أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - تأثيرات البيئة والدين والمعاناة في أعمال كافكا















المزيد.....

تأثيرات البيئة والدين والمعاناة في أعمال كافكا


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 8060 - 2024 / 8 / 5 - 20:12
المحور: الادب والفن
    


براغ: بوتقة ثقافية متوترة
كانت براغ مدينة متنوعة ثقافيًا، لكن هذا التنوع لم يخلُ من التوترات. فوجود ثلاث مجموعات سكانية رئيسية، كل منها تتمسك بهويتها الخاصة، خلق جوًا من الانقسام والريبة المتبادلة.
لقد نشأ كافكا في هذا السياق المتوتر، مما أثر بشكل كبير على تشكيل هويته. فمن جهة، كان جزءًا من الأقلية اليهودية، مما جعله يشعر بالانفصال عن المجتمع الأكبر. ومن جهة أخرى، كان يتحدث الألمانية كلغة أم، مما زاد من تعقيد هويته.
وقد ساهم هذا الجو من التعددية والتوترات في تعزيز الخوف من "الآخر" لدى جميع المجموعات، بما في ذلك اليهود. وقد انعكس هذا الخوف بشكل واضح في أعمال كافكا، حيث تظهر الشخصيات غالبًا وهي تواجه قوى مجهولة وغير مفهومة تهدد وجودهم.
ونتيجة للضغوط التي تعرض لها كافكا بسبب هويته المعقدة، لجأ إلى العزلة والانطواء. فقد وجد صعوبة في التواصل مع الآخرين، وفضل قضاء وقته في القراءة والكتابة التي أصبحت له وسيلة للتعبير عن مشاعره وأفكاره التي كان يجد صعوبة في التعبير عنها شفهيًا. وقد سمح له هذا العالم الخيالي الذي بناه بالهروب من الواقع المؤلم والتعامل مع مخاوفه وانعدام أمانه.
و غالبًا ما تظهر شخصيات كافكا وهي تعاني من الشعور بالعزلة والاغتراب، وتواجه قوى بيروقراطية مجهولة تهدد حريتها وكرامتها. فتتميز أعماله بأجوائها القاتمة والمشحونة، والتي تعكس بوضوح التوترات الاجتماعية والسياسية التي كانت سائدة في عصره.
وقد استخدم كافكا في أعماله لغة رمزية غنية، مما يسمح للقارئ بتفسيرها بطرق مختلفة. وقد ساهم هذا التعدد في المعاني في جعل أعمال كافكا من أكثر الأعمال الأدبية تأثيراً في القرن العشرين.
إن البيئة التي نشأ فيها كافكا، وهي مدينة متعددة الثقافات ومتوترة، لعبت دورًا حاسمًا في تشكيل شخصيته وإبداعه. فقد دفعه الشعور بالانفصال والعزلة إلى البحث عن ملاذ في عالم الخيال، حيث تمكن من التعبير عن مخاوفه وأحلامه.


يمكن بربط بيئة براغ المعقدة بأسطورة الغوليم، مما يعزز فهمنا لأعمال كافكا إذ يمكن وصف حي اليهود في براغ بأنه مكان يجمع بين الواقع والسريالية . وإن هذه التناقضات المكانية والذهنية هي بالضبط ما تغذّي الخيال الأدبي لكافكا. وأسطورة الغوليم ليست مجرد قصة شعبية، بل هي رمز قوي يعكس مخاوف المجتمع اليهودي، مثل الخوف من السلطة، والرغبة في الخلاص، والقلق بشأن الهوية.

ومن المحتمل أن يكون كافكا قد تأثر بأسطورة الغوليم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. فكائن مثل الغوليم، الذي هو في الأساس مخلوق صامت وطيع، ولكنه يحمل في طياته قوة هائلة، يتردد صداه في العديد من شخصيات كافكا.
ويشترك كافكا وغوليم في الصمت والمعاناة. فشخصيات كافكا غالبًا ما تكون عاجزة عن التعبير عن نفسها، وتشعر بالضياع في عالم لا تفهمه حيث يمثل الغوليم حالة من الخضوع للقوى الخارجية، سواء كانت هذه القوى دينية أو سياسية. وهذا الشعور بالخضوع يتكرر في أعمال كافكا، حيث يجد أبطاله أنفسهم محاصرين بين قوى أكبر منهم.
كما يشترك كافكا وغوليم في الرغبة في الخلاص من الواقع المؤلم. فالغوليم يحلم بأن يصبح إنسانًا، وكافكا يحلم بأن يجد معنى للحياة.
إن بيئة براغ المعقدة، مع تاريخها الغني بالأساطير والتناقضات، كانت بمثابة ورشة عمل أدبية لكافكا حيث تتجاوز أهمية أسطورة الغوليم الإطار اليهودي، لتصبح رمزًا عالميًا للصراع بين الفرد والسلطة، وبين الحلم والواقع. فأعمال كافكا تعكس ليس فقط تجربته الشخصية، بل تعكس أيضًا حالة القلق والاضطراب التي كانت سائدة في أوروبا في بداية القرن العشرين.

ليس الغوليم مجرد مخلوق أسطوري، بل هو رمز قوي للوجود الإنساني. إنه يمثل الصراع بين الحياة والمادة، بين الروح والجسد، وبين الحرية والقيود. هذه الصراعات هي نفسها التي يعالجها كافكا في أعماله.
إن تحول الغوليم من كائن غير حي إلى كائن حي هو مرآة لتحولات الشخصيات في أعمال كافكا. غريغور سامسا في "التحول" مثلاً يتحول إلى حشرة، وكثير من شخصيات كافكا تشعر بغربة عميقة في عالم لا تفهمه.
إن الغوليم يخلق بطاعة أوامر حاخامه، ولكنه في نفس الوقت يمثل تهديدًا محتملًا. هذا التناقض بين السلطة والطاعة يتكرر في أعمال كافكا، حيث يجد أبطاله أنفسهم تحت رحمة قوى بيروقراطية مجهولة.
يستخدم كافكا الرمزية بشكل مكثف، تمامًا كما في أساطير الغوليم. فالشخصيات والأحداث والأماكن في رواياته تحمل معانٍ أعمق من معناها الظاهري إذ تتميز أعماله بطابعها الغرائبي واللامعقول، وهو ما يشبه إلى حد كبير عالم الأساطير حيث يحفر في أعماق العقل الباطن، ويكشف عن المخاوف والرغبات الكامنة في النفس البشرية، وهو ما يشبه إلى حد كبير الدور الذي تلعبه الأساطير في الثقافات المختلفة.
القصص القصيرة هي المكان المثالي لاستكشاف عالم الأساطير. فهي تسمح لكافكا بالتركيز على رمزية معينة، وتطويرها بشكل مكثف. فإن "في مستعمرة العِقاب"، هذه القصة القصيرة مثال واضح على تأثير أسطورة الغوليم. فبطل القصة يعذب بطريقة تذكرنا بتعذيب الغوليم عندما يخرج عن طاعته.
يمكن اعتبار الأسطورة آلية دفاعية لدى الإنسان. فهي تسمح له بتفسير الظواهر الغامضة والخوف من المجهول. في عالم كافكا، حيث يسود الغموض واللايقين، تلعب الأسطورة دورًا هامًا في محاولة فهم المعاناة الإنسانية. و لا يقتصر الخلود في أعمال كافكا على الأسطورة، بل يتجلى أيضًا من خلال التجربة الذاتية للشخصيات. معاناة الشخصيات، وأحلامها، وكوابيسها، كلها عناصر تساهم في خلق تجربة قرائية خالدة. فالسخرية السوداء التي يتميز بها كافكا هي في الواقع وسيلة للتعامل مع عبثية الوجود والمعاناة الإنسانية. فهي تسمح له بتحويل الألم إلى فن، وبالتالي تحقيق نوع من الخلود الفني.
وعلى الرغم من رفض كافكا الصريح للفلسفة، إلا أن تأثيرات الفلسفات المختلفة، ولا سيما الفلسفة الوجودية، واضحة في أعماله. هذه الفلسفات تتناول أسئلة وجودية مشابهة لتلك التي تطرحها الأساطير.
والد كافكا: بين التقاليد والحداثة
كان والد كافكا يعيش في عالم متناقض. فمن جهة، كان ملتزماً بالطقوس اليهودية، ولكن من جهة أخرى، كان يسعى لتحقيق النجاح المادي في مجتمع يسوده التنافس الشديد. هذا التناقض يسلط الضوء على التحديات التي واجهها اليهود في تلك الفترة.
و لم يكن اندماج اليهود في المجتمع المحيط اختياراً حراً في كثير من الأحيان، بل كان نتيجة للضغوط الاقتصادية والاجتماعية. فقد سعى اليهود إلى تحقيق الاستقرار المادي، ولكن هذا الاستقرار كان يرتبط بالاندماج في ثقافة غير ثقافتهم.
وإن البيئة التي عاش فيها والد كافكا كانت مليئة بالزيف والنفاق. فقد كانت هناك مساواة ظاهرة، ولكنها كانت مساواة زائفة، حيث كانت التمييز والعنصرية كامنتين.
كان والد كافكا شخصية قوية ومهيمنة، وهذا الخوف من السلطة ينعكس بوضوح في أعمال كافكا، حيث يظهر الأبطال وهم يواجهون قوى بيروقراطية مجهولة. و ربما يكون كافكا قد شعر بالذنب تجاه والده، بسبب عدم قدرته على تحقيق توقعاته. هذا الشعور بالذنب ينعكس أيضًا في أعماله.



الانهيار والاغتراب: ركائز عالم كافكا
إن صورة المباني الشاهقة في قصة "شعار المدينة" و التي تنهار دون سبب واضح هي رمز قوي للانهيار الذي يشعر به كافكا في العالم من حوله. هذا الانهيار ليس مجرد انهيار مادي، بل هو انهيار للقيم والمعايير والأمن الذي يعتمد عليه الإنسان.
يسعى الراوي في القصة إلى فهم سبب الانهيار، ولكن لا أحد يستطيع أن يعطيه إجابة. هذا يعكس شعور كافكا بالغربة والعجز أمام عالم لا يمكن فهمه، إذ إن الموت المفاجئ الذي يشهده الراوي هو تذكير دائم بالتهديد الذي يحيط بالإنسان. فهذا التهديد ليس تهديدًا ماديًا فقط، بل هو تهديد للهوية والوجود.
هذا التناقض بين المباني الشاهقة التي تبدو صلبة والواقع الهش الذي يتهاوى هو انعكاس للتناقض الذي كان يشعر به كافكا بين الواقع الخارجي والحقيقة الداخلية حيث الخوف من المجهول والمستقبل الغامض هو سمة مشتركة بين أعماله. فشخصياته غالبًا ما تشعر بالقلق والتوتر بشأن ما سيحدث لها.
الحسيدية وكافكا: ملاذ روحي
انجذاب كافكا إلى الحسيدية يعكس رغبته في الحفاظ على هويته اليهودية الأصيلة في عالم يسعى إلى طمس الفروق الثقافية. فقد أعجب كافكا بقوة إيمان الحسيديين ومقاومتهم للاندماج في الثقافة السائدة. هذا الإيمان كان بمثابة ملاذ روحي له في عالم مليء بالشك والاضطراب إذ كان التقليد الحسيدي بالنسبة لكافكا بمثابة جذور عميقة تربطه بتاريخ شعبه. وقد ساعده هذا التقليد على فهم معاناته الشخصية في سياق أوسع.
التناقضات في شخصية كافكا
هل كان كافكا متدينًا بالمعنى التقليدي للكلمة، أم أن تجربته الروحية كانت أوسع وأكثر تعقيدًا؟ هذا سؤال صعب الإجابة، ليس فقط بسبب طبيعة أعمال كافكا المعقدة، ولكن أيضًا بسبب التغيرات التي طرأت على مفاهيم الدين والإيمان على مر العصور.
ومن الواضح أن كافكا كان لديه خلفية يهودية قوية، وكان مهتمًا بالتراث اليهودي وتعاليمه. ومع ذلك، فإن علاقته بالدين التقليدي كانت معقدة ومتناقضة. و يبدو أن الدين عنده كان تجربة شخصية أكثر منها مؤسسية. فهو كان يبحث عن معنى للحياة، وعن إجابات للأسئلة الوجودية التي تؤرق الإنسان. واستخدم الرمزية والدلالة الدينية في أعماله، ولكن هذه الرموز كانت تحمل معانٍ أعمق وأكثر تجريدًا من معانيها الدينية التقليدية.
يمكن اعتبار الله في أعمال كافكا بمثابة شخصية أبوية، والتي يبحث عنها البطل بشتى الطرق. ويظهر مفهوم القانون والعدالة بشكل متكرر في أعماله ويمكن ربطه بمفهوم العدالة الإلهية. و يتناول صراع الخير والشر، وهو صراع أزلي في جميع الديانات.
إن تحديد ما إذا كان كافكا متدينًا أم لا هو سؤال غير محوري. فالأهم هو فهم كيف استخدم الدين كأداة لفهم العالم ومعاناته الإنسانية. ويمكن القول إن كافكا كان يبحث عن معنى أعمق للحياة، وقد وجد هذا المعنى في الدين وفي الفلسفة وفي الأدب. فأعمال كافكا هي مرآة تعكس صراعاتنا الداخلية وسعينا الدائم للحقيقة والمعنى.
كافكا والكتاب المقدس: البحث عن الحقيقة
استخدم كافكا الكتاب المقدس كمرجع ثقافي وديني، مما أثر بشكل كبير على أعماله إذ تظهر الرمزية الدينية بشكل واضح في أعمال كافكا، حيث يستخدم قصصًا وأساطير من الكتاب المقدس ليعبر عن تجاربه الشخصية. كما يشترك أبطاله مع الأنبياء في الكتاب المقدس في البحث عن معنى للحياة، وفي مواجهة تحديات وجودية عميقة.
لقد تأثر كافكا بالفلسفة الوجودية، وخاصة أفكار كيركغارد ونييتشه. وطرح أسئلة فلسفية عميقة حول المعنى والحياة والموت، مما يجعله كاتبًا فلسفيًا بامتياز. كما استخدم أسلوب الواقعية السحرية للتعبير عن تجاربه الداخلية المعقدة، مما يجعله كاتبًا مبتكرًا ومؤثرًا.
إن رؤية كافكا ككاتب فلسفي يبحث عن الحقيقة تفتح آفاقًا جديدة لفهم أعماله. فهي تسمح لنا برؤية عمق المعاني الكامنة وراء القصص والروايات التي كتبها.

موقف كافكا نفسه من تصنيفه.
إن تصريحه الشهير "ما هو الشيء المشترك بيني وبين اليهود؟" يعكس رغبته في التحرر من أي تصنيف جاهز، سواء كان دينيًا أو ثقافيًا أو حتى شخصيًا.
يشير كافكا إلى أن هويته ليست ثابتة، بل تتغير باستمرار، مما يجعل أي تصنيف لها أمرًا صعبًا. ويعبر عن شعور بالانعزالية والغربة، مما يدفعه إلى رفض أي انتماء جماعي. كما يركز على تجربته الذاتية الفريدة، ويرفض أي محاولة لتقسيمها أو تصنيفها.
تعتبر الكتابة بالنسبة لكافكا وسيلة للتعبير عن تجاربه وأفكاره الداخلية. ويرى البعض أنه تخلى عن الدين والفلسفة لصالح الأدب، ولكن هذا لا يعني أنه رفضهما تمامًا. بل إنه استخدمهما كأدوات للتعبير عن تجربته الفريدة. ويعتبر فيلسوفًا عمليًا، حيث يختبر الأفكار من خلال الكتابة، بدلاً من مجرد التفكير النظري.
إن محاولة تصنيف كافكا في فئة معينة هي محاولة بائسة. فهو كاتب معقد ومتعدد الأوجه، يتجاوز أي تصنيف جاهز. إن تركيزنا على تجربته الذاتية الفريدة، وعلى الطرق التي عبر بها عن هذه التجربة، هو أفضل طريقة لفهم أعماله.
كافكا والوجود الإنساني
إن تركيز كافكا على أعمق المفاهيم عن الوجود الإنساني ومصيره هو ما يجعل أعماله عالمية وتتجاوز الحواجز الثقافية والدينية. واستخدم الفن والتعبير للتعمق في أبعاد الواقع التي يصعب التعبير عنها بالكلمات حيث كانت الكتابة له، وسيلة للتعبير عن نفسه والوصول إلى حالة من السلام الداخلي.

استخدم كافكا الرمزية الدينية في أعماله، ولكن هذه الرمزية كانت تحمل معانٍ أعمق وأكثر تجريدًا من معانيها الدينية التقليدية. ففي العصر الحديث، تميل التحليلات النفسية والاجتماعية إلى التركيز على الجوانب النفسية والاجتماعية في أعماله، بدلاً من الجوانب الدينية. و يصعب تحديد الدور الديني بشكل قاطع فيها نظرًا لتعددية التفسيرات وتطور النظريات النقدية.
كافكا واليهودية: بين الانتماء والشك
على الرغم من أن كافكا كان يهوديًا، إلا أنه كان يشعر بالغربة والانفصال عن المجتمع اليهودي. وقد شكك في العديد من المعتقدات الدينية التقليدية، مما زاد من صعوبة تصنيفه. وإن قدرته على فهم سقوط الإنسان تعكس عمق تفكيره حول الطبيعة البشرية.
تتميز شخصيات كافكا باليأس والقلق، وهي تبحث باستمرار عن معنى لوجودها. و تشعر بصراع داخلي بين الرغبة في فعل الخير والواقع المظلم الذي يحيط بها. و على الرغم من جهودها، تفشل هذه الشخصيات في تحقيق أهدافها، مما يعكس الإحباط الذي يشعر به كافكا نفسه.
ومن الواضح أن للخلفية الدينية لكافكا تأثيرًا كبيرًا على أعماله، حيث تظهر العديد من الرموز الدينية والمواضيع الأخلاقية. ففي الوقت نفسه، يمكن اعتبار أعماله نقدًا ضمنيًا للسلطة الدينية، حيث تكشف عن تناقضات هذه السلطة وقسوتها. وإن علاقته بالدين هي علاقة معقدة ومتناقضة، حيث يتأثر بالدين وينتقده في نفس الوقت.
إن شغف كافكا بالخلاص والنعمة يجعله قريبًا من الكتاب الدينيين. ومع ذلك، فإنه يعبر عن هذا الشغف بطريقة فنية مبتكرة، تختلف عن الطرق التقليدية للتعبير الديني. و يمكن تفسير أعماله بطرق مختلفة، مما يجعل من الصعب تحديد هويته الدينية بدقة.
تأثير مرض السل على نفسية كافكا وإنتاجه الأدبي
كان المرض بمثابة سجن انعزالي لكافكا عن العالم الخارجي، مما زاد من شعوره بالوحدة والعزلة. هذا الشعور انعكس بشكل واضح في أعماله، حيث غالبًا ما يصور أبطاله في مواقف معزولة ومحاصرة. فقد كان الموت حاضرًا بشكل مستمر في حياته وشكّل هاجسًا كبيرًا لديه. وانعكس هذا الخوف في كتاباته، حيث غالبًا ما يصور الموت كقوة لا يمكن الهروب منها، وكواقع مرير يواجهه الإنسان. و كان يعاني من شعور بالذنب العميق، ربما بسبب مرضه الذي اعتبره عقابًا على أخطاء ارتكبها. وانعكس هذا الشعور بالذنب في كتاباته، حيث غالبًا ما يصور أبطاله وهم يحملون أوزارًا ثقيلة.
كان كافكا يشعر بالغربة في العالم، سواء كان ذلك بسبب مرضه أو بسبب شخصيته المعقدة. هذا الشعور بالغربة انعكس في كتاباته، حيث غالبًا ما يصور أبطاله وهم يبحثون عن مكان ينتمون إليه.
واستخدم كافكا الرمزية بشكل واسع في كتاباته للتعبير عن معاناته النفسية. على سبيل المثال، يمكن اعتبار الحشرة في رواية "التحول" رمزًا للمرض والعزلة. وغالبًا ما يستخدم سردًا غير خطي في رواياته، مما يعكس حالة الفوضى والاضطراب التي كانت تسود داخله. كما تتميز كتاباته بأجواء قاتمة ومظلمة، تعكس حالة اليأس والتشاؤم التي كان يعيشها. وغالبًا ما يصور شخصيات معذبة ومضطربة نفسياً، تعكس معاناته الخاصة.



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القلق من عواقب مشروع 2025 وخطاب ترامب الأخير
- النظرة النمطية لمفكري اليسار القومي إلى الاستشراق
- الترجمة الأدبية وجوهرها
- صعوبة فهم المقالات العلمية: مشكلة متنامية
- فهم قصص كافكا: رحلة عبر الغرابة والرمزية
- الهيمنة الثقافية في ظل الديمقراطية: تحليل غرامشي واستراتيجيا ...
- الكلمة سلاح ذو حدّين: بناءً وتدميرًا
- حديقة ليلى
- النقابات العمالية في ظل الديكتاتورية الاقتصادية
- الكتاب الذي خدع العالم: مراجعة نقدية لرواية -أرخبيل غولاج- ل ...
- الناخبون البريطانيون عاقبوا حزب المحافظين
- فرانز كافكا نبيّ العصر البرجوازي
- اليمين المتطرف آخذا الزمام
- العائلة في ظل الاشتراكية
- فلسفة أنطون تشيخوف حول الجنس والنساء والأدب
- صراع القيم في رواية تشيخوف -عنبر رقم 6-
- عن أدب تشيخوف المتميز خلال قصته -الوحشة-
- أوهام الإصلاحات في ظل ولاية الفقيه المطلقة
- أبو العلاء المعري: رهين المحبسين وفلسفته حول الزواج
- قراءة في مذكرات سفيتلانا، ابنة ستالين- الجزء 3


المزيد.....




- سيارة توم كروز في فيلم -أعمال محفوفة بالمخاطر- قد تباع بـ1.4 ...
- اقتصادي يضع عدة تحديات للعراقيين الراغبين بالسكن في الاقليم: ...
- منهجية الاستبداد في تخريب التعليم الشرعي وتدمير الكليات الشر ...
- مهرجان لوكارنو يكرم شاه روخ خان لمساهمته -في إعادة تعريف الس ...
- كيف تتباين الروايات الغربية والإيرانية حول طريقة اغتيال هنية ...
- بصمات روسية مضيئة
- العاصمة الروسية تتحضر لمهرجان -يوم الرياضي في موسكو-
- فنان مصري يتصدر التريند بعد امتلاكه سيارة سعرها تخطى الـ100 ...
- منتزه فورونتسوفو يشهد العرض الأول للمسرحية الموسيقية -كنوز ا ...
- الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية


المزيد.....

- ديوان قصَائدُ لَهُنَّ / ياسر يونس
- مشاريع الرجل الضرير مجموعة قصصية / كاظم حسن سعيد
- البحث عن الوطن - سيرة حياة عبدالجواد سيد / عبدالجواد سيد
- Diary Book كتاب المفكرة / محمد عبد الكريم يوسف
- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - تأثيرات البيئة والدين والمعاناة في أعمال كافكا