أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين سالم مرجين - إعادة التفكير في دور علم الاجتماع : منظور نقدي وتقويمي














المزيد.....

إعادة التفكير في دور علم الاجتماع : منظور نقدي وتقويمي


حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)


الحوار المتمدن-العدد: 8050 - 2024 / 7 / 26 - 18:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في عام 2015، وأثناء عودتي إلى قسم علم الاجتماع في جامعة طرابلس بعد سنوات من الإعارة، قمت بتقديم محاضرة عامة لطلبة الدراسات العليا حول مفهوم علم الاجتماع وأدواره. خلال هذه المحاضرة، أوضحت أن علم الاجتماع هو مفهوم ديناميكي وقابل للتطوير، وليس ثابتًا أو جامدًا. كما بينت أن علم الاجتماع هو علم تقويمي، وليس مجرد علم نقدي. غير أن هذا التصور للعلم الاجتماع لم ينل استحسان بعض أعضاء هيئة التدريس في القسم. إذ اعتبر هؤلاء الأساتذة أن مفهوم علم الاجتماع هو مفهوم غير قابل للتطوير والتغيير، وأنه بالأحرى علم نقدي وليس تقويمي. وقد أدى هذا الخلاف في وجهات النظر إلى جعل الكثير من الباحثين بقسم علم الاجتماع يرون أن هذا العلم ينصب اهتمامه بشكل رئيس على دراسة الظواهر والمشكلات الاجتماعية من منظور نقدي. ينطلق هذا التوصيف من فهم علم الاجتماع على أنه أداة نقدية تستهدف فحص وفهم وتحليل الواقع الاجتماعي بعمق، بهدف الكشف عن الجوانب السلبية والمشكلات التي تعترض المجتمع. ويرى أصحاب هذا الرأي أن علم الاجتماع محكوم بطبيعة نقدية ثابتة لا تقبل التغيير. ومع ذلك، فإن هذا التركيز المفرط على الجوانب النقدية والمشكلات الاجتماعية، من وجهة نظري، أدى إلى تقليص دور علم الاجتماع وتحديد مجاله بشكل ضيق. فعلم الاجتماع لا ينبغي أن يقتصر على تشخيص المشكلات فحسب، بل يجب أن يهتم أيضًا بالجوانب الإيجابية والقوى الفاعلة في المجتمع.
في الواقع، إن لعلم الاجتماع أبعادًا متعددة تتجاوز مجرد دراسة المشكلات الاجتماعية. فهذه الأبعاد تتضمن جوانب نقدية وتقويمية على حد سواء. فهذا العلم يهدف إلى فهم الواقع الاجتماعي بعمق، والكشف عن مشكلاته وجوانبه السلبية، كما يسعى إلى إيجاد الحلول والبدائل الكفيلة بتحسين هذا الواقع وتطويره. وبناءً على ذلك، ينبغي النظر إلى علم الاجتماع بشكل متوازن، بحيث لا يتم الاختزال في جانب نقدي أو تقويمي على حساب الآخر. فالنقد البناء والتحليل الموضوعي للواقع الاجتماعي من جهة، والمساهمة في وضع الحلول والمقترحات التطويرية من جهة أخرى، هما وجهان لعملة واحدة في هذا العلم. لذا، ينبغي على الباحثين في علم الاجتماع أن ينظروا إلى هذا العلم بشكل شامل ومتكامل، بحيث يتجاوزون التركيز الضيق على الجوانب النقدية إلى البحث في مختلف الجوانب الاجتماعية، بما في ذلك الظواهر الإيجابية والعمليات البناءة في المجتمع.
عند مراجعة نطاق البحوث الأكاديمية في مجال علم الاجتماع في الجامعات الليبية، نلاحظ أن معظم مشاريع التخرج لطلبة أقسام علم الاجتماع، ورسائل الماجستير، وأطاريح الدكتوراه تتناول ظواهر اجتماعية أو مشكلات اجتماعية. في هذه الأبحاث، يسعى الباحث على مستوى كل مرحلة إلى دراسة هذه الظواهر والمشكلات وفقًا للأدوات التفكيرية التي يمتلكها. هذا الواقع يعكس تسليم واعتقاد بأن علم الاجتماع ينحصر في دراسة المشكلات الاجتماعية فقط، دون الاهتمام بالجوانب الأخرى في المجتمع. إن هذا التوجه الضيق نتج عنه صورة مشوهة لطبيعة وأدوار علم الاجتماع، والجزئية الأخيرة غاية في الأهمية.
وللمزيد من الإيضاح والتبسيط فإن مفهوم علم الاجتماع لا يقتصر على دراسة الظواهر أو المشكلات الاجتماعية فحسب، بل يشمل دراسة وفهم وتحليل وتفسير الحياة الاجتماعية البشرية بكل جوانبها، من النجاحات والإخفاقات على حد سواء. فهناك جانب مهم يغفله البعض أو يعتقدون أنه لا علاقة له بعلم الاجتماع. وذلك نتيجة التركيز الحصري على دراسة المشكلات والظواهر الاجتماعية في الحياة البشرية، دون الاهتمام بتعزيز النجاحات الموجودة أو التي تحققت في هذه الحياة. على سبيل المثال:
• كثير من الدراسات الاجتماعية ركزت على معدلات الطلاق المرتفعة في المجتمع الليبي وآثاره السلبية على الأطفال والمجتمع، دون التطرق إلى دراسة الأسر التي تمكنت من تجاوز مرحلة الطلاق والوصول إلى إعادة بناء علاقاتهم الأسرية بنجاح.
• هناك العديد من الأبحاث التي تناولت ظاهرة الجريمة والانحراف في المجتمع الليبي بتفصيل كبير، مركزة على أسبابها واستراتيجيات مكافحتها، دون التركيز على دراسة المجتمعات المحلية في ليبيا التي تتمتع بمعدلات منخفضة من الجريمة والانحراف، وتحقق درجة عالية من التماسك الاجتماعي.
• تركز بعض الدراسات في علم الاجتماع بالجامعات الليبية على مشكلات الفقر والبطالة وآثارها السلبية، دون التعمق في دراسة حول المجتمعات الحضرية التي نجحت في إيجاد آليات فعالة لمكافحة الفقر والبطالة وتحقيق التنمية المستدامة.
• كثير من الدراسات الاجتماعية في علم الاجتماع ركزت على ظاهرة تعاطي المخدرات والآثار السلبية المترتبة عليها، دون التطرق إلى دراسة الأشخاص الذين نجحوا في التعافي من الإدمان على المخدرات واستعادة حياتهم الطبيعية.
هذه بعض الأمثلة التي تركز على النجاحات والإيجابيات في مختلف المجالات الاجتماعية، وتعطي صورة متكاملة عن الواقع الاجتماعي بجوانبه المختلفة. مع كل ما سبق يمكن القول بأنه من الضروري إعادة النظر في دور علم الاجتماع في الجامعات الليبية، بحيث تتسع لتشمل مختلف جوانب الحياة الاجتماعية، بما في ذلك الجوانب الإيجابية والناجحة، وليس فقط المشكلات والظواهر السلبية. وبهذا يتم تعزيز دور علم الاجتماع في المجتمع والمساهمة في تطويره بشكل شامل ومتوازن.



#حسين_سالم_مرجين (هاشتاغ)       Hussein_Salem__Mrgin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعزيز العافية الشخصية والمجتمعية من أجل جودة ورفاهية الحياة
- الأزمة الصامتة بين ليبيا والدول المجاروة حول المياه الجوفية
- الجامعات وصناعة قادة المستقبل.
- التعليم في ليبيا : تحديات يومية متزايدة ومتنامية
- دروس من الأردن: كيف بنت كوريا الجنوبية نظامها للبحث العلمي
- الجامعات الليبية : الأولوية الأساسية : جودة التعليم أم التصن ...
- قراءة نقدية : للمؤتمر الدولي العلمي الأول الموسوم ب( توظيف ا ...
- تحديد مفاهيم الأخلاق الأكاديمية والاخلاق الجامعية وتوجيهها ن ...
- جودة التعليم وقواعد الأخلاق في التعليم الجامعي
- الكلمات لها أيضًا أيادٍ: ربما تربتُ أو تخنق
- قراءة نقدية حول دراسة بعنوان : تعزيز الدبلوماسية العلمية: خا ...
- الابتكار في مناهج البحث العلمي في العلوم الاجتماعية: توظيف ا ...
- توظيف منهجية البحث العلمي في علم الجيولوجيا في العلوم الاجتم ...
- طوفان الأقصى: التأثيرات والنتائج على الاحتلال الإسرائيلي
- مفهوم الخرائط الاجتماعية مفتاح لفهم العلاقات البينية بين علم ...
- استعادة محرك التغيير : دور الجامعات الليبية في صناعة السياسا ...
- البحث العلمي وأزمة مدينة زليتن الليبية
- رحلتي من الصمت والهروب إلى استعادة الثقة والانخراط في البحث ...
- الجامعات العابرة للحدود وجودة المخرجات التعليمية
- قراءة نقدية للمؤتمر الإقليمي الخامس للشبكة العربية لضمان جود ...


المزيد.....




- هاريس تعلن رسميا أنها مستعدة للمناظرة مع ترامب.. والأخير يشت ...
- إشادة فلسطينية بقرار الدوما حيال الكنيست
- مستشار سابق في البنتاغون: القوات الأوكرانية تخسر ألفي جندي ي ...
- وسط ظروف المعيشة اللاإنسانية.. النازحون الغزيون يواجهون خطرا ...
- نجل حفتر في أنقرة.. تقارب بعد عداء تحركه المصالح و-الصندوق- ...
- هل سيعاني الرياضيون من نقص الطعام في أولمبياد باريس؟
- آية عماد.. تحقق العلامة الكاملة تقريبا في الثانوية العامة رغ ...
- مخاوف من تسونامي في شمال إفريقيا ولوحات الإخلاء تثير جدلاً ف ...
- -اعتدت على حماتها- وأشعلت ضجة في مصر.. ما قصة فيديو الزوجة و ...
- المتوكل طه في بلا قيود: المقاومة تشمل الإنحياز لكل القيم الم ...


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين سالم مرجين - إعادة التفكير في دور علم الاجتماع : منظور نقدي وتقويمي