رحمة يوسف يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8054 - 2024 / 7 / 30 - 19:53
المحور:
الادب والفن
جاري العجوز كل صباح يرش عتبة بابه بالماء
يستفزني الوقت الذي يقضيه في الرش حتى نصف الزقاق الذي نقطن فيه
وأنا التي أكاد أن أحصي قطرات الماء حين أستخدمه، لا أجرؤ على أن أنصحه
فالمسافة بيني وبين أذنيه التي ستجتازها نصيحتي خمسون سنة تقريبًا
هدأ ذاك الشعور الذي ينتابني كل صباح بعدما فلسفت عادته السيئة تلك
أنا لمحته مرات معدودة
وبتلك اللمحات كأني اطلعت على ملخص كتابه
أقسم أن الذكريات تنهمر كالشلال المتدفق من خرطوم الماء بيده
وأن قلبه يضخ الحزن في شرايينه
فلم أتركه وشأنه فحسب، بل لم أعد أتحسر على الماء
وهل إسراف حيوات المرء في وطن أهون من إسراف الماء
إنه يرش أصباحه الجافة ويخشى من أن تتيبس كمفاصله
مفاصله تلك التي كانت تأخذ بأقدامه إلى العمل
وتعيده إلى البيت حيث الأولاد
غادر الأولاد إلى مدرسة الحياة
والوقت كله يتسع للانتظار
وأقدامه لا يسعها المشي إلا وراء ذرات غبار
تركها الفراغ فيرشها بالماء
#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟