أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل















المزيد.....



رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل


كاظم حسن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 8075 - 2024 / 8 / 20 - 00:02
المحور: الادب والفن
    


رنين المعول
رؤى نقدية لافاق متنوعة
كاظمحسن سعيد






ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اضاءة من اعلى التل ج 1
( دراما الافكار في روايات انّي ارنو).
اعلن قبل ايام عن فوز الكاتب الفرنسية اني ارنو بجائزة نوبل لسنة 2022.
حول روايتها
بعيدا عن التوغل بالبلاغة ,والاسلوب المركب .. وتحاشيا للقضايا الحياتية الكبرى ., تمكنت الكاتبة الفرنسية ارنو من الدخول الى التاريخ بجدارة.وسيساعد توفر ثماني ترجمات بالعربية من رواياتها على دراسة اسلوبها ..ويظهر ان احد اسباب تتويج انّي بالجائزة هو ما تعرض لها المشرفون عليها من انتقادات وهزات واضافة نقاد جدد اليهم .
تقول ارنو : «يبدو لي وبعد أن اجتزت زمن العمل المكثف، زمن الزواج والإنجاب، وبعد أن دفعت غرامتي بأكملها للمجتمع، ها أنا أنذر نفسي للأساسي، الذي لم اعد أراه منذ المراهقة». وتقول «حتى الاستعارات الأكثر استعمالا واهتراء كانت قد عيشت، ذات يوم، من قبل أحد ما». يبدو لي ان في هذين العبارتين للكاتبة مفتاحا لتفهمها , فما هو الاساسي الذي لم تعد تراه والسياق يؤكد انها قد رأته ابان المراهقة ,فان كانت الترجمة دقيقة وارجح ذلك , فهذا يعني انها جربت وخبرت ذلك الذي تسميه ...انها تلك الاحاسيس العميقة التي لا تصنف بانها بطولات او مواضيع كبرى .. هي ليست اطروحات دستوفسكي بالجريمة والعقاب والاخوة كرامازوف .. ولا تقاطعات الموت لسيراماغو ..ليست هاملت ولا الارض الخراب لاليوت ..ولا ترسيخ قوة الارادة لهمنكواي .. <الاساسي > حسب اني ارنو هو تلك التوترات التي يولّدها اليومي وربما ما يعدونه عابرا (الاجهاض ... سرطان الثدي .. رسم صورة مثالية للاب .. تمجيد الام .. العلاقات الحميمية بين الرجل والمرأة ... الغيرة ...).
تقول ارنو :(ما من كلمة من كلماته بدون قيمة ...كل جملة كانت مادة لفك طلاسم لا تتوقف... هنا يتم طرح مفهوم اخر لدور اللغة .. لقد تغير المنظور لتركيباتها وتحولت الجمل التي يطلقها تفهم على انها (يحبني او يحبها ). انها تبذل اقصى جهد فكري وتبتكر اشد الحجج ثعلبية وغرابة لتقنعه ليعود اليها وان يكونا معا ثانية وذلك هو المنقذ الوحيد من الفخ الذي اوقع نفسه فيه مع زوجته الجديدة ... هذا النشاط الفكري المتسعر الذي يهدأ نهارا ليعاود نهشه في وجدانها وعقلها ليلا ... كل تلك الاساليب البلاغية التي تبتكرها لمواجهته يمسحها هو بجملة واحدة ربما يطلقها ببرود وبلا توتر <لا اريد احدا ان يمارس الضغط عليّ ).
حين نوصّف كتابات اني ارنو بانها تنتمي الى ( تيار التخييل ) فهذا ليس كافيا لانه يفتقر للدقة أول من استعمل هذا المصطلح الكاتب والناقد الفرنسي شارل دوبروفسكي ..فقد جنس روايته (أبناءfils ) سنة 1977 .. وجاء على الغلاف وسم «رواية»، ثم في الصفحة الرابعة يؤكّد: «قصّة، أحداث ووقائع حقيقية بحتة، إذا كنّا نريد، تخييلا ذاتيا، أن نعهد لغة المغامرة لمغامرة اللغة»،. الحكم الادق حسب ما استنتجت بان (دراما الافكار ) هو التوصيف الاقرب لاضاءة كتابات اني ارنو .فرواية الاحتلال زاخرة بصراع الافكار اكثر من الاحداث ..
منذ البداية تعترف الكاتبة بان من الوهم ان تأتي الحقيقة بعد الموت ..كان عليها ان تواجهها بجرأة وشجاعة ..ان تجد حلا لازمتها الفوارة التي كانت تهلكها, ان تفلت من قبضة الجحيم الذي وضعت نفسها فيه .. فهي من اختارت الانفصال عن زوجها بعد ست سنوات لا طلبا للحرية بل انقاذا من الملل .لكن الملل والرتابة لا تشكلان ازمة زوجية تفرض الانفصال ...لكنها فضلت هذا الخيار ..اعمق ما فيها انها احبت ان تمسك ب (سلاح ) الرجل عند الاستيقاظ معتقدة بانه منقذ من التيه بهذا العالم .. هو الحصن الاشد امام عواصف الحياة .. لكن زوجها الان في سرير امراة اخرى .. من هنا يبدأ الاشتعال الوجداني والعقلي .حتى المجتمع الفرنسي المتفتح لم يحتمل جرأة ارنو ..فالافكار الايروسية طاغية ولم تبق نقطة فضائحية في الظلمة .الانسان عاريا امام هيمنة الجرأة .
بعد الانفصال اخذا يتهاتفان ويلتقيان والامور تجري باعتيادية وتقبل الامر , لكنها مذ اخبرها بانه سينتقل لشقة اخرى مع امراة هنا تغير نظام اللعبة ورات نفسها تفكر بتلك المراة لحظويا واثارت فيها طاقة ومصادر ابداع لم تتوقع انها ستبلغها يوما . انها احتلتها تماما .اصبح التفكير بها مركز الكون .
الرقم 47 شكل منعطفا في حياتها مذ اخبرها طليقها بان زوجته الاخرى ( معلمة تبلغ 47 عاما ) . وكمن يجد اكواما من اوراق ممزقة فيحاول ان يستعيد منها رسالة مهمة .. حاولت بطلة ارنو ان تشكل كائنا اجتماعيا وفيزياويا لغريمتها .. حقدت على كل المعلمات وهي منهم .. حدّقت بالنساء الاربعينيات في الباصات باعتبارهن عدوات ساخرات منها ..
(اروع ما في الغيرة انها تملأ المدينة , العالم بكائن لا يمكن ان نلتقيه ابدا . ). في شريط الذكريات الذي تستعرضه لحظات الهدنة : سهرة ..عطلة .. حفلة عيد الميلاد .. تاتي تلك المرأة لتثقب صدرها . يا للجحيم . لقد اصبحت مملوكة امراة لم ولن تراها .
صادفت شخصيا حالتي غيرة : احداهن قالت كيف انام وانا اتخيل لحظويا في الليل كيف تلمس جسده كيف يقبلها كيف يرقدان وجها لوجه او ظهرا لظهر .. والاخرى بعدما تاكدت من ان زوجها يتلفن لاخرى سرقت مبايله ليلا .. واجرت الاف المحاولات لفك رمزه ونجحت اخيرا قبيل الفجر بذلك .مر بنا في الشعر العربي ذبح بفعل الغيرة ذلك ديك الجن (يا طَلْعَةً طَلَعَ الحِمَامُ عَلَيها وجَنَى لَها ثَمَرَ الرَّدَى بِيَدَيْها
رَوّيْتُ مِنْ دَمِها الثّرى ولَطَالَما
رَوَّى الهَوَى شَفَتَيَّ مِنْ شَفَتيْها.. ). لكنا لم نعرف عمقا وتفصيلا باضاءة الغيرة وتعريتها الا عبر ارنو ,اصبحت صندوقا ترن فيه جميع انواع الالم و لم تفلح بايقاف حفلة الفروسية الشنيعة التي تعانيها . كل معلومة مختزلة تسحبها من زوجها عن تلك المراة تجعلها باحثة من طراز رفيع كمن تعد شهادة دكتوراه . وخلال البحث عن المراة الاخرى تتعمق الرغبة بالقتل تتصاعد اعلى درجات الوحوشية .. لكنها فعلا تطلق عليها النار بالهواء .. متمنية ان نعود للبدائية حيث يخطف الشخص ويقتل بلا خشية من قانون وعقوبة . لكن الكاتبة تدعوني لحالتين حول بطلتها : السخرية او الشفقة .. فهي تقوم بالاتصال بالعشرات من نساء بناية ظنا منها انها ستسمع صوتها .. تلك مسخرة قد تنجب شفقة .. حقا مسكينة .. أي ارادة تحملها لتحتمل كل ذلك الافتراس ؟!.
في ذروة الهوس كدست البراهين لتقنعه بانه وقع في الفخ وعليه العودة لها ...استخدمت المنطق لاقصى حد.. تحولت الى خبيرة جدلية ... في النهاية فضلت ان تقول له (اريد اتزاوج معك لاجعلك تنسى تلك المرأة .
في نهاية الرواية تقدم الكاتبة حلا لمثل هذه الازمات الحياتية لكنه حل خاص يتعذر تعميمه .. وهو ما فعله علماء وادباء ومفكرون :دستوفسكي وماركس وفرويد وغيرهم لكنها بقيت حلولا مرحلية وقاصرة .. وستبقى البشرية لاهثة وراء الحلول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




حول قصيدة النثر
لم تكن قصيدة السياب ( هل كان حبا ) في المسار الحداثوي الذي سينمو ويزدهر الا خطوة اولى ولم تبتعد عن هيمنة الفراهيدي الا قليلا انها تنتسب الى المغامرة الشكلية اكثر من انتمائها الى الشعر الحقيقي الا ان السياب في ديوانه انشودة المطر وقصيدته انشودة المطرفتح افاقا للمغامرة واربك الخطوات الخجلى للتجديد واطلق الشعر من قبضة الخليل المهيمنة.
لم يستطع الباحثون والمؤرخون ان يجيبوا بشكل دقيق على هذا السؤال الخطير (كيف نشا الشعر الحر ) .. حتما كان انعكاسا لتطور اجتماعي وثقافي وسياسي عالمي ومحلي . حتما كانت وراءه مواهب متفردة ولكن الاجابة على السؤال تبقى عصية حتى نكشف الحلقات والوثائق المفقودة .
في العراق جذورنا استفادت من الشعر الانكليزي لانهم كانوا هنا .. في لبنان استفادوا من منجزات الشعر الفرنسي لان الفرنسيين كانوا هناك .
مر الشعر الحديث بمرحلة التسامي فبدأ حيث انتهىت الرومانسية العربية متجاوزا المرحلة اللاحقة ولقد تواجد ونما الشعر الحر في خيمة الفراهيدي قبل ان ينسلخ منها محتفظا باهم مرتكزاتها الشكلية واعني التفعيلة . بعد مرحلة الرواد واجهنا الستينيون بنتاجهم المهم وفتحوا ابوابا جديدة على الصراعين : المشهد الادبي وروح الزعامة .
في العراق كان الشعراء الستينيون الذين سرعان ما انهمكوا في الصراع الذي لا تكمن وراءه الاعمال الادبية وحسب بل والصراع السياسي ايضا وسرعان ما اجهزعلى مجلتهم (الشعر 69 ) واحيلكم الى الكتابين -الروح الحية لفاضل العزاوي و-الموجة الصاخبة - لسامي مهدي ... وسيتجلى لمن فاتته هذه الاشارة التاريخية الصراع الذي ذكرناه بوضوح . في لبنان ظهر ادونيس وزملاؤه ونشروا اطروحاتهم الحداثوية ونتاجهم الواعد وتجمعوا في - مجلة شعر - التي تاخر النقد عن رصدها كثيرا وكان كتاب - افق الحداثة وحداثة النص -لسامي مهدي مشروعا جريئا تبعه كاظم جهاد بعد فوات الاوان بعشرين عاما . الشعراء الستينيون اهتموا بمصطلحي : المجايلة والشباب والذي ستستغله السياسة منذ 69 في العراق وتحرفه لاهدافها وهكذا فالشيخ شيخ وان هرم والشاب يافع وان نضج . كان الستينيون يهدفون الى الزعامة ويدعون بان لا اساتذة لهم وقالوا جئنا لنكتسح الرواد ربما استخدموا المجاز لذلك او الاستعارة او المباشرة الوقحة ودخلوا في صراع مع الكتاب والشعراء في مجلة شعر فاذا اكدوا بانهم الاعلون فسيحتل الزعامة والصدارة في المشهد الادبي العربي كتاب عراقيون معدودون . اين انتهى الستينيون وكيف ستفرز الاصالة عن الادعاء هذا ما يحتاج الى بحث مستفيض وتلميحا اذكر في العراق صدمتنا القصائد الالية وفي لبنان اذهلتنا اطروحة جدار اللغة الذي انتهى عند البعض الى اللغة الدارجة ,وفي جلسة الخميس التي كان ينظمها كتاب وشعراء مجلة شعر قرا ادونيس ابياتا احالت بعض الحاضرين الى شعراء مثل رامبو وبودلير الا انه اشار الى فتى نحيل وقال هذا هو الشاعر وقصد محمد الماغوط وكان شاعرا صادقا وجريئا وطاقة ابداعية فريدة واستطاع الماغوط عبر دواوينه ان يوجه صدمة للذوقية العربية وان يفعل ما فعله السياب مع الفارق وان يثبت بان بامكاننا ان نكتب الشعر الحقيقي دون ان نلتمس العون من العمود الشعري وبحور الخليل بن احمد الفراهيدي لقد تركت الحداثة الشبابيك مشرعة لاية ريح ,عاصفة كانت او نسيما رقيقا عطرة او نتنة تاركة للذوقية المرهفة والكيان الانساني الممتليء حرية الفرز والتحكم , ولكي نكون منطقيين علينا ان نعترف بان الشعر العظيم صدمنا قبل قصيدة النثر الحديث . البحث في قصيدة النثر هو البحث في الشعر وحقيقته وتطوره لهذا لم تكن قصيدة النثر مغامرة شكلية انما ضرورة فرضتها التطور لم تكن منافسا او وحشا للايقاع العربي بل لونا رائعا من الادب الا ان اخطر ما في قصيدة النثر هو انها ان لم ترتق الى الشعر فسيقتل فيها جمال النثر وروح الشعر معا . لن يقودنا الفراغ الى الاصالة فمن لم يهضم الشعر العالمي ويحتوي كنوز الشعر العربي عميقا في روحه ويبتلى بمحنة الموهبة لن يكون شاعرا وان نحر حياته بقوة الوهم .
لم يكن الايقاع في الشعر العربي قالبا جاهزا لقد كان تيارا يتفاعل بحيوية مع كنوز المحتوى ولقد عاصر الهزات والنكسات وعبر عنها. وعندما يتخلى الشعراء عن الايقاع العربي فستكون كتابة الشعر عسيرة . ادعى كتاب قصيدة النثر ومنظروها بانهم لجؤوا اليها تخلصا من النغم الخليلي الرتيب , الا ان الكثير من قصائدهم وقعت في الرتابة ورفع بعضهم راية عزرا باوند الصورية وانتهوا الى قصيدة تتراكم فيها الصور بلا ضرورة كما تتراكم الصور في استوديو العرائس.. اخرون صفقوا لمعادل اليوت الموضوعي وترجلوا في اجواء لا تقود لقضية او رعشة في المشاعر وتم استخدام التكثيف وانتهى الى العقم والثورية قادت الى شعارات جامدة واختصارا اغلب المنجزات في الشعر العالمي حاول شعراؤنا العرب ان يستفيدوا منها ولكنهم واجهوا عسر الهضم و صعوبة التكوين وتوفرت القمصان واختفى النبض الحي الا ان المستثنى من تلك القصائد يثير الدهشة واحيلكم الى مختارات (سلمى الخضراء الجيوسي ) نموذجا لما تؤول اليه البهرجة الايقاعية حين سيقرؤها الاخرون بلا ايقاع , ولا يزال افق عمود الشعر وقصيدة التفعيلة رحبا و المدارس والتيارات الشعرية قابلة للتجديد كما فعل الشعراء الانكليز (الرومانطيقيون الجدد) ومنهم توماس بعد قصائد اليوت المركبة وسيبقى الشعر اقوى محطم للاقفاص نحن لا نستطيع ان نتكهن بما يؤول اليه الشعر الا ان النظرة الفاحصة لتطورات العالم تجعلنا واثقين بان الشعر يتجدد باستمرار ما بقيت المواهب الخلاقة وربما سينقذ الشعر الكثير من منجزات السينما والقوة الدرامية . تصوروا ان بعض المنظرين نفوا المتنبي من جمهورية الشعر وقالوا حكيما وسخر نقاد من شعر المولدين ورمى بعضهم اليوت بالبيض الفاسد .. تصوروا مصير الشعراء الميتافيزيقيين لولا اليوت وكيف استقبل الفرنسيون < جان جينيه > لولا سارتر , لا يمكن للابداع المجدد ان يستقر قبل مرور وقت ناضج وعلينا الا نعالج قصيدة النثر بمعزل عن التاريخ الشعري وتطورات العالم .. اعطني موهبة حقيقية اونصا مخلصا واكتب كما تشاء عندئذ ساتشرف بان انحني لك .

ـــــــــــ
نهاية فاجعة لشاشة سينما - محمود البريكان
مبكرا تعلق البريكان بالعروض السينمائية .. يذكر صديقه ايام الشباب رشيد ياسين : <ان البريكان كان يضغط على يدي لافتا ان ظهرت في الفلم لقطة جاذبة > ( 1).
تبدا القصيدة لوصف مكان ما - مخزن الأمتعة
والأثاث القديم -مكان يتمكن منه السكون ..سكون عميق حتى انه يتنفس.. مكان يدعوك للتفكير بالمتغيرات ..بقبضة الزمن وتمكنه منا فهو -الزمن -يتساقط كغبار . سريعا يهمل الشاعر هذا المكان :قريبا سيعود اليه :ويضعك امام الشعاع الذي سينقلك الى عمق التاريخ..الى بلاد الكنوز ... المدن المهيبة ..المغامرات .... ورجال الفروسية الاولين ... وبعدما يرسم لوحات عما تبثه الشاشة من جمال وما تثيره من بهجة ودموع محركة فيك الخيال لاقصى مدى او داعية روحك للاحساس بالفاجعة يعود للمكان ثانية (السكون وحده يتنفس )... الاشياء اصيبت بعطب وتكسر واضمحلال والوان حائلة وتمكن الصدأ - الزهور الصناعية الشاحبة
الأواني. المعاطف. الأغطية
أطر الصور الفارغة -.. بعدها يعود بنا الى الشاشة (لحظة تتصاعد وشوشة الناس في قاعة العرض
حين تشع حروف(النهاية)...الشاعر يتقن منتجة الموضوع عبر التنقلات بين الشاشة ومخزن الامتعة .. متخليا عن بهرجة المفردات مؤكدا بان الشعر بامكانه ان يكون عميقا دون الاستعانة بقبضة البلاغة ..- اذرع كراسي ناحلة... زهور صناعية ..مدن هائلة ... المغامرة الرائعة .. النساء الجميلات ....-تمكن الشاعر باستخدامة تفعيلة فاعلن مسنودة بقافية غير مطربة ان يضفي جوا من الحزن ويدفعك لتكون في قلب الفاجعة .. وهو يكمل تنقيبه في النهايات منذ نشره المبكر في مجلة الاديب البيروتية 1949..(( وهل غادر الناس أحلامهم وانتهوا؟
وانطوى مهرجان الحياة )).
--غياب شاشة -محمود البريكان --
(مخزن الأمتعة
والأثاث القديم
يتنفس فيه السكون
يتساقط فيه الزمن
كغبار
هاهنا كانت الشاشة الساطعة
وسط هذا الجدار
وهنا كانت القاعة الواسعة
قاعة العرض مكتظة في الظلام
والشعاع الذي يتراقص بين الظلال
يموج عوالم للحب والسحر والخوف والانتصار
والمغامرة الرائعة
ورجال الفروسية الاولين
والنساء الجميلات، والسفن الخالدة
وبلاد الكنوز الخفية
والمدن الهائلة
والبيوت البسيطة رافلة في الدعة
والسعادة خالصة
والدموع
·
للمكان
روحه الصامتة
للهواء روائحه الباهتة
كرماد حريق قديم
السكون
وحده يتنفس.
الكائنات الخفية تكمن داخل أشيائها
المهود التي صدئت. الأسرة ذات النقوش
الكراسي بأذرعها الناحلة.
المناضد مكسورة بعض أطرافها.
الخزانات مغلقة.
الزهور الصناعية الشاحبة
الأواني. المعاطف. الأغطية
أطر الصور الفارغة
متعلقة بالجدار
·
لحظة تتصاعد وشوشة الناس في قاعة العرض
حين تشع حروف
(النهاية)
حين تضاء المصابيح ثانية…
من ترى يتذكر؟ أين الوجوه التي ائتلقت ؟
والعيون التي شاهدت كل شيء ؟
وهل غادر الناس أحلامهم وانتهوا؟
وانطوى مهرجان الحياة، كما تتلاشى الظلال
على شاشة خالية ) .
كاظم حسن سعيد-البصرة ..العراق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راجع كتاب <الثعلب الذي فقد ذيله > د .رشيد ياسين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ












نهاية فاجعة لشاشة سينما محمود البريكان

مبكرا تعلق البريكان بالعروض السينمائية .. يذكر صديقه ايام الشباب رشيد ياسين : ( 1).
تبدا القصيدة لوصف مكان ما - مخزن الأمتعة
والأثاث القديم -مكان يتمكن منه السكون ..سكون عميق حتى انه يتنفس.. مكان يدعوك للتفكير بالمتغيرات ..بقبضة الزمن وتمكنه منا فهو -الزمن -يتساقط كغبار . سريعا يهمل الشاعر هذا المكان :قريبا سيعود اليه :ويضعك امام الشعاع الذي سينقلك الى عمق التاريخ..الى بلاد الكنوز ... المدن المهيبة ..المغامرات .... ورجال الفروسية الاولين ... وبعدما يرسم لوحات عما تبثه الشاشة من جمال وما تثيره من بهجة ودموع محركة فيك الخيال لاقصى مدى او داعية روحك للاحساس بالفاجعة يعود للمكان ثانية (السكون وحده يتنفس )... الاشياء اصيبت بعطب وتكسر واضمحلال والوان حائلة وتمكن الصدأ - الزهور الصناعية الشاحبة
الأواني. المعاطف. الأغطية
أطر الصور الفارغة -.. بعدها يعود بنا الى الشاشة (لحظة تتصاعد وشوشة الناس في قاعة العرض
حين تشع حروف(النهاية)...الشاعر يتقن منتجة الموضوع عبر التنقلات بين الشاشة ومخزن الامتعة .. متخليا عن بهرجة المفردات مؤكدا بان الشعر بامكانه ان يكون عميقا دون الاستعانة بقبضة البلاغة ..- اذرع كراسي ناحلة... زهور صناعية ..مدن هائلة ... المغامرة الرائعة .. النساء الجميلات ....-تمكن الشاعر باستخدامة تفعيلة فاعلن مسنودة بقافية غير مطربة ان يضفي جوا من الحزن ويدفعك لتكون في قلب الفاجعة .. وهو يكمل تنقيبه في النهايات منذ نشره المبكر في مجلة الاديب البيروتية 1949..(( وهل غادر الناس أحلامهم وانتهوا؟
وانطوى مهرجان الحياة )).
--غياب شاشة -محمود البريكان --
(مخزن الأمتعة
والأثاث القديم
يتنفس فيه السكون
يتساقط فيه الزمن
كغبار
هاهنا كانت الشاشة الساطعة
وسط هذا الجدار
وهنا كانت القاعة الواسعة
قاعة العرض مكتظة في الظلام
والشعاع الذي يتراقص بين الظلال
يموج عوالم للحب والسحر والخوف والانتصار
والمغامرة الرائعة
ورجال الفروسية الاولين
والنساء الجميلات، والسفن الخالدة
وبلاد الكنوز الخفية
والمدن الهائلة
والبيوت البسيطة رافلة في الدعة
والسعادة خالصة
والدموع
·
للمكان
روحه الصامتة
للهواء روائحه الباهتة
كرماد حريق قديم
السكون
وحده يتنفس.
الكائنات الخفية تكمن داخل أشيائها
المهود التي صدئت. الأسرة ذات النقوش
الكراسي بأذرعها الناحلة.
المناضد مكسورة بعض أطرافها.
الخزانات مغلقة.
الزهور الصناعية الشاحبة
الأواني. المعاطف. الأغطية
أطر الصور الفارغة
متعلقة بالجدار
·
لحظة تتصاعد وشوشة الناس في قاعة العرض
حين تشع حروف
(النهاية)
حين تضاء المصابيح ثانية…
من ترى يتذكر؟ أين الوجوه التي ائتلقت ؟
والعيون التي شاهدت كل شيء ؟
وهل غادر الناس أحلامهم وانتهوا؟
وانطوى مهرجان الحياة، كما تتلاشى الظلال
على شاشة خالية ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راجع كتاب ( الثعلب الذي قطع ذيله) د .رشيد ياسين















اضاءة من اعلى التل ج3
قصة منزل النساء -محمد خضير
نشرت هذه القصة في مجلة "المجلة" المصرية عام 1970، العدد ( 164 ) بعدها احتوتها مجموعته القصصية (في درجة 45 مئوي ) مؤرخة ب 1970 -1977 .تنشطر القصة بخط مستقيم يفصل القسم العلوي عن السفلي ..ما اثارا استفسارات وجدلا ... وقد سألت الكاتب ذات يوم عن القصة فاجابني بانه رغب بحذف القسم السفلي .. وقد شرح الكاتب اسباب التقسيم في توطئة (اقتضت دواعي الشكل في هذه القصة أن تنشطر الأحداث فيها إلى شطرين، شطر منها يحتل النصف الأعلى من الصفحة ويحتل الشطر الثاني نصفها الآخر، وكان لهذا الشطر دواع فنية في نظر الكاتب فإذا كان القسم الأعلى من الصفحة يمثل جريان الأحداث في الوقت الذي تحدث فيه حاضراً ضمن حدود الوصف والحوار فإن القسم الأسفل هو تعليق الشخصية الرئيسية في هذه القصة على هذه الأحداث اتخذ صفة مونولوج منظم ، أو حلم من أحلام اليقظة امتدّ على رقعة طويلة من الزمن، وهو بدوره يكشف عن علاقات أخرى تنمي حدث القصة وتدفعه لنهايته، وهكذا فإذا كان القسم الأعلى يمثل الأشياء المنظورة بحياد فإن القسم الأسفل هو إسقاطات الشخصية الرئيسية النفسية على هذه الأشياء. هذا ما يلاحظه القارئ من خلال التوازن المنتظم للقسمين والقصة بعد ذلك لا بدّ من أن تقرأ مرتين.).-محمد خضير , مجلة الكلمة .
كتب الكثير عن هذه القصة .. وفي فترة الثمانينيات انشغل نقاد وكتاب بلعبة الضوء والظل فيها ..فيما اصر عدد على ان محمد خضير ينهج (الشيئية )..ساركز على القسم السفلي من قصة منزل النساء ..
(فتاتي الضائعة، أصغر نساء المنزل، وغرفتها لها اسم كالباقيات.. (ما هي مهنتها?). أنا أجهل تماماً ماذا تعمل. لعلها عاملة في معمل خياطة، أو كاتبة طابعة. والمهنة الأخيرة تناسبها أكثر. 80 كلمة في الدقيقة، ولا كلمة واحدة لنفسها.)
(لم يخطر ببالي أني سأعثر عليها في مخزن الأمتعة. ما اختارت هذا المكان إلا لأنها تمر بواحدة من حالاتها الصعبة، تكون فيها كنملة في قزان فارغ كبير، وحيدة ونائية، تحت ناقوس زجاجي كبير، غير قابلة للمس أو الإسماع.)
<اسمي (علي) من مواليد 1945، أعزب، تسلمت قبل يومين عملاً في مصلحة نقل الركاب بصفة محصل تذاكر. تسرحت من الخدمة العسكرية قبل أسبوعين. إني ذاهب الآن، تحت غطاء هذا الليل الشامخ، إلى بيت أهملت زيارته طيلة الأسبوعين الماضيين .>.
اهم ما يميز هذه القصة هو الطاقة الايحائية للمفردات والايقاع الساحر للجمل والقاموس المكتنز والمتفرد ..سيل من الصور المتلاحقة لا تمنحك فرصة لالتقاط الاوكسجين ..لكنها بمجملها ترسم لوحات ومشاهد تتغلغل عميقا في الجو الريفي -الخصيبي غالبا - وتشير لعادات وطبائع اهالي البصرة ومناخها وبساطة الاثاث ..ولون الطبيعة ريفا ومدينة ..
(أجدنى فيها جالساً على صخرة أو تل تراب، بين النخيل تتلامع فيها ليلاً فوانيس تبحث عن حلقات الرقص، في سوق مكتظ تكون جميع الأشياء فيه واقفة للأعلى، محشوراً في مقهى مطلى بدهان لامع وبرسوم الأزهار داخل مزهريات ذات عرى وبصور النساء المرتديات كوفيات وعقلاً وقد وشمن أحناكهن بوشم الحلاوة المغتلم، قابعاً في الأرائك على حصر متينة العيدان، منطلقاً في سيارة على التراب المتحجر تخض الطعام في بطني عند كل هزة مفاجئة من هزاتها،).
(كما كان للماء الموضوع في أغلفه الطلع الغضة المبردة في الظل رائحة الحياة. ثم كانت رائحة الحياة تنبعث من أواني الفخار المقبعة بطاقيات خوصية، من سلال الخيزران المنقوشة التي تحتوي على الملابس المتوارثة يرتديها الصغير بعد الكبير.).
الشخصية الثانية الاكثر اهمية هي -عوفة -تحتاج ان تنقب في الشطرين لتشكل صورة واضحة عنها فقد بعثرت بين السطور المتباعدة والمقاطع غير المتسلسلة .
<<عوفة >> :
1 ــ (لا يبدو أنها تهرم، وأنا أراها الآن كما رأيتها أول مرة، بعين صبي مندهش: امرأة عتيقة من مئات السنين، قطرة سوداء مشبعة بروائح حادة - روائح الأدوية المحلية وعتق الأقبية والتبغ الذي تمضغه أسنانها. حين أقترب منها يسد وجهها على المنافذ كخرقة يابسة أو كفلينة ذات مسامات مسدودة فلا يعرق أو يتنفس، ويبكي بلا دموع. كانت عوفه تبكي في بطنها. ولطالما كنت لصق جسدها، فلم يكن لي أول قدومي فراش لوحدي، فأرى ذلك الوجه القريب جداً من عيني تتموج طياته الرخوة باستمرار وتشكل ظلالاً قاتمة، ويتجه نحوي منخراه الواسعان وعيناه الغائرتان.)
2 ـ (محتويات غرفتها، صناديق عديدة مقفلة، حين فتحت أحدها بحضوري رأيت التعاويذ والمسبحات والأعشاب الطبية، وحينما التفت رأيت القناني الصغيرة التي لم تحركها يوماً من أمكنتها، مليئة بالأزرار المختلفة الحجوم والألوان وبالدبابيس والمسامير والخرز والوريقات المطوية والتبغ والرماد والخيوط، وبأشياء أخرى مجهولة،) .
3 ــ (تتجول عوفه في المساحة القليلة بين كراسي النسوة، تمسح يديها الجافتين باستمرار بجانبي فخذيها أو تمسك وركيها الضائعتين داخل طيات الثوب الأزرق الطويل ) .
4 ـ قالت عوفه للبنات المستاجرات لمنزلها (- تمتعن بليلكن ونهاركن. كل شيء زائل بناتى. زائل كالثلج. ولا يبقي أثر. لن ترحلن. أريد أن أتمتع برائحتكن طويلاً. كن قرب قلبى التالف. قلب عوفه. أنتن فتوتي الذابلة.. أنا الهرمة القبيحة.. أنا الواهمة القبيحة...).
5ـ عوفة :( سكنّا عشر دور أو عشرين قبل أن يكسب هذا البيت. كنت أغسل الملابس وأجمع الفضلات مقابل ليلة ننام ونأكل فيها ).
لا تسألوني كيف عرفته, كان له عشرة اسنان ذهبية في مقدمة فكيه خمسة أسنان ذهبية في مقدمة فكه الأعلى ومثلها في فكه الأسف.كان يدخل في معارك لا أعرف عنها شيئاً، ولا أراه بعدها عدة أيام. ثم غاب كالنجمة. كان يعرف كل شتائم الدنيا وكل الحلاوة في كلام الدنيا. وكل مفاسدها وكل صالحاتها. دعوني من تفسير ذلك.. كنا أحياناً نبيت في العراء. فوقك النجوم وتحتك الأرض , ليس لديك ما تخاف فقدانه أو ستره.).
اليس قدرا ان تزج الظروف ذلك الشاب الريفي بهذه المراة السوداء البدينة التي تتمتع بروح الفكاهة والتي تدعو الاخرين للمقاومة رغم احساسها بالهزيمة ..
ان القسم الاول من القصة كامرا متفوقة تتحرك في زوايا متعددة ملتقطة صورا فريدة لبيوت الشناشيل من الخارج والداخل ..القسم السفلي تغلغل عميقا في دهشة الاشياء و المكان والارواح .
في لوحة فنية بلغت اقصى درجات الشاعرية والتاثير يرسم الكاتب لوحتين لامه , للمرأة الجنوبية (آخر وجه لأمي كان وجهاً غير واضح أتت على ملامحه أشعة الشمس النافذة من خلال أوراق العنب في بريق خاطف يؤجج الحمرة القاتمة في شفتيها المطليتين بصبغة (الديرم)، وخضرة سلسلة صلبان الوشم المنحدرة من عنقها إلى ثـدييها الضخمين المضخمين بعبير صابون (الرقى) الذي طالما عببته مع الحليب ومع العجب المبكر ومع الذعر من التوهج المباغت لفصوص الخواتم في أصابع يدها التي ترفع الثدي.).. ثم يتحول من المشهد الشكلي الى المشهد السيكولوجي (ولم يكن باستطاعتي منع غطسها المستمر في حوض الشيخوخة. كان شعورها المبكر بدفعات الحياة الخفيفة ثم القوية على ظهرها قد حول عادات الأمومة الرقيقة الثابتة لديها إلى مقاومة يائسة متقلبة نحو الخارج، نحو الحوادث الطارئة التافهة، نحو حرارة المطبخ وبرود الطقس ودقات ساعة الحائط المفزعة. ثم بدت أخيراً كحيوان عجوز متورم الأطراف، مسترخ في وقت الظهيرة دونما نوم، تلتمع عيناه بنداوة ذليلة.) .
هكذا تمكن الكاتب البصري محمد خضير في مجموعته <في درجة 45 مئوي وقصته -منزل النساء> .. ان يتقدم على مجايليه مسافة يصعب الوصول اليها , ليس في العراق فحسب بل على امتداد الوطن العربي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اضاءة من اعلى التل ج 5
امرأة الساعة السادسة قصة لماركيز
عبر البناء الحواري والغور المكثف العميق بسيكولوجية الاشخاص والمشاهد السينمائية المتقنة تمكن ماركيز من احداث تأثير بالغ .ومثل مراهق متوتر يصغي لكهل يروي حدثا مهما ببطيء, يفتت لديك الكاتب طاقتك على الاحتمال لاجل ان تدرك النهاية ..
تبدأ القصة بمشهد سينمائي (فتح الباب الدوار لم يكن هناك احد في مطعم خوسيه , لقد دقت الساعة السادسة للتو ....الزبونة بالغة المحافظة والانتظام في موعدها ... جلست دون ان تقول شيئا على المقعد الدوار المرتفع , كانت تضغط سيجارة غير مشتعلة بين شفتيها . ).لكن ماذا تعني دقة الساعة السادسة حتى ان عنوان القصة ارتبط بها واصبحت لقبا لامراة ... تركز القصة على موضوعين رئيسيين : الحب الخالص وربما العذري متمثلا بصاحب المطعم ..والمقت الجهنمي من النوم مع الرجال لدى المرأة .ذلك المقت الذي يقود الى فعل الجريمة في حالة الاكراه .
قال خوزيه (انا احبك حتى لو لم تنامي معي ).. (مستعد لقتله لانه ذهب معك ) ... من خلال التجميع نعرف بان الرجل بدين, متورد الوجه , يداه خشنتان, كثيفتا الشعر , ذراعاه قويتان , له رأس خنزير , وبطنه تضغط على انفاسه ...اما المراة فقد رسم لها الكاتب ملامح مجزأة مختزلة (شعر غزير مطلي بالفازلين ,منبت شعر غسقي ,وجه مذهب بدقيق خريفي مبكر.. ) لكنه ركز كثرا على سيكولوجية جسدها.وذلك ما يذكرنا بنفس النهج الذي اختطه في قصته (فتاة الطائرة الحسناء ).. يبهرك بها دون ان يرسم لك مميزات جمالها الفائق .
الرجل مسحور بها محتفل بحضورها , متوقعا ان شريحة لحم مجانية تكفي لجعلها سعيدة ..لكن المراة تركز على الزمن على وقت الساعة , هو لا يدرك مدى جحيمها , محاولا استرضاءها بكل السبل . يعرض نفسه كرجل نشيط من خلال مسحه الزجاج والمناضد بحركات متقنة تتوقف كي تستانف .. يبتعد عنها قليلا ليعود اليها ..لكنه احس اخيرا بخيبة ظن وهو يراها تسخر منه مع شيء من الشفقة ..فحين يخاطبها : انت ملكة او جميلة , تجيبه < دعك من البلاهة فما تقوله لا ينفعني >... وحين خاطبها ( اريد ان اراك سعيدة ) زادت سخريتها منه <يا لهذا الاكتشاف , اتظن اني ارضى البقاء معك ولو مقابل مليون بيزو ؟!>.ولكنها استدركت بعد فترة .. بعد عدة جمل حوارية : <<هل صحيح انك تحبني رغم ما قلته لك - تقصد عدم البقاء معه مقابل مبلغ مرتفع - >> فيجيبها بكل خضوع (لقد نسيت كلماتك تلك >> .. هذا ليس غريبا فقد يدع الحب او العشق بعض الرجال في غاية المذلة وهم مستمتعون بهذا ..وقد تكون المراة مبتهجة لوجود رجل خاضع تماما الا انها بعد زمن ما , قد تمله او تستصغره لاهثة وراء رجل صارم .
لكنها تنفجر بموجة ضحك <رجل تقي يقتل لاجلي . انت تخيفني > .هنا احس خوزيه - صاحب المطعم -لاول مرة بالسخط وخيبة الظن . لكنها بدهاء انثوي دعته للاقتراب وامسكت شعره بحركة جلية العذوبة ...هل انت تقتل من اجلي .. هل تكذب من اجلي اذا استفسرت الشرطة منك .. عندها نظرها بعمق كما لو ان فكرة رهيبة دوت في راسه مخلفة احساسا ضئيلا بالخوف وقال لها (أي مشكلة تورطت بها ايتها الملكة ) . من هنا ستتخذ القصة منحى دراميا اخر ,وتتضح الصورة لدى خوزيه .. تعده بانها سترحل وبانها ستعود هنا ثانية لتحس بغيرة من فتاة تقترب منه , شرط ان ينفذ طلبها .. ان يكذب على الشرطة فيقول اتت في الخامسة والنصف ..لقد نصحها بان تكف عن الرجال انها قذارة .. قالت <كنت اعرف لكني اقتنعت بذلك منذ لحظة ) .. انها كانت مع رجل واحست بالقرف وبان كل الصابون والمعقمات لا تزيل نتانته من جسدها .. لكن رجلها بدلا من ان يتوقف عاد لها ثانية ليحضنها .وهنا لا حل سوى الطعن بالسكين .
تمكن ماركيزمن خلال الحوار المتقن والاستعارات السيكولوجية واللقطات السينمائية ..والتصاعد الفاجع لدراما الحدث ان يسح القارئ سحا للتواصل وان يمنعه من التقاط الانفاس حتى النهاية وان يكرهه على التعاطف مع امرأة بائعة هوى تقتل قبل قليل ..لقد كان سلوك المرأة غامضا حتى قبيل النهاية حيث تمت اضاءة الغموض لصاحب المطعم خوزيه المسكين والقارئ معا .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
اضاءة من اعلى التل ج 8
ديك الجن (حكمت سيفي ).
يا طلعة طلع الحمام عليها
وجنى لها ثمر الردى بيديها
رويت من دمها الثرى ولطالما
روى الهوى شفتي من شفتيها
حكمت سيفي في مجال عناقها
ومدامعي تجري على خديها
رويت من دمها الثرى ولطالما
روى الهوى شفتي من شفتيها
فوحق نعليها وما وطيء الحصى
شيء اعز علي من نعليها
ماكان قتليها لاني لم اكن
اخشى اذا سقط الغبار عليها
لكن ضننت على العيون بحسنها
وانفت من نظر الانام اليها

اتسعت مساحة البحث والاهتمام في هذه القصيدة لدى النقاد والكتاب القدامى والمعاصرين لاسباب اهمها :
1 هل كتبها قبل معرفته براءة زوجته ورد او قبلها
2 سبب الجرم , هل كان لخيانتها او لغيرة حسب ما اكدته القصيدة .
3 هل ديك الجن من كتبها او شاعر اخر .
4 لماذا صنف الشاعر بسببها بانه من شعراء الواحدة
5 تنوع الصياغات لمفرداتها
6طبيعة محتوى القصيدة (عاشق ينحر محبوبته )
7 المستوى الفني المتفرد
8 كيف قتلها .
اكثر من 15 مصدرا قديما ينسب القصيدة لديك الجن الا في يتيمة الدهر (نسبهالاحمد بن كيلغ ) و كتاب تاريخ دمشق و والاغاني .. والمصدران الاخيران نسباها له ولغيره مثلا الاصفهاني نسبه له و لسليك بن المجمع وتاريخ دمشق عدها له ولاعرابي . وها ما يجعل الباحث مطمئنا مع عوامل فنية اخرى لنسبتها لديك الجن .
اختلاف مفردات القصيدة حسب المصنفين والكتاب القدامى
المفردة المصدر
ــــــــــ ـــــــــــــــــ
يا مهجة جثم العمدة وزهرة الامالي
فجنى لها مدامع العشاق
رويت من دمها الثرى عمدة كفاية الطالب
وربما
ولربما تاريخ دمشق
حكمت سيفي في مجال عناقها ...... الزهرة .. الامالي .. العمدة -مدامع العشاق -كفاية الطالب -تاريخ دمشق
مكنت سيفي في مجال خناقها ...مسالك الابصار
مجال وشاحها وفيات الاعيان
وذباب سيفي في مجال خناقها محاضرات الادباء
فوحق نعليها وما وطيء الحصى تاريخ دمشق
لكن بخلت على سواي بحبها
وانفت من نظر الغلام اليها وفيات الاعيان .
هذا التنوع بمفردات القصيدة حسب ناقليها من القدماء خلق وضعا مربكا ..اصبح معه متعذرا تثبيت النص الاصلي وقد يؤدي الى تفهم غير واقعي للحادثة .فحين يذكر مثلا وفيات الاعيان (انفت من نظر الغلام اليها ) فقد يوحي بان سبب القتل هو الغيرة من غلام قد يكون بكرا الشاب المقرب لديك الجن .. ويوحي بان الشاعر بعد القتل ذهب لقبريهما واخذ يتناول الخمر ويبكي .اما اذا اعتمد الباحث صيغة (وانفت من نظر الانام اليها ) .. فقد يصل لنتيجة مغايرة .
صوركيفية القتل :
ا - فاصلت حد السيف في حر وجهها
وقلبي عليها من جوى الوجد يرجف
فخرت كما خرت مهاة اصابها
اخو قنص مستعجل متعسف
ــــ
ب - عهدي به ميتا كاحسن نائم
والحزن يسفح عبرتي في شعره
ــــ
ج - حكمت سيفي في مجال عناقها
ــــــ
تؤكد هذه الابيات بانه قد ضربها على وجهها فخرت متهاوية فحز رقبتها . وانه قد بكى بعد ان اجهز عليها ...
لقد اعد الكاتب نعمان ماهر كنعاني الشاعر من شعراء الواحدة في كتابه لتفردها رغم اقراره بان لديك الجن قصائد اخرى ..وهي وجهة نظر محترمة رغم انها لا تتماشى مع المصطلح .
ارجح ان الشاعر كتب القصيدة بعد معرفته بان زوجته ورد لم تخنه وانها محض وشاية من عمه ابي الطيب وذلك لما تتضمنه من حرارة عاطفة فلا يعقل لغاضب قتل محبوبته لخيانتها ويقسم بنعليها .ونحن نعلم ان تاريخنا الادبي يستخدم النعل للاهانة لا للمدح والتمجيد.وهو قسم غريب حسب متابعتي لم اجد من سبقه اومن اتى بعده يقسم بمثل هذا القسم .
ابيات في سبب الخيانة
1 - لكن ضننت على العيون بحسنها وانفت من نظر الانام اليها
2- سوف آسى طول الحياة وابكيك على ما فعلت لا ما فعلت
3- خنتني في المغيب والخون نكر
وذميم في سالفات الدهور
،،،،،
وهنا تشتد الحيرة فان كان قتلها لخيانة فلماذا ذكر اسبابا اخرى في اهم قصائده (حكمت ).وارى ان الشاعر قد تتغير مفاهيمه او يذكر اسبابا مرة وذرائع مرات اخرى ...المتنبي مثلا كتب (على قلق كأن الريح تحتي ) وفي عمر متقدم قال (خلقت الوفا ). فديك الجن يذكر بانه متألم بسب ما فعلت هي لا بما فعل وفي مواقع اخرى يؤكد بانه سيفني العمر ندما لانه قتلها .التركيبة السيكولوجية للشاعر وهو يكتب لا يتحكم فيها المنطق .فالغيرة قد تاتي اولا فتعقبها الخيانة .
مبنى القصيدة
1- كتبت القصيدة على البحر الكامل وعلى علة متفاعل بتحريك الثاني عدا بيت واحد .. وفي احصائية اجريتها وجدت ان الزحافات من متفاعلن الى متفاعلن بتسكين العين (الثاني ) من التفعيلة قد بلغ 13 من مجموع التفعيلات الواردة وعددها 33 أي ان ثلث التفعيلات اصابها الزحاف في تشكيل هندسي ونغم متفرد في انتظار علماء الاصوات ليضيؤوا قوة الايقاع لدى ديك الجن .
2- من يتابع ديك الجن يرى ان الصيغ والمفردات التي وردت في قصيدته (حكمت ) تتكرر او تتشابه في قصائده الاخرى التي كتبت على البحر الكامل ونضرب امثلة على ذلك فقد تكرر لديه الاسم الثلاثي المقصور مثل(.. الهوى .. الردى .. الحصى ) والافعال الثلاثية المقرونة بتاء الفاعل التي اضيفت شدة لعينها (تكراره ) ما يدل على المبالغة ك (حكت .. رويت ... ). ونفس الزحافات بنسق متشابه غالبا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اهم المصادر
1 - دواوينه الخمسة التي جمعت بدأ من السماوي واهمها ديوانه الذي جمعه وحققه مظهر الحجي .
2 تاريخ دمشق
3 وفيات الاعيان
4 تاريخ الادب العربي -شوقي ضيف
ه تاريخ الادب العربي -بروكلمان
6- كتاب الاغاني
7 - 4 اطروحات جامعية اهمها (الرثاء في ديوان ديك الجن الحمصي ـ مقاربة سيميائية ـ )- لنواصر الزهرة .
8 شعراء الواحدة - نعمان ماهر كنعاني.


اضاءة من اعلى التل ج 9
الى اي مدى ترسخت فينا قيم الحداثة
اقامت وزارة الثقافة في العراق مهرجان المربد سنة 1971وتزامن معه افتتاح نصب السياب لنداء كاظم على ضفاف شط العرب . عموما كانت القصيدة العمودية حاضرة وقد يهبط بعضها الى مستوى النظم , وكانت للاطروحات الاديولوجية سطوة في فرض مناخ شعري طغى في المهرجان .
نحن بحاجة الان الى تقييم حقيقي لمهرجانات المربد قبل سقوط النظام .
لقد شرع رواد الشعر العراقي بقصائد من الشعر الحر شكلية ,الا ان قصيدة السياب (في السوق القديم ) فرضت مرحلة جديدة تكللت ب(انشودة المطر )التي فتحت الباب للفرسان الجدد وجذبت الشعراء اللاحقين الى افق الحداثة .وقد اصبنا بهوس التجديد فلم يمض اكثر من عقدين حتى ترسخت قصيدة النثر واستقرت . رغم ندرة الشعر التأثيري منها .
ومن مراجعة الكتابين (الموجة الصاخبة ) لسامي مهدي و (الموجة الحية )للعزاوي واعداد مجلة شعر اللبنانية بامكان الباحث ان يرى طبيعة الصراع بين البيان والايحاء ,بين القيم الكلاسيكية والحداثوية .
لكننا الان في العراق بدانا نسمع الكثير من القصائد العمودية التي لا يرتقي بعضها عن مستوى النظم .وهناك دعوات تتعالى لفرض كرسي العمودي ثانية , ولسنا ضد هذا الذوق شرط ان يكون ذوقا شعريا لا نظما .
لم يكن النظام السابق يسمح باقامة مهرجانات للشعر الشعبي لكنه بعد اندلاع الحرب اقام مهرجانات وقدم العطايا لشعراء الدارجة واندلع العمودي ثانية ليتصدر المشهد .
ذات يوم كنت اقتني سلعة من عطار وفاجأني انه يكتب قصائد فصحى طويلة وحين قرأ لي استغربت وسألته هل قرأت الادب فاجاب (انه يكتب بطريقة ابداعية معاصرة دون اطلاع ) ولم يكن يعلم انه يسطر الهذيان ..
في احدى منشورات اتحاد الادباء في البصرة تم مؤخرا اختيار قصيدة من اليوتيوب تنتمي الى الشعر العمودي شكلا والى القصائد الحسينية والعلوية مضمونا , وما اثار دهشتي هو كثرة المطبلين لهذا النوع من الشعر وفيهم شعراء وكتاب وفنانون يدعون الحداثة .نحن تقبلنا عينية الجواهري في تمجيد كربلاء ونستذوق قصائد الشيخ الوائلي ومصطفى جمال الدين ودعبل الخزاعي والحميري لان فيها شعرا غادرنا آفاقه لكنا لا ننكره .فهل أثرت فينا الحداثة حقا ,ام انها مجاراة لما يراه البعض موضة عليه ان يسايرها ليظهر محدثا . ذلك هو السؤال .
(لثورة الفكر تاريخ يحدثنا
بان الف مسيح دونها صلبا ) .
البصرة 2-2023
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن الدمينة شاعر عذري قتل زوجته
هو عبد الله بن عبيد شاعر عذري , اختار له ابو تمام خمس مقاطيع في كتابه الحماسة ما يدل على شاعريته .. كني بابي السرى لكثرة اسرائه وغلب عليه اسم بن دمينه وهي امرأة سلولية..ينتمي الى خثعم (وهم تحالف ) من قبيلة اكلب .عاش اغلب حياته في العصر العباسي وشطرا في العصر الاموي .. سكن جنوب الحجاز مما يلي اليمن ..وكان فصيح اللسان لبقا بهي المحيا وفارسا شجاعا .لم يتصل في حياته سوى بالضحاك والشيباني .
قتل طلبا للثأر على يد مصعب اخي غريمه مزاحم الاصغر في منطقة بعلاء او تبالة.. كان مزاحم هذا شاعرا من سلول يختلي بزوجة بن دمية خلسة في بيتها . وزاد على ذلك بان تعرض له ونشر شعرا يقدحه وقومه ويذكر علامات حساسة في جسد زوجته حماء فلما عرض بن الدمينة الامر على زوجته انكرت وقالت تلك الصفات نقلنه له النساء ولم يقربني فصبر مدة ثم اتاها بسيفه وطلب منها ان تستدرجه بموعد او يقتلها فخنعت وابلغت مزاحم فاتى منزلها فتمكن منه بن دمينة مع صديق له او اكثر فكتفوه واخذ يضربه بصرة حصى حتى مات خشية انفضاح الامر لو قتله بالسيف , ورماه خارج المنزل ثم عاد لزوجته فقتلها خنقا واجهز على طفلته فقال عنها (لا تتخذ من كلب سوء جروا ) .
ومن شعر مزاحم القادح:
(اغشى نساء بني تيم اذا رقدوا -بعد العشاء ولا ابغي مقاريها ...بآية الخال منها عند سرتها - وقول ركبتها قض حين تثنيها - وشهقة تعتريها عند لذتها ..وكية انضجت لا شل كاويها )..هذا الشعر يعكس مدى استهتار مزاحم وقوة مغامرته خاصة انه يتعرض لرجل عرف ببأسه وشجاعته وغيرته وهو سليل خشعم التي فتكت بالقبائل من قديم الزمان .
ان صفات بن دمينة الخلقية والبدنية جعلته محببا للنساء :
(اذا حاولنني فاصدن قلبي
جعلت الود منهن انتصاري
وصرفت الحديث لهن حتى
اصافي ودهن على اقتدار ).
لكنه كان عذريا :
وقدت الصبا من غير فحش وقادني
كما قيد في الحبل الجنيب المطاوع ).
ومن صفات بن الدمينة العيافة والتطير. فقد ذكر شاكر الكتبي انه كان يزجر الطير فيصيب ويعيف فلا يخطيء وذكر له حول ذلك قصة طريفة :
(ذكر الهيثم بن عدي عن بن عياشقال : مر بن دمية في بعض فيافيه التي كان يعزب فيها لما يحاول من هناته فراى خباء فدنا منه فاذا فيه جارية كانها ظبية وشاب كانه سبيكة ذهب.. يحادثها وينشدها ويراشفها وتراشفه فاستسقى فقال له الشاب : الماء اعجب ام اللبن ؟ قال ايهما حضر قال ان اردت الماء فامامك وان اردت اللبن فوراءك .. قال بن دمينة (المنع اوجز ) ثم نظر الى الصبي في جانب الخباء فقال لمن هذا الصبي؟ قالت الجارية لهاني ثم نظر الى الخباء وهو مشدود بالعسراء قد شده رجل اعسر فقال
ويل الاعيسر ثكلته امه
لو علم الاعسر طال غمه
فذعرت منه الجارية ذعرا شديدا وعرضا عليه الماء واللبن فلم يشرب وسار يومه الى اخر النهار فبصر برجل عليه بجاد مشتمل بالعسراء وهو في ابل...... فناداه ابن الدمينة : يا هاني اني مررت بمنزلك فرايت صقب الناقة هذه بالباب ورايت جارية وشابا يراشفها وتراشفه فقال هاني (افلا اكون موضعك فكنت اعجل لهما المنية ) .. قال بن الدمية (اخر الطب الكي ) فمضى قوله مثلا . وكانت العرب تزجر الطير فان طار يمينا تشاءمت او يسارا فتتفاءل .
احب بن الدمية عشيقته اميمة وطاردها ثلاثة اعوام .. حتى لانت فكانا يلتقيان بين الاكمام في الفيافي مع توفر العفة منه وقد يساير ركبها طويلا . ويظهر من شعره انهم دعوه لزواجها بنهاية المطاف فتردد.. وتلك حالة يصعب تفسيرها . وربما كان حبه التالي لسلمى هو ما منع وندم بعد ذلك .. وقيل انه تزوجها وبقيت عنده حتى مقتله .
الذوبان في المحبوب
ـــــــــــــــــ
ولو جئت استسقي شرابا وعنده
عيون رويات لهن جداول
صديا لما قالت لي اشرب وما درت
افي العام اروى ام اذا عاد قابل
ــــــ
هجرتك اشفاقا عليك من الردى
كعازبة عن طفلها وهي رائم
ــــــــ
وانت التي خلفتني دلج السرى
وجون القطا بالجلهتين جثوم
ـــــ
وصار الغواني بعدما قد اذقتني
علي اذا ابللت منك حرام
ـــ ـــــ
ولما لحقنا بالحمول ودونها
خميص الحشا توهي القميص عواتقه
قليل قذى العينين نعلم انه
هو الموت ان لم تصرعنا بوائقه
وقفنا فسلمنا فسلم كارها
علينا وتبريح من الغيظ خانقه
فساءلته حتى اطمان وقد بدا
لنا برد منه تطير صواعقه
فسايرته ميلين يا ليت انني
على سخطه حتى الممات ارافقه
فلما رات ان لا جواب وانما
مدى الصرم مضروب علينا سرادقه
رمتني بطرف لو كميا رمت به
لبل نجيعا نحره وبنائقه
بنور بدا من حاجبيها كانه
بروق الحيا تهدي لنجد شقائقه
ــــــــــــ
ولو قلت طأ في النار اعلم انه
هوى لك لو مدن لنا من وصالك
لقدمت رجلي نحوها فوطأتها
هدى منك لي او غية من حلالك
ـــــــــــــــــــــــــ
ان هذه الطاعة الكلية للمحبوب والذوبان فيه حد الذل وتحمل الصعاب والصبر الطويل عليه حتى يستجيب هو ما ينم عن شاعر حقيقي عرف الحب في معانيه الاسمى واكتوى بجحيمه .
بعض من سمات اسلوبه:
ــــــــــــــــــــــــــ
1 - الرسم المسرحي
قال يصف دخول غريمه مزاحم على زوجته لحظة باغته:
لك الخير ان واعدت حماء فالقها
نهارا ولا تدلج اذا الليل اظلما
فانك لا تدري ابيضاء طفلة
تعانق ام ليثا من القوم قشعما
فلما سرى عن ساعدي ولحيتي
وايقن اني لست حماء جمجما
2- الحوار
3- وصف جمع من المغرمات به يسامرهن
4- وصف ظاهرة بيئية او طبيعية استطرادا ليشبه بها الموصوف
5-الاستعارات النادرة مثل
ما كانت صفر الثياب - أي ممتلئة
بعيدة مهوى القرط - لوصف طول الرقبة
بنور بدا من حاجبيها كانه
بروق الحيا تهدي لنجد شقائقه - الحيا هو الغيث والشقائق جمع شقيقة وهي المطرة المتسعة او البرقة اذا استطارت في عرض السحاب .
خلاصة
نحن في حضرة شاعر حجازي عذري, سيرته وشعره موضع خلاف بين الرواة والكتاب القدماء فهو لم يتصل بخلفاء والتحق بالجيش وادمن السيف والاسراء حتى اكتسب منه لقبه, وقتل زوجته لخيانتها ثم قتل طلبا للثأر وكتب في الحماسة والفروسية والفخر والرثاء وغلب عليه شعر النسيب لتعلقه بالفاتنات اللواتي عشق اكثر من واحدة منهن ,وتميز بعض شعره بالغموض بسبب بدويته , وربما كان ذلك الشعر اكثر تأثيرا في زمانه لان للمفردات ظلالا نحن بعيدون عنها ولانها لا تساق اليا .وفي انتظار ان يظهر التنقيب تلك الكتب التي فقدناه سيظل البحث بمثل هذا الشاعر في حال احتمالات ترجيحية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اهم المصادر
ديوانه جمعه وحققه راتب النفاخ -عضو المجمع بدمشق
طبقات الشعراء لابن المعتز
الحماسة للبحتري
الاغاني
ديوان ابي السرى ابن الدمينة الجشعمي - شرحه وضبطه محمد الهاشمي البغدادي طبع 1918.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.


الروائية ابتسام عبد الله انزوت قبل رحيلها
اعلن اليوم عن وفاة الروائية والمترجمة ومقدمة البرامج ابتسام عبد الله الدباغ عن عمر يناهز 80 عاما ببغداد . وكانت الفقيدة قد انسحبت عن الاضواء منذ 2015 تزامنا مع وفاة زوجها الصحفي امير الحلو .
1968 دخلت عالم التلفزيون بصفة مترجمة فكانت ترفد برنامج <نافذة على العالم > بمختلف الاخبار والتقارير حول الافلام والازياء وغيرها مما كان ينشر في كبريات الصحف العالمية .. بعدها قدمت برنامجها الشهير (سيرة وذكريات ) الذي كانت تقدم فيه وتحاور المشاهير بفن ومقدرة ما اكسبه شهرة واسعة لدى العوائل العراقية .
تقول < اعتمد الحوار الداخلي لدى ابطالي لانهم سيتكلمون حينها بصدق ..> وهي لا تقر في لقاء اجري معها بالشرقية بان بطلتها نادية فارس العلي تمثلها .. هذه البطلة ظهرت بروايتها - فجر نهار وحشي - 1984 التي تناولت فيها احداث الموصل في 958 وما رافقها من اعمال عنف وفي هذه الرواية اربعة ابطال رئيسيون : (انا معلقة بين صحراء زكريا الجليدية وتيه ربيع وانا مشدودة بين نقطتين اصبحتا مركزا لحركتي .. كنت اعيش له , ادور حوله كزهرة عباد الشمس , كنت زهرة وكان هو الشمس ).
وهي ترى بان ظروفا ما تدفع الانسان للعنف وقد لا يكون شريرا محترفا انما تلك الظروف قد توقظ فيه الوحش النائم داخله .
اختارت لروايتها الاشهر 2001 اسم ميسوبوتاميا - بلاد ما بين النهرين - وتعني محلا لبيع التحف والانتيكات لانها توقعت الاحتلال لبغداد .
ومن مؤلفاتها :
ممر الى الليل 1984
مطر اسود مطر احمر
مجموعة قصصية <البخور >1999
الليل والبستان
كتب اخرى مترجمة .
ونحن نودع الكاتبة الالطف ابتسام عبد الله الدباغ .. نرفق دعوة لدراسة منجزها القصصي والروائي ..
ــــــــــــــــــــ
الموسوعة الصغيرة في العراق افق ثقافي خسرناه
انطلقن هذه السلسلة اواخر السبعينيات من القرن الماضي في العراق تحديدا 1977-1983تبنتها دار الجاحظ للنشر فاصدرت منها اكثر من مائة كتاب , ثم تولت اصدارها وزارة الثقافة والاعلام العراقية .كانت المعلومات في كتيباتها مكثفة ... وتطبع بورق من القطع الصغير .. وتباع بسعر زهيد .. وهي موسوعة شمولية تناولت مختلف العلوم والاداب والفنون والمعارف المختلفة ..
رأس تحريرها طراد الكبيسي ثم موسى كريدي .
اول اصدار لها (العرب والحضارة الاوربية ) للدكتور فيصل السامر .. في العدد52 (نظرات في علم الوراثة د عبد الاله صادق ..العدد 134(الاحتفالية في المسرح المغربي ) بقلم محمد اديب السلامي ..
لقد فعل حسنا قبل تسلمه نوبل نجيب محفوظ اذ وافق على ترجمة كل كتبه بلا مقابل ..نحن اليوم بامس الحاجة لمثل تلك الموسوعة امام سرعة العصر وعزوف القراء وغلاء الكتب .. الان دار القلم تعيد منشوراتها بسعر مناسب نسبيا وكررت اسلوب اصداراتها القديم بورق اسمر وطباعة بسيطة .
لابد من ابتكار طرق لنشر الثقافة .. امام تسيّد النت وانحسار دور الكتاب ..
عندما اختفت مجلات كان تشكل موضع استقطاب للفكر والثقافة العربية اختلت الموازين النقدية وتبعثرت المعلومات .. في العراق مثلا كانت مجلات الاقلام برصانتها ومجلة الثقافية الاجنبية بسعة افقها تشكل اضاءة واضحة .. في لبنان مجلة الاداب وشعر والاديب وغيرها من المجلات الجادة ..
الوقت مبكر على دفع النجارين لانجاز اخر تابوت للكتاب والصحف الورقية .. رغم ان العالم يمضي بقفزات متسارعة .. تخيل نفسك على السرير او فسحة في العمل ,مسافرا بقطار , متنفلا بعجلة .. ومعك كتيب لا يتعدى راحة اليد ...ذلك ما كانت تؤديه كتيبات مثل الموسوعة الصغيرة التي نحن نتطلع لاستئنافها بحرارة .
ــــــــــــــــــــــــ
قصة ال 12 حكيما واعمق الاسرار حول الربيع العربي .
ماحدث في العشرين سنة الاخيرة بالدول العربية يجعل الباحث في حيرة والمشاهد في ذهول ...يتغلغل عميقا الصحفي محمد حسنين هيكل في ظلمة الانفاق ويضيء البقع المظلة . القصة تعود لمؤتمر الناتو في برشلونة سنة 2009 .. فقد حضر المؤتمر الرئيس الامريكي اوباما وقال ان الحلف لم يعد فعالا فقد كان الهدف من تكونه هو مواجهة روسيا .. وعليه ان يتآزر مع الولايات المتحدة التي دفعت ثمنا لحماية الدول ال 28 المنضوية وعليها ان تتفاعل سواء بالدعم المادي او العسكري من اجل مواجهة اخطار جديدة ..
وتمكن المؤتمر من تاليف لجنة خبراء تضم 12 حكيما تتزعمهم وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت وعلى هذه اللجنة ان تقدم تقريرا وتوصيات حول منطقة مرتجة وانظمة شاخت وخطط مواجهة الاخطار المستجدة .
بعدها عملت اللجنة ل18 شهرا .. وضمت اليها اكثر من الف عالم وخبير ومستشرق ومؤرخ ومختصين بالفرق الاسلامية والمتبحرين بالتاريخ العثماني والتفسير وفقه اللغة ..الخ .
وبعد سنة وثمانية اشهر قدمت مقرراتها للمؤتمرين من حلف الناتو سنة 2010 واهم ما جاء فيها :
1 ـ ان هناك دولا عربية شاخت انظمتها ولا يمكن لها الاستمرار ويتعسر دعمها ..
2ـ ان في هذه الدول صراعا مذهبيا وعرقيا واضحا
3 ـ الاخطار المحدقة ليست دولا فتصارع ولا قوى عسكرية فيتم الاشتباك .. انه الارهاب .
3 ـ ان عليهم ان يشرعوا بمعالجة الهزات التي من المتوقع ان تحدث في هذه الدول باستخدام سياستين : الباب المفتوح <اوبن دور > , و<طي البساط >..
فحين تحدث رجة في أي دولة عربية على الدول التي هي قريبة منها جغرافيا او تاريخيا -استعمرتها سابقا - ان تسارع لمعالجة الامر بما تتوفر لها من امكانيات في انتظار مساندة بقية اعضاء الناتو .
وان تقسيم الدول لدويلات لها اعلامها مسألة عسيرة نظرا لشدة التكلفة ..اي الاتجاه لتقسيم لا جغرافي .
ــــــــــــــــــــــــ

ما هي اكثر المواضيع قراءة ومشاهدة في العالم
طالما كنت اسأل نفسي بماذا يفكر الناس في العالم والوطن العربي؟.. ما هي المشتركات التي تستقطبهم ؟ وما لون الاسئلة التي تقلقهم وكيف يجيبون ؟
لايمكن الاستعانة بالاستبيانات لنجيب على السؤال( ما الذ ي يستقطبهم من المواضيع قراءة ومشاهدة) لكن معطيات تسجيل الدخول في اذاعة عريقة واسعة الانتشار مثل بي بي سي قد يعطي صورة اوضح , فقد سجل تطبيق الاذاعة لعام ٢٠٢٢ عشرقصص< مواضيع> هي الاكثر استقطابا للمتابعين وهي:
١ اعراض الاصابة بمايكرون ومتحورات كورونا
٢ منع الحمل والحبة السحرية
٣ النسوية من منظور اسلامي
٤ غشاء البكارة وكيف تنتهي اسطورة العذرية
٥ كأس العالم ٢٠٢٢ بقطر
٦ ماذا يريد بوتين هل ينهي حربه مع اوكرانيا
٧ وفاة الطفل ريان في بئر بعد انقاذه
٨ جدول مباريات كأس العالم ٢٠٢٢ ونتائجه
٩ العداءة السورية التي بترت ساقها
㿊 اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
ويظهر ان المواضيع التي تتناول شؤون القصص الانسانية والمراة تتصدر , تليها كرة القدم وتعقبها اخيرا الرياضة .. اذن الشأن الثقافي الادبي والعلوم والبحث العلمي يتراجع وان السياسة تتذيل القائمة . ورغم ان الاحصائية التي نشرتها اذاعة بي بي سي ليست كافية للاستنتاج فانها تعطي صورة اوضح لاهتمام المتابعين .
اما في التطبيقات الشهيرة مثل <التكتك > فواضح اهتمام الجمهور الاوسع بالقصص التي تتمركز حول الفكاهة والاغاني واخبار المشاهير والمحتوى النادر والمكياج والمطبخ .. من جهة اخرى يظهر ان المتابعين للمحتويات التافهة في ازدياد .
الانسان يرى نفسه محاصرا بزخم المعلومات التي تنهال عليه يوميا .. وهو مثل غريق يصعب عليه تمييز القشة من اليد المنقذة ... وان تعطيل التكتك في امريكا ليس حلا فهو انعكاس للاحساس بالرعب من غزو المحتوى ..
كنت ظهر امس في كية خلف سائق وصاحبه الذي كان مجهدا وبحالة نعاس...يقول له صاحبه السائق( انت نعسان ومتعب وبحاجة لراحة )... فاجابه هذا وكيف ذلك وانا اعمل حتى الغروب مقابل ٥٠٠ الف دينار ومنزلي بعيد عن مقر عملي ..فسهم السائق مركزا على اختناق المرور والتريلات الخمسة التي غطست في الوحل يسحبها دوزر بسلسلة..ثم قال له ( امس من مصرفي اعطيت عشرين الفا لابي ..فسألني( ومتى عملت ).. لكني كنت مجهدا فلم احرك عجلتي..).. عندها لم استطع السكوت فتداخلت معهما..بعدها ترجلت بروح مجرّحة.. مثل هؤلاء المتعبين حين يعودون بعد عمل مرهق لبيوتهم ماذا يقرؤون وما يتابعون !؟ .
ان اكثر من ستين فضائية في العراق تبث طيلة اليوم وعشرات الاذاعات لم تتمكن من اقامة حصن ثقافي يدفع الناس الى تجاوز العنف والانتهاكات وخلق بيئة ثقافية تقود الى بلد مزدهر ...فاغلبها مغلقة على نفسها وجمهورها ثابت ومحجم . علينا ان نواجه انفسنا بشجاعة ونضع الاصبع على الجرح لا ان نخشى من محتويات هابطة ..
علينا صنع البديل .
ـــــــــــــــــــــــــ
مذكرات الامريكية ليالاكس : كسر القيود الدينية واكتشاف الذات .
( لقد تغلغلت في اعماقي محاولة ان التقط الحقيقة باقصى ما استطيع ) هكذا تقر الكاتبة الامريكية ليالاكس في مذكراتها < سافرة Uncovered> التي تربو على 400 صفحة .
في 22 فصلا تروي كيف تمكنت من هجر الحياة << الحسيدية >> , وعادت اخيرا للوطن وتعني به ذاتها .لقد رسمت حالة الرضا عن النفس في تغيير حياتها ومعنى ايمانها .
بدات كتابة سيرتها منذ 1975وهي سنة زواجها (لم اكن الاحظ الخواء الناتج من غياب رغبتي لان الخواء لا يصدر صوتا ), لقد دام هذا الخواء 30 عاما حتى اكتشفت بانها سلبت مشاعرها وعقلها وارادتها ...(حياتي كانثى : لحظات الخيبة او السخط او الفرح هي ذروة وقتية للنمو الذي يتلاشى , اما م انقضاض الامومة , التفاصيل, الاحتياجات اليومية التي تستحق احساسي بالذات وتجعل ذلك النمو غير مهم في الوقت الذي تاتي فيه لحظات اخرى كهذه تكون اللحظة السابقة قد اوشكت على الانتهاء, لا نماء لا تغيير تدريجيا انني اتصرف وفقا لسطور مكتوبة , لا اتفاعل , الاحظ مشاعر اطفالي ولا اتفاعل .
تستطرد لرسم تعاليم <الحسيدية > : تحت تاثيرها حرف نظرنا عن الاهتمام بالدراسة الجامعية لنوجه الى الحياة الربانية . تقول ( شهدنا في الجامعة طلبة من يسمون بمجانين المسيح .. شعور هيبية وعيون تاثرت بالمخدرات في الحرم الجامعي وبايديهم كتيبات مسيحية وهناك طلاب مسلمون يحتجون على شاه ايران وغيرهم من التجمعات .
وتكتب (النساء يمتهنن الكتابة ويكتبن بصوت الرجل فيحضضن النساء على الالتزام بالحدود ..لكني كلما كتبت حول المراة اصبحت اكثر انفصالاعن الجماعة .. لقد اعتقدت ان الزواج هروب من الوحدة ولهذا هو مرادف للقداسة ).
تصف ليالاكس لحظات المخاض: (اني اتنفس واعدّ اترقب رفس الطفل اوج الانفعال مزيد من التنفس ثم مجددا ومجددا حتى يصدر صوت كالزمجرة من مكان لا اميزه لكنها انا ..ثم تعقبه قوة لم اعرف من اين امتلكتها تدفع الطفل للخارج بحركة اندفاع حيوانية ) بعدها تكتب (انه صبي ,متى سيحلون وثاق يدي ويتاتى لي ان اضحك.. اطراف اناملك نقاط مدورة ,بشرة كالهمسة , شعر كزغب الطيور ,حاجبك الصغير المجعد, ساعمل جهدي لاجعل أي مكان فيه منزلا تتمكن فيه من الازدهار, تجد وجهي ,تتلاقى اعيننا واسكب كل ذهبي فيك .. لن اتركك ابدا ) .
وهي توجه رسالة ساطعة الى النساء المحجبات اللواتي لا يعتقدن بان لديهن القدرة على < الغربلة >أي استخلاص الافضل من الدين (واجهي الذنب والعار الذين يستخدمها البعض اداة للدين .. خذي الحكمة والالهام والجمال واتركي الباقي ).
وفي تغلغل سيكولوجي لعلاقتها الاخص والحميمية مع زوجها ليفي : (لا اعرف معنى ان اشتهيه ,بل اعلم انه يجب علي فعل ذلك , وجه -ليفي- حنون وخطوه متلهف ... انتابتني وخزة صغيرة من الخوف عندما تسلط ثقله المفاجيء على السرير , تسارع ياخذ انفاسي ,عندما اتقرب اليه اسعى للامل بان يمسك بي ويبقيني معه ليحميني وان اتمكن من الوثوق به لاجل ذلك < الحماية > وعلي ان احبه واسلم له نفسي , وان لم يكن بداخلي أي ارتعاش لرجل . ).
<من منطلق الحب يا اخواتي اقدم لكن افواه> هكذا تختتم ليالاكس مذكراتها العميقة .
حصلت ليالاكس على الماجستير من جامعة هيرستن .. ناشطة في حقل الدفاع عن الحقوق المدنية .. قال عن مذكراتها الكاتب ليفي رافائيل (انها قصة التوق العالمي لاكتشاف الذات الاصيلة والاحتفاء بها )
ــــــــــــــــ
الحسيدية -حركة الحاسيديم : حركة روحانية اجتماعية يهودية نشات بالقرن ال 17 ويعد بعل شيم توف مؤسسها ونشرها في انحاء شرق اوربا .
ـــــــــــــــــــــ
.
ــــــــــــــــــــــــ

مذكرات آن فرانك في سجل الذاكرة العالمي لليونسكو
بين عام 1942 ـ 1944 تمكنت مراهقة المانية وهي مختبئة مع عائلتها بهولندا و4 من اصدقائها من تسجيل مذكراتها التي ستترجم لاحقا ل70 لغة ويصبح كتاب سيرتها الاشهر وخلدت بعمل نصب لها واطلاق اسمها على عدة شوارع وحدائق والحقت سنة 2009 منظمة اليونسكو مذكرات ان فرانك في سجل الذاكرة العالمي للمستندات ذات القيمة العالمية النادرة .
بعد يومين من عيد ميلادها بدات فرانك بتدوين مذكراتها عن نفسها وعائلتها واماكنها المفضلة في الحي فضلا عن تسجيلها للقيود والتغيرات التي جعلت حياتها وحياة اليهود الالمان الفارين الى هولندا خشية من جحيم النازية صعبة شملت اجبارهم على ارتداء النجمة الصغراء لتميزهم ومنعتهم من استقلال وسائل النقل .
لقد نزحت عائلة فرانك الى شقة سرية تقع خلف مكتب تجاري مملوك من الاسرة تقع في 263 شارع برينسنفراخت فاكتشفها بعد سنتين وعائلتها الجستابو لوشاية غادرة .
جاء في مذكراتها : (انا مضطربة بشكل كامل ..مييت تتحدث عن هذه الفظاعات بطريقة ماساوية ..وهي نفسها بالغة الاضطراب .. كان ثمت عجوز يهودية جالسة امام باب منزلها تنتظر الفيتابو الذي ذهب لاحضار سيارة لنقلها ..العجوز المسكينة مرعوبة من ازيز الرصاص الذي يستهدف الطائرات البريطانية والوميض الساطع للانوار الكاشفة مع ذلك فان مييب لم تتجرا على ادخالها ..لا احد يستطيع ان يفعل ذلك.. <مذكرات أن فرانك الجمعة تشرين الاول 1942 >)
1957 مسرحية مذكرات فرانك -1959فلم امريكي مذكرات فرانك للمخرج جوزيه شتاينر -1995مسرحية مذكرات فرانك -2015 وثائقي عن المذكرات عرضته نشنال جيوغرافيك .
ان فرانك 1929 ـ 1945 احدى ضحايا الهولوكوست .. قضيت اثر مرض ابان تواجدها بالاعتقال .
لدينا في العراق من اختبأ عشرين سنة بحفرة خشية السلطة وشهدنا عودة للقرون الوسطى وقبلها بسبايا الايزيدين , وفصل صغيرات عن عوائلهن امام انظارهم بقوة السيف لاجل الزواج .. تتكرر الكوارث البشرية .. وعلينا تسجيل هذه المجازر والفظائع لعلنا نتمكن من العيش بامان .
ان تمكنت مراهقة المانية من رسم البشاعة في مرحلة من التاريخ وخلدتها فعلى الكتاب ان ينشطوا لتسجيل صور اخرى قائمة للتراجع البشري عن الضمير الحي .
ــــــــــــــــــــ



ما هي اكثر المواضيع قراءة ومشاهدة في العالم
طالما كنت اسأل نفسي بماذا يفكر الناس في العالم والوطن العربي؟.. ما هي المشتركات التي تستقطبهم ؟ وما لون الاسئلة التي تقلقهم وكيف يجيبون ؟
لايمكن الاستعانة بالاستبيانات لنجيب على السؤال( ما الذ ي يستقطبهم من المواضيع قراءة ومشاهدة) لكن معطيات تسجيل الدخول في اذاعة عريقة واسعة الانتشار مثل بي بي سي قد يعطي صورة اوضح , فقد سجل تطبيق الاذاعة لعام ٢٠٢٢ عشرقصص< مواضيع> هي الاكثر استقطابا للمتابعين وهي:
١ اعراض الاصابة بمايكرون ومتحورات كورونا
٢ منع الحمل والحبة السحرية
٣ النسوية من منظور اسلامي
٤ غشاء البكارة وكيف تنتهي اسطورة العذرية
٥ كأس العالم ٢٠٢٢ بقطر
٦ ماذا يريد بوتين هل ينهي حربه مع اوكرانيا
٧ وفاة الطفل ريان في بئر بعد انقاذه
٨ جدول مباريات كأس العالم ٢٠٢٢ ونتائجه
٩ العداءة السورية التي بترت ساقها
㿊 اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
ويظهر ان المواضيع التي تتناول شؤون القصص الانسانية والمراة تتصدر , تليها كرة القدم وتعقبها اخيرا الرياضة .. اذن الشأن الثقافي الادبي والعلوم والبحث العلمي يتراجع وان السياسة تتذيل القائمة . ورغم ان الاحصائية التي نشرتها اذاعة بي بي سي ليست كافية للاستنتاج فانها تعطي صورة اوضح لاهتمام المتابعين .
اما في التطبيقات الشهيرة مثل <التكتك > فواضح اهتمام الجمهور الاوسع بالقصص التي تتمركز حول الفكاهة والاغاني واخبار المشاهير والمحتوى النادر والمكياج والمطبخ .. من جهة اخرى يظهر ان المتابعين للمحتويات التافهة في ازدياد .
الانسان يرى نفسه محاصرا بزخم المعلومات التي تنهال عليه يوميا .. وهو مثل غريق يصعب عليه تمييز القشة من اليد المنقذة ... وان تعطيل التكتك في امريكا ليس حلا فهو انعكاس للاحساس بالرعب من غزو المحتوى ..
كنت ظهر امس في كية خلف سائق وصاحبه الذي كان مجهدا وبحالة نعاس...يقول له صاحبه السائق( انت نعسان ومتعب وبحاجة لراحة )... فاجابه هذا وكيف ذلك وانا اعمل حتى الغروب مقابل ٥٠٠ الف دينار ومنزلي بعيد عن مقر عملي ..فسهم السائق مركزا على اختناق المرور والتريلات الخمسة التي غطست في الوحل يسحبها دوزر بسلسلة..ثم قال له ( امس من مصرفي اعطيت عشرين الفا لابي ..فسألني( ومتى عملت ).. لكني كنت مجهدا فلم احرك عجلتي..).. عندها لم استطع السكوت فتداخلت معهما..بعدها ترجلت بروح مجرّحة.. مثل هؤلاء المتعبين حين يعودون بعد عمل مرهق لبيوتهم ماذا يقرؤون وما يتابعون !؟ .
ان اكثر من ستين فضائية في العراق تبث طيلة اليوم وعشرات الاذاعات لم تتمكن من اقامة حصن ثقافي يدفع الناس الى تجاوز العنف والانتهاكات وخلق بيئة ثقافية تقود الى بلد مزدهر ...فاغلبها مغلقة على نفسها وجمهورها ثابت ومحجم . علينا ان نواجه انفسنا بشجاعة ونضع الاصبع على الجرح لا ان نخشى من محتويات هابطة ..
علينا صنع البديل .

ــــــــــــــــــــــ










الرائد البريكان في ذكرى رحيله
خلال اكثر من ثلاثين عاما قبل رحيله لم يكتب عن الشاعر محمود البريكان سوى ما نشره طهمازي في مقالة لم تكن موفقة مما حفز البريكان الذي ليس من طبعه الرد ان يكتب ردا عليها وينشره وسوى الدكتورة سلمى خضراء الجيوسي في كتابها بالانكليزية عن الشعر العربي الحديث1977.بعد وفاته كتبت عشرات الكتب عنه ومئات المقالات والاطروحات الجامعية .
ولقد دعوت اتحاد الادباء في البصرة الى انشاء لجنة تجمع كل ما كتب عنه كما دعا طه حسين الكتاب الى وضع مؤلف يضم كل ما كتب عن ابي العلاء المعري وخاطبهم(ان المهرجانات عابره ), وهو ما نفذ ..ولكن دعوتي للاسف لم تجد صدى .
تمر هذه الايام ذكرى رحيله وسررت بقراءة مقالة عنها هذا اليوم في الحوار المتمدن كتبها الاستاذ ابراهيم العلاف .. وباعتباره مؤرخا كان ينبغي ان يتثبت من بعض المعلومات غير الدقيقة منها ان عبارته <قيل قتل >وهي عبارة ظنية الحقيقة انه قتل طعنا في البصرة بمنزله و <انه درس القانون في دمشق > الحقيقة انها شرع بالدراسة هناك واكمل مجمل دراسته في البصرة .. ولقد حدثني عن ذلك قائلا (بدات الدراسة في دمشق بعد سنوات من الانقطاع فقال اخي -ليس بامكانك ان تستانف - لكني باشرت دراسة القانون في دمشق وبعد ثورة 1958 صار الجو مضببا فعدت للبصرة وقدمت اوراقي .. ورايت العميد لم يعرني اهتماما فقلت له -انه مصير طالب- فقبلت .. ولم تكن الكتب متوفرة فكنت استعير الكتاب قبل الامتحان بيومين ). وذكر الاستاذ العلاف بان له مجاميع شعرية .. لكن البريكان لم ينشر اية مجموعة شعرية وما نشر <متاهة الفراشة > كان ديوانا وضعه باسم المرعبي ..- ودقيقة كانت الجيوسي اذ اختارت له في كتابها قصائد وقدمت لها ب (ولا يعرف له ديوان مطبوع ). وما ذكره الكاتب نقلا عن صلاح نيازي لم يكن حقيقيا لان البريكان كان مهتما بالخط والرسم كهواية وليس احترافا فلم يقلد اللوحات العالمية.
قصيدة لم تنشر في حياته :الفلاح الاَخير 1
( حيث يعتنق النخل والظلمات ، ويمشي السكون الخفيف على الماء ، يختم جولته ، يدخل الكوخ . يشعل فانوسه ، ويدخن تبغا رديئاً يعد طعاما من الخبز والرز . يطعم كلباً يتيماً . ويرفع طرفاً كليلاً الى صورةٍ ( ولد شاحب بثياب القتال ). ثم يدخل في غيمة الذكريات :
لا اَحد في البساتين لا شبح غيره . رحلوا وهو ينتظر الموت منفرداً !
البصرة
28-2-2003

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1 ) من مجموعته الشعرية < قصائد صغيرة لحرب المدن>

ــــــــــــــــــــــ







في قصص ضائعة لماركيز لماذا ينتحرن في السادسة مساء .
سواء وحيدة تماما في منزلها او مع طفل او اكثر او ان لها زوجا اقترن باخرى فيواصلها نادرا او يتناساها فالشعورعميق بكارثة الوحدة والضياع .
الرجال والناس لا يتمثلان ذلك , فالمراة لا تموت اثر رصاصة غادرة او نوبة او اي مسبب اخر للموت , الوحدة والاهمال هو سرطان الاحتضار البطيء .
اتذكر في طفولتي جارة تشع جملا وخلقا , نذرت نفسها في تلك الازقة الترابية الضيقة المتعرجة في بيت شيد من الطين ان لا تتزوج حتى ترى اخاها متوجا بشهادة دكتور .. حين تحقق الحلم كانت قد بلغت الثلاثين .ستمزق روحها كل ليلة فاذا حل المنتصف تغفو على شبح اليأس والرعب متسائلة ( ما الذي قد جنيت من العمر يا صاحبي ؟ ! ).
نحن نردد من الموروث <ظل رجل ولا ظل حيطة >وعراقيا ( اسمك رجل يا كعيم من وحشة الليل ) .
بالقياس ترجح المراة اسم رجل (شخصه المرفوض ), او ظله ( وجوده مع عدم نفعه ) على مخالب الوحدة وتحمل الاعباء منفردة .وليست الوحشة هنا خوف المراة من المجهول قدر ما هو تسكين من التوتر المرير والخواء الذي يصعب سبر اغواره حين تتمكن منها الوحدة ليلا .
في كتابه(قصص ضائعة )الذي يضم مقالات صحفية وقصصا نادرة يبحر ماركيز في هذا الموضوع عميقا , فيذكر انه كان يتسلى في محلات السوبر بمراقبة ربات البيوت وبعد التفحص يسال نفسه <ايهن ستنتحر اليوم في الساعة السادسة مساء >... ويقول ان هذه العادة السيئة جاءته من سنوات عبر دراسة طبية حدثته عنها صديقته الطبيبة وحسب هذه الدراسة فان اكثر النساء سعادة في الديمقراطيات الغربية ينتحرن في الساعة السادسة .بعد ان يعشن حياة خصبة ويساعدن ازواجهن على الخروج من المستنقع ويربين ابناءهن ليصبحوا شديدي العود وليني القلب وان جميع المشاكل قد تم تجاوزها فلم يبق امامهن سوى الانتحار في مستنقعات خريفهن الراكد .فينتحرن مساء .ويسجل ماركيز رأيا قد لا يتوقف عنده القارئ غير المتمرس وهو (لقد كتبت دوما عن شرط المراة وعن سر طبيعتها ومن الصعب معرفة الاراء الاقرب الى الصواب ) ورغم ان عبارة , شرط المراة , غامضة فان الجمل التالية تعكس محنة الرجل وان كان متبحرا عن ادراك الاعماق الحقيقية للنساء .
يسجل ماركيز رأيا لصديق له (النساء لا ينشدن اكثر من دفيء منزل وحماية سقف, يعشن في خوف دائم من الكارثة وفي نضالهن ضد جميع الشرور الغامضة لا توجد حيلة الا ولجأن اليها ... ولو ان الحضارة بايدي النساء لعشنا الى اليوم في كهوف الجبال ... ولكان جل ما يطلبنه من الكهف اضافة لكونه مأوى هو ان يكون افخم درجة واحدة من كهف جارتهن وان يحتفظن باولادهن آمنين .فعقب ماركيز (بعد اطلاعي على هذا الرأي كتبت ــ ان جميع الرجال عنينون ـــ ) ما اثار عليه امطارا من الشتائم . في اللوجستية المنزلية يكمن نضال المراة ولم تكن الحروب الكولومبية ان تحدث لولا استعدادهن لتحمل تبعات العالم وهن في البيت ..كان الرجال يمسكون بندقيتهم ويمضون الى المغامرة دون ان يتخذوا الاحتياطات من اجل اسرهن وقد يعود احدهم من حروبه فيجد كل شيء على ما يرام .
ويختم ماركيز بتعليل الظاهرة -الانتحار , (بعد ان كن جميلات , دؤوبات , مخلصات عنيدات كرسن افضل طاقتهن لدفع ازواجهن الى الامام بيد وبيد اخرى يربين الاطفال بتفان ومحبة في بطولة سرية كانت مبررا لهن في الحياة لكن تلك البطولة تضاءلت حين بدأ الزوج وحيدا يحصد ثمار الجهد المشترك وازدادت ضآلة بعد ان كبر الاطفال فكانت تلك بداية فراغ كبير لكنه ليس بلا علاج فثمت فجوة متمثلة بالاعمال المنزلية اكثر الاعمال سخفا في العالم كما ان اعتذار الزوج عن الحضور يمكن تقبله فثمت مسلسل وصالون التجميل وصديقات متشابهات ومكالمات مطولة فلا يبقى من المستقبل الا الساعة السادسة .. في هذه الساعة اما ان يحصلن على عشيق عابر من الصنف الذي لا وقت لديه لخلع حذائه او يتناولن كمية اقراص منومة وقاتلة ..
سيعلق الاصدقاء <كان لديها كل ما تحتاج لتكون سعيدة > ..لكن ماركيز يرى انهن كن سعيدات فقط عندما كن يملكن القليل مما يحتاجنه للسعادة .
ـــــــــــــــــ
هذه هي القصة كما رووها لي
تتحدث هذه القصة عن كارلو وريث امبراطورية صناعية ورئيسها .. كان في 36 من عمره اكثر الناس اناقة وكياسة في الحفلات ومحدثا لامعا بخمس لغات عازفا بآلات عدة كمحترف ..كان يغني ويرقص وطيارا مجربا ورياضيا ماهرا ومقلدا باهرا للشخصيات الشهيرة وله زوجة جميلة سعيدة وابن وحيد هو بيرو 8 سنوات هذه الصفات اثارت قلب سيلفيو المهاجر اللاتيني الخجول والكفؤ ولاسباب من النوع الاخلاقي لم يجد لها تفسيرا توصل ليقين بانه امام امر لا يطاق : رجل متكامل السعادة .
وكما راى في الافلام وهو يصحب بن رئيسه بالصدفة اجرى مكالمة مغطيا السماعة بمنديل ( انه يتحدث باسم منظمة بروليتارية ولا يمكن اطلاق الصغير الا بشرطين :ادخال اصلاحات عميقة في العمل و ودفع خمسين مليون دولار نقدا ...
(لا بد لرجل يعيش بسعادة كلية ان يمر بنكسة ).. هذا هو قرار سيلفيو ).
هكذا تتنقل في هذا الكتاب بين الواقعية والسحرية والقصة والمقالة الصحفية في رحلة مشوقة يتدفق فيها الخيال لاقصاه ويضعك اما م مباحث وقضايا انسانية تكرهك ان تفكر فيها بعمق .

ـــــــــــــــ

سحب عابرة لخوسيه حاصد نوبل :رواية المصائر الفاجعة.
يصنف بعض النقاد كتابات خوزيه بانه (tremendismo - اسلوب الهلع ) ..الحقيقة ان خوزيه يعد شاعر النهايات بالموت .. غالبا بنسبة عالية ينتهي ابطال روايته بالموت . شخوص روايته سحب عابرة لا تعبر ذاكرة قارئها بل تترسخ عميقا بسبب قوة الفاجعة وكمية المآسي التي تواجهها .. لكنهم في الرواية مهمشون يظهرون فجأة ويختفون تاركين لسعة الفلفل في الروح .. ان اقدارا تحركهم وتدفعهم لنهايات مأساوية انهم يعيشون في مدينة بحرية متوسطة المساحة لم يتبدل شيء فيها من سنين .. ولا افضل لديهم لكنهم بالمقارنة يرون ان ما مضى هو الافضل .. مدينة عجوز .. نسخة حياة مكررة .
جريمة شارع بلانشارالغامضة
اول فصل بل اول قصة في الرواية التي نسجت من سلسلة قصص قد تكون المدينة الساحلية التي تجمعهم وحدها البطل فيها .
خواكين الذي سنعلم لاحقا بان قطارا دهسه ..له ساق خشبية من الصنوبرترشح صمغا ..كأنه كان ينزمن صنوبرة حية ..ليست صورة شعرية اقحمت فقد اراد الكاتب ان يعمق احساسك بالفاجعة فسواء نزت حقا او لم تنز فانت امام مشهد يعصر روحك ساق ميتة حية .. التشبيهات لدى خوزيه ليست دوما بهذا الوضوح فقد تجري للبحث لتفهم وتتمثل بعض الاستعارات خلافا لماركيز ..
ــ الدينا شيء؟
ــ لا شيء لدينا !! وتملك الغضب زوجته ( منتشو ) التي افقدها اخوها الممثل فرمين عينها بلطمة مباغتة ..
بيت اذن بلا رغيف ماذا تتوقع من امرأة ..عينها الزجاجية تنز منها قطيرة ماء صفراء دبقة وهي في تركيبها عدائية وحقيرة وبلا خبز في المنزل ..انت هنا ان تأملت قليلا او قرأت بروية فسترى الكاتب نقلك مباشرة الى الجحيم .
انهما في مدينة حزينة قاتمة (مقاهي صغيرة ستائر نوافذها مخرمة ..نساؤها يكافحن لاجل اجهزة اعراسهن لكنهن سيتخلين عنها لانهن سلكن نهج الاباحية ولم يعد بامكانهن ان يعدن مستقيمات .. اي ان الهدف عرين ...
ايعقل ان يتزوج خواكين منتشو العوراء الممصوصة القرمزية الطويلة والضخمة الانف وشبه الصلعاء رغم انه لم يتزوج متسرعا فقد استشار .. يا لهم من مستشارين اغبياء ..
خواكين عمل في كل شيء : عامل منجم ,رقيبا في سلاح المشاة -عامل تجميل -مروج سلع -موظفا في مصرف -مهرجا -جابيا للضرائب وقد وفر مبلغا لافتا .. بعد كل تلك التجارب ياتي ليوقعه القدر في احضان زوجته المستبدة القبيحة ..
وخلال حياته لم يشك من حادث الا ان القدر كان يترصده ففقد ساقه من دهسة قطار ...يستطرد خوسيه هنا ليوضح الفرق بين من يتقبل الحدث والقدر دفعة واحدة ومن لا يقره بسرعة فلا يقتنع خوكين بانه فقد ساقه .. لقد لفت الساق المبتورة بعناية ووصلت الى مركز الشرطة .. وهؤلاء كان يعيشون بطالة مقنعة .. ووصول الساق احيا فيهم الامل .. قبلها كان رئيس المركز متذمرا من الاعمال اليومية الرتيبة ويطمح ان يرى حادثا يجعله يتنفس اوكسجين المهنة الحقيقي .. اخيرا تحدث الجريمة او الحادثة في منزل خوكين وزوجته شبه الصلعاء .
رغم ان فرمين -المتهم قرويا بانه خنثى - قد قلع عين اخته فهي تحن اليه وتتفاخر به امام صديقاتها ... وهو شيء غريب ..لانها بالعوق المظهري الذي تحمله وبزوجها المعاق وكمية الحقارة لديها كان ينبغي ان تحمل حقدا مؤبدا على اخيها ...ان مفردتي العين الواحدة والقطار تتكرران بكتابات وروايات خوزيه الاخرى ..
الرواية لا تشير او تتحدث عن الحرب الاهلية الاسبانية التي تواصلت لسنوات واصبحت خلالها اسبانيا ساحة لتدخلات عالمية .. بل تتناول آثارها من اناس منهزمين ضائعين يتحكم فيهم القدر المر ويحيك مصائرهم ..
يتضايق القاريء من كثرة الاسماء , ففي روايته خلية النحل حشد خوسية حوالي 300 اسما ..وما يبرر ذلك للكاتب ان الاسماء كانت تحمل ظلالها وايحاءتها وما تحملها من كم المعاني في الموروث الاسباني ..فبطله في روايته خلية النحل هو بائع احذية واسمه -سيقوندو -وهي تعني الثاني بالاسبانية صفة تضاف للاسم لكن بطله بلا ملك او مملكة .
ارى ان رواية -لحن ماثوروكا على ميتين - التي كتبها بعد سحب عابرة بحوالي 40 عاما تتربع على قمة الروايات في كتابات خوزيه الذي حصد نوبل 1989.
(لاثرو قتل غدرا وهو يستمني تحت شجرة التين ..ولم يكن بامكان اي احد ان يقتله بعمر 22مواجهة لا المغربي ولا غيره ... في المقبرة يتدفق ينبوع ذو مياه نقية تغسل عظام الموتى واكبادهم الباردة ..-لحن ماثوركا على ميتين . )

ــــــــــــــــــــــ

رواية الرحالة لحاصدة نوبل اولغا مذكرات فريدة بشعرية عالية

لسنا وحدنا نحن القراء العرب من نهمل كتابا مهمين او نفتقر الى الترجمات فقد نشر موقع Bookseller بتويتر: (قد تكون اولغا اعظم كتاب عصرنا لكنكم لم تسمعوا بها بعد ...)على الرغم من توفر ترجمتين من رواياتها الى الانكليزية في حينها ..ويظهر ان فوز اولغا بجائزتين كبيرتين بنفس العام 2018 هما البوكر ونوبل , قد جذب اليها المترجمين والقراء .. لكني لم اجد رواية غير الرحالة قد ترجمت لها وان المقالات حولها شحيحة باللغة العربية ..
حاليا تثير كتابات اولغا جدلا واسعا حول روايتها (كراريس يعقوب ) التي تتناول احداثا جرت على الحدود الفاصلة بين بولندا وما يعرف حاليا باوكرانيا .. , وهي قصة يعقوب فرانكا القائد اليهودي الذي اكره مواطنيه على الدخول في الكاثوليكية بالقرن الثامن عشر .. وتقع الرواية في 900 صفحة وبيعت منها 170000 ألف نسخة . وعلى اثرها وصفت اولغا بولنديا بانها خائنة لانها اكدت بان بولندا ارتكبت افعالا استيطانية مروعة في بعض الحقب التاريخية ..كل ذلك ادى الى الاستعانة بحراس شخصيين لحمايتها , وهو ما جعل اولغا تصاب بالصدمة فقالت .
بعد ذلك تعرضت لهجمة شرسة عندما عرض الفلم المأخوذ من روايتها (قد محراثك فوق عظام الموتى ) والذي حمل عنوان Pokot اي اثر الحيوان ... فقد نددت الصحافة البولندية بالفلم وعدته عملا مغرقا في عدائية الدين المسيحي وانه يشجع على الارهاب البيئي .. لكن الفلم جنى جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين .. وقصة الفلم عن عجوز غريبة الاطوار تعيش في قرية نائية وتجد حياتها الرئيسية تزعزع عندما يعثر احد جيرانها ثم قائد الشرطة على اناس مسحوقة عظامهم ومضروبين حتى الموت .
الرحالة
في ختام رواية الرحالة (دخلت في المرحلة التي يطلق عليها علماء نفس السفر لا يصنع ذلك فارقا .. انا هنا ).
حين قرات رواية الرحالة لاول مرة لم تضعني في شد اليها .. وربما العامل النفسي يتحكم بالقراءة فلحد الان لم اتمكن من قراءة اهم واشهر روايتين : الكريات الزجاجية ويوليسيس ..
تتدرج الرحالة في مسارين الاول هو البحث النفسي والتاريخي والاجتماعي والاخر هو تسليط المجهر على اشد الاشياء غرابة وابعدها عن اهتمام الكثيرين ..وتتصدر العناوين كل موضوع وافضل ان اسميها الحقول ...مثلا في عنوان <الجرذان > تتناول فيه جرذا تجري عليه مجموعة من الفتيات اختبارا فيوضع في متاهة .. لكن الجرذ يتحدى نظرية بافلوف في الانعكاس الشرطي ولا يستجيب فيقف يواجههن رافعا قائمتيه متحديا المنعكسات الشرطية .. وتحت عنوان <راسك والعالم > تكتب : هناك افتراض خطير على نحو مرعب , اننا ثابتون وان ردود افعالنا قابلة للتوقع , هكذا ينتهي الجزء الذي تحدثت فيه اولغا عن تجرتها في دراسة علم النفس : ( كيف يفترض بي ان احلل الاخرين فيما يصعب علي انا نفسي اجتياز كل هذه الاختبارات ), كانت الحجج التي تقدمها اولغا تفضي لحجج اخرى في تفسير حالة او ظاهرة سيكولوجية .. فهي لديها نزوع لتمويه ما يبدو واضحا , وهي سرعان ما تكشف بان الاراء لا صحة لاي منها , كلها مزيفة ومقلدة والسبب في ذلك يعود لعدم رغبتها باعتناق اراء ثابتة ..
في مجال السرد الشعري
1 - تبدا رواية الرحالة بوصف اول رحلة لها وهي صغيرة .. فيفتقدها اهلها وان لم تذهب بعيدا ولا يمكن لرادار حينها ان يكتشف موقعها فتصل لنهر صغير (لم يكن نهرا كبيرا لكن انا نفسي كنت صغيرة ..ينساب على هواه بلا عراقيل تذكر ..ميال للفيضان , غير متوقع ..من حين لاخر على طول ضفافه كان يقابل عائقا تحت السطح في مكان بعيد ,لكن النهر يجري بخيلاء لا ينشغل الا بمقاصده الخفية وراء الافق .. لم يكن بوسعك ان تركز عينيك على المياه اذ كنت ترفع انظارك الى ما وراء الافق الى ان تفقد توازنك .... لم يعرني ادنى انتباه , مهتما بنفسه فقط بتلك المياه المتغيرة الطوافة التي لا يمكن ان تنزلها مرتين .كان النهر يتقاضى ثمنا باهظا لكي يحمل تلك القوارب ففي كل عام كان شخص يغرق في النهر سواء كان طفلا نزل لياخذ غطسة في الماء او ...كان البحث عن الغرقى دائما مصحوبا بكثير من الابهة والبهرجة حيث يقف كل من في الجوار بانفاس متهدجة ...) .
2- زحف الظلام ينقطع عند باب البيت وجلبة الافول تمهد تصنع قشرة سميكة كتلك التي تتكون على سطح الحليب البارد ,الخطوط الخارجية للبنايات تمتد امام خلفية السماء اللامتناهية تفقد على مهل زواياها الحادة اركانها حوافيها ..الضوء يعتم فياخذ معه الهواء لا يبقى شيء للتنفس ... الان يتسرب الظلام الى داخل جلدي لقد تكورت الاصوات على نفسها ساحبة اعينها الشبيهة بعيون الحلزون , لقد غادرت اوركسترا العالم تبخرت في ظلام الحديقة .. واضح اني رايت نفسي في شرك ..عمري بضع سنوات ..الجميع غادروا اود اغادر لكنما من مكان اذهب اليه )..
حين تعد الرحالة رواية فانت امام خيارين اما تحسب المذكرات الاخرى رواية او ان يتم تغيير المفاهيم الروائية ..تقول اولغا <لقد كتبت الرواية باسلوب كوكبي > وهي تعني شذرات متفرقة يربطها جميعا افق السفر والترحال ...وقد يواجه القاريء مللا ببعض فقرات الرواية ولكن لان الحقول <العناوين الرئيسة > قصيرة نسبيا فبامكانك ان تجتازها وتكمل او ان تفتقر الى معلومة مهمة تعيقك عن الفهم . فاغلب الاجزاء منفصلة عن بعضها واكثر الابطال يظهرون ويغادرون متوجين بنهاية لهم ترسمها اولغا او تستبطن منها حكما , او تعلق .
ـــــــــــــــــــــــــــ













النوبلية اليس مونرو : الغور في روح المرأة

(اذا تركت المراة الحزن لدقيقة واحدة فانه سيعود ليغريها بقوة اكبر عندما يصدم بها مرة اخرى - اليس ) ..(السعادة الدائمة هي الفضول -مونرو ) . هذان الاختياران يستحقان ان يكوّنا دليلا يقود لجغرافية القاصة الكندية اليس مونرو <91 عاما > المتوجة بجائزة نوبل 2013 . ورغم ان الكثير من الكتاب غادر القصة القصيرة وتوجهوا لكتابة الرواية فانها ظلت وفية لخطها الاسلوبي فلم تغادر حقل القصة القصيرة .. وقد اصدرت 14 مجموعة قبل ان تعلن توقفها عن الكتابة .
في مجموعتها (الحياة العزيزة ) ـ صدرت 2012 بالنص الانكليزي .. ت نهلة الدربي , 15 قصة تعكس خيبة المراة ومحنتها وهي تواجه النهاية الماساوية للحب .. وتلك النسوة والفتيات المهمشات الذين يتشبثن بصعوبة في الحياة التي غدرت بهن ..وذلك الوصف الحي للريف والحياة فيه .. والرجال الذين لا يبالون بالنساء , المجموعة لا تبهرك بقوة البلاغة او اللغة الشعرية كما ترى ذلك لدى ماركيز وغيره .. لكنها ترسم حياة مكثفة لحيوات بسطور لا تتعدى اصابع اليد تضعك امام مشهد عميق لتلك الارواح وماسيها وتطلعاتها وخيباتها .. فكثير من الشخصيات تظهر في قصصها ظهورا برقيا لكنه يعصر روحك ويضعك امام شبكة من الاسئلة التي عليك انت الاجابة عليها او فك طلاسمها .كل ذلك يجري عبر رادار سيكولجي يكشف اعمق الخلايا في روح الانسان خاصة المراة . تقول مونرو <لا يمكنني ان ارى ابطال قصصي آنيا محصورين بضغط اللحظة , لهذا ارغب بوصف كل ذلك قدر ما استطيع ) , وهي تحضر عدتها الكاملة والمعمقة لشخصياتها قبل ان تتناولهم على حد تصريحها .
امندسون نموذجا :
من المحطة وعبر القطار بعد سلسلة من الاحداث المتسارعة والوصف الدقيق للمشاهد وتثلج الطقس والطبيعة وتسيد اللونين: الابيض والاسود والشخصيات العابرة .. تصل البطلة الى مبنى سان -مصحة علاجية خاصة بالاطفال المصابين بالسل - ـ بمهمة تدريسية , هناك مع الخطوات الاولى تعرفت على الطالبة هايد المميزة بالفضول والاختلاف فتطرح عليها اسئلة عدة ... وتقودها لغرفة الطبيب ريدي فوكس (نحيف متوسط الطول ,شعره اصفر مائل للحمرة مقصوص على نحو جعله قصيرا للغاية ,لامع في الضوء الصناعي ..يكبرها ب10 سنوات او خمس عشرة سنة يتحدث بطريقة الرجل الاكبر سنا ..واجابته انها هنا لا تشعر بالملل ويبدو لها الامر كانها داخل رواية روسية فيسالها اية رواية ؟ فتصاب بارتباك لانها قرات اجزاء من تلك الروايات لكنها بسبب حاجبه الشبيه بقبعة عسكرية وتعبير وجهه الودي والتحدي قالت (الحرب والسلام ) .. هنا بدا اول احتكاك واول تحد فيقول لها (لدينا هنا السلام اما الحرب فانضمي لواحدة من تلك الوحدات النسائية وسافري عبر البحار ).فشعرت بالغضب والاهانة واتضح لها بانه يطرح اسئلة شبيهة بالفخاخ .
وبجمل مختزلة ترسم الكاتبة صورة ناصعة لرئيسة الممرضات (قصيرة القامة , قوام ممتليء,بشرة وردية ,تتنفس بصعوبة , نظارات بلا اطار أي طلب يقدم لها يثير دهشتها ويسبب بعض الصعوبات ,ابدا تخلق جوا غير مريح انى حلت لكنها غالبا وحدها تنزوي بغرفتها الخاصة ).. حينما يقودها الطبيب لمنزله وتكتشف اسلوبه الحياتي من خلال نوعية كتبه وسلوكياته الاخرى تتسارع الاحداث ويقرران الاقتران ببعضهما بعد ايام .. هكذا بلا محبس ماس ولا طقوس عقد ولا احتفال يمضيان للزواج على عجالة ... لكنه في سيارته يخبرها فجاة انه لا يستطيع تكملة الامر, ما اصابها بالذهول وبقيت لاخر لحظة تتوقع انه يمزح .. وسيعود لها معتذرا <انها مزحة > .. وحتى عندما تستقل القطار عائدة لمدينتها تفكر بكل لحظة ان ترمي نفسها وتمضي اليه ليوضح الموقف .. لكن ذلك يشعرها بالخزي ..وربما هذا الموقف تمر به كل النساء بالعالم عندما يهجرهن الرجل دون ان يقدم سببا او اعتذار .
ان مونرو بكل قصصها تجعلك تكتشف اشخاصا جوارك او في موقع عملك او الاسواق , لهم حياة عميقة لكنك لا تنتبه اليهم .
وصفت الاكاديمية السويدية مونرو <افضل من كتب القصة القصيرة في العصر الحديث >.
من اعمالها (الدب القادم من الجليد -تحولت فلما -المتسولة-حب امراة طيبة -الهروب -حياة الصبايا والنساء ).
ــــــــــــــــــــــــــ
اضراب الشحاين للسنغالية اميناتا ساو
تتمتع القارة الافريقية بثروة عميقة في الحكايا الشعبية .. وبثراء ادبي استقطب اليها جوائز نوبل .. الكاتبة امنياتا السنغالية مواليد 1941 بعد ان اصدرت روايتها الاولى < العائد من الموت > تبدع روايتها -اضراب الشحاذين - سنة 1979. لقد ساعدها انتقالها للدراسة الجامعية بفرنسا - لتتخصص بالاداب والترجمة الفورية - واكتضاض منزلها بزائرين حيويين والكتب التي تيسرت لها في المنزل على ابداع متميز وغزير .فقد اصدرت للان 8 روايات منها (نداءات ساحات الحرب وعناب البطريك وعيد الاستغاثة ).
اليست فكرة الاضراب للشحاذين غاية الطرافة ؟!!.. الاغرب منها ان يسبقها الكاتب المصري احسان عبد القدوس فينشر بمجلة روز اليوسف سنة 1957 رواية بنفس العنوان مع تشابه بالمحتوى .
طلبا للترقية يأمر الوزير بان تخلو الشوارع من الشحاين ..لانهم يضرون بقطاع السياحة ويضايقون الناس .. هؤلاء المجذومون والمرضى .. الخرق المكونون للنفايات البشرية , فضلات الناس الذين يهاجمونك ويضايقونك حسب وصف الكاتبة ..
لكن عراف الوزير يخبره بانه سيترقى نائبا لرئيس الجمهورية خلال ثمانية ايام ان هو من ثوراطعم 77 شحاذا صدقات . فينفذ الوزير لكنه لم يجد الشحاذين , تنقل في المدينة حاملا اكياس اللحوم لكن عبثا ..كانوا قد دخلوا بالاضراب .. فيرفضون تقبل الصدقات من المارة ويسحبون صحافهم . ما اضطر الوزير ان يقصد مخابئهم ليقنعهم لكنهم قابلوه بقوة الحجج رافضين العودة للشوارع , جرى ذلك المشهد بصورة كاركاتيرية .. واخيرا فازشخص اخر غير الوزير بمنصب نائب الرئيس . لقد تمكنوا من هزيمته .
حصدت ساو الجائزة الادبية الكبرى لافريقيا سنة 1980 .. وعدة جوائز اخرى .
الاصل باسم الرواية هو <<اضراب الباتو ـ النفايات البشرية >> والباتو اناء المتسولين يعرضونه على المارة لتقبل الصدقة ويظهر ان له معنى رمزيا باللغة الفرنسية .. وقد ترجم الرواية الكاتب التونسي جمال اكلاصي .
ساو تغور عميقا في المجتمع لتلتقط منه المنسيين ومن يتمزقون وتلك التوترات التي تهز المجتمع مثل مواطنتها ميريامابا التي ابدعت روايتها <خطاب طويل جدا > فتروي قصة امراة بعد عقدين من الزواج يتركها زوجها ليقترن بصديقة ابنته ويسافر معها تاركا اياها تعاني مع 12 طفلا وقد نسجت روايتها باسلوب الرسائل الطويلة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهاث وراء المطاعم والوجبات السريعة
حدث بعد 2003 تغير في السلوك والعمران في البصرة ..ضمن سلسلة تغيرات تحدث لدى الشعوب بعد الثورات والهزات والانقلابات .
لم ننم في المدينة الجنوبية ونستيقظ على انتشار واسع للمطاعم التي امتازت بفخامة الاثاث والوان من الاطعمة التي لم نالفها او نعرفها , ولم يندفع الناس بشكل مفاجيء لتناول الاكلات الفرنسية واللبنانية والايطالية .
ولكن الارتياد لهذه الامكنة سرعان ما اندفع كالفيضان ليشكل ظاهرة اجتماعية .
هذه المطاعم المستحدثة تعتقلك بسحر الفخامة ولذة الخدمات .
لقد انتشرت هذه المطاعم لكون البصرة محافظة جنوبية ساحلية وتتمركز فيها الثروة النفطية وشهدت حركة استثمار, وسكانها في ازدياد لكثرة الوافدين فضلا عن تنامي الثروة بطريقة تقفيزية لدى فئات معينة .
ويمكن تصنيف المطاعم الى شعبية ومتوسطة وخمسة نجوم اعني تلك المطاعم التي انشئت في الفنادق الحديثة الفخمة .
لقد عوضت هذه المواقع الفقر العمراني فلا تتوفر متنزهات عامة بما يكفي ولا اماكن ترفيهية وكثير من البيوت ضيقة فتقصدها العوائل للاستجمام اكثر من الحاجة للطعام .
فيما يقلد بعض الناس اولئك الذين يقصدونها وينشرون تصويرها وانفسهم في مواقع التواصل الاجتماعي .
في احد الفيديوهات تظهر ممثلتان عراقيتان تطلبان انواعا من الاكلات الغربية ثم تصوران لقطات من المائدة بالهاتف وترسلانها (انظرن نحن هنا . اكل صحي وموقع يخبّل..)..بعدها يستدعيان النادل <نريد وجبة > ,فلما استغرب اوضحتا بتوتر (وهل هذا طعام .. ازله اوننشره على الارضية ).فتطلب احداهما تشريب والاخرى باجة -ادسم وجبتين -مؤكدتين على توفير الشحوم والدهنيات والفلفل والبصل .. يشمرن عن اذرعهن وينهمكان ..هذا الفيديو كان موفقا برسم المجاراة والجري وراء التقليعات .
في مشهد اخر نقل لي من مصدر موثوق حيث تستدعي زميلتها والطفل لمائدة فاخرة في احد المطاعم ..فلا يستسيغان الطعام فيما زميلتها متلذذة وتصور الاكلات ..بعدما يعودان في التاكسي تطلب من ام الصغير ان تدفع الاجرة .. لقد افلست .
هذا النهج السلوكي انتشر بمساحة واسعة في البصرة ..
حتى طلبة الجامعات احيانا يغادرون بهيئة كروب ليتناولوا في مطاعم خارج الحرم الجامعي ..ويصادف ان البعض من عوائل ميسورة والاخرون خاصة الفتيات تعاني كي تجاري زملاءها .. يترتب على هذا احيانا خراب عائلي , فبعض الفتيات اللائي يتزوجن يحلمن برجل يصحبهن الى المطاعم ولا يعنيهن امكانياته المادية المتواضعة اوتضجره من الظهور والتنمر .
اما المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة فقد انتشرت كالعشب في كل مكان .خاصة انها توفر لك المقبلات المتنوعة معروضة امامك بنكهاتها ولوانها الجاذبة وانخفاض سعرها وقربها وسخونتها وتفرد اسمائها ,فعنوان مثل >دلع كرشك< ــ أي دلله ــ سيجذبك قبل السندويج .
في عصر السرعة تفضل بعض العوائل ان يقتني لها صاحب الدارتلك اللفات للعشاء .
لقد اضيفت خدمات التوصيل جذبا فما عليك سوى ان تتلفن وتصبر عشر دقائق فياتيك الكباب لبابك ,ساخنا وشهيا .
قد تفرد بعض المطاعم الجنسين عن بعضهما او تدمجهما .. وتقدم احيانا النركيلة .. من كان يتوقع ان يرى فتاة تدخن في مطعم بالبصرة ذات التقاليد الراسخة . وكم احس باسف حين ارى نماذج يرتادون وهم لا يجيدون جمال الحديث والمشي والمظهر .. يصعب على المتتعب ان يفرز المستويات الطبقية او ملامحها بهذه الاماكن ..في مراحل النهب قد يتمكن أي جسور ان يكون غنيا في اسابيع .
رحم الله الشاي المهيل المنضج على حطب او نار هادئة , واولئك النسوة اللواتي مبكرا يمسكن بادوات الطبخ وينضجن وجبتك بمزاج رضي وفن فتشم رائحتها قبل ان تطرق الباب .. فتدخل في معركة الهضم دون خشية من اضطراب صحي , في جو من الانسجام العائلي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاطاريح الجامعية في العراق ما تزال معلبة
منذ اواخر السبعينيات كنت مهتما بالرسائل الجامعية واتذكر كانت تذاع مناقشتها من اذاعة بغداد كل ليلة احد ..اخر عهدي بها حين سمعت الدكتور المشرف يصرخ وهو يصغي لجواب الطالب الذي قال ان اصل مادة استقراء هو قرأ وقال متوترا (متى سنتمكن من كتابة اطروحة دقيقة ) , كان ذلك المشهد المسموع دليلا على بداية التراجع في المستوى .. نحن الذين شهدت لنا اليونسكو بالتقدم المعرفي .
الان ..تدفعك حاجة ملحة فتطرق احدى منشآات الاطاريح الجامعية فيستقبلك رجل ودي ويزودك بعنوان لا تستطيع الوصول او الاهتداء اليه .
هذا هو حال المهتمين حينما يبحثون عن احد البحوث .. فقد وضع الدكتور حامد الظالمي - جامعة البصرة - مؤلفه (الفهرس الشامل والاطاريح المنجزة في العراق لغاية 2013)..منذ بداية الاطاريح بالستينيات من القرن الماضي .. وشمل 70 ألف اطروحة بكل الاختصاصات لكن من النادر ان تجد ايا منها في مواقع البحث الالكتروني او المكتبات ..
اما موقع (بنك الرسائل والاطاريح الجامعية العراقية )الذي اعدته مكتبة العتبة العباسية المقدسة فقد احتوى على ما ندر من البحوث التي يمكن تحميلها .
ويكشف الكتاب الذي نشرته السفارة العراقية بلندن على موقعها والوارد اليها من دائرة البعثات يعكس مدى الاهمال الذي تعاني منه الاطروحات , فقد ثبّت الكتاب <تصرف الاجور فقط ل طباعة وتجليد 6 من الاطاريح واستنساخ 22 قرصا مدمجا >..لا ادري كم شخصا تعصر قلبه هذه ال --فقط-- .
ولان طباعة هذه الاطروحات هو ضرب من الخيال في هذه المرحلة لكن الطموح ينصب على تحميلها باقراص وتثبيتها بموقع الكتروني . وذلك لا يستدعي مبالغ عصية .
يصاب الانسان بالذهول وهو يرى الاموال التي تخصص في دول العالم للبحوث ..اما نحن فخارج التغطية حتى الان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كازو المتوج بنوبل بقايا اليوم التخلي عن الذات لاجل الخدمة .
من سنتين غادرت قراءتها بعد 20 صفحة .. لم ترق لي .. ولاني احارب عاداتي القرائية واحورها باستمرار فقد عدت للرواية بعد يومين اذ انا امام رواية تمكنت من اجتيازامتحان التاريخ وتخلدت .
رواية < بقايا اليوم > تتناول رئيس الخدم -ستيفز - يعمل في دار لنجتون هول البريطاني ..الذي يفني عمره في خدمة صاحب الدار اللورد البريطاني , المؤثر بقوة في مجرى السياسة البريطانية .. متخليا عن اية احلام سوى المهنية , كابتا عواطفه مشغولا عن العالم الا احداث القصر ..وهو يرى انه بتفانيه بخدمة اللورد سيساهم بخدمة انكلترا .
حين توج بجائزة نوبل 2017 رسمت الاكاديمية السويدية انجاز كازو ب (كشف الهاوية التي تقف تحت شعورنا الوهمي بالاتصال بالعالم في روايات تمتلك قوة عاطفية عظيمة ).
وعلى القارئ ان يتعامل بحذر مع التوصيفات السويدية لحاصدي نوبل ..لان اهم ما يميز باولو ايضا هو تناوله لشخصيات بعيدة عن التناول ويشبعها بحثا .. ان الكتابة عن مثقف اسهل بكثير من الكتابة عن مثل هذه الشخصيات ..مثلا ان كان البطل حوذيا فانت محدد بالبحث او كان شاعرا او كاتبا فبامكان المؤلف ان يزج بافكار ثقافية وفيرة ما يسهل عليه مهمته .
يضعك الكاتب في بقايا اليوم امام ازمة حقيقية ذاتية وموضوعية من السطور الاولى .. فانت امام جشع رأسمالي واضح فقد تحولت ملكية الدار لغني امريكي وطلب من رئيس الخدم ان يسرح الخدم وان يعتمد على 4 اشخاص .. تصور حال ستيفر وقد كان يدير القصر ب17 فردا و28 في بعض الاوقات ...كيف سيحافظ على الفخامة في القصر والخدمة الفائقة .. ولعل المالك الجديد التقط الحرج من ملامح ستيفر فقال له -تتمكن من اضافة خادم خامس وان تستعين ببعض يعملون بالقطعة , مؤقتين -.. انه اول ادانة للجشع الرأسمالي , اربعة بدل عشرين . ويطلب منه ان يتمتع باجازة ليرى جمال الريف الانكليزي وللتشجيع يطمئنه -الوقود على حسابي - هذا الموقف تزامن مع رسالة مهمة من زميلته في العمل انسة كنتيون ـ التي عملت معه لعشر سنين ـ وقد غادرت الدار لتتزوج ..اذن يمكنه ان يقصدها فيقنعها بالعودة الى العمل .
وبين الاستذكار للقصر انكليزيا وامريكيا تشتغل الذاكرة والمقارنة بين حضارتين مختلفتين واسلوبين متغايرين بالتعامل مع الاحداث ..ويتم تسليط الضوء على التغيرات الاخلاقية ..
كان ستيفز قد ركز كل طاقته الفكرية والنفسية لانجاح الخدمة ربما هو يرى بهذا النجاح نجاحا للامة ..لهذا توّج باعلى درجات ضبط النفس والاداء الاداري الفائق .
لكنه خلال ذلك ينسى نفسه فيهمل الانسة كنتيون ولا يعبر لها عن مشاعر, لقد كبح نفسه بجدارة .. ولم يمض لاغماض عين ابيه الميت بل كلف زميلته بذلك ..وهو معهم بالقصر لانهماكه بتادية خدمة في اجتماع مهم ضم اصحاب هتللر وانكليز وفرنسيين .
تتحدث الرواية عن زمن كانت البشرية فيه على شفا حفرة .. وان القبضة الهتلرية الصلبة في طريقها لاكتساح العالم . فهل كانوا محقين عندما ادين اللورد البريطاني بالتواطيء ..وهل استجابت لكبير الخدم زميلته حين دعاها للعودة وما سر تفاني الاب وهو يؤدي خدمة بالقصر اعتادها لكنه تلكلأ بها بسبب العمر. اسئلة تلح ان تقرأ الرواية لتستكشف اعماقها .ورغم ان تراخيا يحدث في الرواية نسبيا الا ان قوة الاحداث لا تدعك تتمكن من الفكاك من سلسلتها التي تسحك بقوة .
اثناء تسلم كازو نوبل ذكر ( لوالتقيتم بي سنة 1979 ربما لوجدتم صعوبة بالتصنيف حولي من الناحيتين : الاجتماعية والعرقية .. كان محقا فقد نجت امه من القنبلة الذرية على اليابان وانتقلت عائلته الى لندن سنة 1960 لكنه لم يحصل على الجنسية البريطانية الا 1982 ورغم ان تربيته صارمة ـ فكانت عائلته تشترك بسلسلات تعليمية وادبية يابانية وتطلعه عيها ليشد الى بلده ـ فانه لم يزر اليابان الا متاخرا ما خلق لديه ما يمكن تسميته -دسنتر سيلف - الفجوة النفسية .
حولت الرواية الى فلم بنفس العنوان ادى دور رئيس الخدم الممثل الاوسكاري انتوني هوبكنر , ما اكسب الرواية شهرة اعظم.
ــــــــــــــــــــــــــ
ولد كازو 1954 باليابان , انهى الماجستير في الكتابة بالفنون الابداعية بانكلترا ..له اكثر من 8 روايات مترجمة, من رواياته : (من لا عزاء له - لا تدعني ارحل -بينما كنا يتامى صدرت في سنة 2000 -ورواية كلارا 2021.
كتب بقايا اليوم بشهر واحد وقد اغلق هاتفه وانعزل حتى اتمها . رشحت رواياته لاكثر من 40 جائزة عالمية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
افغانستان وسحر عنصر الليثيوم
تكالبت دول كبرى وامبراطوريات لاحتلال افغانستان .. ولم تتمكن منها جميعها ..فقد احتلها البريطانيون والروس والامريكيون .. ما اثار بذهني سؤال .. لماذا ؟ لم اكن مقتنعا بسبب التطرف ولا الموقع الاستراتيجي وغيرها من الاسباب , كنت اتوقع ان كنوزا معدنية لا بد ان تكون في تلك الدولة التي وصفت بانها مقبرة للمحتلين .
تحتكر افغانستان من 80 الى 90 بالمية من الانتاج العالمي للافيون والهيروين .. سنة 2021تضاعف الدخل الذي حققه المزارعون من مبيعات الافيون الى 3 أضعاف من 425 مليون دولار في 2021 الى 1,4 مليار دولار عام 2022 وفقا لمكتب المخدرات التابع للامم المتحدة في فيينا .فيما تبلغ ثرواتها الاخرى من المعادن : (60 مليون طن من النحاس و2,2مليار طن من خام الحديد و 1,4مليون طن من العناصر النادرة من المعادن فضلا عن مناجم كبيرة للالمنيوم -ذهب فضة -زنك -زئبق -).
اما المناجم فلديها 1400 منجم للاحجار الكريمة و5 مناجم ذهب و400 نوع من الرخام ..وحسب عبد الكبير زدران الاستاذ بجامعة كابل فان (تاريخ التعدين في افغانستان يعود ل 6 الاف سنة كما يوضح ذلك التنقيب في منجم النحاس بولاية منجر لوغر . يتوفر الازورد في بنجشير و15 منجم للعقيق . فضلا عن خزين نفطي .
الليثيوم
ان خامات هذا العنصر تتمركز بولاية هلمند وغزني وغيرها .. وقد اكتشفها الخبراء الروس .. وبقيت المعلومات سرا حتى اعلن عنها سنة 2004 . فيما اجرى الخبراء الامريكيون مسحا جيلوجيا وتوصلوا لاكتشافات مهمة بكميات وانواع المعادن وخاماتها .. وتقدر قيمة الليثيوم 3 تريليون دولار حسب علماء الجيلوجيا والباحثين الامريكيين وجيشهم حسب دراسة استقصائية اجريت سنة 2016 .
تم اكتشاف الليثيوم سنة 1817 من قبل السويدي يوهان اوغست .. وهو عنصر يطفوعلى سطح الماء لكثافته المنخفضة .. وهو عنصر مهم في صناعة البطاريات والخلايا الكهربائية ويستعمل ببعض مركباته مثل اضافة لوقود الصواريخ .. في المجال النووي تستعمل نظائر الليثيوم في مجال الاسلحة والقنابل النووية والهيدروجينية وحقول الطب .
ان هذه الاحصائية لا تعني التقليل من اهمية الموقع الاستراتيجي لافغانستان ودوره بتعرضها لغزوات متسلسلة منذ القدم . لكن الان سيتصاعد الصراع بقوة بين امريكا والصين على خامات الليثيوم بافغانستان نظرا لمكانة الصناعات الالكترونية وضرورة هذا العنصر بصناعتها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عود ثقاب حول الادب والرواية الفيتنامية
< الكاتبة دوام تي > قدمت دراسة عن الاداب الفيتنامية بعنوان - كيف يكتب فيتنام المعاصر- , في مقابلة اجرتها معها مجلة الاداب الفرنسية تقول ( تشهد الثقافة الفيتنامية تحولا , فالادب الفيتنامي يجتاز مرحلة ثرية بالمتغيرات وان الاقلام الشابة تتابع مسيرة عمالقة الكتاب الفيتناميين المتاثرين بالفلسفة الكونفوشسية المؤمنة بالتقمص والتجسيد ويساهمون في ترويج الروحانيات الفكرية التي تعمل على بناء الانفس قبل الاجساد .. ليس مسؤولية الاديب مداواة امراض المجتمع انما مهمته التساؤل عن عسر الحضارة وياتي ابطال المؤلفات الحديثة كشخصيات هامشية تتساءل ما الذي يحمل هذا القرن ...شخصيات لا طموح لها لكنها تسعى لتفسير الاحداث كما لدى الاديبين - نغوين هويثياب و باو نينيه في رواياتهم الكلاسيكية .
من ابرز الادباء الشباب فونغ دييب في روايته -بلوغر -حيث بطلته تدمن الشبكة العنكبوتية وهي فتاة غير ناضجة تزداد خجلا و انطواء حين تقابل الناس - فيتساءل الكاتب < اية علاقة هذه تقوم بين الجيل الشاب و بين الثقافة الرقمية ؟> , اما الروائية ثوان - فتطرح في اعمالها الرحلات الافتراضية للشباب الفيتنامي عبر الانترنيت وما تحمله تلك المحطات من احباط وتشاؤم وتتابع الكاتبة دوان كام تي : (ثلاثة ارباع الشعب الفيتنامي ولد اواخر الحرب الامريكية على فيتنام والادباء منهم شديد الطموح لخوض غمار الرواية الحديثة بعد هجره القصة القصيرة التي تسيّدت في النصف الاول من القرن الماضي وتستعرض الكاتبة اشهر الكتاب مثل نجوين فيت صاحب رواية -فرصة امام الله - صدرت 1999. فابتعد الكاتب عن النمطية في وصف حقول الارز والجدات قرب المدفاة ليتبع اسلوبا صداميا يتناول فيه اوضاع البلاد المجاورة فهو متجدد واطاح باسلوب السر التقليدي وخلط الاشكال الروائية دون ان يتخلى عن كلاسيكيات الادب الفيتنامي والفلسفة الكونفوشسية وكيفية تاملها للكون وتختم لقاءها ب <بعد ان انشغل ادبنا بالحرب طويلا ينفتح الان على العالم بسبب النزوح وهجرة الادباء وان الادب بحث مستمر عن الاخر.
لكن ماذا عن رواية -جنة العميان - ل تيو هيونغ ....وآن تساو التي اصدرت روايتها الاولى <جسر القرد> ؟!. حقيقة نحن نشعر بفقر ليس قصورا منا بل لشحة الترجمات . رغم ان عبد المعين الملوحي تمكن من ترجمة 4 مجلدات في الادب الفيتنامي بلغت ثلاثة الاف صفحة ويشمل الجزء الرابع المرحلة من 1945 ـ 1975من انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى تحرير مدينة سايفون هوشي منه .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ترجمت المقابلة : مها محفوض محمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كناس الشوارع والصحافة الفكاهية في العراق
عرف عن العراقيين روح الفكاهة وهم من قديم يستخدمونها لنقد اخلاقيات اجتماعية مرفوضة ولشجب التسلط وفضح ممارسات السلطة .وقيل ان نوري السعيد علم برجل ينتقده فقال سجلوا كلامه فاتوا اليه فشعر بنيتهم فلما سالوه كيف ترى حكم السعيد فاشار بذراعة بحركة اباحية وقال - حكم ممتاز - .. العراقيون يستخدمون الكناية والمجاز والاشارة للنقد والفكاهة وحتى السعلة احيانا . وقد شهدت روح الطرفة والسلوك الفكاهي منتشرا في المناطق الجنوبية لدى الفلاحين ..لهذا لا استغرب ان اقرأ احصائية ثبتها عبد الرزاق الحسيني عن الجرائد والمجلات الفكاهية في العراق من 1908 ــ 1923 وبلغت <90 مجلة و213جريدة ...
1 - جريدة <جكة بار > وتعني بالتركية الثرثار وتلفظ -جنة باز - صدرت في الموصل في 1911 باربع صفحات : اثنتان بالعربية و2 بالتركية . صاحب امتيازها ومديرها عبد المجيد خيالي .. ثبت في صدر صفحتها بالتركي ,مزاحي غزته ,
2- كناس الشوارع صدرت في 1925 واحتجبت سنة 1926 صاحبها ومديرها المسئول ميخائيل تسي ... اهتمت بالنظافة والانارة والتبليط وردم المستنقعات وكشف المتلاعبين ونقد البدع والخرافات .ولصاحبها كتاب <نقدات كناس الشوارع > بخمسة اجزاء واصدر جريدتي -سينما الحياة ومرآة الخيال - .
3- الكرخ اصدرها الشاعر الفكاهي الشهير عبود الكرخي صاحب قصيدة المجرشة في 1927 وتوقفت 1936 وقد صدّرها بقوله :
<اول ما توكلنا على الرحمن ..نشتم كل عنود وخائن الاوطان > .
4-مرقعة الهندي , اول جريدة ساخرة في العراق صدرت في البصرة 1909 لصاحبها الحاج احمد حمدي المشرافي وجاء بديباجتها ( جريدة فكاهية اسبوعية مصورة > .. وقد استعير اسمها من الهنود المرقعة ثيابهم والذين كانوا يعملون في ميناء البصرة .
ساكتفي بتثبيت بعض الصحف والمجلات الهزلية العراقية ومنها :
((بهلول - القرندل -الشمقمق -جحا الرومي -القسطاس -خان جغان -الكشكول -ابو نؤاس .- الغرائب بالبصرة 1913- )) .
اليوم قد لا نحتاج الى صحيفة او مجلة هزلية .. فهناك كم هائل من الفكاهة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات - طب واتسوك - ... ورغم ان العراقيين خفت لديهم روح الفكاهة بسبب النكسات والهزات .. فانهم لا يمكن ان يتخلوا عن روح الدعابة رغم الضباب .
<<اذا المرء لم يملا من الرز بطنه
تراه سمين اللحم وهو هزيل
تعيرنا انا قليل طعامنا
فقلت لها ان الصحون قليل
جارى بذلك عبد الله الحاتم السموأل بلاميته .
لم يفلح تماما حبزبوز باستخدام الكاركاتير لكنه يقول ساخرا يصف بعض محدثي النعمة : <حاسر الراس صيفا وشتاء فالشعر ممشط ومدهون يلمع تحت اشعة الشمس ,كانه قطعة من الروغان ,وقد اطال قذاله -زلوفه - حتى استعار خمس سنتيمات من اللحية فاضافها الى الزلف مورد الخدين ببياض وحمرة اصطناعية ,,وقد لا يرى باسا من تحمير الشفاه بالحمرة او الديرم كما تفعل مبتذلات النساء > وقال ( هل تدري عندما نتناول الاوتيلات < مشارب الخمر > والخلاعات يهجم علينا اولئك الذين لهم بعض الصلات النهارية بالمغنيات هجوم الكلاب على الكلب الغريب >
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اهم المصادر :
الصحافة العربية في الموصل للدكتور ايراهيم العلاف .
صحافة السخرية والفكاهة في العراق د حمدان خضير السالم .
تاريخ الصحافة العراقية عبد الرزاق الحسيني
الصحافة في العراق روفائيل بطي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مذكرات آن فرانك في سجل الذاكرة العالمي لليونسكو
بين عام 1942 ـ 1944 تمكنت مراهقة المانية وهي مختبئة مع عائلتها بهولندا و4 من اصدقائها من تسجيل مذكراتها التي ستترجم لاحقا ل70 لغة ويصبح كتاب سيرتها الاشهر وخلدت بعمل نصب لها واطلاق اسمها على عدة شوارع وحدائق والحقت سنة 2009 منظمة اليونسكو مذكرات ان فرانك في سجل الذاكرة العالمي للمستندات ذات القيمة العالمية النادرة .
بعد يومين من عيد ميلادها بدات فرانك بتدوين مذكراتها عن نفسها وعائلتها واماكنها المفضلة في الحي فضلا عن تسجيلها للقيود والتغيرات التي جعلت حياتها وحياة اليهود الالمان الفارين الى هولندا خشية من جحيم النازية صعبة شملت اجبارهم على ارتداء النجمة الصغراء لتميزهم ومنعتهم من استقلال وسائل النقل .
لقد نزحت عائلة فرانك الى شقة سرية تقع خلف مكتب تجاري مملوك من الاسرة تقع في 263 شارع برينسنفراخت فاكتشفها بعد سنتين وعائلتها الجستابو لوشاية غادرة .
جاء في مذكراتها : (انا مضطربة بشكل كامل ..مييت تتحدث عن هذه الفظاعات بطريقة ماساوية ..وهي نفسها بالغة الاضطراب .. كان ثمت عجوز يهودية جالسة امام باب منزلها تنتظر الفيتابو الذي ذهب لاحضار سيارة لنقلها ..العجوز المسكينة مرعوبة من ازيز الرصاص الذي يستهدف الطائرات البريطانية والوميض الساطع للانوار الكاشفة مع ذلك فان مييب لم تتجرا على ادخالها ..لا احد يستطيع ان يفعل ذلك.. <مذكرات أن فرانك الجمعة تشرين الاول 1942 >)
1957 مسرحية مذكرات فرانك -1959فلم امريكي مذكرات فرانك للمخرج جوزيه شتاينر -1995مسرحية مذكرات فرانك -2015 وثائقي عن المذكرات عرضته نشنال جيوغرافيك .
ان فرانك 1929 ـ 1945 احدى ضحايا الهولوكوست .. قضيت اثر مرض ابان تواجدها بالاعتقال .
لدينا في العراق من اختبأ عشرين سنة بحفرة خشية السلطة وشهدنا عودة للقرون الوسطى وقبلها بسبايا الايزيدين , وفصل صغيرات عن عوائلهن امام انظارهم بقوة السيف لاجل الزواج .. تتكرر الكوارث البشرية .. وعلينا تسجيل هذه المجازر والفظائع لعلنا نتمكن من العيش بامان .
ان تمكنت مراهقة المانية من رسم البشاعة في مرحلة من التاريخ وخلدتها فعلى الكتاب ان ينشطوا لتسجيل صور اخرى قائمة للتراجع البشري عن الضمير الحي .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مذكرات الامريكية ليالاكس : كسر القيود الدينية واكتشاف الذات .
( لقد تغلغلت في اعماقي محاولة ان التقط الحقيقة باقصى ما استطيع ) هكذا تقر الكاتبة الامريكية ليالاكس في مذكراتها < سافرة Uncovered> التي تربو على 400 صفحة .
في 22 فصلا تروي كيف تمكنت من هجر الحياة << الحسيدية >> , وعادت اخيرا للوطن وتعني به ذاتها .لقد رسمت حالة الرضا عن النفس في تغيير حياتها ومعنى ايمانها .
بدات كتابة سيرتها منذ 1975وهي سنة زواجها (لم اكن الاحظ الخواء الناتج من غياب رغبتي لان الخواء لا يصدر صوتا ), لقد دام هذا الخواء 30 عاما حتى اكتشفت بانها سلبت مشاعرها وعقلها وارادتها ...(حياتي كانثى : لحظات الخيبة او السخط او الفرح هي ذروة وقتية للنمو الذي يتلاشى , اما م انقضاض الامومة , التفاصيل, الاحتياجات اليومية التي تستحق احساسي بالذات وتجعل ذلك النمو غير مهم في الوقت الذي تاتي فيه لحظات اخرى كهذه تكون اللحظة السابقة قد اوشكت على الانتهاء, لا نماء لا تغيير تدريجيا انني اتصرف وفقا لسطور مكتوبة , لا اتفاعل , الاحظ مشاعر اطفالي ولا اتفاعل .
تستطرد لرسم تعاليم <الحسيدية > : تحت تاثيرها حرف نظرنا عن الاهتمام بالدراسة الجامعية لنوجه الى الحياة الربانية . تقول ( شهدنا في الجامعة طلبة من يسمون بمجانين المسيح .. شعور هيبية وعيون تاثرت بالمخدرات في الحرم الجامعي وبايديهم كتيبات مسيحية وهناك طلاب مسلمون يحتجون على شاه ايران وغيرهم من التجمعات .
وتكتب (النساء يمتهنن الكتابة ويكتبن بصوت الرجل فيحضضن النساء على الالتزام بالحدود ..لكني كلما كتبت حول المراة اصبحت اكثر انفصالاعن الجماعة .. لقد اعتقدت ان الزواج هروب من الوحدة ولهذا هو مرادف للقداسة ).
تصف ليالاكس لحظات المخاض: (اني اتنفس واعدّ اترقب رفس الطفل اوج الانفعال مزيد من التنفس ثم مجددا ومجددا حتى يصدر صوت كالزمجرة من مكان لا اميزه لكنها انا ..ثم تعقبه قوة لم اعرف من اين امتلكتها تدفع الطفل للخارج بحركة اندفاع حيوانية ) بعدها تكتب (انه صبي ,متى سيحلون وثاق يدي ويتاتى لي ان اضحك.. اطراف اناملك نقاط مدورة ,بشرة كالهمسة , شعر كزغب الطيور ,حاجبك الصغير المجعد, ساعمل جهدي لاجعل أي مكان فيه منزلا تتمكن فيه من الازدهار, تجد وجهي ,تتلاقى اعيننا واسكب كل ذهبي فيك .. لن اتركك ابدا ) .
وهي توجه رسالة ساطعة الى النساء المحجبات اللواتي لا يعتقدن بان لديهن القدرة على < الغربلة >أي استخلاص الافضل من الدين (واجهي الذنب والعار الذين يستخدمها البعض اداة للدين .. خذي الحكمة والالهام والجمال واتركي الباقي ).
وفي تغلغل سيكولوجي لعلاقتها الاخص والحميمية مع زوجها ليفي : (لا اعرف معنى ان اشتهيه ,بل اعلم انه يجب علي فعل ذلك , وجه -ليفي- حنون وخطوه متلهف ... انتابتني وخزة صغيرة من الخوف عندما تسلط ثقله المفاجيء على السرير , تسارع ياخذ انفاسي ,عندما اتقرب اليه اسعى للامل بان يمسك بي ويبقيني معه ليحميني وان اتمكن من الوثوق به لاجل ذلك < الحماية > وعلي ان احبه واسلم له نفسي , وان لم يكن بداخلي أي ارتعاش لرجل . ).
<من منطلق الحب يا اخواتي اقدم لكن افواه> هكذا تختتم ليالاكس مذكراتها العميقة .
حصلت ليالاكس على الماجستير من جامعة هيرستن .. ناشطة في حقل الدفاع عن الحقوق المدنية .. قال عن مذكراتها الكاتب ليفي رافائيل (انها قصة التوق العالمي لاكتشاف الذات الاصيلة والاحتفاء بها )
ــــــــــــــــ
الحسيدية -حركة الحاسيديم : حركة روحانية اجتماعية يهودية نشات بالقرن ال 17 ويعد بعل شيم توف مؤسسها ونشرها في انحاء شرق اوربا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

.


الروائية ابتسام عبد الله انزوت قبل رحيلها
اعلن اليوم عن وفاة الروائية والمترجمة ومقدمة البرامج ابتسام عبد الله الدباغ عن عمر يناهز 80 عاما ببغداد . وكانت الفقيدة قد انسحبت عن الاضواء منذ 2015 تزامنا مع وفاة زوجها الصحفي امير الحلو .
1968 دخلت عالم التلفزيون بصفة مترجمة فكانت ترفد برنامج <نافذة على العالم > بمختلف الاخبار والتقارير حول الافلام والازياء وغيرها مما كان ينشر في كبريات الصحف العالمية .. بعدها قدمت برنامجها الشهير (سيرة وذكريات ) الذي كانت تقدم فيه وتحاور المشاهير بفن ومقدرة ما اكسبه شهرة واسعة لدى العوائل العراقية .
تقول < اعتمد الحوار الداخلي لدى ابطالي لانهم سيتكلمون حينها بصدق ..> وهي لا تقر في لقاء اجري معها بالشرقية بان بطلتها نادية فارس العلي تمثلها .. هذه البطلة ظهرت بروايتها - فجر نهار وحشي - 1984 التي تناولت فيها احداث الموصل في 958 وما رافقها من اعمال عنف وفي هذه الرواية اربعة ابطال رئيسيون : (انا معلقة بين صحراء زكريا الجليدية وتيه ربيع وانا مشدودة بين نقطتين اصبحتا مركزا لحركتي .. كنت اعيش له , ادور حوله كزهرة عباد الشمس , كنت زهرة وكان هو الشمس ).
وهي ترى بان ظروفا ما تدفع الانسان للعنف وقد لا يكون شريرا محترفا انما تلك الظروف قد توقظ فيه الوحش النائم داخله .
اختارت لروايتها الاشهر 2001 اسم ميسوبوتاميا - بلاد ما بين النهرين - وتعني محلا لبيع التحف والانتيكات لانها توقعت الاحتلال لبغداد .
ومن مؤلفاتها :
ممر الى الليل 1984
مطر اسود مطر احمر
مجموعة قصصية <البخور >1999
الليل والبستان
كتب اخرى مترجمة .
ونحن نودع الكاتبة الالطف ابتسام عبد الله الدباغ .. نرفق دعوة لدراسة منجزها القصصي والروائي ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة ال 12 حكيما واعمق الاسرار حول الربيع العربي .
ماحدث في العشرين سنة الاخيرة بالدول العربية يجعل الباحث في حيرة والمشاهد في ذهول ...يتغلغل عميقا الصحفي محمد حسنين هيكل في ظلمة الانفاق ويضيء البقع المظلة . القصة تعود لمؤتمر الناتو في برشلونة سنة 2009 .. فقد حضر المؤتمر الرئيس الامريكي اوباما وقال ان الحلف لم يعد فعالا فقد كان الهدف من تكونه هو مواجهة روسيا .. وعليه ان يتآزر مع الولايات المتحدة التي دفعت ثمنا لحماية الدول ال 28 المنضوية وعليها ان تتفاعل سواء بالدعم المادي او العسكري من اجل مواجهة اخطار جديدة ..
وتمكن المؤتمر من تاليف لجنة خبراء تضم 12 حكيما تتزعمهم وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت وعلى هذه اللجنة ان تقدم تقريرا وتوصيات حول منطقة مرتجة وانظمة شاخت وخطط مواجهة الاخطار المستجدة .
بعدها عملت اللجنة ل18 شهرا .. وضمت اليها اكثر من الف عالم وخبير ومستشرق ومؤرخ ومختصين بالفرق الاسلامية والمتبحرين بالتاريخ العثماني والتفسير وفقه اللغة ..الخ .
وبعد سنة وثمانية اشهر قدمت مقرراتها للمؤتمرين من حلف الناتو سنة 2010 واهم ما جاء فيها :
1 ـ ان هناك دولا عربية شاخت انظمتها ولا يمكن لها الاستمرار ويتعسر دعمها ..
2ـ ان في هذه الدول صراعا مذهبيا وعرقيا واضحا
3 ـ الاخطار المحدقة ليست دولا فتصارع ولا قوى عسكرية فيتم الاشتباك .. انه الارهاب .
3 ـ ان عليهم ان يشرعوا بمعالجة الهزات التي من المتوقع ان تحدث في هذه الدول باستخدام سياستين : الباب المفتوح <اوبن دور > , و<طي البساط >..
فحين تحدث رجة في أي دولة عربية على الدول التي هي قريبة منها جغرافيا او تاريخيا -استعمرتها سابقا - ان تسارع لمعالجة الامر بما تتوفر لها من امكانيات في انتظار مساندة بقية اعضاء الناتو .
وان تقسيم الدول لدويلات لها اعلامها مسألة عسيرة نظرا لشدة التكلفة ..اي الاتجاه لتقسيم لا جغرافي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما هي اكثر المواضيع قراءة ومشاهدة في العالم
طالما كنت اسأل نفسي بماذا يفكر الناس في العالم والوطن العربي؟.. ما هي المشتركات التي تستقطبهم ؟ وما لون الاسئلة التي تقلقهم وكيف يجيبون ؟
لايمكن الاستعانة بالاستبيانات لنجيب على السؤال( ما الذ ي يستقطبهم من المواضيع قراءة ومشاهدة) لكن معطيات تسجيل الدخول في اذاعة عريقة واسعة الانتشار مثل بي بي سي قد يعطي صورة اوضح , فقد سجل تطبيق الاذاعة لعام ٢٠٢٢ عشرقصص< مواضيع> هي الاكثر استقطابا للمتابعين وهي:
١ اعراض الاصابة بمايكرون ومتحورات كورونا
٢ منع الحمل والحبة السحرية
٣ النسوية من منظور اسلامي
٤ غشاء البكارة وكيف تنتهي اسطورة العذرية
٥ كأس العالم ٢٠٢٢ بقطر
٦ ماذا يريد بوتين هل ينهي حربه مع اوكرانيا
٧ وفاة الطفل ريان في بئر بعد انقاذه
٨ جدول مباريات كأس العالم ٢٠٢٢ ونتائجه
٩ العداءة السورية التي بترت ساقها
㿊 اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
ويظهر ان المواضيع التي تتناول شؤون القصص الانسانية والمراة تتصدر , تليها كرة القدم وتعقبها اخيرا الرياضة .. اذن الشأن الثقافي الادبي والعلوم والبحث العلمي يتراجع وان السياسة تتذيل القائمة . ورغم ان الاحصائية التي نشرتها اذاعة بي بي سي ليست كافية للاستنتاج فانها تعطي صورة اوضح لاهتمام المتابعين .
اما في التطبيقات الشهيرة مثل <التكتك > فواضح اهتمام الجمهور الاوسع بالقصص التي تتمركز حول الفكاهة والاغاني واخبار المشاهير والمحتوى النادر والمكياج والمطبخ .. من جهة اخرى يظهر ان المتابعين للمحتويات التافهة في ازدياد .
الانسان يرى نفسه محاصرا بزخم المعلومات التي تنهال عليه يوميا .. وهو مثل غريق يصعب عليه تمييز القشة من اليد المنقذة ... وان تعطيل التكتك في امريكا ليس حلا فهو انعكاس للاحساس بالرعب من غزو المحتوى ..
كنت ظهر امس في كية خلف سائق وصاحبه الذي كان مجهدا وبحالة نعاس...يقول له صاحبه السائق( انت نعسان ومتعب وبحاجة لراحة )... فاجابه هذا وكيف ذلك وانا اعمل حتى الغروب مقابل ٥٠٠ الف دينار ومنزلي بعيد عن مقر عملي ..فسهم السائق مركزا على اختناق المرور والتريلات الخمسة التي غطست في الوحل يسحبها دوزر بسلسلة..ثم قال له ( امس من مصرفي اعطيت عشرين الفا لابي ..فسألني( ومتى عملت ).. لكني كنت مجهدا فلم احرك عجلتي..).. عندها لم استطع السكوت فتداخلت معهما..بعدها ترجلت بروح مجرّحة.. مثل هؤلاء المتعبين حين يعودون بعد عمل مرهق لبيوتهم ماذا يقرؤون وما يتابعون !؟ .
ان اكثر من ستين فضائية في العراق تبث طيلة اليوم وعشرات الاذاعات لم تتمكن من اقامة حصن ثقافي يدفع الناس الى تجاوز العنف والانتهاكات وخلق بيئة ثقافية تقود الى بلد مزدهر ...فاغلبها مغلقة على نفسها وجمهورها ثابت ومحجم . علينا ان نواجه انفسنا بشجاعة ونضع الاصبع على الجرح لا ان نخشى من محتويات هابطة ..
علينا صنع البديل .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ
الفنانة المكسيكية فريدا : ملحمة الانتصار على الالم
قبيل لحظات من بتر ساقها تكتب لزوجها ( اكتب هذه الرسالة قبل دخولي لغرفة العلميات , هم يريدون كسر كبريائي ببتر ساقي .. لا اخشى الالم فهو مقنرن بي ,لست غاضبة لانك خنتني مع اختي بل لاني لم استطع ان افهم ما كنت تبحث عنه لدى الاخريات ,وما الشيء الذي كن قادرات على اعطائك اياه ولم استطعه انا ,كيف تمكنت من اغواء هذا الكم من النساء بينما انت بن <عاه> وقبيح ... لا اريدك ان تسمع أي خبر عني ولا ان اسمع عنك , والان يمكنني ان اقوم بالبتر بسلام ...).
هكذا كتبت الرسامة المكسيكية <1907 ـ 1954 > لزوجها رسام الجداريات دييفو ريفيرا الذي تزوجته في 1929 وطلقته 1939 ثم عادت للزواج منه عام1940 وعاشت معه حياة مضطربة وعانت من خياناته المتكررة حتى مع اختها الصغرى .
كان ابوها مصورا محترفا مغتربا الماني ..وقد اصيبت بشلل الاطفال بعمر 6 سنوات ما خلف لديها عرجا خفيفا وجعل الطلبة يتنمرون عليها فيصفونها <ذات القدم الوتدية >.
تعرضت سنة 1926لحادث ارتطام الحافلة بقطار فاجريت لها 30 عملية اثناء نقاهتها كانت ترسم ممدودة على السرير , انضمت للحزب الشيوعي المكسيكي .تعرفت على تروتسكي الذي كان مغتربا بالمكسيك ,سافرت مع زوجها التقدمي لامريكا من اجل اقامة معرضه وهناك اقامت معرضها الذي كسب رواجا مربحا .. وعرضت فيها 35 من لوحات مروعة منها لوحة - الطفل والولادة -التي تعكس مشاعر الفقد والخسارة , اثر تاثرها بوفاة امها وتعرضها للاجهاض مرتين .
سافرت لفرنسا واشترى منها متحف اللوفر احدى لوحاتها -الاطار - فهي اول فنانة في القرن العشرين تدخل لوحتها اللوفر .
سنة 2002 ظهر عنها فلم فريدا من اخراج جولي تايمور . لم تكن امها راضية من زواجها فكانت تصف التناسب الجسدي بينهما بقولها ( زواج فيل وحمامة ) . لكن والدها وافق للتخلص من تكاليف علاجها .
عن لوحاتها :
حين تدقق في لوحتها itzcuintli dog with me)) ترى نفسك امام رسامة بورتريهات فريدة فقد رسمت نفسها جالسة على كرسي واضعة يديدها بحجرها ممسكة سيجارة ويظهر كلب دمية من النوع النادر لكنه بعيد عنها ويتدلى اسفل الثوب بشكل شلال ثلجي مضلع ينحدر من ثوبها الكحلي المتموج وهي تستقر بشموخ ويتدلى من رقبتها الطويلة شريط مذهب ..ترى الحاجبين الكثين يكادان يلتقيان .. وترى تناسقا لونيا منسجما .
في لوحتها الشخصية مع قرد يضع يده بحنو من خلف رقبتها ,علما بان المكسيكيين يعدون القرد رمزا للشهوة لكنه هنا رقيق وودود ..خلفية اللوحة غطيت بالوان من الاوراق المختلفة وكلها بلون اصفر مخضر وموزي .. الشفاه مشدودة وعيون تحدق بصرامة وقلادة اشبه بعظام ملتصقة ببعضها بلون مخضر وكستنائي .
اقيم لها في المكسيك اول معرض فردي سنة 1953 فحضرته وهي محمولة على سرير خاص .. قبل قليل من وفاتها لاصابتها بالتهاب رئوي .
كانت فريدا ملحمة الم وارادة لا تجارى .. هي الانثى الفنانة التي رمتها الاقدار باختبارات تصهر اشد الناس مقاومة .. لكنها قبلت الدور بشجاعة الخالدين مجسدة عظمة الانسان وهو يبدع في اشد الاحوال ارتجاجا.. هكذا انتصرت فتمكنت من دخول التاريخ.

ـــــــــــــــــــــــ
فلم صمت الحملان : مشهد الزنزانة المرعب
في مطلع التسعينات شاهدت هذا الفلم لاول مرة .. كنت ابات في منزل الرائد البريكان وشاهدناه معا على شاشة تلفاز ملونة ..لم المس اهتماما من البريكان للفلم لكنه اثر فيّ عميقا فشاهدته عشرات المرات خاصة بعد دخول السيدي العراق وتوفر الاشرطة المدمجة , حرك الفلم المخاوف الاعمق في الجماهير بكل العالم , لكنني تاثرت بمقدرة الفلم التحليلية للنفس البشرية والكشف عن اعماقها , ولهذا كان المشهد الاهم لدي هو اول مواجهة بين القاتل المتسلسل آكل لحوم البشر والشرطية المتدربة التي تمضي اليه ليكشف لها عن اسرار قاتل متسلسل ما يزال طليقا ..قصة الفلم اسست على رواية توماس هاريس الاكثر مبيعا .
الفلم يحكي عن قصة عميلة من مكتب التحقيقات الفدرالي الشابة الجميلة <كلاريس > التي تكلف بالكشف عن عقل قاتل متسلسل في زنزانة <ليكتر > للقبض على قاتل متسلسل طليق ,الفلم من بطولة فوستر وانتوني هوبكنر . التقى البطلان بلندن قبل التصوير لاول مرة ونجحا بتخويف نفسيهما قبل تجربة الاداء حسب ما ادلت به فوستر وهذا السلوك هو احد عوامل تفوق مشهد اول لقاء لهما في الزنزانة (شعرت بقشعريرة تاتي من الغرفة بطريقة ما . كان الامر كما لو كنا خائفين من بعضنا ).
اصبح فلم صمت الحملان الذي عرض 1991 انجح افلام هوليود .وحصد خمس جوائز اوسكار.
1989 قال هوبكنر( تلقيت سيناريو فيلم صمت الحملان في لندن , ارسل لي كيلي النص وبعد عشر صفحات اتصلته وبدأنا مناقشة الدور . كنت بدءا قد تصورته فلما للاطفال .وتقول فوستر <انها تتذكر ذلك الصوت الذي كان لدى هوبكنر .. هناك شيء مخيف وحصل تغيير بالصوت بفضل احد المشتغلين على الصوت>..
في الفلم لم تستخدم كلاريس الانقباضات في نبرة صوتها .. تم تصوير الفلم في فيلادلفيا .
بعد سلسلة من التحذيرات من قبل مسؤوليها وابواب متعاقبة تفتح وتغلق كهربائيا .. تمضي البطلة مرتعبة في الممر الذي تسلسلت زنزانات لعتاة المجرمين على يمينه ويساره وهم يتنمرون عليها ويكادون ينهشونها بذئبية غاية الوحوشية فتصفهم في لقاء <كان مكانا غريبا للغاية كل السجناء مختلفون متقلبو المزاج وحين ظهر واقفا يستقبلني كان ليكتر نوعا من الاضاءة الساطعة >.
كان مكتب التحقيقات الفدرالي يبحث عن قاتل متسلسل يقتلهن ويسلخ جلودهن .. وقد خطف ليقتل بنت مسؤول كبير وبعد ان وصل المكتب لطريق مسدود ارسل متدربة ضعيفة الخبرة لتقابل عالم نفس عبقري التحليل الذي تم اعتقاله ل 8 سنوات تحت حراسة مشددة .. وهو ما حدث فنجحت بالحصول على بعض المعلومات منه فاخبرها ان القاتل الذي يبحثون عنه كان احد مرضاه وانه يجلد ضحاياه من النساء ويسكب مادة ترقق جلودهن ثم يسلخها ليخيط منها ثوبا له لانه يريد ان يتحول .. وهو يربي لونا خاصا من الحشرات لا تتوفر بالبلد فجلب بيوضها وكاثرها واعتنى بها لتساعده في <التحول الجنسي >.
يفرض عليها ليكتر ان تبادله معلومة مقابل معلومة منها . ومن خلال ذلك يتمكن من اختراق اسرارها واستلال اسرارها ..فترى نفسك اما م محقق متمرس ... فيعلم انها قد احست بالرعب اثر صراخ لحملان في مزرعة يباغتها بهجيع الليل فتهرع للصوت فترى حملا بوضع محرج فتحاول عبثا اتقاذه .. وهي تعاني من فقدان ابيها الشرطي الذي قتل غدرا لهذا تحاول انقاذ المخطوفة قبل سلخ جلدها .. كل ذلك يجري في جو من الرعب وهي تواجهه واقفا خلف قضبان زنزانته .. متمتعا بخبرة وثقة .
فلم الرعب والقتل بلا دماء مرفقا بموسيقى تعمق جرعات الرعب هو من اخراج جوناثان ديم .
كتب النص السينمائي تيد تالي وقد حصل الفلم على الترتيب 65 لافضل افلام السينما الامريكية عبر 100 فلم . حسب معهد الفلم الامريكي . .
ــــــــــــــــــــــــ
كنزابورو آوي :كشف سيكولوجي عميق بشاعرية ومهارة التقاط .
اعلن من ايام عن وفاة الروائي الياباني آوي 88 سنة الذي توج بجائزة نوبل 1993, وهو ثاني اديب ياباني يحصدها بعد مواطنه ياسوناي كاوباتا .ولد آوي في جزيرة شيكوكو غرب اليابان وانتقل لدراسة الفرنسية بالعاصمة طوكيو .
في الحصص الدراسية يقف طالب ياباني صغير ويسال زملاءه (هل انت مستعد للموت ان امرك الامبراطور ؟ او تشعر بالخزي ان تراجعت عن ذلك ليلا ) ويصيحون جميعا (نعم ) ... لهذا شعر اوي بغاية الصدمة عندما تكلم الامبراطور معلنا الموافقة على الاستسلام للعدو بعد القنبلتين الذريتين .. لقد تضبب الشعور بالقدسية لديه وزملائه الصغار في 1945.
لحسن حظ القارئ العربي ان خمسا من روايات اوي ترجمت للعربية : (الموت غرقا -الصرخة الصامتة ـ ترجمها سعدي يوسف -علمنا ان نتجاوز جنونا -مسالة شخصية ــ هموم شخصية - ).
فاز كنزابورا بجائزة اكوتاغاوا اليابانية 1958 ذات السنة التي نشر فيها روايته البكر <اقطف الزهور واطلق النار على الصبية ) .
اهتم في شبابه بالافكار الوجودية سارتر تحديدا وروسو وفولتير ..
< رواية المسالة الشخصية -هموم شخصية >.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتبت هذه الرواية سنة 1964 وربما كانت النص الاهم لمنحه نوبل .. قالت لجنة التحكيم ( بقوة شاعرية يخلق آوي عالما متخيلا حيث تتكثف الحياة والخرافات لتشكل صورة مركبة لوضع البشر الهش )..
الرواية تتحدث عن رجل يولد له طفل معاق فتتغير حياته جذريا ولان اوي ولد ابنه الاكبرمصابا بتلف دماغي فيمكنك الاستنتاج بان الرواية شبه مذكرات صيغت فنيا كرواية .
(كان التلفون يرن فاستيقظ عصفور .. انه الفجر والسماء تمطر لا تزال ..ويضرب عصفور بقدميه العاريتين قافزا على التلفون كارنب ورفع السماعة وساله صوت رجل عن اسمه دون كلمة تحية ...وفي الحال فقد عصفور صوابه..... ولكنه تفحص نفسه وقال في صوت موضوعي للغاية قد يصدر عن غريب له قلب حديد :
ـ هل الام بخير ؟ وجاء الرد
ـ زوجتك بخير . من فضلك احضر حالا . ).
وبعد ان يصف كيف خطا على اطراف اصابعه حذرا من استيقاظ صاحبة المنزل وتحاشيا لطعنات اسئلتها الفضولية .. يدخل في الفجر ويعتلي دراجته ويجري بسرعة جنونية مجتازا البقع المائية وقوة الريح التي تعرقله وتثلجه فيصل المشفى ليرى مولوده .. < ونظر عصفور الى المدير في انتظار ان يتكلم وبدلا من الشرح والايضاح اخذ غليونا من معطف الجراحة المتغضن وملاه بالتبغ .. كان قصيرا , برميلا في هيئة رجل , سمينا الى حد مفرط مما اعطاه جوا من الابهة الحزينة ....).
واعاد المدير اخيرا غليونه من بين شفتيه الغليضتين الى تجويف يده وقابل بشكل مفاجيء تحديق عصفور بتحديقة منه وقال ــ هل تحب ان ترى البضاعة )..
يصف الكاتب الطبيب الذي يرشده ليطلع على مولوده (ان اداءه بعيد عما يليق بالكرامة المهنية لطبيب مولد ومدير مستشفى . كان ينتسب لكوميديا رخيصة وشخصية طبيب دجال ) , كل تلك الاحكام والمشاعر وردود الافعال لان عصفور لا يدرك للان محنة الطبيب الذي كان مذعورا ومتحير لانه <اقتلع من بين ساقي زوجته نوعا من المسخ خارج التصنيف .. مسخ له راس قط ,ربما , وجسم منتفخ كالبالون>..
يقول آوي (انه كان يعيش استقطابا كندبة بين ثقافة بلاده الاصيلة واعتمادها السريع على اساليب الحياة الغربية ).. حقا انها محنة كل الشعوب التي تعرضت للهيمنة .. وليس اليابان وحدها .
ـــــ---------
ماذا نعرف عن ثلاثين كتابا للمجرية توت
صدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب في الكويت مجموعة قصصية للمجرية كريستينا توت .. بعنوان < باركود >. ومن المؤسف ان يظل الكثير من الكتاب العالميين بعيدين عن التناول .. فقد صدر للكاتبة توت ثلاثون كتابا من رواية وقصة وخمس عشرة مجموعة شعرية ,منها (بكسل وابهة النمر وقصص من المجر و اكواريوم ).
تضم مجموعة باركود <انسان غير مسكون -رجل الجليد الاسود -السياج-الارضية الباردة -احب الرقص .. وغيرها ) .
في القصة الاولى -انسان مسكون - هناك امراة في 35 من عمرها تلتقي برجل تسعيني لحظة احتضاره واذ يمسك بيد صديقته الشابة يطلب منها قبلة .. وكان هذا الرجل من المشردين الذين لفضوا لشوارع بودابست واصبحوا مشردين رغم تحول البلد من الشيوعية لليبرالية .
في قصة <لبن فاتر , باركود > التي حملتها اسم المجموعة تتناول انغماس عن طريق بطلتها في اللهاث وراء كل ما هو غربي من ثياب واحذية الهوكي وكنزات من فيينا واحذية تزلج وحتى الاكبر سنا بجّلوا المستوردات من الغرب . في قصة -احب الرقص , الحد الفاصل - تخوض في مناخات التحفظ بالتزمت الاخلاقي والديني التي صمدت في الريف البلغاري .
طالبت توت بالابتعاد عن رواية الاديب البلغاري -مور جوكاي وعنوانها -رجل من ذهب - لكونها ترفض المساواة بين الرجل والمراة ما اثار ردود فعل متشنجة في اعلام بلدها الموالي للسلطة .
ملاحظة : لم تقم الرواية بدور مؤثر في المجر حتى القرن التاسع عشر . ومن اسماء الكتاب بعد الستينيات -كيزا وميسولي وامري كرتيش الذي نال نوبل في 2002 واهم رواياته بلا مصير .
ـــــــــــــــــــــــــــ
ترجم الكتاب كريم جمال الدين
ـــــــــــ
فلم -افضل ما يمكن الحصول عليه -محنة الاصابة بالوسواس
هذا الفلم حصد المرتبة 140 في قائمة "أفضل 500 فيلم على مر التاريخ ويتمحورحول المؤلف المنعزل "ميلفين يودال" المصاب بمرض الوسواس القهري , وعلاقتة بمن حوله : جاره الرسام الشاذ "سيمون" و نادلة المطعم "كارول" والكلب الصغير "فيردل" ...يقوم ميلفن بكتابة الروايات الرومانسية التي تفضلها النساء، لكنه يعيش حياة تعيسة؛ وحيدًا وتتسبب سلوكيات ميلفن الوقحة في طرده من معظم مطاعم المدينة، ولا يجد من يتعاطف معه سوى النادلة الرقيقة كارول كونلي (هيلين هنت) وهي أم وحيدة لطفل تعاني من مصاعب الحياة ومرض ولدها المصاب بالربو . وسبب كل ذلك هو اصابة البطل بمرض الوسواس القهري (OCD) الذي يتسم بنمط من الأفكار والمخاوف التي تدفع إلى القيام بسلوكيات تكرارية قهرية تُعيق الأنشطة اليومية وتتجلى بالخوف من التلوث أو القاذورات والحاجة إلى أن تكون الأشياء بشكل منظم ومتناسق وأفكار عدوانية وغيرها . لاتتناول هوليود دائما مثل هذه الافلام التي تعالج محنة الانسان وتكشف عن طبيعته .. فيتوارى خلف ضجيج المدن الكبرى اناس لا يجارون السلوكيات الاحدث في ا لمجتمع الامريكي خاصة الريف .
(ربما اكون الشخص الوحيد على هذه الأرض الذي يعرف بانك أعظم امرأة على الأرض و الذي يقدر كم انتِ رائعة في كل شيء تقومين به واعتقد أن معظم الناس لا يلاحظون ذلك, واعجب كيف استطاعوا أن ينظروا إليك عندما تحضرين طعامهم وتنظفين طاولاتهم, ولا يدركون أبداً أنهم قد قابلوا اروع امرأة .) بهذه العبارات خاطب ميلفن النادلة كارول في اخر لقطة في الفلم تظهرهما يجوبان الشارع اخرة الليل , بعدما عجز طيلة الفلم من ان يقول لها <احبك > او يطلق كلاما يشعرها بانوثتها .في هذه اللحظة تمكن من ضمها وتقبيلها فبرقت دمعة خفيفة بعيونها .
يبدا الفلم بانزعاج ميلفن من كلب جاره الرسام اذ يتبول في شقته فيطلق عليه اصواتا حادة ويرفعه بكلتا يديه ويرعبه ثم يدفعه لمكان سحيق .. وحين يساله صاحبه عنه ينكر انه صادفه وبعدما وجده واتى يطرق الباب ليؤنب ميلفن على فعلته- وكان منغمسا يكتب عن الحب - يخاطبه بيدين متوترتين وملامح مرعبة ( اياك ان تطرق بابي ولو شممت رائحة جسد يتعفن تزكمك او لاي سبب اخر ) . ثم يعود لشقته فيظهرسلوك وسواس قهري -تكراري - فيحرك المفاتيح بالابواب مرات ليغلقها ويضيء ويطفيء الضوء بتكرار .
اول صدمة منه تلقته النادلة التي كانت تسليها طرافة وجوده هو حين عرض ملعقة وشوكة من منزله في كيس وطلب منها احضار وجبة دسمه فقالت له ستموت من هذا الزاد فاجابها : <الجميع يموت ... حتى ابنك >.. فنظرته شزرا بغاية الاحتجاج والاشمئزاز من قوله .. وبقيت تحدق غاضبة طويلا وهو منهمك بالملاعق غير مدرك انه طعنها غائرا .. فلما رفع راسه علم انه اخطا : < اياك تكررها عندها لن تدخل المطعم ثانية >, صغيرها الاشقر البديع المصاب بالربو الذي فيه وله سر وجودها وتحمل كفاحها وهي تقف او تجري طيلة اليوم لتنظف الموائد و تجهزها بالاطعمة ..ابنها .. يموت !! يا للوقاحة ..هذا وصف نطلقه نحن اما المخرج فتالق برسم ذلك فابرز التعابير في عيونهما الملونة واثار السنوات على الوجوه المغضنة .. واعلى درجات التعبيرية . انه مشهد مشبع بالعمق والتوتر .. <قل لن اكرر جملتي > ... لم يجبها ...وظل تحت اسر العي والدهشة .. جلست منه مقتربة وقالت -قل اخطات والا لن تدخل هنا ثانية - فاجاب وكانه افاق من صاعق ( نعم ) .
بعد ايام تكفل بعلاج طفلها سرا .. فاتت تشكره.. كانت قد كتبت له رسالة شكر مطولة .. وقصدته بقميصها شبه الشفاف وبنطالها الازرق . كانت تجري قفزا اليه تحت مطر كثيف واضاءة مصابيح الشارع والعجلات ... حين وصلته قدمت الظرف له
ــ ما هذا
ـ رسالة شكر
ـ لن اقبلها . ...
فاستغربت وظنت بانه ربما يخبيء كمينا لها .. عبرت عيناها عن غاية الدهشة .. وسالته ان كان يضمر شيئا فقال ( نحن لا نفتح الابواب قبل التاسعة لنلبي طلبات الجنس )....
اثر اصابة جاره الرسام برضوض وكسر في ساعده .. اقنع بعد جهد ووساطة بان يصحبه في سفرة فاخذ معهما النادلة كارول .هناك تم التصالح بينهما ونشبت ودية مسحت اثار التشجنجات بينهما .. هناك حدث في مطعم ماعكر المزاج .. فقد طلب منه ان يرتدي سترة ورباط فذهب واقتناهما وعاد لزميلته النادلة .. فطلبت منه الرقص .. وكان وجهاهما وهما يستقران على المنضدة يعكس سعادة غامرة ... فجاة قال لها <لماذا لم يسمحوا لي وتساهلوا معك رغم بدلتك البسيطة > , عندها احتدمت وتناولت حقيبتها وغادرت ..
ان محنة ميلفن هي عدم القدرة على ضبط سلوكه في اشد المواقف التي تستدعيها .. كل شيء يعرّضه سلوكيا للخراب .
عندما يعودون ثلاثتهم , يحثه الرسام بقوة ان يمضي ليصالحها .. كان الليل قد تقدم .. فذهب واعتلى السلم وايقظها .. قالت <| ادخل شرط ان لا تفسد الامر > لكنه فضل يصحبها بجولة جنونية -تجوال اخر الليل - .. هناك غنى لها وابلغها بانها اعظم امراة .. ثم تمكن من احتضانها وتقبيلها اخيرا .
لقد انسن المخرج الكلب فيردل فاظهره بلقطات تتقارب مع التعبيرات البشرية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الفلم من اخراج جيمس بروكس ,ادى دور ميلفن الممثل الاوسكاري جا ك نيكلسون ودور النادل ادته القديرة هيلين هانت .. فيما الف قصته والسيناريو مارك اندرسون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهاث وراء المطاعم والوجبات السريعة
حدث بعد 2003 تغير في السلوك والعمران في البصرة ..ضمن سلسلة تغيرات تحدث لدى الشعوب بعد الثورات والهزات والانقلابات .
لم ننم في المدينة الجنوبية ونستيقظ على انتشار واسع للمطاعم التي امتازت بفخامة الاثاث والوان من الاطعمة التي لم نالفها او نعرفها , ولم يندفع الناس بشكل مفاجيء لتناول الاكلات الفرنسية واللبنانية والايطالية .
ولكن الارتياد لهذه الامكنة سرعان ما اندفع كالفيضان ليشكل ظاهرة اجتماعية .
هذه المطاعم المستحدثة تعتقلك بسحر الفخامة ولذة الخدمات .
لقد انتشرت هذه المطاعم لكون البصرة محافظة جنوبية ساحلية وتتمركز فيها الثروة النفطية وشهدت حركة استثمار, وسكانها في ازدياد لكثرة الوافدين فضلا عن تنامي الثروة بطريقة تقفيزية لدى فئات معينة .
ويمكن تصنيف المطاعم الى شعبية ومتوسطة وخمسة نجوم اعني تلك المطاعم التي انشئت في الفنادق الحديثة الفخمة .
لقد عوضت هذه المواقع الفقر العمراني فلا تتوفر متنزهات عامة بما يكفي ولا اماكن ترفيهية وكثير من البيوت ضيقة فتقصدها العوائل للاستجمام اكثر من الحاجة للطعام .
فيما يقلد بعض الناس اولئك الذين يقصدونها وينشرون تصويرها وانفسهم في مواقع التواصل الاجتماعي .
في احد الفيديوهات تظهر ممثلتان عراقيتان تطلبان انواعا من الاكلات الغربية ثم تصوران لقطات من المائدة بالهاتف وترسلانها (انظرن نحن هنا . اكل صحي وموقع يخبّل..)..بعدها يستدعيان النادل <نريد وجبة > ,فلما استغرب اوضحتا بتوتر (وهل هذا طعام .. ازله اوننشره على الارضية ).فتطلب احداهما تشريب والاخرى باجة -ادسم وجبتين -مؤكدتين على توفير الشحوم والدهنيات والفلفل والبصل .. يشمرن عن اذرعهن وينهمكان ..هذا الفيديو كان موفقا برسم المجاراة والجري وراء التقليعات .
في مشهد اخر نقل لي من مصدر موثوق حيث تستدعي زميلتها والطفل لمائدة فاخرة في احد المطاعم ..فلا يستسيغان الطعام فيما زميلتها متلذذة وتصور الاكلات ..بعدما يعودان في التاكسي تطلب من ام الصغير ان تدفع الاجرة .. لقد افلست .
هذا النهج السلوكي انتشر بمساحة واسعة في البصرة ..
حتى طلبة الجامعات احيانا يغادرون بهيئة كروب ليتناولوا في مطاعم خارج الحرم الجامعي ..ويصادف ان البعض من عوائل ميسورة والاخرون خاصة الفتيات تعاني كي تجاري زملاءها .. يترتب على هذا احيانا خراب عائلي , فبعض الفتيات اللائي يتزوجن يحلمن برجل يصحبهن الى المطاعم ولا يعنيهن امكانياته المادية المتواضعة اوتضجره من الظهور والتنمر .
اما المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة فقد انتشرت كالعشب في كل مكان .خاصة انها توفر لك المقبلات المتنوعة معروضة امامك بنكهاتها ولوانها الجاذبة وانخفاض سعرها وقربها وسخونتها وتفرد اسمائها ,فعنوان مثل >دلع كرشك< ــ أي دلله ــ سيجذبك قبل السندويج .
في عصر السرعة تفضل بعض العوائل ان يقتني لها صاحب الدارتلك اللفات للعشاء .
لقد اضيفت خدمات التوصيل جذبا فما عليك سوى ان تتلفن وتصبر عشر دقائق فياتيك الكباب لبابك ,ساخنا وشهيا .
قد تفرد بعض المطاعم الجنسين عن بعضهما او تدمجهما .. وتقدم احيانا النركيلة .. من كان يتوقع ان يرى فتاة تدخن في مطعم بالبصرة ذات التقاليد الراسخة . وكم احس باسف حين ارى نماذج يرتادون وهم لا يجيدون جمال الحديث والمشي والمظهر .. يصعب على المتتعب ان يفرز المستويات الطبقية او ملامحها بهذه الاماكن ..في مراحل النهب قد يتمكن أي جسور ان يكون غنيا في اسابيع .
رحم الله الشاي المهيل المنضج على حطب او نار هادئة , واولئك النسوة اللواتي مبكرا يمسكن بادوات الطبخ وينضجن وجبتك بمزاج رضي وفن فتشم رائحتها قبل ان تطرق الباب .. فتدخل في معركة الهضم دون خشية من اضطراب صحي , في جو من الانسجام العائلي .
ــــــــــــــــــــــ
رواية الرحالة لحاصدة نوبل اولغا مذكرات فريدة بشعرية عالية
لسنا وحدنا نحن القراء العرب من نهمل كتابا مهمين او نفتقر الى الترجمات فقد نشر موقع Bookseller بتويتر: (قد تكون اولغا اعظم كتاب عصرنا لكنكم لم تسمعوا بها بعد ...)على الرغم من توفر ترجمتين من رواياتها الى الانكليزية في حينها ..ويظهر ان فوز اولغا بجائزتين كبيرتين بنفس العام 2018 هما البوكر ونوبل , قد جذب اليها المترجمين والقراء .. لكني لم اجد رواية غير الرحالة قد ترجمت لها وان المقالات حولها شحيحة باللغة العربية ..
حاليا تثير كتابات اولغا جدلا واسعا حول روايتها (كراريس يعقوب ) التي تتناول احداثا جرت على الحدود الفاصلة بين بولندا وما يعرف حاليا باوكرانيا .. , وهي قصة يعقوب فرانكا القائد اليهودي الذي اكره مواطنيه على الدخول في الكاثوليكية بالقرن الثامن عشر .. وتقع الرواية في 900 صفحة وبيعت منها 170000 ألف نسخة . وعلى اثرها وصفت اولغا بولنديا بانها خائنة لانها اكدت بان بولندا ارتكبت افعالا استيطانية مروعة في بعض الحقب التاريخية ..كل ذلك ادى الى الاستعانة بحراس شخصيين لحمايتها , وهو ما جعل اولغا تصاب بالصدمة فقالت .
بعد ذلك تعرضت لهجمة شرسة عندما عرض الفلم المأخوذ من روايتها (قد محراثك فوق عظام الموتى ) والذي حمل عنوان Pokot اي اثر الحيوان ... فقد نددت الصحافة البولندية بالفلم وعدته عملا مغرقا في عدائية الدين المسيحي وانه يشجع على الارهاب البيئي .. لكن الفلم جنى جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين .. وقصة الفلم عن عجوز غريبة الاطوار تعيش في قرية نائية وتجد حياتها الرئيسية تزعزع عندما يعثر احد جيرانها ثم قائد الشرطة على اناس مسحوقة عظامهم ومضروبين حتى الموت .
الرحالة
في ختام رواية الرحالة (دخلت في المرحلة التي يطلق عليها علماء نفس السفر لا يصنع ذلك فارقا .. انا هنا ).
حين قرات رواية الرحالة لاول مرة لم تضعني في شد اليها .. وربما العامل النفسي يتحكم بالقراءة فلحد الان لم اتمكن من قراءة اهم واشهر روايتين : الكريات الزجاجية ويوليسيس ..
تتدرج الرحالة في مسارين الاول هو البحث النفسي والتاريخي والاجتماعي والاخر هو تسليط المجهر على اشد الاشياء غرابة وابعدها عن اهتمام الكثيرين ..وتتصدر العناوين كل موضوع وافضل ان اسميها الحقول ...مثلا في عنوان <الجرذان > تتناول فيه جرذا تجري عليه مجموعة من الفتيات اختبارا فيوضع في متاهة .. لكن الجرذ يتحدى نظرية بافلوف في الانعكاس الشرطي ولا يستجيب فيقف يواجههن رافعا قائمتيه متحديا المنعكسات الشرطية .. وتحت عنوان <راسك والعالم > تكتب : هناك افتراض خطير على نحو مرعب , اننا ثابتون وان ردود افعالنا قابلة للتوقع , هكذا ينتهي الجزء الذي تحدثت فيه اولغا عن تجرتها في دراسة علم النفس : ( كيف يفترض بي ان احلل الاخرين فيما يصعب علي انا نفسي اجتياز كل هذه الاختبارات ), كانت الحجج التي تقدمها اولغا تفضي لحجج اخرى في تفسير حالة او ظاهرة سيكولوجية .. فهي لديها نزوع لتمويه ما يبدو واضحا , وهي سرعان ما تكشف بان الاراء لا صحة لاي منها , كلها مزيفة ومقلدة والسبب في ذلك يعود لعدم رغبتها باعتناق اراء ثابتة ..
في مجال السرد الشعري
1 - تبدا رواية الرحالة بوصف اول رحلة لها وهي صغيرة .. فيفتقدها اهلها وان لم تذهب بعيدا ولا يمكن لرادار حينها ان يكتشف موقعها فتصل لنهر صغير (لم يكن نهرا كبيرا لكن انا نفسي كنت صغيرة ..ينساب على هواه بلا عراقيل تذكر ..ميال للفيضان , غير متوقع ..من حين لاخر على طول ضفافه كان يقابل عائقا تحت السطح في مكان بعيد ,لكن النهر يجري بخيلاء لا ينشغل الا بمقاصده الخفية وراء الافق .. لم يكن بوسعك ان تركز عينيك على المياه اذ كنت ترفع انظارك الى ما وراء الافق الى ان تفقد توازنك .... لم يعرني ادنى انتباه , مهتما بنفسه فقط بتلك المياه المتغيرة الطوافة التي لا يمكن ان تنزلها مرتين .كان النهر يتقاضى ثمنا باهظا لكي يحمل تلك القوارب ففي كل عام كان شخص يغرق في النهر سواء كان طفلا نزل لياخذ غطسة في الماء او ...كان البحث عن الغرقى دائما مصحوبا بكثير من الابهة والبهرجة حيث يقف كل من في الجوار بانفاس متهدجة ...) .
2- زحف الظلام ينقطع عند باب البيت وجلبة الافول تمهد تصنع قشرة سميكة كتلك التي تتكون على سطح الحليب البارد ,الخطوط الخارجية للبنايات تمتد امام خلفية السماء اللامتناهية تفقد على مهل زواياها الحادة اركانها حوافيها ..الضوء يعتم فياخذ معه الهواء لا يبقى شيء للتنفس ... الان يتسرب الظلام الى داخل جلدي لقد تكورت الاصوات على نفسها ساحبة اعينها الشبيهة بعيون الحلزون , لقد غادرت اوركسترا العالم تبخرت في ظلام الحديقة .. واضح اني رايت نفسي في شرك ..عمري بضع سنوات ..الجميع غادروا اود اغادر لكنما من مكان اذهب اليه )..
حين تعد الرحالة رواية فانت امام خيارين اما تحسب المذكرات الاخرى رواية او ان يتم تغيير المفاهيم الروائية ..تقول اولغا <لقد كتبت الرواية باسلوب كوكبي > وهي تعني شذرات متفرقة يربطها جميعا افق السفر والترحال ...وقد يواجه القاريء مللا ببعض فقرات الرواية ولكن لان الحقول <العناوين الرئيسة > قصيرة نسبيا فبامكانك ان تجتازها وتكمل او ان تفتقر الى معلومة مهمة تعيقك عن الفهم . فاغلب الاجزاء منفصلة عن بعضها واكثر الابطال يظهرون ويغادرون متوجين بنهاية لهم ترسمها اولغا او تستبطن منها حكما , او تعلق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سحب عابرة لخوسيه حاصد نوبل :رواية المصائر الفاجعة.
يصنف بعض النقاد كتابات خوزيه بانه (tremendismo - اسلوب الهلع ) ..الحقيقة ان خوزيه يعد شاعر النهايات بالموت .. غالبا بنسبة عالية ينتهي ابطال روايته بالموت . شخوص روايته سحب عابرة لا تعبر ذاكرة قارئها بل تترسخ عميقا بسبب قوة الفاجعة وكمية المآسي التي تواجهها .. لكنهم في الرواية مهمشون يظهرون فجأة ويختفون تاركين لسعة الفلفل في الروح .. ان اقدارا تحركهم وتدفعهم لنهايات مأساوية انهم يعيشون في مدينة بحرية متوسطة المساحة لم يتبدل شيء فيها من سنين .. ولا افضل لديهم لكنهم بالمقارنة يرون ان ما مضى هو الافضل .. مدينة عجوز .. نسخة حياة مكررة .
جريمة شارع بلانشارالغامضة
اول فصل بل اول قصة في الرواية التي نسجت من سلسلة قصص قد تكون المدينة الساحلية التي تجمعهم وحدها البطل فيها .
خواكين الذي سنعلم لاحقا بان قطارا دهسه ..له ساق خشبية من الصنوبرترشح صمغا ..كأنه كان ينزمن صنوبرة حية ..ليست صورة شعرية اقحمت فقد اراد الكاتب ان يعمق احساسك بالفاجعة فسواء نزت حقا او لم تنز فانت امام مشهد يعصر روحك ساق ميتة حية .. التشبيهات لدى خوزيه ليست دوما بهذا الوضوح فقد تجري للبحث لتفهم وتتمثل بعض الاستعارات خلافا لماركيز ..
ــ الدينا شيء؟
ــ لا شيء لدينا !! وتملك الغضب زوجته ( منتشو ) التي افقدها اخوها الممثل فرمين عينها بلطمة مباغتة ..
بيت اذن بلا رغيف ماذا تتوقع من امرأة ..عينها الزجاجية تنز منها قطيرة ماء صفراء دبقة وهي في تركيبها عدائية وحقيرة وبلا خبز في المنزل ..انت هنا ان تأملت قليلا او قرأت بروية فسترى الكاتب نقلك مباشرة الى الجحيم .
انهما في مدينة حزينة قاتمة (مقاهي صغيرة ستائر نوافذها مخرمة ..نساؤها يكافحن لاجل اجهزة اعراسهن لكنهن سيتخلين عنها لانهن سلكن نهج الاباحية ولم يعد بامكانهن ان يعدن مستقيمات .. اي ان الهدف عرين ...
ايعقل ان يتزوج خواكين منتشو العوراء الممصوصة القرمزية الطويلة والضخمة الانف وشبه الصلعاء رغم انه لم يتزوج متسرعا فقد استشار .. يا لهم من مستشارين اغبياء ..
خواكين عمل في كل شيء : عامل منجم ,رقيبا في سلاح المشاة -عامل تجميل -مروج سلع -موظفا في مصرف -مهرجا -جابيا للضرائب وقد وفر مبلغا لافتا .. بعد كل تلك التجارب ياتي ليوقعه القدر في احضان زوجته المستبدة القبيحة ..
وخلال حياته لم يشك من حادث الا ان القدر كان يترصده ففقد ساقه من دهسة قطار ...يستطرد خوسيه هنا ليوضح الفرق بين من يتقبل الحدث والقدر دفعة واحدة ومن لا يقره بسرعة فلا يقتنع خوكين بانه فقد ساقه .. لقد لفت الساق المبتورة بعناية ووصلت الى مركز الشرطة .. وهؤلاء كان يعيشون بطالة مقنعة .. ووصول الساق احيا فيهم الامل .. قبلها كان رئيس المركز متذمرا من الاعمال اليومية الرتيبة ويطمح ان يرى حادثا يجعله يتنفس اوكسجين المهنة الحقيقي .. اخيرا تحدث الجريمة او الحادثة في منزل خوكين وزوجته شبه الصلعاء .
رغم ان فرمين -المتهم قرويا بانه خنثى - قد قلع عين اخته فهي تحن اليه وتتفاخر به امام صديقاتها ... وهو شيء غريب ..لانها بالعوق المظهري الذي تحمله وبزوجها المعاق وكمية الحقارة لديها كان ينبغي ان تحمل حقدا مؤبدا على اخيها ...ان مفردتي العين الواحدة والقطار تتكرران بكتابات وروايات خوزيه الاخرى ..
الرواية لا تشير او تتحدث عن الحرب الاهلية الاسبانية التي تواصلت لسنوات واصبحت خلالها اسبانيا ساحة لتدخلات عالمية .. بل تتناول آثارها من اناس منهزمين ضائعين يتحكم فيهم القدر المر ويحيك مصائرهم ..
يتضايق القاريء من كثرة الاسماء , ففي روايته خلية النحل حشد خوسية حوالي 300 اسما ..وما يبرر ذلك للكاتب ان الاسماء كانت تحمل ظلالها وايحاءتها وما تحملها من كم المعاني في الموروث الاسباني ..فبطله في روايته خلية النحل هو بائع احذية واسمه -سيقوندو -وهي تعني الثاني بالاسبانية صفة تضاف للاسم لكن بطله بلا ملك او مملكة .
ارى ان رواية -لحن ماثوروكا على ميتين - التي كتبها بعد سحب عابرة بحوالي 40 عاما تتربع على قمة الروايات في كتابات خوزيه الذي حصد نوبل 1989.
(لاثرو قتل غدرا وهو يستمني تحت شجرة التين ..ولم يكن بامكان اي احد ان يقتله بعمر 22مواجهة لا المغربي ولا غيره ... في المقبرة يتدفق ينبوع ذو مياه نقية تغسل عظام الموتى واكبادهم الباردة ..-لحن ماثوركا على ميتين . )

ــــــــــــــــــــــــــــ
الرائد البريكان في ذكرى رحيله
خلال اكثر من ثلاثين عاما قبل رحيله لم يكتب عن الشاعر محمود البريكان سوى ما نشره طهمازي في مقالة لم تكن موفقة مما حفز البريكان الذي ليس من طبعه الرد ان يكتب ردا عليها وينشره وسوى الدكتورة سلمى خضراء الجيوسي في كتابها بالانكليزية عن الشعر العربي الحديث1977.بعد وفاته كتبت عشرات الكتب عنه ومئات المقالات والاطروحات الجامعية .
ولقد دعوت اتحاد الادباء في البصرة الى انشاء لجنة تجمع كل ما كتب عنه كما دعا طه حسين الكتاب الى وضع مؤلف يضم كل ما كتب عن ابي العلاء المعري وخاطبهم(ان المهرجانات عابره ), وهو ما نفذ ..ولكن دعوتي للاسف لم تجد صدى .
تمر هذه الايام ذكرى رحيله وسررت بقراءة مقالة عنها هذا اليوم في الحوار المتمدن كتبها الاستاذ ابراهيم العلاف .. وباعتباره مؤرخا كان ينبغي ان يتثبت من بعض المعلومات غير الدقيقة منها ان عبارته <قيل قتل >وهي عبارة ظنية الحقيقة انه قتل طعنا في البصرة بمنزله و <انه درس القانون في دمشق > الحقيقة انها شرع بالدراسة هناك واكمل مجمل دراسته في البصرة .. ولقد حدثني عن ذلك قائلا (بدات الدراسة في دمشق بعد سنوات من الانقطاع فقال اخي -ليس بامكانك ان تستانف - لكني باشرت دراسة القانون في دمشق وبعد ثورة 1958 صار الجو مضببا فعدت للبصرة وقدمت اوراقي .. ورايت العميد لم يعرني اهتماما فقلت له -انه مصير طالب- فقبلت .. ولم تكن الكتب متوفرة فكنت استعير الكتاب قبل الامتحان بيومين ). وذكر الاستاذ العلاف بان له مجاميع شعرية .. لكن البريكان لم ينشر اية مجموعة شعرية وما نشر <متاهة الفراشة > كان ديوانا وضعه باسم المرعبي ..- ودقيقة كانت الجيوسي اذ اختارت له في كتابها قصائد وقدمت لها ب (ولا يعرف له ديوان مطبوع ). وما ذكره الكاتب نقلا عن صلاح نيازي لم يكن حقيقيا لان البريكان كان مهتما بالخط والرسم كهواية وليس احترافا فلم يقلد اللوحات العالمية.
قصيدة لم تنشر في حياته :الفلاح الاَخير 1
( حيث يعتنق النخل والظلمات ، ويمشي السكون الخفيف على الماء ، يختم جولته ، يدخل الكوخ . يشعل فانوسه ، ويدخن تبغا رديئاً يعد طعاما من الخبز والرز . يطعم كلباً يتيماً . ويرفع طرفاً كليلاً الى صورةٍ ( ولد شاحب بثياب القتال ). ثم يدخل في غيمة الذكريات :
لا اَحد في البساتين لا شبح غيره . رحلوا وهو ينتظر الموت منفرداً !
البصرة
28-2-2003

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1 ) من مجموعته الشعرية < قصائد صغيرة لحرب المدن>
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
في قصص ضائعة لماركيز لماذا ينتحرن في السادسة مساء .
سواء وحيدة تماما في منزلها او مع طفل او اكثر او ان لها زوجا اقترن باخرى فيواصلها نادرا او يتناساها فالشعورعميق بكارثة الوحدة والضياع .
الرجال والناس لا يتمثلان ذلك , فالمراة لا تموت اثر رصاصة غادرة او نوبة او اي مسبب اخر للموت , الوحدة والاهمال هو سرطان الاحتضار البطيء .
اتذكر في طفولتي جارة تشع جملا وخلقا , نذرت نفسها في تلك الازقة الترابية الضيقة المتعرجة في بيت شيد من الطين ان لا تتزوج حتى ترى اخاها متوجا بشهادة دكتور .. حين تحقق الحلم كانت قد بلغت الثلاثين .ستمزق روحها كل ليلة فاذا حل المنتصف تغفو على شبح اليأس والرعب متسائلة ( ما الذي قد جنيت من العمر يا صاحبي ؟ ! ).
نحن نردد من الموروث <ظل رجل ولا ظل حيطة >وعراقيا ( اسمك رجل يا كعيم من وحشة الليل ) .
بالقياس ترجح المراة اسم رجل (شخصه المرفوض ), او ظله ( وجوده مع عدم نفعه ) على مخالب الوحدة وتحمل الاعباء منفردة .وليست الوحشة هنا خوف المراة من المجهول قدر ما هو تسكين من التوتر المرير والخواء الذي يصعب سبر اغواره حين تتمكن منها الوحدة ليلا .
في كتابه(قصص ضائعة )الذي يضم مقالات صحفية وقصصا نادرة يبحر ماركيز في هذا الموضوع عميقا , فيذكر انه كان يتسلى في محلات السوبر بمراقبة ربات البيوت وبعد التفحص يسال نفسه <ايهن ستنتحر اليوم في الساعة السادسة مساء >... ويقول ان هذه العادة السيئة جاءته من سنوات عبر دراسة طبية حدثته عنها صديقته الطبيبة وحسب هذه الدراسة فان اكثر النساء سعادة في الديمقراطيات الغربية ينتحرن في الساعة السادسة .بعد ان يعشن حياة خصبة ويساعدن ازواجهن على الخروج من المستنقع ويربين ابناءهن ليصبحوا شديدي العود وليني القلب وان جميع المشاكل قد تم تجاوزها فلم يبق امامهن سوى الانتحار في مستنقعات خريفهن الراكد .فينتحرن مساء .ويسجل ماركيز رأيا قد لا يتوقف عنده القارئ غير المتمرس وهو (لقد كتبت دوما عن شرط المراة وعن سر طبيعتها ومن الصعب معرفة الاراء الاقرب الى الصواب ) ورغم ان عبارة , شرط المراة , غامضة فان الجمل التالية تعكس محنة الرجل وان كان متبحرا عن ادراك الاعماق الحقيقية للنساء .
يسجل ماركيز رأيا لصديق له (النساء لا ينشدن اكثر من دفيء منزل وحماية سقف, يعشن في خوف دائم من الكارثة وفي نضالهن ضد جميع الشرور الغامضة لا توجد حيلة الا ولجأن اليها ... ولو ان الحضارة بايدي النساء لعشنا الى اليوم في كهوف الجبال ... ولكان جل ما يطلبنه من الكهف اضافة لكونه مأوى هو ان يكون افخم درجة واحدة من كهف جارتهن وان يحتفظن باولادهن آمنين .فعقب ماركيز (بعد اطلاعي على هذا الرأي كتبت ــ ان جميع الرجال عنينون ـــ ) ما اثار عليه امطارا من الشتائم . في اللوجستية المنزلية يكمن نضال المراة ولم تكن الحروب الكولومبية ان تحدث لولا استعدادهن لتحمل تبعات العالم وهن في البيت ..كان الرجال يمسكون بندقيتهم ويمضون الى المغامرة دون ان يتخذوا الاحتياطات من اجل اسرهن وقد يعود احدهم من حروبه فيجد كل شيء على ما يرام .
ويختم ماركيز بتعليل الظاهرة -الانتحار , (بعد ان كن جميلات , دؤوبات , مخلصات عنيدات كرسن افضل طاقتهن لدفع ازواجهن الى الامام بيد وبيد اخرى يربين الاطفال بتفان ومحبة في بطولة سرية كانت مبررا لهن في الحياة لكن تلك البطولة تضاءلت حين بدأ الزوج وحيدا يحصد ثمار الجهد المشترك وازدادت ضآلة بعد ان كبر الاطفال فكانت تلك بداية فراغ كبير لكنه ليس بلا علاج فثمت فجوة متمثلة بالاعمال المنزلية اكثر الاعمال سخفا في العالم كما ان اعتذار الزوج عن الحضور يمكن تقبله فثمت مسلسل وصالون التجميل وصديقات متشابهات ومكالمات مطولة فلا يبقى من المستقبل الا الساعة السادسة .. في هذه الساعة اما ان يحصلن على عشيق عابر من الصنف الذي لا وقت لديه لخلع حذائه او يتناولن كمية اقراص منومة وقاتلة ..
سيعلق الاصدقاء <كان لديها كل ما تحتاج لتكون سعيدة > ..لكن ماركيز يرى انهن كن سعيدات فقط عندما كن يملكن القليل مما يحتاجنه للسعادة .
ـــــــــــــــــ
هذه هي القصة كما رووها لي
تتحدث هذه القصة عن كارلو وريث امبراطورية صناعية ورئيسها .. كان في 36 من عمره اكثر الناس اناقة وكياسة في الحفلات ومحدثا لامعا بخمس لغات عازفا بآلات عدة كمحترف ..كان يغني ويرقص وطيارا مجربا ورياضيا ماهرا ومقلدا باهرا للشخصيات الشهيرة وله زوجة جميلة سعيدة وابن وحيد هو بيرو 8 سنوات هذه الصفات اثارت قلب سيلفيو المهاجر اللاتيني الخجول والكفؤ ولاسباب من النوع الاخلاقي لم يجد لها تفسيرا توصل ليقين بانه امام امر لا يطاق : رجل متكامل السعادة .
وكما راى في الافلام وهو يصحب بن رئيسه بالصدفة اجرى مكالمة مغطيا السماعة بمنديل ( انه يتحدث باسم منظمة بروليتارية ولا يمكن اطلاق الصغير الا بشرطين :ادخال اصلاحات عميقة في العمل و ودفع خمسين مليون دولار نقدا ...
(لا بد لرجل يعيش بسعادة كلية ان يمر بنكسة ).. هذا هو قرار سيلفيو ).
هكذا تتنقل في هذا الكتاب بين الواقعية والسحرية والقصة والمقالة الصحفية في رحلة مشوقة يتدفق فيها الخيال لاقصاه ويضعك اما م مباحث وقضايا انسانية تكرهك ان تفكر فيها بعمق .

ــــــــــــــــــــــــــــ
سلمى الخضراء الجيوسي في ذمة الخلود
اعلن يوم الخميس الماضي عن وفاة الكاتبة الجيوسي عن عمر يناهز 95 عاما ..
ولدت الشاعرة والكاتبة الفلسطينية الجيوسي في صفد الفلسطينية 1928 من اب فلسطيني وام لبنانية .. نالت الدكتوراه في الادب العربي من جامعة لندن , زاولت التدريس في الجامعات الكبرى , عملت في الصحافة والاذاعة ثم التحقت بجامعة الخرطوم فجامعة الجزائر ,ثم في جامعة قسنطينة وجامعة بوتا بالولايات المتحدة ..
اسست سنة 1963 التنظيم الفلسطيني في الكويت , واشرفت على ادارته ,سنة 1980اسست مشروع بروتا لترجمة الشعر العربي .
عملت الجيوسي على مجموعة من المشاريع الثقافية كان ابرزها (الاتجاهات والحركات في الشعر العربي ).. وهو مصنف غني وعميق يقع بحوالي 700 صفحة من القطع الكبير , وهو يعرض موضوع دراسة الشعر العربي ومسارات تطوره منذ النهضة حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي ولحسن الحظ تمت ترجمته مؤخرا . يخصص الكتاب فصولا مستقلة لكل قطر غير متجاهل دور الدارجة في المساهمة في تطور الشعر ويركز البحث على اهم التقنيات في انجازات الشعراء الذين ساهموا بصنع حركة الحداثة .. يتالف الكتاب من ثمانية فصول منها (الجذور الثقافية للشعر العربي الحديث , وظهور الشعر الرمزي في الشعر العربي .. ) , وخلصت الكاتبة الى ان الشعراء العراقيين المعاصرين هم من حسموا الصراع التقني وثبتوا دعامة الحداثة العصية على الاندثار .. وكنت استعرضت الكتاب في موقع < الحوار المتمدن > .
لقد اتحفت الجيوسي المكتبة العربية بكنوز بحثية ونقدية ومصنفات ما يضعها في صميم التاريخ .وان رحيلها خسارة فاجعة للادب العربي وللباحثين عن مناهل المعرفة .
من مؤلفاتها : (العودة من النبع الحالم - ديوان شعر 1960 ...الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث .. ومن ترجماتها : انسانية الانسان ل رالف بارتون .. والشعر الامريكي .. وانطولوجيا الشعر العربي الحديث ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكراجات نقد

(وعبر اسى المحطات ..وجوع الروح والجسد ..اظل انشد الابد)…اول ما لفت نظري هو تذليل اللغة واختيار الوسط منها..فللهجة الدارجة مواطن تشع فيها. وتغذيك بطاقة ايحائية ان حسن الاختيار وتحكمت الضرورة…فهذا الوطن ( مسخم)..وهي مفردة عميقة الدلالة في اللهجة العراقية الدارجة…. يختار الكاتب باكثر من موقع تلك المفردات ليعقد مصالحة بين الفصحى والدارجة..ليس بدافع التبسيط. بل لاجل التوسع..فليس يعقل ان تكون كل مفرداتنا الشعبية مهملة بحجة انها ليست فصحى…
حين تتناول اصل مفردة معجميا وجذرها تصاب بالدهشة وانت ترى تحولاتها المجازية…في العربية حرف يقلب المعنى ان تجاور مع مفردة ما…ماذا يقول الجنوبيون لمن اخطأ او اساء( صخم الله وجهك).. او < يا مصخم> او [ مصخم ملطم]..لذا تلسعك مفردة - مسخم- للوطن
: يضعك الكاتب وجها لوجه امام الفاجعة ..اي وطن مسخم هذا..يكره الفتية اليافعين على موت مجاني او ملل الواجبات…ويفرض الف فدية يوميا….
اترك القراءة فورا ان رغبت بقراءة عجلى..فهذا نص لا يتصالح معك وانت تقرؤه كشارب كأس مثلجة..بعجالة ولا مبالاة…فتلك البائعة الحميراء يدنو اليها جندي فتي خشنته الحرب ساعة الفجر والمطر يلتهمك او نسمة ربيع تشملك او طاقة مسعرة تنبض فيك
: تراها تغريك فلا تفكر انها تفعل ذلك لاجل الرزق..انت امام جمال يسمرك..لكنك ذاهب للموت…انت كمن يلقي النظرات الاخيرة على الحياة
ولكنك في حياتك منتقل من كراج لكراج…حاملا همك وقلقك..مفارقا سلسلة امانك والاستقراردفئك والجو المثلج..فتتعمق فيك الغربةويتمكن منك الفراغ…لهذا ثبتها البريكان[ وعبر اسى المحطات]
: هكذا ينتقل بك الكاتب من محطة لاخرى راسما الفوارق السيكولوجية بينها ..مفرقا بين منسوب الحزن بين كراج وكراج..كراج الحيانية..ومرآب التنومة الفوارق هنا بسلوك الناس..فالكية ذات الكية..الفرق بالبعد النفسي…بمنسوب البذاءة واللطف..بين قوة
التوتر والانفس الرضية.. بين المساحات المخضرة وتلال القمامة.
اتفهم القصد من اهمال مفردة ( المرآب)..واتوقع ان الكاتب خانه توضيح الفكرة …لكنها تحيلنا الى بحث لغوي ..فلماذا تهمل بعض المفردات؟..وتستبدل وكيف يتحكم بها المجاز..اؤيد فكرة احد علمائنا اللغويين( كل المفردات مجازية) ..فنحن لا ندري كيف تحولت لفظة [ الاستقراء] من الاصل للمجاز..كانت العرب تجمع الماء الشحيح من بقع متناثرة .. وتحجزها بحفرة واحدة..لسهولة التناول..كيف تحولت الى المنطق…مفكر ذكي اخذ جوهرها وحرفها عن اصل معناها..المهم ليس المرآب لفظة غريبة مهملة لان هناك حنان البقاء..وقوة التمسك بالبيت او البيئة …انما طغت الكراج فازاحت المرآب لاسباب مجهولة..لكنه بحث يستحق التأمل والتعمق [ التحول المجازي للمفردات]..لكني اتفهم قصد الكاتب ..فللمفردة ظلالها..ومن هنا تصمد القصائد ان استخدم لها مفردات ذات طاقة ايحائية..
: تناول الكاتب مزاج السواق..فهم ينتعشون باغنية الاطلال لكنهم يتمسكون بسعدي الحلي..الاطلال واضحة لكن سعدي الحلي ذلك المطرب الفذ الذي شغل الاجيال..ولم تستطع كل الاشاعات التي تشمله وكل الاف الطرائف التي نسبت اليه خاصة ما يتعلق باتهامه بحب الذكر ..
: لم تستطع ان تطمره..فمن لا تطربه( غفه رسمك بعيني من الصبا لليوم).. ورغم ما يؤاخذ عليه السواق اخلاقا فان الغيرة تحركهم فيحجزون للعوائل
: وقد يقرأ هذا الجيل لف الطعام وغيره بالصحف..فلا يدرك ما وراءها..اما نحن الذين عاصرنا عهد التمجيد..فقد حفظنا عشرات الطرائف..مثلا ( اشتريت جريدة لامسح بها الجام او اقتنيتها لالف بها الفلافل..لقد اتخمونا صحفا وتلفازا به بتمجيده( الضرورة)…التفت الكاتب لذلك فوثق لمجلات وصحف تتبع للنظام شهيرة
نعم ستطوينا..سننسى ويبقى الحجر خالدا رغم خلوه من المعنى( بريكان)..لكن علينا ان نوثق ما نستطيع…لنتغلب على مللنا وقلقنا ورعبنا الخفي…لن ينقذك نسيم المتوسط..فها قد مضت عقود مذ غادرت الجامعة في انتظار مزيد من الملل في الكراجات.
<< كراج ساحة سعد


الكراج برزخ بين مثواك ومرتحلك، نقطة عائمة بين دفء اقامتك الاسرية الآمنة(على افتراض) وبين العالم الخارجي المفتوح على كل الاحتمالات. وحياتنا فاصلة زمنية بين كراجين . نقضيها بالنظر عبر الزجاج، نشرب البراري، نعد الاعمدة لا تحط عليها الطيور والجسور التي لا تصل بين عالمين. ونغفوا في قلق نسبي. ونبصر كل الدلالات المهمة، وكلها لا معنى لها.
وفي تلك الفاصلة المستقطعة نمارس فريضة الاسترجاع. فنعيد صناعة النهارات السابقة، والحوادث التي انتهت خلاف المشيئة, نسقط ثانية في هاوية الذكرى وخيبة التجربة, وننجب كثيرا من الافكار النيئة. وقد نكتشف قطرة حياة في غيمة عابرة. ولكننا لا ننتظر الا الكراج التالي.
ويكتسب الكراج عادة صفات اهله, فيعكس مزاج المناطق التي يمر بها وينتهي اليها, ولو كانت مجرد سيارتين تقف جانب الشارع وينادون زبير زبير. فهل يستوي كراج التنومة الذاهب الى ما تبقى من انهار وجذوع وأنصاف نخيل وترع وخضرة تكسوها طيبة، بكراج القبلة او الحيانية.
ستدرك ذلك كله في وجه السائق وطريقة لفه للكوفية, او وضع (الحدرية) البيضاء, في الصور المعلقة امامه في السيارة، وطريقة النداء. في خطوط وجوه الركاب ودرجات السمرة والبياض، اسمائهم، ولهجتهم، وتكرار المفردات المحلية، واصابع تحرشهم. والتاريخ الذي ينبت تحت جلودهم.
وكذلك الامر في المدن الكبيرة. ففي التسعينات, قال لي صديق يعمل نائب ضابط في القوة الجوية حكاية اذكرها كشاهد حي على القول السابق. ان في كراج النهضة النازل للجنوب يصعد متسول الى الحافلة. فيعود بما تمطره ايديهم من تعاطف و ندى. لكنه في كراج العلاوي ينال رفسة الى خارج الحافلة.
ما يهمنا ان الكراج هو نخيل الحكايات المنسية والمقطوعة وجداول الذكريات. فقبل ايام كنت اروم الذهاب الى بغداد في مهمة عاجلة, فاستقبلني السواق في الجزرة الوسطية المقابلة لكراج البصرة الرئيسي في ساحة سعد. وهم عادة يأكلون الوجه. يتشبثون بساعد كل قادم من الجهات الثلاث. وهم ينادون بحرارة: بغداد, نجف, ناصرية بالكيا. (حجي نفر واحد عمارة بالتاكسي. يالله توكل) مع أن السيارة فارغة. وحين يكتمل العدد, ينبهك اكثر الركاب ايمانا او خوفا (الفاتحة لام البنين رحم الله والديكم تسهيل امر ) وكأنك ما ان تغادر الكراج حتى تدخل دائرة الخطر والحذر.
نظرت الى بوابة الكراج الكبيرة الجديدة فأحسست بيد الغربة تمسك بيدي. تمسح على وجهي. انه اكثر غربة مثلي. ستقرأها في وجه رجل الجباية شبه الالي، وفي حديد البوابة، وفي السقائف مرتبة طويلة. ولكل محافظة سقيفة وسيارات وحكايات. فتبدو كأنك في كل المحافظات.
ترى الاغتراب في الأشجار المهملة الزائدة عن الحاجة, والشعارات الغابرة على الحيطان , وفي تعجل الجميع للمغادرة، في المحلات المسافرة مثلك كأنها ليست مقيمة على ارضها, في مزاح السواق وهم يبتكرون توصيفات جديدة ويتضاحكون للشتائم بينهم. فهل انت في حلم طويل لن ينقضي حتى تجد السيارة الملائمة للسفر.
لكن الكراج في غربته القاسية مثل شرفة تطل الى الامس. فتنثار الصور في خيالي من خلال الضباب بالأسود والأبيض الشاحب بالحزن والحنين. فالتفت الى اليمين ارى جنودا في في حرب الثمانيات يفطرون عند رصيف الشارع المواجه للكراج, فشة او شوربة طيبة لرخصها من عربة ألوانها براقة. او قيمرا عند بائعة القيمر الحميراء المكتنزة, تجامل للكسب, أو من يروق لها. فيشربون اكثر من استكان للشاي لقاء ضحكة من شفايف بلون برونز الديرم. ثم يمضون مع سيكارة سومر اسود سن طويل الى موتهم المحتمل او ذل الواجبات.
ابصر امامي مفرزة الانضباط العسكري ، تجثم في مدخل الكراج. ومطلوب منها ان يكتظ القفص بالقضبان المتقاربة. يطل منها وجوه الجنود سيئي الحظ الخائبين. اعينهم تتفحص المارين لعل احدآ يتعرف اليهم.
ثم تمرق امامي جعجعة الايفا ترتج وهي مولية الى الفاو, عبادان, نهر جاسم, السودة والبيضة. الجنود يعتلون اليطقات على ظهرها مرغمين على الاستشهاد في الخنادق الوسخة. وأصوات القصف البعيد ينبأ عن نزف مستمر في شرايين الأرواح. ان للقذائف صوت الموت.
وحين يرون طالبات كليات باب الزبير وهن بصحبة الطلاب السنافر، يصرخون أهذا موعد ملائم للشهادة أيها الوطن المسخّم, الا يكفي ستة آلاف سنة من القتل والقتال والغزو والإذلال! ستمتد معارك الفاو لأسابيع، يجزر فيها الف اضحية يوميا. وانت تحزن لأغنية سالمين وسالم وطنا بيكم. فأتصور جارنا الشاب القوي البنية وهو ينزف حتى الموت في احد الهجومات. وكانت رغبته ان يحصل على نوط شجاعة!
ابصر في وسط الكراج سيلا متدافعا من الجنود والمدنيين يجري الى طرفه خلف المنشاة 44 راكب والأجساد تجهش بتعرّق الخاكي, تتقافز الحقائب الخالية او المنتفخة بالدجاجة المقلية الملفوفة بجريدة القادسية أو ألف باء, او كيلو كعك أبو السمسم.
وحين يتزاحم الجميع عند باب الحافلة الموصد. يحجز السائق المقعد الخلفي بأريحية مفرطة للعوائل! وما ان يفتحه تبدا الخصومات حول حجز المقاعد. ثم تنطلق اغنية الاطلال في مسجل السيارة مجرد ان تتحرك إطارات الحافلة او سيارة الريم, ثم يعقبها سعدي الحلي متغزلا بحبيبه الذكر.
اما انا فقد اختبأت طوال الحرب خلف جدار الجامعة، فنجوت, لكني كنت ادمن الذهاب الى الكراج كل شهر مسافرا الى باب الطوب في الموصل عبر 12 ساعة من ليل بعضه نوم متقطع. وجله تململ وهناك في الجامعة سأنسى كل الكراجات المغتربة والحزينة والدافئة لثلاثين نهار بمناخ البحر المتوسط.
>>
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من اجل معجم يواكب المستجدات
ابتكرت في العراق خلال العشرين سنة التي اعقبت سقوط النظام مفردات ومصطلحات تواكب التحولات والهزات المتسارعة والمتسلسلة , وقد كان لشيوع مواقع التواصل الاجتماعي دور فاعل باشاعتها .
ولعل المفردات والمصطلحات التي تعكس العنف - ابرز ظاهرة اجتماعية - هي الاكثر رواجا بعضها توارت واخرى ترسخت ومنها ( العلاس والصكاك , السياف وقناص بغداد , شالوه , طكوه بالدهن ) .
فيما اطلقت مفردات يعكس بعضها الحزن العراقي على اجهزة المبايل : (الشبح , طابوكة , ابو دمعة , ابو دمعتين ) .
وبذات الحقل تسربت للصحافة مفردات ( جماعة تكفيرية , مظاهر مسلحة ,ميليشيات ,سياسيو الصدفة , الترحيل القسري , المقابر الجماعية ) .
هنالك مفردات توصّف الاستيلاء القسري وغير القانوني ( حواسم ومشتقاتها , الفرهود , بحارة -من يعملون بتهريب المشتقات النفطية , خماطة - جماعة النشل ) .
عن المخدرات ابتكروا ( كان ـ كب -اي متعاطي الكابين , مكبسل , الشم , يسكوّت - أي من يتعاطي السيكوتين بدلا من حبوب الهلوسة -.
مفردات ومصطلحات تعكس الحالة والسلوك الاقتصادي (تلافة , خماطة ,عظامة , هفتي -من يبيع سلعا باسعار مرتفعة بالتقسيط , طاك) .
هناك تسميات اطلقت على جمال المرأة وحالتها الاجتماعية مثل ( صاكة وسنكل ) .
وانتشرت بشكل غير معقول مفردات لا معنى لها مثل (جييبة و علّي بمط اللام وتشديدها وعنّي بمط وتشديد النون ).
ان ما ذكرته صورة مصغرة عن الاف المفردات التي اصبحت مشاعة في المجتمع العراقي يكمن خلفها مقدرة لغوية تميز بها العراقيون وخيال خصب سينكب عليها المتعمقون بدراسة الاستعارة والمجاز وفقة اللغة واصحاب الصرف , وستشغل مستقبلا علماء النفس والاجتماع .
فيما يتدهور لدينا الاملاء والاعراب ننشط في مجال الاستعارة والمجاز ونحت الكلمات وابتكارها , انها ظاهرة تستدعي الدراسة ووضع معجم حديث .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة موت معلن لماركيز والقدر المحتوم

مع مطلع سنوات المراهقة تصورت اني حسمت الجدل الذاتي حول موضوعتين فلسفيتين هما الموت والقدر .
واكتفيت بنظرية الحركة الجوهرية (الروح رغم انها ليست مادة فان لها نسبا ماديا ) والاطروحات المادية ( الروح مادة متطورة ) لانقي الدماغ من الجدل اللامتناهي حول الروح والمادة .
لكن رواية قصة موت معلن المكثفة والقصيرة والمحكمة النسج وضعتني ثانية في مواجهة تلك المسائل الفلسفية الشائكة وعدت لدراسة اطروحة العلاقة بين الصدفة والضرورة وتوصلت لاراء في طور التكوين والتنضيج تلخص بان جزءا من القدر يعتمد على النسبة .
منذ السطور الاولى يضعك الكاتب امام النهاية الماساوية للبطل
( في اليوم الذي كانوا سيقتلونه فيه استيقظ سنتياغو نصار وهو غني بالوراثة ومن اصل عربي ..).
وعندما يعلم القاريء بالنهاية من اللحظات الاولى يفترض ان يفتر لديه الاحساس بلهفة المتابعة و لذة اكتشاف المستور .
لكن ماركيز يقلب الامر مستفيدا من اسلوب الاستقصاء الصحفي وفن السيناريو وتقديم المعلومات بالتقسيط عبر لقائه بمن شهدوا الجريمة وظروفها بعد عقدين فتظل مشدودا حتى النهاية وانت تحاول مثله ان تستكشف اركان الجريمة البشعة واسبابها .
سيجري الدم في جو احتفالي فالجميع ينتظر وصول مركب المطران فيما تجري استعدادات فائقة الندرة لاقامة عرس .
زمن الرواية اربع ساعات فقط وعدد صفحاتها 122 .
تبدا الكارثة حين يعيد العريس زوجته لاهلها بعد ساعات من الزفاف لانه يكتشف فقدانها العذرية . لكنها ستقتل انسانا اخر ايضا لا علاقة له بالحادث حسب اكبر الظن فتجيب انجيلا اخويها المسالمين التوأمين تحت ضغط لا يحتمل بان نصار هو من عبث بها ظنا منه بان اخويها لن يقتلاه بسبب غناه وجرأته .
لكنهما نحراه بابشع الطرق وبمدى ذبح خنازير قاسية .
لقد نصحتها القوادتان بان تسكره وتضع علامة العفة الحمراء على شرشف سريرهما الزوجي لكنها رفضت تعففا عن الغش مهيئة نفسها للقتل ( قررت اموت ولا اخدعه ) ارى في ذلك نبلا انثويا عاليا .لكن الجميع كان يعلم بان الجريمة ستقع والجميع تعفف عن اخباره وتحذيره وكل برر ذلك بالحجج الواهية .
لهذا قال المحقق وهو يقلب ملفا القضية الذي بلغ 500 صفحة ( ان القدر يجعلنا غير مرئيين ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كورماك وروايته الطريق فاجعة نهاية العالم
توفي قبل حوالي اسبوع الروائي الامريكي المسرحي والسينارست مكارثي عن عمر ناهز 89 عاما (1933 ــ 2023 )..بعد ان انتج 12 رواية . عمل في مهن عدة منها التعليم والميكانيك ودخل الطيران لكنه ضاق ذرعا بالثكنات فترك وظيفته .. عاش شبه متشرد شطرا من حياته وذلك ما صوره في روايته <الضائع > في 600 صفحة , وكان يرفض الظهور الاعلامي حتى انه رفض عرضا بالاف الدولارات مقابل محاضرات حول ادبهفي احدى الجامعات , مفضلا ان يتناول الفاصوليا على ذلك .اولى رواياته < حارس الحديقة 1965 > اعقبها ب < خارجا من الظلام >1979. لم يستجب القراء والنقاد لتلك الروايات .. سنة 1992 صدرت روايته - كل الخيول جميلة - فحصدت مبيعات عالية .
سنة 2006 كتب روايته (الطريق ) التي نالت جائزة بوليتزر ... وهي تتحدث عن كارثة اصابت العالم فدمرته .. يرويها رجل يتقدم باتجاه الساحل مستصحبا نجله الصغير ..كل شيء في الرواية يجسد الموت والظلمة واليأس والدمار ..
في الطريق قال لها <نحن من الناجين > فاجابته (بل نحن موتى يمشون في فلم من افلام الرعب )..وقدم لها املا بان -سيفعل أي شيء لاجلها - فاجابته : ( مثل ماذا ؟ لديك رصاصتان ولا تتمكن من حمايتنا ..آجلا او عاجلا سيقبضون علينا -اكلة لحوم البشر - وسيغتصبوننا وياكلوننا وانت لا تكترث وتفضل الانتظار ).. واضافت <اعتدنا التحدث عن الموت , لانه لم يبق شيء للحديث عنه وبان لها عشيقا هو الموت : لقد انتهيت وانتهى فؤادي الجامح وانا منذ زمن طويل , انت تتحدث عن اتخاذ موقف لكن ليس هناك موقف.. لقد نزع فؤادي مني في الليلة التي ولدت فيها ,لذا لاتطلب مني الحزن الان .. لا يوجد اثر له ).
يتقدم الرجل وابنه ورغم شدة الفاجعة فان لمسات انسانية تتدفق بينهما .. في جو مرعب هذا مثال عليه : (تابعا سيرهما بخطوات ثقيلة وقد هزل جسداهما واتسخا
كمدمني الازقة. لفا نفسيهما ببطانياتهما في مواجهة البرد وأنفاسهما تتصاعد وهما يشقان طريقهما عبر أكوام الرماد السوداء الناعمة. عبرا السهل الساحلي العريض حيث ألقت الرياح السرمدية بهما في خضم غيوم من الرماد ليبحثا عن جسر على جانب الطريق. كانا يلفان بطانياتهما حول رأسييهما وبدت سماء الظهيرة السوداء مثل زنزانات الجحيم. ضم الصبي الذي نخر البرد عظمه إليه وقال له: لاتيأس. سنكون على ما يرام.
عندما أفاق مرة أخرى كان الظلام لم يزل مخيما لكن المطر قد توقف. بدا نور مصحوب بدخان في الوادي. نهض وتجول على امتداد السفح. تبدى ضباب رقيق ناتج من حريق امتد عدة أميال. قرفص وتمعن فيه. كان بإمكانه أن يشم رائحة الدخان المنبعثة, بلل إصبعه ورفعها عكس الريح. عندما انتصب واقفا واستدار ليعود بدا الضوء من داخل المشمع حيث أفاق الصبي.. ومن حيث استقر في الظلمة ظهرت الزرقة كأنها خطوة في مغامرة أخيرة في طرف العالم، عالم كل ما فيه غير قابل للتفسير. وهكذا كانت الامور.).
لكن الكاتب قد يصيبك بالملل لان الاحداث والمشاهد متشابهة الا ان مقدرته الشعرية الفائقة تنقذ النص من الرتابة وتسحك لتكمل القراءة ..
(أمضيا اليوم التالي بكامله ينتقلان عبر الضباب المتحرك الناتج من دخان الحرائق. في المناطق المفتوحة المحروقة كان الدخان يتصاعد من الارض كالضباب، والاشجار السوداء النحيلة تحترق على المنحدرات كأنها قواعد لشموع وثنية. وصلا
فيما بعد في أثناء النهار إلى مكان عبرا فيه الحريق الطريق إذ لم تزل الحصباء ساخنة وبدأت بعد مسافة تلين تحت أقدامهما.
بدأ القار الاسود الحار يجذب نعالهما ويتمدد في موجات رقيقة تحت وطأة أقدامهما. توقفا. قال الرجل: علينا أن نتوقف.).
اشتهرت روايته لا موطن للمسنين الذي يعالج فيه ازمة الشيخوخة ..ومن الغريب انه لم يحصل على جائزة نوبل التي رشح لها .
كورماك مكارثي الذي صرح - لا تستقطبني الا روايات تتحدث عن الموت > بعد ان اهمله النقاد وجفاه القراء اصبح يستقطب ملايين المتابعين لادبه حول العالم .
الروائي النوبلي ماريو يوسا ورواية الرياح
صدرت عن دارليرن الفرنسية ترجمة لرواية الرياح للكاتب البيروفي ماريو .. بطل الرواية رجل عجوز يعيش في مدينة مدريد اكمل مائة عام , يقرر الذهاب لحضور عرض اخير في احدى دور السينما قبل ان يتم اغلاقها , فيرى في القاعة ستة رجال من كبار السن (اشلاء بشرية ) فيقول (لقد مضى وقت طويل منذ هجر الشباب السينما لانهم اعتادوا على مشاهدة الافلام عبرشاشات الكمبيوتر ..فيعيش حالة الوحدة والضياع فيصف نفسه .. في طريق عودته يضيع فلا يهتدي الى بيته , يحاول تذكر الطرق لكن بلا جدوى فيظل تائها لساعات فلا يعرف اين هو رغم الحشد المتجمهر ولافتات الشوارع والساعة ورجال الشرطة ومداخل المترو فيخشى ان ينفضح امره فتستدعيه الشرطة فيودع في السجن .. ويقر البطل يوسا بان الشاشات الافتراضية لا تقدم سوى تجربة سطحية وغير مكتملة للفن والثقافة .
ولد الكاتب 1936وحصد نوبل 1910.وهو روائي وصحفي وبروفسور جامعي وسياسي ترشح للرئاسة البروفية 1990لكنه لم يفز .بدا دراسة القانون والادب في جامعة ناسيونال سنة 1953.
كتب روايته الاولى -المدينة والكلاب 1963.. والبيت الاخضر 1968 وحديث الكاتدرائية .. -البطل المتكتم -شيطنات الطفلة الخبيثة .. وعشرات الروايات .
حصل على الدكتوراه حول كتابته عن مائة عام من العزلة لماركيز ... وانجز اكثر من 70 عملا ادبيا .
حول اسلوبه في الكتابة يقول في احدى المقابلات (كنت دائما أتفاجئ حين أكتب. بل سأكون صريحا إن قلت ربما للمرة الأولى؛ إن اكثر اللحظات إثارة و التي اجد فيها نفسي متحفزا هي حين انكب على كتب قصة ما و تبدأ الأشياء تبرز من تلقاء نفسها دون سابق اعتبار. فعلى سبيل المثال في روايتي الزوايا الخمسة، كانت هناك شخصية أردت لها في البداية ان تكون شخصية ثانوية، غير مأثرة، إلا ان ما حدث سبق ان حدث في عديد المرات، هو أنني كلما تقدمت في القصة ، تأخذ الشخصية في التبلور و تكتسب قوتها فارضة نفسها و سطوتها علي، بمبادرة منها و قررا حاسما بأن تأخذ حيزا كبيرا لها في الظهور، فجأة تصبح الشخصية مفعمة بالحياة، أعتقد أن هذه هي أكثر اللحظات سحرية في الكتابة ).


قوة الدراما في ثلاث قصائد عربية
اعتمدت هذه القصائد الثلاث على لغة الحوار والانسنة والتوتر الدرامي , وقد تسيدت وحدة الموضوع فيها ومقدرة الشعر على تحويل الافكار بما فيها التوتر الوجودي الى فن .
وسترى في قصيدة ايليا ابو ماضي وميخائيل نعيمة كيف تمكن شعراء المهجر من تنقية اللغة وانتقاء المعجم المتفرد وقوة تاثير الايقاع الذي تخلى عن التسارع لصالح الهمس الشعري .
ولقد خسر الشعر بعدهم الكثير حينما هيمنت القصائد الثورية والانفعالية .
اما قصيدة بن خفاجة الاندلسي فقد سبقت زمنها ورغم صعوبة قاموسها فقد سجّلت قفزة في الشعر العربي الذي لم يكتشف الشعراء حداثتها بالقياس الا بعد قرون .
1 قصيدة الطين لايليا ابو ماضي
نسي الطين ســاعةً أنه طيـــــ ــنٌ حقيــرٌ فصــالَ تيــهـاً و عــــــربــد
و كسا الخزُّ جســمه فتبــاهى و حـــــوى المــالَ كـيسُـــهُ فتمــــرّد
يا أخي لا تمــل بوجهــك عنـي ما أنــــا فــحمـــةٌ و لا أنــت فـــرقــــد
أنت في البردة الموَشّاةِ مثلي في كسائي الرديمِ تشقى و تسعد.
أأمانـــيّ كلهــــــا من تـــــــــرابٍ و أمانيـــــكَ كلـــهـــا مــن عسجــــد؟
أأمانــــي كلهــــا للتـــــــلاشـــي و أمــــانيــــك للخــــلــــود المؤكــّد؟
لا فهذي و تلك تأتي و تمضي كــــذويهــــا و أي شــــيءٍ يؤَبّـــــــد؟
أيها المزدهي إذا مسك السقــمُ ألا تشــــتكـــــي ألا تتــنــهّــــــد
قمـــــرٌ واحـــــدٌ يطــــل عليـــنــا و علــــى الكــــوخِ و البنـــاءِ الموطّد
إن يكــــن مشرقاً لعينيكَ إنــــي لا أراه مــــن كـــوة الكــــوخِ أســود
لو ملكت الحقول في الأرض طُراً لـم تكن من فراشةِ الحقلِ أسعـــد
أجميلٌ ما أنت أبهى من الــــــور دةِ ذاتِ الشذا و لا أنـــت أجــــــود
أم عـــزيزٌ و للبعوضــــةِ من خـــدّ يكَ قــــوتٌ و فــــي يديــكَ المهنّـد
أم قـــويٌ إذن مُر النــــومَ إذ يغــشاك و الليــــلَ عن جفــونــك يرتــد
أنت مثلــــي من الثــــرى و إليــــه فلماذا يا صاحبي التيه و الصـــد؟
2 النهر المتجمد لميخائل نعيمة
يا نهرُ، هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخريرْ؟
أم قد هَرِمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير؟
بالأمسِ كنتَ مرنّماً بين الحدائقِ والزهورْ
تتلو على الدنيا وما فيها أحاديثَ الدهور
بالأمس كنتَ تسير لا تخشى الموانعَ في الطريقْ
واليومَ قد هبطتْ عليك سكينةُ اللحدِ العميق
بالأمس كنتَ إذا أتيتُكَ باكياً سلَّيْتَني
واليومَ صرتَ إذا أتيتُكَ ضاحكاً أبكيتني
بالأمسِ كنتَ إذا سمعتَ تنهُّدِي وتوجُّعِي
تبكي ، وها أبكي أنا وحدي، ولا تبكي معي !
ما هذه الأكفانُ؟ أم هذي قيودٌ من جليدْ
قد كبَّلَتْكَ وذَلَّلَتْكَ بها يدُ البرْدِ الشديد؟
ها حولكَ الصفصافُ لا ورقٌ عليه ولا جمالْ
يجثو كئيباً كلما مرَّتْ بهِ ريحُ الشمال
والحَوْرُ يندُبُ فوق رأسِكَ ناثراً أغصانَهُ
لا يسرح الحسُّونُ فيهِ مردِّداً ألحانَهُ
تأتيه أسرابٌ من الغربانِ تنعَقُ في الفضا
فكأنها ترثي شباباً من حياتِكَ قد مضى
وكأنها بنعيبها عندَ الصباحِ وفي المساءْ
جوقٌ يُشَيِّعُ جسمَكَ الصافي إلى دارِ البقاء
لكن سينصرف الشتا، وتعود أيامُ الربيعْ
فتفكّ جسمكَ من عِقَالٍ مَكَّنَتْهُ يدُ الصقيع
وتكرّ موجتُكَ النقيةُ حُرَّةً نحوَ البِحَارْ
حُبلى بأسرارِ الدجى ، ثَملى بأنوارِ النهار
وتعود تبسمُ إذ يلاطف وجهَكَ الصافي النسيمْ
وتعود تسبحُ في مياهِكَ أنجمُ الليلِ البهيم
والبدرُ يبسطُ من سماه عليكَ ستراً من لُجَيْنْ
والشمسُ تسترُ بالأزاهرِ منكبَيْكَ العارِيَيْن
والحَوْرُ ينسى ما اعتراهُ من المصائبِ والمِحَنْ
ويعود يشمخ أنفُهُ ويميس مُخْضَرَّ الفَنَنْ
وتعود للصفصافِ بعد الشَّيبِ أيامُ الشباب
فيغرد الحسُّونُ فوق غصونهِ بدلَ الغراب
قد كان لي، يا نهرُ، قلبٌ ضاحكٌ مثل المروجْ
حُرٌّ كقلبِكَ فيه أهواءٌ وآمالٌ تموج
قد كان يُضحي غير ما يُمسي ولا يشكو المَلَلْ
واليوم قد جمدتْ كوجهِكَ فيه أمواجُ الأمل
فتساوتِ الأيامُ فيه صباحُها ومساؤها
وتوازنَتْ فيه الحياةُ نعيمُها وشقاؤها
سِيّانِ فيه غدا الربيعُ مع الخريفِ أو الشتاء،
سيّانِ نوحُ البائسين، وضِحكُ أبناءِ الصفاء
نَبَذَتْهُ ضوضاءُ الحياةِ فمالَ عنها وانفردْ
فغدا جماداً لا يَحِنُّ ولا يميلُ إلى أحد
وغدا غريباً بين قومٍ كانَ قبلاً منهمُ
وغدوت بين الناس لغزاً فيه لغزٌ مبهمُ
يا نهرُ ذا قلبي أراهُ كما أراكَ، مكبَّلا
والفرقُ أنَّك سوفَ تَنشطُ من عِقالِكَ، وهو... لا
3 قصيدة الجبل لابن خفاجة الاندلسي
وأرعنَ طمّاحِ الذُؤابةِ بَاذخٍ
يُطاولُ أعنانَ السماءِ بغاربِ
يَسدُّ مهبَّ الرّيحِ من كلّ وجهةٍ
ويزحمُ ليلاً شُهبهُ بالمناكب
وقُورٍ على ظَهرِ الفلاةِ كأنهُ
طوالَ الليالي مُفكِرٌ في العواقِبِ
يلُوثُ عليهِ الغيمُ سُودَ عمائمٍ
لها منْ وميضِ البرقِ حُمرُ ذوائبِ
أصختُ إليهِ وهوَ أخرسُ صَامتٌ
فحدثِني ليلَ السُرَى بالعَجائبِ
وقال ألا كم كنتُ ملجأ قاتلٍ
وموطن أوَّاهٍ تبـتَّلَ تائبِ
وكم مرَّ بي من مدلجٍ ومـؤوِّبِ
وقـال بظلِّي من مطيٍّ وراكبِ
فما كان إلا أن طوتهم يدُ الردى
وطارت بهم ريح النوى والنوائبِ
فحتى متى أبقى ويظعنُ صاحبٌ
أودِّع منه راحلا غيرَ آيبِ
وحتى متى أرعى الكواكب ساهرا
فمن طالعٍ أخرى الليالي وآيب
فرُحماكَ يا مولايَ دعوةُ ضارعٍ
يمدُّ إلى نعماك راحة راغب
فأسمعني منْ وعْظِه كل عبرةٍ
يترجمها عنه لسان التّجارب
فسلّى بما أبكى وسرّى بما شجى
وكان على عهد السّرى خير صاحب
وقلتُ وقد نكبتُ عنه لطيّةٍ
سلامٌ فإنّا منْ مقيمٍ وذاهبِ
















مذكرات الامريكية ليالاكس : كسر القيود الدينية واكتشاف الذات .

( لقد تغلغلت في اعماقي محاولة ان التقط الحقيقة باقصى ما استطيع ) هكذا تقر الكاتبة الامريكية ليالاكس في مذكراتها < سافرة Uncovered> التي تربو على 400 صفحة .
في 22 فصلا تروي كيف تمكنت من هجر الحياة << الحسيدية >> , وعادت اخيرا للوطن وتعني به ذاتها .لقد رسمت حالة الرضا عن النفس في تغيير حياتها ومعنى ايمانها .
بدات كتابة سيرتها منذ 1975وهي سنة زواجها (لم اكن الاحظ الخواء الناتج من غياب رغبتي لان الخواء لا يصدر صوتا ), لقد دام هذا الخواء 30 عاما حتى اكتشفت بانها سلبت مشاعرها وعقلها وارادتها ...(حياتي كانثى : لحظات الخيبة او السخط او الفرح هي ذروة وقتية للنمو الذي يتلاشى , اما م انقضاض الامومة , التفاصيل, الاحتياجات اليومية التي تستحق احساسي بالذات وتجعل ذلك النمو غير مهم في الوقت الذي تاتي فيه لحظات اخرى كهذه تكون اللحظة السابقة قد اوشكت على الانتهاء, لا نماء لا تغيير تدريجيا انني اتصرف وفقا لسطور مكتوبة , لا اتفاعل , الاحظ مشاعر اطفالي ولا اتفاعل .
تستطرد لرسم تعاليم <الحسيدية > : تحت تاثيرها حرف نظرنا عن الاهتمام بالدراسة الجامعية لنوجه الى الحياة الربانية . تقول ( شهدنا في الجامعة طلبة من يسمون بمجانين المسيح .. شعور هيبية وعيون تاثرت بالمخدرات في الحرم الجامعي وبايديهم كتيبات مسيحية وهناك طلاب مسلمون يحتجون على شاه ايران وغيرهم من التجمعات .
وتكتب (النساء يمتهنن الكتابة ويكتبن بصوت الرجل فيحضضن النساء على الالتزام بالحدود ..لكني كلما كتبت حول المراة اصبحت اكثر انفصالاعن الجماعة .. لقد اعتقدت ان الزواج هروب من الوحدة ولهذا هو مرادف للقداسة ).
تصف ليالاكس لحظات المخاض: (اني اتنفس واعدّ اترقب رفس الطفل اوج الانفعال مزيد من التنفس ثم مجددا ومجددا حتى يصدر صوت كالزمجرة من مكان لا اميزه لكنها انا ..ثم تعقبه قوة لم اعرف من اين امتلكتها تدفع الطفل للخارج بحركة اندفاع حيوانية ) بعدها تكتب (انه صبي ,متى سيحلون وثاق يدي ويتاتى لي ان اضحك.. اطراف اناملك نقاط مدورة ,بشرة كالهمسة , شعر كزغب الطيور ,حاجبك الصغير المجعد, ساعمل جهدي لاجعل أي مكان فيه منزلا تتمكن فيه من الازدهار, تجد وجهي ,تتلاقى اعيننا واسكب كل ذهبي فيك .. لن اتركك ابدا ) .
وهي توجه رسالة ساطعة الى النساء المحجبات اللواتي لا يعتقدن بان لديهن القدرة على < الغربلة >أي استخلاص الافضل من الدين (واجهي الذنب والعار الذين يستخدمها البعض اداة للدين .. خذي الحكمة والالهام والجمال واتركي الباقي ).
وفي تغلغل سيكولوجي لعلاقتها الاخص والحميمية مع زوجها ليفي : (لا اعرف معنى ان اشتهيه ,بل اعلم انه يجب علي فعل ذلك , وجه -ليفي- حنون وخطوه متلهف ... انتابتني وخزة صغيرة من الخوف عندما تسلط ثقله المفاجيء على السرير , تسارع ياخذ انفاسي ,عندما اتقرب اليه اسعى للامل بان يمسك بي ويبقيني معه ليحميني وان اتمكن من الوثوق به لاجل ذلك < الحماية > وعلي ان احبه واسلم له نفسي , وان لم يكن بداخلي أي ارتعاش لرجل . ).
<من منطلق الحب يا اخواتي اقدم لكن افواه> هكذا تختتم ليالاكس مذكراتها العميقة .
حصلت ليالاكس على الماجستير من جامعة هيرستن .. ناشطة في حقل الدفاع عن الحقوق المدنية .. قال عن مذكراتها الكاتب ليفي رافائيل (انها قصة التوق العالمي لاكتشاف الذات الاصيلة والاحتفاء بها )
ــــــــــــــــ
الحسيدية -حركة الحاسيديم : حركة روحانية اجتماعية يهودية نشات بالقرن ال 17 ويعد بعل شيم توف مؤسسها ونشرها في انحاء شرق اوربا .










بول اوستر :ابتكار العزلة مذكرات افتراسية

من ايام اعلنت الكاتبة سيري هاستفيت زوجة الروائي والمخرج الأمريكي، بول أوستر، بأنه يخضع للعلاج من مرض السرطان.
اثاراتهام أوستر لوالده بالبخل - في "اختراع العزلة"- غضب عائلته فكذبته، ما جعله يفسر في "تباريح العيش" لاحقاً، بقوله: "لقد ترعرعت في عائلة بورجوازية، وعشت طفولة ميسورة، ولم أعانِ أبداً من أي نقص أو حرمان يزهق غالبية البشر. لكن على رغم اليسر فإن المال كان موضوع المناقشات والهموم المتواصلة ,عاش والداي الأزمة الاقتصادية عقب الحرب العالمية الثانية ، ولم يبرأ أي منهما من هذه الأزمنة العصيبة بصفة نهائية. تركت تجربة العوز آثارها فيهما، وكان كل واحد منهما يحمل جرحها على طريقته. كان أبي مقتصداً وما انفكت ذكرى الفقر تلازمه. أما أمي، فكانت تعشق طقوس الاستهلاك. وكانت على غرار الأميركيين تمارس التسوق بوصفه وسيلة للتعبير".
في مقابلة مع "الغارديان" البريطانية، بيّن أوستر الدور الكبير الذي تلعبه السير الذاتية في حياة القراء. إنها رحلة استكشاف للذات وليست استعراضاً لها على الملأ.
تطفل البطل لمنزل ابيه الذي عاش فيه وحيدا مدة 15سنة , فعلم بانه لم يجر عليه أي تغيير .. و ان ما كان يحكمه هو الاهمال لا الذكريات .. فبعد انفصاله عن زوجته صار الوقت الذي يستغرقه داخل المنزل يتناقص .. فالمنزل مكان للنوم فقط .. انه خارج مفاهيم باشلار بكتابه جماليات المكان اذ قال > , وقد راى الابن المتطفل على بيت ابيه بان الاهمال الجلي للبيت هو انعكاس للسلوك الذهني فقد مر بحالات تفسخ تدريجي فاثاث الغرفة مطمور بالعناكب , تتلبس فرن المطبخ قطع من طعام محروق ,علب طحين موبوءة , اكياس سكر تكلست .... كان يجيب ان حثه اصدقاؤه على ترك المنزل (انا سعيد هنا ).
هذا البيت اشتراه ابوه بثمن مرتفع وكان ذا مواصفات هندسية راقية وبعد فترة قصيرة انفصل الزوجان ومضى الولد للكلية واستانفت الام حياة جديدة ومعها اخته ...وحده الاب مكث بالبيت الشاسع .
هو يرفض بيع البيت لاسباب منها الاتفاق مع الزوجة اثناء الطلاق ينص على ان للزوجة ملكية نصف البيت وفي حال بيعه لها نصف السعر ..او لان الاب يرفض بضميره تغيير حياته او بسبب كسله وفتور في مشاعره من اتخاذ أي قرار.

الكاتب يروي حادثا غريبا حدث بعد انتقالهم لمنزلهم الجديد بوقت قصير ... قاد سيارته وبدلا من قيادتها لمنزله ذهب بها لمنزله القديم ودلف من باب خلفي وصعد الدرج واستلقى على الفراش وحين اكتشفت وجوده المالكة الجديدة بعد ساعة من نومه اصيبت بالهلع لكن الاب لم يقفز فزعا ولم يهرب وتوضح الامر اخيرا وضحكا .
هنا يندفع الابن بتحليل هذه الظاهرة فيقول .
لم يجر أي تغيير في المنزل اثناء سنوات الوحدة التي قضاها لم يضف اثاثا ولم يزل ايا منها , لم يبدل اصص الزهور ولم ير فساتين امي التي خزنها في العلية ليس لرغبة باحتفاظه بالبيت كمتحف بل لجهل شاسع بشان حالته الرثة .
يدخل الابن للمنزل بسلوك وعيون محقق بوليسي او عالم اثار .. فمن خلال مخلفات البيت يحاول ان يبني الهيكلية السيكولوجية لابيه المنعزل والمتكتم تماما .
كان المنزل سريرا للنوم فقط وان الافتقار الى مكان يرتكز اليه حوّله الى متجول دائم , وسائحا في حياته نفسها فلم يعرف الاستقرار .
واقر الابن بان الاهمال في المنزل هو تجسيد لحالة ابي الذهنية . كانت مستقبلاته للمسرات والالم متكلسة .. فلا يعرب عن ذلك لا بايماءات ولا بحركات جسدية ولا بالنطق ..لقد تدرب بما يكفي ليغلف ذاته عن الجميع ..وتحجرت مشاعره فكفاه عشر دقائق ليلقي نظرة على ولده البكر الوحيد ويختفي ولم يستجب لاستغاثة زوجته قبيل المخاض فلم يكن جوارها ما دفعها للاستعانة بزوج اختها لتقلها الى المشفى .
ان اكثر الاشياء رهبة هو مواجهة اغراض رجل مات الاشياء تهمد لان معناها كامن بدورها خلال حياة صاحبها ,عندما يموت يجري عليها تحول ما , انها اشباح ملموسة محكومة بالبقاء في الحياة في عالم لا تنتمي اليه .ما الذي يثير تامله في حزم هاربة من الواقيات الذكرية متناثرة في ادراج تحتشد بالملابس الداخلية , ماذا عن شفرة حلاقة تجلس في الحمام لا تزال مسدودة ببقايا شعر ذقن بعد اخر حلاقة .او درزن من اصباغ الشعر. لا تعني الاغراض شيئا بذاتها فهي ادوات طبخ لحضارة بادت لكنها رموز الخلوة التي يتخذ فيها رجل قرارات بخصوص نفسه : هل يلون شعره ؟ هل يلبس هذا القميص او ذاك هل يبقى او يرحل ..
يشعر الابن وهو ينقب في الاغراض والمخلفات بانه طفيلي , لص يفتش في اماكن سرية .
بعد عشرة ايام تم تنظيف البيت واعداده لمالكيه الجدد كان وقتا غريبا هزليا بجداره .كانت زوجته معه خلال ذلك وابنه دانيال 18 شهرا . كان ينام مع زوجته بلحاف واحد , يشهدان افلاما رديئة من شاشة تلفاز قبل بيعه : واجها انقطاع الكهرباء وعطل السخان اما طفلهما فكان سعيدا يجري منقبا وعابثا بالسلع الانقاض ..فجاة يرن الهاتف فيرد عليه : ابي قد مات .. لقطة فاجعة .لقد تحول بائع اثاث تحول المنزل الى سلسلة كوميدية فالاقرباء يصلون ليستولوا على اواني وملابس يقلبون الصناديق ويثرثون , واقبل المزايدون لتفقد البضاعة <الاثاث لا يساوي قرشا > يقولون ويرفعون انوفه ويخرجون ..ياتي جامعو القمامة لينقلوا تلالا من من الاغراض ,عمال الوقود قرؤوا العداد واتى عامل اعداد الغاز ليقيس , كما فعل عامل مصلحة المياه ... احد في الماضي اذاقه الاب وقتا عصيبا لسنوات قال (والدك كان بغيضا ودنيئا ).
لكن مثل هذا الرجل الذي مات المقنع سلوكا حتى الشبحية كيف يفعل وهو يخطب امراة للاقتران .. هل ستتحرك فيه المشاعر او يقدم لها زهرة او يتلو شعرا رومانسيا ..بعد اسابيع من الزواج ستشعر امراته بانها دخلت كمينا وان زوجها لا يمكن العيش معه .. لكنها عادت للمنزل وبقيت سنتين لان نطفة تحركت في بطنها وسيلد بكرها وستبقى تحتمل بسبب قوة الامومة .
يكتشف الابن مغامرات ابيه ويفسر من سلوكه بالبوم الصور ما كان غامضا ويصعب استيعابه ..
من الامور المفزعة ان تصل بنت جاره فتلعب مع صغيره ثم ترفع سماعة التلفون وتقول له < بول انه والدك يريد التحدث اليك > ما يجعله في هزة عميقة .

ــــــــــــــــــــــــ
بول اوستر كاتب ومخرج أمريكي مولود في 3 فبراير 1947. كتب في أدب الجريمة والبحث عن الهوية والمعاني الإنسانية , وتحلى بشجاعة فائقة باضاءة احداث بالمذكرات قلما يتمكن منها كاتب .. أبرز أعماله ثلاثية نيويورك (1987)، قصر القمر (1989)، موسيقى الصدفة (1990)، كتاب الأوهام (2002) و حماقات بروكلين (2005)..


بول اوستر :ابتكار العزلة مذكرات افتراسية





من ايام اعلنت الكاتبة سيري هاستفيت زوجة الروائي والمخرج الأمريكي، بول أوستر، بأنه يخضع للعلاج من مرض السرطان.
اثاراتهام أوستر لوالده بالبخل - في "اختراع العزلة"- غضب عائلته فكذبته، ما جعله يفسر في "تباريح العيش" لاحقاً، بقوله: "لقد ترعرعت في عائلة بورجوازية، وعشت طفولة ميسورة، ولم أعانِ أبداً من أي نقص أو حرمان يزهق غالبية البشر. لكن على رغم اليسر فإن المال كان موضوع المناقشات والهموم المتواصلة ,عاش والداي الأزمة الاقتصادية عقب الحرب العالمية الثانية ، ولم يبرأ أي منهما من هذه الأزمنة العصيبة بصفة نهائية. تركت تجربة العوز آثارها فيهما، وكان كل واحد منهما يحمل جرحها على طريقته. كان أبي مقتصداً وما انفكت ذكرى الفقر تلازمه. أما أمي، فكانت تعشق طقوس الاستهلاك. وكانت على غرار الأميركيين تمارس التسوق بوصفه وسيلة للتعبير".
في مقابلة مع "الغارديان" البريطانية، بيّن أوستر الدور الكبير الذي تلعبه السير الذاتية في حياة القراء. إنها رحلة استكشاف للذات وليست استعراضاً لها على الملأ.
تطفل البطل لمنزل ابيه الذي عاش فيه وحيدا مدة 15سنة , فعلم بانه لم يجر عليه أي تغيير .. و ان ما كان يحكمه هو الاهمال لا الذكريات .. فبعد انفصاله عن زوجته صار الوقت الذي يستغرقه داخل المنزل يتناقص .. فالمنزل مكان للنوم فقط .. انه خارج مفاهيم باشلار بكتابه جماليات المكان اذ قال > , وقد راى الابن المتطفل على بيت ابيه بان الاهمال الجلي للبيت هو انعكاس للسلوك الذهني فقد مر بحالات تفسخ تدريجي فاثاث الغرفة مطمور بالعناكب , تتلبس فرن المطبخ قطع من طعام محروق ,علب طحين موبوءة , اكياس سكر تكلست .... كان يجيب ان حثه اصدقاؤه على ترك المنزل (انا سعيد هنا ).
هذا البيت اشتراه ابوه بثمن مرتفع وكان ذا مواصفات هندسية راقية وبعد فترة قصيرة انفصل الزوجان ومضى الولد للكلية واستانفت الام حياة جديدة ومعها اخته ...وحده الاب مكث بالبيت الشاسع .
هو يرفض بيع البيت لاسباب منها الاتفاق مع الزوجة اثناء الطلاق ينص على ان للزوجة ملكية نصف البيت وفي حال بيعه لها نصف السعر ..او لان الاب يرفض بضميره تغيير حياته او بسبب كسله وفتور في مشاعره من اتخاذ أي قرار.

الكاتب يروي حادثا غريبا حدث بعد انتقالهم لمنزلهم الجديد بوقت قصير ... قاد سيارته وبدلا من قيادتها لمنزله ذهب بها لمنزله القديم ودلف من باب خلفي وصعد الدرج واستلقى على الفراش وحين اكتشفت وجوده المالكة الجديدة بعد ساعة من نومه اصيبت بالهلع لكن الاب لم يقفز فزعا ولم يهرب وتوضح الامر اخيرا وضحكا .
هنا يندفع الابن بتحليل هذه الظاهرة فيقول .
لم يجر أي تغيير في المنزل اثناء سنوات الوحدة التي قضاها لم يضف اثاثا ولم يزل ايا منها , لم يبدل اصص الزهور ولم ير فساتين امي التي خزنها في العلية ليس لرغبة باحتفاظه بالبيت كمتحف بل لجهل شاسع بشان حالته الرثة .
يدخل الابن للمنزل بسلوك وعيون محقق بوليسي او عالم اثار .. فمن خلال مخلفات البيت يحاول ان يبني الهيكلية السيكولوجية لابيه المنعزل والمتكتم تماما .
كان المنزل سريرا للنوم فقط وان الافتقار الى مكان يرتكز اليه حوّله الى متجول دائم , وسائحا في حياته نفسها فلم يعرف الاستقرار .
واقر الابن بان الاهمال في المنزل هو تجسيد لحالة ابي الذهنية . كانت مستقبلاته للمسرات والالم متكلسة .. فلا يعرب عن ذلك لا بايماءات ولا بحركات جسدية ولا بالنطق ..لقد تدرب بما يكفي ليغلف ذاته عن الجميع ..وتحجرت مشاعره فكفاه عشر دقائق ليلقي نظرة على ولده البكر الوحيد ويختفي ولم يستجب لاستغاثة زوجته قبيل المخاض فلم يكن جوارها ما دفعها للاستعانة بزوج اختها لتقلها الى المشفى .
ان اكثر الاشياء رهبة هو مواجهة اغراض رجل مات الاشياء تهمد لان معناها كامن بدورها خلال حياة صاحبها ,عندما يموت يجري عليها تحول ما , انها اشباح ملموسة محكومة بالبقاء في الحياة في عالم لا تنتمي اليه .ما الذي يثير تامله في حزم هاربة من الواقيات الذكرية متناثرة في ادراج تحتشد بالملابس الداخلية , ماذا عن شفرة حلاقة تجلس في الحمام لا تزال مسدودة ببقايا شعر ذقن بعد اخر حلاقة .او درزن من اصباغ الشعر. لا تعني الاغراض شيئا بذاتها فهي ادوات طبخ لحضارة بادت لكنها رموز الخلوة التي يتخذ فيها رجل قرارات بخصوص نفسه : هل يلون شعره ؟ هل يلبس هذا القميص او ذاك هل يبقى او يرحل ..
يشعر الابن وهو ينقب في الاغراض والمخلفات بانه طفيلي , لص يفتش في اماكن سرية .
بعد عشرة ايام تم تنظيف البيت واعداده لمالكيه الجدد كان وقتا غريبا هزليا بجداره .كانت زوجته معه خلال ذلك وابنه دانيال 18 شهرا . كان ينام مع زوجته بلحاف واحد , يشهدان افلاما رديئة من شاشة تلفاز قبل بيعه : واجها انقطاع الكهرباء وعطل السخان اما طفلهما فكان سعيدا يجري منقبا وعابثا بالسلع الانقاض ..فجاة يرن الهاتف فيرد عليه : ابي قد مات .. لقطة فاجعة .لقد تحول بائع اثاث تحول المنزل الى سلسلة كوميدية فالاقرباء يصلون ليستولوا على اواني وملابس يقلبون الصناديق ويثرثون , واقبل المزايدون لتفقد البضاعة <الاثاث لا يساوي قرشا > يقولون ويرفعون انوفه ويخرجون ..ياتي جامعو القمامة لينقلوا تلالا من من الاغراض ,عمال الوقود قرؤوا العداد واتى عامل اعداد الغاز ليقيس , كما فعل عامل مصلحة المياه ... احد في الماضي اذاقه الاب وقتا عصيبا لسنوات قال (والدك كان بغيضا ودنيئا ).
لكن مثل هذا الرجل الذي مات المقنع سلوكا حتى الشبحية كيف يفعل وهو يخطب امراة للاقتران .. هل ستتحرك فيه المشاعر او يقدم لها زهرة او يتلو شعرا رومانسيا ..بعد اسابيع من الزواج ستشعر امراته بانها دخلت كمينا وان زوجها لا يمكن العيش معه .. لكنها عادت للمنزل وبقيت سنتين لان نطفة تحركت في بطنها وسيلد بكرها وستبقى تحتمل بسبب قوة الامومة .
يكتشف الابن مغامرات ابيه ويفسر من سلوكه بالبوم الصور ما كان غامضا ويصعب استيعابه ..
من الامور المفزعة ان تصل بنت جاره فتلعب مع صغيره ثم ترفع سماعة التلفون وتقول له < بول انه والدك يريد التحدث اليك > ما يجعله في هزة عميقة .

ــــــــــــــــــــــــ
بول اوستر كاتب ومخرج أمريكي مولود في 3 فبراير 1947. كتب في أدب الجريمة والبحث عن الهوية والمعاني الإنسانية , وتحلى بشجاعة فائقة باضاءة احداث بالمذكرات قلما يتمكن منها كاتب .. أبرز أعماله ثلاثية نيويورك (1987)، قصر القمر (1989)، موسيقى الصدفة (1990)، كتاب الأوهام (2002) و حماقات بروكلين (2005).


كازو المتوج بنوبل بقايا اليوم التخلي عن الذات لاجل الخدمة .

من سنتين غادرت قراءتها بعد 20 صفحة .. لم ترق لي .. ولاني احارب عاداتي القرائية واحورها باستمرار فقد عدت للرواية بعد يومين اذ انا امام رواية تمكنت من اجتيازامتحان التاريخ وتخلدت .
رواية تتناول رئيس الخدم -ستيفز - يعمل في دار لنجتون هول البريطاني ..الذي يفني عمره في خدمة صاحب الدار اللورد البريطاني , المؤثر بقوة في مجرى السياسة البريطانية .. متخليا عن اية احلام سوى المهنية , كابتا عواطفه مشغولا عن العالم الا احداث القصر ..وهو يرى انه بتفانيه بخدمة اللورد سيساهم بخدمة انكلترا .
حين توج بجائزة نوبل 2017 رسمت الاكاديمية السويدية انجاز كازو ب (كشف الهاوية التي تقف تحت شعورنا الوهمي بالاتصال بالعالم في روايات تمتلك قوة عاطفية عظيمة ).
وعلى القارئ ان يتعامل بحذر مع التوصيفات السويدية لحاصدي نوبل ..لان اهم ما يميز باولو ايضا هو تناوله لشخصيات بعيدة عن التناول ويشبعها بحثا .. ان الكتابة عن مثقف اسهل بكثير من الكتابة عن مثل هذه الشخصيات ..مثلا ان كان البطل حوذيا فانت محدد بالبحث او كان شاعرا او كاتبا فبامكان المؤلف ان يزج بافكار ثقافية وفيرة ما يسهل عليه مهمته .
يضعك الكاتب في بقايا اليوم امام ازمة حقيقية ذاتية وموضوعية من السطور الاولى .. فانت امام جشع رأسمالي واضح فقد تحولت ملكية الدار لغني امريكي وطلب من رئيس الخدم ان يسرح الخدم وان يعتمد على 4 اشخاص .. تصور حال ستيفر وقد كان يدير القصر ب17 فردا و28 في بعض الاوقات ...كيف سيحافظ على الفخامة في القصر والخدمة الفائقة .. ولعل المالك الجديد التقط الحرج من ملامح ستيفر فقال له -تتمكن من اضافة خادم خامس وان تستعين ببعض يعملون بالقطعة , مؤقتين -.. انه اول ادانة للجشع الرأسمالي , اربعة بدل عشرين . ويطلب منه ان يتمتع باجازة ليرى جمال الريف الانكليزي وللتشجيع يطمئنه -الوقود على حسابي - هذا الموقف تزامن مع رسالة مهمة من زميلته في العمل انسة كنتيون ـ التي عملت معه لعشر سنين ـ وقد غادرت الدار لتتزوج ..اذن يمكنه ان يقصدها فيقنعها بالعودة الى العمل .
وبين الاستذكار للقصر انكليزيا وامريكيا تشتغل الذاكرة والمقارنة بين حضارتين مختلفتين واسلوبين متغايرين بالتعامل مع الاحداث ..ويتم تسليط الضوء على التغيرات الاخلاقية ..
كان ستيفز قد ركز كل طاقته الفكرية والنفسية لانجاح الخدمة ربما هو يرى بهذا النجاح نجاحا للامة ..لهذا توّج باعلى درجات ضبط النفس والاداء الاداري الفائق .
لكنه خلال ذلك ينسى نفسه فيهمل الانسة كنتيون ولا يعبر لها عن مشاعر, لقد كبح نفسه بجدارة .. ولم يمض لاغماض عين ابيه الميت بل كلف زميلته بذلك ..وهو معهم بالقصر لانهماكه بتادية خدمة في اجتماع مهم ضم اصحاب هتللر وانكليز وفرنسيين .
تتحدث الرواية عن زمن كانت البشرية فيه على شفا حفرة .. وان القبضة الهتلرية الصلبة في طريقها لاكتساح العالم . فهل كانوا محقين عندما ادين اللورد البريطاني بالتواطيء ..وهل استجابت لكبير الخدم زميلته حين دعاها للعودة وما سر تفاني الاب وهو يؤدي خدمة بالقصر اعتادها لكنه تلكلأ بها بسبب العمر. اسئلة تلح ان تقرأ الرواية لتستكشف اعماقها .ورغم ان تراخيا يحدث في الرواية نسبيا الا ان قوة الاحداث لا تدعك تتمكن من الفكاك من سلسلتها التي تسحك بقوة .
اثناء تسلم كازو نوبل ذكر ( لوالتقيتم بي سنة 1979 ربما لوجدتم صعوبة بالتصنيف حولي من الناحيتين : الاجتماعية والعرقية .. كان محقا فقد نجت امه من القنبلة الذرية على اليابان وانتقلت عائلته الى لندن سنة 1960 لكنه لم يحصل على الجنسية البريطانية الا 1982 ورغم ان تربيته صارمة ـ فكانت عائلته تشترك بسلسلات تعليمية وادبية يابانية وتطلعه عيها ليشد الى بلده ـ فانه لم يزر اليابان الا متاخرا ما خلق لديه ما يمكن تسميته -دسنتر سيلف - الفجوة النفسية .
حولت الرواية الى فلم بنفس العنوان ادى دور رئيس الخدم الممثل الاوسكاري انتوني هوبكنر , ما اكسب الرواية شهرة اعظم.
ــــــــــــــــــــــــــ
ولد كازو 1954 باليابان , انهى الماجستير في الكتابة بالفنون الابداعية بانكلترا ..له اكثر من 8 روايات مترجمة, من رواياته : (من لا عزاء له - لا تدعني ارحل -بينما كنا يتامى صدرت في سنة 2000 -ورواية كلارا 2021.
كتب بقايا اليوم بشهر واحد وقد اغلق هاتفه وانعزل حتى اتمها . رشحت رواياته لاكثر من 40 جائزة عالمية .




عود ثقاب دعوة لجمع ما كتب عن البريكان .

( انا تخليت امام الضباع
والوحش عن سهمي
لا مجد للمجد فخذ يا ضياع
حقيقتي واسمي .. البريكان )
ستمر علينا قريبا ذكرى رحيل الشاعر المفكر الرائد محمود البريكان (1931_ فبراير 2002) ومن المتوقع ان تنضم اتحادات الادباء والمراكز الثقافية مهرجانات بهذه المناسبة .
كل ذلك لا ينفع سوى انها عرفان بالجميل .
الاهم ان تتشكل لجنة من الكتاب والمحققين لوضع كتاب يضم كل ما كتب عنه .
في كل عام اوجه هذه الدعوة ولا احد يستجيب .
وقد سبقني لذلك عميد الادب العربي طه حسين فخاطب المثقفين والكتاب والمحققين بان المهرجانات لا تفيد ابا المعري بل كتاب يجمع كل ما كتب عنه .
في الذكرى الألفية لرحيل أبي العلاء المعري أقامت سوريا احتفالية كبيرة بهذه المناسبة في أوائل العام 1944، وقبل شهر من الموعد المحدد لها تشكلت في القاهرة لجنة من كبار محققي التراث العربي والإسلامي برئاسة د.طه حسين وعضوية كل من الشيوخ والدكاترة: عبد الرحيم محمود، إبراهيم الإبياري، عبد السلام هارون، مصطفى السقا، حامد عبد المجيد، وشرعوا بالبحث والعمل في مجمع اللغة العربية بالقاهرة.

عكفت اللجنة على تحقيق آثار أبي العلاء تحقيقا علميا فنيا، وضبطها وشرحها، من أجل العمل على نشر كل ما كتبه الفيلسوف بنفسه، وكل ما كتب عنه بأقلام القدماء.

وقد استطاعت اللجنة في أول عهدها إخراج مجلد ضخم بعنوان: «تعريف القدماء بأبي العلاء» يبلغ اكثر من 700 صفحة ، أعقبته بخمسة مجلدات من شروح ديوان «سقط الزند».
ان كتاب البريكان عن الرازي يضعه في عداد المفكرين وهو لم ير النور لكنه حدثني عنه وكتابه في التعليم رغم اختزاله وكثافته يعكس المعرفة التربوية وكتابه في الموسيقى فريد من نوعه لانه يصحح ترجمة المصطلحات العربية بالموسيقى , فضلا عن عشرات المجاميع الشعرية التي تنتظر الافراج عنها .

البريكان لم يكتب عنه في حياته الا ما ندر لكن بعد موته الّفت حوله كتب عدة وعدد من الاطاريح الجامعية ومئات المقالات .
ان عدم نشر ديوان للبريكان طيلة عقود وعزلته الادبية واصراره على العمل ضد مصالحه حسب قوله ساهم بتواري ادبه عن الكثيرين .
مؤخرا وبعد يأس من اتحاداتنا ومنتديانتنا الادبية ومراكز البحوث الثقافية بدأت اوجه دعوتي لكتاب وباحثين من خارج العراق ..
وقد وجدت استجابة اولية رغم ان بعضهم ذكر صعوبة المهمة نظرا للناحية القانونية حيث ينبغي الاستئذان ممن كتبوا عن البريكان .












محنة المثقف العربي امام وهن الترجمة

في لقاء معه قال الصحفي محمد حسنين هيكل (لقد خجلنا ونحن نجيب الوفد الصيني ـــ وقد ترجم من العربية عشرات الالاف من الكتب ـــ لاننا ترجمنا عددا ضئيلا من عناوين الكتب الصينية .).
احتفل الملتقى الدولي الثالث للترجمة في 2006 بمشاركة 200 باحث عربي واجنبي بصدور الالف كتاب الاولى في المشروع القومي للترجمة الذي يتبناه المجلس الاعلى للثقافة في مصر منذ 1995 .. فهل يكفي هذا ؟!...يتمكن عدد من المثقفين الاطلاع على الاداب والعلوم العالمية ان كانت باللغة الانكليزية , وماذا عن اللغات الاخرى .
لقد انشأ د. حسن حماد , عالم الاداب المصري ليترجم للادباء الشبان الى الالمانية , لكنها تبقى جهودا فردية دون مستوى الطموح .
في الجهة الاخرى .. الكتب العربية المترجمة الى اللغات خاصة الانكليزية ضئيلة جدا ما يحرم الكاتب العربي من فرصة الحصول على جوائز عالمية .. فخلال ( 2011 ــــ 2015 ) ترجم252عملا , رغم ان المختصين في الترجمة مثل يرون تحسنا في اعداد الكتب العربية المترجمة .
وربما كانت موافقة نجيب محفوظ على نشر اعماله بالانكليزية احدى اسباب تتويجه بجائزة نوبل .
هنالك دول عربية ثرية -الخليج حصرا -تقع عليها مهمة الدعم لمشاريع الترجمة .
وقد خطا العراق متقدما في حقل الترجمة في العهد السابق ثم انتكست الترجمة ..فقد تاسست - دار المأمون - للترجمة والنشر في العراق سنة 1980 حيث شهد العقدان -- الثمانينيات والسبعينيات --انطلاقة نوعية موفقة .
ان بقيت الدول العربية واهنة في مجال الترجمة فما على المثقف الا ان يصعد التل ويراقب تطور الذكاء الصناعي لعله ينجب مترجمين فعالين يعوض عن فقرالترجمة لدى البشر .



النوبلية اليس مونرو : الغور في روح المرأة

(اذا تركت المراة الحزن لدقيقة واحدة فانه سيعود ليغريها بقوة اكبر عندما يصدم بها مرة اخرى - اليس ) ..(السعادة الدائمة هي الفضول -مونرو ) . هذان الاختياران يستحقان ان يكوّنا دليلا يقود لجغرافية القاصة الكندية اليس مونرو المتوجة بجائزة نوبل 2013 . ورغم ان الكثير من الكتاب غادر القصة القصيرة وتوجهوا لكتابة الرواية فانها ظلت وفية لخطها الاسلوبي فلم تغادر حقل القصة القصيرة .. وقد اصدرت 14 مجموعة قبل ان تعلن توقفها عن الكتابة .
في مجموعتها (الحياة العزيزة ) ـ صدرت 2012 بالنص الانكليزي .. ت نهلة الدربي , 15 قصة تعكس خيبة المراة ومحنتها وهي تواجه النهاية الماساوية للحب .. وتلك النسوة والفتيات المهمشات الذين يتشبثن بصعوبة في الحياة التي غدرت بهن ..وذلك الوصف الحي للريف والحياة فيه .. والرجال الذين لا يبالون بالنساء , المجموعة لا تبهرك بقوة البلاغة او اللغة الشعرية كما ترى ذلك لدى ماركيز وغيره .. لكنها ترسم حياة مكثفة لحيوات بسطور لا تتعدى اصابع اليد تضعك امام مشهد عميق لتلك الارواح وماسيها وتطلعاتها وخيباتها .. فكثير من الشخصيات تظهر في قصصها ظهورا برقيا لكنه يعصر روحك ويضعك امام شبكة من الاسئلة التي عليك انت الاجابة عليها او فك طلاسمها .كل ذلك يجري عبر رادار سيكولجي يكشف اعمق الخلايا في روح الانسان خاصة المراة . تقول مونرو .. وحتى عندما تستقل القطار عائدة لمدينتها تفكر بكل لحظة ان ترمي نفسها وتمضي اليه ليوضح الموقف .. لكن ذلك يشعرها بالخزي ..وربما هذا الموقف تمر به كل النساء بالعالم عندما يهجرهن الرجل دون ان يقدم سببا او اعتذار .
ان مونرو بكل قصصها تجعلك تكتشف اشخاصا جوارك او في موقع عملك او الاسواق , لهم حياة عميقة لكنك لا تنتبه اليهم .
وصفت الاكاديمية السويدية مونرو <افضل من كتب القصة القصيرة في العصر الحديث >.
من اعمالها (الدب القادم من الجليد -تحولت فلما -المتسولة-حب امراة طيبة -الهروب -حياة الصبايا والنساء ).


البعثة المصرية لليمن لكشف مخطوطات المعتزلة


تعد اليمن من اكبر المناجم للمخطوطات .. خاصة ما يتعلق بفرقة المعتزلة التي ظهرت اخر العهد الاموي وازدهرت بالعهد العباسي كفرقة كلامية قدمت العقل على النصوص . واحد اسباب انتشار هذه المخطوطات باليمن هو تقارب نهج الزيدية مع المعتزلة ..وتتباين الاحصائيات حول المخطوطات اليمنية , منهم من يقدرها ب 80 ألف مخطوطة والبعض يعدها ما يقارب المليون نسخة .وبفضل الامامين :احمد بن سليمان ت 566 ه ــ وعبد الله بن حمزة ت 614 ه فقد ارسلا وفودا لجمع وجلب كتب الزيدية والمعتزلة من العراق وبلاد الجيل والديلم - شمال ايران - .
عبر التاريخ العربي كان الباحثون والمؤلفون لا يعتمدون على فكر المعتزلة المكتوب وانما من مصادر قد تكون تناقضهم او تختلف معهم .. الا ان المستشرق السويدي هنريك صامويل تمكن من العثور على نسخة من كتاب القاضي ابن الخياط المعتزلي الذي تصدى فيه لكتاب بن الراوندي -وتمكن هنريك من تحقيقه وطباعته في دمشق , بعد جهد بليغ لان النسخة وشمت بختم التحريم.

بتوجيه من طه حسين وصلت البعثة العلمية لمصر الى اليمن لاستكشاف مخطوطات المعتزلة وغيرها , سنة 1936قطعوا 2500 كم , ثلثا المسافة بالسيارات وثلث مشيا وعلى الدواب فجلبوا 6000 عينة من الحيوانات الصغيرة وكمية كبيرة من المخطوطات التي صورت بالميكروفيلم ونشرت كلها ب 14مجلدا .منها كتاب القاضي , المغني , وكتاب شرح الاصول الخمسة .
وقيل ان الصدفة لعبت دورا بكشف عدد من المخطوطات اثر انهيار احد المنازل في اليمن .
مر عهد بين المثقفين ان من لم يقرا الوجودية وسارتر ليس مثقفا , اما اليوم فمن يحيي كنوز طه حسين ورجال احياء التراث يعتبر -دءة قديمة -... قد نختلف معهم ومعه بالرأي لكن من باب احترام الجهد المعرفي علينا ان نتفهم ونثمن رواد النهضة العربية .



الروائي الاوكراني كوركوف يوميات غزو

الاوكراني كوركوف يوميات غزو
هو الكاتب الاكثر مبيعا بعد انجازاته الروائية المتوجة بجوائز عالمية يصدر له كتابه كمذكرات وضعها سنة 2021 عشية عيد الميلاد قبل ان تقتحم القوات الروسية اوكرانيا بشباط 2022.. كانت تلك القوات على الحدود ..يتحدث في المذكرات عن اطفال ولدوا في الاقبية وعن حراثة الفلاحين لارضهم رغم القصف والالغام .. وقتال الناس من اجل الاستمرار في الحياة رغم الطقس المتعكر ..ورمادية الاشياء ...
عرف الكاتب بروايته 1996 تهتم بمشكلة كاتب وبطريقه الاليف ومشكلاته مع المافيا في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي . ومن رواياته و<قضية حياة او موت > .
رواية ( النحل الرمادي ) نشرت في 2022 تدور في دونباس بقرية مالا على خط المواجهة منذ 2014بين الانفصاليين الموالين لروسيا والجيش الحكومي الاوكراني ..وقد فازت الرواية بجائزة ميدسيس الفرنسية لافضل رواية اجنبية . وقد ورد في مقدمتها : ( لا اعرف متى ساتمكن مرة اخرى من زيارة القرم ,او دونتسك , ولا اعرف متى ستنتهي هذه الحرب ,لكن كل ما اتمناه باخلاص هو ان يتركوا سكان المنطقة الرمادية لكي يعيشوا حياتهم كما يريدون , ان يبقوا في امان ويعود للعسل المصنوع في دونباس طعمه الخالي من البارود . ) . تتناول الرواية البطلين :سيرجينش وباشكا في منطقة مهجورة ومحصورة بين الانفصاليين والجيش الاوكراني .. سيرجينش متقاعد يعتني بالنحل ويعيش مع صاحبه بلا كهرباء ولا متاجر وتحت ضغط الانفجارات والفاقة .. اخيرا يقرر اخذ نحلاته والتوجه بها نحو القرم .....








الهواتف ستحيل الكتاب الورقي الى المتاحف

ربما تكمن العوائق بحاجزين : صعوبة ومعرقلات التحميل وصغر الحروف .. ان تمكنت التكنولوجيا من تخطيهما سنودع الكتاب الورقي .
ما زلت منبهرا كلما شاهدت حدثا ينقل مباشرة من آخر العالم .واتساءل أي عقول تمكنت من ابتكار ذلك ..
القصة بدأت سنة 1973 حين اجرى المخترع الامريكي اول مكالمة هاتفية من هاتفه الخلوي مع منافسه جويل انجل من شركة- ايه تي آندي - الذي سمع منه اصطكاك اسنانه لهول المفاجأة .وفيما يشتعل الصراع حول الصين وامريكا حول مواد الخام الاولية لصناعة الهواتف اعلنت المانيا بان مواد الخردة منه تكفي للتصنيع لعشر سنوات فيها .
كان اول هاتف طرحته شركة موتورولا - التي يعمل فيها كوبر ـ مخترعه ـ - للمستهلكين سنة 1983يزن كيلو ويمكن لمستخدمه التحدث منه 35 دقيقة ثم يضطر لشحنه عشر ساعات .
وقال المخترع كوبر مازحا (حين ارى الناس يستخدمون الهاتف وهم يعبرون الشوارع اظنهم مجانين وسيدركون ذلك لحظة يدهسون .. واضاف : ودعا الناس لتخيف انشغالهم بالهاتف والاهتمام بحياتهم ..
الامريكي مارتن كوبر م1928 الذي حصد الماجستير بالهندسة ..اشار في مقابلة بانه لم يستلهم فكرة اختراع النقال من فلم (ستار تريك - الذي ظهر 1966 بل قبل ذلك بكثير من فلم هزلي بطله كان يرتدي ساعة يد لاسلكية .
ان تحول الكتاب الورقي الى ذكرى ليس بعيدا كما يتوقع البعض ..ربما سنحن الى رائحة الورق ... الى ذكريات مرتبطة به .. سهولة قراءته وانت في السرير .. مشهد المكتبات المنزلية من الصاج والابنوس .. ذلك التوقيع و تلك الكلمات المحبرة التي تتصدره (الى صديقي مع خالص المودة ).
في دراسة استقصائية اجرتها statista ظهر ان 46 بالمية من المشاركين يستخدمون الخلوي 5 ساعات فيما اظهر الاستبيان ان 11 بالمية يستعملونه سبع ساعات واكثر .

البحث عن الروائية الامريكية آش دايفيدسون

البحث عن الروائية آش دايفيدسون
صدرت في العام الماضي رواية للكاتبة الامريكية آش ... تقع في 464 صفحة وقد استغرقت في كتابتها عشر سنين .
تدور ا لرواية في الاعوام -1977 ـ 1978 -شمال كاليفورنيا .
تتحدث عن محنة الحطابين القاسية وتعرضهم للخطر المستمر والموت احيانا ..فالبطل ريتش يعمل في شركة ساندرسون التي تستثمر في الغابة وتجني ارباحا طائلة دون مراعاة الحفاظ على البيئة وهو متزوج من كولين التي تعمل قابلة وتعرف كل نساء الحطابين وتزورهن غالبا في بيوتهن .
ارتفاع الاشجار في السيكويا بكالفورنيا يبلغ 155 م وربما اكثر , وبقطر 30م ويعمد العمال الى تشذيب الاشجار قبل قطعها ما يعرضهم للمخاطر . انجبت يوهين 6 اولاد وتعرضت ل ثماني حالات اجهاض ..وهنا ينشب صراعها مع زوجها فهي تريد ان تنجب اخرين اما زوجها فيخشى عليها من الم الاجهاض . ويندلع صراع اخر لان زوجته انضمت لناشطات توقعن بان الاسقاط والتشوهات الجنينية سببها ما ترشه شركة اندرسون من مبيدات وغيرها .. فيما زوجها يتعذر من مساندتها خشية المسؤولين في الشركة ...ترسم الرواية لوحة ماساوية لانين الاشجار وعويلها وهي تهوي بلا رحمة . اما انا فشخصيا يوترني شحة المعلومات عن الكاتبة اش اندرسون .











رواية ارض البشر : محاولة لتخطي الموت

في التاريخ الادبي العالمي يحدث ان يبرز كاتب او اثنان يغطيان على كتّاب وهذا ما اراه في هذه الرواية السحرية النثر التي توارت عن التناول .انطوان دوسانت اكزوبيري هو طيار وكاتب فرنسي قضى في مهمة استطلاعية لاجل فرنسا في الصحراء الكبرى اثناء طيرانه من باريس الى سايفون , وعثر على جثمانه سنة 1988 على الساحل الفرنسي قبالة مرسيليا بعد ستين عاما من وفاته .
يصعب تصنيف عمله هذا هل هومذكرات او نسج روائي . يتناول فيه ايام التدريب ومشاعره وهو يقود طائرته لاول مرة لنقل البريد , خاصة ان المحركات في ذلك الزمن لم تكن تتمتع كما اليوم بشروط الامان . وكيف يعجب بامهر الطيارين الذي لا يجيب على اسئلته وقد عاد من مهمته البريدية توا سوى بضحكة ساحرة منكبا على تناول طعامه ..ينقل لنا تلك الاحاديث الشيقة التي غالبا ما تخص التحليق ومتعته وخطورته في مواقع الاستراحة .. وتلك المشاعر والاذرع والعيون المتحفزة للطيار وهو في قمرة القيادة .. والانطباعات ونظرة (النمل ) من الاعلى لحظة التحليق .. وهو ما لا تسطيع البشرية ان تراه وتحسه .. حيث يواجه الطيارون قوة الريح وعروق البروق وقمم الجبال وكثافة الضباب وهيمنة الظلمة .. وان أي خطأ او تهاون بالابصار او الذراعين سيقود الى التهلكة .
وتشاء الصدف ان تهوي طائرته وسط الصحراء الليبية هناك تندلع الدراما لاقصى مدى .. انه العطش القاتل .. وهما ينتظران ـ هو ورفيقه ـ موتهما بعد تسع عشرة ساعة:
(ابصر تلوي الحياة , احصي حلقات الجذع ,هذه الغابة التي كانت ملاى بالعصافير , والموسيقى اصابتها اللعنة فتحولت الى ملح هذه الحيطان الفخمة الاشد سوادا من دروع التلال الحديدية ترفضني ..ماذا افعل هنا انا الحي بين هذه المرمريات المعصومة انا الفاني انا الذي سينحل جسمه ماذا افعل هنا في الابدية ؟ )... وتستغرق الرواية صفحات طويلة وهي ترسم ذلك العطش البطيء نحو هاوية العدم ..حيث يصبح الحصول على قطرات ماء هي اثمن شيء في الوجود .اخيرا يتمكن البدو من انقاذهما . تتناول الرواية اولئك العبيد المملوكين لاسيادهم وكيف تاقلموا مع الذل واصبح اسلوب حياة يحتمل ... وعددا كبيرا من الاسئلة الوجودية وتخوض في الاخلاقيات وحقيقتها ...ولكن الكاتب تناولها باسلوب سلس لا بلغة فلسفية مستعصية ..عبر كل ذلك تسحرك اللغة البسيطة الشاعرية العميقة .
عرف الكاتب بروايته 1943 وفيها يرسم لوحات فريدة للطفولة وقد نالت شهرة واسعة .
ومن مؤلفاته (طيار الحرب 1941 , بريد الجنوب 1929 , رحلة ليلية 1931 ).












جويا الافغانية من مذيعة لعاملة مصنع


76 ألف افغاني تم توطينهم في الولايات المتحدة الامريكية ..ما قصص الصحفيات منهم ؟ .
الصحفية بصيرة جويا 24 عاما امضت خمس سنوات في البحث عن الضيوف واعداد الاسئلة لتقديم برنامجها الاخباري وصدمت بعدما اجتاحت طالبان كابل في آب 2022 فلمجرد نشرها مقالا على صفحتها تلقت تهديدات من طالبان ما اضطرها للاختباء مع شقيقها من منزل لاخرخشية البطش .. بعد 17 شهرا وجدت نفسها في دايتون بولاية اوهايو الامريكية .. والان تزاول العمل في مصنع , مقلوعة من اختصاصها لتعيل عائلتها شرق افغانستان . لقد منعت طالبان النساء من العمل في المنظمات غير الحكومية خاصة الامم المتحدة .. ومن ارتياد الجامعات والمتنزهات ..
كذلك المراسلة الصحفية (زهرة نادر ) التي عملت لدى نيويورك تايمز بافغانستان والتي وصلت كندا في 2017 فهي قد اسست صحيفة وتتلقى طلبات كثيرة من صحفيات افغانيات يبحثن عن عمل .
وعلينا ـ ونحن نتآزر مع الكفاءات الصحفية والاعلامية في افغانسان التي اضطرت للهرب من قبضات الفتك ـ ان لا ننسى اولئك الصحفيين الذين يعيشون في بلدان اختبرت الانظمة ( الديمقراطية ) حديثا , فقد ركن كثير منهم هويته الصحفية على الرف لان مستوى الترهيب لهم بلغ درجات لم تصلها انظمة دكتاتورية او ظلامية متشددة .

-------------







رواية وليمة لاعشاب البحر وضجة الجدال

مرت بسلام منذ صدورها سنة 1983 حتى قامت سلسلة - افاق الكتابة -باعادة طبعها بعد صدورها في بيروت , فاثارت جدلا واسعا وحادا في الاوساط الشعبية والثقافية بمصر حتى حظرها الازهر .
وقد تدفقت بسببها تظاهرات لطلبة جامعة الازهر وسقوط جرحى بحجة ان الرواية تسيء للمفاهيم الاسلامية ..وتمت المطالبة باقالة وزير الثقافة الاسبق الفنان فاروق حسين .. .. وقد اجاب الروائي حيدر حيدر على كل تلك الضجة ب (نحن نعرف ديننا وتاريخنا ولسنا بحاجة لفقهاء متعصبين ودعاة يرشدوننا الى الصراط .).
فيما صرح المفكر والناقد جابر عصفور ب (انها افضل رواية عربية معاصرة ومن يتهمها بالكفر هم مجموعة من جماعات الضغط السياسي الذين يتدرعون باقنعة دينية ويتولون ارهاب المثقفين ..
بطل الرواية محمد جواد مناضل شيوعي يغادر العراق ابان تواري الحكم القاسمي .. فيلتقي بمناضلة جزائرية تعيش خيبات الظن بالثورة الجزائرية : (تراءى على وجهها ظلال اسى جارح ,لكنه صادق من زمن مشرق ولى الى زمن قاتم ,فحول الناس من حالة الحب والتضحية والتعاون الى حالة غريبة من الحقد والكراهية والانانية والوهية الما ل) .. هكذا توصف زميلته التي هزتها الصدمة التي لم تكن تتوقعها ..
استغرق الكاتب حيد رفي كتابتها 9 سنوات وقد برز كاتبا سرديا حينما نشر قصصه القصيرة في الاداب البيروتية التي جمعت وصدرت لاحقا باسم حكايا النورس .
ان لغة الكاتب في هذه الرواية - وليمة - تتارجح بين اللغة الايحائية والبيانية ..لكنه ليس رائدا في هذا الحقل - الايحاء والكثافة الشعرية - لان الكتاب العراقيين تمكنوا من استكشافات بلاغية ولغة ايحائية منذ الستينيات الا ان النقد لم يواكبهم بمستوى الطموح .
لقد رحل عن العالم الكاتب حيدر حيدر يوم الجمعة الماضي تاركا ضجة جدلية ستتواصل ان لم تكن فنيا فاقلها من الناحية الاديولوجية والدينية ... ان ظاهرة الحظر تشكل منعطفا خطيرا وهو لا ينجح .. فبعد حظر الازهر زاد عدد قراء الرواية بشكل لافت ...ان السيف وكاتم الصوت لن يتمكن من حجب الفكر والفن ..
الروائي الياباني ميشيميا وروايته اعترافات قناع


بعد ترشيحه لاكثر من ثلاث مرات لجائزة نوبل وانجازه اربعين رواية و ثمانين عملا مسرحيا و20 مجموعة قصصية .. وضع الكاتب الياباني يوكو ميشيميا حدا لحياته بالانتحار باسلوب مرعب على الطريقة اليابانية الساموراي .وبعد مرور اكثر من خمسين عاما على الحادث ما يزال الجدل قائما حوله . وليس غريبا الانتحار في اليابان فقد انتحر الكاتب كواباتا مؤلف ( منزل الجميلات النائمات ) سنة 1972 بخنق نفسه بتنشق الغاز بعد ان حصد جائزة نوبل 1968 .
كانت عملية الانتحار مرعبة فبعد ان استدعى كويو الصحافة لتصله بعد ربع ساعة , بقر نفسه بالسيف معتمدا على صديقه بان يقطع رأسه ويخلصه من الاحساس بالالم .. لكن صديقه تردد فانتحر ما استدعى رجلا ثالثا ليحز رأسه.
ولعل كاتب سيرته , داميان فلاناغان, تمكن من تفسير حالة الانتحار فقال .
ولد الكاتب في طوكيو (1925 ـ 1970 ) ظهر اول عمل له 1941 وهو في ال 16 من عمره ...كتب روايته اعترافات قناع سنة 1949 وهي لون من الاعترافات والسيرة الذاتية ..تتصدر الرواية كلمات دستوفسكي في الاخوة كرامازوف (رهيب هو الجمال المروع , رهيب لانه لم يسبر له غور ولا يمكن ان يعرف له قرار ....) .
تبدا الرواية بوصف الظروف البيئية والانسانية التي احاطت بولادة الطفل ( في مساء اليوم السابع لف الطفل في اردية داخلية من الصوف الناعم والحرير الشاحب الصفرة البس كيمونو من الكريب الحريري ذي الزخارف اللامعة . وبحضور اهل الدار المجتمعين رسمت جدتي اسمى على شريحة مراسيمية من الورق وضعتها على منصة التقدمة في ركن الصلاة ) . جدته التي تكره جده وتشبعه سخرية كانت روحها ضيقة الافق لا تقهر وهي وحشية في شاعريتها .. اخذته من احضان والديه لتحتفظ به لديها في الطابق السفلي . في عامه الاولى تهاوى من الدرج حين تعثر بذيل كيمونو امه ما تسبب له مرض التسمم التلقائي وكاد يزهقه .. وهنا نصل الى مقطع غاية الدرامية يصعب تصويره لو لم يكن المؤلف مشبعا بالحس المسرحي والتبحر في الدراما <وقفت جدته - حين استدعيت اثر حادث سقوطه - عند المدخل منحنية على العصا .. حدقت بجدي بنظرة ثاقبة عندما تناهى صوتها هادئا على نحو غريب كانما تنحت كل كلمة من تلفظها
ــ امات ؟
ـ لا
فنزعت نعليها , اجتازت المدخل عبرت البهو بخطى واثقة تحاكي خطى راهبة > .
يمضي الكاتب باضاءة حياة الطفل والبذور التي ستنمو عميقا فتشكل هيكل مسيرته عبر تحليل سيكولوجي وفلسفي عميق ..مستفيدا من التاريخ الاقدم كالرومان والموروث الياباني وتجربته الحياتية الغنية في وصف يعكس دقة كامرا ولغة سهلة عصية تستدعي تاملا متانيا لفك شفراتها .. فما هي تلك الافكار والصور التي تترسخ في ذهن ووجدان طفل أي طفل لتكونه وتجعله مغايرا ..وهل للتركيب الفسلجي والبيلوجي علاقة بذلك .. حين سألت البريكان مرة عن سر كتاباته عن الموت ووصفه نفسه بانه شاعر الموت اجاب بان حادثة موت اخيه الصغير يكمن السر وراء ذلك لكن عددا لا يحصى شهد حوادث موت لصغار مقربين وظلت فكرة الموت لا تقلقه فما السر اذن ...يحاول كويو بروايته القناع ان يجيب :
( ما من شك في ان صورة ما رايت انذاك قد اكتست معنى جديدا , في كل مرة من المرات التي لا حصر لها والتي اعدت النظر فيها من خلالها تكاثف زخمها وتركزت في بؤر النظر , لانه عبر المنظور الغامض والضبابي لذلك المشهد لم ينتصب شيء في جلاء يختل تناسبه مع باقي مكونات المشهد بقدر ما بد ذلك الشخص المقبل منحدرا عبر التل ,ولم يكن ذلك بدون سبب فقد كانت هذه الصورة ذاتها اولى الصور التي قدر لها ان تواصل تعذيبي وبعث الذعر في نفس طوال عمري ) .
لكن لماذا شكل ذلك المشهد لشخص ينحدر من تل , يجمع السماد البشري وهو يحمل نيرا مثقلا بدلوين يوازن ثقلهما باقتدار بخطواته , كشفه الاول لقوة معينة ؟!
سيحاول الكاتب الاجابة وتحليلا لمدى تاثير هذا المشهد ومشاهد اخرى ستصادفه وستؤدي به شخصيا الى الانتحار الشخصي بصورة مرعبة .
(شعرت حيال مهنته < جامع فضلات البشر > بشيء يحاكي اسى نفاذا اسى يصهر البدن راودني الشعور بالمأساة باكثر معاني الكلمة حسية شعور معين بالتخلي عن الذات شعور بالحميمية مع الخطر ..) من هنا تبدأ الساماراوية بالتجلي : الانتحار لحظة الخطر , عدم الاستسلام والتراجع ..حتى في قراءاته المبكرة يستقطبه الموت فحين قرأ لاندرسون تجاذبته قصة - عفريت الورد ـ حيث فتى جميل يطيح برأسه شرير مستخدما السكين - ... ومن قصص وايلد تأسره قصة الصياد وروحه التي تسجل جثة صياد شاب القتها الامواج على الشاطيء ..ورغم ان الطفل في الرواية قد تستقطبه صور للجمال والفكاهة الا ان قلبه ميال لمشاهد الموت والدم اكثر من سواها .
ويصادف ان يطلع الطفل على لوحة القديس سباستيان للمصور جيدو رينيه فيصف جذع شجرة الاعدام في غابة كابية وشابا وسيما عاريا مقيد الى الجذع ,مخمنا ان اللوحة مشهد لاستشهاد احد المسيحيين : ( ما ان تطلعت الى اللوحة حتى انتفض كياني كله بفرحة طاغية ) .--------------------




التماثيل في البصرة فقر كمي وتراجع فني


اصبحت اغلب التماثيل والنصب التي نفذت في العراق بعد السقوط موضعا للتندر ودليلا على هبوط الذوقية الفنية .
في البصرة تعرضت التماثيل التي تمثل ضباطا يشيرون بايديهم نحو ايران والتي نفذت بشبه نسق على الضفة الغربية من شط العرب , تعرضت للسحل وانتهت في مصاهر البرونز, وكان اكبرها حجما تمثال لوزير الدفاع الاسبق عدنان خير الله الذي رأيته ممدودا قرب احد مراكز الشرطة بعد السقوط . فيما لم يتعرف الكثير من اهالي البصرة على تمثال عتبة بن غزوان لان اسمه تساقط من قاعدته , وتعرض تمثال السياب لاطلاقات نارية وقد حجموا من ارتفاع قاعدته وازيلت اجمل ابياته المذهبة من قاعدته ,اما نصب اسد بابل قرب نهر العشار فقد نسفه مجهولون متشددون بالمتفجرات .وتعرض نصب الحوت في ساحة سعد الى القصف ابان دخول القوات البريطانية البصرة 2003 فانهار الجندي الذي يطعن حوتا وشوه النصب ثم ازيل تماما ,واختفى من الساحة ذاتها تمثال سعد بن ابي وقاص كما ازيل تمثال السيدة العذراء من احدى الساحات وتوارى في مرآب مهمل تمثال العربي والكردي للفنان البصري بتور ,ولم يبق اثر لنصب برونزي شيد على مقربة من جسر الكرمة من اعمال النحات الشهير محمد غني , اما نصب ذات الصواري الذي يتصدر بوابة القاعدة البحرية للفنان عبد الرزاق فهو آيل للسقوط قابع على مكان قمامة .
نفذ في ساحة سعد بعد 2003 نصب يمثل نقط نفط كبيره تدور حولها خيول ضمن مشروع يشمل حديقة صغيرة واكشاك كلف 8 مليار دينار , اطلق عليه البصريون تندرا اسم الباذنجانة لانه حقا يشاكلها رغم مبررات الفنان البصري الذي نفذه ...
وكنت اصاب بالاستفزاز كلما مررت على نصب في فلكة ام البروم بالعشار قبل ازالته .
اسباب عدة تكمن وراء تنفيذ نصب وتماثيل تصدم الذوق المتحضر اهمها استصغار الفن والفساد المالي.

ولا تلام الحكومة المحلية فقط لهذا التدهور في الذائقة الفنية , فلا يستطيع فنان اصيل ان يتقبل تكليفه بانشاء تماثيل او نصب تحط من مكانة الفن مقابل النقود .
اذكّر هؤلاء بالفنان الايطالي (اندريا جانديني ) الذي تمكن بعمر 22 عاما من انجاز عشرات المنحوتات على جذوع الاشجار الميتة وصرح (كل منحوتة تستغرق مني نحو اسبوع ثم تصبح ملكا للجميع ), وادرج المرشدون السياحيون اعماله في برامجهم بروما.
يذكرني كل هذا بقصيدة البريكان الخالدة -قصة التمثال من اشور- :
(جردت من خواتمي ... جزت ذؤاباتي
دحرجت من قاعدتي
نقلت من مكانْ
إلى مكان
حاورتني البوم والعقبانْ
تسلقت اضلاعي الصبيان
جّرب فأس ما
في جسدي يوماً
ربطت بالحبالْ
سحبت ممدوداً علي وجهي
وراء زوجين من البغال ...).

كتاب شذرات من كتب مفقودة في التاريخ
ثلاثون كتابا جلها مفقود تمكن الدكتور احسان عباس ان يجمع ما تمكن من مواضيعها التي تناثرت في مؤلفات كتاب اخرين , وهو يعكس اتساع تيار التاليف في تراثنا والحاجة الجادة بمزيد من البحث لاكتشافها .
اختار المؤلف من تلك الكتب ما يغذي اهتمامه وهما في مجال التاريخ والادب .
يبلغ الكتاب بطبعته الاولى 1988 حوالي 544 صفحة.
يقول الدكتور احسان في المقدمة ( هنالك كتب يقول من يجوس خلال رياضها حقا لقد وقعت على كنوز متعددة ).
من تلك الكتب تاريخ دمشق لابن عساكر وبغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم .
لقد عايش المؤلف الكتابين لسنوات طويلة .
وكان بن العديم يملك مكتبة نادرة وحرصا على العلم وحصافة الناقل ودقة العالم .
ويقول المؤلف ان بن العديم يعتمد على اثني عشركتابا
من كتب الانساب وحدها مثل الجوهر المكنون ونزهة العيون والمجرد في النسب الشريف وغيرها .
ان الكتاب يؤكد بان القرن السابع الهجري شهد ثلاثة رجال كبار متقاربين لانهم جميعا كانوا ياوون الى حلب وهم ياقوت والقفطي وابن العديم وهم لم يكتفوا بان تكون مؤلفاتهم مصدر رزق بل مصدر ثقافة ايضا وكل منهم يمتلك مكتبة ثرية .
يثبت المؤلف بعنوان بارز اسم الكتاب ومؤلفه مثل ( اخبار البرامكة لابي جعفر عمر بن الازرق الكرماني ) ثم يشرع بالترجمة له .
فعن بن الازرق يقول انه عاصر الجاحظ وسمع منه بعض اخبار البرامكة .
ويحاول المؤلف ان يتوثق من سيرة أي مؤلف يورده ويزيل الاشكال عن اختلاط اسمه باسم اخر اشتبه به المؤلفون والمؤرخون .
احسان عباس (1920- 2003 ) ناقد ومحقق ومترجم فلسطيني واستاذ في الجامعة الامريكية وضع اكثر من مائة كتاب من مؤلفاته اتجاهات الشعر العربي المعاصر ومعجم الادباء وملامح يونانية في الادب العربي .¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬
¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬


















عزوف الاكاديميين عن الكتابة والنشر


هذا حكم استقرائي لا احصائي .
في سنوات الحصار زرت صديقا لي يحمل الدكتوراه بعلم النفس بعد انقطاع عنه بسبب سفره فرايت لديه برف عليه كتب قليلة كتابا جذبني فسالته عنه فاجابني وفي عينيه الاستغراب ( الا تزال مجنونا فتحب القراءة ) كان صديقا موظفا بمكتبة الجامعة وكان يلتهم الكتب .
تلك الحادثة ارعبتني وجرى بيننا برود لزمن طويل .
وحين كنت اعمل بصحيفة حوار حدثني رئيس التحرير د .حامد الظالمني بان ( اغلب الاساتذة لا يكتبون ) وقبل ايام سألت صديقي الدكتور ع لماذا لا تكتب بحوثا ولو لغرض الترقية فاجابني ( هيأت بحوثا لم تكتمل لان لا مزاج لي ) .
اذن نحن امام ثلاث ظواهر : عزوف عن القراءة والكتابة والنشر .
في الغرب يتصدر الاكاديميون النقد والبحوث ومنهم انبثقت المدارس الفكرية والنقدية .
فرولان بارت مثلا مؤلف كتاب الكتابة بدرجة صفر هو فيلسوف فرنسي، ناقد أدبي، دلالي، ومنظر اجتماعي. وُلد في 12 نوفمبر 1915أصبح أستاذا للسميولوجيا عام 1976 في الكولج دي فرانس،
و كان مساعداً في جامعة السوربون، قبل أن يصبح مدرساً للفلسفة في غراندس ايغولوس , فيلسوف وناقد أدب فرنسي ولد في مدينة الأبيار بالجزائر 1930 - وتوفي في باريس 2004.
يعد دريدا أول من استخدم مفهوم التفكيك بمعناه الجديد في الفلسفة، وأول من وظفه فلسفياً بهذا الشكل وهو ما جعله من أهم الفلاسفة في القرن العشرين .
هنري برجسون قدم عام 1988 رسالتين للدكتوراه في باريس، وفي عام 1889 نشر كتاب "Time and Free Will" وتابع بعدها نشاطه البحثي من خلال تأليف الأطروحة اللاتينية "مفهوم أرسطو للمكان".
وفي عام 1927 اعتمد الفيلسوف "هايدجر" على هذه الأطروحة وقد صرح حينها أن رؤية هنري برجسون لمفهوم الزمن لا تزال في أفق الميتافيزيقيا اليونانية.
في عام 1896 نشر هنري برجسون كتابه الثاني بعنوان "المادة والذاكرة" وقد أسهم هذا الكتاب في اختياره ليكون عضوًا في الجامعة الفرنسية "كولج دو فرانس".
ان القائمة تطول لاولئك الاكاديميين الذين اثروا المكتبات المعرفية وقادوا حركات التحول وابتكروا المدارس الفكرية والنقدية .
الكثير من الاساتذة هنا يعد الشهادة الاكاديمية وظيفة , مهنة تمليء جيبه برأس الشهر وخلاص .











قصة البحث عن مؤلفات البريكان بعد فقدانها ج1

( الفلاح الاَخير : حيث يعتنق النخل والظلمات ، ويمشي السكون الخفيف على الماء ، يختم جولته ، يدخل الكوخ . يشعل فانوسه ، ويدخن تبغا رديئاً يعد طعاما من الخبز والرز . يطعم كلباً يتيماً . ويرفع طرفاً كليلاً الى صورةٍ : ولد شاحب بثياب القتال . ثم يدخل في غيمة الذكريات
لا اَحد
في البساتين لا شبح غيره .
رحلوا وهو ينتظر الموت منفرداً !
). البريكان مجموعته الشعرية غير المنشورة< قصائد صغيرة لحرب المدن> )
احب ان ازف بشرى الى الوسط الثقافي الذي انتابه قلق من فقدان مؤلفات البريكان بعد مقتله في البصرة طيلة اكثر من عقدين . بان تلك المؤلفات الشعرية والبحثية نجت من الضياع وانها مودعة ببلد عربي في امان .
التقيت البريكان نهاية الثمانينيات وكانت الحرب العراقية الايرانية مستعرة .
جرى اول لقاء بيننا في معهد المعلمين .
مضيت مع نجله الاكبر الصحفي ماجد البريكان وكان فتى يافعا الى بغداد بعد رحيل البريكان وتسلمنا مفتاح الصندوق البريدي له لكن الوصول للصندوق كان يقتضي ترتيبا قانونيا فتاجل الامر بعدها بفترة اخبرني ماجد بانه تمكن من الوصول ولم يجد اوراقا فيه او مؤلفات .
الحقيقة وخلافا للاشاعة حدثني الرائد البريكان بانه اودع دفاتره في صندوق بريد ببغداد اثر اشتداد القصف على البصرة ثم سحبها على حد قوله .
كان يحتفظ بقصائده بدفتر صغير اوارق سمرغير مخططة بغلاف ورقي زهري , رايت ذلك حين قرأت له قصيدتي ( حارس الجثث) كنا واقفين في الهول بمنزله فسارع الى غرفته واتى باحد الدفاتر التي اصفها ووضع يده على النص واراني العنوان وهو ( حارس الاموات )..
اتفقت مع نجله الاكبر بعد يومين من تعرضه لحادث القتل بمنزله بان ندخل معا المنزل وننقذ المؤلفات باول لحظة تسلمه مفتاح المنزل من الشرطة .
حدث عكس ذلك فدخل ماجد منفردا وعاد ليقول لي ان الاوراق مفقودة كلها .
وبدات رحلتي المضنية للبحث عن تلك المؤلفات خشيت ان يكون المنفذ وربما بفعل تحريض قد استولى عليها فمزقت او احرقت .
حين نشرت بعد رحيله قصيدته ( الوصية ) كنت واثقا انها له لانه حدثني عنها قال لي يوما : نحن قست معنا الظروف فشنجتنا لهذا كتبت لحث الشباب على التمتع بالحياة :
(لكم أن تكونوا صغاراً
وأن تنعموا بالشباب
وأن لا تشيبوا سريعاً
لكم كل شيءٍ : جمال العطاء
وكنز الصداقة
لكم كل هذا الوجود العريض
فلا تقنطوا
ولا تتبعوا الشعراء إلى الوهم .
لن تجدوا حكمة في البكاء .
تسيئون فهمي
إذا لم تروا غير حزني العميق
نشدتُ الفرح
ولكن حملي ثقيل
فكونوا أخفّ وأوفر حظاً .
لكم أبسط الكلمات
ستكفي .
لكم فسحة الوقت :
أن تصنعوا أجمل الذكريات
وأن تعرفوا للفصول مسراتها
وأن تتغنوا معاً .
ألا آمنوا بالحياة
ولا تفقدوا لون هذا الحضور :
عذوبة هذا الهواء
وحرية الأفق المترامي
ودفء اليد البشرية
ومعجزة الحلم المشترك ).
اما قصيدة الفلاح الاخير فقد حدثني يوما بانه كتب ديوانا صغيرا عن الحرب واتذكر كان واقفا اسفل اللوحة الفنية الوحيدة المعلقة وسط صالة الاستقبال ( وقال كيف يكتبون عن الحرب تصور سائق اسعاف يقود في جو متثلج ان مثل تلك اللقطات افضل منعكس تصويري لهول الحروب ).










قصة البحث عن مؤلفات البريكان بعد فقدانهاج2
صادفت القاص الشهير محمد خضير في احدى المقاهي بشارع الكويت بعد مقتل البريكان بطعنات عدة بسكين فاخبرته بنيتي بحث نجله الاكبر بان اول ما يفعله ان يعثر على مؤلفات البريكان والاحتفاظ بها اثر تسلمه مفتاح الباب المودع لدى الشرطة لانه اثر ثمين فقال لي القاص خضير تلك فكرة غير صحيحة عليكم ان تدفعوها لوزارة الثقافة فهي اولى بها.
لكن كانت هناك مخاوف من سرقتها اوبعضها .. فذات يوم حدثني البريكان بانه ارسل اوراقا قصائد للنشر وعلم بانهم احتفظوا بورقته ونقلوها فقدموها للمجلة .
قلة من رأى خط البريكان كان يتميز بجمالية عالية حتى ان جامعة البصرة دعته ليلقي محاضرات بالخط العربي ورفض على حد قوله .
وهناك حادثة اخرى فاحد كتاب العراق البارزين وهو سامي مهدي اثيرت اشاعات عن ترجمته لاشعار بريفير من الفرنسية يقال انها ليست من ترجمته بل ربما وصلته وطور بها .
وليس السياب وحده من استفاد من ثيمات البريكان فالقصيدة الاشهر لعبد الرزاق عبد الواحد عن الموت حين قرأتها وكنت متحفظا على نتاج الشاعرعبد الرزاق اتيت البريكان وعبرت عن اعجابي بها فاجابني بانه زاره في بغداد ابان القصف على البصرة وقرأ له قصيدة مشابهة عن الموت (1) بعدها علمنا حين استانف النشر بانها قصيدة ( الماخوذ) وكان البريكان يدرك تاثيره على الشعراء فيحجب شعره عنهم بعد تجارب قاسية .
ذات يوم سلمني ماجد البريكان احد كتب ابيه المنشورة ((قواعد اللغة ومشكلة تعليمها للناشئة العربية ) ولم يكن حدثني عنه البريكان بل قال يوما ان محاضراتي في معهد المعلمين كان بعض الاساتذة يستعيرها مني .
______________________
الزائر الاخير لعبد الرزاق عبد الواحد
من دون ميعادِ
من دون أن تُقلقَ أولادي
اطرق عليَّ الباب
أكونُ في مكتبي
في معظم الأحيان
أجلسْ قليلاً مثل أيّ زائرٍ
وسوف لا أسألُ
لا ماذا ولا من أين
وعندما تُبصرني مُغرورقَ العينين
خذْ من يدي الكتاب
اعدِهُ لو تسمح دون ضجة للرف حيث كان
وعندما نخرجُ لا توقظ ببيتي أحداً
لأن من أفجع ما تبصره العيون
وجوه أولادي حين يعلمون







هل ساهم التخلي عن الوزن بتدهور الشعر العربي

قال الرسام سيزان عبارته الشهيرة أن «الكرة، والأسطوانة، والمخروط» هي جوهر بِنْيَة الطبيعة، والتكعيبة كمدرسة في الفن التشكيلي قد نشأت عن نوع من الالتباس في فهم هذه العبارة، فلم يكن الغرض فرض هذه الأشكال الهندسية على الطبيعة، لأنها موجودة فعلا .
مخطيء من يظن بان الشعر الحر نشأ فجأة ,انه ثمرة لتراكم تحولات في البنية الشعرية منذ زمن شعراء المهجر.وكتاب الخضراء الجيوسي (الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث ....) يسلط الضوء بدقة وموضوعية على تلك التحولات .
محظوظا كنت لامتداد صداقتي وعمقها مع اهم رواد الشعر الحديث محمود البريكان .
فكنت من خلال الحوار المتواصل معه حول النشأة اوسّع من افق فهمي لتلك المرحلة .
بدأ الشعر الحر بالعراق بتجارب شكلية فلم تكن قصيدة السياب الاولى حرا بالقصيدة الجاذبة .. كانت قصائد تهتم بتغيير البنية وهو حدث تاريخي سيقود لانقلاب حاسم في الشعر .
ولم يكن الاهتمام بالشكل قد جرى منفردا فقد رافقته دراسات وبحوث مخلصة في المضمون فتم اعادة النظر بالاستعارة والمجاز والصورة الشعرية .
واندلعت معركة مريرة بين البيان والايحاء معركة بكل ما تحمل الكلمة من معنى .
في النهاية انتصرت الحداثة وتراجعت البنية الكلاسيكية .
حدثني الرائد البريكان يوما عن حوار ساخن جرى بينه وصديقه رشيد ياسين حول بيت كتبه البريكان حيث استخدم فيه مجازا لم يرق لصديقه .
وذكر عبد الرزاق عبد الواحد بحوار متلفز احدى الطرائف التي صاحبت الشعر الحر في بداياته فقد القى النواب قصيدة من الشعر الحر بالحرم الجامعي ما ادى الى استخفاف مجامل مع ضحكات لدى عبد الرزاق وزملائه ما جعل السياب يحتدم , فقد قال للسياب مبتسما ( انت من اتيت لنا بهذا النهج ).
في الجهة الاخرى اهتم كتاب نازك الملائكة (قضايا الشعر المعاصر) النقدي بالاضاءة والدفاع عن الحركة الشعرية الجديدة وكانت لتخصصها الاكاديمي ومقدرتها التنظرية دور بتمكين الشعر الحديث وهو في بداية نشأته .
ان عبقرية سيزان لم تتمكن من تبطيء الحركة الفنية فقد قال بيكاسو ان الرسامين الافذاذ الاكبر عمرا منا لم يتقبلوا لوحاتنا.
فصمدت التكعيبية وترسخت المدرسة الوحوشية .
ويحدث ان يمر الادب بمرحلة ارتداد فقد مجد اليوت الشعر الميتافيزيقي وعادت مرة اخرى الرومانسية بعد تلاشيها لانكلترا .
كان على الفرد ليكون شاعرا ان يتقن الوزن ولكي تستجيب اذنه الموسيقية للايقاع يكره ان يمر بمئات الدواوين الشعرية القديمة والمعاصرة .
اما الان فلا حاجة لكل هذا الجهد ( سفّط مفردات تنتج شعرا ).
ورغم ان الموهبة عامل حاسم بتحديد هوية الفنان والشاعر فهما يحتاجان لكدح ثقافي غير محدود , استغراق بالمصنفات .
اذا اعترفنا بان التاريخ لا يجري عشوائيا نستطيع ان نهّون على انفسنا ما نرى من منشورات ادبية هابطة.
فان كان تقدم السنوات يفرز مبدعين ابدا فكيف مرت بنا الفترة المظلمة .
خلافا لتصريح ادونيس بكتابه الثابت والمتحول لم تشهد الفترة المظلمة طيلة ستة قرون أي شعر جاذب الا ما ندر . وما ندر عبارة تحوطية .

انقذوا مسودات المؤلفات لكتاب البصرة من الضياع
بحّت اصواتنا ونحن ننادي بمطبعة للبصرة .
لقد حضرت للمحافظة بعد سقوط النظام بسنتين دار نشر ضخمة مدعومة من احدى المرجعيات الدينية مقرها بلندن وطلبت منهم ان ينشئوا فرعا لهم في البصرة فاجابني كبيرهم ( الوضع الامني يمنعنا ) فاجبتهم كلفوا احدا نيابة عنكم فلم يستجيبوا .
وتعذر علي فهم اصرارهم بالنشاط بانكلترا فيما نحن بامس الحاجة لدعمهم للمنشورا ت.
بعدها اتصلت بجهات وذوات عدة تستطيع ان تساهم بنشر الكتب ولم اجد اية استجابة .
مؤخرا شرعت محافظة البصرة باصدار سلسلة من الكتب مشروطة ضمن مبادرة ( البصرة تاريخ عريق وثقافة متجددة ) وهو جهد يستحق الثناء لكن العناوين التي طبعت قليلة والشروط لتقبل الكتاب مقيدة لان المسودات المقبولة ينبغي ان تختص بالبصرة .
مثل واحد يكفي فالكاتب البصري احسان وفيق السامرائي صاحب كتاب (لوحات من البصرة: عبير التوابل والموانئ البعيدة ) لديه اكثر من خمسين مسودة كتاب وتساءل حين زرته وقد تقدم به العمر عن مصير مؤلفاته بعد رحيله معبرا عن قلق شديد.
تمكن الدكتور الشاعر حيدر الكعبي البصري المغترب في امريكا من انقاذ بعض نتاجات الكتاب البصريين الذين غيبهم النظام السابق او رحلوا بسن مبكرة في كتابه (اعمدة النيران الخضراء ).
تفتخر الامم بمبدعيها وربما تحافظ على سطر او توقيع لبيكاسو ورغم ان النت سلاح فتاك ضد ضياع المؤلفات واللوحات فهو لا يكفي .
ان البصرة كنز خفي لألاف النتاجات الادبية والفنية والفكرية لم يتم اكتشافه بعد .
ولا اطلق حكما لتقييم مكانتها بل اشارة لكمياتها .
لا انكر موجة المطبوعات ولكن اغلبها كتب دينية تدعمها جهات متنفذة .
اما غالبية المؤلفات الاخرى خارج هذا الاطار فهي في انتظار المنقذين .
انظر للكم المتراكم من الاطاريح الجامعية في العراق لن تجد منها الا عناوينها فكيف ستحترمنا مراكز البحث الاجنبية وجامعات العالم وهي مودعة في الظلام .
مرة قصدت سوق ابي الخصيب والتقيت مصلح ماكنات خياطة بمحله واتضح انه دكتور بيطري انجز مؤلفين باختصاصة .
وفي مرة سألت دكتورا تقاعد من جامعة البصرة مختصا بالاسماك حول التغيرات بسلوكها بشط العرب فارسل لي مسودة كتابه فحزنت لمثل هذا الجهد الذي يتعذر عليه رؤية النور .
دور النشر التي توسعت بالعراق كالعشب لا تطبع الا لكاتب شهير بعضها تطبع بسعر متواضع اعدادا محدودة مائة كتاب مثلا وهي ليست معنية بمشاركة الكتاب بمعارض دولية او عربية وكثير منها ساهم بنشر كتب لاقلام هابطة وصنع كتابا وهميين .
ان الديمقراطية في العراق سلاح ذو حدين فمن جهة تنفس الكتّاب من مقص الرقيب او شجبه للمؤلفات او منعه, ومن جهة اخرى عدد هائل من الكتّاب وان لم ينتموا .
------------------------------












كتاب تثقيب القوقعة
كتّاب شحت الترجمات عنهم والمعلومات

تثقيب القوقعة ج1 الروائية غيليغان بركة الجزارين

فازت الروائية الايرلندية غيليغان بجائزة اونداتجي التي تمنح في بريطانيا لافضل كاتب يستحضر روح المكان عن روايتها ( بركة الجزارين ). وقد وصفت رئيسة التحكيم لولا يونغ الرواية بانها اثارة ادبية وقصة عن صعوبة مرحلة المراهقة حتى الوصول الى النضج وبانها رواية تاريخية وسرد للخرافات و وهي قطار الملاهي ..) . اما عضوة التحكيم هيلين فقالت <انها فولكلور يواجه ضغوط الراسمالية الحديثة فنرى ايرلندا في لحظة تحول وتغير سريع ونحن منجرفون معها .. وعلى امتداد الرواية نتنفس الطبيعة بشكل حي ومنعش ) .
اما غيليفان فقد اكدت ب (انها عند ظهور مرض البقر كانت في الثامنة ولاجل كتابة الرواية كان عليهاّ ان تعود للافلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تلك الفترة ).
تتناول الرواية اسطورة بركة الجزارين التي تنطوي على غموض وسرية , فعلى الجزارين ان يمسوا البقرة قبل موتها والا ستحل اللعنة ... والشرط الرئيسي ان يحضر الجزارون الثمانية جميعهم ..هذه المهنة يقابلها الجيل الجديد بعدم الايمان بها او السخرية منها ما يجعل (اونا ) 12 عاما , بنت احد الجزارين تعاني من تنمر زملائها في المدرسة لكنها تصر على تحقيق طموحها بان تصبح جزارة متدربة بسكين مطبخ وفأرة ..ورغم ان امها تحاول ان تثنيها لان العرف لا يسمح بتقبل فتاة جزارة لكنها لم تفلح .. حتى تتمكن الفتاة مستقبلا من الثار لقاتل احد الجزارين وهو الشخص المغدور الذي رسمه المصور الفوتغرافي رونان مونكس فعرض لوحة لجزار علق بكلابين من ساقيه بالمقلوب سنة 2018... اما ام الفتاة -غرا- فهي غارقة بمعتقدات دينية ولكون زوجها الجزار كوشي يتغيب 11 شهرا ليؤدي مهمته على طول الريف الايرلندي فانها تعاني من ضغط العزلة والشعور بالتلاشي فتقصد صديقتها الوحيدة ..وتعشق المصور رونان .
شقيقة غرا .. ليا .. تعاني من مرض خبيث وعسر تفاهم مع زوجها ما دفعه وهو ثمل لان يكسر انفها وفكها ثم بدا قلقا من تكاليف المعيشة والعلاج ما اضطره لتهريب المواشي اثناء جنون البقر .
احد ابطال الرواية دايفي مراهق يتعرض للتنمر لانه يهتم بالاساطير وينجح بتفوق دراسي ورغم ان اباه لا ينتمي للايمان فان الشاب يجد ضالته صدفة داخل بيئته الكاثوليكية المحافظة .
ليس بوقت بعيد حين اندلعت تظاهرات بفلسات بايرلندا الشمالية وصفت بالاعنف منذ اتفاق الجمعة العظيمة 1998 تمظهرت بشكل صراعات تاريخية تقوم على اساس الدين لانها تدفقت قرب جدار السلام الفاصل بين البروستات والكاثوليك .لهذا يتعذر استيعاب الرواية بغض النظر عن الخلفية التاريخية التي تستلهم الكاتبة منها ابعادها .

ولدت الروائية الشابة روث غيليغان في دبلن 1988 وهي استاذة للادب في جامعة برمنغام ولها خمس روايات : ( تناسى 2006 - في مكان بين بين - هل بامكانك ان تراني -الجزارون 2020 ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تثقيب االقوقعة ج2 الروائي الامريكي باورز
امضى الروائي الامريكي ريتشارد باورز خمس سنوات في اعماق غابات جبال (غريت سموكي ) في ولاية تنيسي الامريكية ليكتب رواياته الزاخرة بالاساطير والرموز المستوحاة من تلك الاشجار الباسقة فكانت روايته <اوفر ستوري >صرخة احتجاج ضد الدمار الذي يلحقه البشر بالبيئة .
ذلك التجوال في الغابات البكر اثرت عميقا في روحه ما ادى الى تركه وظيفته في التدريس الجامعي وانتقل منزويا الى منزل منعزل هناك متوحدا مع الاشجار .
فازت روايته التاسعة (صانع الصدى ) الصادرة في 2006ى بجائزة الكتاب الوطني .
يقول باورز (انه لم ينتبه الى الاشجار الا بعد مشاهدته موقع اولبرايت غروف في جبال تنيسي حيث شاهد اشجار الخشب الاحمر العملاقة ذات مرة اثناء مزاولته تدريس -الكتابة الابداعية - فالشجرة باتساع منزل وطول ملعب كرة قدم .. لكن انبهاره ليس بسبب مشاهدته حجمها بل لكونه كان غافلا عنها.
درس باورز النباتات والطحالب والفطريات لمدة سنة يقول : (كنت فضوليا اريد معرفة أي شيء ,وكل يوم لدي شغف جديد , وعندما بلغت ال 16 وحان وقت الاختصاص احسست بالذعر ) .فلم تسعفه دراسة الفيزياء او الماجستير بالادب , فقرر الانسحاب من الدراسة الاكاديمية ,فعمل مبرمجا , الى ان خطر بباله ان يكتب روايته المنشورة 1985(ثلاثة مزارعين في طريقهم الى حفل راقص ) .
ورغم شهرته فقد تعرضت رواياته الى الانتقاد لافتقارها للدفيء الانساني ... يقول < شخصياتي ليسوا عباقرة كما يقول البعض بل انهم يتمتعون بشغف كبير وطريقة لتنظيم العالم غير مالوفة لدى القراء > ,ويضيف (ان المهن التي زاولها ساعدته في توصيف شخصياته وان كتاباته لا تتعمق بمواضيع شائعة كالغيرة والغضب والحسد لكنها اكثر واقعية وصورة واضحة المعالم عمن نكون , فالمهنة تشكل ذواتنا بعمق بالنسبة لمعظمنا . ) .
في روايته -ذ اوفر ستوري -كان مصدر الالهام لها هو فلم وثائقي لناشطين احتشدوا سنة 1990لمنع قطع اشجار السيكويا العملاقة في كاليفورنيا .. وقد وزع الكاتب ذاته في الرواية فكان البطل نيك هاول قريب الشبه به على حد قوله .. فهو شخصية مبتكر متعمق بتاملاته وافكاره عن ذاته ويحاول حل التوتر الدائم بين هذا الانطواء في مزاجه والطموح الخارجي لمهنته .
ولد باورز 1957 في ايفانستون الينوي الولايات المتحدة . من رواياته (معظلة السجين -انبهار-صانع الصدى -الشجرة العالم - )..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





تثقيب القوقعة ج3 الروائية فانتل الانهماك بتجسيد الماضي .

في 33 من عمرها بدات الكاتبة والناقدة السينمائية هيلاري تكتب اولى رواياتها (كل يوم هو عيد الام ) واستوحتها من عملها في مشفى دار المسنين .. تدور احداثها منتصف السبعينيات حول الارملة ايفيلين التي تكتشف بان ابنتها حامل ,وعليها التعامل مع هذا الامر المرير .
الا انها بلغت اوج شهرتها في ثلاثيتها المتسلسلة (قصر الذئاب -حصدت البوكر 2009 , واخرجوا الجثث نالت بها البوكر سنة 2012 , والمرآة والضوء 2020 ).
عاشت الروائية الانكليزية هيلاري مانتل مبتعدة عن الوسط الادبي , وركزت في كتاباتها على رسم التاريخ في القرون الوسطى . تقول : (كيف نعلم التاريخ ؟ بمجموعة من القصص او مجموعة من المهارات ايضا ـ كلاهما اعتقد . نحتاج ننقل القصص ونضع قصصا . لنستعيد التاريخ نحتاج الى صراحة ونزاهة واخلاص سخي ونزوع الى الشك .. المؤرخ وكاتب السير يقتفيان آثارا من الادلة , اثارا ورقية ثم يعيدان الماضي الى سيرورته .. الى الحركة ) <1>.
في ثلاثيتها تناولت الحياة المضطربة لتوماس كروميل <1485 ـ 1540 > احد ابرز الوجوه في التيار الاصلاحي بانكلترا والذي سيغير تاريخها قبل ان يعدم بقطع رأسه . وهو يظهر في الرواية كشاب طموح , انتهازي وسياسي متمرس وثعلبي , اتى من الطبقة الدنيا لكنه تقافز صعودا ليكوّن صداقة وثيقة مع الملك هنري ويساعده على التخلص من مناوئيه لاجل تطليق زوجته والاقتران بعشيقته -آن بولين - .. هذه الرواية التي ترجمتها للعربية زينة ادريس تضمنت بعضا من الاساطير الاغريقية .
في الجزء الثالث من الثلاثية (المرآة والضوء ) تتناول الكاتبة السنوات الاربع من حياة كروميل حتى اعدامه سنة 1540 .استغرقت كتابة الرواية 15 عاما وهي تتناول مرحلة قلقة وصراعية من التاريخ الانكليزي فالصراع بلغ ذروته بين الملك هنري الثامن والكنيسة , كان بحاجة لوريث فبدونه ستندلع حرب اهلية ..ورغم ان الملك هنري متزوج من اراغون لكنه وقع في حب آن بولين وهو بحاجة للموافقة على الزواج وكان ذلك طلبا محرما في ذلك الزمان .
( للكاتبة 17 كتابا , تابعت دراسة القانون بكلية لندن ثم في جامعة شيفيلد, وتزوجت من خطيبها الجيلوجي وقضيا 5 سنوات في بوتسوانا واربع سنوات في السعودية حيث انجزت فيها اهم روايتها . من مجاميعا القصصية -اغتيال ماركريت تاتشر 1914).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
< 1 > اذاعة بي بي سي والغارديان ..نشرت المحاضرة في مجلة الدوحة بترجمة احمد امان .



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حي سليطة رواية كتاب كامل
- شاشة الارواح كتاب كامل
- وفاة عبوسي الذي خلده مسلسل تحت موسى الحلاق
- تسجيل لحكايا برقية ج2 الخباز والمراة البدينة
- ديوان (البصيلة الزجاجية) كتاب كامل
- البيدوفيليا مرض الاثارة الجنسية بالاطفال
- مجوهرات روحية قصائد كتاب كامل
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل
- قصة رئيس ورئيسي ومبارك ومبروك
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1
- تسجيل لحكايا برقية ج1
- زواج المسيار والمتعة وقانون الاحوال الشخصية في العراق .
- (ديوان الابواب) وزيارة اثر ديوان شعر
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل
- المراة لا ترث ارضا او عقارا والمادة 57
- راية للامام الحسين بقيمة 93 مليون
- نوافذ على كتب جاذبة كتاب كامل
- بائع الجنائز مجموعة قصصية
- مشاريع الرجل الضرير مجموعة قصصية


المزيد.....




- بوابة الوظائف الحكومية.. نتيجة وظيفة معلم مساعد لمادة اللغة ...
- الفيلم الهندي -حياة الماعز- يثير جدلا على مواقع التواصل بسبب ...
- رداً على إغلاق مراكز إسلامية في ألمانيا.. إيران تغلق آخر معه ...
- فيديو للفنان المصري محمد فؤاد في مشاجرة حادة بأحد المستشفيات ...
- نقابة الأطباء المصريين تعلق على فيديو مشاجرة الفنان محمد فؤا ...
- -دعونا نعطي الناس ما يريدون-.. الكشف عن البوستر الرسمي لفيلم ...
- تنسيق المرحلة الثانية 2024 …. والكليات والمعاهد المتاحة لطل ...
- أجمل المسلسلات والأفلام العربي على تردد قناة mbc مصر 1 الجدي ...
- -حياة الماعز- فيلم هندي يغضب سعوديين بسبب الكفيل
- اختفاء حساب باسم يوسف على منصة إكس والكوميدي المصري يعلق


المزيد.....

- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل