أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-11















المزيد.....


نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-11


أمين بن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 8065 - 2024 / 8 / 10 - 04:53
المحور: كتابات ساخرة
    


نعم، كنا طلبة في تلك الكلية، الوحيدة في البلد، ومن بين الأكثر شهرة، وكنا نبحث في عالم الحب والجنس... ندرس، نأكل، نشرب، ونفكر في الحب والجنس... عائلاتنا كانت تتكفل بكل مصاريف دراستنا، وتلك المصاريف لا أحد كان يفكر فيها... زبدة المجتمع المستقبلية كانت كالحيوانات تعيش غرائزها، ومداركها العقلية كانت مسخرة فقط للدراسة... وكل ذلك لم يكن يروقني، خصوصا كلما لاحظ أبي شيئا، وسخر من غباء وسذاجة من هم مثلي؛ المتميزون في دراستهم وأصحاب الشُعب التي يحترمها المجتمع. اللعنة على الفلسفة متى أجد لها الوقت والرغبة! ولا وقت لي مع الدراسة و... التفكير في الحب والجنس...
في جلستنا، قبل خروجي لمحمد وأمه، تقريبا تعاهدنا، وظننا أننا اقتربنا، لكن لا أحد منا كان يظن أننا تباعدنا وكنا أقرب منا للنهاية منا للبداية... النهاية التي أعلنتها لملاك على التلفون.
بعد كل الذي حصل، وقيل، أمام البحر، غادرته. وقبل وصولي الكورنيش، تذكرتُ هالة، ومرّ الكثير بخاطري في لحظات، انتهتْ بقرار غريب لم أكن أتوقع صدوره مني: عليّ انهاء الأمر قبل أن تحصل الكوارث! أستطيع فعل ما ألفتُ مع كل بنات الأرض، لكن ليس معهما! لا أستطيع معاملة الملكات معاملة الجواري! بل لا أستحق الملكات إنما جئتُ هذا العالم لألهو مع الجواري!
من دروس هالة، الخالدة، وكان عمري 13 سنة: ‌‌‌"من يحاولون الظهور وكأن الجنس لا يعنيهم، أو ليس ذا أولوية عندهم، هم أكثر من يفتقدونه، وأكثر المهووسين به. وفي مجتمعنا المكبوت، ينطبق ذلك أكثر على البنات‌". وآخر مرة رأيتُها، همستْ في أذني: ‌"لن تنسني طوال حياتكَ، ليس لأنكَ كنتَ صغيرا، بل لأني كنتُ الأفضل".
بقيت واقفا، لم أتحرك، لم أفكر في شيء، كان ذهني فارغا من أي شيء، إلا من مقارنة قمتُ بها بين هالة وإيمان... وحكمي كان لصالح هالة دون أدنى ريب، وكان ذلك غريبا، وغرابته فسّرتها بحالتي وقتها، وقد كانت سيئة يحكمها التشويش من ألفها إلى يائها! نعم قلتُ شتان بين الثرى والثريا بعد أن وصفتُ إيمان بملكة لا أستحقها، والثريا هالة! لا أذكر أني تألمتُ معها لحظة... ما عشته معها كان مثاليا من بدئه حتى آخر لحظة! كانت تعرف جيدا متى تكون الملكة ومتى الجارية، متى المعلمة ومتى التلميذة، متى الأم أو الأخت الكبرى ومتى العشيقة... ماما كانت قاسية معها يوم هدّدتها وطردتها، لكنها لم تستطع أن تجيب عن أسئلة هالة: "هل تغيّر ابنكِ السنتين الماضيتين؟ إلى الأحسن أم إلى الأسوأ؟ من كان وراء ذلك؟"
كنتُ واقفا أسمع، لكني لم أتكلم... كانت ماما كنملة أمام فيل، والفيل يأخذ في لحظة ما تتعب عليه النملة لسنين... كانت تصرخ وتهدد وتشتم وتلعن، ككل من تعوزهم الحجة، ككل الضعفاء، ككل الجهلة والأغبياء... لم تعلم ماما وقتها أنها فقط حملت وأنجبت، لكنها لم تعلم ولم تربي، وكل ما ربته وعلمته تقريبا نسخته هالة في أشهر قليلة... ومثلما قالت: "إلى الأحسن"َ!
من دروس هالة التي جهلتها ماما: الأولياء! قالت هالة أن أمها تفتخر بها أمام صديقاتها وأخواتها، والافتخار يخص "حشمة هالة وبراءتها"! تماما مثل أمي... لكن ذلك الافتخار ليس شيئا غير دليل إفلاس وفشل، فالأم الأولى لا تعرف ابنتها والثانية لا تعرف ابنها، الاثنتان تخيلتا أبناء بمواصفات معينة وصدقتا بوجودهم، ككل أحمق يؤمن بوهم! عوض الافتخار بوهم كان عليهما محاولة الفهم والبحث عن الحقيقة!
من دروس هالة التي لا يفهمها الأطباء: من فُعلت فيه الأفاعيل صغيرا، عندما يكبر يفعل ما فُعل فيه في الصغار... يقول الأطباء، لكن هالة لم تفعل فيّ شيئا، وحتى القصة من أساسها أنا من كنتُ البادئ فيها؛ لم تبحث عني أنا فعلتُ، لم تراودني عن نفسي أنا راودتها، لم تقبل بكل شيء منذ البداية أنا من دفعها، أنا من أغواها، كانت وحيدة جريحة، لا أحد اهتم لها حتى أقرب الناس إليها أسرتها الموقرة وأمها المفتخرة! أنا اهتممتُ في لحظة ضعفها فأغويتها وراودتها عن نفسها... فكيف زعمتْ ماما العكس؟!
فارق العمر! فهي كانت في العشرين وأنا ابن الثانية عشرة! اللعنة على المظاهر، وتبا لها وللجهل الذي ينتج عنها! لم يكن لهالة أهل فكنتُ أهلها... كنتُ أخاها الصغير لأسابيع! لم يكن لها أصدقاء يهتمون لها فكنتُ الصديق! وطوال تلك الفترة لم أكن شيئا عندها غير أخ صغير، أعجبني ذلك، لكن رغبتي في أن أراها عارية وأتذوق كل ذرة من جسدها لم تغب عني لحظة! عندما تحضن الأخت أخاها ترجو فقط كتفا تبكي عليه وأذنا تصغي إليها وصدرا حنونا يحضنها ويخفف عنها، هل أخطأت في شيء؟ وعندما ذلك الأخ وفي تلك اللحظة يراها عارية ولا يفكر إلا في مواقعتها، من المذنب ومن المخطئ؟
عندما اكتشفتْ هالة طينتي، أنقذتني! كنتُ كغزال صغير مشاكس لا يهدأ، ولا يعرف معنى الخطر والخوف والموت... كانت هالة تلك اللبوة التي أخذتني من عالمي إلى عالم الوحوش... لم تأكلني لأنها أحبتني... تلك اللبوة لم تر ذلك الغزال الصغير وجبة شهية، رأته ابنا حمته من نفسه ومن عالمها... عالم الأسود، ثم عشيقا أحبته، ويوم اجبرت على تركه غادرتْ سعيدة بكل ما علمته وكانت على ثقة أنه صار لا يُخشى عليه... ماما لم تفعل ذلك، بابا لم يعلمني شيئا من ذلك، كلاهما علما أنني لم أكن ابن عمري وتركاني وحيدا في عالم الوحوش! وعوض أن تشكر ماما هالة، طردتها من كل الحي وهدَّدَتْها بالفضيحة عند أهلها وفي كليتها، وبالسجن إن هي اتصلتْ بي مرة أخرى!
الأجمل من كل ذلك كان الجنس! فعند ماما هالة أغوتني، هالة التي كانت بالكاد وقتها تصل كتفي "اغتصبتني" أنا الطفل البريء الذي لا يعرف شيئا! لم تكن ماما تعرف أنه حتى الجنس أنا من أجبرتُ هالة عليه! وفي عالم آخر غير الذي كنا فيه ربما اعتبرتُ مغتصِبا... على الأقل في اللحظات الأولى قبل أن تستسلم لي ولرغبتها...
كنتُ أجلس وراءها، أمشط شعرها، كانت تحن للحظات في طفولتها فيها كانت أمها تمشط شعرها... ولم يكن عندها نيتي! فأحطتها بساقيّ، وواصلتُ تمشيط شعرها ثم طلبتُ منها أن تتكئ على صدري، ففعلتْ... كانت الأكبر عمرا، لكن الأصغر جسدا، والمشهد كان معكوسا، فكانت الصغيرة التي تتكئ على صدر الكبير الذي سيطر عليها وشل حركتها وأرغمها أن تسمع له وهو يقبّل رقبتها وكتفيها ثم وجهها ثم شفتيها... وما سمعَتْه لم يكن كلام طفل، بل كلام خبير ومنحرف عرف كيف يستغل كل نقاط ضعفها التي رصدها قبل ذلك، وفي تلك اللحظة... الغزال الصغير عض اللبوة، كانت تستطيع أكله مباشرة لكنها لم تفعل، ورافقته ورعت اختلافه... ووصلتْ رسالتها، ووعاها جيدا الغزال الصغير: الأسود لا يُلعب معها إنما يُفرّ منها... إلا لبوة واحدة!
من دروس هالة أيضا ألا أتلاعب بمشاعر الآخرين، عندي كل المقومات لأن أصل لكل ما أريد ولا حاجة للكذب والتلون، تلك أساليب الضعفاء ولستُ منهم! أيضا، سآخذ كل ما أريد من النساء، لكن يوم أحب إحداهن وأريدها رفيقة طريق طويل عليّ التوقف وعدم مقارنتها بغيرها، وإذا لم أستطع منذ البدء فلن أستطيع ذلك ولو حاولتُ قرونا، وعليّ الابتعاد مباشرة وإن آلمني ذلك، لأني كلما واصلتُ كلما صعب عليّ مغادرة ذلك الطريق الذي ربما قد يصبح الطريق الوحيد...
في ذلك اليوم حصل الكثير، من صباحه، حتى حلول ليله... ملاك وإيمان في الصباح، ثم أم محمد، ثم بقية اليوم مع نفسي، ثم مع هالة... وكان قراري دون تفكير في نتائجه: نعم، يجب أن أنسحب في تلك اللحظة! كنتُ في قراري ذاك، كذلك الذي لم يفكر لحظة في الانتحار، وشاءت الصدف أن يكون جالسا فوق سطح عمارة، فقال لم لا أقفز، ثم مباشرة... قفز!
دخلتُ أول هاتف عمومي اعترضني، اتصلتُ بملاك، سألتُها هل أيمان معها فقالت نعم، فطلبتُ منها أن تناديها وأن تضع مكبر الصوت لتسمع ما سأقول، ففعلتْ، وقلتُ. لم أكن كروبوت بلا حياة مثلما مر عليّ أربعة أشهر، لكن كنتُ كذلك الذي قفز من فوق عمارة...



#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-10 ملحق
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-10
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-9
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-8
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-7
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-6
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-5
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-4
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-3
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-2
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-1
- ترامب وصورة القرن: ارحموا عقولكم وعقولنا يا قوم!
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 12
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 11
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 10
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 9
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 8
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 7
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 6
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 5


المزيد.....




- -الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا ...
- الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا ...
- الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي ...
- -تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار ...
- مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني ...
- تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة ...
- “Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة ...
- اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-11