أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - هنيئا لدولة لا وزن لا هبة لا مواقف بجمهورية الجزائر الجنوبية















المزيد.....

هنيئا لدولة لا وزن لا هبة لا مواقف بجمهورية الجزائر الجنوبية


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 8066 - 2024 / 8 / 11 - 13:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ه
مح
مع توالي الاعترافات بمغربية الصحراء، ضاق هامش المناورة أمام الجزائر وصنيعتها البوليساريو. وهكذا، بدأت تتضح معالم الجمهورية الجزائرية الجنوبية التي أصبحت واقعا ملموسا على الأرض وواقعا تاريخيا حقيقيا أيضا. فهذه الجمهورية الموجودة في تندوف عمرها نصف قرن؛ وعمر الجمهورية الجزائرية الشمالية 62 سنة. وهكذا نرى أن فارق السن بين الجمهوريتين لا يتعدى 12 سنة.
واعتبارا لظروف النشأة وللتاريخ المتقارب بينهما، فيمكن اعتبار الجزائر الجنوبية أختا صغرى للجزائر الشمالية. وتقتضي روابط الأخوة أن تُدلِّل الأخت الكبرى أختها الصغرى. وهذا ما حصل؛ فبعد أن وفرت الجزائر الشمالية الأرض للجزائر الجنوبية، حرصت على أن توفر لها المال والسلاح وأن تُنشئ لها تمثيليات ديبلوماسية في بعض الدول، مستعملة في ذلك ديبلوماسية الشيكات والهبات بسخاء، خاصة خلال فترات الطفرة الطاقية، حتى أنها تمكنت من إدخالها إلى منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا).
وهكذا، أصبح لجبهة البوليساريو جمهورية صحراوية وهمية، لكنها جمهورية جزائرية جنوبية حقيقية وواقعية تمثل أولوية الأولويات وأقدس المقدسات لدى النظام الجزائري لدرجة أن البوليساريو أصبحت من عناصر السيادة في الجزائر الشمالية، والطعن في ذلك يعتر خيانة كبرى تستوجب أقسى وأقصى العقوبات. لذلك، أُعطي النظام العسكري كل الاعتبار وكل الاهتمام لإرساء دعائم دولة شقيقته الصغرى، بينما تم إهمال تام لحاجيات الشعب الجزائري وتطلعاته إلى التقدم والرفاه، لينتهي الأمر بهذا الشعب المقهور، المعذب في الأرض، إلى ما يعيشه اليوم من فقر مدقع وخصاص مهول في المواد الغذائية الأساسية، رغم الثروات الهائلة التي تزخر بها البلاد. ولذلك، تَحتَّم على الجزائري أن يقضي ساعات طوال في طوابير لامتناهية، لعله يحصل على كيس حليب أو قارورة زيت أو قنينة غاز أو كيلو عدس أو حمص أو لوبيا أو غيرها. وبهذا استحقت الجزائر اسم "طابوريستان". وتضاف إلى أزمة المواد الغذائية أزمة الماء الشروب، حيث وصلت مداها في بعض الولايات، "تيارت" على سبيل المثال؛ والجزائر العاصمة ليست في منأى عن هذه الآفة.
تجدر الإشارة إلى أن الجزائر الجنوبية أو الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، هي من مخلفات الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي السابق والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. وبما أن الجزائر الشمالية كانت محسوبة على المعسكر الشرقي، فقد وجدت الدعم السياسي لدى هذا المعسكر في مشروعها المتمثل في خلق دويلة وهمية تزعم تمثيل ما سمي بالشعب الصحراوي، هدفها إعاقة استكمال المغرب لوحدته الترابية.
ورغم المعارك التي خاضتها جبهة البوليساريو الانفصالية بمشاركة مرتزقة من أماكن متفرقة وفيالق من الجيش الجزائري وبدعم من عدة دول محسوبة على المعسكر الشرقي (ليبيا، كوبا وغيرهما)، فلم يتمكنوا من الاستلاء على أية قطعة من الصحراء المغربية، رغم ضراوة المعارك التي عرفتها المنطقة؛ ومنها معركتي أمغالا 1 وأمغالا 2 على سبيل المثال، تم خلالهما اعتقال ضباط وجنود جزائريين. ولا شك أن المدة التي قضاها سعيد شنقريحة، رئيس الأركان الحالي، في قبضة القوات المسلحة الملكية، لا زالت ترخي بظلالها على نفسيته المريضة بالمغرب والمسكونة به. وليس شنقريحة وحده من يعاني من عقدة المغرب؛ بل النظام الجزائري بكل مكوناته وأنصاره ونخبه السياسية والإعلامية والرياضية وجزء غير يسير من الشعب. فهؤلاء القوم كلهم مهووسون بالمغرب لدرجة الهذيان. فشنقريحة يعتبره العدو الكلاسيكي للجزائر؛ والإعلام الجزائري يتهم المغرب بكل ما يقع من كوارث في الجزائر، بما في ذلك الجفاف والجراد والحرائق والهزائم في مجال الرياضة وندرة المواد الغذائية وغير ذلك من الآفات والأزمات. وبقدر ما يراكم المغرب نجاحات تلو أخرى على المستوى الاقتصادي والتنموي والديبلوماسي والرياضي وغيره، بقدر ما تتقهقر الجزائر التي تعيش على ريع النفط والغاز وتهمل باقي القطاعات الاقتصادية الكفيلة بضمان التنمية المستدامة.
تجدر الإشارة إلى أن النظام الجزائري ركز كل اهتمامه على معاكسة مصالح المغرب وأهمل مصالح الجزائر، بحيث سخر إعلامه الرسمي وغير الرسمي ونخبه السياسية وكل أبواقه للتهجم على جاره الغربي والافتراء عليه؛ بينما هذا الأخير لا يلقي له بالا ولا يكترث به إطلاقا، رسميا أقصد، لسخافة وقذارة وسفالة جاره الشرقي. ومما يزيد من تعقيد الوضع في الجزائر، هو كومة العقد النفسية التي أصبحت مستشرية في البلاد (الجزائر مارِستان مفتوح) بالإضافة إلى عقدة الهوية وعقدة التاريخ والحضارة وغيرها.
ومن العقد النفسية التي تنخر نفسية النظام ونفسية الجزائري المُبرْدَع والمُغَيَّب، هي عقدة النقص والشعور بالدونية. وتظهر هذه العقدة جلية في تصريحات بعض المسؤولين وأفراد من الشعب والإعلاميين وغيرهم، عندما يتباهون بقوة لا يمتلكونها. فعندما يزعم أحدهم بأنهم قادرون على أخذ الصحراء المغربية في أقل من أربع وعشرين ساعة، بينما فشلوا في ذلك خلال خمسين سنة، فاعلم أن الجزائر ملآى بالحمقى والمعتوهين. وعندما يتحدث سعيد شنقريحة عن أقوى جيش في المنطقة (ومناوراته المضحكة تدل على نوع هذه القوة المزعومة)، فاعلم أنه يشعر بالضعف والهون؛ وعندما يصف عبد المجيد تبون الجزائر بالقوة الضاربة، فهو يعترف بضعف بلاده ويؤكد بكلامه بأنها قوة مضروبة اقتصاديا واجتماعيا وديبلوماسيا. والطوابير على أبسط المواد الغذائية، تؤكد هذه الحقيقة؛ فالجزائر على حافة المجاعة، ويزيد من استفحال الوضع أزمة العطش التي تضرب البلاد بما في ذلك الجزائر العاصمة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وبالعودة إلى أصل المشكل، ندرك هدف النظام الجزائري من وراء خلق جمهورية الوهم في تندوف. فقد أراد المقبور محمد بوخروبة (الهواري بومدين المزيف) أن يضع حجرة في حذاء المغرب، كما صرح بذلك في محفل رسمي دون خجل أو وجل، فتحولت هذه الحجرة مع الوقت إلى صخرة جاثمة على صدر النظام الجزائري، تخنق أنفاسه وتتسبب له في كوابيس تقض مضجعه؛ خصوصا وأن دائرة المناورة قد تقلصت وضاقت أمامه إلى حد كبير بفعل النجاحات الديبلوماسية التي يحققها المغرب والفشل الذريع الذي تراكمه الجزائر على كل المستويات حتى أصبحت دولة بلا وزن ولا هبة ولا مواقف، كما قال عنها السيد "سيرجي لبروف"، وزير خارجية روسيا عندما فسر معايير القبول والرفض في مجموعة "البريكس".
خلاصة القول، لقد وقعت الجزائر في شر أعمالها. لقد أرادت أن تعرقل استكمال المغرب لوحدته الترابية وتعيق نموه الاقتصادي، فأنشأت دويلة في تندوف باسم الصحراء المغربية، لكن المنتمين منهم للصحراء المغربية قد أصبحوا اليوم قلة قليلة بين المرتزقة الذين تم تجنيدهم من دول متفرقة وتوالدوا في المخيمات. فمن ازداد في نهاية السبعينيات أو بداية الثمانينيات من القرن الماضي، قد أصبح اليوم كهلا، ولا شك أنه قد كون عائلة هناك ولا يعرف من العالم إلا الرقعة التي يتحرك فيها. فكيف ستتصرف الجزائر مع هؤلاء؟ فالمغرب لن يقبل إلا من يثبت انتماءه للصحراء المغربية. أما الباقون فعليهم أن يدافعوا عن انتمائهم للجزائر الجنوبية التي نشئوا وترعرعوا فيها. وهكذا، أصبح قصر المرادية في ورطة حقيقية بعد اعتراف الدول الكبرى بمغربية الصحراء، بما في ذلك فرنسا التي زعزع اعترافها كيان الجزائر بكل ما تحمله الكلمة من معنى، نظرا لاعتبارات تاريخية وجيو- سياسية. ولا يسعني، هنا، إلا أن أكرر تهنئتي لدولة لا وزن لا هبة لا مواقف بهذا الإنجاز السياسي الكبير المتمثل في ترسيم دولة الجزائر الجنوبية التي تحولت من حجرة في حذاء المغرب إلى صخرة نبت بها مسامير وإبر سامة لا يتوقف وخزها في مناطق بالغة الحساسية وشديدة الألم والوجع بالنسبة للجزائر الشمالية.
طنجة في 11 غشت 2024



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفريقيا والرؤية الملكية الجيو-استراتيجية
- حكومة التغول وبدعة حوارات المواطنة: صيغة منقحة في الإفساد وا ...
- التغول السياسي إفساد متعمد للمؤسسات التمثيلية
- هل هي عدوى الغباء الجزائري، أيها السفير، أم أن للأمر علاقة م ...
- عن إجرام النظام العسكري في حق الشعب الجزائري
- الجزائر، طال الزمن أم قصر، ستعود إلى حجمها الطبيعي
- رسالة مستعجلة موجهة إلى منظمة الصحة العالمية: أنقذوا الجزائر ...
- البلطجة أسلوب حكم في الجزائر والكذب خط تحريري لإعلامها
- هل بمحض الصدفة التقى كلام نبيلة منيب مع بعض كلام عبد القادر ...
- أعداء الداخل يُقلِّلون من شأن وطنهم ويُعلون من مكانة البلدان ...
- لماذا رفْع الدعوى أمام محكمة العدل الدولية وليس أمام المحكمة ...
- المغاربة المعادون للدولة المغربية والملمِّعون لصورة الجزائر ...
- ما السر في دفاع بعض المغاربة عمن لا يكن للمغرب إلا العداوة و ...
- في مراكش، لا تكاد تنتهي قمة حتى تبدأ أخرى، ولا عزاء للحاقدين ...
- عن السقطة المدوية لأبي زيد الإدريسي
- الاستقبال الأسطوري لملك المغرب في الإمارات طرطق مرَّارة الأع ...
- ما هذا العبث يا وزارة التربية الوطنية ويا حكومة الكفاءات؟
- المُبيِّضون لصفحة إيران، هل هم عُملاء أم سُذَّج أم أصحاب أجن ...
- البوليساريو: من حَجْرَة في حذاء المغرب إلى كابوس على صدر الن ...
- مجرم حرب يتحدى العالم


المزيد.....




- الكويت: سطو مسلح على مكتب صرافة.. ووزارة الداخلية تكشف تفاصي ...
- بعد توغل أوكراني في كورسك.. قصف جوي روسي مكثف على كييف ومقتل ...
- الجيش الإسرائيلي يعتقل 16 فلسطينيا في الضفة الغربية
- أردوغان يستقبل نجلي هنية مقدما العزاء
- من سيقاتل إلى جانب إيران؟
- -أريد أن أستعيد حياتي- – العبارة التي تهدد آمال هاريس في الف ...
- لماذا يتحمّل الاتحاد الأوروبي سلوك أوكرانيا؟
- خبير صيني: بريكس تعزز تفوّقها على مجموعة السبع
- -الأورومتوسطي- ينشر تحقيقات أولية تشير إلى خلو مدرسة التابعي ...
- بسبب -شهر عسله- ومواقفه من الصين.. نائب هاريس يواجه انتقادت ...


المزيد.....

- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - هنيئا لدولة لا وزن لا هبة لا مواقف بجمهورية الجزائر الجنوبية