|
ما يجب على الدولة البوليسية ، المزاجية ، التائهة ، المارقة ،المخزنية ،معرفته عن الاستثمار في ميدان حقوق الانسان ، لا في الجرائم المرتكبة ضد حقوق الانسان ..
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8079 - 2024 / 8 / 24 - 01:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدول الديمقراطية تتسارع وتتنافس لخدمة حقوق الانسان ، لان الإقرار بحقوق الانسان يكون في الدول الديمقراطية ، لا في الدولة المزاجية التائهة البوليسية والمارقة ، لان الدولة البوليسية هي دولة مارقة بالأساس ، ومن أولها الى آخرها .. ففي الدولة الديمقراطية لا توجه التهم الكيدية بمحاضر مفبركة تقشعر لها الابدان ، ويشيب لها شعر الصبيان .. لان ادخال الأبرياء بمحاضر بوليسية مزورة الى السجون ، طبعا هي سجون الملك ، الأمير ، والامام ، والراعي الكبير، يعتبر من اخسّ الاعمال القدرة التي يقوم بها بوليس الدولة المارقة ، لان مشروعيتها تبنى فقط على القمع وترهيب المواطنين ، الذين رغم انهم خارج سجون الملك ، فهم في السجن الكبير المسؤول فيه وحده جلالة السلطان المفدى الله ظله .. تبلور مفهوم حقوق الانسان فلسفيا عبر مفهوم الحقوق الطبيعية ، وضمن مدرسة الحق الإلهي ، ولم يتبلور في السجون وفي المعتقلات ذات الرائحة الكرهة .. وهي طبعا حقوق طبيعية ، في هذا المنظور . بمعنى انها ليست هِبَة من النظام المزاجي التائه والبوليسي ، بل هي سابقة عليه . كما انها حقوق خالدة ، وربما سابقة على نشأة المجتمع نفسه . فما على المجتمع والدولة الاّ المصادقة على هذه الحقوق ، وإيجاد آليات لضمان تحقيقها . انها اذن ، حقوق غير قابلة للتفويت او للسحب اطلاقا Inaliénables . جوهر هذه الحقوق ، الحرية والمساواة والامن المفقودة بالكامل في دولة امير المؤمنين ، الامام والراعي الكبير ، دولة بوليسية مزاجية وتائهة عند معالجتها للقضايا الأساسية ، خاصة قضايا حقوق الانسان ، وقضية الصحراء الغربية المهددة بالاستقلال . وهذه المقولات الحقوقية الكبرى ، تؤول في النهاية الى حق رئيسي يتمثل في تميز الانسان ، ومن ثم في كرامته . وكل الحقوق الفرعية تصب في النهاية ، على شكل جداول نهرية ، في المجرى الكبير المتمثل في إقرار كرامة الانسان .. والله قال ، ولقد كرمنا بني آدم ، الذي يعيش من دون كرامة في دولة امير المؤمنين ، الدولة النيوبتريركية ، النيوبتريمونيالية ، الرعوية ، الطقوسية ، المفترسة لأرزاق الرعايا المفقرين ... فالكرامة التي تكلم عنها الله ، وميثاق الأمم المتحدة ، والقوانين اللاحقة ، تميز الانسان عن بقية المخلوقات وسُموّه عليها ، وفي الفكرة الرئيسية المفروض ان تكون في كل الديانات ، وعلى الأخص السماوية منها . كما تعني ان سمة الانسان الأساسية في الحالة الطبيعية ، هي الحرية والعدالة والمساواة . واما المساواة ، فيقصد بها المدلول الانثروبولوجي ، المتمثل في تساوي الناس في درجة انتماءهم الى الإنسانية ، بغض النظر عن الجنس ، او اللون ، والعرق ، والموقع الجغرافي او الاجتماعي .. يترتب على هذه النواة الثلاثية : الكرامة ، الحرية ، المساواة ، حق أساسي هو حق الانسان في الامن ، وفي حماية نفسه ، وربما ( نوعه ) من أي تهديد لحمايته ومعاشه . وعلى هذه البنية التحتية وليس السرية الثلاثية ، يقوم صرح كامل من حقوق الانسان التي تتناسل باستمرار على شكل أجيال ، لتشكل بناء معماريا جميلا ، اشبه ما يكون بلوحة الوصايا المبعدة عن الخطايا .. ان السجل الفلسفي لحقوق الانسان ، هو بمثابة بناء مثالي ، مليء بأجمل القيم وأكثرها مثارا للعشق والوله . انها قيم الكرامة والحرية والمساواة ، والامن ، والصحة ، والشغل ،والتضامن ... التي تشكل اجمل لوحة أخلاقية وقيمية في العالم الأرضي . لكن السجل Le registre العملي ، يختلف تماما عن السجل النظري . السجل الثاني ينتمي الى عالم المثل الجميلة المأمولة ، اما السجل الأول ، فينتمي الى عالم الاحداث والوقائع المعلومة . وسنكتفي للتدليل على هذه القطيعة بين مستويين : مستوى النظر ، ومستوى الواقع ، مستوى الاخلاق ومستوى السياسة ، بالإشارة الى نوعين من التوظيف او الاستثمار لهذه المثل : الاستثمار الدولي والاستثمار القطري . فقد تمثلت تجربة الاستثمار الدولي لمقولة حقوق الانسان ، في تحويلها من طرف الولايات المتحدة الامريكية ، الى قوة أيديولوجية ضاربة في وجه الأعداء الايديولوجيين ، كروسيا الاتحادية ، والصين الشعبية . وقد صور الغرب على انه مجال الحرية " العالم الحر " والديمقراطية ، وصور المعسكر الشرقي خلال الحرب الباردة ، على انه مجال الاكراه والگولاگ ، والنفي الى سيبيريا La Sibérie ، وتحويل المعارضين الى مصحات الامراض العقلية ... الخ . DGST كانت ترسل اطرها الى المصحات الامراض النفسية .. في هذا السياق الدولي ، وكما يتذكر أولو الالْباب نصب ساخاروف Sakarofe وسولجنتسين ، انبياء لهذا العصر الجديد ، مبشرين بسقوط الستار الحديدي ، وأنظمة الفولاذ المهترئ في شرق الغرب . وتعود كل الأنظمة اليوم ، بما فيها الأنظمة السياسية القمعية البوليسية ، في الدول المتخلفة ،لتمتح من وادي حقوق الانسان ، وترفع شعار ضرورة حماية هذه الحقوق ، فتؤسس كل منها وزارة لحقوق الانسان ، كان وزيرا عليها النقيب محمد زيان ، ومجالس للدفاع عن هذه الحقوق وتتشدق ، وهي تلتف على هذه الحقوق ، بانها كانت السباقة الى انشاء وزارة خاصة بها ، ومجالس مركزية وإقليمية لحمايتها والذود عنها . وهكذا يختلط الحابل بالنابل .. فالقوى السياسية الديمقراطية الحقيقية ، تبنّت وسخّرتها كأداة للنضال من اجل انتزاع بعض الحقوق ، وذلك لان حركية حقوق الانسان في العالم المعاصر ، أصبحت احدى آليات نضال المجتمع المدني ، من اجل انتزاع حقوقه وحمايتها ، والدفاع عنها ضد النظام عدو الديمقراطية وحقوق الانسان . لكن عندما يصبح الخصم المطالب بالحقوق هو الوصي عليها والراعي لها ، فان العملية تأخذ صبغة نوع من التمويه والتدجيل من دون شك . هنا نجد انفسنا امام احدى ادق آليات العمل السياسي ، وهي عملية القلب ، حيث يصبح الجلاد ضحية ، والذئب خروفا ، والمتهم قاضيا (الخصم والحكم ) ، وذلك وفق المثل الشعبي : ضْربْني وبْكى ، وسْبقني وشْكا .. فمثلما استثمرت مُثل الحرية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية وغيرها من القيم السامية ، ها هي اليوم حقوق الانسان تتمرغ في وحل الصراعات السياسية الداخلية والخارجية ، وتتعرض لاستثمارات مختلفة ، ولعمليات قلب وتمويه ، مما يبرز ان المُثل والقيم السامية ، لا تفلت من التوظيف والاستثمار السياسي وغيره ، وذلك بالالتفاف عليها رسميا من اجل تسخيرها أحيانا ، ضد مدلولها ووظيفتها الأصلية . فهل نصدق فيما يخص التفاف النظام البوليسي المزاجي التائه ..على الشعار ، قول الشاعر : ومن يجعل الضرغام للصيد بازه / تصيده الضرغام في من تصيدا ...
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أزمة النظرية الماركسية . أزمة المشروع الأيديولوجي الماركسي .
...
-
أزمة النظرية الماركسية . أزمة المشروع الأيديولوجي الماركسي .
...
-
أزمة النظرية الماركسية . أزمة المشروع الأيديولوجي الماركسي .
...
-
البوليس السياسي المدني اكثر من رديء
-
ماذا من وراء دعوة سفير النظام المخزني بالأمم المتحدة عمر هلا
...
-
أزمة النظرية الماركسية . أزمة المشروع الأيديولوجي الماركسي .
...
-
أزمة النظرية الماركسية . أزمة المشروع الأيديولوجي الماركسي .
...
-
هل تكون الگويرة سببا في اندلاع حرب بالمنطقة
-
أزمة النظرية الماركسية . أزمة المشروع الأيديولوجي الماركسي .
...
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تدعو الأمين العام للأمم المتحدة
...
-
5 غشت 1979 ذكرى انسحاب موريتانية من - وادي الذهب - ، وذكرى ا
...
-
ماذا يخطط لصراع الصحراء الغربية
-
أراك في عيون الغد المعلق
-
الغاية من الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء
-
الموساد الإسرائيلي
-
أي نظام سياسي صالح للمغرب ؟
-
هل حقا ان فرنسا ايدت الحكم الذاتي بالصحراء الغربية ؟
-
الأوراق الملعبة
-
هل ممكن انتظار حرب بين النظام المخزني المزاجي البوليسي المغر
...
-
بلادي صحروك جففوك
المزيد.....
-
وصول سجناء فلسطينيين مفرج عنهم إلى الضفة.. ونقل بعضهم للمستش
...
-
أول تعليق من نتنياهو بعد إطلاق سراح 3 رهائن جدد من غزة
-
سوريا.. قتلى وجرحى بانفجار سيارة مفخخة قرب -دوار السفينة- وس
...
-
المرشح الرئاسي في رومانيا يؤكد أن سياسات كييف تؤجج الصراع
-
السودان.. مئات القتلى والجرحى إثر قصف لبعض الأحياء وسوق صابر
...
-
القائد العام للقوات الأوكرانية يشير إلى ضعف التدريب النفسي ل
...
-
موسكو: من المثير للاستياء أن غوتيريش لم يذكر خسائر الاتحاد ا
...
-
محكمة بريطانية تسمح بمراجعة قرار الحكومة بيع مكونات لمقاتلات
...
-
فيديو: هكذا سلمت حماس الرهينة الأمريكي الإسرائيلي كيث سيغل ف
...
-
دراسة دولية: اتكال ألمانيا على نجاحاتها السابقة أوقعها في مأ
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|