أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى النبيه - المحرقة















المزيد.....

المحرقة


مصطفى النبيه

الحوار المتمدن-العدد: 8051 - 2024 / 7 / 27 - 23:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خيمتنا جهنم ،تنفث جحيمًا،يأكلنا الذباب و تلدغنا حشرات غريبة،تطرز فوق أجسادنا لوحات مقززة بشعة، تشبه جرائم عصرنا الملعون.
نحن المعذبون المستضعفون فوق الأرض .. أيعقل أننا خلقنا لنكون فئران التجارب، ووقودًا للمحرقة ولنفاق وعهر الساسة تجار الدم؟
نتصبب عرقًا في تنور خيمتنا ،تَسلخ لحمنا وذابت أجسادنا ،ونحن نطوي ساعات العمر ،ليلًا ، نهارًا ونركض وراء نومنا الهارب.
ولكي لا نهزم ،تحدينا القهر وقاتلنا واقعنا المزري من أجل البقاء.
كل مكونات الحياة تنكرت لنا ورحلت و قدمتنا وجبة شهية لموت أعد لنا سلفًا.
ليس ذنبنا تطفلنا على عوالم غريبة، ومزاحمة المخلوقات والحشرات في مسكنها.
فرض علينا أن نعيش سويًا في الجحيم ونقضي ساعات طويلة نبحث عن ملامحنا الضائعة وسط الزحام.
﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾
تساقطنا من الظمأ، جف حلقنا ونحن نبحث عن مياه نقية للشرب وفي نهاية الأمر علينا أن نستسلم لواقعنا البائس، ونتجرع ما تيسر من المياه الملوثة التي اختلطت بمياه الصرف الصحي. لنخوض حرباً من نوع أخر، تحمل عللًا صنعت لتحصدنا وستلتصق بنا، بعد نهاية حرب الإبادة، إن تبقى لنا حياة.
نحن الذين أمنا بالله وأخلصنا للوطن، نجر إلى المقصلة لنُهلك ،
فيا الله، يا سميع ،هل تسمعنا؟
نحن القرابين لكل متعطش للدماء، تمتد حكايتنا منذ عام 1948 إلى يومنا هذا، نعيش في دائرة مغلقة منتفخة الرأس.
يريدوننا دمى يحركونها بين أصابعهم ويحشوها بمزيد من الأكاذيب لتغرق في لعبة التيه؛ وإن خرجنا من اللعبة سنخرج مسلوبين الإرادة لنقحم في لعبة أكبر وأكثر قذارة .يتكرر مشهد سرقت العقول ،حتى نغرق ونبني قصور الوهم المدعومة بالمسميات الزائفة عن خرافة العدل وحقوق الإنسان.
للأسف أضعنا عمرنا هدرًا ونحن نحلم بالأمن والسلام ونركض وراء القوانين الدولية التي تدعي بأنها تنتصر للحريات.
سقط القناع واكتشفنا حقيقة غابتنا الكونية التي تجردت من القيم والأخلاق ،أصبح نظام مستنقعنا المتهالك ،القوي يأكل الضعيف. مازلنا رغم المأساة نكابر ونكابر لننهض من تحت الانقاض أقوى.
لن نستسلم لأدعياء الله، لن نستسلم للبغال المنتفخة .نُصر على التحدي ،نحن الذين انتصروا للحياة ، وتجذرنا في الأرض ،أصبحنا أشجار مثمرة، لذا حكم علينا سلفًا بالإبادة.
يتحكم في مصائرنا مُخرج دموي مهووس بالقتل يعشق الدماء ويحترف صناعة مشاهد مرعبة مقززة .
" بس يا حبيبي بس"
كلمات تختصر واقعنا الرديء .
الشاب الضحية البرئ "محمد بهار" المصاب بمتلازمة داون، جلس وحيدًا في غرفة يصغي لأصوات القصف المجنونة غير مبالي بما يدور حوله ، يحلم بصباح جديد ، يحمل موسيقى الكلمات الطيبة
فانفجرت أحقاد الحيوانات البشرية المتوحشة ومدت أنيابها لتطلق كلابها المسعورة لتنهش لحمه.
مات محمد خوفًا ورعبًا وقهرًا، قبل أن يرحل عن عالمنا المريض وقف ينظر للكلب بلطف ،مستغربًا من شدة عنفه ووحشيته وهو يربت عليه ويداعبه بحنان معتقداً أنه صديقه ،قفزت من مقلتي محمد الباكيتين عشرات الأسئلة وهو يسبل عينيه ويلتقط أنفاسه الأخيرة ويرحل عن عالم بشع.
كان يصرخ قائلًا : ما ذنبي يا الله لأقتل؟ هل خلقتني لتنهش لحمي الكلاب الضالة ؟! .
أطفال مثل الورود تم التنكيل بهم سلخوا لحمهم عن عظمهم ،اقتلعوهم من جذورهم ومن تبقى منهم، أصبحوا ذوي احتياجات خاصة ،معاقين ، مكفوفين ،يلتقطون أنفاسهم الأخيرة تحت الأنقاض.
يا الله يا عادل نريد عدلك..
أسرانا يتساقطون الواحد تلو الأخر
ذئابهم البشرية تبتكر وسائل التعذيب ، مشاهد مرعبة تختصر الحكاية، يُجر الأسير لينام في قفص بعد أن يدوسوا عليه بنعالهم, يلقى على ظهره عاريًا ، يوضع فوق طاولة مستطيلة ويتم تقييد اليدين وربطها بالقدمين وشد الوثاق بعنف حتى تتكسر العظام ويخلعونها من الجسد.
صرخات الأسرى تقشعر لها الأبدان ويتنكر لها العالم. يتمادى الطغاة بظلمهم يتم تقييد الأسرى ووضع أيديهم خلف ظهورهم ،يربطونهم في ماسورة معلقة في جدار ليقفوا ساعات على أصابع أقدامهم منهكين يرتعشون .أسرانا يتضورن جوعاً وعطشاً ، وقهرًا.
والساديون يرقصون طربًا ويتمتعون بتعريتهم والتنكيل بهم .ينهالوا عليهم ضربًا حتى تتقوس أجسادهم و تصبح نصف دائرة ويطلب منهم أن ينحنوا كالبهائم ويشتموا أنفسهم ودينهم ووطنهم، ثم يفرض عليهم أن يقفوا على أطراف أياديهم وأقدامهم ويرفعوا خلفيتهم للأعلى ليتم حشو الخراطيم بموخرتهم ، ينفخونهم بالهواء ، لينفجروا من الوجع ،يشتد ألم الأسرى وقهرهم ويزداد بطش المحتل .تكبر جرائمه، يتلذذ بصوت بكائهم ونواحهم وتوسلاتهم.
يزلزل صوتهم السموات والأرض.
المحتل المخصي يواصل جنونه وضحكاته الهستيريا وتفاخره بجريمته وشعوره بالسعادة والمتعة ،وهو يلتقط الصور ويتحدث عن ضحاياه يتفاخر بها لأنه يدرك أن ضمير العالم وإنسانيته،يغرقان سويًا مع صديقهم النوم في بحر العسل.
يموت الأسرى ألماً وقهرًا ،ترحل أرواحهم إلى السماء ليتطهروا من نفاق العالم ،يتغنى الطغاة بالمشاهد المرعبة التي اقترفوها ويبحثون عن مزيد، من ألوان العذاب لنتجرعها .
صراخنا وبكائنا اخترق السماء السابعة، ولم يتحرك ساكنًا!! عشنا الغربة و من كثرة الانتظار اعتقدنا أن صوتنا بلا صوت..
أدركنا أننا خارج منظومة العدل و أن دعوة المظلوم لن تهز السموات والأرض!
فيا خالقنا انظر إلينا..
هل رأيت طفلًا يُحرق حتى الموت؟ هل شاهدت أجساد تقطعت وتناثرت و نبتت بكثافة فوق الأرض ؟ هل رأيت أب داسته الدبابة وعُجن لحمه بالتراب من أجل رغيف خبز هارب ليطفئ بكاء أطفاله الجوعى؟
ما أبشع أن تكون عاجزًا وأنت ترى
حرائر يجردن من ملابسهن ويتم اغتصابهِن في العلن ولا يتحرك ساكنًا. اثنان مليار مسلم يتجاهلون سماع صراخهن،فمن لهم غيرك يا الله ؟!
نحن أموات جثث تسير على الأرض، ذبحوا غزة ، طحنوا الذين نحبهم . أبرهة الحبشي مازال يعربد، ويهدم المدن ويقتل الإنسان، والطير والحيوان والحجر ،فأين طيور الأبابيل ؟!
أين رحمتك أين!!
أيعقل أنك خلقتنا لنموت ؟ هل نحن خراف أُعدت للذبح؟ هل نحن قرابين يُكفر العالم عن خطاياه بذبحنا
من قال أننا لم ندق جدار الخزان ؟
سنين ونحن ندق وندق حتى انتفخنا وصدمنا الطبل الأجوف ،انفجرنا من هول الفاجعة،فقدنا التوازن وخرجنا عن طبيعتنا حين فاحت رائحة العالم البلطجي الذي ينتصر للأقوى
يقول غسان كنفاني في رواية "رجال في الشمس "
"لم أعد أشك أن الله الذي عرفناه في فلسطين قد خرج منها هو الأخر وتركنا لوحدنا".
هل تكرر نفس المشهد اليوم؟
هل نحن لوحدنا ؟!
آه يا وحدنا.. من لنا غيرك يا الله؟ إلى متى سنبقى ندق وندق جدار الخزان وسط عالم أصم ، لا يسمع ، لا يرى ، لا يتكلم؟
"لَهَدْمُ الْكَعْبَةِ حَجَرًا حَجَرًا أَهْوَنُ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ"
وغزة تباد عن بكرة أبيها
يا الله سر صمودنا أننا نحبك
فأمطر علينا عطفك
قامت قيامتنا وعشنا الحشر ، دفعنا الأثمان وفقدنا الثقة ومازلنا ننتظر أن نعود إلى نشأتنا الأولى ؟!!
أخشى أن أسير بشوارعنا المنهكة و أتصفح الوجوه الجائعة وضجيجها الصاخب .
أتساءل بيني وبين نفسي بعد أن تنتهي الحرب من سيعيد بناء الإنسان المكسور ويطفئ عواء الذئب الجائع فينا ؟
كيف سنؤمن بكل الخرافات القديمة التي خدرتنا على مر الزمان؟ كيف سنؤمن بالمُثل وفرعون العصر مازال يبطش ويميت ويعربد هنا وهناك ويعيث بالأرضي فسادًا ويتوج بالأوسمة الزائفة التي تنتصر لمسرحية العدل والحريات.
فلسفة القادم أن نعيش تحت القبعة جوعى ،بعد أن نجرد من الأخلاق ونرتد للعصر الحجري ويتم إعدادنا ليأكل القوي الضعيف طمعًا بالبقاء



#مصطفى_النبيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السينما تنتصر على الموت- مبادرة من المسافة صفر- للمخرج العبق ...
- فرضيات الحرب والإبادة
- يوميات الحرب - مملكة المعلبات
- ظل طويل
- الفن أساسه المعرفة
- تشريع قانون جمهورية الأفكار الملكية المطلقة في بناء مؤسساتنا ...
- شكرا لمن يسرقون أحلامنا
- - الصامت - رواية استقصائية صنعها الأديب المبدع شفيق التلولي
- - بورتريه قديم- رواية تاريخية تحاكي جزءاً مهما من تاريخ الثو ...
- رواية -الهليون- ثورة إنسانية توثق مرحلة جذرية في تاريخ الشعب ...
- فيلم -ماجدة- عمل فني بنكهة إنسانية عالمية للمخرج المصري المت ...
- مسلسل -بوابة القدس- تجربة إنتاجية مميزة تعتمد على أسلوب التش ...
- مسلسل - ميلاد الفجر - خطوة رائدة في صناغة سينما فلسطينية
- جزائرياً بروح فلسطينية ... فلسطينياً بروح جزائرية
- - علي فضيل - أنت حياً يا أخي ، يا من حملت الوجع ..


المزيد.....




- وزارة الصحة في غزة تكشف عن آخر حصيلة للقتلى خلال 295 يوما من ...
- قتلى وعشرات الجرحى في هجوم صاروخي بالجولان.. وإسرائيل تتهم ح ...
- الرئيس الإسرائيلي: حزب الله -قتل بوحشية- أطفالا في الهجوم عل ...
- حزب الله ينفي ضلوعه باستهداف مجدل شمس الذي أدى لمقتل وإصابة ...
- إيطاليا: إعادة فتح -طريق الحب- في الأراضي الخمس بعد سنوات من ...
- هل كانت أوكرانيا تخطط لضرب العمق الروسي دون علم أمريكا.. اتص ...
- إسرائيل تتوعد برد قاس وحزب الله ينفي مسؤوليته عن استهداف مدن ...
- أردوغان: تركيا تنتظر اعتذارا من محمود عباس
- وزير الداخلية الإسرائيلي: الرد على قصف مجدل شمس لن يكون أقل ...
- مجازر غزة..هل يسعى نتنياهو لإطالة الحرب؟


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى النبيه - المحرقة