|
عقلان بشريان-الارضي- و-المعجز-(2/2)
عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 8067 - 2024 / 8 / 12 - 14:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدأ الاعقال البشري الوجودي، لاارضوي، وجهته ومقاصده كونية سماوية محكومة لشروط الابتداء غير القابل للتحقق، يمنعه من ذلك عاملان، القصورية العقلية، وافتقاد الوسيلة المادية الضرورية، ففي المنطلق وعند بداية التبلور المجتمعي بصيغته الاستثناء اللاارضوية السومرية الرافدينيه، يكون العقل مازال وقتها مرتهنا ادراكا لممكنات الوثبة الاولى بعد الانتصاب على قائمتين واستعمال اليدين، الانقلابيه النوعية الافتتاح بعد مليارات السنين من الغلبة الكاسحة شبه المطلقة الحيوانيه، قبل ان تتسنى الشروط الضرورية لمغادرة الهيمنه الجسدية في انتقالة اولى، يصير معها العقل حاضرا ليدخل طورا اخر من اطوار تصيره وارتقائه الذي هو الجوهر ضمن عملية الارتقاء الناظمه للوجود الحي، على عكس تصورات النشوئية الارتقائية الارضية الدارونيه التي تجعل الانسان متحققا مكتملابصورة نهائية، لحظة انبلاج وحضور العقل بعد طول رضوخه المديد. ومن يومه تبدا عملية التصير والارتقاء الثانيه بعد الاولى حصيلة وحدة وتفاعلية البيئة/ الكائن الحي وتحولاته، ذهابا الى الصيغة "المجتمعية"، المحطة الاخيرة المفضية الى مابعد جسدية، وقت ينتهي دور ولزوم الجسد، ويصير ممكنا تجاوزه وتحرر العقل واستقلاله عنه، قبل انتقاله الى عالمه ومملكته الكونية الاخرى، مابعد الارضوية المؤقته الانتقالية. هذا المسار نحو ( الانسان/ العقل)، محل ( الانسايوان العقل/ جسد)، ذلك الذي يصير قائما مع الوثبة العقلية الاولى، غير المهياة، ولا القادرة على ادراك المنطوى التصيري المجتمعي وحقيقته، وما هو ذاهب اليه، فتظل القصورية لهذه الجهه تنتظر التفاعلية المجتمعية على مدى الطور اليدوي من تاريخ المجتمعية، بينما تستمر الرؤية الارضوية الحاجاتية وقتها هي الغالبة المتسيدة لدرجه الحلول بموقع البداهة. يذهب تاريخ التعبيرية الوجودية الكونية المتوافق مع كينونة المجتمعية والوجود البشري الحي ومآلاته بين محطتين، اولى محكومة لاشتراطات اللاتحقق والقصور، وثانيه عليا هي محطة الانتقال الى "الانسان/ العقل" التحولية العقلية، تحضر بينهما وتتغلب الى حد، رؤية وتعبيرية اخرى هي الارضوية المرتكزة الى القصورية ونقص اسباب تحقق اللاارضوية، كانتكاس طويل الامد، موافق لاجمالي الطور اليدوي من التاريخ المجتمعي على طوله، محوره واساسه المفاعيل الارضوية الحاجاتيه الجسدية، يظل يسبغ على المجتمعات وتاريخها، واجمالي الوجود والنظرة له ولدينامياته ووجهتها، مايتماشى منها مع الحدود والمتاح المنظور ارضويا والعائد للعيانيه المعتبرة "علمية"، اي الملموساتيه المحسوسة، باغفال كلي وتام للاليات الفعليه المجتمعية ولقانون حركتها، والهدف الناظم لدينامياتها، علما بان الامر لهذه الجهة يشمل مفهوم "العلم" نفسه و "العقلانيه" المجتزاة والمحدوده ارضويا بما يجعل لهذين التوصيفين ومايدلان عليه منقسمين الى ارضويين ولا ارضويين، هما ايضا. يصر العقل الارضوي قاطعا جازما بحكم طبيعته، على انه هو"العقل" متجاهلا بنكران كون العقل الحالي له سابق هو الخفي غير المعلن المحتجب داخل الكينونه الحيوانيه الازدواجية ايام كان الكائن الحي حيوانا، فهل يمكن ياترى اعتماد "العقل الحيواني" على اعتباره هو العقل النهائي ولاغيره؟ مثل هذه الرؤية مصدرها الاساس الاعتقاد بجمودية العقل ورفض ديناميات تصيره وترقيه التصيري، وصولا لوثبته الحالية المتزامنه مع الانتصاب واستعمال اليدين على انه المنتهى والمأمول الذي لابعد له، والحال وبالمقارنه فان مانشير اليه هو نظير المفهوم العقلي الحيواني لو وجد، حين لم يكن بالمطلق التفكير باحتمالية الوثبة العقلية الراهنه. العقل بالاحرى وقطعا ليس الذي نعيش في غمرته وتحت مفعوله الحالي، وهو سائر حكما الى مابعد، والى وثبة اخرى لايعود معها العقل الراهن الا بمستوى ومن عينة العقل ابان فترة التسيد الحيواني مع الاختلافات التي تفرضها لحظة التصير وشروطها، ليس العلم الراهن " علما"، ولا العقلانيه " عقلانيه الا بمنطق ومفهوم الارضوية والعقلية الانسايوانيه، اما "العلم" و " الاعقال" فمايزالان واقعين تحت وطاة واشتراطات ماقبل، الى ان تاتي الوثبة الثانيه العقلية، ونصير امام مفاهيم اخرى، وطريقة نظر للاشياء لاعلاقة لها بالمعروف اليوم وماهوسائد. وليس الامر على هذا الصعيد معزولا عن التفاعلية الواقعية، فنهضة الغرب الحديثة تلك التي حركها الانقلاب الالي، لم تكن مجرد انقلاب على مستوى الارضوية وممكنات الجسدية كما ذهب الغرب بتوهميته العائدة الى رسوخ خضوعه لمتبقيات الوعي والادراكية اليدوية، فالالة المصنعية ليست نهاية الاله شكلا ومفعولا، وهي تظل بعد ظهورها سائرة بالاصطراعية مع المجتمعية التاريخيه اليدوية، الى التكنولوجية، والتكنولوجية العليا المتجاوزة مفعولا لعالم اليدوية ومتبقياته، وبالذات ايهاميته التي تتكرس على يد الغرب ابتداء، الى ان يصير عالم الكيانيه والدول وكل اشكال ومتبقيات الطور اليدوي وتطويراته القوموية والوطنيه، واشكال تنظيم الدول الداخلي ومنها المستجده الايهامية الليبرالية والمدنيه، خارج الفعل وامكانيه الاستمرار، بينما تتعدى المتغيرات التكنولوجية ومايرافقها ممكنات استمرار الدول الحالية، لتشيع من يومها الاضطرابيه القصوى، والفوضى التدميرية الاحترابيه الحالية، ويحل زمن "وحدة البشرية"، مع الاقرار الابتدائي بالانتقال من الارضي الى الكوني، حيث الاداة الالية العليا وسيلة تفاعلية عقلية لاجسدية، وحيث مجمل التنظيم والجهد البشري من هنا فصاعدا، ذاهب الى بناء عالم "مابعد كوكب الارض" ولزومية " مابعد جسد". يدخل العالم والكائن البشري اليوم مرحلة عظمى من التاريخ، ينتهي معه فعل وجدوى عالم الارضوية وعيا وتنظيما، واشكال وصيغ حياتيه على المستويات المختلفة، ويبقى الاخطر متبقيات التوهمية الغربية وماتصر على التمسك به من اسباب الاعقال المتجاوزة، وسبل التعامل مع الشان المتعلق بالكائن البشري ووجوده، واحتمالية استمراره، فضلا عن عبوره مترقيا الى الطور الاخر الترقوي العقلي المنفصل عن الجسدية،مع مايتطلبه كل ذلك من مواجهة غير مسبوقة وصعبه التخيل، ناهيك عن مقتضيات التعامل الاستثنائي غير المتاحة مقاربته ماتزال. اليوم وفي مثل هذا الحال الفريد، والمقارب لاشكالية البدئية من دون ماتقتضيه وتتطلبه من وسائل من طبيعتها، لايبقى من مدخر انقاذي امام الكائن البشري، الا الرؤية الاعقالية الاخرى الكونيه اللاارضوية، بصيغتها الثانية المكتملة العناصرالتحولية، بافتراض توفر الاسباب لها كي تتحقق بعد ان زال النقص التحولي المادي العقلي مع الاله المتحولة الى التكنولوجيا العقلية العليا، وبعدما مر العقل بالاسباب والموجبات الضرورية، بعد تفاعلية وخبرة التاريخ الفاصل بين الوثبة العقلية الاولى، والوثبة المنتظرة اليوم، الثانيه الانقلابيه الانتقالية العظمى الى خارج الكوكب الارضي. انتهت الابراهيمه النبوية الحدسية، كما انتهت التوهمية الغربية الارضوية، ليغدو العالم والجنس البشري على موعد صعب وعسير غير مسبوق مع الرؤية اللاارضوية العلّية السببية المنطلقة من ارضها الاولى، ارض مابين النهرين.
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هوامش مقال لماذا يستعاد الخطاب ..؟
-
عقلان بشريان-الارضي-و-المعجز-(1/2)
-
عراق مابعد غرب/ ملحق3أ
-
عراق مابعد غرب/ ملحق3
-
من ينظّرل-الدولة-المسخ اليوم؟/ ملحق2
-
الدولة غيرالمجسده واستحالة ماسواها/ ملحق1
-
لماذا يستعاد الخطاب الاستعماري الميت؟(2/2)
-
لماذا يستعاد المنظور الاستعماري الميت؟(1/2)
-
-الطوفان-وبداية الثورة الفلسطينيه المؤجله(2/2)
-
-الطوفان- وبداية الثورة الفلسطينيه المؤجله(1/2)
-
لزوم طي صفحة-الحداثوية الزائفة-/5
-
لزوم طي صفحة -الحداثوية الزائفة-/4
-
لزوم طي صفحة -الحداثوية الزائفه-/3
-
لزوم طي صفحة- الحداثوية الزائفة-/2
-
لزوم طي صفحة -النهضوية الزائفة-/1
-
على القوى الايديلوجيه ان تعلن هزيمتها/2
-
لماذا لاتعلن القوى الايديلوجية هزيمتها؟
-
برج بابل وبرج زايد.. امتان؟/*2
-
برج بابل وبرج زايد.. امتان؟/1
-
اللاعراق واللاعالم/ ملحق 2
المزيد.....
-
فيديو جديد من داخل الطائرة الأذربيجانية يظهر ما حدث لجناحها
...
-
-حزب الله- يدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على اليمن بمشاركة أ
...
-
الكويت: ضبط 1.8 حبة كبتاغون داخل مقاعد وطاولات قهوة
-
عدد خطوات المشي المطلوب يوميا لمكافحة الاكتئاب
-
-النسر الأصلع- يصبح رسمياً الطائر الوطني للولايات المتحدة بع
...
-
الجيش الإسرائيلي يؤكد شنّ غارات على مواقع متفرقة في اليمن
-
قفزة في بلاغات الجرائم الإلكترونية بالمغرب.. وخبراء يكشفون ا
...
-
دعوات أمريكية لمنع عودة ترامب إلى السلطة والرئيس المنتخب يحذ
...
-
بوتين: الأوكرانيون -يعاقبون أوروبا- و-يعضون يدها-
-
سحب الجنسية الكويتية من 3700 حالة جديدة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|