أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس ثقافية سوياسية وأدبية ــ 269 ــ















المزيد.....

هواجس ثقافية سوياسية وأدبية ــ 269 ــ


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8078 - 2024 / 8 / 23 - 16:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نحن أمام كارثة حقيقية.
الكارثة أن الصراع على السلطة في الولايات المتحدة لا رجعة فيه، جميع الرؤوس حامية، ولا مرجع لأي طرف للعودة إلى العقل.
لا أعرف لماذا ستحدث انتخابات في هذا الوقت، لماذا لا يجلس الحزبان الرئيسيان مع بعضهما، ويحلا الخلافات بينهما حول طاولة وطنية واحدة إلى يتوصلا إلى نتائج يجنب بلادهم حرب أهلية طاحنة، لن تنبقي على ذرة خضراء في هذه البلاد.
المجتمع مسلح بالكامل، والانقسام العامودي والأفقي قائم بقوة يحتاج إلى إشارة، لهذا فإن الحرب سيكون واقعًا.
الكارثة الثانية أن الرؤوساء الديمقراطيين، كلينتون، أوباما، بايدن، كلهم يد واحدة، في الطريق إلى النهاية، لا مراجعة أو محاولة قراءة مستقبل بلادهم.
وهل لديهم عقل يفكر؟
يثبت الزمن أن العقل الأمريكي، المجتمع والنخبة المالية والحاكمة، لم تهذبه عراقة الديمقراطية وممارستها، ولم تصلح بنيته العقلية التوسعية، الضاربة عرض الحائط مصير البلاد.
النهج البراغماتي الطويل لهذه الدولة، يبدو أنه انتج همج، متوحشين، لا يعرفون انصاف الحلول.
أين ستكون أوروبا في هذا الصراع بعد أن رهنت نفسها، ومستقبلها لهذا الأمريكي مدة ثمانين سنة، ودخلت حروب عالمية سواء على الصعيد السياسي أو العسكري لمصلحة الآلة الأمريكية، خاصة في الحرب الحالية ضد روسيا؟
إذا حدث صراع مسلح في امريكا، ماذا سيحدث لأوروبا بعد أن فقدت سيادتها وحريتها وموقعها، بل لم تعد دولة، وكيف ستعالج صرعها مع روسيا، وكيف ستعيد علاقتها بنفسها ووجودها، وهل ستعود لنفسها المدمرة بفعل الضربات الأمريكية القاسية.
نحن على مفترق الطرق، ولا نعرف كيف سترسوا سفن الصراع، وإذا دمرت امريكا داخليًا، أين سيذهب عالمنا كله؟
الكيان السياسي العالمي كله مخلل، مدمر، لأن السلطة احتكرت كل شيء، كل شيء، بل حولت المجتمع إلى مجرد حامل منشفة لتجفيف أطياز السلطة.

أغلب الناس تفاجئوا عندما شاهدوا الفيلم الهندي، حياة الرعي، وهذا مداعاة للحزن والألم.
السجن العربي فيه قهر ووجع وتعذيب لا يتصوره إنسان، أنه أكثر بكثير مما تعرض له نجيب بطل الفيلم.
هناك، في السجن العربي، حرمان من الزيارة، من الخروج للشمس أو التنفس، من الحكي، أي أن الكلام ممنوع، من رفع الرأس، من النوم، فيتم منعه من النوم عبر الضرب على السطح والصراخ عليه، ايقاظه من النوم كل دقيقة وثانية، ممنوع الذهاب للمرحاض في الليل مدة احدى عشرة ساعة، الجلد اليومي على القدمين، الصفع، البصق في الوجه، إذلال حقيقي.
لقد رأينا الهمجية في النظام العالمي كله متمثلًا بهذا النظام أو ذاك من الأنظمة العربية.
حافظ الأسد وابنه، مجرد عينة للتوحش والسادية.
من يستغرب مما عرضه الفيلم، اعتبره كائن عائم، جاء إلى الحياة كضيف بايخ، لا يعرف ماذا يحدث حوله.

ما يثير الاهتمام، بل الاستغراب أن الدولة العباسية الثانية كانت منقسمة إلى إمارات مستقلة عمليا عن بغداد، وكل أمير لديه طاقم يحكم من خلاله.
الغريب أن كل أمير كان محاطاً بكوكبة من الأدباء والعلماء والأطباء والمبدعين في كل المجالات، كأبن سينا والبيروني والرازي والفردوسي، وابو سهل عيسى بن يحي المسيحي الجرجاني, والمتنبي وأبو الفراس الحمداني وعمر الخيام والفارابي وغيرهم.
وكوكبة كبيرة من الباحثين.
حقيقة شيء مثير للأهتمام أن تكون الدولة المركزية تفتقد إلى التماسك، بل جسدها كله متناحر وفي صراع دموي، وكل أمير يحارب الإمارة المجاورة له ولديهم كل هؤلاء المبدعين الكبار الذين سطروا القرون الوسطى بأسطر من ألماس.

ابق حيث الغناء
عدت إلى الحارة، ضاحية الحسين، دون أن أضيع أو اسأل أي إنسان عن مكان توجدي. عرجت على الدكان القريب من البيت، كنت اقرأ عيون الإنسان الأردني، الاسترخاء والهدوء فيهما، استرخاء إلى درجة كبيرة. لم اشعر بأي اضطراب أو قلق فيهما، وكأنه كائن ليس من هذا العصر، جالس في زمن ليس زمننا. أو كأنه لبوة في عرينها لا تصدر صوتًا أو حركة، قلت في نفسي:
ـ الأردن دولة دون موارد طبيعية، ودون قدرات إنتاجية ذاتية، كيف تمنح مواطنيها القوة والثقة بالنفس؟ من أين جاء الاستقرار والراحة والاسترخاء؟
الخبز متوفر وبأنواع عديدة، وأبيض واسمر. خبز مصنوع في الفرن الآلي والعادي وعلى الساج. وأنواع عديدة من الأجبان والمعلبات. كل شيء متوفر، قلت:
ـ سوريا دولة منتجة للقمح، لديها خمسة أطنان من أجود أنواعه في العالم، ومع هذا لا يتوفر الخبز، وان الحصول عليه لا يتم الا بعد إذلال مواطنها. منذ أو وعيت على هذه الدنيا والسوريين لا يشبعون الخبز.
اشتريت جبنة وخبز وبندورة وخيار، ومرتديلا وبعض الأشياء البسيطة بثلاث دنانير وربع، أي بسعر، حوالي 250 ليرة سورية، قلت:
ـ الأسعار غالية جدًا في هذا البلد، كيف يعيش مواطن الأردن؟ حيث أن سعر مئة دولار يساوي سبعين دينارًا.
صعدت الدرج ودخلت البيت، كان نجيب نائمًا، بهدوء شديد وضعت الأغراض على الطاولة في المطبخ، ثم خرجت إلى السطح ووقفت أنظر إلى عمان الجميلة من الخارج دون أن أدخل مساماتها أو صوتها. فأنا خارج. والدخول في أنفاس المدن يحتاج المرء إلى أدوات كثيرة وعلم. والاسئلة تطرق رأسي كل ثانية:
ـ عمان مدينة ساحرة بأبنيتها ونظافتها وتناسق شوارعها بالرغم من أنها تتموضع على الجبال والتلال. ولم أر نهر يمر فيها. ولم اسمع سابقًا بوجود نهر يمر في مدينة عمان، من أين يشربون الماء ويطرحون المياه المالحة؟
الحياة بدأت تدب فيها، السيارات الحديثة تقطع الشوارع. لم أر سيارة قديمة بموديلات الخمسينات والستينات كما كان سائدًا في سوريا قبل السجن. السيارات الصفراء تجوب الشارع النائم تحت الجبل الذي أطل على العالم من خلاله، وعمان.
استيقظ نجيب في الساعة الثانية عشرة صباحًا. رأى المواد التي اشتريتها، عاتبني بشدة:
ـ لماذا اشتريت هذه الأغراض؟
ـ من أجل الفطور.
ـ أنت ضيف في بيتي، وواجب الضيافة أن يقدم المضيف الطعام لضيفه، لا تكرر هذا الموضوع. راح أزعل منك. أريد منك وعدًا أن لا تجلب أي شيء دون أن تخبرني.
نجيب إنسان كريم جدًا، ولا يدقق في موضوع النقود ولا يهتم. إنسان طيب بكل ما في الكلمة من معنى. ولم يسبق أن رأني أو عرفني، ومع هذا استقبلني في بيته كفارس من العصور الغابرة.
كنت محظوظًا بصديق جميل مثل نجيب، بكرمه وشهامته ونبله.
فطرت وحدي لأن نجيب لم يشته الفطور صباحًا. وعمليًا علاقته بالأكل محدودة جدًا. إنه يأكل القليل أي ما يسد المعدة.
بعد ان استرخيت وشرب نجيب قهوته، قلت له:
ـ أنا لا استطيع الجلوس في البيت دون قراءة أو كتابة. وأنت تذهب إلى عملك ليلًا أو تعزف وتغني في أوقات الفراغ أو تخرج من البيت. الجلوس دون عمل حالة صعبة لامرئ في مثل وضعي.
ـ إلى ماذا تشير؟
ـ أريد الذهاب إلى المكتبة لجلب بعض الكتب، تمدني بالقراءة. هل تذهب معي؟
ـ إلى أين؟
ـ إلى المكتبة العامة
ـ المكتبة العامة؟ لا مشكلة. سنذهب بعد قليل، جهز نفسك.
ذهبنا إلى المكتبة الملكية الهاشمية، وتحدثت مع موظف الاستقبال وقدمت له طلبي:
ـ قلت له هل يمكنك إعارتي بعض الكتب؟
ـ ليس لدينا كتب في هذه المكتبة. هذه المكتبة هي من أجل النشاطات الثقافية المحلية والعربية والعالمية كالسينما والمسرح والغناء والرقص وأشياء أخرى.
ـ من أين يحصل المرء على الكتب. ما اسم المكتبة العامة؟
ـ شومان. مكتبة شومان في جبل عمان.
وصلنا إلى جبل عمان، ورأينا المكتبة التي كانت تقع في مواجهة السفارة العراقية. دخلناها إلى أن وصلنا إلى الاستقبال. قدمت طلبي وحاجتي للكتب.
قال لي الموظف:
ـ هل أنت عضو في المكتبة؟ هل لديك بطاقة اشتراك؟ ممكن تعطيني هويتك الوطنية من فضلك؟ هل أنت أردني لهجتك لا تشير إلى هذا؟
ـ لا، لست أردنيًا ولكني أريد استعارة بعض الكتب. أنا من سوريا.
ـ يا هلا ورحب بابن أختي. لا أستطيع منحك الكتب إلا إذا كان لديك بطاقة اشتراك أو بطاقة مواطن أردني.
ـ وما هو الحل يا أستاذ؟
ـ الاستاذ الذي معك من أين؟
تدخل نجيب فورًا
ـ أنا أردني. هل بطاقتي تفي بالحاجة.
ـ طبعًا. سأعطيك ثلاث كتب لمدة أسبوعين وبعدها يجب أن تصبح عضوًا في المكتبة وسيكون لك بطاقة. عليك أن تضعوا عشرة دنانير من أجل الاشتراك، وعندما تنسحبوا من عضوية المكتبة يمكنك استرداد المبلغ. المال مجرد مقايضة.
سجل نجيب اسمه وأعطى الموظف عشرة دنانير مع وعد أن البطاقة ستكون جاهزة بعد أسبوع.

هل عمق أدوارد سعيد الإحساس بالدونية لدينا في كتابه الاستشراق.
هل كان تعويم هذا الكتاب بريئًا، هل كان وراءه غايات سياسية وأهداف استراتيجية كبيرة، عرف الصانع كيف يستثمر ما جاء فيه، وماذا وراء الأكمة ما وراءها؟
اعتقد أن سعيد لم يكن يرمي إلى ما وصل إليه الكتاب، ولكنه وصل لغايات متعددة
كتاب أثار ضجة هائلة ولا زال مفاعليه قائم إلى اليوم، لأننا تلقفنا ما جاء فيه وتفاعلنا معه ببراءة.
هذا الكتاب منحنا إحساس بالاسترخاء، وأننا أبرياء، بينما الخارج حسب وجهة نظر سعيد، كان استعلائيًا، عبر هذا الاستعلاء استطاع أن ينهبنا ويستعمرنا، وينظر إلينا بدونية؟

المرأة الجاهلة نزوة، عليك أن لا تزرع اخضرارك في تربتها، أنها دون ماء يروا.
المقصود بالجاهلة التي ليس لديها وعي يمكنها من قراءة عالمنا، وفهم متطلبات عصرنا، التي لا تتعب على نفسها وعقلها، على الثقافة والعلم. الجهل هو اعتِقاد الشيء على خلافِ ما هو علَيه، أو عدم المعرفة بالشيء، أو الاعتقاد الجازم بما لا يتفق مع الحقيقة، إذ يعتقد البعض انه عارف بالشيء، وهو عكس ذلك، بيكون ما فهمان شيء
تزوجوا من أجل أن تعرفوا أنفسكم جيدًا.
قالوا:
في الزواج يصبح الإنسان أكثر وحدة.

عندما قلت، لن أعود إلى الوطن مرة ثانية، كانت الغربة قد سبقتني إلى الحدود، ومكثت هناك تنتظرني.
تحولت إلى شوكة مذببة، حذاء قديم مغبر اللون، يأكل الذات والذات.
ودعت نفسي دون وداع، وزرعت حسرة على بوابات الوطن المكسور.
كان هذا الوطن قد تحول إلى عبء، قدر، ماضي ثقيل، أريد أن يخرج مني، أن يحررني من نفسه ويتركني أسابق الزمن في الركض إلى الزمن الآخر المجهول.
كنت أعلم أن كل الأبواب مغلقة، وأنني أهرب من باب إلى باب، ومن غربة إلى غربة، إلى تلك الذات التي لم تعد تركن إلى زمن ومكان متعارف عليهما.
أصبحت مثل تلك النبة الغريبة المجبرة على البقاء في التراب الغريب.

ذاب القرآن في المصحف.
والمصحف عمل إنساني يختلف عن القرآن، لهذا كان موضع نقد من قبل المبشرين بالجنة وغيرهم من الصحابة، وهو الذي فسح المجال للمدارس الفقيه والتفاسير، وهو السبب في حاجة المسلمين للبخاري وصحيح مسلم والترمذي وغيرهم لتأكيد ما ذهب إليه المصحف.

عندما تقرأ النص كند، ويمكنك محاكمته أو تقييمه أو نقده بهذه الحالة، أنت لست إلهًا أو تحت الإله أو فوقه، أنت إنسان متواضع، وشديد الحساسية للواقع الاجتماعي والسياسي والوجودي.
عندما تكون صديقًا له، تحلله، تكشف انتماءاته، أبعاده، قربه منك أو بعده عنك، وقتها سيتحول النص إلى منتج تاريخي ويكون جزءًا لا يتجرأ منك، وستعمل على تعديله أو تحسينه أو تدخل فيه وتنقده أو تحاول أن تغيره لما هو لمصلحتك ومصلحة وطنك وبلدك وإنسانك وعالمك كله.
وستحن إلى الحياة من موقع المحب والخائف والمنتمي لها.
جميع النصوص يمكننا قرأتها وتقييمها. وعندما نقرأها كند سنصبح كائنات طبيعية منتجة مثل بقية الشعوب وغنية بالقيم الأخلاقية.
عندما تضع نفسك تحت النص، أو ترفعه فوقك كطقس، فإنك تجرد نفسك من الحرية، بل تتحول إراديًا إلى كائن مستلب مهزوم، مسروق القرار.

الأخلاق هذه الكلمة الساحرة، هي محصلة أو ثمرة صراع طويل بين الدولة والمجتمع.
صراع بين إرادتين غير متكافئين، انتصر فيها الأول على الثاني.
خلال صيرورة الصراع استطاعت النخبة أن تفرض شروطها، أخلاقها على المجتمع. ومع الزمن. وبعد الضخ الدائم، لهذه الأخلاقيات، أصبحت جزءًا من وجدان الناس وشرط اساسي لوجودهم.
اليوم لا يقبلون تفكيك مفرداتها، أو معانيها أو حدودها، بل أضحت جزءًا من تكوينهم النفسي، يدافعهم عنها باستماتة دون إدراك ودون وعي منهم أنهم يدافعون عن عبوديتهم، عن إرادة النخبة المالية والسلطة.
إن الأخلاق سلطة معنوية واجتماعية وسياسية تحمي مصالح الفئة النافذة في الدولة والمجتمع وفي كل معادلات الحياة على المستوى العالمي كله من أول التاريخ وإلى اليوم.
والتاريخ بدأ مع أول لبنة أو حجر الزاوية لبناء السلطة

يشعر المرء بالقرف من حلقة الاتجاه المعاكس, كلام كله يدور عن الطائفية والمظلومية التاريخية.
إنه بكاء مخجل على الملة والطائفة.
لم يقم الإنسان السوري في ثورته على المافيا السياسية التي تحكم سوريا من أجل كونه سني أو درزي أو مسيحي. قام من أجل بناء دولة ديمقراطية علمانية, من أجل سوريا للجميع, قبل أن يأخذها العيّار في الداخل والخارج إلى موقعهم.

صانع الفلسفة، يجب، بل الضرورة أن يكون حرًا في قيمه ومبادئه وفكره وانتماءه، بمعنى ان يكون غير مقيد بأي جهة.
في هذه الحالة لن يكون ملك نفسه، بل ملك الحرية، الفكر الذي يطل على العالم دون نوازع شخصية أو غرائزية
إن يقف إلى جانب العقل والعلم، أن يرمي نتانات التاريخ، ظلمه، انتماءه، انقسامه، انقساماته، على أقرب مزبلة، أن يعمل على حماية الحياة والطبيعة والكائنات والإنسان.
هو الأقدر على تفكيك عالمنا الوهمي، ونزع سمومه من كل ما يعيق تحولاته.

سيذكر التاريخ أن أسوأ كارثة حلت بدولة ومجتمع عبر التاريخ كله هو سورية, برعاية دولية وأقليمية ونظامها الحاكم.
وإن أسوأ وأحقر وأحط رئيس دولة في العالم كله هو أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
ما يحدث في سورية اليوم من خراب ودمار, تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية الكاملة عنه مع حلفاءها وشركاءها لدعمها اللامحدود من تحت الطاولة لروسيا وايران وحلفاءهم لتدمير بلدنا.
إن تفكيك هذا المجتمع وتدمير مرتكزاته وتحطيم كل مقومات الحياة فيه بهذا الشكل الممنهج معيب ومخجل ويدل على سادية مريضة, أن يتلذذ المجرم بضحيته بهذه الطريقة الشنيعة التي لا مثيل لها ابداً.

السلطة الرومانية عندما كانت تريد تصفية أحد ضحاياها, ترمي أحدهم في مسرح مفتوح, وواسع, له مدرجات يتسع لعدد كبير من الجمهور, ثم تطلق سراح احد الحيوانات الجائعة, كالنمر أو الأسد, يأكله بتلذذ, وسط تصفيق الجميع. اللذة التي كانوا يشعرون بها, تساوي لذة سد الجوع لدى الحيوان. هذا ما يحدث الأن في المنطقة. يتم الذبح أمام الجمهور المتعطش لرؤية الدم, السؤال:
إذا كانت السلطة أو المنظمات المسلحة, تريد تصفية خصومها, لماذا يستمتع الناس لمرآى ومشاهدة قتل واحد منهم؟ من أين تنبع اللذة لمرآى تصفية ضحية؟ أي سعادة, هذه التي يشعرون بها؟ ما هو منشأها, منبعها؟ هل هي الثقافة, هل لها علاقة بجذور تكوين الإنسان النفسية والعقلية؟

جهد الفلاسفة ان ينتجوا فكرا على مقاس الحضارة الأبوية, لإبقاء الكائن ضمن مفهوم الخضوع للأقوى, ووضع قوانين تنسجم مع هذا النهج. هذه الحضارة منتجة للعنف المنظم والعادي والفوضوي, لنكون نحن ضحايا. القيمون على هذه الحضارة يريدون بقاء الوضع على ما هو عليه, لهذا فانهم يعومون الفلسفة, الفلاسفة الذين على مقاسهم, ويهمشون الذين يتنافرون معهم. قلنا مرات كثيرة, ان القانون, أكبر عملية خضوع في التاريخ, ودونه لا يمكن أن نخرج من المأزق. ولا يمكن تكوين ثقافة إنسانية في ظل الحضارة الابوية, لانها على التضاد منه تماما.

يولد الإنسان منسجمًا مع الطبيعة, جمالها وبراءتها. وعندما يكبر, يكرر مراحل وجوده, يبدأ بالانفصال رويدا رويدا إلى أن يتحول إلى غريب, يركض ويركض دون جدوى, يريد أن يقطف الريح والفراغ دون إحساس بالامتلاء أو الفرح.

هم المعارضة والسلطة ان يتهموا بعضهم. لا تعنيهم الضحايا, عدد الضحايا, الأطفال والنساء. المهم ان يأخذوا شرعيتهم من الخارج. إنه البريء والآخر متهم.
البكاء الكاذب من كلا الطرفين كاذب. كلاهما لا يعنيهم ضحايانا.
شعبنا المسكين الذي ابتلي باحقر واحط سلطة على وجه الأرض. تقتل القتيل وتقول له:
أنت, قتلت نفسك

عندما أرى أسنانه, أرى نفسي. يريد أن يلتهم هذا العالم كله.
إنهم مدخل لقطع هذا العالم وتمزيقه.

في سجن تدمر، والتعذيب على أشده، وكنّا في وضع نفسي شبه منهار، لا نكاد نفتح أعيينا، حتى نرى عساكر الشرطة العسكرية بأكبالهم أمامنا، يخرجوننا إلى الساحة، يوثقون أقدامنا بالقارس والمرسة، ويرفعوها في الهواء، ويبدأون الجلد
سألت جميع الرفاق في حزب العمل، والمكتب السياسي:
لو وضعت مكان الجلاد حافظ الأسد، هل تقبل أن تتبادل معه الدور؟
جميعهم لم يقبلوا، قالوا نفضل أن نبقى ضحايا على أن نتحول إلى جلادين.
أحقر وأحط شيء في هذا العالم أن تمسك الكرباج، وتجلد أحد الناس او تنطع رقبته، تحت أية ذريعة، سواء عبر القانون أو عبر نص إلهي أو فكري أو أية ايديولوجية.
لا يمكن أن يتحول الإنسان إلى جلاد إلا إذا قتل كل نسمة جميلة في داخله، قتل البراءة والحب والخير والجمال. بمعنى أصبح كائنًا مشوهًا نفسيًا وأخلاقيًا وعقليًا.
ولا يمكن أن تتحقق العدالة والحق تحت نصل السيف، أو العنف. وهؤلاء الذين يتحفوننا بأنهم ينفذون إرادة الله في نطع الرقاب أو قطع اليد من اجل تنفيذ عدالة السماء، نقول لهم لا يوجد كائن جميل في السماء، يأمر بالذبح.
هذا مستحيل ولا تنطلي على مهبول
نقول لأولئك الناس، أن الله لم يخلق ليصبح جلادًا يفتي بالقتل والتعذيب، أو يحول الناس إلى معاقين نفسيًا وجسديًا يستجدون رأفة الأخرين



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس ثقافية وإنسانية 268
- هواجس ثقافية 267
- هواجس ثقافية وسياسية وفكرية وادبية ــ 266 ــ
- هواجس عامة ثقافة فكر أدب وفن 265
- هواجس الثقافة والحب ــ 264 ــ
- هواجس ثقافية أدبية فكرية 263
- هواجس ثقافية وسياسية وفكرية ــ 262 ــ
- هواجس ثقافية متنوعة 261
- هواجس ثقافية 260
- هواجس ثقافية ــ 259 ــ
- هواجس ثقافية ــ 258 ــ
- هواجس ثقافية وأدبية وسياسية ــ 257 ــ
- هواجس ثقافية 256
- هواجس سياسية وفكرية ــ 255 ــ
- هواجس ثقافية وفكرية 254
- هواجس ثقافية وفكرية ــ 253 ــ
- هواجس نفسية وأدبية وفكرية 252
- هواجس أدبية ودينية ــ 251 ــ
- هواجس أدبية 250
- هواجس أدبية 249


المزيد.....




- البرهان بعد محادثات جنيف: سنحارب مئة عام
- أندرو تيت يواجه تهماً جديدة في بريطانيا، فماذا نعرف عنه؟
- استئناف محادثات غزة بالقاهرة مع تزايد المعاناة تحت وطأة الحم ...
- خبير أمريكي يتحدث عن عجز المجمع العسكري الغربي في دعم الأزما ...
- شولتس وزيلينسكي يبحثان مواصلة المفاوضات على أساس القمة في سو ...
- سعيّد: هناك جهات تتآمر ضد الدولة
- الرئيس البولندي: لا يزال -الناتو- يناقش إسقاط الصواريخ فوق أ ...
- بن غفير يصدر أمرا غير عادي ويمنح صلاحيات واسعة لقوات الأمن ف ...
- خبير موارد مائية: الماء يضغط على -سد النهضة- وإثيوبيا ستضطر ...
- محامي إحدى ضحايا -سفاح التجمع- يعلق على القضية ويوضح جزئية م ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس ثقافية سوياسية وأدبية ــ 269 ــ