أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فارس محمود - إلى أين تمضي هذه -الحثالة- بالمجتمع؟! الجزء الثاني















المزيد.....

إلى أين تمضي هذه -الحثالة- بالمجتمع؟! الجزء الثاني


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8077 - 2024 / 8 / 22 - 16:21
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


"أحرار"؟! قولوا غيرها؟!
يتحدثون عن وجوب "أن يكون الناس أحراراً في تنظيم علاقاتهم الشخصية وفق مذاهبهم"! نحن ننشد عالم خال من تدخل أي دين أو مذهب أو مرجع في تنظيم حياة البشر، من حق المرء أن يتبع أي دين أو مذهب أو أية أفكار، ولكن بوصفها أمراً فردياً صرفاً. فحقوق المرأة حقوق مرأة وحقوق الأطفال حقوق أطفال. يجب أن تستند كلاهما الى أرقى ما بلغه المجتمع البشري من مدنية وعصرية ورفاه وحرية، لا العكس!
هل يلتسع قلبهم لكي يكون الناس أحراراً؟! إذن ينبغي قبل هذا وذاك يجب أن يكون المجتمع حراً من الجوع والفقر، حراً من البطالة والضنك والعوز، حراً من أن تكون فوهات كواتم صوت المليشيات والقتلة على راسه، حراً في إبداءه لآرائه بدون خوف أو ضغوطات أو تهديد، حراً من انعدام الأمان الاقتصادي، حراً من الذل والحاجة، حراً من انعدام أن يكون له قول في مصيره، حراً في التمتع بمتع الحياة وإمكانياتها، حراً في الحصول على الكهرباء والماء الصالح للشرب وبيئة صحية وسليمة، حراً في التمتع بالصحة والتعليم والخدمات بوصفها حق بديهي لا يرتبط قط بوضعه الاقتصادي والمعيشي.... ثمة ألف حق وحق سلبتموه من هذا المجتمع، فمن أين لكم هذه الجرأة، بل قل الوقاحة، للحديث عن أن يكون الناس "أحراراً"؟! ليس ثمة حديث عن تحرر في أفئدة عشرات الملايين من المجتمع بقدر التحرر منكم ومن سلطتكم والكابوس المؤرق الذي وضعتم عيش المجتمع فيه. إنَّ هذا اليوم لقريب فعلاً.
صفعة لم يتوقعوها!
كل مرة طُرحت فيها مثل هذه المشاريع، جوبهت برد اجتماعي واسع عنيف بحيث يقوموا بالانسحاب الخجول والتدريجي. و لكن هذه المرة، كان الرد أعنف بمرات مما توقعوه!
إنَّ الصفعة التي أتتهم من المجتمع هي صفعة لم يتوقعوها قط. لم نرى مثل هذا الرفض الجماهيري تجاه أية قضية أخرى طُرحت. عبّرت فئات المجتمع المختلفة بأوضح الأشكال بروزاً عن أنَّ هذا المشروع هو أمر غير مقبول، ولا يمكن سكوت المجتمع أمام التلاعب بحياة الفتيات وسلب حقوق المرأة في الحضانة والإرث وغيرها، تحولت منابر التواصل الاجتماعي والفضائيات وساحات الاحتجاج الى ميدان للغضب والاستنكار والشجب وللهزء بهذه السخافات والتطاولات، ومن خلفها أصحابها. لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تبين بوضوح أكثر ماهية السلطة والدين والطائفية ورجالاتها، لقد تعفر وجههم بالتراب وأصبحوا محل سخرية المجتمع. لقد فضحوا محتوى ما يسمى بالفقه! أن هذا النزال وضّح بأجلى الأشكال ماهية كل الترسانة الدينية والطائفية!
وتجاه الهجمة الشديدة أو الرد الفعل الحازم والصارم، سلكوا سبيل التراجع والتبرير غير المسؤول وعدم احترام ذهن المواطن. حين سالت مقدمة البرنامج رائد المالكي هل تقبل بتزويج بنتك في عمر التاسعة، رد بتلعثم: كلا (!!)، فردت عليه إذا لماذا تأتي بهذا القانون؟ جَمَدَ باهت الوجه! فيما ردت أخرى: "لماذا انتم ضد التعديل بهذه الحدّة، فكم عائلة تزوج بناتها بهذا العمر؟! قلة جداً!" إذاً، الظاهرة هامشية جداً، اذا كان هذا الأمر هامشياً في المجتمع لماذا تتكالبوا من أجل جلب قانون لها؟! نعلم إنها هامشية ولكن ذلك يعود لمدنية المجتمع وتقاليده المدنية التي يسير عليها منذ عقود مديدة، وانتم تأتون لعكس التيار وإشاعة الطائفية في المجتمع. إنَّ وجود مثل هذه الظاهرة في عراق اليوم مدين لوضعية معينة هي الفقر والجوع والعوز المدقع فقط، عدم قدرة الناس على إعالة البنات، فلا سبيل سوى تزويجهن بأسرع وقت ممكن و"الخلاص" من تكاليفهن المادية. إذن هذه قضية أخرى، إنه قسر الحياة ومرارة العوز والإملاق الذي تدفع ثمنه الفتيات ولا علاقة له بحق وحقوق وأعراف وتقاليد ودين ومذهب! هذا القسر الذي مسؤولة عنه بدرجة مباشرة هم انفسهم، أي السلطة الطائفية البغيضة.
تحت هذا الضغط، يرد آخرون: "أنت لست مجبراً، بوسعك أن تختار المذهب الذي تريد أن تسير عليه حياتك الشخصية أو تسير وفق قانون الأحوال الشخصية القائم"! لنترك هذا الكذب والمهدانة جانباً، من المؤكد أنَّ الأغلبية الساحقة ليست مجبرة، ولكن المسالة أكبر من هذا، إنَّها ليست على استعداد للقبول أن يكون مصير الفتيات والنساء والأخريات هكذا. ليسوا على استعداد لجعل الفتيات على سلوك هذا السبيل لأن، بالصدفة، أن هناك شخصاً ما، اسمه ولي أمرها أو زوجها، أن يقرر لها حياتها ومصيرها. يتصوروا انهم اقنعونا بهذا التبرير، "ما لك والآخرين؟! قرر ما تشاء على ابنتك، ولكن دع الآخرين يقررون لبناتهم وفق المذهب". إنَّ الإنسان يلتسع لحياة بني جلدته، وليست حياة ابنته البيولوجية فقط، ان حياة الآخرين ليست سهلة ورخيصة علينا، ولن نستطيع أن نتخذ موقف اللامبالاة تجاهها. قد يكون جوابهم كافياً لأنفسهم، ببساطة لانهم أنانيين لحد المرض، من أجل مصالحهم الضيقة وهم على استعداد لسحق عشرات الملايين من الفتيات والنساء. أنتم لستم نحن. أخلاقياتكم ليست أخلاقيات سائر المجتمع. لن نقبل بتسيير حياة وقوانين الحثالة على بنات ونساء مجتمع مدني متطلع للحرية والرفاه.
لم يقف هذا التراجع عند هذا الحد. بل وبسبب ضغط موضوعة ال (9) أعوام، نسمع أصوات تتحدث عن "من قال أن عمر عائشة كان تسعة أعوام حين تزوجها محمد؟! بل وبحسبة معينة يصلون الى نتيجة أنَّها كانت لا تقل عن 18 عام" وان هذا التاريخ والبخاري وفلان خاطئين"! اذا الأمر كذلك، شكراً لكم تحدثوا عن 18 إذاً!!! أي زيف هو التاريخ، ومن أجل حفظ ماء وجه معتقداتهم مستعدين على لعمل كل شيء ومن ضمنه، تغيير التاريخ. لا بأس من تغيير التاريخ طالما أن لا يمكن الدفاع عنه أمام وقائع العالم المعاصر. ألم يقفز البابا يومياً ببدعة تنفي الدين والرب وكل شيء!
إن كانت هذه الحملة المضادة مدينة لمدنية المجتمع، فان السبب الأكثر أهمية هو تنامي الحركة النسوية في العراق، وان دور وبروز المرأة وظهورها بهذا الشكل مدين في جانب كبير منه الى انتفاضة تشرين! فالمرأة بعد تلك الانتفاضة لا تضاهى. إنهنَّ أكثر جسارة وشموخاً وتصدياً وإدراكاً لحقوقهن اليوم أكثر من أي وقت مضى.
أهداف!
ولكن مع هذه الدعوات، رأينا هذه المرة وقد اصطف الاطار التنسيقي دفاعاً عن المشروع وأيده. فما الذي يدفع الإطار الى خطوة مثل هذه في هذا الوقت، بصورة مخالفة للمرات السابقة التي اتخذ موقف الصمت؟! صحيح أنَّ التيارات الإسلامية تتعقب أسلمة المجتمع، إلا أن خطوة الإطار هذه تُعدّ من جهة تنافساً مع التيار الصدري، التيار الذي جلب بالأمس مشروع "يوم الغدير" كعطلة وأقرّه البرلمان. انه تنافس من أجل كسب أكثر أقسام المجتمع تخلفاً ورجعية، وبالأخص هم مقبلون على انتخابات، إنَّهم يتنافسون على الاستعراض بوصفهم أكثر المدافعين عن "الشيعة" و"الشيعية" وكسب ود المراجع، وأن يكون لهم صيت عالٍ بين الآخرين!! كل يتعقب أهدافه الوضعية على حساب ملايين البشر. انهم من الأنانية بحد انهم على استعداد لنحر المجتمع من لأجل مصالح ضيقة ومريضة، ليست حياة عشرات الملايين من البشر، بشر بلحم ودم وطموحات وأماني، بلعبة!
في الوضعية السياسية الراهنة في العراق والتطورات الكبيرة الجارية على المنطقة، يتعقبون أساساً تثبيت أركان سلطتهم وحسم الهوية الطائفية الشيعية بوصفها الهوية السياسية للبلد، إنهم ينشدون دولة واضحة المعالم من حيث الهوية بوصفه جزءاً مهماً من ترسيخ أركان هذه السلطة. وهو الأمر الذي سعوا أليه من اليوم الأول، ولكن ميزان القوى والصراعات لم تمنحهم الفرصة لتثبيت ذلك. ومع التغيرات الجارية في اللوحة السياسية، يرون أن هذه الفرصة قد حانت. ولكن هيهات أن يكون لهم ذلك. في العراق، ثمة قوى اجتماعية حية ليست على استعداد أن تدع حثالة من مثل هؤلاء أن يرسموا مصير مجتمع مدني وعصري.



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى أين تمضي هذه -الحثالة- بالمجتمع؟!
- منصور حكمت وقضية فلسطين
- كذبة -الأغلبية-
- القومية عار على البشرية فعلاً!
- أيام تنذر بالخطر!
- فلسطين: حلّ -الدولة- أم -الدولتين-؟!
- من قال انها حرباً على حماس؟!
- هل -التقصير- فعلاً هو -المذنب- في فاجعة الحمدانية؟!
- ثمة مصلحة للنظام الراسمالي في بقاء النزعة الذكورية!
- لن يفيدكم الخلط المغرض للقضايا!
- منصور حكمت ومنهجية الحرب (القسم الثاني والاخير)
- (حول حرق القرآن في السويد)! حرية التعبير بدون أي قيد وشرط!
- منصور حكمت ومنهجية الحرب: (الجزء الاول)
- انتخابات تركيا: صراع فاشيتين إسلامية-قومية وقومية-أتاتوركية!
- بقاء (8) من اذار يعني ان الظلم ضد المراة والنضال ضد هذا الظل ...
- حول العشائرية.... وحمامات الدم في مدن العراق!
- مكاسب انتفاضة جماهير ايران!
- حول سمات هبّة جماهير ايران
- شكرا لكم -لطفكم-، ولكن لتكف اياديكم عن النساء!
- كيف أطاح نضال المرأة في إيران، بـ-صروح- نظرية بالية؟!


المزيد.....




- بعد تصريحات والز.. ترامب يؤكد على موقفه من حظر الإجهاض على م ...
- -مصاص الدماء-.. نشطاء يعلقون على هروب متهم بقتل 42 امرأة من ...
- بطريقة بسيطة.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت 2024 بالجزا ...
- يالولو فيه نونو ???? نــزل تردد وناسة الجديد 2024 نايل سات ب ...
- السجينات السياسيات في المعتقلات الإيرانية يناضلن ضد عقوبة ال ...
- الادعاء الفرنسي يطالب بمحاكمة نجم كبير بتهمة اغتصاب ممثلة شا ...
- مكتب المدعي العام في باريس يطالب بمحاكمة الممثل الشهير ديبار ...
- تخفيف الحكم على المتسبب في قتل حبيبة الشماع
- هل تصبح كامالا هاريس أول امرأة ترأس أميركا وتحقق الحلم الهول ...
- شاهد: انتشال خامس جثة من يخت الملياردير البريطاني قبالة جزير ...


المزيد.....

- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فارس محمود - إلى أين تمضي هذه -الحثالة- بالمجتمع؟! الجزء الثاني