|
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المصرية أمينة عبدالله -أَكْرَهُ الْجَنَّةَ -
فاطمة شاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 8067 - 2024 / 8 / 12 - 13:26
المحور:
الادب والفن
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المصرية أمينة عبدالله "أكره الجنة"
مقاربة تجريبية لفاطمة شاوتي في نص الشاعرة المصرية Amina Abdalla :
نص الشاعرة :
أكره الجنة التي يقف على بابها الحجاج بن يوسف الثقفي معلقا في مشكاتها عبدالله بن الزبير أكره الجنة ففيها احتقار لقيمة العمل أناس كسالى متواكلين على ملائكة مظلومين يكرهون البطالة أكره الجنة التي لا عمل لأسماء بنت ابي بكر الا رتق النطاقين وانتظار رجال القبيلة
أعشق النار كخلية نحل تشغي بكل المغردين خارج السرب الجنة ليس بها علماء يستفيدون من النار في تحويل الطاقة والاختراعات الجنة ليس بها شعراء يؤرخون للمرحلة أحب جهنم التي يستفيد فيها كفار الجنة من العلماء والراقصات وصانعي الافلام أعشق النار التي تصنع البهجة بلا حوريات عين...
____________________________
المقاربة :
ورقة تطرح إشكالية: الفوبيا /شعر الفوبيا /نقد الفوبيا /علاقة الشاعر أو الشاعرة بالناقد والناقدة حول أيهما الأحق.... ؟ الفوبيا /النقد حين يتدخل لتجويد النص دون ادعاء امتلاكه الحقيقة المطلقة.... الفوبيا شعر / متى يتدخل الناقد.... ؟ هل يكتفي الناقد باختيار النصوص كيفما كانت درجة جودتها؛ لأن لانص كامل حتى الذي نعتبره جيدا، قد يكون فيه نقط ضعف على مستوى اللغة؛ والترتيب مثلا للعناصر، فهل يحق للناقدة هنا أن تتدخل بإبدالات لاتخلُّ بالبناء العام للنص على مستوى مكوناته.... ؟ هل يحق لها أن تغير وتصحح وفق رؤيتها النقدية، دون إسقاط موقفها ولغتها على النص،للخروج من الثقافة الرائجة واقعيا وافتراضيا، في الصفحات الورقية والرقمية... ؟ هل تكتفي بإدراج النص بكل إشراطاته ،ثم تسجل ملاحظاتها وتقترح نموذجا للتعديل باتفاق مع الشاعر أو الشاعرة... ؟ الشاعر _الشاعرة يملكان مفاتيحهما الناقدة _الناقد يتملكان أدوات اشتغال منهجية ومعرفية، تخول لهما دون أن يملكا حق الوصاية والوكالة على النص _قيد النقاش لابهدف التجريح والتشهير ،بل بهدف التجويد والإشهار اللائق... الفوبيا / قضايا شائكة ميتافيزيقية، أقصد أن تيمات الشعر بكل تنويعاته يخاف النصوص الجريئة، خاصة إذا تعاطت تيمة القضايا الدينية والقضايا الجنسية لأننا نعيش: فوبيا دين / فوبيا جنس/ فوبيا سياسة / كما سماها الكاتب (أبو علي ياسين) "الثالوث المحرم "... قد يعترض البعض على كلامي هذا بوجود نصوص تعالج القضية الأعقد الجنس، لكن سأرد بأن تتبعي لهذا النوع الشعري، يقارب بعقلية اللاشعور وبعقلية الكبت لا بجمالية الشعر، فتأتي التيمات فاقعة وليست ذوقية، لأن اللغة نيئة فجة قد تصلح للروايات كما فعل الكاتب المغربي (محمد شكري) في روايته "الخبز الحافي" وهو يقارب قضايا إجتماعية وذاتية، بلغة فاضحة لكنها مقبولة، عكس الشعر يقتضي فورانا وجدانيا دون أن يسقط في فخ المباشرية، تفقده نكهة الجمال... هو ما لاحظته في نصوص كثيرة، ربما لم يتقبلها الذوق، لأنها مازالت لم تجد هيكلة جمالية؛ ترضي المتلقي في مجتمع مغلق محافظ، يمارس الجنس سرا لاجهرا حتى على مستوى الشرْعنة... ألاحظ مزجا بين قضايا سياسية تشكل تيمة نص ما ،تعالَج بلغة جنسية عارية ،من مذاقات الدهشة والمفارقة ومكونات الكتابة الشعرية... لكن طريقة اشتغالها تعتمد للأسف الجسد النسائي بتعريته وتوصيفه توصيفات، تتناقض ومتوالية شعرية، لأنها تختلُّ حين تحل محلها متواليات أخلاقية، من سلم قيْمِي يعتبر جسد المرأة عورة أو بضاعة مستهلكة، تقبل العرض والطلب في سوق اللاشعر... هذا نقاش في ورقة أخرى أعنونها: هل يحق للشعر أن يتحرش بجسد المرأة، ويقوم بتقطيعها على أساس تشويه الإنساني فيها وتكريس السِّلَعِي بدعوى الإثارة والإدهاش... ؟
أعلم أن كثيرات وكثيرين تُصحح لهم ولهن النصوص سريا... وهذا ليس خطأ؛هذا تفاعل وتفعيل ثقافي، لتطوير الذائقة الشعرية والنقدية معا، لأنهما التوأمان السِّيَامِيانِ ؛اللذان يتحولان بهذا الفعل الثقافي التفاعلي، إلى توأمين متطابقين... الخطأ هو أن يتم ذلك في السر وكأنه جريمة، وخوف من أن يقال فلان أو فلانة يكتب لها ناقد أوآوووو أعلم أن شعراء وشاعرات يمارسن فعل التصحيح التلقائي مع الاصدقاء والصديقات، لكنهن يعتبرونه ويعتبرنه طابواً، فهل نكسر من خلال تجربتي وتجربة هذه الشاعرة، هذا الطابو/ الغول/ الفزاعة / فيغدو مشروعا لثقافة أخرى، تعلن عن نفسها... ؟
النص جيد في انزياحاته مكنتني من التأويل على مستوى المَقُول واللَّامقول... جيد في تأزيم التيمة اعتمادا على الثنائية، التي خلقت مساحات للتأويل المضاد ،وخلق تجسير بين رؤى نقدية ورؤى شعرية... فقط لدي ملاحظات لأني أحببت أن تكون قراءة تليق بتيمته، فهل أسجله كما هو وأسجل ملاحظاتي وإن كانت لاتعيب النص إطلاقا...؟ ملاحظات تتعلق : 1_ بالأخطاء 2_ بترتيب عناصر التيمة 3_ هندسة النص 4_تدخل إجرائي في لفظة "شغى" لسان العرب لابن منظور ص :100/المجلد 7و8 حيث حرف الشين، وجدت معنى لايحيلني إليه الملفوظ في النص، لفعل شغا وأشغى بمعنى التفرقة... لهذا غيرته حسب السياق والدلالة...
إضافة : هامش لفظ "تشغي " تعني في اللهجة المصرية كثرة الحركة ،وهو شرح أفادني به بعض الأصدقاء المصريين، لهذا أقترح وضع هامش ووضع اللفظ بين مزدوجتين ،فلاتوجد لهجة موحدة بين البلدان العربية.
"" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" اخترت النص موضوعا لنقاش: أية علاقة بين النص والنقد؟ من خلال علاقة نص الشاعرة أمينة عبدالله بالناقدة فاطمة شاوتي بسؤال حول : هل يحق للنقد أن يتدخل في تعديل النص دون مساسه بأساسياته ،أم يكتفي بتحديد نقط الضعف مقابل نقط القوة... ؟ كتجربة تختلف عن تجارب النقاد والقراء، الذين لايشذون عن ثقافة المجاملة، سواء كان النص مكتملا أو تعتوره بعض السلبيات التي لاتخل بالهيكلة الشعرية كلها...
قراءة تجريبية في نص ليس عاديا من الأستاذة فاطمة شاوتي للشاعرة Amina Abdalla:
نص القضايا الميتافيزيقية بعين ناقدة.. الضد أوهام التصدع الديني المنخور في عقلية عربية، مأزومة ومهزومة ياأم و ن ة...! يا آمونة... نص جيد هناك فقط خطأ لغوي بسيط لايخل بقوته: (متواكلون وليس متواكلين) أضفت ملاحظتي، لأن النص يستحق قراءة بهندسة لغوية ،تراعي التقطيع وفق التيمة التي اشتغلت عليها.. نص جريء يؤسس لرؤية، الضد فوبيا القضايا الميتافيزيقية والضد فوبيا "الاجتهادبدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " نص يدخل في سياق حداثي، يعتمد مطرقة (نتشه) الفيلسوف الألماني، التي تهدم أوثان العقلية العربية وبداهاتها، الغير قابلة للنقد الذي يكون مبررا للإقصاء، كعنف يتعارض وحرية التفكير... والضد عقلنة التراث الذي أدى إلى اغتيال فرج فودة مصر ، وصبحي صالح لبنان، وحسين مروةلبنان، والإفتاء بتطليق زوجة حامد نصرالله مصر، ومحاكمة جلال العظم لبنان، ومنع رواية نجيب محفوظ (أولاد حارتنا)مصر، وهروب سلمان رشدي إيران لأنه شرّح الدين في كتابه :(آيات شيطانية)... والقائمة طويلة وتشويه سمعة نوال السعداوي وتشويه موقف سعدي يوسف الآن بعد موته... إنه النص ضد فوبيا النقد إنه النص ضد فوبيا مقاربة العقلية الدينية المغلقة، كسيسماتيك لايفتحه تأويل، لأنه عقل كفايته داخله / منطقه لايسأل ولايُسأل... وكل فتح له نتائجه التكفير وإهدار الدم.... شخصنة الدين تكون هي اللادين... نص اعتمد مفارقة التيمة بين الجنة والنار، كتيمة ثنائية مباشرة لكنها تثير شهية القراءة، لأن " المحجوب مرغوب" وهو اختيار ذكي لأنه ينتمي لبنية إجتماعية تقوم على الثنائيات، حاولت الشاعرة المصرية( أمينة عبدالله) استيحاء مقولة تشكل مقوما أساسيا في بنية التفكير العربي، وهنا قوة النص مفارقة شعرية غطت المقاطع: ثلاثة مقاطع أولى سردت كراهيتها للجنة كمفهوم ثابت في الذهنية الثقافية استمدته في مباشريته دون إحالات، لأنها قامت بتعرية المفهوم وأعلنت موقفها دون مواربة ولالعنة. إنه الشعر اللعنة وصفه (الأصمعي) "الشعر نَكَدٌ بابُهُ الشرُّ" إنه الشر اللذيذ يجعل المتلقي ينبش في حفريات الجنة، وتجلياتها في ممثليها الأرضيين : الحجاج مقابل عبدالله بن الزبير علاقة الجلاد بالضحية من خلال منطوق لانقاش فيه... الملائكة والناس وكأنها تستعير الظلم كخاصية متجاوزَة، لتلصقها بالعمل المكلفة به الملائكة، تستعير مقولة الظلم من عالم أسفل لتلحقها بعالم أعلى، مُنزّهٍ عن أي عيب... تنتقل من الأرض لتشتغل بمفهوم قيمي الظلم فتسقطه على عالم ينتفي فيه الشر... فهل تستقيم إبداعية لغة الواقع لوضعها صفة على ماوراء الواقع /اللاواقع / الميتا واقع /الميتافيزيقا / ملائكة يكرهون البطالة وأناس يتصفون بالكسل /والتواكل عملية لغوية بارعة تتسم بخداع إبداعي : الملائكة /الشغل الناس / اللاشغل والإستكانة استعارة جمالية بروعة التضاد الصوري الملائكة فوق وتحت مهمتهم العمل نشطون يحصون أعمال الناس /ينزلون مجازا لمتابعة تقاريرهم : "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره" وهو سلم قيمي تحت إشراف ملائكة، إستعارة ذكية تنقل لنا وصف الإنسان التواكلي العاطل عن العمل، الإنتظاري الذي ينتظر فوزه في يانصيب أخروي، كما في واقعه... تقابل استعاري غايته لدى الشاعرة، وصف الواقع كواقع ميت لا يشتغل ولايعمل وفق وصية التراث : " اعمل لدنياك كأنك ستعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك ستموت غدا" هذا التضارب اللامعقول يوحي بوعي الشاعرة، أن العمل شرط أساسي للفعل الدنيوي قبل الأخروي... انتظارية جعلتها تنطق بأنها ضد هذا الفكر، الذي يكرس تبعية مطلقة، لماهو فوق طبيعي... وتلك الصورة تعكس واقع العرب وكأنها تقول لنا : بوابة التاريخ لا ندخلها بدون عمل شريف، إدانة منها لتاريخ كتبه الدم منذ عصر الفتنة إلى واقعة الجمل وصفين فصراع الإخوة الأعداء، حتى يومنا هذا التاريخ العربي كتبه الدم ظالما ومظلوما... وتنتهي بأجمل وصف لشخصية مرموقة ب "ذات النطاقين" صورة استعارية توظفها للدلالة بخبث شعري هادف إلى رسم صورة دونية للمرأة هناك، كانعكاس لصورة واقع المرأة هنا، امرأة تخيط ذاتها دون أن تنتبه انه معروض جسدُها على رجال القبيلة... استعارة مزدوجة لواقع النساء من خلال شخصية، تنتمي لزمن نبوي، عرف توتراً بين زمن الوحي وزمن الواقع... المرأة عامة من خلال صورتها المتمثَّلَة في "ذات النطاقين" وهي مشهورة لعلاقتها بمرحلة تاريخية تمثلت أو حاولت أن تقارب عصر النبوة.... استعارة وضعت الأصبع على سلبية النساء، تنتظر رجال القبيلة كناية عن تربية مازالت تسود أوساطنا العربية، وهي أن المرأة تكتمل شخصيتها بالآخر الرجل "الزوج" ولاقيمة لها باستقلاليتها وفردانيتها، ومن هنا كل صفات الدونية تمثلها اللاوعي الحريمي : "ظل راجل ولاظل حيط" صفات تدعمت بقواعد لغوية تهين المرأة كإنسان كامل الهوية، لاتنتقصه أنوثة ولا تعورها، ولا أنها لاتستقيم شهادتها إلا إذا كانتا اثنتين، إذا نسيت إحداهما تُذكّرها الأخرى... بنية تجعلها ناقصة عقل ودين، بنية تصمها بالعنوس، وكأنها تهمة خاصة بالمرأة دون الرجل سن اليأس ،وكأن الرجل لايعيش تجربة البروستات، التي تجعل العقم صفة مشتركة تُجووزت الآن نتيجة تقدم الطب... تجربة تجعل المرأة تنعت بفوات قطار الزواج، وكأنها من تتناول حبة الفياغرا لاالرجل.... أسئلة محرجة لكنها ضمنتها الشاعرة في ذات النطاقين بحمولة ذكورية تنتعش في لاوعي النساء...
ولتغلق الشاعرة باب الجنة أوردت الأعطاب، عدم وجود علماء يستغلون النار والنار خصيصة جهنم، استعارتها كتورية لخلو الجنة من العلماء بمعنى أن أصحاب الجنة هم حفنة جهلاء، لهذا لن يستغلوا كنوز الجنة وجهنم فيسثتمروها لصالح الناس... ولا أثر للشعراء يؤرخون للمرحلة، بمعنى أن الجنة ليست مقاما طيبا لهؤلاء المتمردين، وقد سطرت الصحيفة المقدسة : "والشعراء يتبعهم الغاوون" وكأنها تصغي لسؤال التاريخ : هل كل من ساهم في إثراء الرصيد الحضاري والثقافي وتركوا ميراثا كبيرا مهما للبشرية خارج انتماءاتهم وهوياتهم معتقداتهم، سيكونون ضيوف شرف في الهذه الجهنم.... ؟ ولكن السؤال: إذا كانت الجنة عرضها السموات والأرض، فهل يوجد مكان خارجهما أو بينهما لجهنم.... ؟ أيكون جحيم دانتي جوابا على هذا السؤال...؟ 5 مقاطع تناوبت الشاعرة على فتح أبواب الجنة، لنرى بعينها الكارهة أسباب هذا الكره.... ؟ هل هو كره واقعي يرسمه الحكام العرب، بأن واقعنا جنة لكنها الجنة المفرغة من أحلامنا ورؤانا..... ؟ هل استعارت الجنة وجهنم كمقولتين ميتافيزقيتين ،لتعرية جنة الأرض /المجتمعات العربية ،وهي جحيم يملؤه صراخ المثقفين بكل طينتهم وبكل مشاريعهم علما كانت أو أدبا، ورمزت لسكانهما بالملائكة كتورية مقصودة وكناية عمن يشتغلون سواء شغلا فكريا أو يدويا، ولكنهم لاينالون حظوة البراغماتيين /الانتهازيين /الوصوليين /والإنتظاريين/ والقدَريين/ والمرتزقة السياسيين / هل هذه توْرية سياسية لنص قرأته بتيمة؛ ومقولات دينية وأحداث تاريخ موشوم بهذا الصراع.... ؟ احتمال نعم /احتمال لا / لكن القراءة خيانة، لأنها قوَّلت النص مالم يقُلْه وحمَّلَتْه فوق طاقته... "ولاتزِر وازرةٌ وِزْرَ أخرى" هو النص والقراءة إسقاطات رؤيوية، وعت أو لم تَعِي بها منتجته كخطاب، انبثق من خيبة الربيع العربي... فهل تكون القراءة الأولى قراءة للسياسي بالديني، كي تستفز المتلقي ليخرج من الجنة إلى الجحيم، ليغيره جنةً،تسود فيها شروط الأَنْسَنَةِ والكرامة وعدم التواكل الهادر لقيمة الإنسان والعمل.... واستحقاقه تكريما حسب اجتهاد لايدافع عن تبييض الأموال، ودعششة الذات بهدف غير حقيقي... ؟ هل هو نص النهضة ضد تغول العولمة، حولت الجميع روبوتات عاطلة عن التفكير، تخضع لبرمجة متغوّلة تجد روافدها في توابعها داخل أنظمة لاوطنية.... لا إنسانية... ؟ مجرد سؤال...
يمثل النص في 3مقاطع تقابلا مناقضا للخمسة مقاطع... دون أن ننسى أن الانزياح منذ اللاَّعنْونة إلى الموقف المتبنى لدى الشاعرة ،تأسس على بنية اللعب بالمفارقات الضدية، والتعالقات التنافرية، منحت النص قوة إبداعية نجحت في نقل واقع مزدوج الشخصية، فُصامي الفعل ،إلى مستوى رمزي انعكست فيه هذه الثنائيات أو البارادوكسات، بشكل أنجزته بدقة تامة، لعبة الجنة والنار كإسمين متعارضين، في تقابلهما في السّيمياء الدينية ، لعبة الكره والعشق كفعلين متنافرين في اللّيكْسيك اللغوي ، مفارقة غرائبية تلتقي في ذائقة لتقدّم رؤية شعرية لواقع لاشاعرية فيه.... التطابق والتنافر حدان أحدثا شغفا ودهشة منذ نقطة "كن أيها النص...!" إلى: " كوني أيتها الشاعرة...! "
ثلاثة مقاطع تشتق النقيض اللغوي، لفعل( أكره) المستمر في الحاضر، إلى المستقبل بفعل مستتر تقديره : و(سأكرهها) من فعل (أعشق) النار، و(أحب) جهنم... فعلان مضادان من اللِّيكّسِكِ اللغوي أكره // أعشق وأحب... ثقل الفعل الأول أكبر مساحة من ثقل الفعلين، يشغل مساحة تفكير رافض، بين مجاز الكثرة أكره ومجاز القلة أعشق وأحب لعبة اللغة في وعي الشاعرة، لتقبض على واقع حقيقي مرئي بواقع لامرئي، هو بلاغة ظاهرة استعارت الشاعرة من اللغة الفوق واقع الجنة /فعل يناسبها (أحب) لتعوضه إمعانا في القبض على حدة المعاناة بفعل (أكره خمس مرات) دلالة رقم في المنطق اللامنطوق، تؤشر على قمة الغضب والاحتقان الذي تعيشه في واقع، يبدو جنة تخفي جحيمها، جحيم خصصت له فعل (أعشق) و(أحب) كلعبة ليست مجانية إنها إحالة فعل على فعل بتورية تقصد العكس.. أو ما يسمى في علم الرياضيات؛ (البرهان بالخُلْف) تفترض عكس القضية؛ لتصل إلى نتائج مغايرة... اعتمدت الكره فعلا بهدف خفي يصب في الحب... لعبة الفعلين مجاز اشتغلت به أسلوبيا الشاعرة؛ وكأنها تقول لنا : "إياك أعني وافهمي ياجارة..!" هو استغلال مجازي قد يبدو متعارضا مع المنظومة الدينية، لكنه تحويل بصدمة مجازية إلى جحيم الواقع، درست به المنظومة السياسية بكل عنفها... انطلقت في البؤرة الشعرية الثانية من قضية عامة (جهنم) إلى قضية خاصة تولدت منها بل مكون لها وهي (النار)، رمزان سيميائيان يحيلان إلى استعمال الرمزية والمباشرة بكيفية، صاغت واقعا متناقض، يعيش الجنة وهما والجحيم حقيقة... وكأنها تعاين واقع المثقفين دون تخصيص، وإن ركزت على ظاهرتين مهمتين، وهما العلماء والراقصات وصانعي الأفلام... إلتفاتة قوية ولو أن اللغة خانت وعيها، حين ركزت العلم والصناعة السينمائية؛ أفلاما وأفلاما وثائقية وتسجيلية وغيرها، من تعدد هذه الصناعة... في عقلية مذكرة وأوكلت مهمة الرقص للنساء، بتعبير راقصات ولم تشر للراقصين، علما أن عالم الفن يمتهنه الجنسان،وكأنها تقصد أن الرقص خاصية نسائية لاتليق بالرجال، كما أن من يصنع الأفلام هم الرجال، علما أنه في هذا العالم أيضا، يلحق حيف كبير على مستوى الأجور النساء، بينما الفن لاذكر لاأنثى.. لكن لا وعينا جميعا يُسقِطُنا في حفرة التنميط، الذي نمْذجُونا على منواله هو سقوط في التمييز ضد الجَنْدَرة، له مبرراته في ضغط البنية الثقافية؛ التي ورثناها ولاأحد استطاع خلخلتها لحد الآن ماعدا كاتبة أردنية (زليخة ابو ريشة) في دراستها متْنَ الروائية الجزائرية (أحلام مستغانمي) (ذاكرة الجسد) تحت عنوان : "أنثى اللغة :أوراق في الخطاب والجنس"... هكذا تنتهي Amina Abdalla ثائرة ضد واقع مرئي ملتبس، بتكريس واقع متوارٍ في نفس الواقع الثقافي، وهو واقع المرأة المثقفة باختصاص الرقص، وإلغاء الشاعرات وهي شاعرة فكيف اختفت أمينة الثائرة وهي تقدم أسماء ذات النطاقين لتفضح واقع المرأة عموما، وظهرت أمينة ضد راقص ذكر وشاعرة أنثى ضد الأنوثة، احتفاءا بالذكورة في لا وعيها ووعي جل والمثقفات، بمن فيهن المحسوبات على الحركة النسائية؛ والمدافعات على الجندرة... ومقاربة النوع... ؟ مجرد سؤال أسأله لنا معا ياآم ون ة! صحيح يمكن تلمس مقاربتها النار كمكون لهذه الجهنم ،وكأنها تعي سقطتها باستدراك قوي، في المقطع المهيكل لنار جهنم : "أعشق النار التي تصنع البهجة بلا حوريات عين" بهذا المقطع تتحدث عن نار : هل هي نار الشعر.... ؟؟؟ هل هي نار العشق بين الانقطاع والاستمرار... ؟؟؟ هل هي النار التي تريد ألا تتحول فيها المرأةموضوعا، أكانت في خطاب الشعر أوخطاب العشق... ؟ نار تهدف إلى رفضها أن تتحول موضوعا للشغف الشعري، حين يتعامل معها كموضوعة متعة وكجسد الإغراء، فيُبَضِّعُها ويُبَعِّضُها حتى تفقد ملامحها الأصلية، وتغدو مجرد تحفة أو ديكور، يزين قلب عاشق شاعر يحتاج ملهمة لتكمل سطوته الشعرية... لأن الحور العين جسد كامل الأوصاف، يلهم شاعرا عاشقا ناقص المشاعر؛ مكبوت الشغف؛ حين تكون المرأة دون رأس يتحول (رينوارا) قاطع رؤوس النساء.. وتغلق المقطع الثلاثي جوابا نهائيا، يحدد موقعها بأنها لاتحب تكرار صوتها، ولا تريد استعادة صورة المرأة، كما استلهمها الشعراء جسدا دون رأس وهيكلا دون عظم، يرمم ذائقة من ينتظر الحوراء الكعباء الناهد البكر... شكرا آمون بالمؤنث...
تعديل تجريبي لفاطمة شاوتي على نص Amina Abdalla :
النص دون عنوان/ واللّاعنونة إسقاط انزياحي بأنه معنون ضمنيا :
أكره الجنة... التي يقف على بابها الحجاج بن يوسف الثقفي... معلقا في مشكاتها عبدالله بن الزبير...
اكره الجنة... ففيها احتقار لقيمة العمل أناسها كسالى متواكلون على ملائكة مظلومين، يكرهون البطالة...
أكره الجنة التي ليس فيها أي عمل لأسماء بنت ابي بكر؛ إلا رتق النطاقين، وانتظار رجال القبيلة...
الجنة ليس بها علماء يستفيدون من النار، في تحويل الطاقة والاختراعات...
ليس بها شعراء يؤرخون للمرحلة...
أحب جهنم التي يستفيد فيها، كفار الجنة ،من العلماء؛ والراقصات؛ وصانعي الافلام...
أعشق النار التي تصنع البهجة؛ بلا حوريات عين...
أعشق النار كخلية نحل تعجُّ بكل المغردين خارج السرب...
فاطمة شاوتي /المغرب أمينة عبد الله /مصر
#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر المصري -رَجُلٌ أَرْبَعِينِي-
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي رجب الشيخ -أُنْثَى فِ
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -كَانََ
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -إِحْدَا
...
-
قراءة. فاطمة شاوتي في نص الشاعرة السورية fawzia Ozdmir
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة السورية مريم مصطفى الأحمد -ا
...
-
إنطباعات قِرائية في نص الشاعرة السورية fawzia ozdmir
-
قراءة فاطمة شاوتي فِي نص الشاعر السوري نزيه بريك -لَمْ أَقُل
...
-
قراءتي في نص غادة سعيد
-
قراءتي في نص غادة سعيد -عَلَى حَافَّةِ اللَّذَّةِ-
-
قراءة أحمد إسماعيل في شذرة ل فاطمة شاوتي
-
قراءة الأستاذ أحمد إسماعيل في نص فاطمة شاوتي - تَكَلَمْ لِأَ
...
-
قراءة الأستاذ أحمد إسماعيل في نص -حَانَةُ الصَّرَاصِيرٍ ل فا
...
-
سجال تفاعلي بين الخطاب الشعري والخطاب النقدي في نص فاطمة شاو
...
-
قراءة الأستاذ حسن بوسلام في نص فاطمة شاوتي -عُدْوَانٌ ثُلَاث
...
-
قراءة الأستاذ أحمد إسماعيل فِي نص فاطمة شاوتي -آيَةُ الْكُرْ
...
-
قراءة الأستاذ زياد قنطار في مقطع من نص-نُوسْتَالْجْيَا الْعَ
...
-
قراءة الأستاذ محمد لبيب في نص فاطمة شاوتي -عُبُورٌ فِي الدَّ
...
-
قراءة أحمد إسماعيل لنص فاطمة شاوتي -كَاسْتِينْغْ الْمَدِينَة
...
-
قراءة سِجالية لغادة سعيد في نص فاطمة شاوتي -لِلْمَرْأَةِ رَأ
...
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|