أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مظهر محمد صالح - البنوك المركزية تغادر الليبرالية الجديدة .















المزيد.....

البنوك المركزية تغادر الليبرالية الجديدة .


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8078 - 2024 / 8 / 23 - 00:11
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ا
ينصرف مفهوم استقلالية البنوك المركزية الى قدرتها على اتخاذ قراراتها دون تدخل مباشر من الحكومة أو أي جهة سياسية. وان الهدف الرئيس من هذه الاستقلالية هو الحفاظ على استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم بشكل مستدام، حيث يُعتقد أن القرارات الاقتصادية التي يتخذها البنك المركزي يجب أن تكون مبنية على تحليلات اقتصادية طويلة الأمد بدلاً من التأثر بالضغوط السياسية قصيرة الأجل.
ومنذ نشوء الازمة المالية العالمية في العام 2008 حصلت تحولات جوهرية حول العالم في مفهوم استقلالية البنوك المركزية والتي انتقلت من (المفهوم القانوني الواسع) في عصر ازدهار الليبرالية الجديدة التي تستهدف التضخم فحسب الى (المفهوم الضيق للاستقلالية) وهو المفهوم الذي يشترط إضافة او تفعيل غايات جديدة لعمل البنوك المركزية تتمثل بالبعد التنموي للصيرفة المركزية وسياساتها النقدية. و يذكرنا مثل هذا التحول في سياسات البنوك المركزية ، بما طرحه عالم الاقتصاد جوزيف ستيغليتز في كتابه الصادر مؤخراً في العام 2024 والموسوم "الطريق إلى الحرية: الاقتصاد والمجتمع الصالح".
The Road to Freedom
Economics and the Good Society
By Joseph E. Stiglitz
W.W. Norton.
وهو يقف بقوة إلى جانب جون مينارد كينز، ويدعو إلى زيادة ( تدخل الدولة في الاقتصاد ) لتوليد الرخاء الاقتصادي، وتقديم الرد على تيار الاقتصاديين المحافظين مثل ما جاء بكتاب ملتن فريدمان "الرأسمالية والحرية" (1962) الذي تبعه جيلا من الناس، وكتاب هايك الكلاسيكي "الطريق إلى العبودية" (1944) حيث ذهب ستيغليتز بكتابه (الطريق الى الحرية ) نحو إنقاذ فكرة الحرية نفسها من النسخة "السطحية والمضللة والمدفوعة بأيديولوجيات" التي يروج لها "اليمين".
اذ يقدم الكتاب سردًا وحجة متماسكة: حول كيف استخدام تعريف الحرية بشكل معيب ، وهو تعريف ظل يمنح سوقًا غير خاضعة للتنظيم بشكل كبير ، امتيازًا على السلع الاجتماعية الأخرى، كما ان الرأسمالية النيوليبرالية - أو "الرأسمالية غير المقيدة" - تعني "تحرير الأسواق المالية لتسريع حدوث أكبر أزمة مالية في السنوات السبعين الاخيرة، كما ياتي تحرير التجارة أيضاً لتسريع هدر الصناعة وايقاف عجلاتها ،و كذلك ياتي تحرير الشركات لاستغلال المستهلكين والعمال والبيئة على حد سواء . وهي حجة تذكرنا على الدوام بالمفكر الاقتصادي والأنثروبولوجي كارل بولاني Karl Polanyi في كتابة الشهير الصادر في العام 1944 والموسوم (التحول العظيم -The great Transformation ) الذي افترض أن الرأسمالية غير المقيدة تخلق سياسات رجعية في "حركة مزدوجة". اذ يقدم بولاني في كتابه آنفا وصفًا شاملاً لتاريخ صعود الرأسمالية الصناعية ومن خلال تلك ينتقد بولاني نموذج السوق الحر ويتنبأ بما سيحدث في المستقبل من انهيار اقتصادي إذا ما سمحت الحكومات للسوق بالاستمرار على مسار قليل التنظيم أو شبه معدوم.
وهنا يشير الاقتصادي الكبير جوزيف ستيغليتز في كتابة (الطريق الى الحرية ) موضحاً فيه ان "جرائم" الليبرالية الجديدة أدت إلى زيادة التفاوت، وإضعاف الديمقراطية، وأثارت ردود فعل شعبية في جميع أنحاء العالم.
وهكذا فأن تخلي العالم الصناعي الاول عن الاستقلالية الواسعة في سياسات واعمال البنوك المركزية والتحول تدريجياً نحو اعتماد سياسات توسعية ملبية لحاجات الاقتصاد المتجددة( في التنمية والتحول التكنولوجي المتسارع ومكافحة البطالة ) عبر توجهات السياسة النقدية ، مثل سياسة التيسير الكمي (QE) التي اتبعتها الولايات المتحدة وغيرها من انماط السياسات النقدية التوسعية ، لتاتي متوافقاً وهبوط درجات الليبرالية الجديدة المقيدة لعمل البنوك المركزية وعموم الاقتصاد بعد تعثر العولمة نفسها.

وبالعودة الى البنك المركزي العراقي الذي تأسست استقلاليته القانونية الواسعة بعد العام 2003 فقد اخذ يتوافق تدريجياً مع نهج الدولة العراقية السائرة في طريق التنمية والنمو الواسع والسريع ، لكي يكيف ادوات سياسته النقدية ، محققا انتقالاً سلساً الى تبني مباديء (المفهوم الضيق للاستقلالية ) وعلى وفق المرونات الواردة في قانون البنك المركزي العراقي رقم 56 لسنة 2004 .
وهو توجه يتيح مهمة واضحة للبعد التنموي في تطبيق اهداف السياسة النقدية ، ذلك في اطار تعدد تلك الأهداف المنصوص عليها في قانون البنك المركزي النافذ وبمستوى من المرونة يتناسب و الطموحات الانمائية للبرنامج الحكومي وخطة التنمية الوطنية للبلاد 2024-2028.
وبناءً على ما تقدم ،وتماشياً مع النهج العالمي المتجدد للبنوك المركزية في فهم الاستقلالية، فقد أطلق البنك المركزي العراقي مبادراته التنموية منذ العام 2015 والتي زادت تمويلاتها اليوم على 13 تريليون دينار من خلال منح القروض الميسرة للقطاع المصرفي ، ذلك لتنشيط حركة الاقتصاد الوطني ولاسيما في مجالات تنمية السكن الذي اخذت قروضه الممنوحة الى المصرف العقاري وصندوق الاسكان قرابة 90% من اجمالي المبادرة المذكورة.
منوهين ان هدف السلطة النقدية في تحقيق الاستقرار في المستوى العام للاسعار ومكافحة النشاطات التضخمية واحداث التوازن النقدي في الاقتصاد الوطني ضمن مباديء السياسة النقدية لا تتعارض اليوم في مساهمة السياسة النقدية في تفعيل اهدافها التشغيلية صوب مفاصل تنمية الاقتصاد الحقيقي ولاسيما في مبادرة البنك المركزي الاخيرة في توفير تريليوني دينار اضافية لمنح القروض الميسرة لقطاع الاسكان . وهو القطاع الاساسي الذي يوفر الرفاهية والاستقرار للاسرة العراقية ويتولى بالوقت نفسه تشغيل قرابة 20% من قوة العمل الوطنية ، مما يسهم في اسناد فرص الاشتغال ضمن دورة اعمال تحرك قرابة مئتي مفصل من مفاصل العمل في آن واحد ، فضلا عن مكافحة البطالة وتعظيم مستويات التشغيل وهي واحدة من بين الاهداف المنصوص عليها صراحة في قانون البنك المركزي العراقي رقم 56 لسنة
2004 .
فضلاً عن دعم تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والقطاعين الزراعي والصناعي ، من خلال إعتماد الاستراتيجية الوطنية للإقراض المصرفي في العراق للمدة 2024-2029 لتتولى دعم تنمية المشاريع المتوزعة على عموم الجغرافية الاقتصادية في البلاد ، اذ حظيت تلك الاستراتيجية بتأييد و مصادقة مجلس الوزراء العراقي.
كما تولى البنك المركزي العراقي تأسيس مصرف تنموي باسم (ريادة) كشركة مختلطة لمنح القروض التنموية الصغيرة والمتوسطة للنشاط الخاص، فضلاً عن تاسيس شركة للمدفوعات الالكترونية كنشاط خدمي يدعم تنمية وتطوير قطاع المدفوعات الرقمية .
وبهذا فأن استقلالية البنك المركزي العراقي لتحقيق اهداف السياسة النقدية قد اخذت مساراً ملحوظاً في طريق التنمية المستدامة وبالتوازي مع هدف الحفاظ على الاستقرار الكلي وضمان القوة الشرائية للدينار العراقي واستقرار الدخل النقدي.
وفي ضوء ما تقدم ، نرى ان التوجهات التنموية للسياسة النقدية في العراق تاتي ضمن سياق دولي يتماشى مع تبدل ادوار وواجبات البنوك المركزية في العالم وتوجهاتها نحو المساهمة المباشرة في التنمية الاقتصادية ومكافحة الركود بكل اشكاله من دون الاخلال بالواجب الاساس للسياسة النقدية (وهو الحفاظ على الاستقرار النقدي للبلاد).يا



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة ايديولوجية من انماط العالم الثالث
- حروب الشرق الاوسط الكبير
- ريتشارد مورفي ومستقبل الشرق الاوسط.
- نحو صندوق عراقي للثروة السيادية: افكار تاسيسية
- ملامح التنمية السياسية في الانماط الريعية المكوناتية
- سايكولوجيا الجماهير في العالم الرقمي الراهن
- ثقافة الفكر المشرقي : لمحات حياتية
- البطل السياسي في الديمقراطيات الناشئة: رجل الدولة ام رجل الس ...
- الثنائية في الفلسفة المشرقية الحديثة (حوار في القصة والرافد ...
- عالم يتشكل من جديد … عالم مابعد غزة
- الثقافة العضوية وانعطاف الوعي : الجامعات الغربية انموذجا ّ
- جدي والغزاة: واقعة في ليلة الاحتلال البريطاني 1917
- الشخصية العراقية في رحاب الجدل الاكاديمي.
- صعود الدولة الامة وهبوطها : العراق بعد 9 نيسان 2003
- المثقفون في حاضنة العنف الإديولوجي الشرقي.
- ثقافة المناخ الثالث
- شذرات في الفكر العراقي..حوار في الطبيعة الانسانية.
- الدولة والهويات الزبائنية : النفوذ الاجتماعي ومصفوفة المصالح ...
- حرب غزة : عالم رقمي ما بعد الامبريالية.
- حوار في الفكر الانساني المشرقي:الرعاع بين القلق والتلف.


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مظهر محمد صالح - البنوك المركزية تغادر الليبرالية الجديدة .