أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي ابوحبله - المثقفون التضليل يون














المزيد.....

المثقفون التضليل يون


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8075 - 2024 / 8 / 20 - 12:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إعداد وتقرير المحامي علي ابوحبله
يذهلني كل اولئك المثقفين والخبراء الذين لا يتورعون عن اللجوء الى حجج مخادعة، وعن إطلاق الأكاذيب، من أجل حصد التأييد. تبدو وقاحتهم وانعدام ذمتهم بلا حد، وتشكل ورقة رابحة، وبدلا من مقابلتهم بالاستهجان العام يقابلون بمزيد من التهليل،، هكذا يستهل باسكال بونيفاس كتابه قبل أن يشير إلى نوعين من المثقفين ممن يقصد ويسمي الفريق الأول منهم المثقفون المزيفون الذين لكي يتمكنوا من إقناع المشاهدين أو المستمعين أو القراء يلجأون إلى حجج هم أنفسهم لا يصدقونها. قد يؤمنون بقضية لكنهم يعمدون إلى وسائل غير شريفة للدفاع عنها. أما الفريق الثاني ويعتبرهم بونيفاس أسوأ من الفريق الأول فهم المثقفون المرتزقة الذين، على حد وصفه، لا يؤمنون بشئ سوى أنفسهم، ويتظاهرون بالانتساب إلى قضايا، ليس لقناعتهم بصحتها، بل لأنها في تقديرهم واعدة ولها مردود مهم وتسير في اتجاه الرياح السائدة.
ويرى المؤلف أن كلا الفريقين يدرك مخالفته للأمانة الفكرية لكنه لا يعبأ بها لأن الغاية تبرر الوسيلة ولأنهم يرون أن الجمهور العريض ليس ناضجا بما يكفي، وبالتالي يمكن توجيهه ولو بوسائل لا تنطبق عليها معايير الأمانة. كما يرى أن أعضاء الفريقين، المزيفين والمرتزقة لا تتعرض وسائلهم للعقاب، لأن الكذب لم يعد سببا لفقدان الأهلية. »فمن الحماقة عدم الاستفادة من ذلك«.
مع ذلك يؤكد المؤلف أن الجمهور في النهاية يفهم في النهاية حقيقة الأمور، ولو خدع جانب منه في البداية فإنه يفهم الحقائق في النهاية.
يستعرض باسكال بونيفاس بعض الأسباب التي سهلت ظهور فئة المثقفين المزيفين موضحا أن الإعلام بأشكاله المعاصرة يتحمل جانبا كبيرا من ذلك، و مشيرا إلى أنه فى السابق حين كان أحد عمالقة الفكر مثل سارتر أو غيره يودون طرح قضية ما فإنهم كانوا يقومون بتأليف كتاب في الموضوع، أما الآن فهم يفضلون الظهور في وسائل الإعلام، بدلا من إنجاز منتج فكري حقيقي. ويرى بالتالي أن المعايير اختلفت، إذ أصبحت الصورة مفضلة على اللغة. من يبدو ظريفا ومن يجيد التعبير عن نفسه مفضلا عمن يفكر على نحو سليم ومتسق. وتزامن هذا مع الدخول القوي للأخلاق في الأجندة الدولية، بالإضافة إلى العولمة وتطور وسائل الاتصال، واعتبارا من تلك اللحظة لم يعد هدف الخبراء والإعلاميين إعلام الجمهور بل بالعكس؛ التأثير عليه لمصلحة بعض الداعمين أو الرعاة . ويصف بونيفاس ذلك بأنه خيانة جديدة وجوهرية يقوم بها المثقفون. يتحول الوصول إلى الرأي العام بالنسبة لهم إلى وسيلة لتسويق أنفسهم. فهم يستخدمون الجمهور ولا يضعون أنفسهم في خدمته.
أما الأسوأ من ذلك فهو عندما تتحول النزعة الأخلاقية إلى مكارثية حقيقية. حيث يميل البعض الى اعتبار الخصم كائنا لا أخلاقيا، يجب محاربة حججه وحتى منعها(..) وهم بتصرفهم على هذا النحو يغادرون الجدل الفكري ليدخلوا في نوع من الإرهاب الفكري. يضرب الكاتب عددا من الأمثلة على ما يمارسه من يسميهم المثقفين المزيفين في فرنسا من تضليل إعلامي تجاه كل ما يخص العرب والمسلمين، بدعوى محاربة الإرهاب حيث أصبح الدفاع عن إسرائيل يمر بشيطنة الفلسطينيين والتوسع إلى شيطنة العرب والمسلمين بعد الربط بينهم وبين الإرهاب على نحو لا يقبل التفريق. والهدف كما يراه المؤلف أن يكف المراقبون عن انتقاد الاحتلال والقمع الذي يتعرض له الفلسطينيون.
كما يرى أن الذين يقومون بفضح ما يسمونه الاسلام الفاشي يفعلون ذلك لنجدة مجمعات الصناعة العسكرية التي ازدهرت عن طريق تشجيع سباق التسلح لا سيما فى أثناء الحرب الباردة.
وفيما يتعلق بممارسات من يسميهم المزيفين في وقائع الربيع العربي يعلق المؤلف قائلا:
شرحوا لنا من قبل بأن تأخر هذه البلدان الذي لا شك فى أنه فطري جعلها محكمة الإغلاق في وجه الديمقراطية. كان ذلك يبرر الحرب من أجل تحرير هذه الشعوب من حكامها الطغاة، مثلما حدث في العراق. تحرر شعب تونس وشعب مصر بنفسيهما. إنه الموت الثاني للمحافظين الجدد. هذا يبرهن أن الديمقراطيات تتشكل من الداخل.
يخصص الكاتب قسما تاليا في الكتاب لعدد من الشخصيات الإعلامية في فرنسا ممن يرى أنهم مارسوا التضليل الإعلامي على حد وصفه. وهم: الكسنر آدلر، المحاور في احدى القنوات الفرنسية، كارولين فوريست، الاعلامية والصحفية والناشطة المدافعة عن حقوق المرأة، محمد سيفاوي الصحفي الذي يؤيد إسرائيل على حد قول الكاتب، تيريز تلبش مديرة الشئون الاستراتيجية في وكالة الطاقة الذرية، فريدريك إنسل الذي يقدم نفسه بوصفه خبيرا في شئون الشرق الأوسط، فرانسوا هزبورغ، مستشار وزير الدفاع الاسبق، فيليب فال الإعلامي والصحفي، وبرنار هنري ليفي، المفكر الذي يخصه الكاتب بتاريخ مفصل منذ بداية ظهوره وحتى اليوم.
خلال هذه التفاصيل يتعرف القارئ ليس على ما يرى الكاتب أنه تورط من تلك الأسماء فيما يسميه التضليل الإعلامي، فقط، بل وأيضا على الكثير من القضايا التي لا تخص فرنسا فقط بل والعرب بشكل عام لأنها تتعلق بوقائع مثل الكاريكاتير المسىء للنبي محمد مثلا، وفكرة الحجاب، وحرب العراق.
لكن ما يبدو مذهلا حقا هو تعرض المؤلف لتوضيح ان بعض هؤلاء المذكورين يتحول إلى قوة مؤثرة على الإعلام والنشر بفضل شبكات العلاقات، تمنع انتقادهم بل وقيام بعض المحررين او الناشرين بنوع من الرقابة الذاتية في الإعلام لكل ما قد يتعرض لهم.
قراءة هذا الكتاب في الحقيقة هي بمثابة قراءة موازية للواقع الإعلامي العربي ، فكل مما يذكر في الكتاب في الحقيقة يحيل على تفاصيل واقعنا الإعلامي بشكل مثير. ولعل هذا جانب كبير من أهمية هذا الكتاب، لكنه في الوقت نفسه يوضح أيضا كيف أن الأزمة الإعلامية اليوم طالت حتى أعتى الديمقراطيات مثل فرنسا ما يجعلنا نعيد تأمل فكرة الديمقراطية بالفعل ، ومدى حقيقة وأصالة صورة ما نطالب به اليوم من ديمقراطية، إذ كيف لديمقراطية حقيقية أن تفرز إعلاما مزيفا؟ بصياغة أخرى كيف تنقى الديمقراطية من عوامل تزييفها؟



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلينكن في إسرائيل لصفقة الآن ؟؟؟؟؟
- الخلافات -لا تزال عميقة- في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
- مفاوضات وقف إطلاق النار تستأنف الأسبوع المقبل ؟؟؟؟؟
- خطاب ابومازن والعودة للتاريخ ؟؟؟؟؟
- الدوحة تحتضن جولة مفاوضات حاسمه ؟؟؟ وهوكشتين يحذر حزب الله ب ...
- بن غفير يشعل حرباً دينية
- التطهير العرقي.. فلسفة إجرامية قام عليها الكيان الصهيوني
- - نتنياهو يناور - والتنازل مستبعد ولا صفقه تلوح في الأفق
- مذبحة حي الدرج عن سبق إصرار وترصد وفي إطار جريمة الإبادة الج ...
- هل تنجح جهود الوساطة بكسر الهوة والتوصل لوقف إطلاق النار
- اختيار السنوار رئيس لحركة حماس تحمل العديد من الدلالات والرس ...
- خراب الهيكل.. مناسبة جديدة لتصعيد العدوان والإمعان في تهويد ...
- كيف سترد إيران على اغتيال إسماعيل هنية ؟؟؟؟
- هل انتهت مفاوضات الهدنة حول صفقة تبادل الأسرى
- يتطلب رؤيا وإستراتيجية في ظل عدم قدرة السوق المحلي على استيع ...
- الشرق الأوسط على بعد خطوات من الحرب الكبرى ونتائجها ستحدد ال ...
- مطلوب تأمين الحماية للشعب الفلسطيني ؟؟؟
- نتنياهو يدفع المنطقة للحرب الاقليميه ؟؟؟؟ دون حساب للربح وال ...
- نتني اهو يدفع بالمنطقة للحريق الكبير ؟؟؟؟؟ والمنطقة مفتوحة ع ...
- عمليات الاغتيالات نجاح تكتيكي وإخفاق استراتيجي


المزيد.....




- لماذا يجب أن يخرج الدعم السريع من المدن؟
- بالصور.. الاستيطان يتغلغل في الأحياء المقدسية
- عاجل| الحزب الديمقراطي يعتمد رسميا كامالا هاريس لخوض انتخابا ...
- احتجاجات غزة أمام مؤتمر الديمقراطيين.. هاريس تواجه ضغوطا قد ...
- من الدوحة.. بليكن يؤكد أن -الوقت داهم- لإبرام اتفاق لوقف إطل ...
- رسميا.. الحزب الديمقراطي يعتمد هاريس لخوض السباق الرئاسي
- روسيا تتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا بالمشاركة في ا ...
- روسيا تتهم أجهزة مخابرات غربية بالإعداد لتوغل أوكرانيا في كو ...
- وفاة أكبر معمرة في العالم ماريا برانياس موريرا عن عمر ناهز 1 ...
- 52 شهيدا بغزة والمقاومة تستهدف قوات الاحتلال بكمائن نوعية


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي ابوحبله - المثقفون التضليل يون