أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - عبد الستار الدوري: السياسي العصيّ على التصنيف (1)















المزيد.....

عبد الستار الدوري: السياسي العصيّ على التصنيف (1)


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 8051 - 2024 / 7 / 27 - 14:31
المحور: الادب والفن
    


ارتبط اسم عبد الستار الدوري بذاكرتي بالبيان رقم (1) لانقلاب 8 شباط/فبراير 1963، الذي أذاعه بصوته لأوّل مرّة حازم جواد بصفته القائم بأعمال أمين سرّ القطر لحزب البعث العربي الاشتراكي علي صالح السعدي، وكان الأخير قد اعتُقل عشيّة الانقلاب المذكور. وقد أعاد الدوري بصوته إذاعة البيان رقم (1) عدّة مرّات من دار الإذاعة والتلفزيون، التي أصبح مديرًا عامًّا لها بعد الانقلاب.
وكان في كلّ مرّة يمازحني بقوله: "أُذكّرك لو تُذكّرني"، والمقصود بذلك "الانقلاب الأسود"، وخلفيّة ذلك نكتة كنّا نتداولها، واستخدمناها لاحقًا كلازمة بتكرار ظريف ومكرٍ أحيانًا، ثم نأخذ بالضحك.
يُعتبر الدوري من الجيل الأوّل للمثقّفين البعثيّين، وعادةً ما كان يكتب البيانات السياسيّة لحزب البعث، وخصوصًا خلال الإضراب الطلابي الذي قاده الاتحاد الوطني لطلبة العراق تمهيدًا للانقلاب (نهاية العام 1962 ومطلع العام 1963)، وهو الاتحاد الذي تأسّس في العام 1961.
وكنت قد عرفت عبد الستار الدوري عن بُعدٍ من خلال عدد من الأصدقاء، بينهم طارق الدليمي ومزهر المرسومي وصادق الكبيسي وعبد الإله النعيمي، حيث كان اسمه يتردّد باعتباره أحد اليساريين، وتعزّز ذلك لاحقًا بعد معرفتي بعبد الإله البياتي وحبيب الدوري ودرع ظاهر السعد وآخرين. وعرفت عن بعض مواقفه المبكّرة بما فيها علاقته مع مجموعة انشقّت عن حزب البعث، كان يُعتبر أحد عرّابيها على الرغم من موقعه القريب من القيادة (عضو فرع بغداد)، وأُطلق على تلك المجموعة حينئذٍ اسم "الكادحين العرب"، لكنّ الدوري الذي كان يشجّع على بعض الاستقطابات "اليساريّة" لم ينخرط تنظيميًّا معها، وضمّت هذه المجموعة إضافةً إلى الأسماء التي ذكرتها قيس السامرائي وهناء الشيباني (استشهدت في إربد في العام 1969، حيث كانت قد التحقت بالجبهة الديموقراطيّة)، وعدد آخر من البعثيين المتأثّرين بالتوجّه اليساري عمومًا والفكر الماركسي خصوصًا، وغالبيّتهم من الطلبة الذين يتوقون إلى المعرفة والجدل والمواقف الراديكاليّة، حيث لم تكن ترضيهم أفكار حزب البعث الوسطيّة اليمينيّة على حدّ تعبيرهم.
وقد أسّس هؤلاء في العام 1964 "المنظمة العماليّة" بقيادة قيس السامرائي، وضمّت نخبة محدودة (20 - 25 شخصيّة قارئة، بل مهوسة بالقراءة والثقافة، والتمرّد)، واقتربت من الحزب الشيوعي، ورشّح بعض أعضائها مع قائمة اتحاد الطلبة في انتخابات العام 1967 التي فاز فيها فوزًا ساحقًا، ثمّ التحقت المجموعة باستثناء قيس السامرائي وهناء الشيباني بالقيادة المركزيّة (مجموعة عزيز الحاج) بعد الانشطار الذي حدث في الحزب الشيوعي في أيلول/سبتمبر 1967.

الماركسيّة والعروبة
حاولت المجموعة التي انضوت تحت لواء "المنظمة العماليّة" المزاوجة بين العروبة والماركسيّة، مع نقدٍ لبعض مواقف الحركة الشيوعيّة من زاوية أقرب إلى ما يصطلح عليه "اليسار الجديد"، وقد تكون هذه المحاولة أسبق من محاولة المفكّر السوري اليساري ياسين الحافظ، التي انطلقت منها فكرة "حزب العمّال الثوري العربي" بقيادة علي صالح السعدي ومحسن الشيخ راضي وهاني الفكيكي وحمدي عبد المجيد وحميد خلخال، تلك التي تأسّست في أواسط الستينيات عقب سقوط تجربة البعث الأولى في العراق، وانقسام الحزب عشيّة انقلاب 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1963، الذي قاده عبد السلام محمد عارف. وكان أحد الشباب الصاعد في هذه المجموعة اسمه محمد سليمان الذي ربطتني به علاقة طيّبة حتى أواسط العام 1970 حيث اضطرَّ كلانا إلى مغادرة العراق بسبب الملاحقة. وإلتقيت به بعد ذلك في سوريا، ثمَّ في بغداد بعد العام 2003.
عمل الدوري في الملحقيّة الثقافيّة العراقيّة في موسكو خلال فترة الستينيّات، وحين وصل الانقلابيون الجدد إلى السلطة بعد 17 تموز/يوليو 1968، لم يكن الدوري عضوًا في الحزب، وقد عرض عليه الرئيس أحمد حسن البكر أن يتولّى مديريّة الإذاعة والتلفزيون، فاعتذر كما أسرّني بذلك، وخلال وجوده في بغداد، كانت ثُلّة من البعثيين القدامى تلتقي في مطعم الفاروق، ومن بينهم طارق عزيز، الذي كان رأيه سلبيًّا بالانقلاب والانقلابيين، وحاول أن يتوسّط ليعمل في إحدى الملحقيات الثقافيّة، قبل أن يُعاد إلى وظيفته كمترجم في الإذاعة، ثمَّ تولّى بعد ذلك العديد من المناصب الإداريّة والحزبيّة. وكان الدوري قد أخبرني أنه هو مَنْ قام بكسب طارق عزيز إلى حزب البعث، حين كان طالبًا في كليّة الآداب في بدايات الخمسينيّات، وكان الدوري قد تخرّج من كليّة الآداب قسم الآثار، وهو يرتبط بصداقة مع مظفر النواب من أيّام الجامعة.

في براغ
في براغ إلتقيت الدوري، بمناسبة الاحتفال بوثبة كانون 1948، حيث أقامت جمعيّة الطلبة العراقيين، التي كان يرأسها المهندس صباح محمود شكري، احتفالًا دعي إليه بصفته ملحقًا ثقافيًّا، وألقى كلمة مهمّة، أثارت إعجاب الجميع، عبّرت عن وطنيّته واعتزازه بصداقة المثقفين الشيوعيّين، وكان ذلك أوّل تعارف مباشر بيننا، ثمّ تكرّرت اللقاءات بعد وصولي لغرض الدراسة، وخلال ترؤسي جمعيّة الطلبة العراقيين، كنت أراجع الملحقيّة الثقافيّة بشأن حقوق الطلبة وحلّ مشاكلهم وتسهيل معاملاتهم، وأحيانًا أقدّم الشكوى على بعض الموظفين البيروقراطيين، وكان دائمًا يستقبلني بحفاوة بالغة ويُشعرني بصداقة ومودّة، فضلًا عن انفتاح واعتدال.

إحتفال 11 آذار/مارس
في 11 آذار/مارس 1972 أقامت السفارة العراقيّة حفلًا كبيرًا، حيث كان السفير العراقي في براغ محسن دزئي (الممثّل الشخصي للملّا مصطفى البارزاني) قد طلب منّي مساعدة جمعيّة الطلبة الأكراد في أوروبا لإحياء الاحتفال بمساهمة الفرقة الفنّية الخاصة بجمعيّة الطلبة العراقيين التي تضم كفاءات فنيّة متميّزة. وكنت قد أشرت إلى ذلك في سرديّتي عن الفنّان كوكب حمزة الموسومة "وريقات من دفتر ذاكرة غير مدوّنة - كوكب حمزه: قدّاح وشموع وعصافير" والمنشورة في جريدة الزمان (العراقيّة) في 18 نيسان/إبريل 2024.
وحين توجّهت لحضور الاحتفال، الذي أقيم في قاعة الرسّام الشهير مانس، وجدت أن طاولة السفير تضمّ الملحق الثقافي عبد الستار الدوري والملحق العسكري لا أتذكّر اسمه، وعلي صالح السعدي، وموسى أسد الكريم (أبو عمران)، ويوجد مقعد (كرسيّ) فارغ إلى جانب السفير خصّص للجواهري ومقعد آخر إلى مهدي الحافظ. وفي الجانبين مقعدان، الأوّل لرئيس جمعيّة الطلبة العراقيين (كاتب السطور)، والثاني لرئيس جمعيّة الطلبة الأكراد (طارق عقراوي)، فتجنّبت الذهاب إلى تلك الطاولة للحساسيّة الطلابيّة المعروفة، ناهيك عن الحساسيّة الشيوعيّة في أوساطنا، خصوصًا إزاء علي صالح السعدي لارتباط اسمه بانقلاب 8 شباط/فبراير 1963.
وبدأ الحفل بإلقاء كلمة قصيرة للسفير، ثمَّ صدح صوت الصديق علاء صبيح بالمقامات العراقيّة. وقام السعدي من مكانه ليحيّي صبيح على إطرابنا وإسعادنا وهو في غاية النشوة، ومدَّ له يده، لكن صبيح رفض مصافحته، وحين سأله السعدي لماذا لا تصافحني أجابه لأنّ يديك ملطّختان بالدماء وحدث ما لا يُحمد عقباه من احتكاك كاد أن يفسد الاحتفال، وتدخّلنا لنزع الفتيل، واضطررت الذهاب إلى طاولة السفير وإلقاء التحيّة على الجميع، بمن فيهم علي صالح السعدي، معتذرًا عن الذي حصل، وجرى تدارك الأمر دون إحداث ضجّة واستمرّ الاحتفال كما كان مرسومًا له.
وكان السعدي قد جاء إلى براغ للاستشفاء لوجود صديقه الدوري، وقد خصّص الدوري عشرات الصفحات في مذكّراته الموسومة "عبد الستار الدوري - أوراق عتيقة من دفاتر حزب البعث" (المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت، 2015)، لعلاقته مع علي صالح السعدي وزيارته المذكورة إلى براغ.

(يتبع)



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإضاءة في -المقدّمات- وهوية الشعر في -جواهر الجواهري-
- شمران الياسري- أبو گاطع- وأدب السخرية
- في جدليات الحركة الشيوعية: مقدمة كتاب د. علاء الحطاب -خطى ال ...
- الهويّة بين النظرة التفريقية والمساواتية
- قلم السياسة مغمّس بحبر الثقافة - مقدمة كتاب عالية فريد
- لمناسبة رحيل صلاح عمر العلي
- بعقلين و بعذران ودار النهار وعموم الشوف تحتفي بمظفر النواب و ...
- محمّد صادق الصدر - ملف الاغتيال السياسي: ثلاث زوايا في استهد ...
- ألق الذاكرة التي لا تأفل - الجواهري بجواهره..شعبان بخزائن مع ...
- قمة المنامة و ما ينتظرها
- من يتذكّر باقر ابراهيم؟
- غزة وبوصلة بعض المثقفين الغربيين
- غزة والحرب الأكاديمية
- عن ظاهرة الترامبية
- القضية الفلسطينية أنبل وأعدل قضية بالكون
- وريقات من دفتر ذاكرة غير مدوّنة: كوكب حمزه قدّاح وشموع وعصاف ...
- تولستوي... والنبي محمد
- الذاكرة وثقافة الاعتذار
- -11 سبتمبر- الروسية
- لا تقولوا وداعًا، بل سلامًا للشيوعي الأرستقراطي نوري عبد الر ...


المزيد.....




- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...
- -مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - عبد الستار الدوري: السياسي العصيّ على التصنيف (1)