.pdf
و هذا لا يعنى أنّنا أهملنا التناول التقييمي العلمي و النقدي للتجربة الإشتراكية في الصين الماويّة ، بالعكس أولينا الموضوع ما يستحقّ من عناية و الكتب التالية التي نشرنا تندرج فى هذا الإطار :
- " المساهمات الخالد لماو تسى تونغ " لبوب أفاكيان ،
- " ماتت الشيوعية الزائفة ... عاشت الشيوعية الحقيقية ! " لبوب أفاكيان،
-" تقييم علمي نقدي للتجربتين الإشتراكيّتين السوفياتيّة والصينيّة : كسب العالم؟ واجب البروليتاريا العالمية ورغبتها " لبوب أفاكيان و
- " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون " ... الثورة الشيوعيّة و الطريق الحقيقيّ للتحرير : تاريخها و مستقبلنا " لريموند لوتا .
كما أنّ هذا لا يعنى أنّنا أهملنا بأيّ شكل من الأشكال الصراعات صلب الحركة الماويّة العالميّة ذلك أنّ عدد الكتب المخصّصة للغرض ( الصراعات حول خيانة حرب الشعب في النيبال و إنقسام الماويّة إلى إثنين و الجدالات حول الخلاصة الجديدة للشيوعية – الشيوعية الجديدة و تطوير الماويّة ...) يشهد على عكس ذلك أي على إيلائنا المسألة الأهمّية اللازمة . و الكتب العديدة التي تجدون عناوينها و محتوياتها في الملحق الثاني لهذا الكتاب و هي متوفّرة بمكتبة الحوار المتمدّن خير دليل على ذلك.
و يقوم كتابنا الجديد هذا على فصل أفردناه لمقدّمات نظريّة صاغها ماويون صينيّون أساسا في سبعينات القرن العشرين بشأن الصراع الطبقي في ظلّ الإشتراكية يليه فصل خصّصناه لخلفيّة تاريخيّة لفهم خطّ المؤتمرين الماويّين الأخيرين للحزب الشيوعي الصينيّ و لنموذج من وثائق عديدة لصراع الماويّين صلب ذلك الحزب ضد الإنحراف اليميني لدنك سياوبينغ و أتباعه و أشباهه . و لتكوين فكرة شاملة عن هذه المعركة ، إنتقينا للفصل الثالث قراءة قيّمة للمعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ صاغها ريموند لوتا كمقدّمة لكتابه " و خاسهم ماو " المذكور أعلاه . و قصد تقديم نماذج لا غير من – و ليس جميع - المواقف الماويّة المناهضة للتحريفيّة و الإنقلاب المعيد لتركيز الرأسماليّة في الصين ، إصطفينا للفصلين الرابع و الخامس رسالة مفتوحة بعث بها الحزب الشيوعي الثوري الشيلي و مقالا للحزب الشيوعي الثوري الأمريكي يُعنى بدحض " نظريّة العوالم الثلاثة " التي كانت تمثّل الخطّ العالمي للتحريفيّين الصينيّين . و خيارنا لهذهين النموذجين يُعزى إلى كون هذين الحزبين كانا مبادرين في تجميع الماويّين أحزابا و منظّمات عبر العالم لفضح التحريفيّين الصينيّين و صياغة وثائق و تشكيل منظّمة عالميّة للماويّين الحقيقيّين رأت النور فعلا سنة 1984 ( الحركة الأمميّة الثوريّة التي نشطت موحّدة مذّاك إلى سنة 2006 و التي مرّ بنا ذكر بيانها لسنة 1984 ) .
و إلى ما تقدّم ، أضفنا فصلا من تأليفنا أنف نشره ضمن كتاب من وضعنا ، " الصراع الطبقيّ و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة " ، فيه لخّصنا أهمّ نقاط التمايز بين الماويّة الثوريّة و التحريفيّة الصينيّة الرجعيّة كما بيّنت ممارسة الصراع الطبقي و الأحداث و الوثائق ، قبل الإنقلاب و بعده . و إعتبارا لأنّ الخوجيّين يزعمون معارضتهم للتحريفيّة الصينيّة من موقع ماركسي- لينينيّ ( رغم عدم تفريقهم بين الماويّة و التحريفيّة الصينيّة لدنك سياو بينغ و شنّهم هجوما لامبدئيّا دغمائيّا تحريفيّا مسعورا على ماو تسى تونغ تمّ الردّ عليه في كتابنا " الماوية تدحض الخوجيّة ، و منذ 1979 " ) ، رأينا من المفيد للقرّاء باللغة العربيّة أن يطالعوا أوّلا ملحقا هاما للغاية هو " ماو تسى تونغ : خطاب أمام البعثة العسكريّة الألبانيّة " و ثانيا ، مقال ينقد كتاب أنور خوجا ، " الإمبرياليّة و الثورة " و يعرّى أخطاءه من بدايته على نهايته ؛ و ثالثا ، ملحقا في منتهى الأهمّية هو مقال يُعنى بتوضيح تحريفيّة شخصيّة هامة في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني ظلّ يحفّ بها الكثير من الغموض لوقت طويل حتّى لدى الكثير من الماويّين و نقصد شو آن لاي .
و من يتطلّع إلى دراسة تحوّل الصين إلى دولة رأسماليّة – إمبرياليّة ، فعليه/ عليها بكتاب من إنتاجات الماويّين في الهند عنوانه " الصين – قوّة إمبرياليّة – إشتراكيّة جديدة ! جزء لا يتجزأ من النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي " وهو متوفّر باللغة الأنجليزية و باللغة الفرنسية و الرابطان تباعا هما :
- https://www.bannedthought.net/India/CPI-Maoist-Docs/Books/China-Social-Imperialism-CPI-Maoist-2021-Eng-view.pdf
- https://www.bannedthought.net/India/CPI-Maoist-Docs/Books/China-Social-Imperialism-CPI-Maoist-2021-French-20211001.pdf
و المحتويات التفصيليّة لهذا الكتاب 48 ، فضلا عن هذه المقدّمة ، هي :
الفصل الأوّل : مقدّمات نظريّة بصدد الصراع الطبقيّ في ظلّ الإشتراكيّة
( 1 ) قوانين الصراع الطبقي في المرحلة الإشتراكيّة
- لا يمكن تجنّب الصراع الطبقي
- الخلفيّة العالميّة
- صراع كبير كلّ بضعة سنوات
- ليس بوسع الإضطراب إلاّ أن يتحوّل إلى النظام
(2) أتباع الطريق الرأسمالي هم ممثّلو علاقات الإنتاج الرأسماليّة
( 3 ) بصدد الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية
الفصل الثاني : المؤتمران الماويّان للحزب الشيوعي الصيني و تحريفية دنك سياو بينغ و أمثاله و أتباعه
( 1 ) تقرير المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني
- خطّ المؤتمر التاسع
- إنتصار سحق طغمة لين بياو المعادية للحزب
- الوضع الراهن و مهامنا
( 2 ) خطّ عام لإعادة تركيز الرأسماليّة – تحليل ل " حول البرنامج العام لكلّ عمل كامل الحزب و كامل الأمّة "
الفصل الثالث : المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ
مدخل الكتاب
فهرس كتاب " و خامسهم ماو "

المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ ( 1973 - 1976)
مقدّمة :
- مسألة لين بياو
- المؤتمر العاشر
- حملة " نقد لين بياو و كنفيشيوس "
- المجلس الوطني الشعبي
- " الأعشاب السامّة الثلاثة "
- نقد "على ضفاف الماء "
- مزيدا من " ريح الإنحراف اليميني "
- نقد دنك سياو بينغ
- الإنقلاب
الفصل الرابع : رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوعي الصيني
الفصل الخامس : إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " : إعتذار للإستسلام
- إستبعاد التحليل الطبقي
- الدفاع عن الإستعمار الجديد
- نظريّة قوى الإنتاج
- الدفاع عن الوطن ، أسلوب " العوالم الثلاثة "
- الخطر الأساسي السوفياتي
- جبهة متّحدة من أجل ماذا ؟
- تاريخ " العوالم الثلاثة "
- الصراع حول الخطّ الأمميّ
- الحزب الشيوعي الثوري و نظريّة العوالم الثلاثة
- نظريّة العوالم الثلاثة و الصراع صلب الحركة الشيوعيّة العالميّة
- تحليل أعمق
- الدفاع عن ماو تسى تونغ
- خاتمة
الفصل السادس : من صين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية : برنامج دنك الذى طبّق فى الصين بعد إنقلاب 1976 يميط اللثام حتّى أكثر عن الخطّ التحريفي الذى ناضل ضدّه الشيوعيّون الماويّون
1- أهم محطّات التخلّى عن الماويّة
2- خط التعصيرات الأربعة التحريفي يتناقض مع الخط الشيوعيّ الماويّ " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " أو خطّ المؤتمر الحادي عشر يتناقض مع خطّ المؤتمرين التاسع و العاشر
3- خطّان فى فهم السياسة التعليميّة
4- من أدب فى خدمة الشعب و الثورة إلى أدب فى خدمة التحريفيّة و بالتالي البرجوازية
5- من السعي إلى معالجة التناقض بين الرّيف و المدينة إلى تعميق هذا التناقض
6- من صناعة من أجل العمّال إلى عمّال من أجل صناعة ما عادوا يملكونها
7- التنكّر للمفاهيم الماويّة لمواصلة الصراع الطبقيّ فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا
8- نقاط إضافيّة يتناقض فيها خطّ دنك التحريفيّ البرجوازيّ مع الخطّ الماويّ الثوريّ البروليتاريّ
ملاحق الكتاب (4)
(1) ماو تسى تونغ : خطاب أمام البعثة العسكريّة الألبانيّة
(2) كتاب أنور خوجا " الإمبريالية و الثورة " على خطإ من بدايته إلى نهايته
-1- العالم حسب خوجا
-2- أطروحة خوجا حول " العالمين "
-3- خوجا و التحرّر الوطنيّ
- 4 - البلدان الرأسماليّة المتقدّمة و الحرب العالميّة
- 5 - حرب عالميّة – " سياسة " الصين
- 6 - الدفاع عن الوطن على طريقة خوجا
-7- خوجا و الإتّحاد السوفياتي
المراجع :
( 3 ) إعتاد على مهاجمة خطّ ماو – الدور الرجعيّ الخفيّ لشو آن لاي
( 4 ) فهارس كتب شادي الشماوي
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
الفصل الخامس

إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " : إعتذار للإستسلام
الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة
مجلّة " الثورة " ، المجلّد 3 ، عدد 14 ، نوفمبر 1978
https://www.marxists.org/history/erol/ncm-5/rcp-3.htm
--------------------------

لفترة زمنيّة الآن ، وقع إيلاء إنتباه خاص كبير داخل الحركة الشيوعية العالميّة لنقاش الخطّ العالمي الصيني . فمنذ الإنقلاب المعادي للثورة فى الصين بُعيد وفاة ماو تسى تونغ ، صار واضحا جليّا أنّ إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " جزء لا يتجزّأ من الخطّ العام للتحريفيّين الصينيّين لإعادة تركيز الرأسمالية فى الصين و الإستسلام للإمبريالية ، خاصة فى هذا الوقت الإمبريالية الأمريكيّة ، على النطاق العالمي .
فى 1966 كتب ماو إلى زوجته و رفيقته القريبة أنّه بعد وفاته إذا صعد أتباع الطريق الرأسمالي إلى السلطة ، " سيتمكّن اليمين فى السلطة من إستخدام كلماتى ليعزّز قوّته لفترة . ثمّ سيتمكّن اليسار من إستخدام كلمات أخرى و ينظّم نفسه للإطاحة باليمين " . لقد كانت هذه الكلمات تنبّئيّة فعلا . لكن ما هو مميّز هو قلّة كلماته التى يمكن للتحريفيّين فى الصين أن يستخدموها لمحاولة إستغلال سمعة ماو قصد إعطاء وزن لخطّ يمضى ضد كلّ ما أمضى ماو حياته فى قتاله .
بطبيعة الحال ، البارز إلى حدّ كبير هو أنّ نظريّة " العوالم الثلاثة " ليست نظريّة أصلا و إنّما بالأحرى ظلّ تبرير خاوى للتحريفيين الصينيّين لإتباعهم سياسة براغماتيّة فى الشؤون الدوليّة . إنّها سياسة لا تقوم على التقدّم بمصالح الثورة العالميّة بل على العكس سياسة تقوم على التضحية بدعم النضالات الثوريّة وهي معتمدة على خطّ شامل من إشعال نار فى الإشتراكيّة فى الصين ذاتها خدمة لما يراه المستولون التحريفيّون على أنّه مصالحهم المباشرة و الضيّقة . إنّها " نظريّة " شوفينيّة تُحلّ المصالح القوميّة للصين – كما تراها عدسات النظرة المشوّهة للبرجوازيّة – محلّ النضال العالمي ضد الإمبريالية و تطالب بأن تحتلّ هذه " المصالح " الموقع المركزي فى نضال الحركة الشيوعية العالمية .
و لأنّ إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " وصفة للإستسلام ، فقد وجدت مدافعين متحمّسين عنها فى عديد البلدان عبر العالم ضمن تحديدا أولئك الذين يطلقون على أنفسهم "ماركسيّين " ويتطلّعون للتمسّك بأيّ تبرير – لا سيما تبرير يدعمه بلد له سمعة مثلما هو حال جمهوريّة الصين الشعبيّة – للإستسلام إلى برجوازيّتهم الخاصة . و فى بلدنا الخاص رأينا هذا بأكثر وضوح و بخزي من جهة الحزب الشيوعي الماركسي – اللينيني ( سابقا رابطة أكتوبر ) الذى إستخدم هذه " النظريّة " لتبرير خطّه الهادف إلى توجيه " الضربة الأساسيّة " ليس إلى حكّامهم الخاصّين ، الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة بل إلى الإمبرياليّين- الإشتراكيّين . وكذلك ، وجدوا هم وأمثالهم فى إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " تبريرا مناسبا لتجاهل و بالفعل معارضة النضالات الحقيقيّة للتحرّر الوطني فى بلدان آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينيّة . لكن فقط عندما رفع الإنتهازيّون و الإشتراكيّون – الشوفينيّون هذا الخطّ التحريفي حول العالم ، تقدّم الماركسيّون – اللينينيّون الحقيقيّون إلى الأمام من كلّ ناحية من أنحاء الكوكب لمواجته أيضا .
إستبعاد التحليل الطبقي

يصوّر التحريفيون الصينيّون ( فى مقالهم الأهمّ حول الموضوع " نظريّة الرئيس ماو [ هكذا ! ] فى التمييز بين العوالم الثلاثة مساهمة عظيمة فى الماركسيّة – اللينينيّة " ) تحليل " العوالم الثلاثة " على أنّه يعكس اصطفاف القوى الطبقيّة على النطاق العالمي . و مع ذلك ، لا شيء يمكن أن يكون أبعد من هذا التحليل عن الحقيقة .
لنخطو خطوة إلى الوراء ، للحظة ، فى العالم الشامخ للجغرافيا السياسية . من البديهي أنّ تحليل " العوالم الثلاثة " لا يوفّر أيّة رؤية ثاقبة للمهام العمليّة أو إصطفاف القوى الطبقيّة فى أيّ بلد خاص . بالعكس تماما ، إلى درجة إستخدامه لتوفير أي توجّه عملي بهذا الصدد ، هو رجعي صراحة - بإستثناء ربّما فى الإتّحاد السوفياتي الذى ليست الثورة خارج القانون بعدُ، على ما يبدو .
فى " العالم الثالث " ، مثلا ، نجد مجمّعة معا بلدان ذات علاقات طبقيّة مختلفة . و فى غالبيّة هذه البلدان توجد السلطة السياسيّة بيد أعداء الثورة ، البرجوازيّة الكمبرادوريّة و الملاّكين الإقطاعيين . هل يمكن أن يكون هناك أي شكّ فى أنّ فى بلدان مثل إيران و الفليبين و الشيلي و كينيا و نيكاراغوا أو البرازيل ، المهمّة التى تواجه جماهير الشعب هي الإطاحة بأنظمتها حتّى تكسب التحرّر الوطني ؟ أي معنى ممكن يمكن أن يكون " للنضال ضد الإمبريالية " إذا لم يكن حجره الأساسي تركيز حكم سياسي للطبقات الشعبيّة ، أوّلا و قبل كلّ شيء الطبقة العاملة و الفلاّحين ؟
فى بلدان أخرى كالموزنبيق أو تنزانيا ، السلطة السياسية ليست بيد ناطقين متقدّمين بإسم الإمبريالية و المهمّة السياسية هي تسليح الجماهير بفهم أنّ البرجوازيّة الوطنيّة تنزع نحو الإستسلام للإمبريالية و إلاّ ستسحقها إن لم تفعل ذلك . يجب على الشيوعيّين أن يعدّوا الجماهير سياسيّا و تنظيميّا و عسكريّا للمضي بالثورة إلى الأمام نحو الإشتراكية ويجب بصراحة أن يبنوا النضال بإتّجاه ذلك الهدف .
و تضع نظريّة " العوالم الثلاثة " حتّى " البلدان الإشتراكيّة " كجزء من هذا " العالم الثالث " المتجانس . ( لاحقا سنخوض فى الإشارة إلى أنّ ماو ألمح إلى أنّ الصين جزء من " العالم الثالث " ).
و كذلك ، ضمن ما يسمّى بالعالم الثاني ، نجد غالبيّة البلدان الإمبرياليّة . نظامهم الإجتماعي و أساسهم الطبقي يميّز عن القوى العظمى ذاتها . و مهمّة البروليتاريا فى هذه البلدان لا يمكن أن تكون سوى الإطاحة بطبقاتها الحاكمة الخاصة ، و ليس أي نوع من النضال ضد القوى العظمى فى تحالف مع برجوازيّتهم الخاصة . و أيضا من الواضح تمام الوضوح أنّ عديد البلدان المسمّاة بالعالم الثاني هي بلدان مستغِلّة عالميّة بحدّ ذاتها . و الحديث عن " الوحدة بين العالم الثاني و العالم الثالث " لا يمكن إلاّ أن تعني تعزيز " الوحدة الراهنة " ( للأضداد ) الموجودة بعد و توسيعها . هل يعنى واقع كون لفرنسا مثلا قسط أكبر فى بعض بلدان غرب أفريقيا من الولايات المتّحدة أنّ نوعا ما يتعين على الجماهير فى تلك البلدان أن تحافظ على وضعها الراهن ؟ أن النظام الإجتماعي الجوهري مختلف نوعا ما إن كانت الولايات المتحدة أو كان الإتحادالسوفياتي هو الذى يتحكّم لوحده فى المشهد هناك؟
تقوم إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " على فرضيّة ( و تأكيد ! ) فى تحليل " العالم الثاني " على أنّ الوضع الثوري غير موجود و لا يمكن أن يتصوّر ظهوره . و بالتالى لا يمكن للطبقة العاملة فى هذه البلدان القيام بالأفضل من التوحّد مع البرجوازيّة من أجل موقع أن تكون أفضل المقاتلين فى الحفاظ على مصالح الإمبرياليّين .
و هكذا يمكن رؤية أنّه بصرف النظر عن كيفيّة النظر إلى ذلك ، فإنّ تحليل " العوالم الثلاثة " لا يوفّر أي طرح حول كيفيّة التقدم بالنضال من أجل الثورة فى أي بلد خاص . لكن إسترتتيجيا " العوالم الثلاثة " تُقدّم على أنّها إستراتيجيا عالميّة شاملة ( مسألة القيام بالثورة فى اي بلد لا يشملها هذا ). المسألة الأولى التى تأتى حتما إلى الذهن هي ، إستراتيجيا لأجل ماذا ؟ و مرّة أخرى ، يظهر الجواب – لأي شيء عدا التقدّم بالثورة على النطاق العالمي .
و بالفعل ، يتزحلق المرء على جليد رقيق حالما تقدّم إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " للبروليتاريا العالمية . لقد بيّنت التجربة التاريخيّة أنّ مثل هذه الإستراتيجيّات ، حتّى حيث كانت صحيحة ، لم تكن سوى محدودة و ذات فائدة قصيرة المدى . من وجهة نظر تاريخيّة – عالميّة ، يظهر تحالف إستراتيجي أساسي في عصر الإمبرياليّة – الرابط بين نضال البروليتاريا في البلدان المتقدّمة من أجل الإشتراكيّة و نضالات تحرير الشعوب المضطهًدة في البلدان المستعمرة كمكوّنان للثورة البروليتاريّة العالميّة .
الدفاع عن الإستعمار الجديد

لكن بالرغم من الإستخدام الليبرالي لمقتطفات من أقوال لينين و ستالين و ماو تسى تونغ حول هذا المظهر الأساسي للنضال ضد الإمبريالية العالميّة من قبل التحريفيين الصينيين ، يمضى " تحليل العوالم الثلاثة " تماما ضد هذا المبدأ اللينيني . وبالفعل ، إنّه ينكر بالذات نضالات التحرّر الوطني – مقدّما إيّاها بالأساس كشيء من الماضي . عوض النضال من أجل التحرّر الوطني فى " العالم الثالث " و هو نضال لا يمكن إلاّ أن يكون بموقع القلب منه النضال من أجل السلطة السياسية ( أي سلطة الدولة ) ، يعوّض بنضال من أجل " الإستقلال الإقتصادي " إستراتيجيا " بقيادة الطبقات الحاكمة الرجعيّة !
تدافع إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " عن أنّ الغالبيّة العظمى من بلدان " العالم الثالث " قد حقّقت إستقلالها لكنّها لا تزال عرضة لبلطجة القوى العظمى و تحدّياتها . بيد أنّ هذه الفرضيّة التى يأملون تمريرها بحركة يد خفيفة ، تمضى ضد الوقائع و الخطّ الثوري للينين فى " الإمبريالية ، أعلى مراحل الرأسمالية " بأنّ الإستقلال السياسي الشكلي لم يلغى أبدا الهيمنة الإمبرياليّة الفعليّة .
و فى حين أنّ مثل هذه الحالات كانت زمن لينين إستثناءا للقاعدة ( و وجد الإمبرياليّون أنّه لا يزال ممكنا الحكم من خلال الإستعمار المباشر ) ، أحد أهمّ النقاط فى النضال ضد التحريفيّة الخروتشوفيّة كان التشديد على أنّ الإستعمار الجديد أضحى الشكل السائد الذى يعتمده الإمبرياليّون ، و خاصة الإمبرياليّون الأمريكان ، للهيمنة على مساحات واسعة من الكوكب . و قاتل بكلّ ما أوتي من جهد ضد ذات الموقف القائل بأنّ صلة الإستعمار يمكن بشكل ما أن تضمحلّ عبر " التقدّم الإقتصادي " أي دون ثورة. ويحتاج المرء تذكرّ فقط الفتنام حيث كان الجزء الجنوبي من البلاد شكليّا " مستقلاّ "، ليدرك مدى كون هذا الخط قشرة . و بالفعل ، فى الغالبيّة العظمى من " العالم الثالث " " الإستقلال " الحقيقي أي التحرّر من الإمبريالية ، هو تحديدا الموضوع على جدول الأعمال .
بعيدة عن أن تكون إستراتيجيا ستشجّع الجماهير الشعبيّة فى أمم " العالم الثالث " على النهوض ضد الهيمنة الإستعماريّة الجديدة ، تنادى إسترتتيجيا " العالم الثالث " إستراتيجيا عمليّا بتعزيزتلك الهيمنة . و بعض النقاط " النظريّة "( و العمليّة ) التى أثارها التحريفيّون الصينيّون جديرة بان نسوق ملاحظات مقتضبة بشأنها .
إليكم كيف يقدّم التحريفيّون الصينيّون النضال فى " العالم الثالث " منذ الحرب العالميّة الثانية :
" فى بدايات السنوات الأولى ما بعد الحرب ، لم تكسب غالبيّة بلدان العالم الثالث بعدُ إستقلالها و كان البعض منها فى وضع شبه تبعيّة . زمنها ، كان نضالها يستهدف تحقيق التحرّر الوطني و الإستقلال ، و إتّخذ أوّلا شكل النضال الثوري المسلّح . و حينها إعتُرف عالميّا بأنّها تمثّل القوّة الأساسيّة فى قتال الإمبرياليّة . و اليوم ، لا تزال الشعوب فى بعض أنحاء العالم الثالث تخوض نضالا مسلّحا من أجل التحرّر و الإستقلال ، ولا تزال تقاتل فى مقدّمة النضال على الصعيد العالمي ضد الإمبريالية و الإستعمار . إنّه لواجب مقدّس لكلّ من البروليتاريا العالمية و الشعوب الثوريّة فى العالم أن تقدّم دعما حازما لنضالها ." [ مثلما فى إيران ؟! الحزب الشيوعي الثوري ]
و الآن يطفح على السطح سؤال : هل ستظلّ بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينيّة التى قد كسبت الإستقلال القوّة الأساسيّة فى النضال ضد الإمبرياليّة لفترة تاريخيّة مديدة نسبيّا ؟ و إجابتنا هي نعم . ( التشديد من وضعنا . من المقال الأهمّ للتحريفيّين، " نظريّة الرئيس ماو [ هكذا ! ] فى التمييز بين العوالم الثلاثة مساهمة عظيمة فى الماركسيّة – اللينينيّة " الذى نشر أوّل ما نشر بالأنجليزية فى مجلة بيكين عدد 45 ، 1977 و أعيد نشره ككرّاس إليه تشير رقم الصفحات و من هنا فصاعدا يحال عليه كمقال " العوالم الثلاثة " ؛ ص 42 -43 ).
بوضوح المسألة التى يثيرها التحريفيّون هي أنّ نضالات التحرّر الوطني فى حدّ ذاتها شيء من الماضي و ما يمكن أن يوجد اليوم يوجد كإستثناء . و على العكس من ذلك النقطة المركزيّة هي ما إذا كانت البلدان ( التى يمكن فقط أن تعني الأنظمة فى السلطة ، كتمييزعن الأمّة ، و المقصود بها الشعب ) ستحافظ على إستقلالها و تعزّزه . لقد وقعت تصفية القتال من أجل السلطة السياسيّة و معه الحاجة إلى الثورة لأنّه كما وضع ذلك ماو بصيغة لامعة " تنبع السلطة السياسيّة من فوّهة البندقيّة ". ورغم واقع أنّ بعض التغيّرات الحقيقيّة قد حدثت فى بلدان " العالم الثالث " طوال العقدين الأخيرين و أكثر ، بالكاد يضطرّ المرء إلى شرح كيف أنّ الطبقات القاعديّة للبلدان قد تحوّلت أو كيف أنّ قبضة الإمبرياليّة عليها مختلفة جوهريّا الآن .
فى أمريكا اللاتينيّة ، على سبيل المثال ، تقريبا كلّ البلدان كانت شكليّا مستقلّة قبل الحرب العالميّة الثانية : لم يحدث أي تغيير فى أنظمتها الإجتماعيّة و لا إختلاف حقيق فى علاقتها بالإمبرياليّة . كيف يمكن للمرء أن يقول أنّ الأنظمة فى هذه البلدان التى إستهدفها ماو و الحزب الشيوعي فى ستيّنات القرن العشرين على أنّها دعائم إستعماريّة جديدة عميلة للإمبريالية قد أمست الآن أنظمة " مستقلّة " وجب تعزيزها و ليس الإطاحة بها ؟
لغايات ديماغوجيّة ، عن قصد يحاول التحريفيّون الصينيّون أن يخلطوا أصناف" الشعب " و" الأمّة " مع " البلد "، آملين أن تمنح الأنظمة الرجعيّة الغطاء الثوري للنضال ضد الإمبريالية و من أجل التحرّر الوطني . لكن الديماغوجيّة مجرّد ديماغوجيّة و حينما نبلغ لبّ المسائل السياسيّة الراهنة من الواضح أنّ التحريفيين الصينيّين يعارضون النضال من أجل التحرّر الوطني .
و لنأخذ على سبيل المثال إحدى نعوت التقدّم الكبير الذى أحرزته بلدان " العالم الثالث " نحو الإستقلال . " عددا كبيرا من بلدان العالم الثالث تملك الآن جيوشها الخاصّة و بدرجات متفاوتة قد خفّفت من تأثير الإستعمار " ياله من إنجاز ! ما يمكن أن نسأله هو ما هي الطبيعة الطبقيّة لهذه الجيوش ؟ هل هي موجودة للحفاظ على النظام الإجتماعي المعتمد على حكم البرجوازيّة الكمبرادوريّة و الملاّكين الإقطاعيّين أم هي حقّا جيوش موجّهة ضد الإمبرياليّة ؟ لعلّ هذه النظرة لأهمّية الجيش تشرح الشغف الخاص لدى التحريفيين الصينيّين بشاه إيران الذى نجح فى بناء جيش يفوق جيش بعض القوى الإمبرياليّة قوّة و عتادا . و يتعيّن أن توضّح الأحداث الأخيرة فى إيران لكلّ من تابعها و ليس مجنونا أو دجّالا ، بإسم من يتحرّك .
وفى المدّة الأخيرة ، بشأن شغف التحريفيين الصينيّين بالإستعمار الجديد ، فى خطاب دنك سياو بينغ سنة 1974 أمام الأمم المتّحدة ، الذى قدّم فيه لأوّل مرّة تحليل " العوالم الثلاثة " ، قام بالإقتراح التالي :
" فى عديد البلدان النامية ، يعدّ إنتاج المواد الأوّليّة قسما كبيرا من الإقتصاد الوطني . إذا إستطاعت هذه البلدان أن تمسك بيديها إنتاج المواد الأوّليّة و إستعمالها و بيعها و تخزينها و نقلها وبيعها بأثمان معقولة على أساس علاقات التجارة العادلة فى التبادل من أجل كمّية أكبر من السلع الضروريّة لنموّ إنتاجها الصناعي و الفلاحي ، عندئذ ستستطيع أن تعالج خطوة خطوة الصعوبات التى تواجهها و تعبّد الطريق لتخطّى سريع للفقر و التخلّف " .
يا له من موقف " ماركسي – لينيني " تماما ! ليس فقط من غير الضروري خوض الثورة لتخطّى الفقر و التخلّف ، بل يمكن لعلاقات الإستعمار الجديد نفسها أن تحقّق ذلك ! إنّ وصفة دنك للنموّ ليست مختلفة فى أي شيء عن نداء السوفيات من أجل " تقسيم عالمي للعمل " أو بصفة أتمّ دعوة متقطّعة الإمبريالية البريطانية الآن لأن تكون " ورشة العالم " ؟
ليست العلاقة الإمبريالية بين البلدان المتقدّمة و البلدان التابعة أوّلا غياب " علاقات التجارة العادلة " و إنّما على وجه الضبط أنّ الإمبريالية تفرض وضعا حيث البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة تتميّز بإنتاج المواد الأوّليّة و من الجهة الأخرى ، هي سوق لتصدير السلع المصنّعة و الأهمّ من ذلك ، للرأسمال نفسه . و طبعا ، هذه العلاقة الأساسيّة التى تجعل من مفهوم " علاقات التجارة العادلة " أو " النظام الإقتصادي الجديد " حيلة و خدعة . إذا أعدنا النظر فى ما مضى ، من الواضح أن دنك فى الموقف أعلاه كان جزئيّا فقط يهدف إلى تبرير النظام الإقتصادي القديم للإمبريالية عموما . و كان كذلك يروّج لبرنامجه المعادي للثورة لربط الصين مرّة أخرى بالدائرة الإمبريالية – وهو برنامج وقع تطبيقه بحيويّة منذ الإنقلاب المعادي للثورة فى أكتوبر 1976 فى الصين . و بالضبط مثلما كان دنك ينظر بحسد لممثّلي البرجوازية الكمبرادوير الغنيّة بالبترول فى الشرق الأوسط ، كذلك اليوم فى الصين يكرّس نصيحته الخاصة ، ممضيا إتّفاقا لبيع بلايين الدولارات من البترول الصيني إلى اليابان مقابل الحصول على تقنية متقدّمة . ( ينبغى أن تلقى وصفة دتك ل" التنمية " مساندة فيدال كاسترو – رغم الإختلافات حول اية قوّة عظمى يجرى الركوع أمامها – بما أنّ كاسترو منذ سنوات عدّة كان يطبّق بالضبط نفس برنامج تبعيّة الإستعمار الجديد بالحفاظ على كوبا كمنتج عملاق للسكّر مرتبط بالإتحاد السوفياتي و بأن يقول للجماهير أنّ هذا بشكل ما سيمكّنها من شراء " تخطّى سريع للفقر والتخلّف " فى يوم ما ).
إنّ خطاب دنك أمام الأمم المتّحدة مثال جيّد عن ما كان يشير إليه ماو عندما قال :
" هذا الشخص لا يفهم الصراع الطبقي ؛ لم يشر أبدا إلى هذه العلاقة المفتاح . ولا يزال يكرّر " قط أبيض ، قط أسود " ، و لا يميّز بين الإمبريالية و الماركسية " .
نظريّة قوى الإنتاج

إنّ نظريّة " العوالم الثلاثة " و البرنامج العالم للتحريفيّين الصينيين من أجل إعادة تركيز الرأسمالية لهما خيط صلة مشتركة مع " نظرية قوى الإنتاج " التحريفيّة . ومثلما يدافع فعلا هواو و دنك عن أنّ الصين ستتقدّم نحو " الشيوعية " بتحقيق " التعصيرات الأربعة " على أساس إعادة تركيز علاقات الإنتاج الرأسماليّة ، كذلك تدّعى نظريّة " العوالم الثلاثة " أنّ البلدان ستصبح مستقلّة من خلال المكاسب الإقتصاديّة دون القطيعة مع علاقات التبعيّة للإمبريالية .
تقدّم " نظريّة قوى الإنتاج " " النموّ " كمجرّد حصول كمّي على قدرة إنتاجيّة بينما تبقى على علاقات الإنتاج نوعا ما تغيّر نفسها آليّا . إنّها تتجاهل أنّه فى ظلّ الرأسماليّة ، و الإشتراكية أيضا فى مظاهر هامة منها ، إنّها تحديدا علاقات الإنتاج الرأسمالية ( أو بقايا منها ) هي التى تعرقل قوى الإنتاج لهذا بالذات ثمّة حاجة للثورة لتحرير قوى الإنتاج . فى هذه النظرة ، النظرة البرجوازيّة ، ترى بثبات قوى الإنتاج كمجرّد مسألة وسائل الإنتاج ، المصانع و آبار النفط إلخ لا يمكن أن تشمل حقيقة التى لخّصها ماركس بأنّ " أكبر قوّة إنتاج هي الطبقة الثوريّة ذاتها " . و مطبّقة على الوضع العالمي ، هي نظرة البرجوازيّة الكمبرادوريّة التى تبحث عن الإنسحاب من عمل الجماهير الشغّيلة ، و تتشاجر مع أسيادها الإمبرياليّين من أجل رؤية أكثر " عدالة " لغنائم ، لكن لا تملك أبدا فكرة عمليّة للقتال من أجل إلغاء علاقات الإنتاج و العلاقات بين البلدان التى ترعاها الإمبريالية و تحافظ عليها .
الدفاع عن الوطن ، أسلوب " العوالم الثلاثة "

من قمم سخرية إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " أنّه بينما تمحى فى الأساس و ترمى إلى غياهب النسيان ، حروب الإستقلال عن الإمبريالية ( التحرّر الوطني ) فى بلدان العالم الثالث ( أو على الأقلّ تلك الموجّهة ضد الولايات المتّحدة ) ، تعيد إحياءها فى أوروبا . فوفق مقال " العوالم الثلاثة " ، الإشارة إلى أوروبا ،
" الحروب القومية ضد العدوان على نطاق واسع ، والإستعباد والقتل من قبل القوى العظمى ليست ممكنة فحسب بل هي حتميّة و تقدّميّة و ثوريّة ". (ص 63)
ومن العسير تصوّر هجوم أكثر مباشرة على المبدأ الأساسي اللينيني بشأن الموقف الذى تتّخذه البروليتاريا فى البلدان الإمبرياليّة تجاه برجوازيّتها " الخاصة " . موقف لينين بخصوص الحرب العالمية الأولى و الصراع الشرس ضد الذين إتخذوا موقفا آخر عدا النضال من أجل الإنهزاميّة الثوريّة إزاء برجوازيّتها الخاصة معروف جيّدا طبعا . و مثلما لخّص ماو بشكل موجز للغاية فى 1938 ، " إنّ الأحزاب الشيوعية فى الدول الرأسماليّة ،قيما يتعلّق بمسألة الحرب ، تعارض الحروب افمبريالية التى تشنّها بلدانها ؛ فإذا ما نشبت مثل هذه الحروب ، فإ،ّ سياسة هذه الأحزاب هي السعي لهزيمة الحكومات الرجعيّة القائمة فى بلدانها . و إنّ الحرب الوحيدة التى نريد هذه الأحزاب خوضها هي الحرب الأهليّة التى تعدّ لها العدّة . " ( " قضايا الحرب و الإستراتيجية " ، المجلّد الثاني ، ص 219-220 باللغة الأنجليزيّة ، و بالعربيّة ص 304).
لكن وفق الحكّام التحريفيين للصين راهنا مقولة ماو أعلاه ، شأنها شأن الخطّ الثوري عامة ، تجاوزها الزمن . و عوض ذلك يتعيّن على الأحزاب الشيوعية أن تعدّ للقتال فى حرب ضد القوى العظمى ( إقرأوا السوفياتيّة ) . ويمكن أن يشرعوا " اليوم" برفع شعار " الدفاع عن الإستقلال الوطني " . ( مقال " العوالم الثلاثة " ، ص 59 )
و باحثين عن بعض التبرير لخيانتهم ، يقدّم التحريفيّون الصينيّون فقط واقع أنّه فى الفترات السابقة كانت " القوى العظمى" تتصارع فيما بينها من أجل الهيمنة على العالم ، واليوم الولايات المتّحدة و الإتّحاد السوفياتي وحدهما فى وضع قوى عظمى. و هذا فى الواقع ليس سوى حجّة خرقاء لعصر جديد ، نوعا ما مختلف عن عصر الإمبريالية ، فيه لا تنطبق تعاليم لينين.
أوّلا ، هذه الحجّة سخيفة فى ظاهرها ، لأنّه فى الماضى وجدت عدّة قوى إمبرياليّة أكثر مساواة فى القوّة ، تطوّرت الحربان السابقتان ليس كحرّية لجميع الإمبرياليين فى مهاجمة الإمبريالييّن الآخرين دون تفريق ، وإنّما كحروب بين كتلتين من الدول الإمبرياليّة ، فيها كانت التناقضات بين الدول المكوّنة لكلّ كتلة تلطّف مؤقّتا تناقضها المشترك مع الكتلة المنافسة .
أمر واقع أنّ الحرب التى يعدّ لها الإمبرياليّون الغربيّون حرب إمبرياليّة . وتظلّ الحرب مواصلة للسياسة بطرق عنيفة وسياسة هذه البلدان لا يمكن أن تعكس إلاّ نظامها الإقتصادي - الإجتماعي الإمبريالي . و تهيمن على هذه البلدان إحتكارات تصدّر رأس المال ؛ إنّها تنهب المصادر الطبيعيّة للآخرين وتركّز أنظمة رجعيّة وتبحث عن توسيع مجالات تأثيرها . واقع أنّها تقوم بذلك فى تحالف مع الإمبرياليّة الأمريكية لا يغيّر فى شيء أنّها تعمل إنطلاقا من مصالحها الإمبرياليّة "المستقلّة". و كذلك لا يمكن لواقع أنّ هذا التحالف غير متكافئ ( أي تحالف إمبريالي ليس كذلك ؟ ) بأيّة طريقة أن يغيّر طبيعتها الإمبرياليّة .
و كما وضع ذلك لينين بوضوح تام " بإيجاز نقول إنّ الحرب بين الدول الكبرى الإمبريالية ( أي التى تظلم جملة كاملة من الشعوب الأخرى ، و تشيكها فى شباك التبعيّة للرأسمال المالى و ما إلى ذلك ) أو بالتحالف معها هي حرب إمبرياليّة . وهكذا هي حرب 1914-1916 . إنّ " الدفاع عن الوطن " فى هذه الحرب هو خداع ، هو تبرير لها " ( " بصدد الكاريكاتور عن الماركسيّة و بصدد الإقتصادية الإمبريالية " الأعمال الكاملة ، المجلّد 23 ، ص 34 بالأنجليزيّة ، التشديد من وضع لينين ؛ و بالعربيّة ص 161 من المجلّد السادس من لينين ، المختارات فى 10 مجلّدات ؛ دار التقدّم موسكو ) . هذه القوى الإمبرياليّة الأصغر لا تخطّط فقط للذهاب إلى الحرب للحفاظ على مصالحها الإمبرياليّة القائمة ضد تهديدات الكتلة المنافسة، إذ هي تأمل كذلك أنّه فى حال إنتصار كتلتها ، سيفسح " التقسيم العالمي " القائم المجال لواحد أكثر مواتاة لها حتّى ضمن المنتصرين ( دور الولايات المتحدة فى الحرب العالميّة الثانية فى الإستيلاء على مستعمرات أنجلترا و فرنسا مثال على ذلك) .
لدعم حجّتهم ضد اللينينيّة ، يقول التحريفيّون الصينيّون فى مقال معنون بشكل لا يصدّق " إنصاف الدفاع عن الإستقلال الوطني بلدان العالم الثاني كما جاء فى عروض لينين عن " الدفاع عن الوطن " ![ !] أعيد نشره فى مجلّة بيكين عدد 5 ، 1978 ) ، إنّ بلدان " العالم الثاني " لم تعد معنيّة ب " مشكل إعادة تقسيم العالم مع القوّتين الأعظم لكن بكيفيّة صيانة إستقلالها و أمنها الخاصين " . و " نتيجة للتطوّر اللامتكافئ للإمبرياليّة ، الكتلة الإمبرياليّة التى تترأّسها الولايات المتّحدة قد إنكسرت ". إزاء هذا نسأل فقط : أيّها السادة ، فى أي "عالم " تعيشون ؟
لم يحاجج لينين أنّه يمكن أن لا توجد حروب قوميّة وسط حرب شاملة ما بين الإمبرياليّات . خلال الحرب العالميّة الأولى، أشار إلى ليس فقط أنّه يمكن أن توجد مثل هذه الحرب فى المستعمرات بل أيضا إلى أنّ فى شرق أوروبا يمكن أن يحدث الأمر بما أنّ المسألة القوميّة ، كما وضع ذلك ، زمنها مسألة راهنة . إلاّ أنّه شدّد مثلا على أنّ :
" إنّ العنصر القومي فى الحرب بين النمسا و صربيا إختبار ثانوي تماما و لا يؤثّر فى الطابع العام الإمبريالي للحرب " ( " ندوة الحزب الإشتراكي الروسي ... مجموعات الخارج " ، الأعمال الكاملة ، المجلّد 21 ، ص 159 بالأنجليزيّة ).
تتّخذ إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " كمنطلق لها الوضع القائم غير الثوري فى البلدان الإمبرياليّة و ضعف القوى الماركسيّة – اللينينيّة ( المزيّفة و الحقيقيّة ) و مع ذلك ، شدّد لينين بصفة متكرّرة ، خاصة فى ما يتعلّق بالحرب ، على إمكانيّة تغيّر سريع فى المزاج إلى وضع ثوري . وأشار إلى أنّ تفجّر الحرب العالميّة يمكن أن يجلب معه نواة وضع ثوري . كما أشار إلى إمكانيّة توسّع كبير لتأثير الأحزاب الثوريّة على الجماهير بسرعة رغم الإلتواءات و المنعجرات و ربّما حتّى التراجعات فى البداية .
و زيادة على ذلك ، أكّد لينين على أنّ " ما من إشتراكي ضمن فى أيّ مكان من العالم و فى أي فترة من الزمان أكّد بأنّ الثورة تنشأ على وجه الضبط من الحرب الحاليّة ( لا من الحرب المقبلة ) ، من الوضع الثوري الحالي ( لا من الوضع المقبل ) " ( " إفلاس الأممية الثانية " ، الأعمال الكاملة ، المجلّد 21 ، ص 216 بالأنجليزيّة ، و بالعربيّة ص 301 من المجلّد الخامس من لينين ، المختارات فى 10 مجلّدات ؛ دار التقدّم موسكو ) . و هاجم سوء إستعمال الذين يستخدمون غياب الضمان هذا للإخفاق فى العمل بلا هوادة من أجل إلحاق الهزيمة ببرجوازيّتهم " الخاصة " فى حال نشوب حرب . كلّ ما تستطيع إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " أن تؤكّده ( إذا تبنّاها الماركسيّون – اللينينيّون فى بلدان " العالم الثاني " ) سيكون أنّ ثورة مظفّرة لن يمكن حتّى التفكير فيها و أنّ نتيجة الحرب ستدع بروليتاريا أوروبا ليس أقرب بل أبعد ما تكون عن مهمّة الإشتراكية .
الخطر الأساسي السوفياتي

بالرغم من واقع أنّ فى إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " القوّتين الأعظم ، الولايات المتّحدة و الإتحاد السوفياتي ، تُجمع معا كجزء من " العالم الأوّل " و وصفت ب " الأعداء المشتركين لشعوب العالم " ، فى الحقيقة تُحدث هذه الإستراتيجيا ضجيجا عن حول أنّ السوفيات هم " الأخطر " ضمن الإنثين . و يحاجج التحريفيّون الصينيّون حتّى أنّه إذا :
" كنّا لا نزال نضع دون تفرقة القوّتين الأعظم على حدّ سواء و نخفق فى تحديد الإتحاد السوفياتي على أنّه المحرّض الأخطر على الحرب العالميّة ، سنمحى فحسب اليقظة الثوريّة لشعوب العالم و نمحى الهدف الأوّلي فى النضال ضد الهيمنة " ( مقال " العوالم الثلاثة " ، ص 39 ، التشديد مضاف ) .
هنا لدينا المسألة فى كلّ عظمتها . القوّتان الأعظم هما العدوّ المشترك ، لكن " الهدف الأوّلي " لشعوب العالم يجب أن يكون الإتحاد السوفياتي . من البديهي تماما أنّ هذا هو التعليل النظري للسياسة التى يتّبعها الحكّام التحريفيون ، سياسة التحالف مع الإمبريالية الأمريكيّة و كتلتها ضد السوفيات .
إنّ أساس وصف الإتّحاد السوفياتي بأنّه " المصدر الأخطر للحرب " هو أنّ السوفيات الذين كانوا فى مرحلة هجوم إستراتيجي ، فرضوا مطلب إعادة تقسيم جديد للعالم يخدم مصلحتهم و بطبيعة الحال ، يكون على حساب الإمبرياليّين الأمريكان و الغربيّين . ومجدّدا ،" يمضى خطّ " الأخطر" مباشرة ضد التعاليم الأساسيّة للينين حول الحرب الإمبرياليّة .
هل هناك أيّ إختلاف بين واقع أنّ الإتحاد السوفياتي فى مرحلة هجوم إستراتيجي ، تحديدا لأنّه يفتقد إلى قسط " عادل " فى تقسيم العالم ، و الوضع السابق للحرب العلميّة الأولى حينما كانت ألمانيا هي التى كانت تدفع بصفة مباشرة و عدوانية أكثرنحو تقسيم جديد للعالم ؟ لا وجود لإختلاف جوهري .
ليس جعل السوفيات " الهدف الأوّلي " لشعوب العالم إلاّ أرضية للدعوة إلى الإبقاء على التقسيم الحالي للعالم الذى تسيطر فيه الإمبرياليّة الأمريكيّة و حلفاؤها الغربيّون على معظم العالم . و فضلا عن ذلك ، بما أنّه ليس بوسع إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " أن تمنع الحرب بين الإمبرياليين من النشوب ، فإنّ كلّ الحديث عن " الأكثر عدوانيّة " و" الأخطر " يحجب ببساطة ما ستكون الطبيعة الطبقيّة لمثل هذه الحرب و يساعد على إعداد الرأي العام لأجل الإمبرياليّين الغربيّين الذين يصرّحون بلا شكّ بأنّهم يقاتلون حربا " دفاعيّة " ضد عدوان السوفيات .
و من المفارقا الهام جدّا أنّ لخطّهم ل " العوالم الثلاثة " تأثير إستلام راية " الصراع الطبقي " و " التحليل الطبقي " للأحزاب التحريفيّة القديمة و هكذا فى الواقع يعزّزون قبضتهم الخادعة على قطاعات هامة من الناس .
لا يمكن لخطر حرب عالميّة أن ينبع من أيّ شيء آخر عدا التنافس بين القوى الإمبرياليّة ، القوى العظمى بوجه خاص ، و من طبيعة النظام الإمبريالي ذاته . و محاولة إلصاق خطر الحرب رئيسيّا بواحدة أو أخرى من القوى العظمى( وكتلها ) هو إستهزاء بالتحليل الطبقي و ببساطة جعله مسألة " عدوانيّة " . و هذا ، طبعا ، هو بالضبط الطريق الذى كانت رائدة فيه الأمميّة الثانية بشأن الحرب العالميّة الأولى ، عندما وجدت غالبيّة الأحزاب الإشتراكيّة تعلّة أو أخرى لدعم برجوازيّتها الخاصة فى الحرب ، سواء بصفة علنيّة أو برفض الدعوة إلى هزيمتها فى الحرب . و رفع شعار " الإستقلال الوطني " بالنسبة للإمبرياليين الأوروبيّين إشتراكية – شوفينيّة تامة .
يسعى المدافعون عن إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " إلى إستخدام مقال للينين ، " حول كرّاس يونيوس " ( الأعمال الكاملة ، المجلّد 22، ص 305 – 319 بالأنجليزية ، و بالعربية ص 258-259 من " حركة شعوب الشرق الوطنية " دار التقدّم موسكو ) الذى يعرب عن أنّه فى ظلّ جملة من الظروف المغايرة يمكن أن توجد حرب وطنية فى أوروبا – فى تعارض مع حرب إمبريالية – تخوضها " عدد من الدول القوميّة القويّة " ضد قوّة إمبرياليّة كبرى تكون أخضعتها . و قد إعتبر لينين ذلك ليس فقط " بعيد الإحتمال " بل أضاف أنّه " يعنى تطوّر أوروبا إلى الوراء بضعة عقود من السنين " لأنّ مثل هذه الحرب ستظلّ تجد البرجوازيّة فى المقدّمة أو على الأقلّ تأجّل إطاحة البروليتاريا بالبرجوازية .
و فى هذا المقال عينه ، يوضّح لينين جدّا أنّ " الطبقة التى تمثّل التقدّم إلى الأمام هي البروليتاريا " و كانت حينها بالنظر إلى الحرب العالمية الإمبريالية الأولى " تنزع بصورة موضوعيّة إلى تحويلها إلى حرب أهليّة ضد البرجوازيّة " . و زيادة على ذلك ، أضاف لينين متحدّثا عن أوروبا الغربيّة بوجه خاص ، " لأنّ رأس المال المالي العالمي قد أنشأ البرجوايزة الرجعيّة فى كلّ ناحية . " و هو يشدّد على أنّ تحوّل الحرب العالميّة الأولى إلى حرب وطنية فى أوروبا كان " بعيد الإحتمال كلّيا " ، أشار لينين كذلك فى مقاله إلى أنّ " و لا يستطيع أن يمحو الفرق بين الحرب الإمبريالية و الحرب الوطنيّة إستنادا إلى أنّ إحداهما قد تتحوّل إلى الأخرى غير السفطائي " .
يمكن رؤية أنّه من جملة الظروف " المختلفة إلى درجة كبيرة " التى قال لينين أنّها ينبغى أن توجد من أجل أن تحدث حرب وطنية ( حقيقية ) فى أوروربا ، لا تنطبق على الوضع فى البلدان الإمبريالية الغربيّة لما يسمّى " العالم الثاني ". و بالفعل، إن كان المرء ليتفحّص المعيار العملي الذى وضعه ( تحديدا " إذا إذا ما ظهرت البروليتاريا الأوروبيّة عاجزة فى غضون 20سنة ؛ وإذا ما إنتهت الحرب الحاليّة بإنتصارات كالإنتصارات النابليونيّة و بإسعباد جملة من الدول القوميّة الزاخرة بالحيويّة ..." ) يمكن للمرء أن يستنتج فقط أنّ هذه البلدان يجب أن تخوض " حربها الوطنية من أجل الإستقلال " ضد الإمبرياليّين الأمريكان وهو أمر كما نعلم جميعا هو آخر شيء يحاجج من أجله التحريفيّون الصينيّون (على الأقلّ فى الوقت الحالي ) .



جبهة متّحدة من أجل ماذا ؟

و نعود إلى المسألة المثارة آنفا ، ما الغاية من إستراتيجيا " العوالم الثلاثة "؟ لم يدّعى أبدا المدافعون عن إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " أنّها إستراتيجيا للثورة بل بالأحرى لبناء جبهة عالميّة متّحدة ضد الهيمنة . و هكذا تصبح مهمّة النضال العالمي ليست القتال من أجل الثورة البروليتاريّة و ليست مقاتلة الإمبريالية بل ببساطة القتال ضد مظهر من مظاهر الإمبرياليّة ألا و هو نزوع القوى العظمى ( إقرأوا السوفيات ) نحو الهيمنة العالميّة . كيف يمكن إلحاق الهزيمة ب " الهيمنة " دون الإطاحة بالإمبرياليّة و الرأسماليّة الإحتكاريّة مسألة يفضّل المدافعون عن العوالم الثلاثة تجاهلها .
إنّ المحتوى البرنامجي ل " الجبهة المتّحدة ضد الهيمنة " بالنسبة لإمبرياليي الولايات المتحدة خطوة إلى الأمام فى تصعيد تحضيراتهم للحرب ، وبالنسبة للقوى الإمبرياليّة المقهورة مثل ألمانيا و فرنسا و اليابان هي تمتين وحدتها مع بعضها البعض و مع الولايات المتّحدة خاصة ، على أساس معارضة الإتحاد السوفياتي و من أجل مزيد الخطوات العريضة فى جعل كلّ نظام رجعي ممكن فى " العالم الثالث " يصطفّ إلى جانب الكتلة التى تقودها الإمبريالية . إنّ دور " الماركسيّين - اللينينيّين " ، حسب هذه النظريّة ، هو محاولة خداع الجماهير لجعلها تؤمن بأنّ السياسة الإمبرياليّة فى مصلحتها فتصبح من المهلّلين للطبقات الرجعيّة الحاكمة .
ما فتأ النظام الجديد فى الصين يقوم بمساهماته فى دعم هذا الحالف الإمبريالي . أوّلا و قبل كلّ شيء ساعدوا الإمبرياليّين بحلولهم محلّ خروتشوف و محاولتهم لعب دور رجال المطافئ للحركات الثوريّة حول العالم . و تأتى الزيارة الأخيرة لهواو كوفينغ لإيران وسط نهوض ثوري قويّ مثال جيّد و مناسب عن إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " فى الممارسة العمليّة . لقد مدح نظام الشاه و أعطى مصداقيّة لكذبة أنّ السوفيات وراء التمرّد الجماهيري الجاري . ( أنظروا مجلّة " الثورة " ، أكتوبر 1978 و بالذات المقال على الصفحة 17 ) .
و قد أبحر الصينيّون أيضا إلى درجة هامة فى بناء " الوحدة " مع " العالم الثاني " ، ممضين إتفاقيات إقتصادية متنوّعة ليس بوسعها إلاّ أن تقلّص الصين إلى التبعيّة للإمبريالية مرّة أخرى ، إلى درجة أنّ الملاحظين البرجوازيّين الغربيّين أشاروا إلى الصين على انّها " عضو غير رسمي فى الناتو " .
بالفعل ، و حين ينزع كلّ الكلام الفارغ عن إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " نلفى أنّها ليست سوى مخطّط يهدف إلى التقدّم بما يعتبره القادة التحريفيّون الصينيّون مصالحهم القوميّة الخاصة . و بما أنّ التحريفيّين الصينيّين يرتؤون الخطر الأكبر ، حاليّا، على أنّه ينبع من الإتحاد السوفياتي ، وبما أنّهم يشتهون شهوة شديدة التقنية الغربيّة لتطبيق " التعصيرات الأربعة " على أساس رأسمالي ، قد طوّروا " إستراتيجيا " عالميّة ستجعل كامل الحركة الشيوعية العالميّة مجرّد ذيل لسياستهم الخارجيّة الرجعيّة .
وقد صار هذا بديهيّا فى مقال من مجموعة تسمّى نفسها شيوعيّين فى البراغواي و التى كتبت :
" بلوغ تعصير الصين بسرعة فائقة و تقوية دفاعها القومي بإستمرار هما الضمانان الأهمّ و الذين يمكن التعويل عليهما كي تهزم الحركة الثوريّة للجماهير فى كلّ البلدان على المدى الطويل الأعداء الأساسيّين للشعب عبر العالم – القوّتين الأعظم."
و يسترسل المقال فى نقد كلّ الذين يتجرّؤون على وضع القيام بالثورة فوق " المسيرة الكبرى " الجديدة للصين نحو الرأسمالية على أنّ موقفهم " محلّية ضيّقة ". والأكثر دلالة ليس ما قاله هذا المقال وإنّما أنّه نُشر فى مجلّة بيكين ( عدد 28، 1978 ).
لا شكّ فى أنّ منظّري " العوالم الثلاثة " يؤمنون حقّا بأنّ بإيقاظ الغرب على مصالحه الإمبريالية الخاصة و بالفعل بتحالف تام على نطاق واسع معه ، يمكن للصين أن تتجنّب مواجهة التهديد العسكريّ السوفياتي بضربة واحدة . لقد كان يحدوهم الأمل بأنّ نتيجة الحرب العالميّة الثالثة ستكون انتصار " حروب التحرّر الوطني " وضد " العدوان " التى يخوضها الإمبرياليّون الغربيّون و أنّهم بوسعهم الخروج منها نسبيّا دون إصابات بضرر . وعلاوة على ذلك ، كانوا يأملون أنّ " نظاما إقتصاديّا جديدا " حقّا يمكن أن يظهر تكون فيه الصين قادرة على لعب دور " القوّة العظمى للعالم الثالث " و هم اليوم بعدُ قد شرعوا ( لنستعير كلمات إحدى قصائد ماو ) فى " الإختيال كأمّة كبرى " فى تعاطيهم مع الذين يعتبرونهم أضعف منهم ( قطعهم الخبيث للمساعدة على ألبانيا خير دليل على ذلك ).
لكن هذا السيناريو ليس غير حلم البرجوازية الصينيّة . و الطريق الفعلي الذى يتّبعونه ، لا سيما نظرا لظروف الصين التى لا تزال متخلّفة ، لن تؤدّي إلى ظهورها كقوّة كبرى بل ستجعلها مرّة أخرى أرض يرتع فيها الإمبرياليّون . إنّها إستراتيجيا من أجل الإستسلام الوطني ، و كذلك من أجل إعادة تركيز الرأسمالية .
و يؤكّد مقال " العوالم الثلاثة " صراحة أنّه " ستوجد إصطفافات مختلفة للقوى السياسيّة العالميّة فى مختلف الفترات " ( ص 7 ) . و يترجم هذا ليعني أنّ المصالح الراهنة للصين تتطلّب نظرية " العوالم الثلاثة " بينما المصالح المستقبليّة يمكن أن تعني جيّدا أنّ نظريّة إنتهازيّة أخرى بعدُ يمكن أن تقدّم لتبرير منحى آخر - بصفة خاصة إمكانيّة إستسلام الصين للإمبرياليّين – الإشتراكيّين السوفيات ( نقطة سنعود إليها لاحقا فى مقالنا هذا ) .
و يشدّد التحريفيّون الصينيّون على أنّ إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " ليست مسألة الدفاع عن الصين ضد السوفيات ، بل إنّها تعكس بدقّة الوضع العالمي الحالي و حاجيات الثورة العالميّة . لكن بتقديم هذا التصريح كلّ ما يقومون به هو إحلال مصالحهم البرجوازية الخاصّة محلّ النضال الثوري العالمي .

تاريخ " العوالم الثلاثة "

و بالرغم من محاولات التحريفيّين الصينيّين وبعض الآخرين كذلك إعتبار" العوالم الثلاثة " " مفهوما إستراتيجيّا " لماو ، فإنّ مثل هذه الخدعة لن تنطلي علينا . والدليل الأكثر تعبيرا هو أنّ ماو لم يسر وراء إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " هو أنّ حياته برمّتها كانت حياة ثوري . و كتابات ماو حول الوضع العالمي جميعها منسجمة مع المبادئ اللينينيّة و عمليّا وقف على الدوام إلى جانب النضالات الثوريّة فى كلّ أنحاء العالم .
و فى حين أنّه ليس بإمكان حكّام الصين التحريفيّين أن يبيّنوا أيّة أدلّة على أنّ ماو ابدا إعتبر " العوامل الثلاثة " على أنّها " إستراتيجيا عالميّة جديدة للبروليتاريا العالمية و الشعوب المضطهَدَة "( مقال " العوالم الثلاثة " ، ص 21 ) هناك كلّ الأدلّة على انّ تحليله للنضال الثوري العالمي لم يكن معتمدا على " العوالم الثلاثة " و إنّما بالأحرى على الأربعة تناقضات فى العالم . وهذه التناقضات الأربعة هي حجر الزاوية فى نوع الخطّ العالمي الذى طوّره لينين وستالين و ناضل من أجله ماو و ماركسيّون – لينينيّون آخرون عبر العالم فى القتال ضد التحريفيّة الخروتشوفيّة . لقد وُضعت بصيغة مقتضبة فى تقرير المؤامر التاسع ( الذى وإن قدّمه لين بياو فإنّه كان ضد إرادته ، و مثلما وقعت الإشارة إلى ذلك فى المؤتمر العاشر، كان تقرير المؤتمر التاسع عمليّا يعرض خطّ ماو تسى تونغ و ليس خطّ لين بياو ) . لقد وضع تقرير المؤتمر التاسع الأمر على هذا النحو :
"...العالم المعاصر يعرف أربع تناقضات كبرى : التناقض بين الأمم المضطهدة وبين الإمبريالية والإمبريالية-الإشتراكية ؛ التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية في البلدان الرأسمالية و التحريفية ؛ التناقض بين البلدان الإمبريالية و الإمبريالية – الإشتراكية ؛ والتناقض بين البلدان الإشتراكية و بين البلدان الإمبريالية والإمبريالية - الإشتراكية. "
https://u.pcloud.link/publink/show?code=XZy7en7ZTShprTq7MdScXJ4WIqKLfLt6UJwk
و من المهمّ أن نلاحظ أن " العوالم الثلاثة " لم تقدّم أبدا كإستراتيجيا و أقلّ من ذلك تنسب لماو ، طوال حياته . و خطاب دنك سياو بينغ أمام الأمم المتّحدة فى 1974 ( الذى يقف دون التصريح العلني بأنّ " العوالم الثلاثة " إستراتيجا عالميّة ل " الثورة " ) لا يحاول بأيّة صفة أن ينسب نظرية " العوالم الثلاثة " إلى ماو . و عقب وفاة ماو ، لا بيان اللجنة المركزيّة التى عدّدت مساهمات ماو فى الماركسيّة – اللينينيّة و الثورة ، و لا بالمناسبة ، خطاب هواو كوفنغ التأبيني ( و هو بديهيّا نتاج صراع اللجنة المركزيّة و يعكس بالأساس خطّ ماو ، و ليس خطّ هواو ) أشار إلى نظريّة " العوالم الثلاثة " .
كذلك يؤكّد دستور الدولة المتبنّى سنة 1975 ( قبل الإنقلاب ) على الأمميّة البروليتاريّة و دعم نضالات الأمم و الشعوب المضطهَدة و لا يشير إلى " العوالم الثلاثة " ، بينما الدستور الجديد المتبنّى من قبل التحريفيّين يجعل من خطّ " العوالم الثلاثة " أساس " الأممية البروليتارية " والعلاقات مع الآخرين فى العالم .
و فى ذات الأسبوع الذى كان فيه دنك سياو بينغ يلقى خطابه أمام الأمم المتّحدة ، أشار وانغ هوان وانغ ، واحد ما تسمّى ب " مجموعة / عصابة الأربعة " و أحد أقرب رفاق ماو فى السلاح ، فى خطاب له أثناء زيارة وفد من كمبوديا : " فى المدّة الأخيرة ، علّمنا الرئيس ماو أيضا : إنّنا شيوعيّون و يجب أن نساعد الشعوب ؛ و ستمثّل عدم مساعدة الشعوب خيانة للماركسيّة " ( مجلّة بيكين ، عدد 5 ، 1974 ) . فكان هذا موقفا واضحا جدّا يذهب ضد كامل التوجّه الذى كان دنك سياو بينغ و شو آن لاي يتبعانه فى السياسة الخارجيّة .
و أخيرا ، يجب أن نلفت النظر إلى أنّ الحكّام الحاليّين للصين لم يقدروا على إخراج أكثر من مقولتين أشار فيهما ماو إلى " العوامل الثلاثة " و لا واحدة منهما بأيّة طريقة تمثّل نوعا من " الإستراتيجيا العالمية " . و من كلّ هذا يمكن رؤية أنّ إلصاق نظريّة " العوالم الثلاثة " بماو عمليّة تزوير فظيع .
و بعد سنتين من الإنقلاب التحريفي ، يمكن أن نجد أمثلة لا تحصى و لا تعدّ عن كون الحكّام الجدد يحرّفون صراحة مقولات ماو ويخرجونها عن سياقها ليجعلوها تبدو كما لو أنّه يحاجج ضد خطّه الثوري الخاص . ويفعلون هذا حتّى مع مقالات معلومة بأكملها. هل يمكن أن يوجد أيّ سبب للشكّ فى أنّ هذا النوع من تشويه المقولات ينطبق أكثر فى حال أنّهم " يستشهدون " بنصوص ينسبونها لماو و يقولون إنّها لم تُنشر بعدُ حتّى ؟
و مع ذلك ، من الجليّ أن ماو تسى تونغ و اليسار الثوري الذى كان يقوده ميّزوا أحيانا البلدان إلى ثلاث مجموعات عريضة أو "عوالم " . و من الهام أن نوضّح ما كان يقصده ماو و الأربعة بذلك و ما الذى كانوا يحاولون تحقيقه .
بداية ، لقد قيّم ماو تقييما صحيحا أنّ فى عالم اليوم ثمّة قوّتان إمبرياليّتان عظيمتان هما الولايات المتحدة و الإتحاد السوفياتي و أنّ النزاع بينهما كان يؤدّى إلى الإتّجاه نحو حرب عالميّة . وقليلون من سينكروا أنّ هناك بعض الصلوحيّة فى ملاحظة هذا الإختلاف الموضوعي بين القوى العظمى و القوى الإمبرياليّة الأصغر أو واقع أنّ ، فى الحاضر ، فقط القوّتان الأعظم القادرة على ترؤّس كتلة إمبريالية لخوض الحرب العالميّة – دون طبعا ، تجاهل الهويّة الجوهريّة للنظام الإجتماعي لكافة الدول الإمبرياليةّ .
و كذلك ، لاحظ ماو واقع أنّ تناقضات النظام الإمبريالي العالمي كانت ، فى الفترة التالية للحرب العالميّة الثانية ، أحدّ فى بلدان آسيا وأفريقيا و أمريكا اللاتينيّة - " العالم الثالث "- و انّ فى هذه البلدان كانت تخاض أهمّ المعارك الثوريّة . و كما شدّد على ذلك ماو فى الجدالات مع خروتشوف فى بدايات ستينات القرن الماضي ، " مركز إعصار " الثورة العالميّة قد تحوّل من الغرب إلى الشرق ( و أشار أيضا إلى أنّ " مركز الإعصار " هذا يمكن أن يتحوّل وسيتحوّل مرّة أخرى إلى الغرب عندما تنضج ظروف الثورة البروليتاريّة فى البلدان الإمبريالية ) .
كان هذا تحليلا هاما ، لأنّه يذهب ضد التحريفيّين السوفيات الذين أرادوا أن يطفئوا مشاعل نضال التحرّر الوطني و الذين إستهانوا بدلالتها بالنسبة للنضال الثوري العالمي ، مدافعين بدلا من ذلك عن أنّ التناقض الرئيسي فى العالم كان بين الكتلتين الإشتراكية و الرأسمالية و مستعملا هذه الصيغة لمحاولة ربط النضالات الثوريّة بمصالح ( البرجوازية الجديدة ) كطبقة حاكمة للإتحاد السوفياتي .
و قد لاحظ ماو أيضا واقع أنّ كافة بلدان آسيا ( بإستثناء اليابان ) و أفريقيا و أمريكا اللاتينيّة تتقاسم تاريخا مشتركا من الإستعمار و الهيمنة الإمبرياليّة و من ثمّة لها بعض المظاهر المشتركة بالرغم من الإختلافات العميقة فى عديد الأوجه . و لاحظ واقع أنّ إلحاق الهزيمة بالإمبريالية ، لا سيما على يد شعوب الهند الصينيّة ، و مع إشتداد الأزمة الإمبرياليّة ، كانت عديد الأنظمة فى بلدان " العالم الثالث " تتّخذ بعض الخطوات ،على أنّها جزئيّة و تتوقف لطبيعتها ، فإنّ ذلك قد وجّه ضربات موضوعيّا للإمبرياليّين أو على الأقلّ وضع حجرات عثرة فى طريقها . و حاجج ماو بأنّ مثل هذه الخطوات يمكن و يجب أن تلقى المساندة ، لا سيما من قبل البروليتاريا فى السلطة .
بهذا النوع من التوجّه ، وافق ماو على محاولات الصين أن ترسي علاقات دبلوماسيّة وغيرها من العلاقات مع أنواع مختلف من بلدان " العالم الثالث ". و مظهر هام من هذه السياسية كان إلحاق الهزيمة بجهود الإمبرياليّين فى إرساء حصار دبلوماسي على شعوب جمهوريّة الصين ، وهي سياسة تداعت مع القبول بالصين فى الأمم المتّحدة . و كانت الصين تستخدم أيضا علاقاتها الدبلوماسيّة مع أنواع من أنظمة العالم الثالث سعيا منها لكسبها لدعم النضالات الثوريّة المفاتيح ، ومثال بارز على ذلك هو حملة جعل هذه الأنظمة تعترف بالحكومة الثوريّة فى كمبوديا خلال حرب الهند الصينيّة أو على الأقلّ تدعم القبول بها فى الأمم المتّحدة .
وقدّمت الصين مساندة صلبة للبلدان العربيّة التى أقامت مقاطعة نفطيّة أثناء حرب 1973 مع إسرائيل و لاحقا ساندت جهود بلدان الأوبيك فى مطالبتها بترفيع فى أسعار النفط الخام . و كذلك ، ساندت الصين جهود بلدان " العالم الثالث " فى المطالبة ب 200 ميل كحدود فى المحيط قصد الحفاظ على أسماكها وحركات مشابهة لمقاومة الهيمنة الإمبرياليّة .
عند إتّخاذ هذه الخطوات ، لم يحاجج ماو قط أنّ المهمّة الأساسيّة لكسب التحرّر الوطني فى هذه البلدان قد ألغيت ، بالعكس، إستمرّ الصينيّون فى تقديم الدعم حتّى فى تلك الحالات ( مثل الفليبين ) حيث أرسوا علاقات مع النظام الرجعي الذى كانت النضالات موجّهة ضدّه . بسلوك هذه السياسة ، كان ماو يتّبع تماما الممارسة المركّزة لزمن طويل فى صفوف الدول الإشتراكيّة . وعقد لينين والسوفيات مثلا ، إتّفاقيّات عديدة مع جمهورية وايمير فى جمهوريّة ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الأولى ، بينما كانوا يدعمون الإنتفاضات التى جدّت هناك .
ومن الواضح أيضا أنّ ماو تسى تونغ وافق على السياسة العامة ل" الإنفتاح على الغرب " التى بدأت تتّخذ شكلها التام مع زيارة نكسون إلى الصين سنة 1972 . و بالقيام بذلك ، كان ماو يردّ خاصة على الواقع الواضح بأن الإتحاد السوفياتي كان يمثّل التهديد الأساسي المباشر لأمن الصين . و قد عكست زيارة نكسون قبل كلّ شيء إخفاق جهود إمبرياليي الولايات المتحدة فى محاصرة الصين . و كون ماو حاجج من أجل إرساء علاقات مع الإمبرياليّين الأمريكان و إستخدام التناقض بين القوّتين الأعظم ليس بالتأكيد نوعا من دوس المبادئ وهو بالفعل يحذو حذو السياسة الخارجيّة للإتحاد السوفياتي فى ظلّ لينين و ستالين .
الصراع حول الخطّ الأمميّ

و فى نفس الوقت ، من الواضح أنّه أثناء كامل هذه الفترة وُجد صراع شديد فى الصين حول مواصلة أو عدم مواصلة الثورة أو تبنّى خطّ تحريفي يؤدّى إلى التراجع إلى الرأسماليّة . و قد إنعكس هذا الصراع فى معركة حول الخطّ العالمي و السياسة الخارجيّة .
ومن بداية سبعينات القرن الماضي ، كان اليمين بقيادة شو آن لاي يبحث عن نوع من الإستسلام للإمبريالية كان يجرى تحت يافطة نظريّة " العوالم الثلاثة " . فبالنسبة لهم ، لم تكن زيارة نكسون و " الإنفتاح على الغرب " مسألة إستغلال للتناقضات بين القوى العظمى و رجعيّين آخرين بل محاولة لجعل الصين تتحالف مع كتلة الإمبريالية الأمريكيّة و ترتهن بها .
لقد حاججوا من أجل دعم الحركات الثوريّة آملين تقوية هذا التحالف . و بالتالى كان تصريح ماو ب " ستمثّل عدم مساعدة الشعوب خيانة للماركسيّة " الذى صدر بالذات زمن كان دنك يعدّ خطابه أمام الأمم المتّحدة ، يكتسى دلالة مميّزة . و كذلك هو شأن المقال ( الذى كان يعرض بجلاء خطّ ماو و الأربعة ) الذى كتب خلال حملة " نقد لين بياو و كنفيشيوس " و الذى تضمّن صفعة لل" خطّ التحريفي " الساعي إلى " تقليص دعم و مساندة النضالات الثوريّة للشعوب من بلدان مختلفة " ( " التاريخ يتطوّر فى شكل لولبي " ، مجلّة بيكين ، عدد 43 ، 1974 ).
و كذلك ، شدّد اليسار على موضوع الخيانة الوطنيّة ، و على الإستسلام للإمبرياليّة و خيانة النضالات الثوريّة فى عديد المقالات التى كانت تهدف إلى تعبأة الشعب ضد اليمين . و كان هذا صحيحا بوجه خاص بصدد حملة نقد قصّة " واتر مارجين " / " على ضفاف الماء " التى كانت موجّهة بشكل خاص من قبل ماو ذاته ضد الإستسلام .
ومع ذلك ، كان لليمين تأثير معتبر أثناء هذه الفترة ، بما فى ذلك السيطرة على وزارة الشؤون الخارجيّة و قسم العلاقات التابع للجنة المركزيّة ( و كانت مهمّته الحفاظ على العلاقات مع الأحزاب الماركسية – اللينينية الشقيقة و الذى تحوّل إلى أكثر بقليل من تابع لوزارة الخارجيّة ) . لقد مضى هؤلاء الناس إلى أبعد من التحرّكات المحدودة التى كان ماو مستعدّا لإتّخاذها فى " الإنفتاح على الغرب " وفى تشجيع أنظمة بلدان " العالم الثالث " على مقاومة بعض ممارسات الإمبرياليين.
ولنأخذ مثال الشيلي . ففى 1973 أطاح إنقلاب السى آي آي بنظام آلندى و ساد رعب دموي ضد الجماهير الثوريّة والمنظّمات الثوريّة . لقد وقعت مجزرة فى حقّ ثلاثين ألف شخص . وردّا على ذلك ، أدان الثوريّون و التقدّميّون عبر العالم جرائم الإمبرياليّين الأمريكان و عميلهم ، بينوشى . و كان ردّ الصينيّين مقرفا تماما . إذ خرج شو آن لاي بموقف ضعيف أرسله إلى زوجة آلندى ، دون أي تنديد بالولايات المتحدة .
و المقالات فى الصحافة الصينيّة ( و يجب الإشارة إلى أنّه بينما كانت الصحافة عموما بيد القيادة الثوريّة ، كانت تغطية الشؤون الخارجيّة متأثّرة تأثيرا كبيرا بوزارة الخارجيّة ) لم تندّد بالنظام الشيلي أو بجرائمه ضد الشعب .
و بينما كانت المجازر لا تزال جارية ، أسرع شو آن لاي ليكون ضمن أوّل مصافحى نظام بينوشى و من ثمّة منحه إعترافا دبلوماسيّا . و بالرغم من أنّه لا وجود لشيء خاطئ فى إرساء علاقات دبلوماسيّة مع أنظمة رجعيّة ، فإنّ هذه الحركة كانت طعنة فى الظهر خبيثة لنضال الشعب الشيلي و تمّت رؤيتها كذلك عبر كامل أمريكا اللاتينيّة و العالم بالضبط فى زمن كان فيه الملايين ينظرون إلى الصين و يتوقّعون منها أن تقف إلى جانب النضال الثوري . لم تخدم حركة شو آن لاي إلاّ الإشارة إلى نيّته تجاه الأنظمة الرجعيّة عبر العالم : لا نهتمّ بالثورة فى بلدانكم طالما كنتم تعارضون السوفيات ! كما لو أنّ بينوشى أو داعميه من السي آي آي كانوا يحتاجون أيّ تشجيع من الصينيّين لمعارضة الإتّحاد السوفياتي . كلّ هذه الحلقة المقرفة لم تفعل سوى تعزيز يد السوفيات و الأحزاب التحريفيّة عبر أمريكا اللاتينيّة ، بما أنّ الثوريّين قد تملّكهم القرف عن حقّ من الخيانة التحريفيّة الصينيّة .
لكن رغم واقع أنّ التحرّكات المعادية للثورة التى جرت بإسم " السياسة الخارجية للرئيس ماو " حتّى بينما كان على قيد الحياة ، بشكل عام ظلّ الخطّ الأمميّ للحزب الشيوعي الصيني خطّا ثوريّا . و دون شكّ ، كانت هذه المسألة مثارة بعمق فى الصراع الذى كان يخوضه ماو و الأربعة ضد اليمين فى ذلك الوقت بالذات .
و كون الحزب الشيوعي الصيني لم يقدر أبدا على صياغة وثيقة شاملة حول الوضع العالمي خلال الفترة السابقة لوفاة ماو دليل فى حدّ ذاته على أنّه يجب أن يكون قد وُجد صراع حاد حول المسألة . و علاوة على ذلك ، يقول لنا التحريفيّون الصينيّون أنفسهم فى مقال " العوالم الثلاثة " :
" فى بلادنا نحن ، هناك أشخاص يعارضون صراحة نظريّة الرئيس ماو حول العوالم الثلاثة . و هؤلاء ليسوا سوى وانغ هوان وانع و تشانغ تشن – تشياو و تيانشغ تشنغ و ياو وان يوان ، أو " عصابة الأربعة ". رافعين راية أكثر " ثوريّة " ، عارضوا دعم الصين للعالم الثالث كما عارضوا جهود الصين لتوحيد كلّ القوى التى يمكن توحيدها و عارضوا الصفعات التى وجّهناها إلى العدوّ الأخطر . و حاولوا بلا طائل أن يخرّبوا بناء جبهة متّحدة عالميّة ضد الهيمنة و عرقلوا نضال الصين المعادي للهيمنة ، مقدّمين خدمة جليلة للإمبرياليّة – الإشتراكيّة السوفياتيّة . " ( ص 24 )
و إسترسلوا ليشيروا إلى أنّ " عصابة الأربعة " يلعنون نظريّة العوالم الثلاثة " . إنّ كلّ نقد سياسي كبير لما يسمّى ب " عصابة الأربعة " هو عمليّا موجّه إلى الخطّ الثوري لماو تسى تونغ ذاته والحال هنا لا يشذّ عن القاعدة . إنّ هجوم التحريفيّين على الأربعة إشارة أخرى إلى أنّ ماو ( و معه الأربعة ) قاتلوا أتباع الطريق الرأسمالي بصدد هذه المسألة مثلما قاتلوهم فى كلّ المسائل الأخرى .
و مثلما تمّ التعريج على ذلك قبلا ، فى محاولتهم عرض " المفهوم الإستراتيجي " لماو للعوامل الثلاثة ، لم يستطع التحريفيّون الصينيّون أن يوفّروا عدا مقولتين حيث يستخدم عمليّا تلك الكلمات ، الأولى ببساطة لوصف الثلاث مجموعات من البلدان عامة و الأخرى يؤكّد فيها :
" تنتمى الصين إلى العالم الثالث . و ذلك لأنّ الصين لا يمكن أن تقارن بالبلدان الغنيّة و القويّة سياسيّا و إقتصاديّا إلخ . يمكن ضمّها فقط إلى البلدان الفقيرة نسبيّا " ( مقال " العوالم الثلاثة " ) ص 51 ).
فى هذه المقولة ماو ليس يمحى أبدا الإختلاف بين البلدان الإشتراكيّة و تلك التى لا تزال فى ظلّ حكم البرجوازيّة و الملاّكين العقّاريين فى " العالم الثالث " . ما يقوم به هو المحاججة ضد الذين يقارنون الصين باليابان و البلدان الأوروبيّة ( أو الولايات المتّحدة ) و يسعون إلى إيجاد خطإ فى النظام الإشتراكي فى الصين إذا لم يستطع اللحاق بهذه البلدان إقتصاديّا فى فترة زمنيّة وجيزة . بالفعل ، هذه المقارنة هي التى يصدح بها بوق دعاية القادة الحاليّين للصين ، موبّخين " عصابة الأربعة " و فى الواقع ماو نفسه ، على إبقاء الصين متخلّفة بخطّهم الثوري الذى ظلّ يتدخّل فى الإنتاج. لقد كانت هذه المسألة برمّتها مسألة صار ماو واضحا بشأنها مع تطوّر الثورة الإشتراكية وخاصة الثورة الثقافيّة . و قد حاجج بأنّ التخلّف النسبيّ للصين نتيجة الظروف الإجتماعيّة الموروثة من الصين القديمة التى نهبتها الإمبريالية و أنّ " مسيرة التعصير بالقوّة " التى كانت تهدف إلى الإلتحاق بالغرب إقتصاديّا فى فترة زمنيّة وجيزة ستؤدّى إلى إدخال جملة كاملة من الممارسات الرأسماليّة و كذلك إلى الفشل . هذا هو فهمنا لتصريح ماو بأنّ " الصين تنتمى إلى العالم الثالث " .
هل إرتكب ماو و الأربعة أخطاء فى تكريس خطّهم الأممي الثوري ؟ مثلما وضع ذلك بوب أفاكيان ، رئيس اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الثوري أثناء إجتماعات الذكرى الثانية لوفاة ماو :
" إجمالا ، إذن ، الخطّ الذى قاتل ماو – و الأربعة – من أجله فى ما يتّصل بمسألة معالجة التناقض بين الدفاع عن الصين من جهة و التقدّم بالثورة فى البلاد و دعم النضال الثوري عبر العالم من الجهة الأخرى ، كان صحيحا . لكن فى التعاطى مع هذه المسألة الصعبة و المعقّدة للغاية ، إرتكبوا بعض الأخطاء ، خاصة خطأ تبنّى تحليل الإتّحاد السوفياتي على أنّه أخطر مصدر للحرب ، على أساس مشابه لذلك الذى صرّح على قاعدته ستالين بأنّ الدول الفاشيّة هي العدوّ الأساسي خلال أواخر ثلاثينات القرن العشرين . و قد عزّز هذا الخطأ إلى حدود معيّنة التحريفيّين فى الصين الذين كانوا – و لا زالوا – يحاججون بأنّ الخطر السوفياتي على الصين يبرّر و يتطلّب محو الثورة فى الداخل و فى الخارج . و هذا النوع من الأخطاء من قبل الثوريّين قد وُجد كما تمّت الإشارة إلى ذلك ، فى صفوف الحركة الشيوعيّة العالميّة و يعود إلى ثلاثينات القرن الماضي و هناك حاجة حقيقيّة لتلخيصه ونقده بصورة أشمل لأجل تجنّب الوقوع فيه مستقبلا . "
( " خسارة الصين و الإرث الثوريّ لماو تسى تونغ " ، ص 114 ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، 1978 )
سبب إعتقاد الحزب الشيوعي الثوري أنّه من الخطإ نعت الإتحاد السوفياتي بأنّه " مصدر الحرب الأخطر " قد وقع عرضه سابقا . زمنها ، كان من الصحيح أن يعترف ماو بأنّ التهديد الأساسي بالهجوم على الصين يتأتّى من الإمبرياليّين – الإشتراكيّين السوفيات و أن يبذل جهودا دبلوماسيّة كجزء من التعاطى مع هذا الخطر .
لم يكفّ ماو و الأربعة قطعا عن دعم النضال الثوري ضد الولايات المتحدة و حلفائها الإمبرياليّين الغربيّين حتّى بينما كانت بؤرة تركيزهم فضح السوفيات و الإحالة على هؤلاء على أنّهم " المصدر الأساسي للحرب " . فى السنوات القليلة الأخيرة من حياة ماو ، فى ما يتّصل بالنضالات التى كانت تستهدف الولايات المتحدة و الغرب فى بعض مناطق العالم حيث كان السوفيات يعملون على إحراز إختراقات ، كان الصينيّون غالبا ما يعقدون المقارنة الآتى ذكرها : و نحن نقاتل الذئب فى الباب الأمامي ، علينا أن نكون يقظين تجاه النمر بالباب الخلفي . وهذا التشبيه ( الذى تتخلّله فى حدّ ذاته بعض نقاط الضعف) كان يهدف إلى تشجيع يقظة القوى الثوريّة تجاه السوفيات الذين كانوا يحاولون إستخدام النضال لغاياتهم الإمبرياليّة الخاصة. و بعد الإنقلاب التحريفي ، لم يعد يقع التشديد على هذا الموضوع ، بالضبط مثلما لم تعد الصين تدعم حقيقة النضالات ضد الإمبرياليّين و الرجعيّين فى الغرب . الآن النصيحة هي الإلتحاق بمجموعة الذئب لقتال النمر.
و مهما كانت الأخطاء التى يمكن أن يكون إقترفها ماو و الأربعة ، لا شكّ لدينا فى أنّ الأربعة و ماو قد لعنوا نظرية العوالم الثلاثة كما تجرى صياغتها حاليّا من قبل الحكّام التحريفيّين الذين كانوا بداهة يقاتلون و يسعون إلى تطبيق هذا الخطّ طوال كامل المدّة التى كان فيها ماو يقود النضال ضدّهم .

الحزب الشيوعي الثوري و نظريّة العوالم الثلاثة

فى مؤتمره الثاني بدايات 1978 ، إستخلص الحزب الشيوعي الثوري أنّ نظريّة " العوالم الثلاثة " كانت معادية للثورة . و قد تمّ بلوغ هذا الإستنتاج كجزء من نضال عام لبلوغ خطّ صحيح حول طبيعة الحكّام الحاليّين للصين و إنقلابهم فى أكتوبر 1976 . ( من أجل المزيد ، أنظروا مجلّة " الثورة " ، سبتمبر 1978 )
منذ فترة تأسيس الحزب الشيوعي الثوري ( و الإتحاد الثوري الذى نهض بدور مركزي فى تأسيسه ) ، نظر الحزب إلى التجربة التى كسبتها الثورة فى الصين و المساهمات العظيمة لماو تسى تونغ و إستلهم منها أفكارا و إستقى فهما .
و بخصوص مسألة الخطّ العالمي للحركة الشيوعيّة ، إتّخذ الحزب موقفا متّفقا عليه يتناسب و موقف الحزب الشيوعي الصيني المتطوّر فى خضمّ الصراع ضد التحريفيّين الخروتشوفيّين و تطوّر أكثر مع ظهور الإتحاد السوفياتي كقوّة إمبرياليّة عظمى و نموّ خطر حرب جديدة للإمبرياليّين بين القوّتين الأعظم .
و تعلّم حزبنا الكثير من تحليل ماو تسى تونغ بأنّ الرأسماليّة أعيد تركيزها فى الإتّحاد السوفياتي و أنّ المسألة ليست مجرّد مسألة معارضة التحريفيّة ( كخطّ هناك ) . و كما وضع ذلك ماو ، " صعود التحريفيّة إلى السلطة يعنى صعود البرجوازية إلى السلطة " . بوضوح لم يرق هذا التحليل أبدا لأتباع الطريق الرأسمالي فى الصين الذين كان للعديد منهم أسباب قوميّة متنوّعة لمعارضة السوفيات لكن جميعهم كانوا يخشون الخطّ العالمي لماو الذى لم يُشر فقط إلى طبيعة وسيرورة إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي ، بل فضح القاعدة الطبقيّة و البرنامج الجوهري للتحريفيّين فى الصين نفسها .
لقد إعتبر حزبنا من الصحيح و الهام مساندة التحرّكات التى كان الصينيّون يقومون بها فى الشؤون العالميّة مستغلّين التناقضات فى كتلة العدوّ و الدفاع عنها فى وجه الصرخات الهستيريّة للتروتسكيّين و التحريفيّين . و مثلا ، دافع الإتحاد الثوري عن زيارة نكسون للصين على أنّها لا تتضارب و المسؤوليّات الأممية للصين . ولا نزال نعتقد أنّ السماح بهذه الزيارة لم يكن خاطئا من الناحية المبدئيّة .
و فى نفس الوقت و بشكل متصاعد مع مرور السنوات ، رأى الحزب الشيوعي الثوري ضرورة خوض صراع شرس ضد الذين فى هذه البلاد و غيرها من الأماكن ، يُحلّون السياسة الخارجيّة الصينيّة محلّ القيام بتحليل ثوري حقّا لمهام الشيوعيّين. وغدت هذه النزعة متجسّمة فى هذه البلاد فى رابطة أكتوبر التى وصفها عن حقّ الإتحاد الثوري ب" البرودريّين الموالين للصين " فى 1974 – أي التحريفيين الذين يحاولون الإستسلام بالتماثل مع الصين الإشتراكية و تغطية إنتهازيّتهم بنوع من مظاهر السياسة الخارجيّة الصينيّة ، لا سيما إتفاقيّات و تسويات كانوا يقومون بها مع الدول الإمبريالية و الرجعيّة .
و هكذا ، من البداية ، جادل الإتحاد الثوري و الحزب الشيوعي الثوري ضد تطبيق إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " و خطّ " الخطر الأساسي السوفياتي " فى البلدان الإمبرياليّة . و كذلك ، ناضل الإتحاد الثوري و الحزب الشيوعي الثوري ضد الذين، مثل رابطة أكتوبر ، ألغوا مساندة نضالات الشعوب فى بلدان شتّى يحكمها الرجعيّون إعتبارا لما يسمّى " بالدور المعادي للإمبريالية " لهؤلاء الرجعيّين – و شاه إيران مثال بارز .
و خلال هذه الفترة من الدفاع عن ما كان جوهريّا خطّا صحيحا نابعا من الصين ، بما فى ذلك محاولات الصين عقد إتفاقيّات لإستغلال التناقضات صلب كتلة العدوّ ، رفع الإتّحاد الثوري و الحزب الشيوعي الثوري بإستمرار مقولة ماو سنة 1946 عندما كان وقتها الإتحاد السوفياتي بلدا إشتراكيّا ، يعقد بعض الإتفاقيّات مع بلدان إمبرياليّة ،
" مثل هذه التسوية لا تتطلّب من شعوب العالم الرأسمالي بأن تقوم بالتالى بتسويات فى داخل بلدانها ، إذ أنّ تلك الشعوب سوف تواصل خوض نضالات مختلفة طبقا لظروفها المغايرة " . ( " بعض التقديرات حول الوضع الدولي الراهن " ، الأعمال المختارة ، المجلّد 4 ، ص 87 بالأنجليزية ؛ و بالعربيّة ص 107 )
لقد شدّد قادة الإتحاد الثوري و الحزب أيضا على هذا المبدأ فى نقاشاتهما الخاصة مع ممثّلين من قسم العلاقات التابع للجنة المركزيّة للحزب الصيني . و بينما تضرب المقولة مباشرة فى العمق موقف اليمين فى الصين الذى كان يروّج له بصفة تصاعديّة قسم العلاقات ( أنّ على الثوريّين أن يربطوا الصراع الطبقي المحلّي بالسياسة الخارجيّة الصينيّة ) ، من المهمّ أن شعُر ممثّلو لجنة العلاقات بالإضطرار من وقت إلى آخر أن يكرّروا هذه المقولة فى النقاشات مع قادة الإتحاد الثوري ، قبل الإنقلاب . و هذا دليل آخر على أنّ إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " لم تتّخذ شكلا مسيطرا قبل وفاة ماو والإنقلاب التحريفي .
قبل تأسيس حزبنا و بعده مباشرة ، فى صائفة و خريف 1975 ، أُوليت عناية كبيرة لمزيد دراسة الوضع العالمي . و قد عمّقت هذه الدراسة أكثر فهم الحزب للخطّ الصحيح ، خاصة بشأن مسألة الموقف الذى ينبغى على المرء أن يتبنّاه تجاه برجوازيته " الخاصة " فى البلدان الرأسماليّة المتقدّمة فى حال نشوب حرب ، و غلط رفع شعار " الإستقلال الوطني " فى البلدان الرأسماليّة و معارضة " الخطر الأساسي السوفياتي " . و قد وقع التشديد على هذه النقاط فى عديد المقالات التى نشرت فى مجلّة " الثورة " ( أنظروا بوجه خاص مقالات " الحرب الإمبريالية : الموقف الصحيح مسألة طبقيّة " و " الحرب الإمبريالية ومصالح البروليتاريا " فى أعداد ماي و أوت 1976 تباعا و أعيد نشؤها فى كرّاس " الحرب والثورة " ) .
و يندّد تقرير اللجنة المركزيّة لسنة 1976 ، " العمل الثوري فى وضع غير ثوري " ( الذى كُتب قبل وفاة ماو و الإنقلاب فى الصين ) بوجه خاص بالأحزاب البرودريّة فى أوروبا وكذلك برابطة أكتوبر لإعدادها للوقوف إلى جانب برجوازيّتها الخاصة فى حال نشوب حرب عالميّة .
و لم يرُق هذا لرابطة أكتوبر أو بالمناسبة للقيادة العامة التحريفية جارفيس – برغمان داخل الحزب الشيوعي الثوري . فرابطة أكتوبر هاجمت الحزب الشيوعي الثوري بجنون لعدم جعله السياسة الخارجيّة للصين خطّه للقيام بالثورة فى الولايات المتحدة . و كذلك كتب بعض الموجودين حاليّا ضمن المجموعة المنشفيّة التى كانت سابقا ضمن الحزب الشيوعي الثوري نشريّة داخليّة وزّعوها أثناء سيرورة تأسيس الحزب تقول بأنّه " على عكس مشروع البرنامج ، نعتقد أنّ ما يسمّى بتحليل " العالم الثالث " صالح ..." وطالبت بأن يصبح أساس الخطّ العالمي للحزب .
لكن يجب قول إنّ الحزب و الإتحاد الثوري قبله حتّى بينما كانا يناضلان ضد التطبيق الرجعي لخطّ " العوالم الثلاثة " قبل أن يُعتبر خطّا عاما عالميّا إثر إنقلاب هواو ، قد سقطا فى أخطاء بصدد هذه المسألة .
فى عدد جوان 1974 من مجلّة " الثورة " ( التى كانت حينها لسان حال الإتحاد الثوري ) تحدّث مقال عن جلسة الأمم المتّحدة التى خطب فيها دنك سياو بينغ وعلّق بإيجابيّة على خطابه و كرّر العديد من صيغه الخاطئة . و فى الشهر التالي نشر مقال هام يهاجم الرابطة الشيوعية ( طائفة غير فاعلة موالية للسوفيات اليوم ) سجّل عدّة نقاط صحيحة فى نقد الرابطة الشيوعية لكنّه دافع عن خطاب دنك . و فى مقالات و وثائق أخرى للإتحاد الثوري و الحزب ( خاصة حوالي زمن تأسيسه) يمكن للمرء أن يجد بعض الإنعكاس لتحليل " العوالم الثلاثة " .
و الموقف الوحيد الهام الآخر للحزب إلى هذا الوقت خاصة حول تحليل " العوالم الثلاثة " كان فى عدد جويلية 1977 من مجلّة " الثورة " . و كُتب هذا المقال كجدال ضد نزعات جعل تحليل " العوالم الثلاثة " الخطّ القائد للثوريّين عبر العالم . و يصف وصفا صحيحا طبيعة البلدان الإمبرياليّة ، بما فى ذلك فى أوروبا و اليابان ، و مهام الثوريّين هناك ، لا سيما قتال مفاهيم مثل الكفاح من أجل " الإستقلال الوطني " و أشار إلى أنّه " أقلّ من ذلك أن يمكن للشيوعيّين مساندة التحالفات العسكريّة الإمبريالية ..."
لقد أكّد المقال :
" هل يمكن لتحليل العوالم الثلاثة أن يقرّر و يحكم الإستراتيجيا الثورية فى كلّ بلد ؟ لا، لا يمكنه . لا يمكن بلوغ هذه الإستراتيجيا و تطبيقها إلاّ بلدا بلدا بإستعمال منهج التحليل الملموس – التحليل الطبقي – للظروف الملموسة فى كلّ بلد ، فى إطار الوضع العالمي . و ليس بوسع مثل هذه الإستراتيجيا أن تتطوّر بمجرّد صياغة إصطفاف للبلدان على النطاق العالمي ، و لا بوسع العدوّ الأساسي فى أي وضع أن يُحدّد ببساطة بمثل هذا المنهج .
و مع ذلك ، فيما لم يقبل مقال مجلّة " الثورة " تحليل " العوالم الثلاثة " كإستراتيجيا ، و بالفعل كان جدالا ضد جعل ذلك كذلك ، كان بشكل ما متعارض مع ذاته و قام بخطإ الإخفاق فى معالجة إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " على أنّها معادية للثورة و قبِل بها على أنّها صالحة فى بعض النواحى . ويمكن رؤية ذلك فى المقتطف التالي :
" فى رأينا ، يقدّم تحليل العوالم الثلاثة تقييما صحيحا للدور العام الذى تلعبه البلدان و مجموعات البلدان على الصعيد العالمي. و هكذا إنّه جزء هام من خطّ الجبهة المتحدة العالمية الأعمّ . إنّه جزء من إستغلال كافة التناقضات و العزل إلى أقصى حدّ للقوّتين الأعظم ، التى هي إلى نفس الدرجة و نفس المدى الأعداء الأساسيّين لشعوب العالم . "
يتضمّن المقتطف أعلاه خطأ جدّيا . إنّه يدافع عن أنّ تقسيم البلدان إلى " عوالم " ثلاثة طريقة جوهريّة لوصف مختلف الإصطفافات ضمن الدول ، بينما فى الواقع الإصطفاف الفعلي للدول فى العالم الرأسمالي أكثر من ذلك بكثير و بصورة متصاعدة ، مسألة الإلتحاق بكتلتين متنافستين تترأّسهما القوتين الأعظم .
مردّ الأخطاء فى مقال مجلّة " الثورة " فى جويلية 1977 عوامل عدّة . زمنها ، لم يتوصّل الحزب بعد إلى إستنتاجات بشأن طبيعة النظام التحريفي فى الصين و الخطّين المتعارضين الذين كانا يظهران داخل الحزب حول هذه المسألة المحوريّة . ثانيا ، لم يرفع الحزب الصيني بعدُ ، على الأقلّ شكليّا ، " العوالم الثلاثة " إلى مستوى موقف إستراتيجيا شاملة للحركة الثوريّة العالمية . ( حصل هذا فى المؤتمر الحادى عشر فى أوت 1977 وفى المقال الأهمّ عن " العوالم الثلاثة " فى مجلة بيكين عدد 45 ، 1 سبتمبر 1977 ) . لهذه الأسباب ، من غير الممكن للحزب أن يبلغ إستنتاجا موحّدا بأنّ الخطّ العالمي بأكمله النابع من الصين كان بالفعل نوعيّا مختلفا عن الخطّ الذى أتى قبل وفاة ماو .
و بما أنّه لم يقع التوصّل إلى الإستنتاج أعلاه بعدُ ، كان مقال مجلة " الثورة " فى جويلية 1977 لا يزال يعكس الموقف العام المتّخذ من قبل الحزب بإتّجاه الخطّ العالمي للصين فى ظلّ قيادة ماو . لقد فهمنا أنّ ماو قد أجرى وصفا عاما للبلدان كتقسيم إلى " عوالم ثلاثة " و لم نشعر و لا نشعر اليوم بأنّ مثل هذا الوصف بذاته وفى حدّ ذاته ، تحريفي . لقد إرتأى الثوريّون فى قيادة الحزب أن يدافعوا عن ماو و أن يهاجموا الخطّ " الإستراتيجي " الذى كان يعلو صوته بصفة متنامية من الصين بعد وفاة ماو و الإنقلاب . و هكذا دافعنا عن التجميع العام للبلدان فى عوالم ثلاثة ، فى حين شدّدنا على أنّ هذا يمكن أن يكون فقط تفسيرا جزئيّا لبعض الظواهر من الوضع الحالي و لا يمكن بأيّة طريقة أن يعوّض تحليل " التناقضات الأربعة " المذكور أعلاه .
إلى درجة أنّه كان لهذا النوع من التجميع للبلدان إلى ثلاث مجموعات عريضة دلالة عمليّة ، كان برأينا محدودا فى الدور الذى تلعبه تلك البلدان ( أي الأنظمة فى السلطة ) و خاصة فى كيف أنّ الصين بإمكانها أن تستغلّ علاقات دولة – لدولة ، لا سيما لتحسين موقفها الدفاعي تجاه القوى العظمى و السوفيات بوجه خاص . كان خطؤنا بهذا المضمار ، كما إنعكس فى مقال " الثورة " ، أنّه حتّى فى وصف دور البلدان فى تحليل " العوالم الثلاثة " يمكن فى أفضل الأحوال أن يكون فقط مظهرا من الوضع ، و مظهرا بوضوح ثانويّا نسبة إلى ما هو رئيسي و عامل محدّد فى سير الأنظمة فى المجال العالمي اليوم : الإصطفاف مع الكتل الإمبريالية من أجل الحرب .
و تحاجج إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " كما يروّج لها هواو كوفينغ و أمثاله إثر وفاة ماو بشكل خاص ضد ذات المعيار الذى دافع عنه الحزب الشيوعي الثوري و حتّى الفائدة المحدودة لهذا النوع ومن التحليل للعوالم الثلاثة و الذى نفهم أنّ ماو قدّمه . و تجلّى هذا تمام التجلّى لاحقا فى 1977 . لقد أعلن الحكّام الجدد التحريفيّون أنّهم " يشيرون إلى " العوالم الثلاثة " كإستراتيجيا عالميّة للبروليتاريا العالميّة و الشعوب المضطهَدة " ( ص 20) و يقولون إنّها :
" تعطى ثقة هائلة للبروليتاريا العالمية و شعوب البلدان الإشتراكية و تسمح لهما بوضوح برؤية العلاقات الأساسية بين القوى الثلاث – نحن ، و أصدقاؤنا و أعداؤنا – فى عالم اليوم ..." ( ص 76 )
ويقول هذا المقال بصدد " الخطر الأساسي السوفياتي " :
" واحدة من القوّتين الأعظم الإمبريالية ، الإتحاد السوفياتي أكثر شراسة و أكثر تهوّرا و أكثر خداعا و المصدر الأخطر للحرب العالمية .
لماذا علينا قول أشياء من هذا القبيل ؟ لأنّ الإتحاد السوفياتي يحتلّ أرضا صينيّة على الحدود الصينيّة الشمالية الشرقيّة و الشماليّة الغربيّة فى تجاوز لما تفرضه المعاهدات و يهدّد أمنها ؟ لا . الولايات المتحدة هي الأخرى قد غزت تايوان و إحتلّتها وهي كذلك تمثّل تهديدا لأمننا . بلا شكّ شعوب كلّ منطقة خاصة يمكن أن تقرّر أية قوّة عظمى أو بلد إمبريالي يمثّل التهديد الأكثر مباشرة لها وفق ظروفها الخاصة . لكن هنا نحن بصدد نقاش مسألة عامة تخصّ الوضع العالمي ككلّ بدلا من مسألة خاصة تخصّ منطقة معيّنة. لا يعزى الأمر إلى أيّة أسباب عرضيّة و عابرة أو جزئية أنّ الإتحاد السوفياتي قد أصبح الأخطر من بين القوّتين الأعظم على النطاق العالمي " . ( ص 33-34 )
إذن لم يعد الحال مجرّد مهمّة شرعيّة للصين الإشتراكية فى إستغلال التناقضات لتساعد على الدفاع عن نفسها ضد الهجوم السوفياتي . الآن " على النطاق العالمي " نؤمر جميعا بأن نستهدف أساسا السوفيات .
فى سياق نضال الحزب الشيوعي الثوري للدفاع عن الخطّ الثوري لماو و الأربعة الذين قاتلوا من أجله ضد اللصوص التحريفيّين فى الصين من جهة و الذين فى صفوفنا و كان التحريفيّون ملهميهم و مشجّعيهم من الجهة الأخرى ، بلغ الحزب تقييما شاملا صحيحا لإستراتيجيا " العوالم الثلاثة " المعادية للثورة . و كون الحزب ، وهو يحافظ على الخطّ الثوري عامة و يقاتل من أجله ، إرتكب أخطاءا مرتبطة بنظريّة " العوالم الثلاثة " لا يفعل سوى المزيد من تعزيز التصميم على تحليل الوضع العالمي و تعميق إستيعابه للخطّ الصحيح و إنجاز المهمّة التى أشار إليها الرفيق أفاكيان ( المستشهد بها قبلا من إجتماع إحياء ذكرى ماو تسى تونغ ) لإنجاز تقييم نقدي للتجربة الإيجابيّة منها والسلبيّة ، تجربة الحركة الشيوعية العالمية حول هذه المسائل الهامة .

نظريّة العوالم الثلاثة و الصراع صلب الحركة الشيوعيّة العالميّة

منذ وفاة ماو تسى تونغ والإنقلاب التحريفي فى الصين ، واجهت الحركة الشيوعية العالمية الصراع الأهمّ منذ إفتكاك الطبقة البرجوازية الجديدة بقيادة خروتشوف الإتحاد السوفياتي . و كان الصراع معركة شاملة بين الماركسية – اللينينيّة ، فكر ماو تسى تونغ [ الماوية ] من جهة و التحريفيّة من الجهة الأخرى . و قد وجد و يجد الثوريّون أنفسهم فى موضع إختبار .
بعدُ قد كُسبت معارك هامة بما أنّ قطاعات واسعة من الأحزاب والمنظّمات و الأفراد الماركسيين – اللينينيّين رفضوا أن يتّبعوا عن عمى خطّ هواو كوفينغ و دنك سياو بينغ و أن ينزلوا الراية الحمراء للثورة البروليتاريّة . وتعزى هذه الإنتصارات فى جزء كبير منها إلى كمّ كبير من التجربة و الفهم المكتسبين فى النضال ضد التحريفيّة المعاصرة و فى المعركة الكبرى للثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى بقيادة ماو تسى تونغ . و فى نفس الوقت ، هذا الصراع بعيد عن أن ينتهي : يجب البناء على الإنتصارات الأولى و تعميقها ، يجب إستيعاب الماركسيّة – اللينينيّة بعمق أكبر فى القتال ضد التحريفيّة و الرجعيّة عامة و يجب بلوغ المزيد من الإنتصارات .
بوضوح ، يحتلّ النضال ضد الخطّ العالمي التحريفي لحكّام الصين ، " نظرية العوالم الثلاثة " الرجعيّة ، مكانا هاما جدّا فى هذه المعركة العالميّة . و بعدُ عديد الأحزاب و المنظّمات الماركسيّة – اللينينيّة حول العالم قد نقدت هذا الخطّ الرجعيّ وقامت ببعض المساهمات الهامة فى فهم الحركة الشيوعية العالمية بهذا الصدد .
و فى نفس الوقت ، الحزب الشيوعي الثوري مقتنع بأنّ النضال ضد نظرية " العوالم الثلاثة " ، على حيويّته ، لا يمكن أن يحتلّ محور النضال ضد التحريفيّة الصينيّة ، و لا أقلّ من ذلك أن يكون مساويا لهذا النضال . إنّ المسألة المحوريّة التى برزت مع صعود التحريفية فى الصين ، مثلما كان الأمر عندما أعيد وضع الإتحاد السوفياتي على الطريق الرأسمالي ، هي مسألة الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكيّة ، مسألة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و الفهم الصحيح للإشتراكية و دكتاتورية البروليتاريا كمرحلة إنتقاليّة نحو المجتمع الخالى من الطبقات ، الشيوعية .
إنّ الخطّ العالمي لبلد لا يمكن أن يُفصل عن الطبقة التى تحكمه ، و لا يمكن لخطّ حزب أن يُفهم خارج إطار تحديد أيّة طبقة يمثّلها ذلك الحزب . ليس بوسع نظرية " العوالم الثلاثة " و تاريخها أن يفهما فهما تاما و صحيحا خارج إطار الصراع الطبقي فى الصين بين البروليتاريا و البرجوازيّة و الهجوم الشامل الراهن على الماركسية – اللينينيّة ، فكر ماوتسى تونغ [ الماركسية - اللينينيّة - الماوية ] من قبل حكّام البرجوازية الجديدة الصينيّة .
و ستؤدّى محاولة القيام بغير هذا ، محاولة خوض النضال ضد نظريّة " العوالم الثلاثة " فى أي إطار آخر ، إلى الخلط بين الجزء و الكلّ و قلب العلاقة الصحيحة بين الطبيعة الداخليّة للنظام الصيني و خطّه العالمي التحريفي . و هذا مشحون بمزالق خطيرة . طبعا ، من الصحيح و الضروري بداهة دراسة العلاقة بين الوضع العالمي و الصراع حول الخطّ العالمي من جهة و الصراع الطبقي ككل فى الصين من الجهة الأخرى ، لكن عند القيام بذلك من الحيويّ إدراك الحقيقة الأساسيّة ومفادها أنّ التناقض الداخلي فى الشيء هو المحدّد لطبيعته .
و تجدر لفت النظر إلى التجربة المكتسبة فى الصراع ضد الإتحاد السوفياتي . فقد وُجد فى الولايات المتحدة و فى بلدان أخرى الكثيرون الذين تمرّدوا ضد خيانة خروتشوف للثورة العالميّة تحت يافطة " السلمية الثلاثة " ( التعايش السلمي والتنافس السلمي و الإنتقال السلمي إلى الإشتراكية ) . لكن فى نفس الوقت ، لم تتبنّى العديد من هذه القوى حقّا أبدا النقد الماركسي – اللينيني للإتحاد السوفياتي و لم تفهم حقّا أبدا الطبيعة الفعليّة للإتحاد السوفياتي فى ظلّ حكم التحريفيّين. وعديد البرجوازيّين الصغار الراديكاليّين والقوميّين الثوريّين ، و حتّى التروتسكيّين الجدد كان يبدو أنّهم يتشاركون فى النقد الماركسي – اللينيني للإتحاد السوفياتي . إلاّ أنّه مع إعادة التركيز التامة للرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي ومع تطوّره إلى إمبرياليّة – إشتراكية ، تغيّرت راديكاليّا السياسة الخارجيّة السوفياتية .
و لم يعد من الممكن أن يوصف بأنّه فى الأساس يتعاون مع الإمبرياليّة الأمريكية و يستسلم لها . عوض ذلك صار التنافس الشديد مع الولايات المتحدة حول " مناطق النفوذ " سائدا أكثر فأكثر . فغدت تلك القوى التى عارضت الإتحاد السوفياتي ببساطة على قاعدة سياسته التوفيقية والتعاونيّة مع الولايات المتحدة مرتبكة و إختلطت عليها الأمور عندما شرع السوفيات فى " مساندة " بعض نضالات التحرّر الوطني لمزيد خدمة أهدافهم الإمبريالية الخاصة و تبنّوا عموما موقفا أكثر نضاليّة تجاه الغرب . و مثلما هو معلوم جيّدا ، عددا من هؤلاء الناس قد تفسّخ و أضحى من مدّاحى المصالح الإمبريالية – الإشتراكية السوفياتية خاصة كما تتمثّل فى كوبا ، و إنتهى إلى مساندة التدخّل الكوبي فى أفريقيا ، ضمن أشياء أخرى .
و بينما من غير الممكن للتحريفيّين الصينيّين ، مهما كانت نواياهم ، أن يحوّلوا الصين إلى قوّة إمبرياليّة عظمى ( الطابع المتخلّف لذلك البلد سيؤدّى مرّة أخرى إلى دولة مهيمن عليها ) يبدو على الأرجح أنّ السياسة الخارجيّة و الخطّ العالمي يمكن أن يتغيّرا تغيّرا راديكاليّا . و حتّى اليوم ، يقوم هذا الخطّ تماما على البراغماتيّة . و تحديدا لأنّ السوفيات يمثّلون أكثر تهديدا للصين ، من اليسير رؤية كيف أنّ التحريفيّين الصينيّين يمكن أن يستسلموا بسهولة للإمبرياليين - الإشتراكيّين السوفيات . و لا شكّ أنّ هذه المسألة بالذات من المسائل التى يناقشها نقاشا ساخنا الحكّام التحريفيّون الحاليّون . و إن حصل هذا ، فإنّ الصينيّين على الأرجح سيتخلّوا عن ( أو من الممكن أن " يعيدوا تأويلهم تأويلا خلاّقا " ل ) " نظريّة العوالم الثلاثة " و يكتشفوا أنّ الوضع العالمي يتطلّب بعدُ " إستراتيجيا عالميّة " أخرى ، إستراتيجيا قادرة على السطح أن تبدو ثوريّة جدّا جدّا و تشمل موقفا مناضلا ضد الولايات المتّحدة و تساند النضالات التى تراها مناسبة لها .
و لئن جدّ هذا سيوجد من جديد شديد الخطر بأنّ الذين أقاموا معارضتهم للتحريفيّين الصينيّين فقط أو حتّى فى المصاف الأوّل ، على نظريّة " العوالم الثلاثة " يمكن أن يفقدوا البوصلة و ينتهوا إلى التذيّل لخطّ رجعي تماما من نوع أو آخر .




تحليل أعمق

و بطبيعة الحال ، ليست إمكانيّة التغيّرات الدراماتيكيّة المستقبليّة فى الوضع العالمي و خطّ التحريفيّين الصينيّين فحسب هي التى تستدعى عدم إتّباع مقاربة فضفاضة و مبسّطة للنقد اللازم اجراؤه . لقد رأينا عدّة أمثلة فى بلدنا ذاته و فى بلدان أخرى لأحزاب و منظّمات قد ساندت فى السابق نظريّة " العوالم الثلاثة " لكنّها اليوم تندّد بها بصوت عالى دون حتّى أن تخوض حقّا فى المسائل العامة المطروحة للنقاش وبالفعل تواصل السقوط فى الأخطاء المميّزة لنظرية " العوالم الثلاثة ".
و من مثل هذه المنظّمات فى الولايات المتّحدة هناك المنظّمة المركزيّة للماركسيّين - اللينينيّين بالولايات المتحدة ( وهي طائفة صغيرة تتميّز بالدغمائيّة التامة و العزلة التامة عن نضالات الجماهير ، و كذلك بخطّ سياسي معتمد على التملّق لكلّ من يشعرون أنّ لديه أكبر " رأسمال " فى صفوف الحركة الشيوعيّة العالمية ) .
إنّ هذه المنظّمة و المجموعة التى ولّدتها ، الحزب الشيوعي الكندي ( الماركسي - اللينيني ) ، كانتا من المساندين بلا نقد لكافة النزعات الأسوأ ( بما فى ذلك " الخطر الأساسي السوفياتي " ) المتّصلة بتحليل " العوالم الثلاثة " لسنوات . و قد قاما حتّى بتأويلات " طليعيّة " لها على غرار تجميع المال من أجل اليونيتا بأنغولا ( واليونيتا مجموعة تدعمها السي آي آي و دولة جنوب أفريقيا و كانت تقاتل الحركة الشعبيّة لتحرير أنغولا المدعومة من السوفيات عقب تداعى الإستعمار البرتغالي) فى زمن كانت فيه البرجوازية الأمريكيّة تنتدب بوضوح المرتزقة للقتال إلى جانب اليونيتا . و قد كانا يطلقان على قائد هذه عرائس اليونيتا المشكوك فيها " الرفيق سافيمبى " !
و مع ذلك المنظّمة المركزيّة للماركسيّين - اللينينيّين بالولايات المتحدة اليوم ، و دون أي نقد ذاتي جدّي ، تنفش ريشها كالطاووس ، مدّعية أنّها فى مقدّمة النضال ضد " نظريّة العوالم الثلاثة " . و تواصل المنظّمة المركزيّة للماركسيّين – اللينينيّين بالولايات المتحدة و الحزب الشيوعي الكندي ( الماركسي - اللينيني ) ( التى هي منه إفتراضيّا جزء ) الدفاع عن خطّ " الإستقلال الوطني " فى البلدان الإمبريالية المتحالفة مع الولايات المتحدة . و بمثل هذا الخطّ لا شكّ فى أنّهما لن يقدرا على تلخيص لماذا عانقا فى البداية " العوالم الثلاثة " .
( و يجب قول كلمة عن سباق المنظّمة المركزيّة للماركسيّين – اللينينيّين بالولايات المتحدة من أجل لقب " المقاتل الأكبر لنظريّة العوالم الثلاثة " مع اللجنة التنظيميّة الماركسية – اللينينيّة . و هذه الأخيرة بلا خجل تذيّلت لكافة أسوأ مظاهر الخطّ العالمي المتأتّى من الصين – هي أيضا ساندت اليونيتا و كرّرت " الخطر الأساسي السوفياتي " و هلم جرا . رئيس هذه المجموعة أشار إلى نفسه على أنّه حتّى الناشر الأمريكي لفكر أ أف هيل ، قائد الحزب الشيوعي الأسترالي ( الماركسي- اللينيني ) الإشتراكي الشوفيني ، و أصدر كمّيات كبيرة من زبالة هيل . و قد إستنتج هيل بداية أنّ أستراليا بلد من " العالم الثالث " ! قبل عدّة سنوات لكنّ تاليا قرّر أنّ أستراليا بلد من " العالم الثاني " يمكن أن يخوض بعدُ حربا من أجل التحرّر الوطني . فى الأصل حرب الإستقلال هذه كان ينبغى أن تخاض ضد الولايات المتحدة ، و الآن يقول إنّهم سيقاتلون من أجل الإستقلال فى تحالف مع الولايات المتحدة و الفئات " الوطنية " من البرجوازية الأستراليّة – تحالف موجّه ضد الإتحاد السوفياتي . لقد بلغ هيل عموما مستويات عالميّة متقدّمة فى" التطبيقات الخلاّقة " السخيفة للتحريفية الصينيّة ).
و طبعا ، قلّة ، إن وُجدت ، من المنظّمات الأخرى فى العالم يمكن أن تصنّف إلى جانب المنظّمة المركزيّة للماركسيّين – اللينينيّين بالولايات المتحدة ( أو حتّى اللجنة التنظيمية الماركسيّة – اللينينيّة )، بتاريخها الإنتهازي الخاص و الغريب . لكن النزعة السياسيّة التى تمثّلها لا يمكن أن يقال إنّها تماما غائبة ضمن ثوريّين آخرين حقيقيّين . وعلى وجه الخصوص ، مسألة الموقف الذى ينبغى إتّخاذه تجاه مسألة حيويّة من وجهة نظر القيام بالثورة فى تلك البلدان – إجابة خاطئة يمكن بسهولة أن تؤدّى إلى شكل أو آخر من " الدفاع عن الوطن " خاصة فى حال حصول حرب عالميّة . بداهة هذه المسألة مرتبطة وثيق الإرتباط بنبذ نظريّة " العوالم الثلاثة " لكن واقع أنّ البعض قد نقدوا " العوالم الثلاثة " فيما ظلّوا مشوّشين و حتّى مخطئين صراحة حول مسألة " الإستقلال الوطني " فى هذه البلدان ، يبيّن أنّ الفضح البسيط لنظريّة " العوالم الثلاثة " غير كافِ.





الدفاع عن ماو تسى تونغ

فى الأخير ، من الحيويّ تفحّص كيف أنّ إتّخاذ الخطّ الخارجي ( العالمي ) للتحريفيّين الصينيّين كقاعدة لتحديد طبيعتهم الداخليّة ( أي ، طبيعتهم الطبقيّة ) يمكن أن يفضى إلى مزالق جدّية . ( هنا لسنا بصدد نقد أولئك الرفاق الذين قاموا بالدراسة و النضال حول الخطّ العالمي قبل دراسة الصراع الداخلي فى الصين ، بل نتحدّث بالأحرى عن مقاربة إستعمال الخطّ العالمي على أنّه القاعدة الوحيدة و الأساسية لتفحّص الصراع الداخلي فى الصين ) .
ومن البديهي تماما أنّ نظريّة " العوالم الثلاثة " المعادية للثورة تمتدّ جذورها إلى ما قبل الإنقلاب التحريفي لهواو كوفينغ . بالأساس ، تمتدّ جذورها إلى أتباع الطريق الرأسمالي ، البرجوازية ، فى الصين الذين كانوا يبنون قوّة و يستولون على أقساط هامة من الحزب و جهاز الدولة ( بما فى ذلك كما أشرنا وزارة الشؤون الخارجية )، حتى عندما كان ماو والأربعة يخوضون صراعا شرسا ضدّهم و ظلّت الصين تحت حكم الطبقة العاملة و تسترشد بالخطّ الماركسي – اللينيني لماو . و فضلا عن ذلك ، سبق أن أشرنا إلى بعض الأخطاء المقترفة من قبل ماو و الأربعة فى ما يتّصل بالوضع العالمي ، لا سيما تحليل السوفيات على أنّهم " الخطر الأساسي على شعوب العالم " .
ومع ذلك من الخاطئ مطلقا و الخطير تماما رؤية الخط العالمي للصين على انّه مواصلة مباشرة للتطوّر منذ " إنفتاح الصين على الغرب " فى 1971 . تبدو عديد تحركات التحريفّين الصينيين اليوم ظاهريّا مشابهة فى الأساس لتحرّكات أخرى صحيحة قامت بها الصين لمّا كانت بعدُ إشتراكية . غير أنّ جوهر هذه الأشياء ببساطة مختلف.
القيام بتسويات ( و حتّى تركيز العلاقات الدبلوماسيّة ، والإتفاقيّات التجاريّة هو بالذات ذلك ) مع الإمبرياليّين و الرجعيين من وجهة نظر إستغلال التناقضات فى معسكر العدوّ ، أمر . و أمر آخر أن نلتحق بمعسكر العدّو نفسه . أمر أن نحاول تعزيز الموقف الدفاعي ضد الذين كانوا يمثّلون التهديد الأساسي للصين ( السوفيات ) و توفير مثل هذا الدفاع لا يكون على حساب النضال الثوري العالمي العام . و أمر آخر أن نقوم بالدفاع عن الصين " و تعصيرها " كأسمى الأهداف و الذى لا يمكن أن يكون سوى خطّ البرجوازيّة .
إنّ الفشل فى الإعتراف بواقع أنّ أكثر التحرّكات التى قامت بها الصين عالميّا خلال الفترة الممتدّة بين 1971 – 1976 لم تكن ، مبدئيّا ، خاطئة و يمكن أن تؤدّي إلى أخطاء جدّية حينما يرفق برؤية الخطّ العالمي على أنّه المسألة المركزيّة فى تقييم الصين ، يفضى إلى عدم فهم تام للصراع الطبقي فى الصين ، و حتّى إلى إستنتاج أنّ التحريفيّة قد إنتصرت فى الصين ليس فى أكتوبر 1976 و إنّما عندما زار نيكسن الصين ( فى 1972 ) أو عندما ألقى دنك سياو بينغ خطابه المعادي للثورة أمام الأمم المتّحدة ( فى 1974 ) . هذا النوع من التحليل سيفضى أيضا إلى الحطّ من أو حتّى الهجوم الواضح على الدور الكبير لماو تسى تونغ و دفاعه عن الماركسية – اللينينيّة و إثرائها .

خاتمة :

" نظريّة العوالم الثلاثة " خطّ معادي للثورة ، خطّ للإستسلام و الخيانة . يجب القتال ضدّه و إلحاق الهزيمة به كجزء من صراع الحياة أو الموت الذى يواجه الحركة الشيوعية العالمية والنضال ضد اللصوص التحريفيين فى الصين و حزمتهم المتعدّدة الألوان من الكلاب الهزيلة التى تتّبعهم و تسعى إلى تخريب النضال الثوري فى البلدان حول العالم . كما يجب أن نقاتل بلا هوادة جهود إلصاق الثورة المعادية بإسم ماوتسى تونغ ، أعظم ثوري فى زمننا و نحن واثقون من أنّ هذا النضال سينتهى إلى إنتصار البروليتاريا العالمية .
==========================================================



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوب أفاكيان – الثورة عدد 73 : كراهيّة السود للمهاجرين . هراء ...
- أنصار الشيوعيّة الجديدة في البنغلاداش : يسقط خداع الطبقة الح ...
- بعض النقاط لفهم الوضع في فنيزويلا
- باسم - السلام - : تُغرق الولايات المتّحدة حتّى أكثر الشرق ال ...
- تقرير هام جديد يفضح : شبكة معسكرات التعذيب الإسرائيليّة للفل ...
- كمالا هاريس و الولايات المتّحدة و إسرائيل : - المصالح المشتر ...
- بوب أفاكيان – عدد 72 : كمالا هاريس و تيم والز و البقيّة : لس ...
- الهجوم على السجينات في معتقل أفين بطهران أثناء إحتجاجهنّ على ...
- بوب أفاكيان – الثورة عدد 71 : مساندة قتلة و سجّاني عدد كبير ...
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ...
- إسرائيل في غزّة : صور [ جديدة ] من الإبادة الجماعيّة
- بوب أفاكيان – الثورة عدد 69 : مجرمو حرب و مضطهِدون
- بوب أفاكيان – الثورة عدد 70 : تمرّدات العبيد و الحرب الأهليّ ...
- و أعمال إسرائيل تجرّ الشرق الأوسط إلى حافة حرب إقليميّة و تخ ...
- إسرائيل تغتال مفاوض إيقاف إطلاق النار ، و تقصف مدارسا بالقنا ...
- كامالا هاريس هي و ليس بوسعها إلاّ أن تكون داعمة للإبادة الجم ...
- بوب أفاكيان – الثورة عدد 66 : كلّ شيء مرتهن بإيجاد شعب ثوريّ
- بيان جديد من البنغلاداش : ليسقط نظام الشيخ حسينة الرجعي المل ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : لن ...
- بينما كان الحكّام الأمريكيّون يصفّقون للوزير الأوّل و الإباد ...


المزيد.....




- مواجهات بين الشرطة ومحتجين على تعديل قواعد انتخابية في إندون ...
- العيش بـ«الكيلو» والسكر «يتسرب».. الدولة تمهد إلى تحويل الدع ...
- العراق.. مقتل صحفيتين في غارة استهدفت حزب العمال الكردستاني ...
- العراق: مقتل صحافيتين في غارة منسوبة لتركيا ضد حزب العمال ال ...
- تركيا: تحييد 16 عنصرا من حزب العمال الكردستاني شمال العراق
- بفضلها سلكت طريق الحرية والمساواة، طريق الشيوعية
- لماذا هدد اليسار الفرنسي ماكرون بتنحيته دستوريا؟
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف يُقلق 73% من البريطانيين
- اليسار الفرنسي يواصل الضغط على ماكرون
- بالسليمانية.. 3 قتلى في هجوم تركي على مسؤول بحزب العمال الكر ...


المزيد.....

- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي
- تحديث. كراسات شيوعية (الهيمنة الإمبريالية وإحتكار صناعة الأس ... / عبدالرؤوف بطيخ
- لماذا يجب أن تكون شيوعيا / روب سيويل
- كراسات شيوعية (الانفجار الاجتماعي مايو-يونيو 1968) دائرة ليو ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخامس من كتاب - مواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا للإنقلاب التحريفي و إعادة تركيز الرأسمالية في الصين ، منذ سبعينات القرن العشرين