|
هل يصح أن تلغي الأغلبية الحزبية الأغلبية الديموغرافية وتصادرها؟
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 8063 - 2024 / 8 / 8 - 18:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كيف نقرأ الديموقراطية ببعدها الانتخابي؟ وكيف نقرأ الإحصاء الوطني ومعانيه والتركيبة السكانية للتنوع والتعددية؟ — ألواح سومرية معاصرة تنطلق تصريحات مستمرة عن خطاب يتباكى على الأغلبية وادعاء أنها تطالب بإجماع وجودي كلي وشامل بما تراه أحزاب الطائفية والتجهيل تلك التي تقدم الخرافة على أنها هي الدين فيما هي تطعن الدين بمقتل لتقدم رجالات سياسة لا يفقهون بأمر على أنهم فقهاء الدين ومراجعه وهم طبقة رجال الدين التي وجب أن تحكم والحقيقة أنهم يردون ذلك غطاء لما تحت الطاولة من أفاعيل إجرامية باتت سمة منظومة حكمهم حتى أن الشعب هبَّ بعدة انتفاضات وثورات لولا أن القمع مرة وظروف كورونا وتفاصيل أخرى أوقفت المد الشعبي في متابعة إسقاط لا الحكومة ورئيسها حسب بل وتلبية مطالب تغيير النهج باتجاه استعادة الوطن والحياة الحرة الكريمة .. فكيف نقرأ تلك العبثية ونهجها الإجرامي؟؟؟ هذه مقدمة في قراءة المشهد
***
تتشكل المجتمعات من تركيبة متنوعة من الهويات الفرعية سواء كانت مكونات أم أطياف قومية أو إثنية أو دينية وإذا كان للشعب من خصائص بالمعنى الوطني تفرض العيش بدولة المواطنة المدنية التي تنتمي لعصر منطق العقل والعَلمنة فإن ذلك يبقى دوما مشروطا باحترام التنوع والتعددية ومنع اعتداء مكون على آخر بالتمدد وفرض الإرادة بخطاب شوفيني استعلائي أو فاشي أحادي..
ومن هنا فإن البنية التعددية لشعب ومجتمع لا تسمح لقوة حزبية أو تيار سياسي أن يختزلها ليقرر أنه إذ يتحدث باسم الأغلبية فإنها هو الأغلبية بعينها وبذاتها ما يبرر له طبعا على وفق خطابه أن يفرض رؤية حزبية ضيقة على جميع المكونات والأطياف بمعنى أنه أولا وبدءا قرر أنه ليس مجرد أغلبية انتخابية حزبية لإدارة تفاصيل الحكم بمرحلة بعينها بل هو الأغلبية المختزلة بنهجه على مدى أبعد من جيل يحيا بظلال حكم قهري قسري ليصل على وفق تعبيرات ممثلي تلك الفئة الحزبية بأنه يعبر عن أجيال انقرضت وكأن الأمور لا تُكم إلا بمنطقه سواء بالتعبير عن الماضي المنتهي أم المستقبل المجهول أم عن حاضر محكوم بقوة الأمر الواقع بنهجه وتوجه فكره السياسي المغلق بمسمى يطابق بينه وبين الأغلبية الديموغرافية لمكون أو طيف..
إن هذا النهج لا يقف عند تغليب سلطة حزبية تختزل البنى الوجودية للمجتمع بل يندفع أكثر نحو تهور التعبيرات العنصرية وأشكال التمييز القهري وفرض إرادة على أخرى بذريعة متوهمة تتحدث عن (أغلبية) تسعى لـ(الثأر) و (الانتقام) وهنا تُضاف للنزعة العنصرية الشوفينية سمات هوية أخرى تقوم على تشطير المجتمع بصورة تختلق التخندقات والمتاريس المتعادية المتصارعة بل المتقاتلة طلبا لثأر!!!
وبينما تسعى البشرية لقيم التسامح وبينما تسعى البلدان وشعوبها لاستتباب الأمن والاستقرار والسلم الأهلي فإن كل ذلك لا يقوم عند تلك الأحزاب إلا على حرب وجودية تفرض نهج تيار ظلامي بكل معاني الهوية التي مرت معنا هنا وتُفرض يوميا على المجتمع من عنصرية وتقسيمات طائفية مكوناتية ونهج شوفيني يتبنى استعداء الآخر بجميع الأحوال لمجرد أن اعتقاده الديني أو انتمائه القومي أو الإثني يضعه على وفق تصنيفاتهم بخندق الآخر المطالب بالثأر المزعوم المختلق..
إن البشرية وضعت قوانين لمطاردة المجرم ولكنها لم تستهدفه في شخصه بل في نهجه الإجرامي ومن هنا فهي توقع العقوبة على الجريمة وتعمل على إصلاح المجرم فالقانون وعقوباته ليس انتقاما بل استبدالا للمناهج بإنهاء سطوة منهج الجريمة وإحلال منهج السلم الأهلي المجتمعي بخلاف منطق أحزاب الطائفية التي تطلق أبواقها ليل نهار ما يصدع رؤوس الآمنين..
عليه نعيد التذكير بأن الديموقراطية لا تُفهم على أساس استغلال منصاتها أو آلياتها للتمكن من السلطة ومن ثم استغلال تلك السلطة بادعاءات وأوهام فكرية سياسية مريضة..
على سبيل المثال القول: إن أتباع مذهب ديني مظلومين بوجود الدولة المدنية وقوانينها وإنهم يطالبون بفرض نهج (الدين السياسي) الطائفي لأحزابهم على أنه نهج المذهب و(جميع) أتباعه بإغفال ملايينهم التي نزلت ترفض حكومة ما تسميه تلك الأحزاب وقياداتها (الأغلبية) يوم أسقطت في أكتوبر وانتفاضته الثورية تلك الحكومة ونهجها بمعنى أن تلك الأحزاب تتغافل بعمد وقصد ملايين المتمسكين بدولة مدنية علمانية القوانين والنهج لأنها الدولة التي تؤمِّن لهم العيش الكريم الحر على أساس من العدالة والمساواة ومنع التمييز وحظر مناهج العنصرية والطائفية وشوفينيتها ومنطق مزايداتها التي تستمر وتغرق في إيهام أنها هي الأغلبية ونهجها هو الديموقراطية بينما كل محاور سياساتها تصب بجوهر واحد يتقاطع كليا مع القوانين ويصادر سلامة الهياكل البنيوية للدولة بفرض ما يسمى رجل (دين) فوق رجل القضاء وفوق القضاء بمجمله وهو يطلق العنان لانشطارات مجتمعية خطيرة وتخندقات تمهد لتفكيك لا المجتمع بل كل الوطن والشعب وبوصورة وجودية أدعى للهلاك والفناء..
ووطبعا من الهلاك ما سينصب على من يستغلونه من الأغلبية التي يزعمون التحدث باسمها عبر سرقة اللعبة الانتخابية مرة والإحصاء المعطل منذ عقود والتغييرات الديموغرافية بأشكال تهجير القسري وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة سواء الجسدية للإنسان أم الروحية لخطابه الثقافي ولمعتقده البعيد عن ترهات التأويل الظلامية من ادعاءات ما يسمونه إسلام سياسي…
لنا حوار متجدد بهذا الشأن قريبا وبحلقة أخرى من كشف مزاعم قادة أحزاب الطائفية وكيف يحاولون أسلمة المجتمع بخطاب سياسي حزبي ضيق الأفق بل معادي لطموحات الناس في العيش بدولة تنتمي للعصر ولقيمه وتغادر خطاب الخرافة والتخلف والتجهيل
وبأتطلع هنا لتداخلات وأسئلة من أجل المتابعة التي باتت أكبر من ضرورة بعد أن أسفروا عن أخطر ما في مناهجهم ألا وهو العنف وإرهاب المجتمع للسطو عليه كليا بعد استباحته وابتزازه باسم المقدس الديني وهم الأبعد عن معتقدات الناس ومصداقيتها وسلامتها
فهم ليسوا إلا أوباش العتمة والظلمة وكل أشكال الجريمة ومخرجاتها الكارثية
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بمناسبة يوم النخلة العراقية في14 آب أغسطس
-
على مشارف العقد العاشرمن عمر الصحافة اليسارية في العراق
-
لماذا نريد يوما عربيا للإبداع والابتكار؟
-
الإبداع والابتكار الأخضر ودوره في حركة التقدم عالمياً
-
في اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص ما استعداداتنا لمج
...
-
اليوم العالمي للعدالة الدولية وما يُرتكب من جرائم بحق شعوب ا
...
-
الرابع عشر من تموز ورمزية إحياء الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهور
...
-
نداء من أجل اللقاء الوطني في الذكرى 66 ليوم الجمهورية العراق
...
-
تجاريب إيجابية للتحالفات الديموقراطية ونقلها المشوه لظروف مغ
...
-
الابداع والابتكار ومهام تبني مسيرة التنمية والتقدم بمجتمعاتن
...
-
بشأن 14 تموز وقرار تعديل متداول للعطلات الرسمية لاعتماد المن
...
-
العلاقات الروسية الأمريكية بين الأحادية القطبية وهيمنتها وال
...
-
نداء متجدد في اليوم العراقي للسلم الأهلي من أجل مواصلة مشوار
...
-
الأنا والآخر والعلاقات الإنسانية التي تقف بوجه أشكال التمييز
...
-
لنعمل على إنهاء كل أشكال خطاب الكراهية من أسباب ونتائج
-
الشبكة العربية للإبداع والابتكار ولادة مؤسسة للنهوض بحركة ال
...
-
الصحافة العراقية احتفالية للفرح أم للاحتجاج والتطلع لاستعادة
...
-
تهنئة بمناسبة عيد الأضحى وكلمة إلى أهلنا من مسلمي العراق وال
...
-
رؤى أولية بشأن ما يُسمى وساطة بغداد بين دمشق وأنقرة؟
-
تشغيل قاهر لأطفال العراق في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفا
...
المزيد.....
-
فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار
...
-
دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن
...
-
لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
-
لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
-
قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا
...
-
التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو
...
-
Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
-
اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
-
طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح
...
-
إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|