أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء السابع)















المزيد.....


جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء السابع)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8062 - 2024 / 8 / 7 - 06:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في المرحلة الرابعة من هذه الجولة الفلسفية، وقع اختياري على مقال للفبلسوف الألماني لودفيغ فيورباخ كتبه ونشره سنة 1848 تحت عنوان: "الطريق نحو الحقيقة والحرية، ملاحظات حول جوهر الإيمان بحسب لوثر". والجدير بالذكر أن فيورباخ اختتم بهذا النص إحدى أكثر الفترات إنتاجية في فكره. وإذا كانت انتقادات اللاهوتيين والظروف السياسية تفسر تحول فيورباخ إلى دراسة لوثر، فإن الحقيقة تظل أن أهميتها تكمن في الحوار مع من يسميه "الإنسان الأول": بالنسبة إلى فويرباخ كقارى للوثر، فإن الله الموحود لأجل الإنسان ألغى نفسه كإله في ذاته عندما أصبح محسوسا في المسيح، وأظهر، بإدراكه كمحبة، التكامل بين محبة الذات ومحبة الآخر. هكذا نجح فيورباخ، وهو يواجه المسيحانية اللوثرية، في تحقيق التوليف بين ماديته الحسية واختزاله الأنثروبولوجي لجوهر الله في جوهر الإنسان.
في نص منسوب منذ فترة طويلة إلى ماركس، نُشر عام 1843 في كتاب "حكايات عن الفلسفة الألمانية الجديدة" لأرنولد روج بعنوان "لوثر حكما بين فيورباخ وشتراوس"، يعارض فيورباخ لوثر مع اللاهوتيين مثل شتراوس، وتتم مماثلته مع الفلاسفة التأمليين، ويتمثل نفسه كشرط لإمكانية الخلاص:
"أيها المسيحيون، اخجلوا، وأنتم المسيحيون الٱخرون المثقفون والعوام، المتعلمون والجهلاء، اخجلوا من التزام مناهض للمسيح بأن يظهر لكم جوهر المسيحية في شكلها الحقيقي المكشوف! وأنتم، أيها اللاهوتيون والفلاسفة التأمليون، أنصحكم بتحرير أنفسكم من مفاهيم وأحكام الفلسفة التأملية القديمة إذا كنتم تريدون الوصول إلى الأشياء كما هي، أي إلى الحقيقة. بالنسبة إليكم ليس هناك طريق آخر إلى الحقيقة والحرية إلا عبر جدول النار. فيورباخ هو مطهر الحاضر".
هذا ما أعطى مقياس تأويل فيورباخ للوثر والأهمية التي كان يوليها له. في ختام أحد أكثر مراحل فيورباخ إنتاجية، في الوقت الذي كان يتم فيه تجميع "جوهر المسيحية" (1841 و 1843) و"مبادئ فلسفة المستقبل" (1843)، كان من المقرر أن يظهر لوثر في عام 1844، في نهاية الفترة التي انجذب فيها إلى راديكالية الشباب الهيغليين، ولا سيما من خلال اتصالاته مع جورج هيرويغ وأرنولد روج. لكن فيورباخ ليس مؤلفا سياسيا، ولا يريد أن يكون ثوريا، وبالرغم من أنفه تقريبا، ألقى دروسا حول جوهر الدين خلال الفترة من ديسمبر 1848 إلى مارس 1849، بناءً على طلب طلبة من هايدلبرج وأمام جمهور متنوع. في غرفة بفندق مدينة هايدلبرغ، بعد أن رفضت الجامعة أن تفتح له مقراتها. وهذه المحاضرات، حسب رأي فويرباخ نفسه، هي “نشاطه العام الوحيد خلال هذه الفترة الثورية”. غير أنه كان من الصعب الانطلاق في التفكير النظري لنقد اللاهوت والدين دون الشعور بالتبعات السياسية على الفور، ولا سيما من خلال نشاط الرقابة. وبعبدا عن كونه ثوريا، أراد فيورباخ مع ذلك أن يكون مصلحا. تحمل العديد من كتابات الأربعينيات هذا الادعاء في عناوينها، وهي تردد بوضوح صدى لوثر.
في هذا السياق ظهر "جوهر الإيمان عند لوثر" كتكملة ل جوهر المسيحية ”. لماذا العودة إلى أطروحات "جوهر المسيحية" وتقديم تحليل "جوهر الإيمان عند لوثر" باعتباره "تكملة" له؟ في كتابه "جوهر المسيحية"، اعتقد فيورباخ أنه قد انتهى من كتاباته اللاهوتية، وكان يأمل في أن يتحول أخيرا إلى ما كان يهمه في ذلك الوقت، أي دراسة العلاقة بين الروح والطبيعة. هل أراد ببساطة أن يوضح مرة أخرى أطروحة مدعومة جيدا بالفعل أم أنه اكتشف شيئًا جديدا من خلال التعمق في أعمال لوثر؟
في مقاربة أولى، يجب علينا بلا شك أن نرى في هذا الكتاب واللجوء إلى لوثر انعكاسا للوضع السياسي في ذلك الوقت، حيث ينضم الكفاح ضد الرقابة إلى تحديد اللاهوتي والسياسي. وهذا ما أظهره جون جلاس بشكل مقنع، والذي يمكن تلخيص حججه على النحو التالي: بالتركيز على لوثر، (1) يرد فيورباخ على انتقادات اللاهوتيين البروتستانت، وفي المقام الأول منهم لا بد من ذكر يوليوس مولر و (2) يمكر بالرقابة.
إن الانتقادات القادمة من اللاهوتيين البروتستانت، ولا سيما يوليوس مولر، تدعو إلى مبررات. تعرض فيورباخ لانتقادات خاصة لأنه ليس لديه فهم جيد للأفكار الكاثوليكية واللوثرية والكالفينية، ولخلطه بينها. كما تم انتقاده لأنه لم يستند إلا إلى "عدد قليل من اللاهوتيين من العصور الوسطى، ولا سيما المتصوفة" على حساب اللاهوتيين المعاصرين. في مقدمة الطبعة الأولى ل"جوهر المسيحية"، أكد فيورباخ أن المسيحية الحديثة ليس لديها ما تضيفه إلى المسيحية القديمة. في رده على يوليوس مولر، الذي رأى فيه "العدم المطلق، وبؤس اللاهوت"، يقدم فيورباخ ما سيكون أطروحة لوثر الرئيسية: "أصبح اللاهوت منذ زمن طويل كريستولوجيا، والأخيرة ليست سوى الأنثروبولوجيا الدينية الموحى بها". ولهذا السبب لا يوجد سوى شخصية عالمية واحدة في البروتستانتية، وهي لوثر "صاحب الإصلاح، وذلك لأنه كان في تاريخ الديانة المسيحية الإنسان الأول". ولم يعد لاهوتيًا. ولذلك نفهم أنه من خلال اتباع هذه الأطروحة العامة، انغمس فيورباخ في قراءة لوثر الذي سيكون حضوره قويا جدا منذ الطبعة الثانية ل"جوهر المسيحية".
لكن الاهتمام بلوثر هو أيضا نتيجة لعلاقة فيورباخ بالرقابة. كان فيورباخ مصدوما، من بين أمور أخرى، بسبب الحظر المفروض على عمله في النمسا، والصعوبات التحريرية التي يواجهها الشباب الهيجليون، والحظر المفروض على "أطروحاته المؤقتة"، وهي واحدة من أكثر التعبيرات المباشرة عن فلسفته، وهو يفكر في ما تعنيه هذه الرقابة وما العمل لأجل الالتفاف عليها. هناك رسالة من عام 1842 إلى أرنولد روج بليغة في هذه النقطة. فيها يسلط فيورباخ الضوء على الأهمية السياسية لانتقاده للدين. فهو يرى في قطيعته مع المسيحية “قطيعة، بالمعنى الدقيق للكلمة، ليس مع الكنيسة، بل مع الدولة نظرا لأن الأخيرة ظلت مرتبطة ببعض المظاهر الكنسية الخارجية”. بالنسبة إلى الدولة، "الكتابات التي تحتوي على حقائق ليست علمية، بل عصيانية". ولهذا السبب، كما يقول: "كان ينبغي لنا أن نكون أكثر حرصا وحكمة - ليس لأنفسنا، بل للقضية. المكر والحكمة هما أيضا جزء من الاستراتيجية. علينا ببساطة ألا نسمح بفرضها علينا. يجب أن نتقدم على العدو. [...] ألمانيا لا تدعم بعد الإعلانات ." ولذلك يوصي فيورباخ باستراتيجيات، مثل استبدال كلمة "الإلحاد" بكلمة "الألوهية الأنثروبولوجية" (anthropothéisme).:وهناك استراتيجية أخرى تتمثل، كما يوضح جلاس، في الإشارة إلى شخصية لوثر، هذا البطل الألماني الذي لا جدال فيه. وبالفعل، فقد مرت الطبعة الثانية، المعززة باقتباسات من لوثر، لكتاب "جوهر المسيحية" بسهولة على الرقابة.
(يتبع)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع:



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهديدات متبادلة بين إسرائيل وإيران ومناورات دبلوماسية لحمل ج ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- بسبب تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، فرنسا تدعو رعاياها إلى ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الدار البيضاء: المكتب الجهوي للحزب الاشتراكي الموحد يعقد دور ...
- تبادل السجناء مع موسكو: جدل ساخن في ألمانيا
- الجنة الوطنية للقطاع الحقوقي في الاشتراكي الموحد تعتبر الإفر ...
- حوار على الفيسبوك مع مواطن مغربي أمازيغي ساخط على العرب
- الانتخابات الرئاسية في فنزويلا: ما هي الدول التي اعترفت بانت ...
- بيان الحزب الشيوعي الأمريكي حول خطاب نتنياهو أمام الكونغرس
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- لماذا لا تساهم الصناعة المغربية في إنتاج القيمة المضافة وخلق ...
- مدخل إلى فلسفة مارتن هيدجر
- المحمدية: قضية كنزة العاملة المنزلية وما عرفته من تطورات
- مدخل إلى فلسفة مارتن هيدجر (2/2)
- مدخل إلى فلسفة مارتن هيدجر (2/1)
- مكناس: احتجاجات عاملات وعمال سيكوميك مستمرة منذ 2017 ولا بار ...


المزيد.....




- -أرض العجائب الشتوية-.. قرية ساحرة مصنوعة من كعكة الزنجبيل س ...
- فيديو يظهر ضباط شرطة يجثون فوق فتاة ويضربونها في الشارع بأمر ...
- الخارجية اليمنية: نعتزم إعادة فتح سفارتنا في دمشق
- تصفية سائق هارب اقتحم مركزا تجاريا في تكساس (فيديو)
- مقتل 4 أشخاص بحادث تحطم مروحية تابعة لوزارة الصحة التركية جن ...
- -فيلت أم زونتاغ-: الاتحاد الأوروبي يخطط لتبنّي حزمة العقوبات ...
- مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين بإطلاق للنار في جني ...
- بعد وصفه ضرباتها بـ-الوحشية-... إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب ...
- أكاديمي إسرائيلي: بلدنا متغطرس لا تضاهيه إلا أثينا القديمة
- كيف احتمى نازحون بجبل مرة في دارفور؟


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء السابع)