أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - لأجل هذا خرجنا















المزيد.....

لأجل هذا خرجنا


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8071 - 2024 / 8 / 16 - 14:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالرغم من أن وزارة الخزانة الأميركية كانت قد فرضت قبل عامٍ من الآن عقوباتَ على فصيلين سوريين لتورطهما في اِرتكاب انتهاكاتٍ خطيرة لحقوق الإنسان في منطقة عفرين الواقعة في أقصى الريف الشمالي الغربي لسورية، والفصيلين هما "فرقة السلطان سليمان شاه" بقيادة محمد حسين الجاسم الملقب بــ"أبو عمشة" والفصيل الثاني هو "فرقة الحمزة" بقيادة "سيف بولاد" الملقب بـ"أبو بكر"، إلاَّ أن العقوبات الأميركية لم تخفِّف قط من حجم انتهاكات الفصيلين المذكورين، ولا استطاعت أن تقلِّص من نفوذهما أو تحد من سلطانهما المادي أو المعنوي، على عكس ما حصل تماماً على أرض الواقع، باعتبار أن حليف الحزب الحاكم في تركيا، أي زعيم حزب الحركة القومية التركي دولت بهجلي، استقبل منتصف الشهر الماضي زعيم الفصيلين المذكورين، أي أنه ليس فقط تم تجاهل الملف الرديء للفصيلين وموقف واشنطن منهما مِن قبل زعيم الحركة القومية التركي، إنما تم مكافأتهما معنوياً على كل ما يقومان به في عموم الشمال السوري ومنطقة عفرين على وجه الخصوص منذ عام 2018.
وحيال هذا الاِنتكاس الأخلاقي المستمر الذي يدفع الناظر للذهول مما يرى ويسمع خصوصاً ما يجري الآن في البُقعة التي تخيَّلها من قبلُ بأنها ستغدو يوماً من الأيامِ واحةً للحرية والكرامة في قلب بيداء الأنظمة الاستبدادية، ثمّة من يقول: إن ما يجري الآن في تلك المرابع هو ليس بداية صدمة طلاب الحرية في سورية، بما أن أوَّل ما انصدم به عامة السوريين الذين عانوا طوال سنوات الحزب الواحد من طغيان الأجهزة الأمنية وعسف جلاوزتها هو رؤيتهم بأم العينِ في المناطق التي لم تعد خاضعة لسلطة النظام كيف أنَّ الأجهزة العسكرية والأمنية فيها راحت بكل صفاقة تضع حافرها على حوافر الذين ثاروا عليهم في الأمس.
كما سبقهم في الصدمة علمانيو الثورة السورية وكذلك الأمر أصحاب التوجهات اليسارية في البلد، يوم سماعهم من بعض المتدينين من أقرانهم في المظاهرات السلمية بأنهم إنما خرجوا في الثورة من أجل نصرة الدين وإعلاء كلمة الله، وكأن سورية كانت دولة بوذية وخرج هؤلاء لكي يعيدوها إلى أصلها الإسلامي، أو كأن الله بكل عظمته وجلاله وسلطانه بحاجة إلى بعض الأنفار السوريين الضعاف ليقوموا بالدفاع عن الله وإعلاء كلمة الخالق القادر على كل شيء من خلال قوله تعالى: "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ".
ولعل الصدمة الأشمل كانت لدى كل من كان حلمه الأوَّل والأخير هو أن تنتصر العدالة في ختام الحراك الجماهيري، وتغدو حرية الرأي والتعبير من قبيل تحصيل الحاصل، وتنتقل الدولة مع كل مؤسساتها التشريعية والقضائية والتنفيذية من الظلمات إلى النور، من الكبت والقمع والتنكيل والفساد إلى فضاءات الحرية والمساواة والأمان والنزاهة، حيث لم يكن في بالهم قط احتمال العودة إلى زمن ما قبل الدولة، وإلى ما هو أكثر بؤساً مما مضى على حد تعبير براتراند راسل في كتابه (العالم كما أراه) الذي يشير فيه إلى مثالب ثورة البلاشفة وكيف أن "الروسي غدا أقل حظاً من السعادة على أيام ستالين مما كان عليه في عهد القياصرة".
عموماً، فمن أبرز ما قد يشوب مسار أي ثورة في الدول النامية، هو أن غايات جميع الأطراف تبقى غائمة وغير واضحة المعالم ولا قدرة حتى للمحتك بالناس التعرُّف على مستبطنات الأفراد والجماعات، بما أن "في جوف كل إنسان تعرفه إنسان آخر لا تعرفه" حسب تعبير مصطفى صادق الرافعي، وذلك طالما أن المسألة ما تزال في إطار المجادلات والأحاديث والتصريحات الخالية من هوى المصالح الشخصية، باعتبار أن المقابح الجوفية لا تظهر للعيان إلاَّ مع استلام الفرد لأي سلطة كانت أو عَقبَ إمتلاء الجيب أو حين القدرة على الإيذاء.
إذ في بادئ الأمر، تكون الأهداف العلنية متقاربة جداً، أي حين يكون الأمر مقتصراً على الجانب الكلامي إلى حد عدم قدرة الإنسان على التمييز بين مرامي وتوجهات هذا وذاك، حيث يعتقد الثائر الصادق مع نفسه آنئذٍ خاصةً إبان الحماسة بأن الهواجس بمجملها تمضي نحو مرتجى واحد، إلاَّ أن الغايات المنفِّرة سرعان ما تتكشف وتظهر للمُعاين بخلاف ما كان يتوقع، حيث أن الطحالب والعوالق تتسلق أبدان سفينة التغيير، والمزيف يتنطع باسمها أكثر من الحقيقي، والكاذب يصرخ باسمها أكثر من الصادق الذي يُضحي في سبيلها الغالي والنفيس، والتاجر يكثر الحديث عنها ويتكلم عن منافعها اللاحقة أضعاف ما يُفكر بمستقبلها المادي أولئك الذين كل همهم التخلص من غول الحاضر الجاثم على صدورهم، إذ من فيض المزاودة يتوه المرءُ بين معرفة الثائر من أجل قضية جديرة بالانتفاض أو الثائر من أجل نيل الحرية والكرامة وصون العدالة وبين ذلك الذي ينضم إلى القافلة من أجل غاياتٍ تتعارض كلياً مع أهدافها الحقيقية.
في الأخير، لا شك في أنَّ غايات الناس حيال الثورة وأسبابها مختلفة، فربما كان البعض منهم سطحياً جداً كمن يُشارك في مسيرة لا يعرف مقصدها ولا الغرض منها إنما يلتحق بالركبِ لوجود أترابه فيها، أو أن منهم من كان هدفه الأول والأخير إزالة القيود حتى يفرح بعض الوقتِ بغياب السلطة ولكنه راح يبحث لاحقاً عمن يُعيد له الأمن والأمان والعمل بالقانون، أو أن منهم من كان بسيطاً وعفوياً في مطالبه ولم يكن هدفه من الخروج بالثورة بعيداً عن أماني الأطفال كما هو حال الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ في قوله: "دعوتُ للثورة وأنا دون السابعة، ذهبتُ ذات صباح إلى مدرستي الأولية محروسًا بالخادمة. سِرتُ كمن يساق إلى سجن، بیدي کراسة وفي عينَي كآبة، وفي قلبي حنين للفوضى، والهواء البارد يلسع ساقَيَّ شبه العاريتَين تحت بنطلوني القصير. وجدنا المدرسة مغلقة، والفرَّاش يقول بصوت جهير: بسبب المظاهرات لا دراسة اليوم أيضًا. غمرَتني موجة من الفرح طارت بي إلى شاطئ السعادة. ومن صميم قلبي دعوت لله أن تدوم الثورة إلى الأبد!"، ولكن بعيداً عن الأماني الطفولية المتعلقة بالرغبة في إدامة عمر الثورة لكي يستمر إغلاق أبواب المدارس، فهناك العشرات من أمراء الحرب وجوقاتهم وأزلامهم في الشمال السوري يتمنون إدامة عمر الثورة ليس رغبةً في تحقيق العدالة، ولا من أجل تحقيق شروط الحرية، ولا من أجل صون الكرامة التي هدروها كما فعل من قبلهم جلاوزة السلطة في دمشق، إنما يتمنون إدامتها حتى يتعاظم جبروتهم، وحتى يتمدَّد سلطانهم، وحتى تستمر متاجرتهم بها إلى أجلٍ غير مسمى، ولعل كل واحد منهم يقول في سره: نعم لأجل هذا خرجنا.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الامتثال لأوامر المعتدي
- مسارُ القطعانِ في السماء
- فعاليتكَ تُغيظ المتكلسين
- صفاقة المجلوب
- كونوا رحماء كالسيّاف
- الاستعراض الإيراني الناجح
- زاهدي وعملية زوال إسرائيل
- طهران من الفعل إلى المحاكاة
- اللاجئ ومخاوفه المستقبلية
- المغتصبة عندنا وعندهم
- الفُرجة على مباريات الذيول
- عفن النظام خارج مناطق سيطرته
- طهران بين التمادي والتملص
- متى تلدغ طهران نفسها؟
- غطرسة الوضيع
- حرية قمع الآخرين
- شناعة المُندَلق
- أسطوانة البديل المفترض
- عندما يُخنقك مدّعي إنقاذك
- لماذا لم تفر مثلنا؟


المزيد.....




- اليونان: السيطرة شبه التامة على الحرائق والمعارضة تريد المحا ...
- إسرائيل تكشف عن موقفها من الاقتراح الأخير لوقف إطلاق النار ف ...
- قائد قوات كييف يطلع رئيس الأركان العامة الأمريكية على وضع ال ...
- ابنة رئيس الوزراء السابق تصبح أصغر زعيمة في تاريخ تايلاند
- توقيع أول مذكرة تفاهم بين تركيا والعراق لتعزيز التعاون الأمن ...
- بايدن: لم نصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد لكننا أق ...
- واشنطن تناشد الجيش السوداني الانضمام إلى محادثات السلام في ج ...
- -لحظة التجهيز والانقضاض على الهدف-.. -القسام- تستهدف مبنى تح ...
- -لا أريد أن أجلب النحس-.. بايدن يعلق على فرص نجاح اتفاق وقف ...
- آثار القصف الأوكراني على مركز تجاري في دونيتسك


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - لأجل هذا خرجنا