أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - مجازر اليوم والجدار الحديدي قبل مائة عام وعام















المزيد.....


مجازر اليوم والجدار الحديدي قبل مائة عام وعام


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8065 - 2024 / 8 / 10 - 14:45
المحور: القضية الفلسطينية
    


يزعم قادة إسرائيل والامبرالية في الغرب ان إسرائيل، بما ترتكبه من مجازر جماعية يومية وما يصاحبها من تدمير شامل للإعمار، إنما تدافع عن نفسها. يكشف الأكذوبة مخطوط حدد معالم الحركة الصهيونية وسيرورتها بفلسطين . احتفل نتنياهو بمئويته ويواصل بدون كتراث تنفيذ بنوده وفق منهجية كي يشق الاستعمار الاستيطاني الصهيوني طريقه بفلسطين. عاد نتنياهو الى عام 1923 ، حيث شهد طرح خطة الاستعمار الاستيطاني الجاري فرض خاتمة له في الوقت الراهن، مضمنا في مقالة "الجدار الحديدي" نشرها فلاديمير جابوتينسكي (1880-1940). أنشأ جابوتينسكي الفكرة وأنشأ حزب حيروت الذي سينفذ الفكرة. يلفت الأنظار ان جابوتينسكي رغم تعلقه بفاشية موسوليني في إيطاليا وأرسل بعض الشباب من حزبه للتدرب على الملاحة البحرية بالموانئ الإيطالية ، وتناسلت من حزب حيروت منظمات إرهابية ثم تطور الحزب الى الليكود الحالي بنهجه الإرهابي الدموي، ووصمه بن غوريوتن مرارا بالفاشية.. رغم ذلك كله قدم جابوتينسكي رؤية ليبرالية للشعب الفلسطيني "أهل البلاد الأصليين "، " ليسوا رعاعا بل شعب حي"، ومقاومتهم للمشروع الصهيوني إجراء عادي يمارسه كل شعب حي؛ نظرا لذلك يوصي جابوتينسكي بمراكمة عناصر التفوق على مقاومته: "علينا استنفاذ كل أمل لديهم في الخلاص من شباكنا". بصراحة دعا جابوتينسكي الى استعمال القوة ، ومراكمة عناصرها بحيث يستحيل على الشعب الفلسطيني الفكاك من قبضتها؛ والجدار الحديدي الذي يستحيل اختراقه مكون من جيش متفوق القدرات وكذلك المستعمرات بالمناطق الاستراتيجية من فلسطين، وتعبئة الجمهور اليهودي بالعنصرية والكراهية العرقيةالخ، كي يفقد الحساسية الإنسانية حيال مجازر القتل؛ إذ كتب في مقالته الشهيرة:
"كل السكان الأصليين في العالم يقاومون المستعمرين... وطالما أن العرب يشعرون أن هناك أقل أمل في التخلص منا، فإنهم سيرفضون التنازل عن هذا الأمل مقابل الكلمات الطيبة أو الخبز والزبدة، لأنهم ليسوا رعاعًا، بل شعب حي. وعندما يستسلم شعب حي... فهذا لن يكون إلا مع نفاذ أي أمل في التخلص منا، لأنهم لا يستطيعون إحداث أي ثغرة في الجدار الحديدي." بقي ان نضيف ان معاونجابوتينسكي في تدبيج المقالة والترويج لفكرة الجدار الحديدي، سكرتيره المدعو بن زيون نتنياهو، والد رئيس حكومة إسرائيل ، وامتد به العمر الى ان أصبح ابنه رئيس حكومة الاستعمار الاستيطاني ، وشرع ينفذ وصية "الجدار الحديدي" بحذافيرها باستثناء وصف خصومه "سكان البلاد الأصليين" أو "الشعب الحي"؛ إنما وصفهم ب"العماليق" في حكايات التوراة. بنيامين نتنياهو عرف بعنصريته والتحريض العرقي ضد الشعب الفلسطيني. عيّنةّ من تحريضه العنصري ورد في خطاب ألقاه في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2023. دعا الى "ضرب عماليق وحرّموا كل ما لهم ولا تعفوا عنهم؛ بل اقتلوهم، رجلا أوامرأة، طفلا أو رضيعا، بقرا وغنما، جملا وحمارا». تطايرت دعوات التحريض على الإبادة الجماعية، مثل ضرب غزة بالقنبلة النووية ، واهل غزة جميعا مسئولون عن حادث يوم 7 اكتوبر ، ويجب إنزال العقاب بهم جميعا . نفّذ نتنياهو وزمرته ، مستلهمين إيديولوجيا الإ[ادة الجماعية الجابوتنسكيية؛ متتبعين خطاه بدقة "نحن ذاهبون [إلى] فلسطين أولاً، من أجل مصلحتنا الوطنية، [ثانيًا] لكي نمحو تمامًا كل آثار الروح الشرقية". وهاهم يحاولون محو الشرقية روحا وتجسيدا ممثلة في الوجود البشري بقطاع غزة. في هذه الأثناء سوف تواصل الامبريالية الادعاء أن إسرائيل تدافع عن نفسها ، ليس جهلا بالتاريخ، فالامبريالية تنطوي في سياساتها على الاستغلال والعدوان وعلى قدر لا ينضب من الأكاذيب.
بن غوريون امتلك أيضا قدرا من الصراحة مع نشوة الانتصار ، وقال " نحن سرقنا أرضهم؛ صحيح ان إلهنا وعدنا بها، لكنه ليس إلههم والأمر لا يعنيهم ". اما غولدا مائير فتوجهت بسؤال استنكاري : أين هو الشعب الفلسطيني؟! ثم ارتأت الصهيونية توصيف تمسك الشعب الفلسطيني بالأرض- الوطن "إرهابا"؛ والإرهابي مقاتل بلا ترخيص ، وبلا حقوق، يباد بلا رحمة . حصل ذلك قبل سنوات من تفجيرات 11 أيلول وإعلان بوش الابن حربه على الإرهاب، وإعلان ياسر عرفات "هو المشكلة وليس الحل" تمهيدا لاغتياله. وخلال الأشهر العشرة الماضية عومل الفلسطينيون اينما ثقفوا كإرهابيين، في ديارهم ومستظلين بسقوف بيوتهم وداخل سجون الاحتلال !!

تغييب السياسة

تجري الاضطهادات للجماهير الفلسطينية في ظروف ضعف خبرتها السياسية؛ وقع الإرهاب على الجماهير واستجابتها لوخزاته يتنوع بتنوع التجربة السياسية. أجرى خبراء علم النفس أبحاثا حول أثر العنف الفاشي على الجماهير الضحايا؛ إحدى التجارب اجريت على ضحايا انقلاب بينوشيه الفاشي بتشيلي. تبين ان الجمهور المسيس صمد للتجربة ، أدركها تصرفا فاشيا لعتاصر الردة. اما الأفراد المهمشون ممن حالت ظروف معينة دون دخولهم تجارب سياسية سابقة وطالتهم أذرع الإرهاب الجماعي فقد أوصلهم الذهول الى الجنون. لم يحتملوا المكابدة وفشلوا في الصمود.
القاعدة المثلى في النضال السياسي يتم من خلال الجماهير وبمشاركة تتعاظم باضطراد مع التثقيف والتربية السياسية يتولاها حزب او جبهة ثورية، وهذا ما لا يفطن اليه نجوم الفضائيات للأسف الشديد .

الثورة لا تنجز بمحض الطلب؛ إنما هي انتفاضة جماهير واعية ومنظمة تتوج الحراك الشعبي الديمقراطي والمقاومة الشعبية المتنامية باضطراد لدرجة تجلي التناقض التناحري بين الجماهير ونظام الحكم ؛ فتحسم الانتفاضة المسلحة، وخلال فترة وجيزة، استعصاء السيطرة الطبقية، وقد فقدت هيمنتها. حينئذ تلتف الجماهير المنطلقة حول الانتفاضة تغذيها وتتغذى بإيقاعاتها الثورية وإنجازاتها في مختلف المجالات، وتجد الحماية في كنفها.اما ان يتم التعسف بحمل السلاح ويطلق عليه ثورة فهذا بمثابة قفزة بالمجهول، تسفر عن تهميش قطاع كبير من الجماهير المتخلفة لسبب او آخر عن حمل السلاح والالتحاق بالثورة ، وانكشافها امام إرهاب السلطة التي تتحول الى فاشية . ينطبق هذا حتى على الاحتلال الأجنبي.
أغرت حالات الضياع وفقدان الترشيد السياسي للجماهير الهائمة في أرجاء القطاع بعد الثامن من اكتوبر 2023، الجيش الصهيوني على إخضاع الجماهير لانتقامه الفاشي و حرمان الجماهير من كل حماية ، عرضة للموت في كل لحظة، في الليل او النهار. تارة تؤمر بالتوجه جنوبا فتنصاع الجموع ، وتارة الى الغرب ، ومرة الى الشرق والى الشمال ؛ لا يستهدف حماية الجماهير ، إنما تدورخها وإفقادها الرشاد. يحدد الجيش موقعا آمنا لتتقاطر إليه الجموع الهائمة على وجهها وتضرب بقسوة فظة الجماهير حين تفقد الإرشاد السياسي وتنصاع لأوامر عدوها يُدخلها في متاهة تُفقدها الرشاد وقد تُفقدها الإرادة والتفكير السليم.
حدث في غزة قبل حرب الإبادةـ إبادة سياسية تعاون في تغذيتها الاحتلال مع سلطة الحكم ، قاعدتها تهميش الجماهير: حظر ت عليها سلطة الحكم في غزة الحراك الديمقراطي وانتخاب ممثليها الى الهيئة التشريعية وفي المجالس البلدية ، وحرم العمال من الحياة النقابية السليمة. من جهة الاحتلال يستفز الفصائل الفلسطينية المسلحة الى الصدامات المسلحة ، وغالبا ما تستجيب بانفعالية وهي غير مهيأة، لتخوض صداما غير متكافئ والجماهير تتفرج، تفضي المنازلة غير المتكافئة الى نكسة تفاقم عنصرية المحتل، وتزيد اوضاعها تعقيد. كان نهجا متعمدا للقيادة الإسرائيلية، استهدف إعاقة وتعطيل الحياة السياسية في المجتمع الفلسطيني. تركز اهتمام الفصائل على تربية الكوادر المقاتلة ؛ ادركت بعد فوات الأوان ضرورة حماية قواعد شعبية ل"الثورة"؛ وراحت نوجه النداءات للجماهير كي تتحرك؛ قد تستجيب شرائح ضيقة؛ لكن النضال الشعبي يتطور بالوعي يكتسبه في فترة هدوء، حيث تستجيب الجماهير للتوجيهات وتتفاعل مع التربية السياسية. في فترة الهدوء تتثقف الجماهير وتتجاوب مع الطليعة السياسية. و الكفاح المسلح كي يتواصل ويتطور حتى بلوغ الغاية المنشودة لا بد له من حاضنة جماهيرية مستندة الى حراك شعبي ديمقراطي. وحين تنفض الجماهير من حول المقاومين بالسلاح وتمضي الى متاهة فذلك يضعف الى حد كبير الطاقة الكفاحية للفصائل المسلحة.
القيادة الدينية والقيادة العلمانية للمقاومة الفلسطينية تستهينان بدور الجماهير في التغيير الاجتماعي والتحرر الوطني. فارقت حماس وحركات المقاومة الإسلامية شعار "الإسلام هو الحل" وطفقت تبحث عن مصادر القوة في العلم ؛ انفتحوا على العالم المحيط وبحثوا وحللوا وباتوا علمانيين بامتياز. برز في أوساطهم باحثون وخبراء في قوانين الطبيعة ونواميسها ، صنعوا الصواريخ والمسيرات ومختلف أدوات الحرب المتفوقة في ميادين؛ بحثوا في علوم المجتمع وفي النفسية الاجتماعية ، ولم يفرقوا عن قوى التغيير الاجتماعي في شيء. تجد السيد حسن نصر الله يتحدث عن ارتباك العدو ويؤكد انه ابتلاهم به بعض العقوبة على الاغتيالات. فلماذا التركيز على مسمى المقاومة الإسلامية في لبنان والعراق وغزة واليمن وإيران، ولسوريا وضع خاص مع ان مركز اهتمامهم الوطن الفلسطيني، وهم يشملون الوطن في اهتمامهم؟ هذا الإصرار على تمييز حركاتهم بالإسلامية رغم انهم يخدمون قضايا وطنية ومركز اهتمامهم الوطتن الفلسطيني.فلماذا يتجنبون اسم المقاومة الوطنية ، اكثر ملاءمة لطبيعة المهمة التي يتصدون لها؟ ففي معترك المقاومة يشارك عناصر من غير المسلمين، جتى ان الحرب الجارية اجتذبت لدعمها جموعا يهودية أعلنت ان نتنياهو لا يمثلها. إيران تقيم علاقات تعاون مع انظمة يسارية في مناطق أخرى ، خاصة في اميركا الجنوبية، لكنها في منطقتها تتحفظ حيال الحركات غير الإسلامية . من الناحية التكتيكية لم تترك التسمية اثرا سلبيا،حيث القضية المركزية التحرر من السيطرة الامبريالية – الصهيونية، فنجد اليسار والقوميين يساندون حماس ؛ بينم ينتظر المستقبل تحولات اجتماعية لصالح المحرومين والمهمشينيخشى ان تستبد المحافظة تعيق إنجاز التحرر الإنساني على المدى الاستراتيجي .
المحزن ان جماهير الضفة جرى تهميشها كذلك، ويكاد لا يذكر تأثير النشاط اليساري بين أوساطها. ان شعبا يتهدده خطر التهجير ، يجري التضييق على معيشته ويتعرض للحصار ضمن كانتونات مشتتة وتحيطبمواقع سكناه القواعد العسكرية والمستعمرات تحوي فاشيين مسلحين، وتقطع طرق المواصلات مراكز تفتيش وتعطيل ربما لساعات، علاوة على التجويع والتعطيش وقطع الكهرباء وفرص العمل ، وجميعها بتصرف سلطات الاحتلال..، إن شعبا تحيط به مثل هذه الأوضاع المزرية ، وينتظره ما هو أسوأ يضطره للهجرة " الطوعية" لا يمكن ان يقاوم نهج التهجير الذي بات مشروع الساعة بدون قيادة قوة او جبهة ثورية تقدم الوعي والخبرات الكفاحيةوالتنظيم . يقول المثل " ماذا ينفع العليق ليلة الغارة؟!" استهجانا لتعطيل الإعداد الى أن تقع الواقعة. يتوجب استلهام مثال الضياع في ربوع القطاع لتهب الفصائل لتنفيذ حملات حشد وتعبئة وتنوير بالضفة الغربية كي لا تبقى الجماهير مهمشة ، وكي لا تفاجأ بالأسوأ، وحتى تتهيأ نفسيا وفسيولوجيا للمقاومة. الصمود والتصدي لا ياتي غب الطلب ،حماسة معدية، أو استجابة لنداء؛ إنه حصيلة مران وتدريب وتهيئة نفسية وفكرية تتحدى العنف.

عنف الفاشية
الإبادة الجماعية الماثلة في الحرب طوال أشهر عشرة بلا توقف تتجسد في التقتيل الجماعي وفي التعذيب الوحشي للسجناء وتحويل القطاع الى سجن فعلي، يحجز البشر في ارجائه تحت تهديد الموت المباغت وبالتجويع والوعيد بدوام الحالة أشهرا اخرى وسنين، دون مبالاة بالقوانين والمعاهدات والاتفاقات الدولية وبدون اكتراث لقرارات العدالة الدولية. بمسوغ جدار جابوتينسكي يتوعد سموتريتش سكان غزة بالموت جوعا وعطشا. اطلق قاعدته الفاشية منذ سنوات. على الفلسطينيين اختيار بديل واحد من ثلاثة: البقاء حيث هم مع الحرمان من الحقوق السياسية او التظلم من اضطهاددات وتضييق سبل العيش؛ الهجرة خارج فلسطين ؛ التمرد بالسلاح كي يجهز عليهم بالسلاح. الحقيقة ان تحويل فلسطين باكملها الى دولة يهودية فاشية تستأصل حتى اليهود المعارضين للفاشية، إن هذا الهدف يستدعي مطاردة كل من يحمل الاسم الفلسطيني كي لا تظل ماثلة سرقة وطن، لن يتركوا للراحة بالأردن ولا بمنطقة الشرق الأوسط وحتى بالعالم كلة ، سوف تطاردهم اغتيالات التصفية. هذا ان نجح اجدار جابوتينسكي. مرارا وتكرارا أعلن نتنياهو، بغطرسة المؤمّن على نفسه من محاسبة او عقاب، انه لن ينصاع لضغوط او احتجاجات او قرارات محاكم دولية ، وسوف يواصل الحرب أشهرا بل سنين ، وغايته قهر البشر وسحق إنسانية الأحياء ، بحيث تنهار الدفاعات الأمامية للعقل والإرادة . فحيث يتعذر إبادة الجميع يتوجب سحق إنسانية الباقين على قيد الحياة. يواصل نتنياهو الحرب مستهدفا سحق الجماهير من اهل البلاد ، وليس من اجل البقاء في السلطة. ولو لم تكن مواصلة الحرب من اجل انجاز المشروع الصهيوني لوجد نتنياهو من يركله "ديمقراطيا" خارج سلطة الحكم.

يراد لهذا العنف البهيمي أيضا ردع الشعوب المتطلعة للحرية . حقا فقد شعرت جميع دول الامبريالية والقوى المرتبطة بها ان هبة الشعب الفلسطيني تهديد مباشر لهيمنتها، ومثال قد يلهم بقية الشعوب المضطهدة، ويشجعها على العصيان؛ فتقاطر رؤساء الدول الامبريالية يشدون على يدي نتنياهو، يحرضونه ويعدونه بتقديم الدعم المادي والمعنوي للحرب الظالمة ضد الأطفال، ويوفون بالوعود؛ منع بايدن مرارا وقف الحرب ، الأمر الذي ينتهك ميثاق الأمم المتحدة؛ وما زال بايدن يرفض وقف الحرب بدون انتصار جيش الاحتلال بالمواجهة؛ فهزيمنه تؤذن بتهاوي نظم الهيمنة الامبريالية. التوسع الاستيطاني وإحكام الجدار الحديدي حول الوجود الفلسطيني نهج حظي ويحظى بتأيي الامبريالية ، والأميركية على وجه الخصوص.
من هو صاحب القرار في السياسة الشرق أوسطية: إسرائيل ام الإدارة الأميركية ؟ ليس ايا منهما ؛فالصهيونية والامبريالية صنوان يقرران السياسات ويمليانها على الطرفين ؛ وفي حال بروز خلاف يحكم ممثلو الاحتكارات في الخلاف. العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تختلف عنها بين الولايات المتحدة واي دولة أخرى. الطبقة المسيطرة في كلا البلدين مندمجة عضويا .
كما تحدّت حماس يوم 7 أكتوبر الجدار الحديدي حين انطلقت نحو غلاف غزة؛ حملت ردة فعل دولة الصهاينة في جانب منها مسعى لحمل المقاومة الفلسطينية على نسيان الواقعة ، وإعادة إحكام "الجدار الحديدي" وإغلاقه .
و قوض يوم 7 أكتوبر النظرية الصهيونية بأن إسرائيل هي الملاذ الآمن الوحيد لليهود. احرج الجيش الإسرائيلي. وشأن كل ردة سياسية ، تقسو بفجور في معاقبة "الخارجين على النظام" . لا تكتفي بالعنف الفسيولوجي ، إنما تمعن في تحطيم إنسانية البشر، كي لا يفكروا في التحرر وينسوا مبادئ الديمقراطية.
هل يصدق عاقل ان أجتثاث حماس يتحقق من خلال هدم المباني على رؤوس اللائذين بها ؟ حقا نتنياهو يمارس القتل بالجملة، يشن حرب إبادة الشعب الفلسطيني؛ وهذ ا الهدف غير المعلن ينكره نجوم الفضائيات العرب، وهم يكررون ان نتنياهو فشل في تحقيق جميع أهدافه ! وهذا إهانة لذكرى الضحايا الذين تجاوزوا المائة الف. الإبادة الجماعية هدف رئيس للحرب كمقدمة لإحالة فلسطين، على مراحل، وطنا بلا سكان، او أوسع حيز بأقل عدد ممكن من البشر؛ ما من سياسي مطلع بالعالم إلا ولديه القناعة بما جزم به غرانت إنسكيب، الاستراتيجي الأميركي، ان "دولة إسرائيل لا تريد أكثر من اجتثاث الفلسطينيين من كل أراضيهم، وذلك ما يريده المخططون في واشنطن، إن أمكن تحقيق ذلك. ليس للإسرائيليين موقف معتدل في هذا الشأن؛ فلدى الجميع، من الفاشيين اليمينيين المتطرفين إلى العناصر الأكثر وسطية في السياسة الإسرائيلية، نظرة جوهرية لفلسطين جزءًا من إسرائيل". نجد هذا الهدف في مضامين حروبهم العسكرية والنفسية والإعلامية .
حقا تخدم الحرب الهمجية التي لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث وربما في كل العصور، مهمة العودة عن مبادئ القانون الدولي الإنساني؛ باعتقاد ان إجراءًا همجيا يتكرر يغدو امرا مقبولا وممارسة عادية. وحين يدعي نتنياهو انه بأفعاله يقف بجانب الحضارة ، بينما المدافعون عن الحياة وعن حرية وطنهم هم الهمج، فإنه يقلب المعايير المسيّرة للحياة الدولية : ردة عن مبادئ القانون الدولي الإنساني التي أُقِرت في مسعى اجتثاث الفاشية يجري التراجع عنها بموافقة معسكر الامبريالية والحركات الفاشية التي تنمو في أحشائه ؛ الدول الرٍأسمالية تحيي الفاشية في ظروف ازماتها المتفاقمة، تبعث الحياة من جديدة في التطرف اليميني، والديني على وجه الخصوص. تتعايش الليبرالية مع احتمالات الفاشية ، وتخلي الليبرالية المكان طوعا للفاشية إذا ما شعر سدنة النظام خطرا ياهدده. نتنياهو، هذا الجسور على الكذب وليّ عنق الحقيقة، مثلما يلوي أعناق البشر، يستخف بصراحة مطلقة بحكم محكمة العدل الدولية - "هراء مطلق مكتمل " لا يتورع عن الكذب إذ يدعي ان ضحايا القصف الجوي المتواصل للبيوت والمدارس والمشافي طوال عشرة أشهر مجرد "وفيات المدنيين في غزة بأدنى المستويات"، والجيش الذي يدفع الملل بإطلاق النار على المارين بالشوارع "يجب الثناء على الجيش الإسرائيلي، وليس انتقاده" . اما "الأمريكيون الذين يتظاهرون من أجل القضية الفلسطينية فهم "يقفون مع القتلة"، وهم "البلهاء المفيدون لإيران"، و "الفلسطينيون يمكن مقارنتهم بالألمان واليابانيين أيام الحرب"، و حربه ضد جماهير غزة " هذا ليس صراع حضارات، إنه صراع بين البربرية والحضارة”، صراع، بالطبع، يمثل فيه قاتل البشر بالجملة الموقف الحضاري! بمنطق العدالة كما طرحه باتريك لورنس المناضل البريطاني من أجل حقوق الإنسان، " خطاب مثقل من أوله لآخره بمثل هذه التلفيقات"، ويضيف " أحصيت 72 تصفيقًا بينما كان مجرم الحرب الفعلي يتحدث، جميعها باستثناء سبعة تصفيقات من الصف الأول"؛ يزيح القناع عن كون المصفقين ماجورون في تصرفهم الأرعن الذي لا يليق بممثلي الشعب الأميركي: " دعونا لا ننسى أن الغالبية العظمى من جمهور نتنياهو قبلوا شكلاً أو آخر من أشكال الرشوة من اللوبي الإسرائيلي". وينقل عن جون وايتبيك، المحامي الدولي المقيم في باريس، في مذكرة تم توزيعها بشكل خاص بعد ظهر الأربعاء[ يوم إلقاء المحاضرة]:"كل من راقب هذا المشهد لا يمكنه إلا أن يستنتج أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد دولة مستقلة محترمة، نظرا لكونها منذ سنوات عديدة، شركة تابعة مملوكة بالكامل لدولة إسرائيل، ولهما قيم مشتركة، ترفضها بحق الأغلبية الساحقة من البشرية.".
جون وايتبيك صاغ من قبل المعادلة الذهبية؛ مشروعان لحل الإشكال الفلسطيني: دولة فلسطينية مستقلة بجانب دولة إسرائيل تطالب بها 137 دولة [ ارتفع الرقم بعد ذلك] و مشروع إسرائيلي للسيطرة على كامل الأرض الفلسطينية بعد تهجير سكانها الأصليين ؛ وكل من يتأتئ أو يتخلف عن دعم مشروع الأغلبية الدولية إنما يدعم بلا مواربة المشروع الصهيوني. وهذه حال دول أميركا الشمالية وغربي اوروبا.

قادة إسرائيل الحاليين هم ورثة جابوتينسكي والمنفذون لوصيته الجدار الحديدي ، يدعمهم معسكر الامبريالية. تنهمك الإدارة الأميركية في مناورات وخدع وغدرتورط من خلالها المقاومة الفلسطينية في مطبات وتشغلها بمفاوضات عقيمة، بينما يجري إحكام الجدار الحديدي حول أعناق الفلسطينيين. الامبربالية الاميركية، ومنذ إنشاء الدولة الصهيونية ، لم تتخلف عن دعم توسعها والدفاع عن سرقة الأراضي الفلسطينية. لم تطرح يوما مشروع تسوية إلا وتهدف من ورائه إبعاد التسوية مع تعزيز نفوذها الامبريالي بالمنطقة وطمس احد اوجميع القرارات الدولية بصدد الوضع الفلسطيني؛ تستخدم التفاوض وسيلة إلهاء و تعطيل وتضليل وشطب قرارات دولية.
رغم التجارب المريرة مع الوساطة الأميركية ، ورغم الدعم المكشوف والمتحدي لحرب الإبادة الجماعية فقد وجدت إدارة بايدن من يتجاوب مع مقترحها للتسوية! وافق ممثل حماس على مقترح مدير السي آي إيه ورفضه نتنياهو وحمّلت مسئولية الفشل على الجانب الفلسطيني! وزير الخارجية شد على يدي نتنياهو برفض المقترح ، ولم تجد دولتا "الوساطة" العربيتان في ذلك ما يسيء الى كرامتهما الوطنية!. وما إن صرح بايدن في محاضرة أثناء دعايته الانتخابية عن شروط تسوية حتى تلقاها المفاوض الفلسطيني، بينما اللياقة تقضي بمراعاة مشاعر الحزن لإبادة عشرات الاف الفلسطينيين بالسلاح المقدم من إدارة بايدن، والدعاية الانتخابية في الولايات المتحدة وجميع دول الراسمال تتخللها الوعود الكاذبة. وبالفعل تراجع بايدن عما ورد في خطابه الى طرح المقترحات التي لتقدم. يواصل نتنياهو الاعتراض مع مواصلة حرب الإبادة الجماعية ومصادرة الأراضي لبناء المزيد من المستوطنات بانتظار دورة مفاوضات في كنف الجدار الحديدي.
اما من يقظة ثورية تشترط التفاوض بالتحديد على تنفيذ أحد قرارات المنظمة الدولية او احكام محكمة العدل الدولية، وبعد الإقرار به من الجانب الإسرائيلي - الأميركي ؟



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا صمت بعد الذي جرى
- قرصنة بالأرض ..قرصنة بالمياه .
- تصدع بمصداقية اللوبي الصهيوني وتعرية البروباعاندا في دعايته
- نهاية الوهم الصهيوني
- ركائز للأبارتهايد والإبادة الجماعية والتطهير العرقي
- ما يحدث في غزة فاشية تعمم على صضعيد عالمي
- إسرائيل تسعى لتبديل قوانين الحرب
- قمة الناتو بواشنطون هل تخدم السلام ام الحرب
- علينا مقاربة إسرائيل دولة استعمار استيطاني
- جدار جابوتينسكي تطهير عرقي عقيدة الليكود
- جدار جابوتينسكي يتصدع
- عودة الى المتهاة .. تفاوض بوساطة أميركية !!
- همجية إسرائيل بشهادة شعوب الأرض
- جوع وصدمات غزة وصحة أجيال المستقبل
- بالجهد الشعبي المنظم والمعبأ ـُكسَر موجة التهجير
- الميديا الأميركية تخفي محرقة غزة وإشاعة الفاشية
- وظيفة الميديا نقل رسالة النخب الى الجمهور وليس نقل الواقع
- دبلوماسية شد خيوط الألعاب السياسية الممسرحة
- هل حقا أزاح عهد السنوار عهد عرفات عن المشهد الفلسطيني؟
- يقتلنا جميعا المجمع الصناعي العسكري بالولايات المتحدة


المزيد.....




- تحذير من التعلق بالذكاء الاصطناعي على حساب العلاقات البشرية ...
- إدانات دولية لقصف مدرسة في غزة أسفر عن سقوط عشرات القتلى
- في ظاهرة لن تتكرر قبل عام 2033.. المريخ والمشتري يقترنان الأ ...
- خبراء يصدمون المصريين بشأن السيول واستفادة نهر النيل منها
- -نيويورك تايمز-: ترامب يصف هاريس بألفاظ بذيئة
- بيان مشترك للدول الأعضاء في الجنائية الدولية يؤكد ولاية المح ...
- بيلاروس تجري مشاورات مع حلفائها بعد اختراق مسيرات أوكرانية م ...
- مصر.. ضبط سيدة سرقت هاتف وزيرة سابقة في مسجد السيدة نفيسة
- طبيبة: القشعريرة في الأطراف قد تشير إلى مرض التصلب المتعدد
- -مليار دولار وتجنيد عناصر جديدة-.. قائد الجيش اللبناني يقدم ...


المزيد.....

- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - مجازر اليوم والجدار الحديدي قبل مائة عام وعام