أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عادل المأمون - منتجعات.....بغداد الطب العدلي














المزيد.....

منتجعات.....بغداد الطب العدلي


عادل المأمون

الحوار المتمدن-العدد: 1768 - 2006 / 12 / 18 - 07:31
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


سألني احدهم يوماَ لماذا لاتكتب عن الحياة؟ فأجبته بأن فاقد الشيء لايعطي , والاناء ياصاحبي ينضح بما فيه.
احاول عبثا استدرار الكلمات في موضوعي هذا , ماذا عساني اقول عن بغداد وماذا اسبغ . إن الواقع يا اصحاب اًمَر وابلغ. بدات تخونني الكلمات وتحرجني الجمل , بغدادُ التي احبها في كل يوم تقتل , بغداد التي انتمي فيها الموت قد استفحل , احسن لي ان ادخل في موضوعي فلي صديق شاعر نساه الزمن فاختار لنفسه اسم المنسي, دعاني كي ابيت عنده في غرفته التي تطل على مدينة الطب . كان شابا واسع المدارك يقرأ الكتب في الليل ويذهب في الصباح الى شارع المنتبي كي يبيعها ليأكل. كان عراقيا بمعنى الكلمة اضطرته ظروف البلد الى ان يهاجر قبل ثلاثة اشهر الى السويد , عله الان صار سويديا بمعنى الكلمة ايضا. المهم انني ذهبت اليه في ذلك المكان الذي كانت فرقعة البنادق فيها تكاد لا تنتهي ابداً. ذهبت اليه وازيز الرصاص يقتفي اثري من مرأب باب المعظم الى مدينة الطب , سلكت طريقي مع الفوضى التي اعترت تلك الازقه, وصلت الى فندقه بعد خوف وعذاب طويلين فوجدت الرجل بأنتظاري. وبعد الترحيب سلكنا سُلماَ طويلاَ الى الطابق الثالث حيث غرفة صديقي المنسي . كان شيعيا وانا سني , لكننا كنا مشتركان في ذات النسيان الوطني وذات الالم. في عهد صدام نمنا على ذات الرصيف وهربنا من تعسف السلطة واختبئنا خلف جدار واحد, والان هو خائف علي من ابناء جلدته وانا ايضا عليه خائف. يال سخرية الاقدار, دخلنا الى الغرفة , تلك الغرفة التي تحس وانت فيها بأنك في سوق السراي, الكتب كانت في كل مكان ما لذ وطاب منها في تلك الغرفه. شعرت ببعض الضيق فتوجهت الى الشباك كي افتحه , فضحك صديقي وقال انك ستؤصده بعد لحظات. فسألته مستغربا لماذا؟ فقال لي انظر امامك عبر الشباك اننا نطل على مشرحة الطب العدلي وهناك الجثث قد تفسخت وتكومت في القاعات. شطحتُ بناظري من الشباك فرأيت الناس يقفون امام باب المشرحة والتوابيت تمر محمولة دون ان استطيع إحصائها , ويلاه دب في نفسي شعور غريب امتزجت معه رائحة الموتى المغدورين بأنني يوما ما سأزور هذا المكان اما حاملاَ او محمولاَ , فأنا عراقي واعيش في بغداد وهؤلاء ايضا عراقيون عاشوا فيك يا بغداد واليوم في توابيت الموت على الاكتاف يُحملون . نظرت الى صاحبي الشاعر وقلت له لماذا تفوح رائحة الموتى ماداموا محفوظين داخل الثلاجات؟. فقال لي ياصاحبي كم من الجثث تستوعب هذه الثلاجات , بشرفي لو ملئوا بغداد بالثلاجات لما استوعبت قتلانا المغدورين.
فخنقتني عبرة كبيرة وبكيت وصرخت لماذا يموت الابرياء؟ اين انتي يا سماء؟ تركت صاحبي في الحال وانطلقت الى الشارع ورائحة الموتى تحيط بي من كل حدب وصوب , وبعدها بأيام قليلة حتى فقدت خالي الوحيد ورحت ابحث عنه في المستشفيات ولم اجد له اثراَ . فقالوا اذهب الى الطب العدلي علك تجده هناك . خالي المدرس الفقير الذي يعيل تسعة من افراد عائلته, ذلك الرجل الذي ظل طوال خمسين عام يمشي بجانب الحائط لم يكن يدري انه زمن الانهيارات, خالي الذي اضناه التعب بسبب موت كليتا ابنه ولم يجد مالأَ ليشتري كلية فتبرع هو بكليته , لم يكن يدري انه في طريق العوده سيفقد الجسم كله. لقد احرقوه المجاهدون الذين ضربوا قاعدة امريكية بصواريخ الهاون , فوقعت واحدة في الطريق العام مخطئة الهدف المنشود لتصيب خالي المسكين الموعود.
فأحترق الرجل هو وسيارته وباتت عليه تبكي اسرته. وبٍتُُ انا ابحث عن جثته علني في الطب العدلي الذي فاحت رائحته اجد خالي.



#عادل_المأمون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرسان في ليلة القتلة
- ضاقت بنا فضائاتك يا وطني
- عمر.... عمر ما تجي وياي


المزيد.....




- الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي ...
- إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
- طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
- صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
- هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
- وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما ...
- حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر ...
- صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق ...
- يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عادل المأمون - منتجعات.....بغداد الطب العدلي