|
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء التاسع
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 1770 - 2006 / 12 / 20 - 09:51
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
نظرا لما للحركة التي يقودها الفلاحون الفقراء بأوزيوة من أهمية في الصراع الطبقي ، بين الطبقات البورجوازية و الكومبرادور و الملاكين العقاريين و المافيا المخزنية ، و بين الطبقات الشعبية من طبقة عاملة زراعية و فلاحين فقراء و صغار و كادحين ، إرتأيت تقديمة دراسة مستفيضة حول منطقة سوس التي تعتبر فيه تارودانت مركزا حضاريا هاما ، تأسس عبر التاريخ الطويل للإنسان بالمنطقة ، و هي اليوم تعيش تهميشا ممنهجا نتيجة السياسات التبعية للرأسمال المركزي ، إستمرارا لما تم تخطيطه خلال مرحلة الإستعمار المباشر لطمس تاريخ المدينة و تحويلها إلى مرتع للعاملات الزراعيات ، اللواتي يتم استغلالهن بالضيعات الفلاحية و معاملة التلفيف التي أقامها المعمرون الجدد على أراضي الفلاحين الفقراء بسوس.
بعض الإحصائيات الرسمية حسب مندوبية الشغل :
عدد الضيعات الكبيرة و المصرح بها : 750 ضيعة دون احتساب المشاريع الصغير المتراوحة بيت هكتار واحد و 10 هكتارات. عدد المعامل : 13 معملا مشتغلة و 06 موقوفة عن التشغيل. عدد المؤسسات التجارية المصرح بها : 266 مؤسسة. عدد المؤسسات الصناعية المصرح بها: 137 مؤسسة . عدد المؤسسات في قطاع الخدمات المصرح بها: 65 مؤسسة. عدد العمال الزراعيين : ما بين 15 إلى 17 ألف عامل و عاملة حسب المواسم. عدد العمال في القطاع الصناعي و التجاري : 04 آلاف عامل و عاملة. دون احتساب الورشات الحرفية الصغيرة المنتشرة في المدينة و المراكز المهمة في الإقليم غير المصرح بها.
وضعية التشغيل بتارودانت :
كما رأينا فيما سبق يشكل العاملات و العمال الزراعيين في الضيعات و المعامل الغالبية العظمى من الشغيلة بالإقليم ، و الذين يتعرضون للإستغلال المكثف من طرف الملاكين العقاريين الكبار الذين يركضون وراء الربح الوفير دون تطبيق أدنى بنود قوانين الشغل ، كما أن صغار الفلاحين الذين يطمحون إلى التسلق وراء كبار الملاكين العقاريين يمارسون نفس أساليب الإستغلال على العاملات و العمال الزراعيين ، و يمكن تصنيفهم إلى عمال زراعيين رسميين و هم القلة القليلة من الطبقة العاملة ، و العمال الموسميين و هم الذين يشكلون الغالبية العظمى ، و العمال المياومين و خاصة النساء العاملات اللواتي يخرجن إلى سوق الشغل " الموقف " صباحا بحثا عن فرصة شغل يوفرها صاحب ضيعة ، لكن جميع هؤلاء يجمع بينهم فعل الإستغلال الذي يتمثل في : ـ عدم احترام الحد الأدنى للأجور حيث يتم استغلالهم طيلة يوم عمل يترواح بين 10 و 12 ساعة بأجر يتراوح بين 40 و 50 درهما. ـ عدم التسجيل في صندوق الضمان الإجتماعي الشيء الذي يحرم العمال الزراعيين في المعامل من التعويضات العائلية . ـ عدم توفرهم عن التأمين عن الصحة و التعاضدية و الحماية من حوادث الشغل. ـ عدم منحهم بطاقة الأداء التي تبين وضعية في الشغل و شواهد العمل . ـ عدم منحهم بطاقة الشغل التي تعتبر وسيلة للإعتراف بهم كعمال. ـ عدم تمتعهم بالعطلة السنوية و الأعياد الدينية و الوطنية . ـ عدم تعويضهم عن ساعات العمل الإضافية . ـ حرمانه من التنظيم النقابي بتهديدهم بالطرد في حالة الإنتماء النقابي. و ليست هناك إحصائيات محددة توضح وضعيتهم سواء لدى مندوبية صندوق الضمان الإجتماعي أو مندوبية الشغل ، نظرا لمشاركة هاتين المؤسستين في الخروقات التي تطال الحقوق الشغلية بسوس . تأتي الطبق العاملة في مجال البناء و التعمير في الدرجة الثانية و التي تعرف هي الأخرى استغلال مكثفا من طرف المقاولين الكبار و الصغار ، و ذلك من خلال عدم تطبيق قوانين الشغل كما تمت الإشارة إليه سابقا بالإضافة إلى عدم تمتعهم بالتأمين من حوادث الشغل التي تهدد حياتهم يوميا ، سواء بمدينة تارودانت أو بالمراكز التي تتواجد بها البلديات و المجالس القروية ، أما في غيرها من الدواوير فيسود العمل غير المنظم في مجال البناء الذي ما زال تقليديا في أغلبه . و يعتبر التشغيل في الجماعات المحلية ال89 بالإقليم مجالا مهما لتشغيل الشباب خاصة ذوي الشهادات ، و الذي يعتبر فضاء للزبونية و المحسوبية بين رؤساء الجماعات و السلطات بتارودانت ، حيث أن عدد التوظيفات التي منحت للجمعية الوطنية لملة الشهادات المعطلين بالمغرب لا تتعدى 07 توظيفات يتمة ، إثنتان في السلم 10 و واحدة في السلم 8 و أربعة السلم 01 ، و كانت فضيحة التوظيفات الموهومة بعمالة تارودانت في نهاية الثمانينات و بداية التسعينات ، التي بلغت أكثر من 36 توظيف موهوم بما قدره مليون سنتيم لكل توظيف خير دليل على فساد السلطة بتارودانت ، حيث كان أحد الضالعين في الإنتهاكات الجسيمة بالعمالة يتلاعب بالمواطنين الذين يوهم أبناءهم بتوظيفهم في مكاتب العمالة مقابل رشاوى . و يأتي قطاع التجارة و الحرف في المرتبة الأخيرة خاصة في المقاهي و الفنادق و المحلات التجارية و الأوراش الحرفية ، و لا توجد إحصائيات دقيق تبين وضعية الشغل في هذا المجال ، و تجدر الإشارة هنا إلى أن المرأة بالبوادي تشكل طبقة عاملة خارج نطاق قوانين الشغل حيث تقوم بجميع الأعمال بالبيت و المزرعة دون مقابل يذكر. و رغم الوضعية المزرية للطبقة العاملة بسوس فإن نسبة التنقيب ضعيفة جدا حيث لا تتعدى % 2 في أحسن الأحوال ، و ذلك نظرا لعوامل موضوعية منها اعتبار سوس مجالا لاستغلال الطبقة العاملة الزراعية من طرف الكومبرادور و الملاكين العقاريين الكبار و المافيا المخزنية ، التي تسعى للإستغلال المكثف للموارد الطبيعية من أجل الربح الوفير ، في مقابل يتم تسجيل تواطؤ النقابات و الأحزاب المهيمنة عليها مع الطبقات السائدة ضد مصالح الطبقة العاملة لعدم قدرتها على بلورة عمل نقابي كفاحي ، و عوامل ذاتية تتجلى في كون الطبقة العاملة الزراعية تعاني من الأمية و الجهل بحقوقها مما يجعلها قابلة للإستغلال من طرف القيادات النقابية البرجوازية بالإضافة إلى عامل الخوف و الترهيب الذي تتعرض له . فبعد التجربة النقابية داخل الإتحاد المغربي للشغل منذ الخمسينات و التي شارك في تأسيسها مناضلو الحركة الوطنية الفعلية بتارودانت محليا و وطنيا ، فإن القمع الذي تعرض له المناضلون السياسيون و النقابيون بسوس في بداية الستينات و الإنشقاقات الحزبية و النقابية ، ساهم بشكل كبير في إضعاف الطبقة العاملة الزراعية بسوس ، فبعدها مرحلة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل منذ بداية الثمانينات التي قادت ما يسمى بالحركة النقابية التصحيحية ، التي سرعان ما تحولت إلى عملية انتهازية خاصة عندما وصلت القيادة الحزبية المسيطرة إلى المجلس البلدي و البرلمان في بداية التسعينات ، مما فتح المجال أمام الإتحاد العام للشغالين لتنظيم العاملات و العمال الزراعيين ، التي لم تستمر نظرا لأسلوب التعامل مع الملفات النقابية و هيمنة حزب الإستقلال عليها ذي الأفق البورجوازي . و منذ سنة 2001 أخذ الإتحاد المغربي للشغل من جديد مشعل تنظيم الطبقة العاملة الزراعية بسوس و يعتبر اليوم أقوى النقابات ، و ذلك أولا نظرا لكون الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي من أقوى النقابي وطنيا في القطاع الفلاحي ، بالإضافة إلى دور مناضلي النهج الديمقراطي بتارودانت الذين يرجع لهم الفضل في إعادة هيكلة نقابة الإتحاد المغربي للشغل و تجربتهم الناجحة إلى حد الساعة في التعاطي مع الملفات النقابية ، إلا أن تجربة عاملات و عمال ضيعة الكليتة بأولاد تايمة و ما تعرضوا له من قمع و محاكمات صورية في الآونة الأخيرة ، يطرح أكثر من سؤال حول مصير العمل النقابي في هذا القطاع ، و ذلك من أجل إعادة النظر في أسلوب العمل بالجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي بتارودانت و بسوس عامة ، خاصة و أن نقابة فلاحي أولوز التابعة للجامعة تعتبر رقما جديدا لا بد من وضعه في الحسبان في أفق النضال النقابي ، خاصة و أن حركة الفلاحين الفقراء بإوزيون برهنت على قدرتها على النضال . و هكذا نرى أن ضياع حقوق الطبقة العاملة و ضعفها أمام الباطرونا ناتج بالدرجة الأولى عن تواطؤ القيادة البرجوازية للنقابات مع الملاكين العقاريين ، و المطروح اليوم على المناضلين القياديين في الإتحاد المغربي للشغل بسوس هو وضع خطة عمل برنامجية للحفاظ على القوة النقابية ، خاصة بعد نجاح مسيرة فاتح ماي 2006 و المسيرة الحمراء للفلاحين الفقراء بإوزيون يوم 07 ماي 2006 التي رفعت فيها لا فتة الجامعة الوطنية للقلاع الفلاحين ، و تحالف الفلاحات والفلاحين الفقراء و العاملات والعمال الزراعيين ليس بغريب في الصراع الطبقي ضد البورجوازية. أما عن الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب فإن تارودانت تعتبر من بين المدن الأوائل التي انخرطت في هذا التنظيم منذ بداية التسعينات ، إلا أن التجربة الأولى سرعان ما تم إجهاضها و ذلك بتوظيف رئيس مكتبها ، و بالتالي تفكيك ما تبقى من الأعضاء نظرا لما تشكله من خطر على لوبي التوظيف بالجماعات المحلية ، و جاءت التجربة الثانية في 1995 التي هي الأخرى عانت من تدخل أحد الأحزاب الذي عمل على تلغيمها من الداخل ، و لم تستطع تحقيق إلا توظيف يتيم أمام ما تعرف الجماعات المحلية من زبونية و محسوبية في التوظيف ، و رغم نضالية بعض أعضائها إلا أن ملف تشغيل المعطلين ذوي الشهادات لم ير حلا نسبيا إلا مع توظيف أزيد من 500 معطل و معطلة في التعليم كمعلمين عرضيين في سنة 2000 ، و جاءت المرحلة الثالثة التي عرفت حركة نضالية نوعية تمثلت في الإعتصامات التي نظمها مكتب الجمعية منذ شهر نونبر 2001 إلى أن تم اعتقال 32 معطلا و معطلة في مارس 2002 و محاكمتهم و إدانتهم بالمحكمة الإبتدائية بتارودانت . و رغم أن بعض الأحزاب حاولت تشتيت هذا التنظيم بتلغيمه من الداخل إلا أن مصداقية بعض مناضليه و استماتتهم و استمراريتهم ، ساهمت في تحقيق 5 توظيفات و وعدين بالتوظيف لم يتم الوفاء بهما من طرف عامل تارودانت إلى يومنا هذا ، و اليوم يعيش المعطلون ذوي الشهادات التجربة الرابعة بعد تأسيس مكتب الجمعية في نونبر 2005 لكن دون حركة تذكر ، و لا ننسى تجربة أولاد تايمة التي ما زالت في طور التأسيس و التي لم تعرف في المراحل السابقة حركة ملحوظة ، إلا في إصدار بعض البيانات و المشاركة في تظاهرة فاتح ماي في صفوف الإتحاد المغربي للشغل و دعم نضالاته.
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الثامن
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء السابع
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء السادس
-
لصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الخامس
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الرابع
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الثالث
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الثاني
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الأول
-
في الذكرى الخامسة لتأسيس الحوار المتمدن
-
حملة التضامن مع مناضلي جمعيات الجتمع المدني بأوزيوة بتارودان
...
-
من سيطرة الدين على الدولة إلى تسخير الدين أيديولوجيا
-
النهج الديمقراطي : الإنتخابات أم التجذر وسط الطبقات الشعبية
-
تارودانت / حاضرة سوس و معقل حركة الفلاحين الفقراء في مواجهة
...
-
دور التحولات الكمية لوسائل الإنتاج في التحولات الكيفية للطبق
...
-
حركة المجتمع المدني بتارودانت في مواجهة الملاكين العقاريين ا
...
-
الملاكون العقاريون الكبار بتارودانت و الإستغلال المزدوج للمر
...
-
ظاهرة الحركات الإجتماعية الإحتجاجية المطلبية بالمغرب
-
تداول السلطة السياسية بين المرأة و الرجل في ظل المجتمعات الإ
...
-
-السيد -جاك شراك- بتارودانت بالمغرب من منتجع - الغزال الذهبي
...
-
النهج الديمقراطي و الإشتراكي الموحد بتارودانت نضال مشترك مع
...
المزيد.....
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|