أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غازي الصوراني - كيف وصلت المجتمعات العربية في المرحلة الراهنة إلى هذه الحال الشديدة التخلف والتبعية والانحطاط؟














المزيد.....

كيف وصلت المجتمعات العربية في المرحلة الراهنة إلى هذه الحال الشديدة التخلف والتبعية والانحطاط؟


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 8054 - 2024 / 7 / 30 - 14:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



للإجابة على هذا السؤال ، أشير بداية إلى مجتمعاتنا العربية التي تعاني من ازدواجية واضحة على مختلف المستويات والاقتصادية، والاجتماعية، والقانونية، والإدارية، والثقافية. ازدواجية تتمثل في وجود قطاعين أو نمطين من الحياة الفكرية والمادية، منفصلين ولكنهما متعايشان معاً داخل المجتمع الواحد: أولهما عصري مستنسخ عن النموذج الغربي، ومرتبط به ارتباطاً تبعياً، والثاني تقليدي أو أصيل، وهو استمرار لما كان قائماً من قبل التغلغل الإمبريالي، ويتم الدفاع عنه بدعوى الأصالة والحفاظ على تراث الأسلاف"!.
والسؤال الآن: كيف وصلت المجتمعات العربية في المرحلة الراهنة إلى هذه الحال الشديدة الانحطاط التي أدت إلى تكريس التبعية وإعادة انتاج وتجديد التخلف بكل مضامينه الاجتماعية والثقافية، وأين يكمن الخلل؟، وجوابي : إنه يكمن في طبيعة التطور الاجتماعي الاقتصادي والثقافي والسياسي التاريخي الرث والمشوه والمتخلف، وخصوصاً في مرحلة الانفتاح والبترودولار، التي وفرت المناخ الملائم لإعادة تجديد وانتاج الأفكار والحركات السلفية الغيبية المتزمتة، تمهيدا لهيمنتها على صعيد الفكر والمجتمع العربي، انسجاما مع تزايد تبعية وتخلف وارتهان معظم المجتمعات العربية للنظام الإمبريالي، بما أدى إلى ازاحة المعرفة العقلانية والسلوك الديمقراطي لحساب التخلف والأفكار الرجعية السلفية، التي كانت - وما زالت - تشكل عقبةً في وجه تفتح الرؤية العقلانية التنويرية العربية، وأبقت الأوضاع العربية أسيرة لمناخ التخلف ومظاهره التاريخية القديمة والحديثة المعاصرة التي أدت إلى تضخيم ظاهرة التخلف وتزايد تراكماته ومن ثم إعادة إنتاج التخلف وتجديده التي تتبدى في استمرار جمود العقل السياسي العربي بسبب قوة الاستبداد التاريخي المرتبط بالخليفة او السلطان او الملك والأمير من جهة ، وقوة الاستبداد السياسي المعاصر في الٱنظمة الملكية والجمهورية على حد سواء رغم اختلاف أساليب القمع والتنكيل والاضطهاد ، مع بقاء التطور الاجتماعي الاقتصادي في حالة من السيولة الطبقية مرهونا لمقتضيات التبعية في مجمل الانظمة العربية عموماً ،ولرموز العشيرة او القبيلة في بلدان النفط خصوصا المحكومة حتى اللحظة بعلاقات سياسية معينة مرتبطة بالقبيلة والعقيدة الدينية الشكلية بما يخدم مصالح الفئات الحاكمة في تلك البلدان وذلك عبر نمط إنتاجي الذي يرمز إليه بالغنيمة أو الدخل غير الإنتاجي الذي يتذرع المستفيدين منه بالعقيدة الدينية كما هو الحال في السعوديه ، وبالتالي فإن نفي وتجاوز هذه الأوضاع ثوريا أمر لا بد منه من أجل تحقيق متطلبات النهضة والديمقراطية والتقدم .
وفي هذا السياق يقول المفكر الراحل محمود العالم " إن قضية تجديد العقل السياسي العربي اليوم مطالبة بأن، تحول "القبيلة" في مجتمعنا إلى تنظيم مدني سياسي اجتماعي، وتحول " الغنيمة "أو الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد إنتاجي، يمهد لقيام وحدة اقتصادية بين الأقطار العربية، كفيلة بإرساء الأساس الضروري لتنمية عربية مستقلة، وتحويل العقيدة إلى مجرد رأي، أي التحرر من سلطة عقل الطائفة والعقل الدوجمائي، دينياً كان أو علمانياً، وبالتالي التعامل بعقل اجتهادي نقدي"، ما يستدعي من المثقف العربي في مجابهة هذا التمدد الرجعي السلفي غير المسبوق، التأمل والتفكير والنضال الديمقراطي ضد الاستبداد والاستغلال ومتابعة المستجدات النوعية التي ستدفع إلى بلورة مفهوم جديد للمعرفة، صاعداً وثوريا وديمقراطيا بلا حدود أو ضوابط، بعد أن أصبحت صناعة الثقافة والمعلومات من أهم صناعات هذا العصر بلا منازع .
وهنا بالضبط تتجلى أهمية الفلسفة العقلانية التقدمية ونشرها عبر الجامعات والمدارس في بلادنا لمجابهة تحديات الانحطاط الاجتماعي الثقافي الراهن، عبر إعادة الاعتبار للفكر الفلسفي الديمقراطي والتقدمي، من خلال إعادة بلورة وصياغة أسس ومفاهيم الحداثة والعقل والعقلانية والحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية بما يسهم في استنهاض الفكر العربي المعاصر ونقله بصورة نوعية قادرة على إحداث التغيير النهضوي الديمقراطي المطلوب، ذلك هو هدف الفلسفة العقلانية الحداثية الديمقراطية التقدمية القادرة على مجابهة وهزيمة القوى اليمينية بمختلف منطلقاتها وأطيافها والوانها ومسمياتها.
في هذا الجانب، أشير إلى العلاقة التبادلية، والترابط الجدلي بين حالة التخلف المعرفي، وبين أوضاع التخلف الاجتماعي الاقتصادي في مجتمعاتنا العربية، التي تعيش حالة من الانحطاط والانقطاع المعرفي منذ القرن الثالث عشر الميلادي حتى اليوم، بحيث باتت دول الوطن العربي مجرد حلقات طرفية تابعة ومرتهنة للنظام الامبريالي الأوروبي والأمريكي، وأصبحنا –كعرب- نعيش على هامش الحضارة الغربية.
صحيح ان هناك عوامل خارجية وظروف موضوعية، أدت إلى مراكمة وتكريس أوضاع التخلف والاستتباع، إلا أننا لا يمكن أن نتجاوز العوامل الذاتية العربية من حيث غيابها وقصورها وعجزها، ارتباطاً بالمصالح الطبقية الانتهازية، ودورها الرئيسي في وصول مجتمعاتنا وبلداننا إلى هذه الدرجة من الخضوع والتخلف المعرفي والمجتمعي، الذي حال دون ظهور أي فيلسوف عربي بعد ابن رشد، في مقابل نهوض أوروبا المعرفي والمجتمعي، رغم تخلف وظلام القرون الوسطى، عبر مئات الفلاسفة والمفكرين والعلماء الذين صنعوا معالم نهضتها .



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن مقولة فصل الدين عن الدولة....
- مقارنة غير منطقية بين تطور المجتمعات الاوروبية وجمود وتخلف ا ...
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
- المثقفون العرب وخطاب النهايات ( نهاية العلم ونهاية الفلسفة و ...
- عن تخلف تبلور القومية العربية......
- شعار يهودية دولة العدو بين -الانبعاث الديني- والعلمانية..... ...
- آثار التدمير الصهيوني لقطاع غزة وتكاليف الإعمار
- الصهيونية تستخدم التوراة وما يسمى أرض الميعاد تحقيقاً لمصالح ...
- _باختصار عن الجامعات ومراكز البحث العلمي لدى -دولة- العدو ال ...
- بوضوح وصراحة ، حول الصراع بيننا وبين الحركة الصهيونية.....
- _ دروس وعبر الوعي بتاريخ الفلسفة .........
- حوار مع صديقي رفيقي العزيز بروفيسور هشام غصيب حول مستقبل الر ...
- الفلسفة من أجل التغيير الثوري والنهوض التقدمي الديمقراطي
- التخلف الفكري في الثقافة العربية وأهمية الفلسفة العقلانية ال ...
- حول تطور -الوعي بالذات- أو بالهوية القومية، عبر التاريخ، لدي ...
- دراسة تتناول المؤشرات أو الظواهر الدالة على التمهيد لإنهاء خ ...
- المادية الجدلية والمنهج العلمي الجدلي وتعريف المادة وأشكال و ...
- تغيرات واقع الثقافة والفكر والأدب في الوطن العربي بين إبداع ...
- سؤال العولمة ؟
- العولمة وتأثيرها على الوضع الدولي والعربي


المزيد.....




- بعد غارة بيروت.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حزب الله تجاوز -الخ ...
- شاهد.. اللحظات الأولى بعد الغارة الإسرائيلية على حارة حريك ف ...
- -خوفا من رد حزب الله-.. السلطات الإسرائيلية تأمر بفتح الملاج ...
- ندى حافظ ليست أول حامل تنافس في الألعاب الأولمبية
- كوريا الشمالية تتحرك بسرعة: علاج سمنة زعيمها كيم جونغ أون في ...
- إعلان فرنسا رسميا عن اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه يُشكّ ...
- تحليل: أسباب أزمة السكن في ألمانيا وكيف يمكن حلها؟
- مسؤولون إسرائيليون يتوقعون إطلاقا مكثفا للصواريخ عقب الغارة ...
- -رويترز-: نجاة القائد في حزب الله الذي استهدفته إسرائيل في ا ...
- الخارجية الروسية: الضربات على لبنان انتهاك صارخ للقانون الدو ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غازي الصوراني - كيف وصلت المجتمعات العربية في المرحلة الراهنة إلى هذه الحال الشديدة التخلف والتبعية والانحطاط؟