أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كاظم فنجان الحمامي - ميسان: أقدم موانئ الميزوبوتاميا















المزيد.....

ميسان: أقدم موانئ الميزوبوتاميا


كاظم فنجان الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 8050 - 2024 / 7 / 26 - 11:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من يبحث عن ينابيع الميزوبوتاميا المتدفقة بجداول النور والعطاء يكتشف ان موانئ مملكة ميسان وأرصفتها المترامية على ضفاف عاصمتها (خاراكس), ورجالها الذين ركبوا البحار, وسبروا أغوارها، وغاصوا في أعماقها السحيقة. ويكتشف انهم أول من نصب الفنارات الملاحية على متن جزيرة (خارك)، التي كان اسمها مشتقا من اسم عاصمتهم المينائية (خاراكس Charax). وهم الذين جعلوها منطلقا لسفنهم ورحلاتهم البحرية البعيدة نحو المجهول. .
واصلت مملكة ميسان علاقاتها البحرية والتجارية مع الأقاليم المجاورة عبر المسالك الملاحية المفتوحة على البحار الواسعة، فتكاثرت المرافئ والمراسي الطبيعية التي ذكرتها العديد من المصادر التاريخية. وظهر ميناء الأُبلّة (أبولوجوس) في البصرة, وميناء (إيكاروس) في جزيرة فيلكا, وميناء (طريدون) في الجزء الأدنى من الفرات, وكان ميناء العاصمة (خاراكس) أكثرها شهرة وأوسعها نشاطا, وهو الميناء الذي أشارت إليه حوليات العهد المبكر من حكم أسرة (هان) الصينية, في معرض حديثها عن العلاقات التجارية مع دويلات الشرق الأوسط في المدة التي ترجع إلى بعد 140 ق.م , وهي إشارة واضحة تثبت بما لا يقبل الشك بان أبناء ميسان كانوا أول من وصل إلى تخوم الصين وجنوب شرق آسيا. .
تتفق المراجع التاريخية كلها على إن ميسان دويلة عربية نشأت في رحم بطائح العراق في القرن الثاني قبل الميلاد, وتوسعت حتى جنوب بابل في وسط العراق, وبلاد (عيلام) في جزئها الجنوبي, واستفادت من موارد الاهوار الطبيعية في بناء سفنها الحربية والتجارية المزينة بالنقوش والزخارف الميسانية, وتوسعت في نفوذها مستغلة مسطحاتها المائية, لتعزيز دفاعاتها الطبيعية في التصدي لهجمات الفرثيين والساسانيين. ثم تدرجت في سلم القوة وأصبحت دولة كبيرة حكمها ثلاثة وعشرون ملكاً, ويعد هيسباوسين (Hyspaosines) أول أمير ميساني أعتلى عرش المملكة. .
كانت (خاراكس) عاصمتها السياسية والتجارية, وقد زارها الإمبراطور الروماني (تراجان) عام 116 م, ورأى السفن التجارية تغادرها نحو السند والهند, وهكذا استطاعت مملكة ميسان أن تؤسس لها كيانا مستقلاً ذا علاقات وطيدة مع اليونانيين، فكانت تربطهم المصالح التجارية المشتركة, فهيمنت على الملاحة الداخلية في انهار دلتا جنوب العراق, وسيطرت على الملاحة البحرية في حوض الخليج العربي ومقترباته، وتوطدت علاقاتها البحرية التجارية مع دلمون (مملكة البحرين حالياً), و مجان (سلطنة عُمان حالياً), ووادي السند, فكانت سيدة البحار في المحيط الهندي من دون منازع, واستطاعت إن تؤمن لها موردا اقتصاديا من خلال التوسع في تجارتها البحرية والنهرية, حتى صارت موانئ (خاراكس) جسراً مائياً وبريا رئيسياً للتبادل التجاري بين بلاد الإفرنج والشرق الأقصى والهند وأفريقيا، ونستدل من النصوص التدمرية على اسمين لتاجرين تدمريين كانت لهما مكاتب بحرية في (خاراكس), وهما: (حنين ابن حدودان وبعلي), وكانت لميسان قوة عسكرية كاسحة ساعدتها على إخضاع بابل, والسيطرة على مناطق كثيرة في العراق. غير إنّ الوقائع التاريخية لا تكشف لنا الكثير بشأن التاريخ القديم لموانئ مملكة ميسان.
توالى على حكمها ثلاثة وعشرون ملكا عربيا, وهم من عرب الجزيرة العربية, وعندما وصلها الإسكندر الكبير وجدها تابعة إلى حكم أمير عربي, وهذا نص ما ذكره انيسوورث: (إن كورة ميسان كانت تعود لأمير عربي زمن الإسكندر المقدوني في القرن الرابع ق. م), وهذا ما أكدت عليه النقود والنقوش والكتابات الميسانية, التي دونتها القوافل التدمرية, والتي أمدتنا بأسماء حكامها وتاريخ حكمهم, وألقابهم, واستقلالهم السياسي, وعلاقاتهم مع الدول المجاورة. وورد في احدث نصين باللغتين الآرامية والإغريقية اسم (مملكة ميسان), التي لعبت دورا بارزا في الأحداث السياسية والاقتصادية في العراق خلال الفترة من منتصف القرن الثاني عشر ق.م إلى القرن الثالث للميلاد, وعثر على النصين منقوشين على فخذي تمثال هرقل البرونزي., الذي عثر علية صدفة عام 1984.
وتحدثت عنها المصادر التاريخية بمختلف الألفاظ واللهجات, فهي ميسان (Maisan) في السريانية, وميسان (Mesan) في العبرية, وميسون (Meson) في الفارسية, وميسن (Mesun), وميسان (Meesan) بالاغريقية, وميشن (Maishen) بالآرامية, أي بمعنى المدينة المسورة العائمة على وجه الماء, وذلك بسبب السدود العظيمة التي بنيت حولها, اما في البابلية فكلمة ميسان تعني (ماء القمر), ويقصد بذلك المياه التي تتأثر بتغير أوضاع القمر وارتباطها بظاهرة المد والجزر, وكانت ميسان (كورة) واسعه كثيرة القرى والنخل بين البصرة وواسط, وفيها قبر النبي (العزير), والنبي (دانيال), وتتبعها ادارياً (المذار), وقلعة الكرخة (كرخينا (Characene و(خيابر Hayabir), والبطائح, وكانت الأمثال تضرب بنشاطاتها البحرية والتجارية في العصور القديمة, باعتبارها أكبر المرافئ المتخصصة بتوريد البضائع الهندية والصينية إلى دول الهلال الخصيب, ومنها إلى أوربا, ثم أصبحت مركزاً لسك العملة, حيث عثر فيها على عملة سُكت سنة 79 هـ. ختاما نقول أما آن الأوان أن تأخذ دائرة الآثار دورها الميداني في إماطة اللثام عن أسرار هذه المملكة العربية القديمة, التي لا نعلم عن تاريخها إلا النزر اليسير, والتي ما زالت بانتظار من يعيد إليها مجدها الضائع, ويعيد إليها بريقها الآفل بسبب الجهل والإهمال, وعلى الرغم من إن معظم الدراسات التاريخية تعدها من مفاخر التراث البشري, والمفاخر التي تزخر بها حضارات وادي الرافدين, لكنها ما زالت تختفظ بين طيات تربتها بأكثر من 375 موقعا اثريا, ومئات الكنوز المطمورة تحت طبقات الأطيان التي حملتها تراكمات الترسبات الغرينية المنجرفة مع التيارات النهرية, تنتظر من يخرجها إلى النور, ويعيد اليها صورتها الحضارية المفقودة, وتنتظر من يحفظها من التلف والزوال بفعل الظروف الطبيعية والبشرية. أو يشملها برعايته, ويوفر لها الحماية من عبث العابثين, وهجمات اللصوص وسراق الآثار. .
من المؤسف حقا أن نرى هذه المواقع الأثرية, التي لا تقدر بثمن بلا حماية وبلا عناية, ولم يكن أغلبها مسيّجا, والقليل منها فقط كان محاطا بأسلاك شائكة ليس من العسير على سارقي الآثار اختراقها. وهؤلاء ليسوا هم الخطر الوحيد، بل هناك أعمال تعبيد الطرق، ومصانع الطابوق, وأعمال التنقيب عن النفط ومد الأنابيب، ومشاريع الشبكات الكهربائية وغيرها. فقد أعطت هذه المدينة من جسدها ما لم تعطه امرأة من رحمها. فمتى يبادر أصحاب الشأن إلى انتشال ثرواتنا وكنوزنا التاريخية من الضياع قبل فوات الأوان ؟؟. .



#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا جرى يا هل ترى ؟
- لا تسافر - خليك في بلدك
- أسواق العراق مفتوحة للمنتجات الأردنية
- الدواعش وعودتهم الامريكية المحتملة
- العرب وعشقهم للسفر عبر الزمن
- حصانة الفوهرر قاتل الأطفال
- كيف قصفوا ميناء الحديدة ؟
- مفارقة عجيبة: جهاد ضد المجاهدين
- غطروشة: سفينة أرعبت الأساطيل
- العراق: قراءة في الملف النقابي البحري
- لا فرق بين هبّاش و شوّاش
- لماذا حرمونا من التنقيب البحري ؟
- شاشات الشوارع: ميدان جديد للتسقيط
- الفصّوع بصورته المعاصرة
- من يحمي العرب من العرب ؟
- ما الذي يجري يا اخي المصري ؟
- هجوم مدبّر على المكامن السومرية
- من عجائب الأمة المتآمرة على نفسها
- المرأة التي حذرت من زوال بلداننا
- مجوهرات للأغنام والبعارين والأبقار


المزيد.....




- بـ-ترنيمة الحب-.. سيلين ديون تختتم حفل افتتاح أولمبياد باريس ...
- ترامب يعلن عزمه على عقد تجمع جديد في بنسلفانيا حيث جرت محاول ...
- دبلوماسي سابق: اختيار كامالا هاريس غلطة وسوء تقدير من الديمق ...
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 12 مسيّرة أوكرانية فوق مقاطعة ب ...
- تخريب سكك حديد فرنسا.. الأولمبياد يترنح
- اختفاء طائرة إطفاء في ولاية أوريغون الأمريكية مع انتشار حرائ ...
- مؤكدا تحقيق إصابات.. حزب الله يعلن تنفيذ 9 عمليات ضد الجيش ا ...
- خبير مصري: العمر الافتراضي للسد العالي يتجاوز الـ 600 عام
- مسيرة أمريكية تنفذ نشاطا -غير عادي- من سواحل لبنان إلى مصر ( ...
- هجمات على سكك الحديد في فرنسا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كاظم فنجان الحمامي - ميسان: أقدم موانئ الميزوبوتاميا