|
مع عازفة البيانو المصرية الأرمنية أربي جانيكيان
عطا درغام
الحوار المتمدن-العدد: 8069 - 2024 / 8 / 14 - 16:47
المحور:
مقابلات و حوارات
مصرية من أصل أرمنى، من مواليد القاهرة سنة 1968. مهندسة معمارية خريجة جامعة عين شمس. بدأت دراستها الموسيقية باكرًا، وأتمت المرحلة الإعدادية بمعهد الكونسرفتوار المصرية سنة 1983 بمجموع 98% فى البيانو، ومجموع 99% فى الصولفيچ، ثم أكملت دراستها فى نظريات الموسيقى و البيانو مع كلية ترينيتى للموسيقى بلندن حيث حصلت على درجة الزمالة (Fellowship) فى مايو 1997. حازت على عدة جوائز أولى فى عزف البيانو على مستوى كليات جامعة عين شمس وكذلك الجائزة الأولى على مستوى كل الجامعات المصرية عام 1989. ومنذ سنة 1991 قامت بعزف الأرغن و البيانو فى عدة كنائس أبرزها كنيسة الأرمن الأرثودكس وكاتدرائية جميع القديسين بالزمالك، وكذلك الغناء الفردى بكنيسة الأرمن. قامت بالمصاحبة على البيانو ،وكذلك العزف الفردى فى كثير من المناسبات الخيرية. وقامت بتأليف مقطوعات موسيقية عديدة ، و كذلك تلحين وتوزيع أغانى لكبار شعراء الأرمن الكلاسيكيين وأدائها ونشرها على الإنترنت، وأيضا ألفت أغانى للأطفال وقامت بتلحين عدة ترانيم لكورال أطفال كنيسة العذراء بأرض الجولف، و تم عزف مؤلفتها (Joy) عالميًا فى الكنائس فى يوم الصلاة العالمى عام 2014. قداس كوميتاس ذات العدة أصوات قامت بإعادة كتابتها لليدين لتسهيل عزفها على الأرغن، وقامت بعزفها و تسجيلها بعدة آلات باستخدام الحاسب الآلى. قامت بتوزيع الكثير من الترانيم و الألحان الكنيسة الأرمنية التراثية وعزفها و تسجيلها بعدة آلات و قد تم أداء العديد منها فى الاحتفال بالذكرى ال-850 للقديس نرسيس شنورهالى التى أقامتها كاثوليكوسية الأرمن لبيت كيليكيا فى لبنان عام 2023. وتحاورنا معها حول تجربتها الفنية وتاريخها الفني . ■ بدايتك الفنية كانت منذ الطفولة.. فحدثينا عنها؟ كانت أمي تعزف على البيانو، وأنا أنبهر بجمال العزف و أتفاعل مع الأنغام وأحاول تقليدها، فبدأت أمي تدرس لي قواعد البيانو والنوت ، فقد كانت معلمتي الأولى .وبدأت العزف فعليًا في سن السابعة . ■ ما هي الجذور التي جعلت منك موسيقية؟ كثير من أفراد عائلتى سواء من ناحية الأب أوالأم كان لهم علاقة وطيدة بالموسيقى. فجدتى كانت تمتلك صوتًا جميلًا وكانت تمتع الجميع بغناءها رغم تقدمها بالسن، و خالتى خريجة كنسرفتوار نيو إنجلاند بأمريكا وعمتى خريجة الرويال أكاديمي للموسيقى. ■ من اكتشف فيك الموهبة الموسيقية؟ إلي جانب أمي، يعود الفضل إلي معلمتي الأولي (مدام راشيل صليب) التي رأت أنني موهوبة جدًا ، وشجعتني علي الالتحاق بمعهد الكونفسترتوار، وبالفعل التحقت بعد اجتيازي جميع الاختبارات من المرة الأولي، والتحقت كطالبة غير نظامية فى سن الثامنة . ■ من هو معلمك الموسيقي؟ و من ملهمك الأول؟ من هم معلموك والذين تركوا تأثيرهم فيك..؟ ليس واحدًا بل معلمين، أذكر بالترتيب راشيل صليب، ثم سعاد سليم ، ثم من ثالث سنة مدام نڤارت داماديان التى كانت لها التأثير الأقوى فى تكوينى الموسيقية، كما درست لمدة سنة مغ البروفيسور الروسى ديميدوڤ وسنة أخرى مع المؤلف الإنجليزي بريان كيلى. أما بالنسبة للنظريات الموسيقية والهارمونى فكانت عن طريق كلية ترينيتى للموسيقى وكانت تمثلها فى مصر السيدة هايدى كاميل، كما درست مع موسيقيين مشهورين آخرين. كذلك ساعدنى كثيرا القراءة والدراسة الشخصية ، خصوصا الكتب الأجنبية في العزف والتأليف ومجالات أخرى في الموسيقي. ■ في أي الأوقات تجدين نفسك مستعدة للعزف؟ أعشق العزف، ودائمًا أبحث عن مناسبات أعزف فيها بعض القطع الموسيقية كعمل خيري، فأنا أحب أن أنشر جوًا من البهجة بين الناس. أقوم بعزف البيانو دوريًا فى البطريركية و فى دار المسنين الأرمن، وأيضا فى النوادى الاجتماعية الأرمنية وغيرها. ■ لماذا اخترت البيانو عن سواه من الآلات الموسيقية ؟ وما الذي يتميز به البيانو..؟ لم أختر البيانو؛ فالبيانو هي من اختارتني. كانت موجودة بالمنزل و والدتى كانت تعزف عليها. أما ما يميز البيانو عن غيره من الآلات الموسيقية، فالبيانو سهل العزف فى البداية، حيث إن جميع النوت أمامك وسهل التعرف عليهم، ولكنها تتعقد بعض الشىء عندما تتقدم فيها وتحتاج التعامل مع سطرين للموسيقى فى مفتاحين مختلفتين فى آن واحد و بأصوات متعددة. ومن سمات البيانو أن صوت النوتة لا يدوم طويلا و يتم التحكم فى درجة قوة الصوت عن طريق العزف المباشر بأصابع اليدين، بينما نطاق الصوت كبير جدا، وتستخدم أيضا لاصطحاب المغنيين وآلات أخرى، ولذلك تدرس فى المعاهد الموسيقية كآلة ثانية إجبارية عند تعلم أى آلة موسيقية أخرى. فى المقابل من الصعب عزف الكثير من المقطوعات الشرقية التى فيها ربع تون على البيانو. ■ وما الشىء الذى تحتفظ به ذاكرتك عن أول حفل رسمي لك؟ من أوائل الحفلات التى شاركت فيها كانت في الاحتفالات السنوية في فندق النيل هيلتون بمناسبة بازار السفارات الخيرى قبيل رأس السنة ؛ فكنت أعزف ألحان الكريسماس لنشر بهجة الأعياد بين الجمهور. ■ ما الجوائز التي حصلت عليها خلال مسيرتك الموسيقية..؟ حصلت على عدة جوائز، وحصلت علي الجائزة الأولى فى عزف البيانو على مستوى كليات جامعة عين شمس وكذلك الجائزة الأولى على مستوى كل الجامعات المصرية عام 1989. ■ ما أكثر المؤلفات التى تحبين تكرار عزفها؟ أنا شغوفة بشوپان، وهو من العصر الرومانتيكي، ومعظم مؤلفاته لآلة البيانو. ■ ما علاقتك بالموسيقي الشرقية . وما المقطوعات الشرقية التي تحبين عزفها؟ من صغري وأنا أعشق الموسيقي والأغاني الأرمنية باعتبارها أغاني شرقية سواء أكانت كلاسيكية أو شعبية، وهي أكبر ملهمة لي في مؤلفاتي الموسيقية و أعزفها فى مختلف المناسبات، و من الموسيقى العربية أعشق أغانى فيروز، لا سيما ألحان الأخوين رحبانى، و كذلك مؤلفات عمر خيرت و سيد درويش، وقد سبق أن عزفت بعض أغانيهم. أما أغانى عبد الحليم و أم كلثوم فلا أستطيع عزفها على البيانو لأن الكثير منها تحتوى على ربع تون بينما أصغر تون متاح على البيانو فقط نصف تون. أحب الاستماع أحيانًا الأغانى العربية القديمة مثل عبد الوهاب و عبد الحليم و أم كلثوم وفريد الأطرش بالإضافة إلى الأغانى الشبابية الحديثة و أستمتع بها. ■ وما علاقتك بالسوشيال ميديا؟ لي قناة علي اليوتيوب أقوم برفع أعمالي عليها، وكذا أرفع علي قناة أخي. ■ ما رأيك بالاقتباس؟ وهل تعتبرين أن الاقتباس سرقة فنية أم أن الموسيقى فضاء مشحون لا جدران تحده ؟ أري أن الإلهام من قطعة موسيقية أخري في حدود القانون من لحن أو فكرة استخدمها فنان آخر يُلهمك علي الإبداع وإنتاج شيء جديد، وليس مجرد نسخ فهذا ليس إبداعًا . ■ يقول الأستاذ أحمد بهاء الدين " ما دامت الموسيقى تصويراً للحياة الإنسانية فإننا لا يمكن أن نفهمها إلا إذا وضعناها في سياق العصر الذي أنتجها وظروفه السياسية والاجتماعية " ما رأيك بهذا الحديث ؟ أوافق على ذلك وأُضيف إلي ما قاله : أن الموسيقي تتأثر أيضا بظروف المؤلف الشخصية و حالته النفسية وأحاسيسه. ■ فى نظرك ما الفرق بين الموسيقى فى الماضى والموسيقى الآن؟ كلما تطور العصر وتقدم الوقت ،كلما ظهرت أنواعٌ جديدة من الموسيقي بما فيها الجيد والسييء. أقدم موسيقى كنسية ترجع إلى العصور الوسطى، لا تعرف الإيقاع ولا الميزان وإنما تعتمد عادة على وحدات متصلة من النغمات لا تدخلها التوزيع الموسيقى. أما الإيقاع البنائى فهو شرقي أصيل والإيقاع يساعد على خلق الموسيقى محدودة الزمن ويؤدى مباشرة إلى نظام المازورة وهذا أهم تراث موسيقى قدمه العرب لأوربا. وجميع ألات الموسيقى الغربية مصدرها الشرق. قديما كانت الموسيقى بسيطة جدا وكانت توجد مسافات موسيقية غير مقبولة وتعتبر نشازًا، ولكن مع مرور الوقت أصبحت مقبولة ولها جمهورها، وظهرت إيقاعات وتآلفات ومسافات جديدة، وتعتبر حاليا التآلفات والمسافات الجديدة مثل البهارات التى تعطى مذاقا خاصا للموسيقى. ■ ما الذى يلزم المُوسِيقي حتى يظل محافظًًا على نجاحه؟ لابد أن يخاطب وجدان الناس، ويكون منبعثًا من وجدان المؤلف وصادقة ومدروسة، ولابد من توافر المادة اللحنية الجميلة وإيقاعه الجذاب والهارموني الجميل والجيد ،وأن تحتوي علي التجديد والتنوع كى لا يمل المستمع، وتعتمد ما سبق علي موهبة المؤلف وكذلك مهم دورالعازف. متي يتوقف الإبداع الموسيقي عند الفنان..؟ عندما يتوقف الإحساس والتفكير عند الفنان. لابد من التشجيع والنقد البناء حتى يستمر الفنان فى العطاء وكذلك بالنسبة للأطفال و الصغار لابد من تشجيعهم دائما حتى لا نقتل فيهم روح الإبداع. ■ هل من الممكن علاج الإنسان بالموسيقى؟..كيف..؟ العلاج بالموسيقي قديم جدا منذ عصر المصرين القدماء، فكان للمعالجين مكانة خاصة بعلاقتهم بالكهنة والشخصيات الرفيعة في الحكومة، وأكد المعالجون علي أن الموسيقي دواء للروح. وفي العصر الإسلامي كانت هناك العديد من المستشفيات مثل مستشفي (قلاوون)، وكان هناك متخصصون في علاج الحزن الشديد؛ إذ يتم فصل المرضي في غرف منفصلة ليستمعوا إلي الموسيقى. المريض من الممكن أن يغني أو يعزف أو يكتب أو يتكلم عن موسيقى سمعه، والموسيقى يساعد فى تعافى الناس في كل الأعمار، ويشمل ذلك الذهن والمشاعر والجسد، فتجعله اجتماعيًا ويتفاعل مع الناس. ويساعد في تعديل المزاج وتقويم الشخصية وعلاج الأوجاع، وكذا تساعد الموسيقي في نمو الأطفال في التعلم والأحاسيس. وقد اهتمت جامعة القاهرة بالعلاج بالموسقي، إذ افتتحت مركزًا لذلك في عام 2019، هذا بالإضافة إلي اهتمام وزارة الصحة المصرية بإرسال الدارسين إلي الخارج للحصول علي مهارات جديدة في العلاج، وخصوصًا العلاج بالموسقي. وقد أُجريت دراسات وتجارب علي دور الموسيقي في العلاج؛ فأظهرت على سبيل المثال أن الاستماع إلي الموسيقي الهادئة تساعد علي ارتخاء الأعصاب وتقليل ضغط الدم كموسيقى الأطلال لأم كلثوم، ومن ناحية أخري فالموسيقي الصاخبة تعمل علي رفع ضغط الدم. وأيضا تعمل الموسيقي علي تقليل العنف وعلاج الإدمان وتعمل علي الاتصال الاجتماعي وتنمية الذكاء وتقليل ضربات القلب. ■ من وجهة نظرك ما سر استمرارية الفنانين القدامى وأغنياتهم؟ لأنهم كانوا يخاطبون الشعب و ألحانهم رفيعة المستوى و مدروسة جيدا وتخاطب وجدان و عقول الناس و وطنيتهم، فكانت تواكب الأحداث السياسية و الاجتماعية. و الأغانى الكلاسيكية المدروسة رفيعة المستوى نستمع اليها بلا ملل، بينما أغانى أخرى تظهر حسب الموضة فنسمعها لفترة ثم تختفى لافتقادها للميزات التي تجعلها خالدة. ■ ما أقرب موسيقى بالنسبة لك؟ الموسيقي الأرمنية والموسيقي الكلاسيكية ■ هل ترين أن الجمهور اليوم لديه نفس الشغف لمتابعة الموسيقى الكلاسيكية كما كان فى زمن الماضى؟ في الماضي كان الشغف أكثر،أما هذه الأيام فقل كثيرًا ■ هل دور العازف يأتي من إحساسه بترجمة النص الموسيقى؟ لا بد أن يشعر بمقطوعته ويفهمها جيدا، وهذا أكيد ■ ما العلاقة التى تجمع العازف بقائد الأوركسترا ؟ قائد الأوركسترا هو القائد، وهو الذي يختار العازفين، ويعمل على حفاظ توازن الأصوات أو الآلات، وهو الذى يوصل ملامح العمل حسب رؤيته للعازفين عن طريق حركات عصاه أو يديه، وكل عازف لابد أن يستمع إلى بقية زملاءه إلى جانب تتبعه لحركات قائد الأوركسترا ليتجانس العمل. ■ بمناسبة مئوية سيد درويش ..ماذا قدم سيد درويش للموسقي العربية..؟ سيد درويش هو مُجدد الموسيقى العربية، وباعث النهضة الموسيقية في الوطن العربي، ولُقب بفنان الشعب وأبو الموسيقي الشعبية المصرية، وأبو الموسيقي العربية الحديثة. ألف العشرات من الأدوار وأكثر من 40 موشحًا و100 طقطوقة، و30 رواية مسرحية وأوبريت وأهازيج وأناشيد ومونولوجات..وكان قد أصبح قياس المعرفة الموسيقية هو حفظ ألحان و مؤلفات الشيخ سيد درويش ؛ فهو مؤلف النشيد الوطني المصري "بلادي بلادى" وهو من أوجد نغمة الزنجران، وعمل علي تحديث الموسيقي العربية ، وأدخل طُرقًا جديدة علي الأوركسترا، وأيضا تخلت عن النمط البطيء المتكرر إلي نمط جديد خفيف معبر، وإنتاجه للمسرح أقرب للغربيين ، كذا عمل سيد درويش علي استبدال التخت التقليدي، وتتناسب ألحانه وأوبريتاته للعزف علي البيانو لأنه لا توجد فيها ربع تون، ويظهر التأثير الإيطالي على أعمال سيد درويش بسبب انبهاره بالأوبرا الإيطالية؛ فجاءت أوبريتاته خفيفة، والآن تعتبر جزءًا من الفلكلور المصري مثل: (زوروني كل سنة مرة ، والحلوة دي )وغناها المطربون والمطربات أمثال فيروز وصباح فخري ، وكذلك حفيده إيمان البحر درويش الذي عمل علي إحياء تراثه. ■ رغم مرور مائة عام علي وفاة سيد درويش .لماذا الاهتمام به بعد كل هذه الفترة؟ لأنه أثري الموسيقي العربية، واستخدم فنه في الجهاد الوطني ضد الإنجليز؛ فكانت تُلهب الشعور الوطني، فغني للشعب ونقد سلبيات المجتمع المصري، وكانت موسيقاه تخاطب جميع الأعمار والمستويات الاجتماعية. وشيدت له التماثيل وصدر طابع بريد تخليدًا لذكراه وتم إنشاء مسرح يحمل اسمه ، وكذا معهد سيد درويش للموسيقي، وعند وفاته عاد سعد زغلول من المنفي وغني المصريون أغنيته الجديدة (مصرنا وطننا سعدنا أملنا) التي ألف موسيقاها..وأود أن أذكر هنا دور شركة ميتشيان الأرمني التي كانت واحدة من ثلاث شركات أسطوانات كانت تتولي تسجيل أسطوانات سيد درويش. ■ من الذي يستهويك عزفه من عازفي البيانو المصريين...؟ ولماذا؟ رمزي يسي، فهو عالمي ومشهور وقدير، وعزفه جميل ورائع ومتميز، وعمر خيرت عندما يعزف مؤلفاته الرائعة مع الأوركسترا. ■ من في رأيك استطاع أن يعبر عن الروح المصرية في موسيقاه..؟ لا أستطيع تحديد اسم بعينه؛ فهناك كثيرون سواء مطربون أو مؤلفون أو عازفون، وهناك أسماء كثيرة لا أريد أن أحدد أسماء معينة. ■ كيف تستطيع الموسيقي المصرية الحفاظ علي هويتنا المصرية..؟ الموسيقي المصرية سواء عربية أو قبطية جزء مهم للحفاظ علي الهوية المصرية، فكلمات الأغاني تعبر عن حياتنا ووطنيتنا وحبنا لمصر. والمشاعر في الموسيقي تعبر عن إحساسنا بالوطن، فالموسيقي تحرك المشاعر و مهمة للشعور بالوطنية. ■ ضعي روشتة موجزة للارتقاء بالفن المصري؟ منذ عدة سنوات أفكر فى تجديد ألحان عربية و مصرية عن طريق تحويلها من أحادى الصوت إلى متعددة الأصوات. فالأغانى فى الكورالات ليس بها هارمونى لأنها تحتوى على ربع تون ففكرت بطريقة لتحويل أغانى الكورال إلى متعددة الأصوات وأرغب أن أحقق هذا العمل. ■ ما سبب سيطرة بعض الأغاني الهابطة التى انتشرت مؤخرا على الساحة؟ تنتشر بسبب ضغوط الحياة والمشكلات التي تؤثر علي الإنسان، فيبحث عن شيء يتسلي به أو شيء يبعث فيه السعادة، فهو لا يريد أن يتعمق في الموسيقي ويعيش فيها ويفهمها، فيهرب إلي شيء ينسيه همومه. ■ كيف تحافظ مصر على ريادتها الموسيقية؟ بالتجديد في الكورال والعمل علي تعدد الأصوات و ظهور أفكار جديدة، والاستفادة من تجارب الموسيقات الأجنبية و تشجيع المواهب الجديدة. ومهم جدًا أن يطبقوا الموسيقي كمادة أساسية تدرس للطلبة في المدارس والجامعات للارتقاء بالذوق العام للطالب وتكون لها درجات أساسية، والعمل علي استقطاب موسيقيين عالميين إلي مصر لنتعلم منهم، وتنظيم المسابقات الدولية فى مصر ومنح الجوائز للموسيقيين سواء من داخل مصر أو خارجها. ■ ما رأيك فى موسيقى المهرجانات؟ الموسيقي مثل الطب والهندسة فيها درجات علمية مثل الماجستير والدكتوراه، وهدفها الارتقاء بذوق الناس والحضارة. وهناك وظائف للموسيقي مثل ما نجده فى موسيقي الأفلام: فهناك موسيقي تبعث الحماس وأخري مشاعر الحب أو الخوف أوالفرحة أو الحزن وهناك الموسيقي الروحية وموسيقي التعبد وأيضا هناك موسيقي توقظ بعض الغرائز أو أخرى تحدث الضوضاء. وأنا أحب الموسيقي المدروسة العالية المستوي، و يمكن تشبيه الموسيقى بفن العمارة: فقد تكون مثل عمارة تراثية جميلة متينة أو قد تكون مثل العشوائيات..وفي النهاية فأنا أري أن موسيقي المهرجانات لا ترتقي بمستوي الشعب المصري وقد لا تليق به في بعض الأحيان. ■ ما العلاقة التي تربط بينك وبين الموسيقي الأرمنية.؟ العلاقة بيني وبين الموسيقى الأرمنية وثيقة جدا. فمنذ صغرى وأنا أغنى الأغانى الأرمنية فى كورال المدرسة الأرمنية وكورالات الجالية الأخرى، وكذلك أعزف بعض القطع منها أو أغنيها كغناء منفرد سواء فى الكنيسة الأرمنية أوفى مناسبات أخرى، وكنت أيضا أرقص على ألحان الموسيقى الأرمنية فى فرقة الرقص الشعبى الأرمني التابع لأحدى النوادي الأرمنية بالقاهرة. و أستمع إلى الأغاني الأرمنية من البرنامج الأرمني للإذاعة المصرية ومن أسطوانات و تسجيلات مختلفة، وكذلك كل مؤلفاتي عن الموسيقى الأرمنية. ■ هل تتابعين التطورات الحديثة في الموسيقي الأرمنية؟ نعم، أتابع التطورات الحديثة. ■ ما الفرق بين الموسيقي العربية والموسيقي الأرمنية..؟ تتمسك الموسيقى العربية بالمبدأ الأفقى ؛أى أنها لحنية لا تدخلها الهارمونى المبنية على التآلفات الرأسية، فتميل الموسيقى العربية إلى الموسيقى الغنائية أكثر من ميلها إلى موسيقى الآلات، ونلاحظ أن أغلب اللحن فيها زخرفة، أما الموسيقى الأرمنية فتتمتع بقدرتها على تعدد الأصوات مثل الهارمونى و البوليفونى. المقامات فى الموسيقى العربية هى: صبا، و نهاوند، و عجم، و بياتي، وسيكاه، و حجاز، و راست . وتتفرع من هذه المقامات الأساسية مقامات أخرى تصل إلى حوالى 250 مقام. والبعد الواحد فى الموسيقى العربية مقسمة إلى أربعة (أى ربع تون) على عكس الموسيقى الأرمنية والغربية حيث البعد الواجد مقسمة إلى اثنين (أى نصف تون). بينما هناك ثمانية مقامات وفروعها فى الموسيقى الأرمنية . وبعض الآلات الشرقية المستعملة فى الموسيقى العربية نجدها أيضًا فى الموسيقى الأرمنية مثل القانون و العود والكمان والدهول والطبل. وكانت الموسيقى الأرمنية تُكتب قديمًا عن طريق علامات خاصة مدونة فوق النص الغنائى و تسمى "خاز" يعلم المؤدى عن طريقها درجات نغمة الصوت و طول مدتها. ■ هل استطاعت الموسيقي أن تعبر عن مأساة الأرمن..؟ وكيف استطاعت؟ كل الأغاني الأرمنية بها نبرة حزن، وفيها أغاني تتناول المذابح الأرمنية وتتحدث عنها. وهناك موسيقيون أرمن تأثروا كثيرا بالمذبحة ومنهم كوميتاس، وبل أغاني أرمنية كثيرة لآخرين تناولت المذابح والإبادة الأرمنية وأحلام و تطلعات الأرمن. وتظهر نبرة الحزن عند الأرمن لأن تاريخهم شهد مذابح وحروب وتهجير، وشبهت الأغاني مصير تهجير الأرمن بطيور مهاجرة وعبرت عن أحلامهم بالرجوع إلى وطنهم المسلوب و إعادة بناء بيوتهم. وعبرت الموسيقي و الأغاني الجديدة الأرمنية عما تعرض له الأرمن في أرتساخ (كاراباخ) علي يد الآذريين. ■ مَن من الموسيقيين الأرمن الذي استطاع أن يعبر عن مأساة الأرمن في موسيقاه،وتركت تأثيرًا في الأرمن..؟ كوميتاس ( أبو الموسيقي الشعبية الأرمنية)، الذي عمل علي وجود موسيقي أرمنية نقية، وجمع الموسيقي الأرمنية الشعبية من كل مناطق وقرى أرمينيا قبل الإبادة الجماعية وتهجير الأرمن من وطنهم عام 1915 ونقاها و حولها إلى متعددة الأصوات (بوليفونية) و يزيد عددها عن ألفي أغنية، كما عمل على الموسيقى الكنسية و طور قُداسًا للكنيسة الأرمنية ، وتتميز موسيقاه بأنها رفيعة المستوى وتأثر كوميتاس كثيرا بأحداث الإبادة الأرمنية.
#عطا_درغام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمانة ياليل
-
برتولد بريخت رائد المسرح الملحمي
-
فيكتريا أرشاروني أم الأيتام الأرمن في مصر
-
القاهرة شوارع وحكايات
-
هوڤهانيس تومانيان شاعر كل الأرمن
-
الدين الشعبي في مصر
-
مؤامرة اعتقال القائد عبد الله أوجلان كما يرويها بنفسه
-
الخلافة الإسلامية
-
عبد الله أوجلان سيرة مناضل
-
نوبار باشا خادم مصر
-
التحليل الاجتماعي للأدب
-
لقاء مع هراتش كالساهاكيان، مؤسس موقع آزاد-هاي (البوابة الأرم
...
-
الاقتصاد والإدارة في مصر في مستهل القرن التاسع عشر
-
نايري زاريان الشاعر الشغوف بالاشتراكية الأرمنية
-
آراء في الفكر والفن-مجموعة حوارات مع أدباء وفنانين يمنيين وغ
...
-
هنري ترويا عميد كُتَّاب السيرة الذاتية
-
مع روزا مجردتشيان والأرمن في أستراليا
-
ڤاهان تيكيان أمير الشعر الأرمني الحديث
-
كيغام بابازيان والأرمن في كندا
-
زابيل يسايان صوت ضمير المرأة الأرمينية في الأدب الأرمني
المزيد.....
-
بعد إدانة غير مسبوقة للرئيس السابق ساركوزي، أي تداعيات على ا
...
-
شاهد.. رئيس الوزراء السلوفاكي يظهر كيفية دمج التمارين الرياض
...
-
الشرع: لن نسمح بوجود أسلحة خارج سيطرة الدولة والعلاقة مع لبن
...
-
تحذيرات تم تجاهلها ـ هجوم ماغديبورغ يثير جدلاً في ألمانيا
-
نتنياهو يطلع على أسلحة مصادرة في جنوب لبنان
-
استطلاع: أليس فايدل تتصدر قائمة المرشحين المحتملين لمنصب الم
...
-
سيناتور أمريكي يصف الكونغرس الحالي بأنه الأسوأ في التاريخ
-
فيتسو: بوتين أكد استعداد روسيا لمواصلة إمداد الغرب بالغاز وز
...
-
دراسة تكشف الرابط بين توقيت النوم والمزاج!
-
ترامب ينتظر لقاء بوتين لحل أزمة أوكرانيا
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|