أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حمد - تحديث الذاكرة وتنقية العقل الباطن من الشوائب














المزيد.....

تحديث الذاكرة وتنقية العقل الباطن من الشوائب


محمد حمد

الحوار المتمدن-العدد: 8065 - 2024 / 8 / 10 - 19:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


آمل ان لا يتوهّم القارئ الكريم ويعتبر انّ للعنوان "الرنّان" لمقالي هذا علاقة بالفلسفة التي أصبحت، في عصر الفيسبوك وامثاله من مواقع التواصل الاجتماعي، مرتعا خصبا وحديقة غنّاء لكل من هبّ ودبّ من حاملي الاقلام - السيوف الجاهزة دائما للذود عن اصحابها المتفلسفين.
ان كل ما اعنيه في "تحديث الذاكرة" هو ان العراقيين، اكثر من غيرهم بكل تاكيد، هم من اشدّ البشر التصاقا وهياما، اذا جاز التعبير، بالماضي البعيد، والابعد منه على وجه الخصوص. ومن يتابع احوال وشؤون اهل العراق سيجد دون عناء كثير ان المواطن العراقي في داخله يعيش الحاضر بثياب الماضي. وينظر إلى مستقبله بارتياب وحذر شديدين وكانه يخشى التقرّب منه. وفي اغلب الاحيان يبدو أن امر المستقبل شأنٌ لا يعنيه. ولا يخطر على باله.
في عراق اليوم تبذل جهود جبّارة واموال طائلة وأوقات ثمينة من أجل استحضار الماضي بشتى الطرق وحسب ضرورات المرحلة والمصلحة الراهنة. وعادة ما يكون الدين، الذي ليس له اي ذنب مباشر على الاطلاق، مسرحا مفتوحا لتدوير واستنساخ احدات مضت عليها عشرات القرون.
فبعد ان تمّ استئصال غريزة المواطنة من قلب ومشاعر العراقي واختفى وطنه من حياته اليومية، لم يبق امامه ملاذ آخر آمن" سوى العودة الى ماضيه "المجيد" ليجده مُجسّداً في القبيلة والطائفة والقومية والمنطقة الجغرافية. وكأنّ الجميع استغنوا عن الوطن. فراح الكل يبحث له عن"جذور" في مكان ما من الماضي التليد. ينتقي منها ما طاب له من امجاد وبطولات وشخوص حقيقية او وهمية يواجه بها حاضره الاعزل ! وبطبيعة الحال هناك دائما من لديه شهية خاصة نابعة عن ضيق افق وفقر روحي، لاستيعاب وهضم كل ما يُقال وينشر على الملأ.
نحن في العراق نعيش ثلاثة ارباع الزمن الممنوح لنا في هذه الحياة نجترّ الماضي. ونعيد اجتراره عدة مرات حتى يتحوّل الى حاضر حقيقي يفرض حضوره على الجميع، وفي كل مناسبة.
وبالتالي من النادر جدا ان يكون لنا مستقبل واضح المعالم طالما بقينا نؤمن بالغيب وحده وليس لدينا بدائل اخرى. نحن لا نكفّ عن النظر طويلا الى الوراء في كل خطوة يُفترض انها تقودنا الى الامام. نعيش يومنا بشكل حميمي ليس كحاضر مُعاش، بل كماضٍ مجتر ومكرّر على مدار الساعة.
ان لجميع شعوب الارض تاريخا تفتخر به ولا احد ينكر ذلك عليهم. ومن تاريخهم الماضي استطاعوا استخلاص افضل ما فيه من قيم ودروس وعناصر ايجابية اخرى دون الإساءة لاي طرف، وبنوا عليها حاضرهم المشرق ووضعوا اسسا ثابتة لمستقبلهم الواعد. وكفّوا عن الحديث الممل والرتيب عن ابطال وقادة واساطير ومعجزات حصلت في كذا زمان او في كذا مكان. والظاهر هو ان الفرق بيننا وبين بقية "بني آدم" هو اننا نتراجع "بطيبة خاطر" كلما تقدم بنا الزمن الى الامام. وكاننا نخشى الفناء والزوال اذا خرجنا من مغارة الماضي المعتمة. بينما يجري الآخرون مسرعين الى الامام، أفرادا وجماعات، وكانهم في سباق دولي لا يحصل الا مرّة واحدة في الحياة. ويمكن القول ان حاضر الأمم هو امتداد لماضيها مع الكثير من التنقيح والتعديلات الجوهرية والاضاقات الضرورية. اما نحن فحاضرنا هو بكل بساطة ماضٍ متواصل في الزمان والمكان. اضيفت اليه بمرور السنين تغييرات جوهرية مقتبسة من ازمنة بعيدة. لتضفي عليه سِمات وخصائص "حاضر" ملائم لجميع المراحل التاريخية. ولكنه في واقع الحال غارق في غياهب الماضي السحيق.
وزبدة كلامي اخي القاريء، هي اننا كعراقيين بحاجة ماسّة الى عملية تعديل وتحديث في ذاكرتنا الجمعية التي توقّفت، لاسباب تخصّنا نحن فقط، عن التحديث الاوتوماتيكي (كما يحصل في الموبايل) يرافقها نوع من الغربلة الدقيقة في مكونات عقلنا الباطن لكي نضع اقدامنا على الطريق الصحيح، كبقية امم وشعوب العالم المعاصر...



#محمد_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث مشاهد من مخلّفات الزمن الجميل
- صاروخ ام قذيفة؟ تعدّدت الاسبابُ والموتُ واحدُ
- هل سيمرّ اغتيال اسماعيل هنية مرور الكرام؟
- أعيدوا إليّ اسمائيٓ المستعارة
- خبر عادي جدا: عشرات القتلى والمصابين الفلسطينيين بقصف اسرائي ...
- محكمة العدل الدولية فسّرت الماء بعد الجهد بالماءِ !
- العراق دولة علماندينية
- ذاكرة في مهبّ الريح
- الزلّة التي قصمتْ ظهر البعير جو بايدن
- عمار الحكيم ماليء الدنيا وشاغل الناس !
- الطول طول النخلة والعقل عقل الصخلة....جو بايدن مثالا!
- عودةُ الابن الضال إلى بغداد...عاد نادماً ام ناقماً؟
- شيطنة الشيطان بوسائل غير شيطانية
- أربعة رؤساء مع مهزومين وخامسهم كلبهم
- البحث عن النزاهة في أماكن غير نزيهة
- احلام يقظة في احلام صيف !
- البيت الابيض لا ينفع في اليوم الاسود
- لاوكرانيا ملايين الدولارات ولفلسطين الصبر والسلوان !
- خلطة العطّار زيلينسكي
- توطين المواطنين قبل توطين الرواتب


المزيد.....




- -الصواريخ النووية تنطلق بعد 5 دقائق- .. مزحة ريغان السمجة كا ...
- -مهرجان براغ للفخر- يُختتم اليوم باستعراض قوس قزح
- منظمو حملة ترامب الانتخابية يقولون إن رسائلهم الداخلية تعرضت ...
- قروي روسي من مقاطعة كورسك يقبض على جندي أوكراني ويسلمه للسلط ...
- ترامب يعلق على -اختراق إيران لأحد مواقعه الإلكترونية-
- الداخلية الكويتية: سحب الجنسية من 850 شخصا وقوانين جديدة راد ...
- -ليس لديها أي أفكار-.. ترامب يتهم هاريس بـ-الانتحال-
- مقاومون يشتبكون مع قوات الاحتلال ويستهدفون آلياتها في نابلس ...
- بالأرقام.. كيف أثر طوفان الأقصى في الهجرة العكسية من إسرائيل ...
- -تحول كبير- عقب دخول هاريس سباق الرئاسة الأميركية


المزيد.....

- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حمد - تحديث الذاكرة وتنقية العقل الباطن من الشوائب