|
دراسة في فكر مهدي عامل!
ادم عربي
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8057 - 2024 / 8 / 2 - 16:08
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
بقلم : د . ادم عربي مهدي عامل هو مفكر ماركسي وصحفي لبناني، يُعدّ من أبرز المفكرين الماركسيين في العالم العربي. اسمه الحقيقي هو حسين مروة، وقد اشتهر بكتاباته حول القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. كتب مهدي عامل العديد من الكتب التي تركز على نقد الاستعمار، الرأسمالية، والتطورات السياسية في العالم العربي. واحدة من أشهر أعماله هي "اليمين الإسلامي: دراسة في مشروعه الأيديولوجي". في عمله "اليمين الإسلامي: دراسة في مشروعه الأيديولوجي"، يناقش مهدي عامل تطور الأيديولوجيات اليمينية الإسلامية في العالم العربي. يركز على كيف تطورت هذه الأيديولوجيات كأحد ردود الفعل ضد الاستعمار والرأسمالية الغربية، ويستعرض تأثيراتها على السياسة والمجتمع في العالم العربي. يتناول مهدي عامل في هذا الكتاب كيف أن الحركات الإسلامية اليمينية قد وظفت الدين كأداة سياسية لتعزيز نفوذها، وكيف أنها قد تواجه وتحد من حركات التقدم الاجتماعي والسياسي. كما يبرز كيف أن هذه الحركات تستغل الفقر والظروف الاجتماعية الصعبة لتدعيم نفوذها وتأثيرها. مهدي عامل لا يدّعي أن الاستعمار هو من أوجد اليمين الإسلامي بشكل مباشر، لكنه يربط بين تأثيرات الاستعمار وظروفه الاجتماعية والسياسية وتأجيج النزعات اليمينية الإسلامية. يوضح في عمله أن الاستعمار والرأسمالية الغربية قد أدّيا إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي، مما ساهم في خلق بيئة مهيأة لنمو الحركات الإسلامية اليمينية. في تحليل مهدي عامل، يظهر أن هذه الحركات تستغل الظروف الاجتماعية الصعبة والاحتلالات والاستعمارية كوسيلة لجذب الدعم الشعبي من خلال تقديم نفسها كبديل للأنظمة الفاسدة أو الفاشلة.
مهدي عامل حلل العالم العربي من وجهة نظر ماركسية من خلال عدة محاور رئيسية: الاستعمار والرأسمالية: ناقش دور الاستعمار والرأسمالية في تشكيل البنية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي. رأى أن الاستعمار قد أسهم في تعزيز الفوارق الطبقية والفقر، بينما ساهمت الرأسمالية في تعزيز هذه الفوارق من خلال استغلال الموارد وتوجيه الاقتصاد لخدمة مصالح القوى الغربية.
التبعية الاقتصادية: انتقد التبعية الاقتصادية للدول العربية تجاه القوى الكبرى، مشيرًا إلى كيف أن هذه التبعية تمنع الدول العربية من تحقيق تنمية ذاتية ومستقلة. اعتبر أن الاقتصاديات العربية غالبًا ما تكون مبنية على تصدير الموارد الطبيعية واستيراد السلع المصنعة، مما يعزز من التبعية الاقتصادية ويقيد التنمية المستدامة.
الصراع الطبقي: ربط مهدي عامل الصراع الطبقي في العالم العربي بالتحديات الاجتماعية والسياسية التي تواجهها المنطقة. كان يرى أن الصراعات الاجتماعية بين الطبقات، بما في ذلك الطبقات الفقيرة والطبقات الحاكمة، تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الحركات السياسية والاجتماعية.
الأيديولوجيا: تناول تأثير الأيديولوجيات المختلفة، بما في ذلك الإسلام السياسي، على البنية الاجتماعية والسياسية في العالم العربي. رأى أن الأيديولوجيات تسهم في تشكيل وعي الناس وفي التأثير على الحركات الاجتماعية والسياسية.
التحولات الاجتماعية: ركز أيضًا على كيفية تأثير التحولات الاجتماعية والاقتصادية على حركة الطبقات الاجتماعية وتطوراتها. درس كيف يمكن أن تؤدي الأزمات الاقتصادية والاجتماعية إلى تغييرات في التركيبة الاجتماعية ونشوء حركات جديدة.
في مجمل تحليله، كان مهدي عامل يسعى إلى فهم الديناميات المعقدة التي تؤثر على العالم العربي من خلال عدسة ماركسية، والتي تعكس كيف أن الطبقات الاجتماعية والاقتصادية تساهم في تشكيل الأحداث السياسية والاجتماعية. من وجهة نظر ماركسية، حلل مهدي عامل الطائفية باعتبارها ظاهرة اجتماعية وسياسية مرتبطة بالبنية الاقتصادية والاجتماعية. وفقًا لمهدي عامل، يمكن تلخيص تحليله للطائفية في النقاط التالية:
تأثير التناقضات الاجتماعية: اعتبر مهدي عامل أن الطائفية تنشأ وتستمر كوسيلة لتحويل التناقضات الطبقية إلى تناقضات دينية أو طائفية. يرى أن الطائفية تعمل كأداة لتشتيت انتباه الناس عن الصراعات الطبقية الحقيقية، مما يسهل على القوى الحاكمة والأغنياء الحفاظ على سلطتهم ونفوذهم.
الاستغلال السياسي للطائفية: رأى أن الطائفية تُستَغل من قبل القوى السياسية والأنظمة الحاكمة لتعزيز مصالحها وتقوية سلطتها. تستغل القوى الحاكمة الانقسامات الطائفية لتقسيم المجتمعات وإضعاف حركات المعارضة، مما يتيح لها السيطرة على الموارد والسلطة دون مواجهة تحديات جدية.
عدم استقرار الأنظمة: اعتبر مهدي عامل أن الطائفية تعزز من عدم استقرار الأنظمة السياسية، حيث تساهم في تفكيك الوحدة الوطنية وإثارة النزاعات الداخلية. هذا يؤدي إلى تعزيز الصراعات وعدم الاستقرار الاجتماعي، مما يجعل من الصعب تحقيق التنمية الاجتماعية والسياسية.
الطائفية كأداة لزيادة السيطرة: ربط الطائفية بزيادة السيطرة الاجتماعية والسياسية للطبقات الحاكمة. من خلال تقسيم المجتمع إلى مجموعات طائفية، يمكن للطبقات الحاكمة أن تعزز من سلطتها وتمنع التحالفات بين الجماعات الشعبية التي قد تهدد سلطتها.
التحليل الاقتصادي: في تحليله، ركز مهدي عامل على كيفية تأثير البنية الاقتصادية على ظهور الطائفية. اعتبر أن الطائفية تنمو في سياقات اقتصادية واجتماعية تهيمن عليها التفاوتات الطبقية والاستغلال، مما يعزز من استخدام الطائفية كوسيلة للتحكم.
بشكل عام، كان مهدي عامل ينظر إلى الطائفية كظاهرة تُستخدم لتحويل الانتباه عن الصراعات الطبقية الأساسية وتعزيز الانقسامات التي تفيد القوى الحاكمة. من الأمثلة الحية التي تعبر عن أفكار مهدي عامل هي تحليل الطائفية في لبنان، خاصة خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990). في هذا السياق، يمكن أن نرى كيف أن الطائفية قد أُستخدمت كأداة لتحويل الصراعات الاقتصادية والاجتماعية إلى صراعات دينية وطائفية.
مثال محدد:
الحرب الأهلية اللبنانية: خلال الحرب الأهلية اللبنانية، تحولت التوترات الاقتصادية والاجتماعية إلى صراعات طائفية. الأحزاب السياسية والفصائل المختلفة، مثل حزب الله، والميليشيات المسيحية مثل القوات اللبنانية، استخدمت الهوية الطائفية لزيادة الدعم الشعبي وتعزيز موقفها في النزاع. الطائفية لم تكن فقط سببًا للصراعات، بل كانت أيضًا وسيلة لتحويل الانتباه عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية الأساسية مثل الفقر والبطالة والفساد.
التقسيم السياسي والاجتماعي: بعد الحرب الأهلية، تم إدماج الطائفية في النظام السياسي اللبناني من خلال ما يُعرف بـ "اتفاق الطائف" الذي قسم السلطة بين الطوائف المختلفة. هذا الاتفاق عزز من الانقسامات الطائفية وأدى إلى تقسيم السلطة بناءً على الانتماءات الطائفية بدلاً من الكفاءة السياسية أو الاقتصادية. هذا النظام ساهم في الحفاظ على الوضع الراهن وأدى إلى استمرار الفساد وعدم الاستقرار.
مهدي عامل، الذي كان من أبرز المفكرين الماركسيين في العالم العربي، تعرض لانتقادات من بعض المفكرين الماركسيين. كانت بعض هذه الانتقادات تتعلق بنظرته للتطور الاجتماعي والسياسي في العالم العربي، وأحياناً كانت تتعلق بكيفية تطبيق المفاهيم الماركسية في السياق العربي.
إحدى الانتقادات التي وُجهت إليه تتعلق بتركيزه على البُعد الاجتماعي والثقافي في تفسيره للتطورات السياسية، بينما كان البعض يرون أن هذه الرؤية قد تكون غير كافية لفهم الديناميات الاقتصادية التي تؤثر بشكل كبير على المجتمعات العربية. كما كان هناك من اعتبر أن مهدي عامل قد يبالغ في التركيز على النضال الطبقي دون الأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى التي تلعب دوراً في التغيير الاجتماعي.
على العموم، تعتبر أعمال مهدي عامل من المساهمات المهمة في الفكر الماركسي العربي، ولكنها لم تكن خالية من الجدل والنقاشات داخل الأوساط الأكاديمية. مثال توضيحي:
مهدي عامل كان يؤكد على أهمية الأيديولوجيا في تشكيل الوعي الطبقي وتعزيز النضال الاجتماعي. في كتابه "نقد الفكر السياسي العربي"، كان يربط بين النضال الطبقي وضرورة تجديد الأيديولوجيا الماركسية لتتناسب مع السياق العربي. لكن بعض المفكرين الماركسيين انتقدوا هذه الرؤية معتبرين أن التركيز على الأيديولوجيا قد يغفل عن الجوانب الاقتصادية والهيكلية في فهم الصراعات الاجتماعية.
نقد محدد: بعض النقاد رأوا أن مهدي عامل قد يكون قد أهمل الجوانب الاقتصادية الأساسية، مثل التوزيع غير العادل للثروات والموارد، واعتبروا أن تحليل الأيديولوجيا وحده لا يكفي لفهم التفاوتات الاقتصادية العميقة. هؤلاء النقاد كانوا يرون أن التركيز على الأيديولوجيا قد يشتت الانتباه عن التحليل الملموس للقوى الاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر على النضالات الطبقية.
بهذا الشكل، فإن النقد الذي وُجه لمهدي عامل يتعلق بالاعتقاد بأن تحليله الأيديولوجي قد يكون محدوداً إذا لم يتم إدماجه مع تحليل اقتصادي أعمق.
التبعية البنيوية: انتقد مهدي عامل النظرية الاقتصادية الرأسمالية واعتبر أن التخلّف الاقتصادي يعود إلى الاستعمار نفسه. بدلاً من التركيز على الصراع الطبقي، ركز على الاستعمار كركيزة موضوعية للتحليل. التحليل الثقافي: انتقد تحليل إدوارد سعيد لماركس، واعتبر أنه لم يأخذ بالاعتبار الواقع الاجتماعي الاستعماري. أيضًا، ناقش مشكلة التراث الثقافي ورأى أنها مشكلة للفكر البرجوازي العربي المعاصر. التوجه البرجوازي: اعتبر مهدي عامل أن الفكر البرجوازي يعاني من التأسلم والميل للمشكلات اليومية، بدلاً من التركيز على الحضارة العربية.
#ادم_عربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اذكريني!
-
نقض الفلسفة الوجودية !
-
نحن الظالمون!
-
في ماركسية ماركس!
-
الاقتصاد السياسي للنقود!
-
ولما أشرق وجهك
-
فلسفة أكسل هونيث!
-
الديالكيك ...فهماً وتحليلاً!
-
على ضفافِ طَيْفِكِ!
-
فوز اليسار في فرنسا ...واقع وتحديات
-
هل الوعي البشري هو الذي اخترع اللغة؟
-
فلسفة جاك دريدا!
-
فلسفة يورغن هابرماس وملاحظاتي عليها!
-
مفاسِد تربوية وأخلاقية!
-
واشنطن وموسكو.. صراعٌ لتبادُل المصالح!
-
في فلسفة اللغة!
-
الفلسفة العلمية مُركَّب كيميائي من كل العلوم!
-
السياسة بين التَّفسيرين المثالي والواقعي!
-
الانتخابات الأوروبية والديمقراطية المُزَيَّفة!
-
في فلسفة الموت والحياة !
المزيد.....
-
مباشر: حزب النهج الديمقراطي العمالي يخلد ذكرى شهداء الشعب ال
...
-
مظلوم عبدي لفرانس24: -لسنا امتدادا لحزب العمال الكردستاني وم
...
-
لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا
...
-
متضامنون مع «نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس» وحق الت
...
-
التصديق على أحكام عسكرية بحق 62 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ«
...
-
تنعي حركة «الاشتراكيين الثوريين» ببالغ الحزن الدكتور يحيى ال
...
-
الحزب الشيوعي يرحب بمؤتمر مجلس السلم والتضامن: نطلع لبناء عا
...
-
أردوغان: انتهت صلاحية حزب العمال الكردستاني وحان وقت تحييد ا
...
-
العدد 584 من جريدة النهج الديمقراطي
-
بوتين يعرب عن رأيه بقضية دفن جثمان لينين
المزيد.....
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
المزيد.....
|