حسام تيمور
الحوار المتمدن-العدد: 8055 - 2024 / 7 / 31 - 06:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان لدي تردد كبير في اتخاذ موقف حاسم من نازلة "العفو الملكي عن صحفيين و مدونين"، رغم أن كل شيء واضح، من منظور العرف السياسي الذي يوجه و يؤطر هذا الفعل، و سبب هذا التردد واحد لا اكثر، و هو وجود اسمين ثقيلين ضمن لائحة الدجل النضالي ..هما الصحفي "عمر الراضي" و المدونة "سعيدة العلمي".
أقول هنا و بكل صراحة و وضوح، أننا نعيش سياقا مشحونا للغاية، سياقا لا يتحمل المواقف الرمادية و لا حتى "الملونة"، و هي المواقف التي يُعرف بها هذا المعسكر تحديدا، او ماهية فعله النضالي المعارض المزعوم.
يعلم نظام الحكم أنه يعيش ازمة خانقة، و يعلم، او ربما لا يريد ان يعلم، ان أزمة البارحة التي عولجت بما سمي بالانتقال السلس للحكم و التناوب الديمقراطي التوافقي، ليست هي أزمة اليوم التي لن تحل سياسيا و لا اجتماعيا، و لا حتى اقتصاديا، في ظل انعدام البدائل و الحلول، و في ظل واقع يقول بموت السياسة و موت المجتمع.
لا تعيش المنظومة بهذا المعنى ما يُتعارف عليه بتهديد السكتة القلبية او الدماغية، خلال الأيام الأخيرة لحكم الحسن الثاني، بل ازمة وجود، و هي تسارع لضبط الإيقاع على نغمات "معنا او ضدنا" بشكل اكثر و اكثر رخصا و حقارة كذلك، بالتوازي مع اشاعة أجواء الحرب، و التهديد الخارجي، و في هذا المعنى و المبنى يأتي عفو البارحة و ما بعده.
أظن هذا التردد حُسم لصالح تلك الافكار العدمية، و لا يمكن اليوم اعتبار الجمع سوى "عدوا مباشرا"، لقضية الحرية و التحرر، بالمعنى السياسي و الوجودي كذلك، شأنه في ذلك شأن الريفيين، عندما يحين وقت استدعائهم عن طريق عفو اخر قادم.
و في سياق "التناوب"، كان هناك دائما معنى او منطق "سياسي اجتماعي" للعملية، هو ثقل القواعد الشعبية لدى الطرفين المساومين، (شعب المخزن و شعب اليسار و النقابات)، و هذا ما قامت منظومة الحكم و الحكامة بتدميره على مراحل، تجنبا لابتزاز الداخل و الخارج، من منظور نفس الحكم طبعا.
لكن .. يعلم النظام الحاكم جيدا أنه يعيش اليوم ما هو أسوء من القلاقل السياسية و الاجتماعية، أو ما بعد أزمة "الدولة و شرعية الحكم"، إنه يعيش اليوم أزمة استراتيجية و جيوستراتيجية بالدرجة الأولى، تسبب بها تسيب فظيع في اتخاذ القرار، و جنوح سياسي و اقتصادي، غير مسبوقين، نحو كل ما هو شاذ، و مقرف...
يبدو الأمر و كأن هناك من كان يسابق التاريخ على مركز متقدم في سباق العار، و سياسات العار، و الانحطاط، و التهوّد، اجتماعيا و سياسيا و ثقافيا و روحيا، و قد نجح في هذا الرهان دون اكتراث بالعواقب، و يعاني النظام بعيدا عن كل ما يمكن اصلاحه من ازمة "الماء"، و الحل هنا ليس بيد حاكم ولا محكوم و لا يسار و لا يمين، ولا بنك دولي ولا صهيونية عالمية، و هذا كله طبعا، و غيره، سيفرض على كل حليف غير معلن، او معارض مزيّف، او متذبذب، الاختباء تحت موائد المركز و انتظار الفتات، و كذلك .. انتظار المد الكبير .. او لحظة الحقيقة .. او "ما يحذرون" ..
#حسام_تيمور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟