|
تتمّة لكرّاس الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة : الديمقراطيّة في ظلّ الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة ( الجزء 9 )
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 8048 - 2024 / 7 / 24 - 23:07
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الديمقراطيّة في ظلّ الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة ( الجزء 9 ) آتاش / شعلة عدد 151 ، مجلّة الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني- الماوي ) جريدة " الثورة " عدد 863 ، 22 جويلية 2024 https://revcom.us/en/reality-communism-2
ملاحظة الناشر : المقال أدناه نُشر باللغة الفارسيّة في مجلّة آتاش / شعلة عدد 151 ، جوان 2024، على موقع أنترنت . cpimlm.org و ترجمه إلى الأنجليزيّة متطوّعون من موقع أنترنت. revcom.us و الكلمات / الجمل بين معقّفين و بعض الهوامش أضافها المترجمون لمزيد الوضوح . و الأجزاء 1 و2 و3 و4 و5 و6 و7و8 قد تمّ نشرهم أيضا على موقع . أنترنت revcom.us و هذا الجزء التاسع هو المقال الأخير من هذه السلسلة من المقالات عن الديمقراطيّة . و المصدر الأساسي لهذه السلسلة من المقالات هو كتاب " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا أن ننجز أفضل من ذلك ؟ " الذى ألّفه [ القائد الثوري ] بوب أفاكيان ، و المصدر الأساسي لهذا المقال كتابان آخران لبوب أفاكيان هما " إختراقات : الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق مع الشيوعيّة الجديدة " و " نهاية فظيعة أم وضع نهاية لما هو فظيع " . ------------------------------- في [ الجزء الثامن ] ، ناقشنا أنّه في ظلّ الإشتراكيّة ، تتواجد الديمقراطيّة منع دكتاتوريّة طبقة – طبقة مختلفة عن جميع الطبقات الإستغلاليّة في الماضي – و هذا الإختلاف ينعكس في مضمون الديمقراطية / الدكتاتوريّة الإشتراكيّة . و عندما يقرأ الناس نقدنا للديمقراطيّة / الدكتاتوريّة البرجوازيّة و كذلك نقد البلدين الإشتراكيّين السابقين اللذين وُجدا ماضيا ، يقول العديدون : " إنّنا ننقد كلّ شيء ! " و يتساءلون " ما الحلّ ؟ ". إنّ " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في إيران" الذى ألّفه الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي - اللينيني- الماوي)، إعتمادا على المبادئ الأساسيّة للديمقراطيّة / الدكتاتوريّة الإشتراكية الجديدة المتجسّدة في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " من تأليف بوب أفاكيان ؛ إنّ هذا الدستور يمثّل نموذجنا البديل بوضوح و بالملموس و بالتمام . و بدراسة و التعلّم من تجربة الدولتين الإشتراكيّتين اللتين وُجدتا في القرن العشرين ( الإتّحاد السوفياتي من 1917 إلى أواسط خمسينات القرن العشرين ، و الصين من 1949 إلى 1976 )، هذا النموذج من الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة قد قطع مع نقائص و هنات [ الدولتين الإشتراكيّتين إيّاهما ] و ، منطلقين من العناصر الإيجابيّة في هذه التجربة إلى جانب المعارف المكتسبة من عديد المجالات المتباينة من النشاط الإنسانيّ ، لخّص هذا على مستوى أرقى تمّ دمجه في إطار جديد [ من الشيوعيّة ] . و بالتالى ، لفهم الطبيعة الجديدة للمستقبل الذى يمكن للإنسانيّة أن تبلغه عمليّا ، يجب على المرء أن يقرأ و يتفحّص بشكل كامل هذا الدستور ، و يقارنه بجميع الدول القائمة حاليّا و بالدولتين الإشتراكيّتين حقّا ماضيا . و في هذا المقال سنركّز على هذا الدستور لتفحّص ممارسة الديمقراطيّة في الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة و على كيفيّة إرتباط هذه الديمقراطيّة بقيادة الحزب الشيوعي من ناحية و بالبر امج الطبقيّة و الأفكار الطبقيّة الأخرى من ناحية ثانية . لقد أتى هذا الدستور ردّا على [ مسائل متعلّقة ب] نوع المجتمع و العالم الذى ينبغي على [ الإشتراكيّة ] أن تُنشأه . و ما الذى يجب تعزيزه ؟ و بالملموس ، ما الطبيعة الأساسيّة التي يجب أن تكون لبنيته الفوقيّة – مؤسّساته السياسيّة و الثقافيّة و التعليميّة ؟ ما هي أصناف الأدوات المؤسّساتيّة التي نحتاجها لمعالجة التناقضات العميقة و المعقّدة للمرحلة الإنتقاليّة الإشتراكيّة نحو الشيوعيّة دون وضع البنادق في ظهر الجماهير الشعبيّة و إجبارها على السير صوب ما يسمّى " الجنّة " ؟! كيف يمكن العمل بإجتهاد لمعالجة التناقضات الطبقيّة و الإجتماعيّة القديمة ، بينما في الوقت نفسه يُنشأ مجالا رحبا غير مسبوق للمعارضة و النقاش الفكريّ ، و تُستخدم الطاقة الناجمة عن ذلك في القضاء خطوة خطوة على اللامساواة الطبقيّة و الجندريّة و طُرق تخلّف التفكير المتبقّية من المجتمع القديم ؟ و بصفة أعمّ ، كيف يمكن أن يخدم تحرير الإنسانيّة جمعاء من النظام الرأسمالي و تدشين الإنتقال التارخي العالمي من عصر البرجوازيّة إلى عصر الشيوعيّة ؟ و هذه المقاربة الجديدة لمعالجة التناقضات و اللامساواة المتبقّية من الماضي ، و كذلك التناقضات الجديدة التي تظهر في المجتمع الإشتراكي ، تنبع من النظر إلى التناقضات ليس كمجرّد مشاكل فقط ، إذا تمّ التعاطى معها بشكا صحيح ، و إنّما أيضا كمنابع للطاقة التي يمكن أن تدفع المزيد من القفزات بإتّجاه المجتمع الشيوعي . و تصدر هذه المقاربة ليس من بعض التفاؤل الساذج ، بل من الفهم الأكثر ماديّة جدليّة للتناقضات عامة و لتناقضات الإشتراكيّة خاصة . و على سبيل المثال ، مثلما أشرنا إلى ذلك سابقا [ الجزء 8 ] ، تواجه الإشتراكيّة التناقض العميق بين واقع أنّ الثورة الشيوعيّة و التقدّم نحو الشيوعيّة من المصالح الموضوعيّة لجماهير الإنسانيّة ، لكن [ حتّى في المجتمع الإشتراكي ] لا يرغب جميع الناس في ذلك ، طوال الوقت . و قد عالج بوب أفاكيان هذه الطريقة الجديدة في إثارة و الإجابة على قضايا الإشتراكيّة في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " ، كاتبا : " إنّه لأمر واقع أنّه لا وجود في أي موقع آخر ، في أيّة وثيقة تأسيسيّة أو مرشدة مقترحة من أيّة حكومة ، لأيّ شيء يُشبه ليس فحسب حماية المعارضة و الحثّ عليها و على الغليان الفكريّ و الثقافي المتجسّدين في هذا الدستور ، بينما لهذا في نواته الصلبة أرضيّة من التغيير الإشتراكي للإقتصاد ، بهدف القضاء على كلّ الإستغلال و التغيير المناسب للعلاقات الإجتماعيّة و المؤسّسات السياسيّة و إجتثاث كافة الإضطهاد و التشجيع عبر النظام التعليمي و في المجتمع بأسره لمقاربة أنّ هذا " سيمكّن الناس من إتّباع الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح الفكر النقديّ و الفضوليّة العلميّة ، و على هذا النحو التعلّم المستمرّ من العالم و القدرة على المساهمة بشكل أفضل في تغييره وفقا للمصالح الجوهريّة للإنسانيّة " . و كلّ هذا يفكّ أسر و يطلق العنان للقوّة الإنتاجيّة و الإجتماعيّة الهائلة للبشر المتسلّحين و الملهمين للعمل و النضال معا تلبية للحاجيات الأساسيّة للناس – مغيّرين المجتمع تغييرا جوهريّا و مساندين و داعمين النضال الثوريّ عبر العالم – و غايتهم الأسمى عالم شيوعيّ ، خالى من كلّ الإستغلال و الإضطهاد ، بينما في الوقت نفسه نعالج الأزمة البيئيّة و الإيكولوجيّة الوجوديّة حقّا على نحو له مغزى و يكن شاملا وهو غير ممكن في ظلّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي . "(1) ( التشديد مضاف من مجلّة آتاش / شعلة ) و تلخّص هذه الفقرة مقاربة الدولة الإشتراكيّة الجديدة للمرحلة الإنتقاليّة الإشتراكيّة نحو الشيوعيّة ( عبر العالم ) و طُرق معالجة تناقضاتها . و من أهمّ النقاط النظر إلى العلاقة الجدليّة بين التغيير الإشتراكي للقاعدة الإقتصاديّة و التغييرات المناسبة في صفوف الناس ، و في طرق تفكيرهم و في وعيهم و هذا هو التغيير الأهمّ الذى يحدث في ظلّ الإشتراكيّة . و لهذا السبب الصراع بين وجهات النظر المتعارضة – المعارضة و النقاشات الفكريّة و الثقافيّة – يجب تشجيعها و دعمها ، و ليس كبعض الحقّ الديمقراطي و إنّما لأجل التشجيع على روح التفكير النقديّ و الفضول العلميّ . و يقول العديد من الناس : بوسعكم قول هذه الأشياء الآن لكن عندما تفتكّون السلطة ، لن تسمحوا لنا بنقدكم ! و الإجابة على ذلك هي ، بالمناسبة ، أنّنا سنعرف أوقاتا عسيرة لإقناعكم بنقد أيّ كان في السلطة ! إذا خضعتم إلى هذا النظام الإضطهادي و الإستغلالي الوحشيّ ، فإنّكم ستخضعون أيضا إلى السلطة في مجتمع إشتراكي هو أفضل بمليون مرّة . بيد أنّ الناس لا يجب أن " يرضخوا " [ إلى السلطة ] ، لأنّ ذلك يتضمّن خطر إعادة تركيز الرأسماليّة . مهما كان الأمر ، مسألة إبقاء الطبقة الحاكمة الجديدة ( و ليس أشخاصا معيّنين في هذا الحزب المعيّن ، بل عددا متناميا من الناس الذين هم ، إلى جانب الحزب الطليعي ، أضحوا جزءا من اللبّ الصلب الذى بلغ السلطة السياسيّة أثناء الثورة الشيوعيّة ) على الطريق الإشتراكي إلى الشيوعيّة ، و الحيلولة دون إعادة تركيز [ الرأسماليّة ] يتطلّب أن تُدرس وجهات النظر المتعارضة . و يشدّد بوب أفاكيان على أنّ الحاجة إلى " المواجهة بين وجهات النظر المتعارضة ، و دراسة الأفكار المتباينة و بالفعل دور معارضة الأفكار و السياسات الحاكمة – كلّ هذا ليس غاية في حدّ ذاته ، و إنّما هو وسيلة إلى غاية : بلوغ إستيعاب أعمق للحقيقة و إستخدام ذلك لمزيد تغيير المجتمع و الطبيعة ، خدمة لمصلحة الإنسانيّة . "و هنا نصل إلى إختلاف هام مع " التعدّديّين " و الديمقراطيّين الذين يحاججون بأنّه [ كما يدحض ذلك بوب أفاكيان أدناه ]: " ... نزاع الآراء و الأفكار نفسها أهمّ ، أرقى من الحقيقة الموضوعيّة – أو حتّى أنّه لا وجود لحقيقة موضوعيّة ، فقط وجهات نظر مختلفة ، و كلّ منها صحيحة ( و غير صحيحة ) كوجهة النظر الأخرى . لكن في نهاية التحليل بتصرّفهم " التعدّديّون " كما لو أنّ جميع الأفكار متساوية و يمكن أن تتنافس على قدم المساواة – في حين أنّه في الواقع للطبقة الحاكمة البرجوازيّة إحتكارا على نشر الأفكار وهي تمارس دكتاتوريّة في مجال الأفكار ، كما تفعل في كافة المجالات الأخرى – يساعدون عمليّا هذه الطبقة الحاكمة في تحديد و فرض كحقيقة كلّ شيء ينسجم مع مصالحها و نظرتها الطبقيّين الخاصّين." بينما ، " هدف الشيوعيّين و غايتهم من تشجيع و إطلاق العنان لهذا الصراع حول الأفكار ، و الروح النقديّة ، و تحدّى العادات و معارضة الضوابط القائمة ، هو أنّ هذا في توافق مع القوانين الأساسيّة لتطوّر كلّ الحياة و المجتمع و مع مصالح البروليتاريا ما يجب أن يقود أيضا كافة هذا للمساهمة بطرق متنوّعة للتقدّم نحو الشيوعيّة . " (2) ينبغي أن نشدّد على أنّه حينما نتكلّم عن مصالح البروليتاريا ، يتعلّق الأمر بتلك المصالح بالمعنى العالمي التاريخي : القضاء على " الكلّ الأربعة " ( القضاء على كلّ الإختلافات الطبقيّة ، و على كلّ علاقات الإنتاج التي تقوم عليها هذه الإختلافات الطبقيّة ، و على كلّ العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة التي تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و القضاء على كلّ الأفكار و القيم التقليديّة التي تتناسب مع هذه العلاقات الإجتماعيّة ) . بهذا المعنى كافة سياسات و ممارسات و مؤسّسات الدولة الإشتراكيّة ، و ديمقراطيّتها / دكتاتوريّتها ، هي تخدم مصالح البروليتاريا ، و ليس أنّها تخدم المصالح الآنيّة لأيّ مجموعة خاصة من مجموعات البروليتاريّين . هناك حاجة إلى قيادة الحزب الشيوعي لهذه السيرورة لمتابعة البحث عن الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، لأنّه طالما نحن في مجتمع منقسم إلى طبقات ، أفراد أو مجموعات من الناس في المجتمع يجب أن يقرّروا أوّلا ما هي القضايا الأهمّ لنقاشها . و الواقع هو أنّ في المجتمع ، نوع ما من السلطة سيرشد و يوجّه و يقود و في نهاية المطاف ، يمارس الدكتاتوريّة ، في ما سيكون موضع نقاش على نطاق واسع ، و على أيّ أساس يتمّ توفيره للناس ليفكّروا فيه و يناقشوه . و النتيجة هي : " من غير الممكن كذلك بلوغ الحقيقة دون مركزيّة – قيادة ( على أنّ هذا سيتّخذ شكلا مختلفا نوعيّا في المجتمع الشيوعي). لا ينبغي أن تنال كافة الأفكار " وقتا متساويا " و ليس بوسعهم ذلك ، في ظلّ أي نظام إجتماعي أو مجموعة من الظروف. يجب أن يوجد بعض المعنى لتحديد ما سيمنح أولويّة ، ما سيقدّم على أنّه الحقيقة ، و ما سيتمّ التركيز عليه على أنّه هدف النقد . ما هي هذه الوسائل و هل تعكس بشكل صحيح الواقع الماديّ على أتمّ وجه ممكن سيرتهن بالنظام الاجتماعي . و فضلا عن ذلك ، من غير الممكن ليس بلوغ فهم شامل للحقيقة فحسب بل كذلك تحقيقها في الواقع دون صراع إجتماعي- و هذا يعنى فوق كلّ شيء صراع طبقيّ في مجتمع طبقيّ " (3) و القيادة على أساس المصالح الجوهريّة للجماهير ممكن أوّليّا لأنّ القيادة [ الشيوعيّة الحقيقيّة ] تملك معرفة التحديد الموضوعي لما هي مصالح الشعب . لكن هذه القيادة لن تكون مثل إجبار أيّ إمرء على السير في ذلك الإتّجاه . يجب أن توجد مساحة كبيرة للناس ليتحرّكوا في إتّجاهات مختلفة . لكن هناك صراع هنا أيضا . " الحقيقة لا ينبغي " أن تسوّى مباشرة ( و أحيانا لا ينبغي أن تسمّى بتاتا ) مع أفكار و سياسات الحكم لأيّة دولة بروليتاريّة معيّنة في أيّ زمن معطى ( حتّى دولة إشتراكيّة حقيقيّة ) كي لا نقول شيئا عن الدولة غير البروليتاريّة ، الرجعيّة ، سواء كانت كذلك بشكل سافر أم تحت قناع " ماركسي " ." (4) و إلى جانب هذه المسألة و الدور القيادي الحيويّ للحزب ، نواجه تناقض تحوّل الحزب إلى الإنحراف عن مضمونه الثوريّ و تحوّله إلى نقيضه . و لا يظهر هذا المشكل من طبيعة الحزب و إنّما بسبب التناقضات في العالم الأوسع التي تجعل الطليعة ضروريّة و كذلك التناقضات التي يمكن أن تفضي بتلك الطليعة إلى العودة إلى الطريق الرأسمالي . لهذا من جهة ، مسألة الخطّ السياسي و المنهجيّة و المقاربة العلميّة للبّ القيادي ، و من الجهة الأخرى ، يجب على المرء أن يعوّل على تعبأة الجماهير لتغيّر عن وعي نفسها و تغيّر العالم ، بما في ذلك من خلال التفاعلات المستمرّة مع الحزب . و يؤكّد هذا من جديد أهمّية إنخراط الناس في النشاط و الصراع الإيديولوجيّين و إنشاء جوّ من الصراع الفكريّ . و مظهر مفتاح للمجتمع الإشتراكي بهذا الصدد هو أنّ : " عليهم أن يوفّروا وسائلا للذين كانوا مستغَلّين و مضطهَدين في المجتمع القديم – و كانوا مبعدين فعليّا عن ممارسة السلطة السياسيّة و التحكّم في المجتمع ، و كذلك مجالات النشاط الفكري و الإشتغال بالأفكار عامة – ليشاركوا بصورة متنامية في هذه المجالات ، بهدف التغيير المستمرّ للمجتمع بإتّجاه الشيوعيّة ... بكلمات أخرى ، هناك هدف و غاية و قيادة لهذا. ليس بعض ما يُفترض أنّه ديمقراطيّة خالصة دون مضمون إجتماعي – لا يمكن أن يوجد مثل هذا الشيء . بالأحرى ، يتمّ هذا ضمن إطار معيّن و بقيادة و هدف محدّدين ." (5) و يقول الكثيرون ، أنتم " تعطون بيد ما تأخذونه باليد الأخرى " . تتحدّثون عن مشاركة الجماهير لكنّكم لا تسمحون للجماهير بأن تقرّر أيّ في أيّ إتّجاه تمضى ! و الإجابة هي أنّه بينما لا يستطيع [ الحزب ] أن يحكم بالقوّة ضد إرادة الجماهير ، سيكون من الإجرامي حقّا إذا ما سمحت القوى التي كسبت القيادة من خلال سيرورة ثوريّة فيها ضحّى عدد كبير من الناس بالكثير ، سمحت للنظام الإضطهادي السابق بأن يفتكّ من جديد و بيسر السلطة ؛ [ سيكون ] ذلك مناقضا لمصالح ذات الجماهير الشعبيّة . لذا ، ضمن إطار الدولة الإشتراكيّة ، هناك علاقة جدليّة بين اللبّ الصلب للقيادة و مرونة مختلف الفئات الإجتماعيّة في المجتمع ، في المجتمع القائم على اللبّ الصلب . و هذه النظرة للدولة الإشتراكيّة ليست مختلفة عن أنواع مختلفة من الديمقراطيّات / الدكتاتوريّات البرجوازيّة فحسب بل هي تختلف أيضا عن وجهات النظر السائدة عن الإشتراكيّة . و [ الدولة الإشتراكية المعروضة في الدستور الجديد ] تختلف عن كلّ من نموذج المجالس [ السوفياتات ]ٍ التعدّديّة الإستشاريّة حيث الناس – بمن فيهم العمّال و الأمم المضطهَدَة و النساء إلخ – يساهمون في الشؤون الإقتصاديّة و السياسيّة و الإجتماعيّة إلاّ أنّه دون لبّ صلب لتوفير القيادة أو المضمون الاجتماعي، و عن الصورة الكلاسيكيّة التي تكون فيها الدولة الإشتراكيّة موجّهة كلّيا من الحزب ، لذلك تكون الدولة و الحزب الشيء نفسه . [ في الجمهوريّات الإشتراكيّة الجديدة ] ، الدور القيادي للحزب في علاقة بالدولة لا يتّخذ في ألساس شكل الحزب المهيمن تنظيميّا على مختلف مؤسّسات الدولة ، بالرغم من كون الأدوار التنظيميّة و الميكانزمات/ الآليّات توجد فعلا ، لا سيما في ما يتّصل ببعض المؤسّسات المفاتيح مثل القوى المسلّحة . و فوق كلّ شيء ، و جوهريّا ، يمارس الحزب دوره القيادي من خلال التأثير الإيديولوجي و السياسي ، و بالصراع المستمرّ لكسب الجماهير إلى الثورة الشيوعيّة . و كما تمّت الإشارة إلى ذلك آنفا ، الهدف النهائي – عالم شيوعي خالى من الإضطهاد و الإستغلال – يحدّد التوجّه العام [ للدولة الإشتراكيّة ]. و الإجراءات المتّخذة في كلّ مرحلة من المراحل و في كلّ بلد من البلدان ، يجب أن تعتمد على مبدأ تعميق هذا الهدف . لهذا السبب ، الأمميّة عنصر حيويّ في الدولة الإشتراكيّة ، و تمثّل عنصر إختلاف جوهري في كيفيّة ممارسة الديمقراطيّة / الدكتاتوريّة . و تنعكس الأمميّة في ما يتمّ القيام به أو ما لا يتمّ القيام به إقتصاديّا و سياسيّا ، في حقوق الناس ( بمن فيهم حقوق المهاجرين و الأمم المضطهَدَة سابقا ) ، و في العلاقات الدوليّة ، على كلّ من المستوى العام و الخاص . و لأجلال الحفاظ على طابعها الإشتراكي ، هذه الدولة الإشتراكيّة يجب أن تعمل كقاعدة إرتكاز للثورة الشيوعيّة عبر العالم ، لأنّه فقط بإجتثاث كلّ الإختلافات الطبقيّة ،و كلّ علاقات الإنتاج الإستغلاليّة ا لتى تؤدّى إلى هذه الإختلافات ، و كلّ العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة القائمة على أساس علاقات الإنتاج هذه ، و كلّ الأفكار و القيم التي تعزّز هذه العلاقات ، يمكن تدشين عصر جديد [ من تاريخ الإنسانيّة ] . و كما كتب إنجلز ، المجتمع الشيوعي : " سيضع كامل آلة الدولة في المكان الذى ستنتمى إليه حينها : متحف العصور القديمة ، إلى جانب دولاب الغزل و الفأس البرانزى " . (6) و ستجد الديمقراطيّة مكانها الخاص إلى جانبهما . (7) و مع نهاية هذه السلسلة من المقالات ، نختتم ما قيل في [ الصفحة الأخيرة ] من كتاب بوب أفاكيان ، " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا أن ننجز أفضل من ذلك ؟ " : " بوسعنا ذلك و من واجبنا " . ------------------------------ هوامش المقال : 1. “New Year’s Statement By Bob Avakian—A New Year, The Urgent Need For A Radically New World—For The Emancipation Of All Humanity,” January 2021. 2. Bob Avakian, A Horrible End´-or-an End to the Horror? Pages 163, 188-89, quoted in Democracy: Can t We Do Better Than That? (Banner Press, 1986), Chapter 7, pages 235-236. 3. Ibid., quoted in Democracy: Can’t We Do Better Than That? (page 244). 4. Ibid., quoted in Democracy: Can’t We Do Better Than That? (page 235). 5. Bob Avakian, “BREAKTHROUGHS, The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism. A Basic Summary” 6. Engels, “Origins of the Family, Private Property and the State,” (in Marx and Engels Selected Works, Volume 3, page 330. 7. Avakian, Democracy: Can t We Do Better Than That? Chapter 8, page 269.
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- جيش إسرائيل الأكثر أخلاقيّة في العالم - جيش نازيّ إبادى جم
...
-
الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة : جو باي
...
-
بوب أفاكيان : الشيوعيّة ، الشيوعيّة الجديدة و تحدّى المثقّفي
...
-
الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة : أربع ح
...
-
المساجين السياسيّين الإيرانيّين نموذج الثبات على مقاومة النظ
...
-
كيف حوّلت الصهيونيّة اليهود إلى نازيّين : طبيب جسور يفضح توس
...
-
بوب أفاكيان : لا وجود لشيء إسمه - الكليانيّة - / - الشموليّة
...
-
الديمقراطيّة : مجرّد شكل آخر من الدكتاتوريّة سلسلة مقالات لل
...
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
-
موجات حرارة عالميّة قاتلة تكتسح الكوكب ... دون ثورة ، قبضة م
...
-
هذا الأسبوع في غزّة : تصاعد اليأس و التدمير و إنتشار الأمراض
-
مع تخييم إستشراء تهديد الجوع ، الولايات المتّحدة / إسرائيل ي
...
-
المؤتمران الماويّان للحزب الشيوعي الصيني و تحريفية دنك سياو
...
-
الحكومة الإسرائيليّة تُطلق العنان ل - مستوطنين - عنصريّين مس
...
-
بوب أفاكيان:لا لترامب الفاشيّ ! لا لجو بايدن الإبادي الجماعي
...
-
مقدّمات نظريّة بصدد الصراع الطبقيّ في ظلّ الإشتراكيّة الفصل
...
-
لنحشد قوّة دفاعا عن أرنداتى روي – لنوقف هجوم الحكومة الهنديّ
...
-
جمهوريّة إيران الإسلاميّة ليست - مناهضة للإمبرياليّة - – إنّ
...
-
إزدواجيّة خطاب و تواطؤ الحكومة المكسيكيّة في ما يتّصل بالإبا
...
-
4 جويلية 2024 : لنقُل لا للإحتفال بأمريكا – نموذج حقيقيّ للإ
...
المزيد.....
-
الدفاع التركية: تحييد 14 عنصرا من -حزب العمال الكردستاني- شم
...
-
-حل العمال الكردستاني مقابل حرية أوجلان-.. محادثات سلام مرتق
...
-
عفو «رئاسي» عن 54 «من متظاهري حق العودة» بسيناء
-
تجديد حبس المهندس المعارض «يحيى حسين» 45 يومًا
-
«نريد حقوق المسيحيين» تظاهرات في سوريا بعد إحراق «شجرة كريسم
...
-
متضامنون مع المناضل محمد عادل
-
«الصيادون الممنوعون» في انتظار قرار مجلس الوزراء.. بشأن مخرج
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// في خدمة الرجعية يفصل التضامن م
...
-
جريدة النهج الديمقراطي العدد 585
-
أحكام ظالمة ضد مناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني والجبهة تند
...
المزيد.....
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
المزيد.....
|