أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - الكاهن الأكبر الأخير من أبناء خضر/فنحاس إلعزر















المزيد.....

الكاهن الأكبر الأخير من أبناء خضر/فنحاس إلعزر


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 8067 - 2024 / 8 / 12 - 00:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الكاهنُ الأكبرُ الأخيرُ من أبناءِ خضر/فنحاس إلعزر
The Last High Priest of the Sons of Phinḥas El˓azar
بقلم الكاهن الأكبر يعقوب شفيق (1899-1987)
ترجمة ب. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي

בנימים צדקה (כתב וערך), אוצר הסיפורים העממיים של הישראלים השומרונים. מכון א. ב. ללימודי השומרונות, הרגרזים–חולון, 2021, כרך א’ עמ’ 211–213.

إذ أخذه اللهُ

هذه هي القصّة التي يرويها كِبارُ السنّ في الطائفة السامريّة، وعيونهم دامعة، وأفواههم مليئة بالأنّات الشديدة، على آخر الكهنة من ذُرّيّة فنحاس إلعزر أهرون الكاهن شقيق سيّدنا موسى، ألا وهو سلامة فنحاس، الذي اختفى فجأةً عن أعين الطائفة وانصرف عن هذا العالَم في العام 1624 للميلاد [في الأصل: بتاريخ: غير المختونين]. في عهد معلّمنا الكاهن الأكبر، سلامة فنحاس، كان السامريّون أشرارًا وخُطاة جدّا. تحرّروا من نير التوراة ومن الفرائض، واستهتروا بعائلات الكهنة المتمسّكين بالتوراة وبمرشدي الشعب. الرجلُ بارّ ومستقيم، يقضي أيّامَه بعِبادة الباري في بيته المنعزل الذي بناه.

ذات يوم، نَفِد الزيتُ الذي أضاء غرفتَه. وقف الكاهن بمدخل بيته، رجع إلى الوراء، وهو يطلب من كلّ عابر سبيل أن يبيعَه قليلًا من الزيت. لا أحد استجاب لطلبته، لأنّ السامريّين في نابلس، كانوا أشرارًا مثل أهالي سادوم وعاموره.

كانت طائفة السامريّين كثيرة العدد، منتشرة بالآلاف في كلّ البلاد وخارجها، في سوريا ومصر - ولكن مجدهم أخذ بالأُفول بسبب خطاياهم وفسادهم الكبير. استولى عليهم ملوك، ووزراء أخضعوهم واستعبدوهم استعبادًا قاسيا.

الصدّيق سلامة الكاهن الأكبر، توقّف عنِ الخروج من بيته المنعزل، ولم يتركه إلّا وقتَ الحاجة، لأداء إحدى الفرائض الكبيرة، مثل تِلاوة البركة الكبيرة على جبل جريزيم في الأعياد الأساسيّة.

في أحد الأعياد، حينما جاء دوْرُ سلامة الكاهن لقراءة البركة، أْعطيت له من السماء علامة، بألّا يتلو على أبناء الطائفة البركةَ لأنّهم لا يستحقّونها، بسبب آثامهم الكثيرة. وقف الكاهن في مكانه مرتبِكًا ولم يفتحْ فاهُ، لأنّه لم يُرِد أن يكشف لهمُ الأمرَ الذي أُعطي له من الأعلى. ظلّوا هكذا واقفين زمنًا طويلًا، ثُمَّ قام أبناءُ الطائفة ورفعوا صوتهم بالصياح والصراخ المدوّي جدًّا. نزل الكاهن سلامة من على تلّة العالَم، عند سماع ما أطلقه الجمهور من صيحات وضحك وكلام السخرية، رفع صوته وبكى. بقلب متألّم وبروح منسحقة حزينة، رجع إلى غرفته وصلّى وتضرّع لله ليخلّصَه من هذه الطائفة الشرّيرة وهذه الخطيّة.

بعد أن أكمل صلاتَه، قرّر مغادرةَ نابلس والذهاب إلى أحد الأماكن القريبة، حيث تسكُن فيها جماعة من طائفته.

صادف قافلةً من العرب [في الأصل: من الإسماعيليّين] خارجَ نابلس فسألهم: لأين وُِجهتكم مع الجِمال؟ أجابوا: إلى غزّة. في تلك الأيّام كانت غزّة تعجّ بالسامريّين، وعليه قرّر الكاهن الأكبر مرافقةَ القافلة.

عندما حلّ الظلام، وصلتِ القافلة إلى مكان يُدعى وادي النمل. عرف سلامة أنّ في هذا المكان قبور صدّيقين وأبرار من آباء آبائنا الكهنة الكبار. تمشّى في الوادي ، رأى تلّةً صغيرة فصعِد عليها، وقف يتطلّع على المنطقة المحيطة بها.

كان الكاهن الأكبرُ جائعًا، عطشانًا وسَغِبا. طرأت على قلبه ذِكرى حالته والمشقّات التي مرّ بها، والمصائب التي ستحلّ به. أجهش بالبكاء.

صلّى الكاهن الأكبرُ صلاةً نقيّة، وصرخ بقلب محطّم متألّم. زعق: نِسي! نِسي! نِسي! - باسم أحد الملائكة الكِبار المسؤولين عن شؤون هذه الدنيا.

سمِع الكاهن الأكبرُ سلامة صوتًا يناديه من الأعالي: هأنذا! هأنذا! هأنذا! ِاِلتفت رجالُ القافلة نحوَ الصوت فرأوْا الكاهن الأكبرَ سلامة يُرفع إلى الجوّ، يرتفع ويصعد، يرتفع ويصعد إلى الأعلى إلى الأعلى إلى السماء، إلى أن اختفى عن العين. ذُهل العربُ جدًّا، ارتعبوا وقالوا: ها هو نبيّ يأخذُه الله إليه.

بحث السامريّون عن كاهنهم الأكبر سلامة، ولم يعثروا عليه، فتّشوا عنه في كلّ أركان المدينة وما وجدوه. عرفوا أن كاهنَهم قد خرج مع إحدى القوافل. أرسلوا رُسُلًا لكلّ الأماكن التي يسكنها سامريّون. وقد أرسلوا رُسُلًا إلى مصرَ وسوريا أيضًا، بحثًا عن كاهنهم الأكبر سلامة، لكن عبثًا. عاد الرُّسُل إلى نابلس خَجالى وحَزانى. طائفة السامريّين كانت مرتبكة ومتوجّعة.

بعد كلّ هذا، أتى أحدُ أفراد القافلة العرب، وروى للسامريّين قصّةَ صعود الكاهن الأكبر سلامة إلى السماء. علموا أنّهم أشرارٌ وخطاة جدًّا تجاهَ الله، ولذلك أُخذ الكاهن الأكبر منهم إلى الأبد.

كانت للكاهن الأكبر سلامة فنحاس زوجة حامل. اِعتنى بها السامريّون ولبّوا لها كلَّ احتياجاتها على أمَل أن وليدها سيحلّ محلَّ أبيه، رجل الله. خاب أملُهم، إذ بعدَ تسعة شهور أنجبتِ المرأة بنتًا.

كان سلامة كاهنًا أكبرَ مدّةَ عشر سنين. ومنذ ذلك الوقت، انفرطت سلسلة/ذُرّيّة الكهنة الكبار ورجالُ الآية، من بني فنحاس إلعزر أهرون الكاهن شقيق سيّدنا موسى. وكان اسم خليفة سلامة رجل الله، صدقة من بني إيتمار أهرون. منذ ذلك الحين انتقلت الكِهانة الكُبرى في عائلته إلى هذا اليوم.

تعْقيب الأمين صدقة:

أ) من الواضح، أنّه ليس كلّ الطائفة السامريّة في بداية القرن السابع عشر، قد سلكت بقساوة قلب، ولكن من الجائز، أن جزءً من القيادة الطبيعيّة، كان كذلك، كما حدث بعد ذلك بقرن من الزمان تقريبًا للكاهن الأكبر غزال الذى رحل إلى غزّةَ، ومكثَ فيها أربع سنوات.
ب) بلغ عددُ السامريّين في القرن السابع عشر في نابلس والقاهرة وغزّة ويافا، وفي القرى بضعَ مئات فقط، هذا ما نجده في إحصاء رسميّ عثمانيّ للسامريّين في غزّة ونابلس، في منتصف القرن السادس عشر.
ت) وفق شهادة العالِم الشاعر مفرّج/مرحيب يعقوب، المكتوبة سنة 1672 نجد أنّ الكاهن الأكبرَ من آل فنحاس، سلامة فنحاس، مات موتًا طبيعيّا.
ث) بصورة عامّة: هذا هو الفرق بين حقائقَ مفحوصة وقصّة شعبيّة، مسموعة ومقروءة بحماس القرّاء والمستمعين.



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا يُفعَل بمَن يسيء لشرف الكاهن الأكبر
- الحرب العالميّة الأولى، أُعجوبة مريم من نابلس
- في الحمّام في نابلس
- أيّها المشرّعون غير المحترمين، لقدِ اشتريتم خدعة نتنياهو دون ...
- بين سرقة العلم وسرقة المعرفة
- حزن يعقوب على موسى
- هرون بن مَنير في دمشق
- مَريم - قصّة حبّ
- طائر السحر و-المطران السامريّ-
- مكتبة أودي المركزيّة في وسط هلسنكي
- حمامات استبدِلت بجرذان
- هذا تاريخ حنوك
- نوح ونمرود،أحيدان والقدس
- لابان/لبن بن ناحور في التوراة وفي التقليد
- وفاة آدم الأوّل
- حياة آدم الأوّل
- الكاهن الأكبر يعقوب شفيق/عزّي
- الحنين إلى الوطن
- ملاحظات موجزة على -حتى تبقى لغتنا العربيّة حيّة-
- شجرة المبلاد وعاكسات الضوء


المزيد.....




- قبل ساعات من حفل اختتام أولمبياد باريس.. إخلاء برج إيفل بعد ...
- أصبحوا أشلاء أثناء أداء صلاة الفجر.. غارة إسرائيلية تستهدف ف ...
- -الهدف هو التسبب في الألم-.. مها يحيى توضح لـCNN كيف قد تبدو ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن رصده إطلاق 30 صاروخا من لبنان.. وحزب ا ...
- الجيش الروسي ينشر فيديو لمواجهات مع القوات الأوكرانية في منط ...
- هل تراجع -طوفان- البحر الأحمر بعد الهجوم الإسرائيلي على الحد ...
- غوتيريش: طرفا الصراع في غزة -يسحقان- القانون الدولي
- الذكرى الـ75 لاتفاقيات جنيف.. مفترق طرق للقانون الدولي؟
- -عالم الديجيتال- يزيد استغلال تجار البشر للمهاجرات والقصّر ف ...
- توقيت تناول السعرات الحرارية: لماذا يعتبر الصباح الوقت المثا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - الكاهن الأكبر الأخير من أبناء خضر/فنحاس إلعزر