طوفان الأقصى 308 – كيتلين جونستون – أين تكمن العقدة في الصراع على فلسطين؟

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8065 - 2024 / 8 / 10 - 02:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف عن الإنجليزية*

كيتلين جونستون
كاتبة صحفية وناشطة سياسية استرالية
موقع Substack

6 أغسطس 2024

غالبًا ما يعترض الناس على الانتقادات الموجهة إلى الفظائع الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في غزة قائلين، "حسنًا، ماذا كان ينبغي لإسرائيل أن تفعل ردًا على السابع من أكتوبر إذن؟" يقولون ذلك وكأن السؤال يجب أن يربكك، وكأنه نوع من الألغاز البوذية التي لا يمكن الإجابة عليها والتي تقضي على التفكير أو شيء من هذا القبيل.

لكن الأمر ليس كذلك. السؤال قابل للإجابة بسهولة، والإجابة الأكثر صحة هي أن إسرائيل كان ينبغي لها أن تفعل ما كان ينبغي لها أن تفعله دائمًا: تصحيح أخطاء الماضي وإحلال السلام.

كان السابع من أكتوبر استجابة كاملة لأجيال من الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني من قبل دولة إسرائيل، لذا فإن الاستجابة الصحيحة لذلك كانت لتتمثل في معالجة تلك الانتهاكات بطريقة مقبولة لدى الفلسطينيين. من المرجح أن يشمل هذا التنازل عن كميات كبيرة من الأراضي، ودفع تعويضات ضخمة من إسرائيل (ومن الأفضل من حلفائها الغربيين الأثرياء أيضًا)، والقضاء على جميع القوانين الظالمة وأنظمة الفصل العنصري، ودفع شامل لتطهير المجتمع من سموم العنصرية المعادية للفلسطينيين وكراهية الإسلام، وحق الفلسطينيين في المنفى في العودة إلى وطنهم، والتفاوض على اتفاقية سلام تسفر عن الكثير حتى أن أكثر الفصائل تشددًا في المجتمع الفلسطيني ستضطر إلى الموافقة عليها.

وعندما تقول هذا فإن الاعتراض الشائع هو "نعم حسنًا، لم تكن إسرائيل لتفعل ذلك أبدًا!" والإجابة الأكثر صحة هي: بالطبع لا. إسرائيل دولة فصل عنصري قاتلة مبنية على العنصرية والكراهية والصدمة، وعلى فرضية الوجود في حالة مستمرة من العنف الجماعي في الداخل والخارج.

هذه هي المشكلة هنا. ليست حماس. وليس السابع من أكتوبر. المشكلة هي أن إسرائيل مشروع استعماري استيطاني مصنوع من الكراهية والإساءة والعنف المستمر. وهذا هو سبب حدوث السابع من أكتوبر.

إن حقيقة أن إسرائيل لم تكن لتستجيب لأحداث السابع من أكتوبر بإنهاء الانتهاكات التي تسببت فيها لا تغير حقيقة أن هذا كان ليكون التصرف الصحيح لإسرائيل. بل إن هذا يعني ببساطة أن نفس الفساد والظلم الذي أدى إلى نشوء دولة إسرائيل لا يزال قائماً ويعبر عن نفسه حتى يومنا هذا. وهذا يعني أن إسرائيل نفسها هي المشكلة.

وهذا يعني أن القضية الحقيقية في الاعتراض "حسناً، ماذا كان ينبغي لإسرائيل أن تفعل رداً على أحداث السابع من أكتوبر إذن؟" هي أنها تطرح السؤال الخطأ. والسؤال الصحيح الذي ينبغي طرحه هو: ماذا ينبغي للعالم أن يفعل بشأن إسرائيل؟ ماذا ينبغي للعالم أن يفعل بشأن هذا الكيان القاتل الذي لا يزال يحاول جرنا جميعاً إلى حرب جديدة مروعة مع إيران وحلفائها؟ ماذا ينبغي للعالم أن يفعل بشأن هذه الدولة العنصرية التي تمارس سياسة الفصل العنصري والتي كانت انتهاكاتها المتواصلة فظيعة إلى الحد الذي جعل الفلسطينيين يشعرون بأنهم لا يملكون خياراً سوى تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر؟

وعندما تقشر طبقات هذا السؤال تجد أن السؤال الكامن تحته هو: ماذا ينبغي للعالم أن يفعل بشأن الإمبراطورية الأميركية؟ ماذا ينبغي للعالم أن يفعل بشأن هيكل القوة الهائل هذا الذي يمتد عبر العالم والذي يغذي انتهاكات إسرائيل كسياسة ثابتة لتعزيز أجنداتها الخاصة لزعزعة الاستقرار والانقسام في منطقة غنية بالموارد ذات أهمية جيوستراتيجية؟ ماذا ينبغي للعالم أن يفعل بشأن هيكل القوة الدولي المتمركز حول واشنطن والذي يرهب ويسيء معاملة السكان في جميع أنحاء العالم باستمرار بهدف أسرهم جميعًا تحت مظلة قوة واحدة؟

وانا أستمر في تكرار قول "العالم" لأن هذه ليست مجرد مشكلة إسرائيلية أو مشكلة الولايات المتحدة. من الواضح. نحن نقف هنا على شفا ما يمكن أن يصبح بسهولة حربًا جديدة ضخمة في الشرق الأوسط بسبب تصرفات إسرائيل والدعم المجنون للإمبراطورية المركزية الأمريكية لها، مما يعني أن هذا يؤثر علينا جميعًا.

حتى لو تمكنا من تجنب الحرب الشاملة هذه المرة، فإننا نعلم أننا سنكون على حافة الهاوية مرة أخرى في غضون بضع سنوات. وحتى لو تم نزع سلاح إسرائيل بالكامل وتفكيكها، فبدون تفكيك الإمبراطورية الأمريكية، سيتم إدخال وكيل آخر لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط ليحل محلها. وكما قال جو بايدن، "لو لم تكن هناك إسرائيل، لكان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تخترع إسرائيل لحماية مصالحها في المنطقة".

لذا، عندما نصل إلى الحقيقة، فإن الاستجابة الصحيحة لأحداث السابع من أكتوبر وفظائع الإبادة الجماعية التي أعقبتها هي أن يبدأ العالم في العمل على تفكيك الإمبراطورية المركزية الأمريكية. إن غزة والمخاطر التي نشهدها في الشرق الأوسط الآن ليست سوى بعض من أبرز أعراض الفساد الذي تفرضه القوة المهيمنة الأمريكية وحلفاؤها وأصولها في جميع أنحاء العالم في الوقت الحالي. في وقت لاحق سيكون هناك شيء آخر. وفي نهاية المطاف يبدو أن هذا "الشيء الآخر" من المرجح أن ينتهي إلى حرب ساخنة بين القوى النووية الكبرى.

لذا فإن ما نراه في الشرق الأوسط اليوم ليس سوى احد أعراض المرض الصعب الذي يصيب النظام العالمي الحالي، وسوف يؤدي مرضه في نهاية المطاف إلى قتلنا جميعًا. وسوف يتعين علينا أن نجد طريقة ما لوقف هؤلاء الوحوش. فهذه قضية وجودية بالنسبة لنا جميعًا. وغزة ليست سوى المثال الأكثر وضوحًا على مرض يؤثر على صحة ورفاهية العالم أجمع، ولا يجوز السماح له بالاستمرار دون علاج.

**********
من تعليقات القراء
1) توماس باليستيري، دكتوراه في التربية
هناك رد آخر قدمته لهذه التساؤلات: كيف تم اختراق أكثر الحدود حماية في العالم في أماكن متعددة؟ كيف لم يعرف الموساد، الذي يعرف متى يحلقون ذقونهم، بالهجوم الوشيك؟ توجيه هانيبال .... لقد شاهدنا جميعًا مقاطع الفيديو للدراجات النارية الصغيرة والدراجات النارية ذات المظلات .... ثم رأينا صفوف السيارات المحترقة والجثث؟ لم يكن الأمر منطقيًا أبدًا من الملاحظة الأولى ... إذا كنت تملك نصف عقل. كان من الواضح جدًا أن شيئًا آخر كان يحدث. تظهر المزيد من الحقيقة لكننا لن نعرف أبدًا. مثل جرح أذن ترامب ... رجل يحصل على سلم ويصعد على السطح ببندقية وكل شخص آخر يصرخ "رجل على السطح" لكن الخدمة السرية لا تستجيب؟ هل يعتقدون أننا جميعًا أغبياء؟ نعم يعتقدون ذلك. ولماذا؟ لأن الأمريكيين جهلة وأغبياء. أنا مذهول مما أصبحنا وماذا أصبحنا.

2) ليديا ناغولوفا
الأمر الممتع هو أن السؤال يمكن طرحه في كل موقف حيث يسيء أحد الجانبين إلى الآخر ويجرؤ الجانب الآخر على محاولة المقاومة. "حسنًا، ماذا كان ينبغي للألمان أن يفعلوا بعد انتفاضة غيتو وارسو؟ هل تتوقع منهم أن يتسامحوا مع العنف؟" "حسنًا، ماذا كان ينبغي للملك ليوبولد أن يفعل ردًا على التمرد في الكونغو؟ إذا لم يرغبوا في قطع أيديهم، فربما كان ينبغي لهم أن يظلوا ملتزمين بالقانون، أليس كذلك؟"
"حسنًا، ماذا ينبغي لرجال الشرطة أن يفعلوا عندما يقاوم شخص ما الاعتقال إن لم يكن إطلاق النار عليه على الفور؟ هل تتوقع منهم أن يعرضوا أنفسهم للخطر؟" يمكنك الاستمرار إلى الأبد.
"ماذا ينبغي لي أن أفعل عندما يرد طفلي؟ إذا لم أصفعه بقوة حتى ينتهي به الأمر بارتجاج في المخ فلن يتعلم أبدًا عدم الرد!"
من السهل جدًا التظاهر بأن القمع هو الخيار الوحيد المتاح. ملاحظة - إنه ليس كذلك أبدًا.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات