|
جذور الارهاب العالمي واهدافه
ابو سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1769 - 2006 / 12 / 19 - 10:37
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
من الواضح ان الارهاب السلفي الدائر الآن في العالم بقيادة منظمة القاعدة، هو خارج السياق التاريخي للصراعات المتعارف عليها في العصر الحديث. فهي ليست صراعات طبقية بين المستغلين والمستغلين، ولا هو صراع بين الدول والاجنحة البرجوازية حول منافع اقتصادية وسياسية أما الاعتقاد السائد بأن القاعدة متطرفة دينيا وهي تسعى لنشر التطرف الديني، فهو رأي خاطيء لاينطبق على الواقع لان الجرائم التي ترتكبها لغرض مفاهيمها ونمط الحياة التي تريد فرضها على الشعوب يتنافى مع الدين الاسلامي بكل طوائفه. فمن المعروف ان فكر القاعدة هو امتداد للفكر الوهابي الذي ظهر في الجزيرة العربية في بداية القرن الثامن عشر بزعامة الشيخ محمد ابن عبدالوهاب التميمي الذي ولد سنة 1703 في منطقة الصينية بنجد وكان والده وجده من رجال الدين، وكان هو ايضا يكرس حياته للشؤون الدينية وكان دينه الجديد يدعو الى العودة للحياة البدائية وحرم الادب والفن وكل مظاهر الحياة المعاصرة. وفي المجال الديني حرم تشييد القبور والاضرحة وحرم زيارة الائمة والاولياء ودعا الى عدم تقديسهم او تفضيلهم على باقي البشر. فلاقت دعوته تأييدا من سكان الصحراء المتخلفين ثقافيا وحضاريا. وأول من اعتنق الوهابية من الامراء السعوديين، محمد ابن سعود المتوفي سنة 1765 وابنه الاميرعبد العزيز ودخلا في حلف معه. وبعد وفاة مؤسس الوهابية جمع الامراء السعوديون في أيديهم السلطتين الدينية والدنيوية. ومنذ ذلك الوقت اتخذوا من الدعوة الى نشر الوهابيين ذريعة للغارات البربرية التي يشنوها على الامارات الاقطاعية الاخرى في نجد والحجاز وعلى الدول المجاورة من أجل السلب والنهب وتوسيع امارتهم، الا ان الدول الكبرى في ذلك الوقت ومنها الامبراطورية العثمانية وبريطانيا ومحمد علي الكبير في مصر، منعتهم من التوسع خارج صحراء الجزيرة العربية. ولكن غارات السلب والنهب على الدول المجاورة ومنها العراق ظلت مستمرة حتى بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة، فقامت بريطانيا بعقد مؤتمر صلح بين الملك فيصل الاول ملك العراق وعبد العزيز آل سعود ملك السعودية. ومنذ ذلك الوقت ظلت الحركة الوهابية محصورة في الصحراء العربية. هذه هي البيئة الاجتماعية والدينية التي انحدر منها اسامة ابن لادن وانشأ منظمة القاعدة وفق تلك القيم والافكار الفاشية المتخلفة. ولا ارى حاجة لشرح دور امريكا في تكوين القاعدة وكيف سخرتها لمحاربة حكومة افغانستان الموالية للسوفييت لان ذلك معروف للجميع. ولكن ذلك التعاون يقربنا من معرفة الاهداف الحقيقية لمنظمة القاعدة وكل الاحزاب والحركات الاسلامية التي تعادي امريكا الآن وتثبت أن هذا العداء ليس لان امريكا دولة استعمارية امبريالية منذ عشرات السنين كما انها لم تكن دولة اسلامية عندما كانت تلك المنظمات الاسلامية تعمل لحسابها عندما كان الاتحاد السوفييتي قوة عظمى وكانت الحركة الشيوعية العالمية تتمتع بنفوذ واسع بين الجماهير ولها تأثير حاسم على مجرى الاحداث. وبعد انهيار الكتلة السوفيتية وتبعثر الحركة الشيوعية فكرا وتنظيما، بدأت المنظمات الاسلامية تجاهر بعدائها لامريكا الامر الذي يؤكد أن تلك القوى الاسلامية لا تكتفي بمحاربة الشيوعية كما كانت تريد أمريكا، بل أثبتت الاحداث انها تريد تدمير الحضارة العالمية وارجاع المجتمع الى نمط الحياة التي كانت سائدة في القرون الوسطى. وكان أول اصطدام بين الاسلاميين وامريكا في الحادي عشر من ايلول عندما قامت القاعدة بضرب أمريكا بعقر دارها وكرد فعل لذلك الحدث اعلن الرئيس الامريكي الحرب على الارهاب العالمي وهو قرار انفعالي غير مدروس ولم توضع له الآلية المناسبة لانجاحه. واول ماقامت به امريكا ردا على أحداث ايلول هو غزو افغانستان واسقاط حكومة طالبان واعتبرت ذلك اول انتصار على الارهاب. بينما الحقيقة هو اول بوادر الفشل والعجز الامريكي في مواجهة الارهاب حيث انتقلت طالبان والقاعدة بكامل عددها وعدتها الى الجبال الوعرة على الحدود الباكستانية الافغانية ومن هناك استعاضت عن المواجهة المباشرة بحرب العصابات التي لازالت مستمرة وفي تصاعد مستمر، وكذلك غزوها للعراق كانت نتائجه اسوء من حرب افغانستان. اعتقد ان هذ التخبط والفشل في مواجهة الاحداث لا يقتصر على امريكا فقط بل هو فشل للنظام العالمي الجديد الذي تريد ان تفرضه الدول الرأسمالية الكبرى وامريكا وفشل المؤسسات الدولية وفي مقدمتها هيئة الامم ومجلس الامن الدولي. والاهم من ذلك ان البناء الفوقي للحكومات والمجتمعات الغربية من قوانين وانظمة وانغماسها في حياة اللهو والمجون وتفضيل المصلحة الخاصة على كل شيء. ان هذا النمط من الحكومات والانظمة غير قادرة على مواجهة الارهاب المنفلت والمجرد من أي رادع. ولكن هذا لا يعني ان الارهاب سوف ينتصر ويسيطر على العالم ويفرض افكاره الخرافية المتخلفة. اذن كيف ستكون نتيجة هذا الصراع الحضاري بين الارهاب السلفي وبين الديمقراطية البرجوازية؟ اعتقد أن اشتداد الارهاب وتوسعه، سوف يمهد الطريق لليمين المتطرف في الغرب للوصول الى السلطة وظهور زعماء فاشيين على غرار هتلر وموسليني فيلفون كل القوانين والانظمة المعمول بها ويشنون حرب ابادة على المناطق التي يتواجد فيها الارهاب ومن يتعاطف معه وليس من المستبعد ان تباد نصف الشعوب الاسلامية.
#ابو_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانية الديمقراطية والعلمانية الديكتاتورية
المزيد.....
-
-حرب- التعريفات الجمركية بين الصين وأمريكا.. كيف ستستجيب بكي
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس وزراء يلتق
...
-
إجلاء أطفال فلسطينيين جرحى إلى مصر مع إعادة فتح معبر رفح
-
تعيين اللواء إيال زمير رئيسا جديدا لأركان الجيش الإسرائيلي
-
كاميرا تلتقط لحظة انفجار طائرة في فيلادلفيا في كارثة جوية جد
...
-
بوتين يهنئ البطريرك كيريل بذكرى تنصيبه الكنسي
-
قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مركبتين في مدينة جنين (فيد
...
-
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن صاروخ كروز البحري بمدى يتجاوز
...
-
طالبة صينية أول ضحية لقانون ترامب بترحيل الطلاب المؤيدين لفل
...
-
ترامب يأمر بتوجيه -ضربة دقيقة- لاستهداف أحد زعماء -داعش-
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|