أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بركات العيسى - الجنائز المعلقة















المزيد.....

الجنائز المعلقة


بركات العيسى

الحوار المتمدن-العدد: 8050 - 2024 / 7 / 26 - 00:58
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


يعيش المجتمع الأيزيدي حالة من الفوضى والغموض لم تسبق لها مثيل منذ الثالث من اب عام 2014 ، بعد غزوة الدولة الاسلامية لمناطقهم وتحديدا في سنجار التي نالت النصيب الأكبر من الضحايا والدمار .
هذه الفوضى هي بطبيعة الحال وليدة مشتركات كثيرة بين حكومتي المركز والإقليم ، وعلى اعلى المستويات؛ في ظل ما سميت ب " اتفاقية سنجار " والتي تصارع عليها طرفي المبادرة منذ اكتوبر عام 2020 دون ان تدخل اية بنود منها حيز التنفيذ .
الصراع الادنى منه هو صراع وزارة الهجرة والمهجرين وأطراف تمتلك ميليشيات من جهة ، في مواجهة الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، نزولا إلى صراع أفراد على المستوى الشخصي من الطرفين ، والتي أنتجت عن عائدين من النزوح دون ضمانات وتعويض يناسب حجم الضحايا ، وغير عائدين من جهة اخرى قد يكونوا ضحايا بقائهم واتخاذهم أوامر البقاء لربما ، ويحرموا من معونات العودة .

بينما المتضرر الأكبر من هذا الصراع الحكومي ، والحزبي ، والشخصي هم في الأساس القاطنين بالدرجة الأساس في جنوب الجبل ، من قرية كوجو والتي غالبية سكانها من رجال رموا بالرصاص في يوم 15.8.2014 والغالبية الأخرى من نساء القرية وأطفالها وقعوا في أسر التنظيم وصاروا ملك يمين لعناصر التنظيم ، بينما الخراب فيها وفي مجمعي تلبنات وتل قصب جنوب الشرق ، والقحطانية بمجمعيها سيبا شيخ خدر وكرزرك في جنوب الغرب تبقيها كوجه الابادة الحقيقي ، إلا ان سكانها ومنذ ما يقارب العشرة أعوام هم الاقل استفادة من معونات الدولة والمنظمات والدول المانحة ، يقابل ذلك خرائب هائل ولكن بحجم اقل في شمال الجبل .

بينما أهالي ضحايا الابادة الجماعية في شنكال وغالبية سكانها من الايزيديين يستحضرون للذكرى العاشرة من الابادة ، كان البرلمان العراقي في يوم 24.7.2024 يناقش مسودة العفو العام بحسب المادة 3 من الدستور ، أي قبل اسبوع فقط من الذكرى العاشرة لابادة الايزيديين ، الامر الذي دعا ثلاثة نواب ايزيديين الانسحاب من الجلسة وهم من توجهات حزبية وأيديولوجية مختلفة ، اجتمعوا اخيرا على أمر واحد ، وهو الضد من مناقشة العفو العام ، والذي بامكانه فتح أبواب السجون امام خروج أفراد من داعش ، كانوا سببا فيما لحق بالايزيديين ومناطقهم من ويلات وكوارث .

مناقشة البرلمان العراقي لهكذا قرار وفي هكذا ظروف لم تلاقي أصوات شعبية شاجبة ، ومن الايزيديين انفسهم باستثناء بعض الأصوات على مواقع التواصل الاجتماعي ، وذلك بسبب الأوضاع الفوضوية التي يعيشها الايزيدي في المخيمات ، والعائدين منهم ، وانشغالهم بمعونات الحكومة المخجلة ، وتحضير أعداد هائلة منهم لغلق ملف النزوح ، بينما انشغال الآخرين في شنكال ، بترميم ما دمره تنظيم داعش .

يبدو ان الصراع الذي نتحدث عنه لا يقتصر على الماكينات الحكومية والحزبية ، والتي وقفت على شكل عائق امام مستقبل عشرات الآلاف من الايزيديين ، الامر الذي اضطرّ بسببه توجه شريحة لا بأس بها من الايزيديين نحو الحدود والهجرة إلى دول اوربا كبديل للعيش ، بينما يعيش اخرون في صراع محتدم من اجل كسب مبالغ مالية تصلهم إلى ايدي المهربين من اجل الخروج الأبدي من بلدهم .

هذا الصراع بين بغداد واربيل والذي ابقى الايزيدي في بلده على شفى دمار نفسي ، خلق صراعات داخلية بين الايزيديين ، ليكون صراعا على الهوية الاثنية والقومية بين الايزيديين انفسهم ، وانقسامهم إلى ايزيديين كورد وقفوا في صف الإقليم ، وايزيديين غير كورد اختاروا بغداد واجهة لهم .
في حين الصراع الاقل تكلفة منه ، والأكثر ضررا هو الصراع داخل العشيرة في شنكال ، او بين العشائر في ظروف معينة ، بسبب هوية الأراضي غير المسجلة ، فعلى سبيل المثال وفي مجمع سيبا شيخ خدر وقبل ايام من كتابة هذا المقال تم رفض مشروع ماء السكينية ، وهو المشروع الذي سيكلف ابناء القرية ومجمع سيبا شيخ خدر الكثير بسبب العطش الذي سوف يلاحقهم نتيجة رفض المشروع ، وسببه هو خلاف عشائري بين ابناء القبيلة الواحدة ،وهو صراع محتدم منذ عشرات السنين والذي على خلفيته رفضت عشرات المشاريع في المجمع والقرى التابع له .

قد يبدوا وجه الصراع بين الايزيديين على الهوية القومية هو من اكثر الوجوه السوداء التي قد يلاحق الايزيديين بعد داعش ، إلا انه سوف لن يكون الوجه الأسود الأخير ، والذي على راحتيه سقطت الأرقام ، وعلى راحتيه ولدت ارقام متصارعة اخرى ، هذا الوجه ، والخلاف الذي لا يعلوا صوتا على صوته وتحديدا بين أيزيدية سنجار هو سبب ونتاج في آن واحد للفوضى الامنية الانية في القضاء ؛ فوجود هذا العدد الهائل من الرايات ، والفصائل ، والجيوش ، والقوى الامنية المختلفة ، والمتصارعة ؛ سببه هو الصراع الايزيدي الداخلي وصراع الهوية بوجه الخصوص ، والذي على ظهره تكالبت وتكاثرت كل أوجه الخلاف .
وعلى الرغم ان الحدود الغربية والجنوبية لقضاء سنجار لا يزال يشكل خطورة على الوضع ، ومخاوف الايزيديين في سنجار لاتزال على حالها ، وهي البوابتين اللتين دخلت من خلالها جحافل الدواعش مرور الكرام من مدن وقصبات جيران الايزيديين ، لارتكاب أبشع الجرائم بحق الايزيديين ؛ إلا ان صراع القوى المتواجدة على الارض وبأيديولوجيات مختلفة يتبع جميعها عدد لا بأس به من الايزيديين ، وأخذ كل طرف منه حشد من العشائر والمدنيين ، وخرطت في صفوفها الآلاف ، لتكون قوى متصارعة لا يلين في وجهها خير ولا إيجاب .
واعطت صنوفها لبعض آخر ، لتكون سنجار بعد الابادة خليطا ايديولوجيا ، ومحطة صراع دولية ، واقليمية ، وداخلية وعلى جميع الأصعدة .

في ظل كل هذه التحديات والصراعات على سنجار ، يبدو ان ملف الاسرى والذي يبلغ تعدادهم بحسب الاحصائيات الرسمية ما يقارب 3000 اسيرة واسير ، وكذلك ملف المقابر الجماعية التي تجاوزت ال 90 مقبرة جماعية ، هي الاقل تكلفة على الأطراف المتصارعة ، ومن بين مجموع المقابر الجماعية ، هنالك مئات الجنائز المعلقة ، منها التي علقت كعظام تحت الارض ، بسياج بادر به الأهالي ، ومنهم من طوقت عليهم أطراف حكومية سياج موقت بعد مطالبات رسمية ، واستنكار شعبي للإهمال المتقصد لتلك المقابر ؛ في المقابل رفات اخرون في رفوف الطب العدلي بوزارة الصحة دون ان تكتمل إجراءات النقل ، وتسليمها لذويهم ، لينعموا اخيرا بالراحة الابدية .

الأطراف الحكومية والتي تتحدث عن ما يقارب 30 مقبرة لاتزال على حالها ، في المقابل هنالك مقابر فردية بالعشرات ، والتي ربما الكثير منها لم تعثر عليها اطلاقا ، بعد ان جرفتها مياه الأمطار لتكون كأية عظام اخرى .

هذا الملف بحد ذاته سؤال اجاب عليه الايزيدي اخيرا ، ان داعش انتهى رسميا ، بينما النساء الايزيديات الأسيرات لا يزال مصيرهن مجهول ، والمقابر حتى وان فتحت ذات يوم فعلى ذوي الرفات ان يشتروا على حسابهم أخشاب التابوت ، فهم جميعهم بطبيعة الحال ؛ الأحياء منهم والأموات مجرد جنائز معلقة .



#بركات_العيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا سقطت سنجار
- وماذا بعد الزعامة
- ردا على -حكام الجبال- المنشور في جريدة (البينة الجديدة ) لكا ...
- ما بين بغداد وأربيل أكبر من الرجوع الى الوراء
- دم الدمى والدم بالدم
- اعتزلت الكتابة
- عن هرطقة ((دولة القانون )) مجدداًً
- من الخردة الايرانية
- في زيارة (المهدي) المرتقبة .....
- منظومة الفشل الاستراتيجي في كوردستان .... ( نوشأيران مصطفى) ...
- المالكي في سياسة الفشار بالزعتر
- وانتظرك
- قناع العصيان المدني للإسلام السياسي في كوردستان
- في محرقة الاسلاميين مجددا
- في حضرة الاشتياق
- البروتوكول العراقي السوري بديل الضائع
- ثانية في مأزق المصالحة
- في عضة كلاب المالكي لأهالي شنكال
- إلى جسدك الكاتم
- حكومة المسخرة الوطنية


المزيد.....




- هل يؤثر انسحاب بايدن من السباق الرئاسي على مفاوضات وقف إطلاق ...
- وسائل إعلام: زيلينسكي وفريقه يشعران بالقلق من لقاء بوتين وأر ...
- وزير الخارجية الصيني: العلاقات بين روسيا والصين مستقرة والثق ...
- السحر انتهى بنزول المعوذتين.. الداعية خالد الجندي يعلق على ح ...
- -حقيقة أم تريند ؟-.. إقامة أول حفل طلاق في مصر يثير جدلا افت ...
- تريستي الإيطالية تحتفظ بجدار الفصل على شاطئ El Pedocin.. حيث ...
- مصر تطلب توضيحات من الكويت بشأن معادلة الشهادات المصرية
- روجر ووترز عن خطاب نتنياهو: الكونغرس دعا مجرما وقاتلا جماعيا ...
- وكالة: سقوط 4 صواريخ على قاعدة عين الأسد الجوية في العراق
- القوات الجوية الروسية والصينية تجريان دورية جوية مشتركة فوق ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بركات العيسى - الجنائز المعلقة