ديار الهرمزي
الحوار المتمدن-العدد: 8077 - 2024 / 8 / 22 - 12:38
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
أقدم هجرة في تاريخ هي هجرة من وسط آسيا إلى شمال الشرق آسيا ثم إلى ألاسكا عبر المضيق بيرينغ قبل ٤٠ الف سنة حسب المؤرخون
الهجرة وسط آسيا إلى أمريكا الشمالية عبر مضيق بيرينغ تُعد من أقدم وأهم الهجرات البشرية في التاريخ.
يُعتقد أن هذه الهجرة بدأت منذ حوالي 20,000 إلى 40,000 سنة وربما في فترة أقدم وفقًا لبعض التقديرات.
خلال العصر الجليدي الأخير كانت الأرض في حالة مختلفة تمامًا عما هي عليه اليوم بسبب انخفاض درجات الحرارة كان جزء كبير من مياه الأرض محبوسًا في الأنهار الجليدية مما أدى إلى انخفاض مستويات سطح البحر بنحو 120 مترًا عن مستوياتها الحالية.
هذا الانخفاض كشف عن جسر بري طبيعي يعرف بـ بيرينغيا الذي امتد عبر مضيق بيرينغ وربط بين شمال شرق آسيا (ما يعرف اليوم بسيبيريا) وشمال غرب أمريكا الشمالية (ما يعرف اليوم بألاسكا).
كان جسر بيرينغيا عبارة عن منطقة واسعة تشمل أجزاء من سيبيريا وألاسكا المعاصرة يمتد عرضها مئات الكيلومترات.
هذه المنطقة لم تكن مغطاة بالجليد على الرغم من برودة مناخها وكانت تحتوي على نظام بيئي غني بالمراعي مما دعم وجود حياة حيوانية وفيرة مثل الماموث والبيسون التي كانت مصدر غذاء رئيسي للبشر الذين عبروا هذه المنطقة.
الهجرة عبر بيرينغيا لم تكن بالضرورة حدثًا واحدًا أو حركة مفاجئة بل كانت سلسلة من الهجرات التدريجية التي استمرت على مدى آلاف السنين.
السكان الأوائل الذين عبروا هذا الجسر البري كانوا من صيادي وجامعي الثمار الذين تبعوا الحيوانات البرية التي هاجرت عبر بيرينغيا بحثًا عن مراعي جديدة.
مع مرور الوقت بدأ هؤلاء البشر في الانتشار جنوبًا عبر أمريكا الشمالية، وصولًا إلى أمريكا الوسطى والجنوبية.
الدلائل على هذه الهجرة جاءت من خلال دراسات متعددة تشمل علم الآثار، علم الوراثة، والأنثروبولوجيا.
أدوات حجرية وبقايا عظمية تعود إلى البشر القدماء تم اكتشافها في مناطق مختلفة من أمريكا الشمالية وتشير إلى وجود البشر في هذه القارة منذ ما يقرب من 15,000 إلى 20,000 سنة.
على سبيل المثال موقع مونت فيردي في تشيلي يعود تاريخه إلى حوالي 14,500 سنة وهو من أقدم المواقع المؤكدة لوجود البشر في الأمريكيتين.
دراسات الحمض النووي للسكان الأصليين في الأمريكيتين أظهرت أن معظمهم يعودون في أصولهم إلى مجموعة جينية مرتبطة بسكان شمال شرق آسيا.
هذه الأدلة الجينية تدعم النظرية القائلة بأن السكان الأصليين للأمريكيتين هاجروا عبر مضيق بيرينغ من آسيا.
على الرغم من أن نظرية الهجرة عبر مضيق بيرينغ هي الأكثر قبولًا إلا أن هناك نقاشات مستمرة حول توقيت هذه الهجرة وطرق الانتشار.
بعض النظريات تقترح هجرات إضافية عبر طرق بحرية على طول السواحل بينما تشير اكتشافات جديدة إلى أن الهجرة قد تكون حدثت في وقت أقدم مما كان يعتقد سابقًا.
هذه الهجرة تعتبر من أهم الأحداث في تاريخ البشرية لأنها أدت إلى انتشار البشر في قارات لم تكن مأهولة من قبل وتشكيل تنوع ثقافي وبشري واسع في الأمريكيتين.
تأثير هذه الهجرة لا يزال ملموسًا في التنوع الجيني والثقافي لسكان أمريكا الأصليين حتى اليوم.
انهم من أصول العرق المغولي التوركي بالرغم من طول الفترة الهجرة
يشير العديد من الباحثين إلى أن المهاجرين الذين عبروا جسر بيرينغيا إلى الأمريكيتين قبل آلاف السنين كانوا من أصول عرقية مرتبطة بالشعوب المغولية والتوركية في شمال شرق آسيا و خاصة العنصر التتري.
السكان الذين هاجروا من سيبيريا إلى أمريكا الشمالية يُعتقد أنهم كانوا جزءًا من مجموعة سكانية كبيرة تنتمي إلى الشعوب الآسيوية الشمالية وتحديدًا المغولية والتوركية.
هؤلاء السكان كانوا يمتلكون صفات جسمانية مميزة مثل البشرة السمراء أو الصفراء والعيون المائلة والبنية الجسمانية القوية وهي صفات تُرى بشكل ملحوظ بين السكان الأصليين في كل من سيبيريا والأمريكيتين.
رغم أن هذه الهجرة حدثت قبل عشرات الآلاف من السنين إلا أن التأثير الجيني والعرقي لهؤلاء المهاجرين ظل قائمًا عبر الأجيال.
الدراسات الجينية الحديثة تظهر أن الحمض النووي للسكان الأصليين في الأمريكيتين يحمل تشابهات واضحة مع حمض نووي للسكان الحاليين في شمال شرق آسيا، مما يؤكد وجود صلة جينية مباشرة.
رغم مرور آلاف السنين احتفظ السكان الأصليون في الأمريكيتين بقدر كبير من السمات الجينية والعرقية لأسلافهم الآسيويين.
هذا يرجع جزئيًا إلى العزلة النسبية التي عاشتها هذه المجموعات بعد وصولها إلى الأمريكيتين بالإضافة إلى البنية الاجتماعية والثقافية التي ساعدت في الحفاظ على الهوية العرقية على مر العصور.
على الرغم من وجود تأثيرات جينية أخرى نتيجة الهجرات المتأخرة والاستعمار الأوروبي فإن الأصول العرقية المغولية والتوركية للسكان الأوائل في الأمريكيتين تظل جزءًا مهمًا من فهم التاريخ البشري وتوزيع السكان في العالم.
يُعد فهم هذه الجذور العرقية جزءًا أساسيًا من دراسة علم الإنسان والتاريخ البشري حيث يعكس هذا الانتشار كيف تمكن البشر من التكيف مع بيئات متنوعة وانتشروا عبر مختلف القارات.
هناك العديد من الأدلة التي تشير إلى الأصول الآسيوية الشمالية (المغولية والتوركية) للسكان الأصليين في الأمريكيتين والمعروفة باسم الهنود الحمر بما في ذلك السمات الجسمانية والثقافية والدينية.
الهنود الحمر يمتلكون ملامح جسمانية تميزهم وتشبه إلى حد كبير تلك الموجودة لدى الشعوب المغولية والتوركية في شمال شرق آسيا.
تشمل هذه الملامح العينان المائلتان هذه السمة شائعة بين الشعوب المغولية والتوركية وتظهر بشكل واضح بين العديد من السكان الأصليين للأمريكيتين.
لون البشرة لدى الهنود الحمر يميل إلى درجات اللون السمراء والصفراء التي تُشاهد أيضًا لدى شعوب شمال شرق آسيا.
يتمتع الهنود الحمر ببنية عظمية مشابهة لتلك الموجودة لدى الشعوب الآسيوية الشمالية بما في ذلك الجمجمة ذات الشكل المستدير.
إحدى الأدلة الثقافية المهمة التي تشير إلى هذه الأصول المشتركة هي الممارسات الدينية والروحية مثلا الشامانية.
الشامانية هي ممارسة روحية تتميز بالاعتقاد في وجود أرواح في الطبيعة والتواصل مع العالم الروحي من خلال الشامان أو الكاهن.
هذه الديانة كانت ولا تزال شائعة بين العديد من الشعوب الأصلية في سيبيريا وآسيا الوسطى وكذلك بين العديد من القبائل الهندية في الأمريكيتين.
هناك تشابه كبير بين الطقوس الشامانية التي تمارسها الشعوب الآسيوية والشامانية التي مارسها الهنود الحمر مثل استخدام الطبول والرقصات الطقسية والتواصل مع الأرواح من خلال حالات الوعي المتغيرة.
العديد من الرموز والتقاليد المرتبطة بالشامانية مثل التقديس للطبيعة والحيوانات والأدوات المقدسة مثل الطبول والأقنعة يمكن العثور عليها في ثقافات الهنود الحمر مما يعزز فكرة الأصول المشتركة.
بجانب السمات الجسمانية والدينية، تدعم الأدلة الأثرية والجينية هذه النظرية:
تطابقات واضحة بين الحمض النووي للسكان الأصليين في الأمريكيتين وتلك الموجودة لدى شعوب شمال شرق آسيا مما يؤكد أن هؤلاء السكان قد هاجروا من تلك المنطقة.
الأسلحة والممارسات الفنية بين الآثار الموجودة في سيبيريا وأمريكا الشمالية تشير إلى تقاليد ثقافية مشتركة.
من خلال دمج الأدلة الجسمانية والثقافية والدينية نجد أن هناك روابط قوية بين السكان الأصليين في الأمريكيتين والشعوب المغولية والتوركية في شمال شرق آسيا.
هذه الروابط تعزز النظرية القائلة بأن الهنود الحمر ينحدرون من شعوب هاجرت عبر جسر بيرينغيا إلى الأمريكيتين قبل آلاف السنين هذه الهجرة لم تنقل فقط البشر بل أيضًا معتقداتهم وثقافاتهم التي استمرت وتطورت في العالم الجديد.
المراجع...
Colburn، Forrest D (2002). Latin America at the End of Politics. دار نشر جامعة برنستون. ISBN:978-0-691-09181-5. مؤرشف من "latin+america+at+the+end+of+politics"&pg=PP1 الأصل في 2020-04-23. {{استشهاد بكتاب}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
"Latin America." قاموس أكسفورد الإنجليزي الجديد. Pearsall, J., ed. 2001. Oxford, UK: Oxford University Press p. 1040: "The parts of the American continent where Spanish´-or-Portuguese is the main national language (i.e. المكسيك and, in effect, the whole of أمريكا الوسطى and أمريكا الجنوبية including many of the الكاريبي islands)."
CIA - The World Factbook نسخة محفوظة 4 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
GDP (PPP) estimates for 2010 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
Mignolo، W-alter-(2005). The Idea of Latin America. Oxford: Wiley-Blackwell. ص. 77–80. ISBN:978-1-4051-0086-1. مؤرشف من الأصل في 2020-03-05.
McGuiness, Aims (2003). "Searching for Latin America : Race and Sovereignty in the Americas in the 1850s" in Appelbaum, Nancy P. et al. (eds.). Race and Nation in Modern Latin America. Chapel Hill: University of North Carolina Press, 87–107. (ردمك 978-0-8078-5441-9)
América latina o Sudamérica?, por Luiz Alberto Moniz Bandeira, Clarín, 16 de mayo de 2005 نسخة محفوظة 27 مارس 2010 على موقع واي باك مشين.
Torres Caicedo, José María (1856). Las dos Américas (poema) نسخة محفوظة 22 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
