الجيش الاوكراني يخترق الحدود الروسية – كيف ومتى ولماذا؟

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8064 - 2024 / 8 / 9 - 15:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

يفغيني كروتيكوف
كاتب صحفي وخبير عسكري روسي
عالم سياسي متخصص في مشاكل القوقاز والبلقان
صحيفة فزغلياد الالكترونية

8 أغسطس 2024

سيدفع الجيش الأوكراني ثمناً باهظاً لغزوه منطقة كورسك
بعد ثلاثة أيام من هجوم الجيش الأوكراني على منطقة كورسك، يمكننا الحديث عن ملامح الخطة الأوكرانية في هذا المجال.

ما هو بالضبط ولماذا من المرجح أن تكون نتيجة هذه المغامرة للقوات المسلحة الأوكرانية هي خسارة لوائين ضاربين، وربما حتى جزء من مقاطعة سومي في أوكرانيا؟

قال مستشار رئيس مكتب زيلينسكي، ميخائيل بودولياك، في 8 أغسطس/آب، إن أوكرانيا غزت المناطق الحدودية لمقاطعة كورسك في الاتحاد الروسي من أجل “تحسين مواقفها التفاوضية”. وفي رأيه، فإن "خسائر روسيا في الأفراد والمعدات والأراضي هي وحدها التي سيكون لها تأثير إيجابي على المفاوضات. إن تقدم الجيش الأوكراني في عمق الأراضي الروسية من شأنه أن "يخيف" الروس".

بداية، في 6 آب/أغسطس، هاجم العدو، بحسب التقديرات الأولية، بمجموعتين تكتيكيتين من الكتائب. هذا هو "عدد يصل إلى ألف جندي" الذي تحدث عنه رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية فاليري غيراسيموف في اليوم السابق. في 7 أغسطس، دفعت القوات المسلحة الأوكرانية بكتيبة أخرى في المعركة.

كان هدف الهجوم هو منطقتي سودجينسكي وكورينيفسكي في مقاطعة كورسك. تم تعزيز القوات الأوكرانية المهاجمة بالدبابات والمركبات المدرعة الأخرى من اللواء الميكانيكي الثاني والعشرين، الذي أعيد تجهيزه بأسلحة غربية. لقد تلقى حرس الحدود الروسي الضربة الأولى.

من ميزات اللواء 22 للجيش الأوكراني – وفرة المعدات الهندسية. على وجه الخصوص، تم تخصيص مركبات بناء الجسور Biber الألمانية، المصممة على أساس دبابات ليوبارد، والمركبات الهندسية، المبنية على أساس ناقلات الجند المدرعة السوفياتية، لهذا اللواء. بمعنى آخر، هذا لواء متخصص مصمم للقيام بعمليات هجومية في المناطق التي تكثر فيها الأنهار والمستنقعات. الوحدة الثانية من الجيش الأوكراني، والتي، وفقًا لعدد من التقارير، تشارك أيضًا في الغزو - اللواء الميكانيكي 88، مجهزة بالكامل تقريبًا بالمعدات الغربية. وفي الوقت نفسه، تعرضت القرى والبلدات الروسية لهجوم بطائرات بدون طيار أوكرانية. حتى أن سيارة إسعاف تعرضت لهجوم بطائرة بدون طيار.

خلال أول يومين ، ظهرت بيانات من مصادر مختلفة حول "الاحتلال" أو "الاستيلاء الوشيك" على بلدة "سودجا" الحدودية. ومع ذلك، في 8 أغسطس، أصبح الوضع في المدينة وتكتيكات القوات الأوكرانية أكثر وضوحًا.
قال ميخائيل غوربونوف، رئيس لجنة الأمن الإقليمي لمقاطعة كورسك: "سودجا محتلة جزئيًا". - العدو يتابع السير من خلالها – مجموعات تدخل في شاحنات صغيرة تتقدم. لا يوجد شيء اسمه أن تأتي القوات المهاجمة وتتوقف”.

"إنهم يواصلون إلى أبعد من ذلك" تعني محاولات القوة الأوكرانية التوغل بشكل أكبر في الأراضي الروسية. هناك العديد من الطرق في منطقة Sudzha – إلى Korenevo وRylsk، إلى Lgov وإلى Kurchatov (حيث تقع محطة كورسك للطاقة النووية).

وفي 7 أغسطس/آب، أفاد المراسل العسكري ألكسندر سلادكوف عن "غارة معادية" يصل عمقها "بحسب مصادر مختلفة إلى 15 كيلومتراً". تم تأكيد هذا العمق بشكل غير مباشر من خلال حقيقة أن وزارة الدفاع ذكرت منطقة كورينفسكي – يمكنك الدخول إليها من أوكرانيا في هذا الاتجاه، بما في ذلك عبر Sudzha.
وهكذا، بدأت خطة الجيش الأوكراني لبسط سيطرته على المنطقة من خلال نقاط تقدم ثابتة وتوقيت مخطط له سلفا - واتجاه حركة المركبات المدرعة الأوكرانية.

وحدات من الجيش الأوكراني، كما يتضح من الفيديو الذي نشرته وزارة الدفاع الروسية، تحركت في طوابير على طول الطريق. تم تأمين الحماية لها من خلال وفرة الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية المعززة، والتي تعيق عمل مسيراتنا، والطيران، وبشكل عام، الاتصالات بين الوحدات الروسية على الأرض. وبالرغم من ذلك، قوبلت هذه الآليات الاوكرانية بالطائرات الروسية وتم تدميرها.

أثناء الليل وفي 7 أغسطس، قام العدو بتبديل الأفراد ونقل المعدات التالفة إلى الخلف (ولهذا السبب هناك حاجة إلى الآليات الهندسية كجزء من اللواء 22). في الوقت نفسه تكبد العدو خسائر كبيرة في المركبات المدرعة قياسا بحجم المجموعة المهاجمة. مبدئيا، فقدت القوات المسلحة الأوكرانية أكثر من 80 مركبة مدرعة، بما في ذلك ست دبابات. ومع ذلك، استمرت محاولات القوة الأوكرانية للتسلل إلى عمق الأراضي الروسية في 8 أغسطس.

ما هي أهداف عملية الجيش الاوكراني هذه؟

تعتقد صحيفة واشنطن بوست أن "هدف كييف قد يكون قطع جميع إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا كوسيلة ضغط". ليس بعيدًا عن Sudzha توجد محطة قياس وضخ الغاز، والتي يستمر من خلالها تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا. في بعض الأحيان يتم ذكر محطة كورسك للطاقة النووية في مدينة كورشاتوف. ومن الواضح أن السيطرة على كليهما من شأنه أن يخلق "ظروف تفاوض مواتية" لأوكرانيا.

وبالفعل انخفض ضخ الغاز عبر تلك المحطة خلال الـ 24 ساعة الماضية، لكنه لم يتوقف.
مدينة سودجا نفسها، في الوقت الحالي، وفقًا للمراسل العسكري ألكسندر كوتس، الذي كان في المنطقة، لم تخضع لسيطرة الجيش الأوكراني، لكن الطرق المؤدية منها إلى عمق الأراضي الروسية خطيرة بسبب كثرة مسيرات العدو. ولم ترد تقارير مؤكدة تفيد بأن القوة الأوكرانية احتلت منطقة محطة ضخ وقياس الغاز السالفة الذكر.

تبلغ المسافة من سودجا إلى كورشاتوف حوالي 60 كم، ولم ترد تقارير عن تقدم ناقلات جند مدرعة للعدو في هذا الاتجاه حتى الآن. وبالنظر إلى حقيقة أن الوحدات ذات الخبرة من الجيش الروسي بدأت في الوصول بسرعة إلى المنطقة، متفوقة من حيث العدد والمعدات والصفات القتالية على جميع الاحتياطيات القريبة المحتملة للقوة الأوكرانية، فإن خيار الاستيلاء على محطة الطاقة النووية لم يعد ممكنا. إذا تم تحديد هذا الهدف من قبل كييف، فإنه حتى في مرحلة التخطيط بدا الأمر وكأنه خيال مفرط في التفاؤل.

كان من الممكن أن تكون الخطة الأكثر واقعية هي تلك التي تتضمن الحد الأقصى للتقدم في ثلاثة أو أربعة اتجاهات في عمق أراضي الاتحاد الروسي مع احتلال المدن الكبيرة والمشهورة تاريخياً - المراكز الإقليمية (ريلسك ولغوف).

وتشمل النتائج ذات الصلة توسيع طول خط الجبهة وتفكيك تجمع القوات الروسية في مقاطعة بيلغورود. قد يؤدي احتلال المواقع في Sudzha إلى تعقيد إمداد المجموعة الشمالية من الجيش الروسي في قطاع خاركوف. ولدى القوة الأوكرانية فرصة إضافية لترويع السكان المدنيين الروس من خلال القصف.

ربما كان هناك توقع بأن تبدأ روسيا في سحب القوات الهجومية والمدفعية من تلك المناطق التي تتراجع فيها القوات الأوكرانية حاليًا. يشار إلى أنه في 8 أغسطس، ظهرت معلومات تفيد بأن القوات الأوكرانية بدأت فجأة في نقل التعزيزات إلى دزيرجينسك (توريتسك)، وفي مجموعات متنقلة صغيرة. وفي الوقت نفسه، تم تحديد مصير دزيرجينسك ونيويورك عمليا. قد يعني نقل التعزيزات الأوكرانية إلى هناك أن كييف بدأت تأمل في تخفيف الضغط من قبل القوات الروسية.

وفي اتجاه بوكروفسكي، تقترب جبهة القوات الأوكرانية من الانهيار، ولا تتباطأ وتيرة تقدم القوات الروسية هناك. بحلول 8 أغسطس، اقتربت الوحدات المتقدمة من بلدة غرودوفكا الكبيرة، والتي كانت تقع خلفها ميرنوغراد وسيليدوفو وكراسنوارميسك (بوكروفسك). هذا التكتل – هو المفتاح لوجود خط الدفاع الأوكراني هذا بالكامل. وإلى جانب ذلك، فإن كراسنوارميسك - هو آخر حوض للفحم تسيطر عليه كييف. وبعد خسارته – لم يعد هناك بديل سوى استيراد الفحم من الخارج.

كان من المفترض أن يؤدي ظهور مسرح جديد للعمليات في منطقة كورسك إلى تخفيف الضغط الذي تمارسه الوحدات الروسية على طول خط الجبهة بأكمله ويمنح كييف وقتًا إضافيًا للمناورات السياسية. وبالإضافة إلى ذلك هناك تأثير دعائي. في كييف، يعلقون تقليديًا أهمية خاصة على "الصورة" والمحتوى الإعلامي لما يحدث.

ومع ذلك، فإن التطور اللاحق للأحداث لا يعد بأي شيء جيد للقوات الأوكرانية. وفي مقاطعة كورسك، يتضاعف تجمع القوات الروسية بسرعة، بما في ذلك الوحدات القتالية التي أثبتت جدواها.

حتى لو احتلت القوه الأوكرانية سودجا، فإن مواقعها معرضة للخطر للغاية بسبب حقيقة أن الخطة بأكملها كانت مصممة للتقدم السريع في عمق الأراضي الروسية. عندما فشلت هذه الخطة، اتضح أن الوحدات الاوكرانية المتقدمة كانت عالقة على طول الطرق السريعة وأصبحت الآن مصيدة. إن تدميرها الكامل، وهو ما يجري بالفعل، مسألة وقت. وإذا سارت الأمور على ما يرام، بحلول نهاية الأسبوع أو بحلول يوم الاثنين، فمن الممكن تطهير معظم الأراضي الروسية من القوات الغازية.

يقوم العدو بتعزيز قرى المنطقة الحدودية، لكن في 7 أغسطس بدأ إجلاء سكان مقاطعة سومي.

ويدرك العدو أنه سيتعين عليه التراجع ليس "إلى الحدود"، بل إلى عمق أراضيه.

تقع الاحتياطيات الرئيسية للقوات الأوكرانية في هذا القسم في منطقة بلدة "يوناكوفكا" على الطريق السريع كورسك – سوجدا – سومي. هذا القاطع يحتاج بالتأكيد إلى التنظيف.

هذه "العملية" برمتها، رغم أنها تحمل دلائل على عملية أسلحة مشتركة بناء على عدد وتكوين القوات المشاركة، تشبه من الناحية الفنية غارة كبرى أو قفزة تنطوي على عنصر انتحاري.

حتى في ظروف الهيمنة المؤقتة للقوات الأوكرانية في منطقة ضيقة، كان من الصعب الاعتماد على التقدم العميق للغاية والاستيلاء على المواقع المميزة ذات الأهمية الخاصة. ولكن، على ما يبدو، ساد الأمل في الحصول على تأثير سياسي ودعائي مرة أخرى في كييف على الفطرة السليمة والعلم العسكري.

بعد ثلاثة أيام من النشوة، وجدت القوات الأوكرانية نفسها على وشك خسارة لواءين ضاربين، وفي المستقبل، جزء من مقاطعة سومي. إن ثمن إستعراض "قدرة" القوات الأوكرانية والبحث عن "موقف مناسب للمفاوضات" باهظ للغاية.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات