أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل عباس - جهد ضائع















المزيد.....

جهد ضائع


كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8078 - 2024 / 8 / 23 - 09:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قُيِض لي أن أعيش في العالم السفلي أكثر من أربعة عشر عاما تنقلت فيها بين سجون عديدة داخل بلادي كان أقساها سجن تدمر العسكري .
لحسن حظي توّفر لي القلم والورقة في غالبية هذه السجون وأنا مولع بالقراءة والكتابة منذ الصغر . كتبت الكثير في السجن وعانيت الكثير بسبب الكتابة ,أختار من تلك المعاناة هذه الحادثة . جمعني القدر داخل السجن بصديق كبير في العمر كان مفتشا في اللغة الانجليزية هو المرحوم سالم قداح رحمه الله وقد أقام دورة لمن يرغب في تعلم اللغة بأصولها وأصّر عليّ ان أكون في الدورة فشاركت فيها احتراما لرغبته وبعد شهرين انسحبت منها معتذرا من أستاذي ومعللا سبب انسحابي على الشكل التالي :
أبو بسام الغالي : أنا أريد تخفيف ويلات السجن والدورة متعبة لأعصابي فيه , في حين عندما أفش خلقي على الورق أسافر خارج جدران السجن رغما عنهم واستنشق هواء الحرية في كتاباتي , فتفعل معي فعل المهدئ بدلا من تناول الأدوية العصبية .
يشاء القدر – على عكس توقعاتي- أن تخرج كل كتاباتي معي والبارحة وقعت عيناي على هذا الكراس المعنون كما يلي :
وجهة نظر أولية جدا ببعض القضايا الإستراتيجية التالية
1- الأممية والحركة الشيوعية العالمية
2- القضية القومية
3- حركة التحرر العربية
4- القضية الفلسطينية
5- السلطة السورية وآفاق تحولها
6- الحركة الشيوعية المحلية
بدأت الكراس بهذه المقدمة
.......................
مقدمة :
المقدمات عادة تتصدر الأعمال الأدبية او النظرية او التاريخية التي تأتي نتيجة جهد فردي وتُوقّع باسم صاحبها وقّلما تتصدر المقدمة عملا سياسيا يعبر ايديولوجيا عن مصلحة فئة او شرائح او طبقات اجتماعية . من جهة أخرى قد تكون المقدمة لازمة لعمل سياسي وليد لحظة معينة محدودة حيث يراد وضع الأجيال بصورة الظرف الذي أعطى هذا الموقف
هذه المقدمة شاهد على حركة لها موضوعيتها في زمان ومكان محدودين وهي حالة وسط بين الجهد الذاتي والجهد الجماعي ,بين العمل السياسي والعمل النظري ,وكاتبها يعلم علم اليقين ان عملا كهذا يحترمه التاريخ اكثر بكثير عندما يكون نتيجة جهد جماعي حيث تنتفي فيه الذاتية لكن للضرورة أحكامها . ان مسؤولية الكتابة هي مسؤولية صاحبها بالنهاية لكنها تعبر حقا عن اتجاه استلهم الكاتب منه المنحى العام والهيكل العظمى لعمله .
السجن الصغير ليس الا صورة عن السجن الكبير فالوضع الذي تمّر به سوريا شبيه بوجه من الوجوه بالمرحلة الناصرية قبل انحدارها, لكن تجربة مصر المأساة وتجربة سوريا المهزلة - اذا صح التعبير- وشّر ما في الجانبين ان القوى الوطنية مضطرة لتغليب الجانب الايجابي على الجانب السلبي في التجربة كي لا يستفيد أنصار السادات والقوى الأشد رجعية في البلاد . اعتقد آن الأوان قد ان لرفع الصوت عاليا في سوريا مقرونه بالسؤال التالي . هل مجابهة الامبريالية والصهيونية لا تكتمل الا بالتضييق على الشيوعين ؟ بالعكس ان هذه المجابهة تتعزز بأخذ الشيوعية دورهم في المجتمع, قُمع الشيوعيون في عهد عبد الناصر وحُل الحزب واستشهد شهدي عطية الشافعي تحت التعذيب بسرعة ولحقه رفيقه معين بسيسوا بالموت البطيء, اما الأقدام العارية لطاهر عبد الحكيم فد قادته الى الموت وغيرهم كثيرون ممن شلّت طاقاتهم المرحلة الناصرية فتعبد الطريق نحو كامب ديفيد. وفي سوريا من يستفيد في ان يصبح الشيوعيون أربع جهات رسمية على الأقل وان يضعف دور الحزب على كافة الأصعدة وان يزداد الاصرار على ان يكون ملحقا ومصفا فقط ؟
اما في السجن الصغير فمنذ عام 1981 يقبع عدد من أعضاء الحركة الوطنية السورية في السجون وظرفهم يسوء من سنة الى اخرى ولم يّبحث وضعهم بشكل جماعي بتاتا من الناحية السياسية ومن خرج منهم تّم له ذلك بعد ان طرق أهله باب السلطان وسجدوا أمامه فهل هكذا يحمى الوطن! هل تتم حمايته بوصول قسم من هؤلاء الى سجن تدمر بعد سبع سنوات قضوها فيسجون مدنية وهو سجن عسكري معروفة قوانينه. صحيح انهم لا يعاملون كارهابين مثل الاخوان المسلمين لكن شبح هذا مسلط على رقابهم كسيف ديمقليطس , واذا كانت هذه القوى قد أخطأت عام 1980 فان المسؤول الأول عن هذا الخطأ هو السلطة وقمعها وتهميشها للقوى الوطنية ولا تزال مصرة على طريقتها تلك إزاء أزمة المجتمع وان كانت السلطة تتبحح بان هؤلاء يخدمون كامب ديفيد فما حجتها بالنسبة لتيار نشأ داخل السجن من هذه القوى ووصل من خلال تطور الأحداث وحركته الذاتية الى النظر للموضوع بعين العقل بعيدا عن رؤية الجانب القمعي فقط بل رؤية الجانب الوطني اولا ,بدلا من مساعدة هذا التيار تكالبت عليه جهات عدة لإضعافه
• السلطة وخاصة الأجهزة تحاول ابتزاز هؤلاء فردا اثر الآخر, تستغل ضعف خبرتهم وتجربتهم فتلعب بأعصابهم بأعصابهم ملوحة لهم بان هذا العمل او ذاك هو الطريق الى الحرية كما جرى مع طلب الاسترحام الذي قدم لهم ,والغرض هو تشتيتتهم وإضعافهم ومواجهتهم ببعضهم .
• المعارضة تجيد الضرب على الوتر النفسي وخصائص كل فرد فتنفخ بها ليبدو كل فرد منظومة فكرية كاملة أو ليتوهم نفسه كذلك فتبدو حركة التيار كأنها حركة أفراد متساقطين تعبوا من العمل السياسي .
• حتى حلفاء التيار لم يساعدوه ان لم نقل أنهم تناولوه من وجهة نظر أخلاقية في الصمود أو ما شابه ذلك ’ كأّن على السجين السياسي أن يكلس عقله ويترك التفكير في السياسة كليا ما دام في السجن فهناك من يفكر عنه في الخارج ؟!
رغم ذلك حركة التيار تتقدم وسط هذا الزمن العربي الرديء . بدأت بموقف سياسي جوهره التكتيكك . وانتهت بالتفتيش عن الخلفية الأيديولوجية التي حكمت هذا الموقف فكانت هذه الخلاصة .
والجدير بالذكر انه لا وجود لأي وثائق أمام التيار سوى الذهن .أخيرا قد تكون الكتابة في ظرف كهذا ليس للمناضل فيه سوى أربعين مترا مربعا في هذا الوطن وفي ظل ممنوعات المياه والكهرباء وأصوات التعذيب في كل جانب في حين يسرح ويمرح التجار والسماسرة وهزازات البطون في مدن وقرى الوطن مسالة ليست سهلة
قد يقول قائل ان هذا مكان الإبداع ولكن الإبداع يتم في الأدب وبعد انتهاء المعاناة وليس فيها
لكن المهم في السياسة هو الموقف الذي يتجاوب مع معطيات ومتطلبات الواقع ويفعل بحركته ويرفعه الى الأمام فهل تكون حركة هذا التيار جزءا من ذلك.
نترك الحكم للمستقبل
سجن تدمر العسكري 1985
كامل ابراهيم عباس



#كامل_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معجزة الصباح بين اليوغا والأبراج
- هيئة العمل اللبرالي في اللاذقية والنظام السوري
- حّل القضية الفلسطينية يحتاج الى نظام عالمي جديد
- الموسيقى بين الإنساني والطبقي
- سيرة وانفتحت أواخر أيار 2024
- سيرة وانفتحت : حزيران 2024
- التوظيف السياسي للعلويين وأي مستقبل ينتظرهم ؟
- سيرة وانفتحت ايار 2024
- قراءة ثانية في كتاب غليون ( 2)غليون والعلمانية
- قراءة ثانية في كتاب غليون القسم الأول من الكتاب حول الثورة ا ...
- قراءة ثانية في كتاب غليون – نقد السياسة , الدولة والدين –
- خاطرة
- في الذكرى الثالثة عشرة للثورة السورية
- استشراق أدوار سعيد تنبأ بأحداث غزة قبل أن تقع
- سيرة وانفتحت في عام2024
- حول آفاق الإصلاح في السعودية مرة أخرى
- تعويذة نيسان رواية جميلة الأجمل منها تعليقات مترجمتها
- قراءة ثانية في رواية القوقعة
- الآنسات رواية مُريعة
- حوار حول الحرب والسلم في القرن الواحد والعشرين 4


المزيد.....




- ضخمة جدًا.. اكتشاف ماسة مذهلة في بوتسوانا.. إليكم ما نعلمه ع ...
- سقطت من السماء وانفجرت.. روايات مفزعة لتحطم طائرة بغابات تاي ...
- حقيقة افتتاح نهر صناعي في مصر وعلاقته بالمغرب
- هاريس تقبل ترشيحها رسميا وتتعهد بـ-إنجاز- اتفاق بشأن حرب غزة ...
- الإدارة العسكرية المدنية لخاركوف: المنطقة العازلة في المقاطع ...
- الغرب يسلم أوكرانيا نماذج قابلة للنفخ من مقاتلات -إف-16-
- -إسكندر- روسي يدمر -أجت HIMARS- في جنوب أوكرانيا
- طالبة روسية تبتكر جهاز ليزر لمكافحة الطائرات المسيّرة
- بعد بولندا.. رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يصل إلى أوكرا ...
- غالانت: أفعال بن غفير تعرض الأمن القومي للخطر


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل عباس - جهد ضائع