أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مالك ابوعليا - تعليق ايغور دياكونوف على مقال هنري كلايسِن (الديناميكيات الداخلية للدولة الباكرة)















المزيد.....

تعليق ايغور دياكونوف على مقال هنري كلايسِن (الديناميكيات الداخلية للدولة الباكرة)


مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)


الحوار المتمدن-العدد: 8069 - 2024 / 8 / 14 - 13:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مؤلف الموضوع: ايغور ميخايلوفيتش دياكونوف*

ترجمة مالك أبوعليا

الملاحظات والتفسير بعد الحروف الأبجدية بين قوسين (أ)، (ب)... هي من عمل المُترجم

أعتقد أن الانثروبولوجي الهولندي هنري كلايسِن Henri J. M. Claessen يُقدّر بشكلٍ صحيح أهمية حقيقة أن الدولة الباكرة نشأت مع ظهور الانقسام الطبقي. والواقع، أن هُناك علاقة سببية بين التناحر الطبقي ووجود الدولة. ولذلك، فإنني لا أرى أنه من الصواب أن ندرس ديناميكيات نشوء الدول الباكرة وكأنها عملية تطور عفوي. وكذلك، لا أعتقد أن المسألة العامة المُتمثلة في نشوء الدول الباكرة يُمكن أو ينبغي مُعالجتها دون اللجوء الى بيانات المُجتمعات التي نشأت فيها تلك الدول لأول مرة، وبدون النظر في احتمالات التأثير الخارجي. لا يُمكن التأكيد أن نشوء دولة داهومي Dahomey الباكرة في غرب افريقيا، ودولة بوغاندا Buganda في اوغندا المُعاصرة وتايلاند كان عفوياً تماماً، دون تأثيرٍ خارجيٍ مُسبق. وبطبيعة الحال، ان الدولة الميروفنجية Merovingian في اوروبا كانت قائمة على طبقة فلاحية رومانية اعتادت التعاملات النقدية والتجارية المتطورة. وعند الرجوع الى مصادر البيانات الأوروبية، ينبغي لنا، في المقام الأول، أن ندرس الدول الاسكندنافية وروسيا. ومن المؤكّد أن المسألة التي نتعامل معها هُنا، لا يُمكن حلها دون دراسة بلاد سومر ومصر والصين، وما الى ذلك.
إن المؤلف يسوق عدداً من الأمثلة التي تبدو مُقنعةً الى حدٍّ ما. ومن بين الأُمور التي لفتت انتباهي، تصوير الدولة باعتبارها وحدةً صغيرةً للغاية (أو ما أُسميه "النوم Nome") العاجزة عن التطور الى مدىً بعيد الا في ظروف استثنائية. ولكن الأمثلة التي يوردها الكاتب تُشبه الى حدٍّ كبير أمثلة فرازر (في كتابه الغصن الذهبي)، من حيث أننا لا نستطيع أبدأ أن نتحقق ما اذا كانت البُنيات التي نستمد منها تلك الأمثلة، قابلة حقاً للمقارنة النمطية. ذلك أن جميع الدول ما قبل الرأسمالية كان لها أهداف مُتشابهة وبدائية للغاية، وهي على سبيل المثال، الحفاظ بأكبر قدر على التناحر الطبقي، وسلب أكبر قدر مُمكن مع تقديم أقل ما يُمكن حتى لا ينهار النظام. والواقع أن الاختيار بين المنهجيات المُحتملة ليس بالأمر السهل، ومن المُحتّم أن تتكرر الأنماط حتى في المُجتمعات المُختلفة عن بعضها. حتى "السيّد الخيِّر" يُعطي بسخاء لأنه سَبَقَ أن أخذَ شيئاً بلا ثمن. أقول هذا رُغم أنني أُدرك تماماً أن "السيّد الخيِّر" هو سليل "الزعيم chief الخيِّر"، الذي لم يكن بالضرورة زعيم حرب.
ليس لدي معارف كافية لقول أي شيء عن الظروف في افريقيا أو تايلاند. لكنني أود أن الفت الانتباه الى بعض الحقائق من الشرق الأدنى القديم.
قبل ظهور عصر الامبراطوريات، من القرن التاسع الى القرن الرابع ق.م، كانت مُجتمعات الشرق الأدنى القديم ذات ثلاث أنواع:
النوع الأول، كانت مُعظم الأراضي والسُكّان تنتمي الى "المؤسسات الكُبرى" (القصر، المعبد، الخ)، ولكن كان بعضها ينتمي الى مشاعات اقليمية تتكون من مجموعات عائلية مُمتدة، مع قِطَع أرض فردية للزوجين المتزوجين وأرض مُشتركة للمجموعة أو المشاعة. في قطاع القصر/الدولة، كانت بُنية الدولة بيروقراطية (حيث كانت البيروقراطية تُكافأ بعطايا من الأراضي والهدايا، وكان الموظفون العاملون يُمنحون حسب مواقعهم، قطعاً فردية، أو حصصاً قابلة للتبادل. كان قطاع المشاعات يتألف من مُشرفي الدولة Overseer بالاضافة الى جمعية أو مجلس تلك المشاعة. كانت هُناك هيمنة أبوية من قِبَل رئيس المجموعة العائلية على أفراد الأُسرة والعبيد وما الى ذلك. كان شكل الدولة هو النوم Nome. كان نظام الدولة، يتكون من الملك ومجلسه وكذلك مجلس المشاعة الاقليمية على مُستوى النوم Nome، والظهور الدوري لدُول عسكرية أكبر في إطار اقليمٍ نهريٍ كامل: مثلاً، بلاد ما بين النهرين السُفلى، شمال سوريا، وعيلام.
النوع الثاني، كانت جميع الأراضي مملوكةً للملك. وكانت مُمتلكات النُبلاء/المسؤولين الحكوميين، كبيرةً جداً ومتفرقة في جميع أنحاء البلاد، ولعبت الدور الذي لعبته "المؤسسات الكُبرى" في النوع الأول. ولا توجد آثار ملحوظة للمشاعات. وكان الملك مؤلّهاً: مثال مصر.
في النوع الثالث، حافَظَ تقسيم الأراضي بين "المؤسسات الكُبرى" والمشاعات على توازنٍ مُعيّن. هذه كانت دول صغيرة تحوي مجلس للملك ومجالس شعبية، غالباً ما تعتمد على دولة مركزية من نفس النمط تكون أقوى من الناحية العسكرية: مملكة الحثيين Hittite Kingdom أو دولة ميتاني Mitanni (1550-1260 ق.م)، آشور الباكرة، سوريا، فينيقيا، فلسطين، اليونان الميسينية Mycenaean Greece (آخر مرحلة من العصر البرونزي لليونان 1750-1050 ق.م).
تم استدخال نظام نقدي في جميع أنحاء الشرق الأدنى القديم في القرن السادس قبل الميلاد (بعد أكثر من 2000 عام من وجود الدولة والمُجتمع الطبقي التناحري). ومع ذلك، فإن الضرائب النقدية، تؤدي الى التضخم ومُراكمة السبائك في مركز الامبراطورية واختفائها من السوق، الخ. في الدول الباكرة في الألف الثالث قبل الميلاد في منطقة ما بين النهرين، لم تكن هُناك ضرائب مُنتظمة على جميع السكان، على الرغم من أن الملوك والمعابد كانوا يفرضون عليهم ضرائب مُتنوعة من حينٍ الى آخر. كانت الدولة تُحافظ على وجودها على حساب مُلكية "المؤسسات الكُبرى"، ولم يكن الموظفون العاملون في هذه المؤسسات يخضعون للضرائب بالطبع. ولكن بالنسبة لأعضاء المشاعات، كان هُناك ضريبة عمل (عمل الزامي، يُنظَر اليه على أنه ضروري اقتصادياً وايديولوجياً، في مشاريع الريّ وأسوار المدينة والمعابد وما الى ذلك)، وضريبة الدم (الخدمة في الميليشيات).
في جميع العصور، حتى نهاية العصر الهيلينستي وما بعده، كانت البيروقراطية تُكافأ بحصصٍ من الأراضي، وبالتالي، لا يُمكن اعتبار هذه السمة، خاصةً بالدول غير الناضجة.
وعلى الرغم من وجود سوقٍ حُرّة مُتخلّفة على الدوام، الا أن الدولة لن لم تكن تدعمها، حيث سَعَت الى الاحتفاظ بالصناعات الحِرَفية وإعادة توزيع المُنتجات تحت سيطرتها. كما حاولَت الدولة أن تُوسّع مبدأ مَركَزَة إعادة التوزيع ليشمل مجال التجارة الدولية، ولكن دون نجاحٍ يُذكَر. فقد أعاقَت الدولة التجارة العالمية الخاصة(1) بفرض رسومٍ جُمركية هائلة (كانت مُدمِّرةً بشكلٍ هائل عندما كان طريق التجارة يمر عبر عدة دول)، ومن خلال نهب المراكز التجارية، ومن خلال الاستيلاء على قدرٍ كبيرٍ من عائدات التجارة لنفسها. وأدى هذا الى عدم استقرار طُرُق التجارة الدولية، مما دَفَعَ التُجّار الى دفع تجارتهم بعيداً عن الصراعات المُسلّحة. وبالتالي، تعطَّلَت الطريق التجارية المُباشرة من بلاد ما بين النهرين الى آسيا الصُغرى بسبب غزوات شمشي آدد 1 Shamshi- Adad العموري (1800-1780 ق.م)، وهذا أدّى الى ازدهار التجارة الفينيقية، التي كانت هامشيةً من زاوية القُوى الرئيسية في الشرق الأدنى القديم، وتراجعت مراكز التجارة البرية في فينيقيا (جبيل Byblos وصيدا Sidon) عن دورها لتحتلها صور Tyre، وبالتالي للجُزر اليونانية وقرطاجة. واستمر الوضع على هذ المنوال حتى نشوء الامبراطوريات الهلنستية،، حيث تم استكمال مركزية الامبراطورية عبر إقامة شبكةٍ من المراكز الصناعية والتجارية التي تتمتع بالحُكم الذاتي، وبالتالي صار يُمكن حصر التجارة داخل الامبراطورية نفسها على أساس التعاون بين الامبراطورية والمُدن. يبقى أن نرى ما اذا كان من المُمكن، وكيف يُمكن دمج هذه البيانات في الصورة العامة التي يُحاول كلايسن رسمها.

* ايغور ميخايلوفيتش دياكونوف 1915-1999 مؤرخ وعالِم لُغات ومُستشرق ومُتخصص في اللغة السومرية والنحو والتاريخ المُقارن للغات الافروآسيوية والنصوص القديمة وتاريخ الشرق. دَرَسَ دياكونوف في كُلية العلوم التاريخية واللغوية في جامعة لينينغراد عام 1932. عَمِلَ عام 1941 في متحف الهيرميتاج، وكُلِّفَ مع غيره في نقل المجموعات الثمينة الى مكانٍ آخر أثناء الحرب، وشارَكَ مع الجيش الأحمر في التحقيق مع الأسرى النازيين بسبب معرفته باللغة الألمانية، وشارَكَ في حملة الجيش الأحمر في النرويج. عَمِلَ مُساعداً لمُدير كُلية اللغات القديمة في جامعة لينينغراد عام 1945، ودافَعَ عن اطروحته في الدكتوراة حول علاقات مُلكية الأرض في سومر. عام 1950 عَمِلَ في معهد الدراسات الاستشراقية في لينينغراد، ونَشَرَ بالتعاون مع باحثين آخرين دراسةً حولَ القوانين البابلية والآشورية والحيثيين، ونَشَرَ عام 1963 النصوص الأورارتية التي كانت مكتوبةً على الألواح الطينية.
كَتَبَ عام 1959 دراسةً بعنوان (البُنية الاجتماعية لبلاد ما بين النهرين القديمة-سومر)، وكَتَبَ عام 1983 كتاباً بعنوان (تاريخ الشرق القديم) و(الأساطير القديمة في الشرق والغرب) عام 1990.

1- في الحقيقة، كانت الأوساط التجارية، على الأقل في الألف الثاني ق.م، تُنظَّم على أساس العائلات المُمتدة.

ترجمة لتعليق ايغور دياكونوف، على مقال هنري كليسين المُعنون:
The Internal Dynamics of the Early State [and Comments and Reply]," Diakonoff and others, from Current Anthropology, Vol. 25, No. 4 (Aug. - Oct., 1984), pp. 365-379
وهو تعليق مُلحق بنفس المقال



#مالك_ابوعليا (هاشتاغ)       Malik_Abu_Alia#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشاعات الزراعية في الشرق الأدنى القديم
- الدراسات الاستشراقية الكلاسيكية والمسائل الجديدة
- الدفن الانساني الطقوسي الواعي: العصر الحجري القديم الأوسط، ب ...
- حول مسألة دراسة تاريخ المُجتمعات البدائية انطلاقاً من الاثنو ...
- مسألة المُلكية الخاصة البدائية في الاثنوغرافيا الأمريكية الم ...
- المراكز المدينية في المُجتمع الطبقي الباكر
- تاريخ الري الزراعي في جنوب تركمانستان
- الشروط الايكولوجية لنشوء الزراعة في جنوب تركمانستان
- سوسيولوجيا الدين الانجلو أمريكية المُعاصرة: مُشكلاتها واتجاه ...
- الرد الثاني لسيرجي توكاريف على ستيفن دَن
- بعض الأفكار في طُرُق دراسة الدين البدائي- رد على سيرجي توكار ...
- الرد الأول لسيرجي توكاريف الأول على مُراجعة ستيفن دن لكتابيه ...
- مراجعة ستيفن بورتر دن لكُتب سيرجي توكاريف
- مبادئ تصنيف الأديان 2
- مسألة أصل ثقافة العصر البرونزي الباكر في جنوب تركمانستان
- مبادئ تصنيف الأديان 1
- تاريخ انتاج المعادن عند القبائل الزراعية في جنوب تركمانستان
- ردّاً على نُقادي فيما يخص مقالة -حول الدين كظاهرةٍ اجتماعية ...
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين
- بصدد الفهم الماركسي للدين


المزيد.....




- مراسلنا: مقتل 9 مدنيين من عائلة واحدة بغارة إسرائيلية استهدف ...
- الطريق الذي كلّف الملايين بين الصين وميانمار، وتحوّل إلى ساح ...
- معالجه متطور وكاميراته ممتازة.. مواصفات هاتف iQOO الجديد
- ممارسة خلال نهاية الأسبوع قد تحمينا من خطر الإصابة بأكثر من ...
- -ميتا- تعلن عن نموذجها الجديد للذكاء الاصطناعي
- سنغافورة تجهّز جيشها بغواصات جديدة
- العثور على أقدم عينة جبن في العالم في مقبرة صينية قديمة
- مسار -سهم الشمال-
- خبير ألماني يتوقع إصلاح مجلس الأمن الدولي بعد انتهاء الصراع ...
- ترامب يهين زيلينسكي


المزيد.....

- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مالك ابوعليا - تعليق ايغور دياكونوف على مقال هنري كلايسِن (الديناميكيات الداخلية للدولة الباكرة)